jamolll

jamolll @jamolll

محررة برونزية

إقراو بتمعن وفهم ....الموضوع للنقاش ماهو للهواش<< عفوا الموضوع سبق نقاشه كثيرا

الملتقى العام

اولا اختلاف الراي لا يفسد للود قضية..:p

ثانيا :تمعن فيماكتب واقراءها بتمهل وتمعن ...واسالي الله ان ينبر لك طريق الحق فيرزقك اتباعه ويريك طريق الضلال ويرزقك اجتنابه


عشرون مفسدة من مفاسد قيادة المرأة للسيارة
(حوار علمي هادئ مع المطالبين بقيادة المرأة للسيارة
في المملكة العربية السعودية)
تأليف راجي رحمة ربه الغفور
ماجد بن سليمان الرسي
نسخة جديدة ، مصححة ومزيدة
ذي القعدة ، 1426 هجرية

هذا الكتيب مثبت في www.saaid.net/kutob

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالميـن ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسليـن ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعيـن وبعد :
فلا يخفى على من عنده بصيرة في ديـن الله أن الأصل في الأشياء الإباحة ، فإن أدى ذلك الشيء إلى أمر مكروه أو محرَّم فإنه يأخذ حكم ما أدى إليه ، كراهة أو تحريما .
ولا يخفى أيضا أن من قواعد الشرع العظيمة قاعدة سد الذرائع المفضية إلى الشر ، وقد أورد الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه العظيم » إعلام الموقعيـن عن رب العالمين « تسعة وتسعين دليلا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم على حجية قاعدة سد الذرائع المفضية إلى الشر .
ولو جئنا نطبق هذه القواعد على موضوع قيادة المرأة للسيارة لوجدنا أن قيادة المرأة للسيارة في حد ذاتها عمل مباح ، ولكن الناظر للمفاسد الناتجة عن قيادة المرأة للسيارة بموضوعية وتجرد يجد أنها أعظم بكثير من مصالحها ، فعندئذ تأخذ القيادة حكم ما أدت إليه ، ألا وهو التحريم .
والدافع لتأليف هذه الرسالة هو التناصح وبيان الحق لإخواننا المطالبين بقيادة المرأة للسيارة ، لا سيما وقد وصل الأمر إلى ادعاء بعضهم أن هذه المطالبة لا علاقة له بالشريعة !!! ، فعسى أن تكون في هذه الكُليمات تذكرة للجاهل ومعونة للعاقل .
وقد تأملت المفاسد المترتـبة على قيادة المرأة للسيارة ، فوجدتها تصل إلى العشرين مفسدة ، أضعها بين يدي القارئ الكريم :
1. يترتب على قيادة المرأة للسيارة غالبا كثرة خروجها من البيت ، لحاجةٍ ولغير حاجة ، لكون السيارة تحت تصرفها ، تحركها متى شاءت ، وتوقفها متى شاءت ، فستُكثر الخروج للتـنـزه ، ولزيارة صديقاتها ، وارتياد الأسواق ، وربما للاستمتاع بقيادة السيارة أو غير ذلك من الأسباب ، بيـنما المشروع للمرأة هو أن تقر في بيتها ولا تخرج إلا لحاجة ، كما أمر بذلك الله زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين في قوله وقرن في بيوتكن.
ومن السنة : أن النبي صلى الله عليه وسلم رغَّب المرأة في أن تصلي في بيتها ، وأخبر أن ذلك خير لها من الصلاة في المسجد ، فدل ذلك على أن أفضلية الصلاة إنما حصلت بسبب بقائها في بيتها ، كما قال صلى الله عليه وسلم : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله .
وفي رواية : لا تمنعوا نساءكم المساجد ، وبيوتهن خير لهن .
قال مقيده عفا الله عنه : فإن كان هذا في حق أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونساء العهد النبوي الذي كان الناس فيه على جانب كبير من العفة والديانة ، فما عسى أن يقال للنساء في العصور المتأخرة ؟
وقال صلى الله عليه وسلم : المرأة عورة ، فإذا خرجت استشرفها الشيطان .
قال المباركفوري : " أي زينها في نظر الرجال . وقيل : أي نظر إليها ليغويها ويغوي بها ، أو يريد بالشيطان شيطان الإنس من أهل الفسق ". انتهى مختصرا .
ومن اللطائف في موضوع قرار المرأة في بيتها أن هذا الأمر معروف عند من قبلنا من الأمم الغابرة ، فهذه بنت صاحب مدين قالت لأبيها يا أبت استأجره ، تقصد موسى عليه الصلاة والسلام ، ففي هذا إشارة إلى رغبتها في القرار في البيت ، وتحميل الرجل الأجير أعباء البيت الخارجية ، فسبحان من جعل الحياء وحب القرار في البيت جِـبِلّـةً في قلوب النساء .
2. إن كثرة خروج المرأة من منـزلها يلزم منه كثرة تعرضها لأعيـن الناس المحيطيـن بها وإن كانـت عفيفة ، ومن ثم تعلقهم بها ومعرفتهم لها كلما دخلت وخرجت ، ونـزلت من السيارة أو ركبت ، وهذا من أعظم أسباب تعرض النساء للشرور ، لا سيما المرأة المتصفة بالزيـنة الظاهرة كالطول ونحوه ، هذا إذا افترضنا أنه لم يظهر منها شيء من زيـنـتها الباطنة كالوجه والكفيـن والقدميـن ونحو ذلك ، فكيف إذا ظهر ؟
3. في قيادة المرأة للسيارة تسهيلا لبعدها عن عين الرقيب من الأولياء ، فربما زيـن لها الشيطان بذلك الاتصال بمن يحرم عليها الاتصال به ، أو الذهاب إلى أماكن بعيدة لفعل الفاحشة ، وقد لا يكون ذلك في أول الأمر ، ولكن الشيطان يُـزيـن لها ذلك شيئا فشيئا ، لا سيما مع كثرة المغريات والمثيرات لِكِلا الجنسيـن في الوقت الحاضر ، وكثرة الذئاب البشرية اللاهثة وراء الجنس ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم .
4. إن قيادة المرأة للسيارة يلزم منه نـزع حجابها وكشف وجهها لتـتمكن من القيادة ورؤية الطريق ، ومن المعلوم أن الوجه هو عنوان الجمال ، ومحط أنظار النساء والرجال ، وإذا كان الله قد نهى المرأة عن أن تضرب برجلها إن كان في رجلها خلخال لئلا يفتـتـن الرجال بصوته ، فكيف ستكون الفتـنة بمن كشفت وجهها ؟
فإن قال قائل : إنه يمكن لها أن تقود السيارة بدون أن تكشف وجهها ؛ بأن تلبس نقابا أو برقعا !
فالجواب : أنها لو غطت وجهها أثناء القيادة فلا بد من كشفه عند نقاط التفتيش لمطابقة الوثائق الأمنـية ، ثم إن لبسها للنقاب أو البرقع فيه مشقة عليها أثناء القيادة ، وربما سبب لها ذلك اضطرابا أثناء القيادة وصعوبة في الالتفات إلى من هو على جانبي الطريق ، وفي هذا من الخطورة ما فيه ، ولهذا فإن قيادة المنقبة والمبرقعة للسيارة قد مُـنعت رسميا في بعض البلاد ، فلم يبق إلا نزعه بالكلية ، والله الهادي .
فإن قيل : يمكن حل هذه المشكلة بتوظيف نساء في قطاع المرور ، ومن ثَم لا تُضطر قائدة السيارة لكشف وجهها لرجال المرور !
فالجواب : إن هذا حل جزئي ، لأن في إيجاد مثل هذه الأعمال للنساء فتحاً لمفسدة أخرى ، ألا وهي الاختلاط بيـن الرجال والنساء العامليـن في مجال المرور ، ولزوم تواجدهن على مدار الساعة في الشوارع والطرقات صباحا ومساءً ، وهذه مفسدة مستقلة .
5. وفضلا عن انكشاف محاسن المرأة ، فإنها ستُـضطر للاختلاط مع الرجال عند محطات الوقود ، أو عندما تـتعطل سيارتها في الطريق ، أو في ورش صيانة السيارات ، أو في الحجز إذا نُقلت إليه بسبب مخالفة مرورية ، وحُجزت المدة القانونـية وراء القضبان ، وفي الاختلاط من المفاسد وتحريك كوامن النفس ما لا يخفى ، وقد رتب أحد الشعراء مراحل الغواية بقوله :

نظرة فابتسامة فسلام
فكلام فموعد فلقاء

ولو تأملنا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لوجدنا فيها نهي المرأة عن الاختلاط بالرجال في أماكن الصلاة ، فما سواها من الأماكن من باب أولى وأحرى ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها .
قال الإمام النووي في شرح هذا الحديث : وإنما فُضِّل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك ، وذُم أول صفوفهن لعكس ذلك . انـتهى .
وعن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري عن أبيه ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال للنساء : استأخرن ، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق ، عليكن بحافات الطريق . فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به .
وعن هند بنت الحارث ، أن أم سلمة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه ومكث يسيرا قبل أن يقوم .
قال ابن شهاب : فأرى ، والله أعلم ، أن مكثه لكي ينفذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم .
وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو تركنا هذا الباب للنساء . قال نافع : فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات .
ومن اللطائف في هذه الباب أن موسى صلى الله عليه وسلم لما توجه تلقاء مدين أتى على ماء ، فوجد عليه أمة من الناس يسقون ، ووجد من دونهم امرأتين تذودان غنمهما عن الماء ، فلما سألهما : ما خطبكما ، ولماذا أنتما بمعزل عن الناس ؟ قالتا : لا نسقي حتى يُصدر الرعاء ، أي ينصرف الرعاة عن الماء فنسقي نحن لئلا نختلط بهم .
ولفتة أخرى ، لما سقى لهما وانصرفتا رجعت أحداهما إلى موسى عليه الصلاة والسلام فقالت له إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ، فلما ذهبا إلى بيت أبيها كان بينهما مسافة ، وكان موسى صلى الله عليه وسلم هو المتقدم ، ولم تكن تدله على الطريق بالكلام ، بل جاءت الأخبار بأنها كانت ترمي له بحجر فيقع عن يمينه إشارة إلى أن الطريق ينحرف يمينا ، أو ترمي له بحجر عن يساره إشارة إلى أن الطريق ينحرف يسارا ، حتى وصلا إلى بيت أبيها ، ولم تسِـر معه إلى جانبه أو أمامه أو حتى تصف له الطريق مشافهةً ، فانظر إلى أي حد بلغ بهم التعفف عن مخالطة الرجال حتى في الكلام .
وقد تقدمت الإشارة إلى قول بنت صاحب مدين لأبيها يا أبت استأجره ، وما في هذا من الإشارة إلى رغبتها في القرار في البيت وتجنب الاختلاط ، وتحميل الرجل الأجير أعباء البيت الخارجية عوضا عن قيامها بذلك .
6. إن اعتياد المرأة للخروج من المنـزل سيـنشأ منه تدريجياً عدم اكتراث الزوج من خروج زوجته وتطبُّعه على ذلك ، لأن وجود السيارة مدعاة لكثرة الخروج كما أسلفنا ، وسيسأم الزوج من سؤال امرأته كلما خرجت أين خرجت ، وعند حصول عدم الاكتراث من الزوج فلا تسأل عن انفتاح أبواب الشر أمام المرأة .
7. إن قيادة المرأة للسيارة ينشأ عنه غالبا اعتماد الرجل على زوجته في قضاء حاجيات البيت ؛ كتوصيل الأولاد إلى المدرسة ، وشراء الأغراض المنـزلية ونحو ذلك ، بل ربما تطلَّـب منها الأمر السفر إلى المدن المجاورة لاستكمال شراء الحاجيات الغير متوفرة في بلدها ، كما هو مشاهد في بعض المجتمعات ، وفي هذا من إرهاق المرأة بالواجبات المنـزلية وتحميلها واجبات غيرها ما لا يخفى .
وهنا قد يقول قائل : إن المرأة في بيتها مُدَبِّـرة لشؤون حياتها الزوجية ، ألا يستدعي هذا السماح لها بقيادة السيارة لقضاء حاجياتها المنـزلية من الخارج ؟
فالجواب : إن هذا الاقتضاء غير صحيح ، فإن المرأة إن كانـت ذات زوج ؛ فزوجها مسؤول عن تأميـن حاجيات المنٍِِِزل ، مباشرة ، أو عن طريق خادم يقوم بتلبية طلبات المنـزل من خارجه ، كما قال تعالى الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ، وإن لم تكن ذات زوج فأقاربها وجيرانها مسؤولون عن ذلك .
8. إن في اعتماد الرجال على النساء في قضاء حاجيات البيت ضرر على الرجال أنفسهم ، من جهة أن في ذلك إذابة لشخصياتهم أمام أولادهم وأمام المرأة أيضا ، وعدم هيبتهم لهم ، ونقص الغَيرة والرجولة ، فينعدم جانب القدوة في البيت ، إذ أن رب البيت ليس عنده صلابة وقوامة ، بخلاف ما لو كان الرجل هو القائم على شئون البيت الداخلية والخارجية ، فإنه سيكون له مكانة وهيبة ، وسينعكس ذلك إيجابيا على الانضباط في البيت ، والشعور بوجود الأب وعظيم مكانته ، والله المستعان .
9. إن قيادة المرأة للسيارة وما يلحق ذلك من كثرة الخروج من المنـزل يترتب عليه أيضا تفريط في حق البيت والأولاد بقدر خروج ربَّـته منه ، وبالتالي فلن يشعر الأولاد بأن لوالدتهم كبير دور أو عظيم مكانة بينهم ، لا سيما والتربية والحضانة أضحت في بيوت كثير من الموظفات من مهمات الخدم ، وغالبهم من الأعاجم الذيـن لا يحسنون تربية الأولاد ، وربما كانوا من النصارى أو الوثنـييـن ، فكيف إذا كان الخروج لغير حاجة ؟ فهنا تكون المصائب الثلاث :
الأولى : أن الأب لا يقوم بشؤون بيته ، والثانية أن الأم لا تقوم بشؤون منـزلها ، والثالثة أن الأولاد بيد الخدم ، ومن ثم فلا تسأل عن حال البيت . والحق أن الأولى بإدارة شؤون البيت هو ربته ، كما قال أحد الشعراء :
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق
10. إن كثرة خروج المرأة مدعاة لحصول الشكوك بيـن الزوجيـن ، إذ إن الزوج لن يأمن أن تكون زوجته على اتصال بغيره ، لسهولة وقوع ذلك لما صار أمر خروجها بيدها ، وتتأكد تلك الشكوك كلما حصل تأخير في رجوع المرأة إلى البيت ، أو خروج بدون إذنه ، أو إذا خرجت متزيـنة ، وإذا وقعت الشكوك بيـن الزوجيـن فلا تسأل عن العلاقة بيـنهما كيف تصير ، بل ربما صارت قيادة المرأة للسيارة رافداً قوياً وسبباً جديداً من أسباب الطلاق في المجتمع ، بخلاف المرأة اللازمة بيتها فإن زوجها آمن عليها ، مطمئن لها .
11. إن كثرة خروج المرأة من المنـزل سبب في سقوطها من أعيـن الناس المحافظيـن على ديـنهم وقيمهم ، فلن يرغب بها الرجال الأخيار ، ولو رغبوا فيها فالغالب أن العلاقة بيـنهما لا تستمر ، لأنها ستكون مسترجلة ، تشعر بإمكانـية استقلالها عن زوجها ، واستغنائها عنه ، لا سيما إذا انضاف إلى قيادتها للسيارة حصولها على دخل شهري ، فستشعر حينها أنها ليست بحاجته ، لأنها صارت مثله تماما ، تقضي حاجياتها بنفسها ، وهو الأمر المؤدي غالبا إلى الطلاق ، لأن الرجل بفطرته يريد أن تكون له المرجعية في البيت ، بينما هي تعتبر قوامته عليها نقصا في قدرها ، وحطاًّ من مكانتها ، ولهذا فإن نسبة الطلاق في البلاد التي يكثر فيها خروج النساء عالية جدا .
12. إن في كثرة خروج المرأة من بيتها إذهاباً لحياء المرأة وأنوثتها ، وخروجاً لها عن طبيعتها ، فإنك ترى المرأة الخرَّاجة الولاَّجة قليلة الحياء ، عالية الصوت ، لا تشبه بنات جنسها في حيائها وعفتها ، بخلاف المرأة القليلة الخروج من بيتها ، القليلة الاحتكاك بالرجال ، فإنك تراها حيـية ، خافضة الصوت ، قاصرة الطرف ، ولهذا قرن الله العفاف بالقرار في البيت في سورة الأحزاب في قوله تعالى وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، لأنه لا يحصل هذا إلا بهذا .
13. إن انفراد المرأة بسيارتها يُعرِّضها لضعاف النفوس بإغوائها ومعاكستها ، أو التخطيط لوقوعها في قبضتهم كرهاً أو اختيارا ، مستغليـن ضعفها ، وبعدها عمن هي في حفظه وعنايته ، لا سيما في هذه الأزمان التي وصل الحال ببعض قليلي المروءة والحياء إلى أن يتحرشوا بالمرأة وهي مع محرمها ، أو بيـن الناس في الأماكن العامة والأسواق ، أو بعد المباريات الرياضية من اعتداء بعض السفهاء وبشكل هستيري مستمر على أصحاب السيارات ، وذلك بفتح أبواب السيارات على من فيها من النساء ، يحدث ذلك أمام محافل عظيمة من البشر ، ووسط الشوارع المكتظة بالمارة ، بدون أدنى حياء من الله أو من الناس ، وقد يكون معهن بعض محارمهن ، فكيف إذا لكانت في السيارة وحدها ، أو مع أبنائها منصرفة من استراحة أو برٍٍّ آخر الليل ؟
فالواجب هو طرح التوقعات الأسوأ والاحتمالات الأخطر ، والتي لولا افتراضها لما كنا بحاجة إلى وجود جهاز أمني متكامل ؟
وهنا قد يقول قائل : إن فتاة الغرب لا يتعرض لها أحد أثناء قيادتها للسيارة !
فالجواب : لو سلمنا بصحة هذه المعلومة فإن ما يراد من الفتاة الغربية قد حصل ، فلا حاجة إلى مراودتها أثناء قيادتها للسيارة ، فما يراد منها يحصل بسهولة خارج السيارة ، بل صارت هي التي تركض وراء الرجال ، نسأل الله العافية والسلامة .
14. إن في قيادة المرأة للسيارة فتحاً لباب مسدود أمام النساء المنحطات في ديـنهن وخلقهن لزيادة الشر والرذيلة في المجتمع إذا سهُل عليهن التجول في طول البلاد وعرضها ، بينما في منعهن عن القيادة تضييق عليهن وهو الواجب ، لقوله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده ؛ لتأمرن بالمعروف ولتنهَوُن عن المنكر ، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم .
15. إن مطالبة بعض النساء هداهن الله لقيادة السيارة ليس نابعا من حاجتهن لذلك ، وإنما هو تقليد للغرب الكافر ، أو تقليد لنساء بعض البلدان التي تأثرت بالاستعمار طويلا ، أو بدافع الإعجاب بالنفس وحب الظهور والتفاخر أمام بنات جنسهن ، فالدافع هو اتباع الهوى ليس إلا ، وقد نهى الله عموم الناس عن اتباع الهوى فقال ولا تـتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله.
فالواجب أن يكون الإنسان معتزا بدينه وبعاداته التي ليس فيها مخالفة للشريعة ، وألا يكون ذنبا لغيره ، فهذا ضعف وخور ، وذلٌّ وتَـبعية .
16. إن مما لا شك فيه أن حوادث السيارات أمر منـتشر كثيرا في المدن ، وفي قيادة المرأة للسيارة مضاعفة لتلك الحوادث ، لأن عدد السيارات سيزيد تلقائيا ، والمرأة ضعيفة السيطرة على نفسها ، لا سيما إذا حدث أمر مفزع ، كانفجار إطار ، أو اعتراض شخص أو سيارة أمامها ، فإذا داهمها الخطر ربما عجزت عن التصرف ، فهلكت أو أهلكت ، ناهيك عما يحصل في الحوادث من انكشاف العورات ، والله الحافظ .
17. إن قيادة المرأة للسيارة سيترتب عليها زيادة أعباء مالية على كاهل الأسرة بدون ضرورة ، وذلك بقيمة السيارة ، وما يتـبع ذلك من مصاريف الوقود والصيانة ونحو ذلك ، بل ربما أصرت المرأة على شراء سيارة جديدة كلما ظهر طراز جديد ولو كلفها ذلك مالاً كثيراً ، فالمرأة بطبيعتها تحب الكمال والجمال في كل حاجاتها ، فتقع الأسرة في الإسراف والديون التي لا تنتهي ، كما وقع فيها بعض الرجال من قبل ، والحق أن الواجب هو الاقتصاد في الإنفاق كما قال تعالى والذيـن إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بيـن ذلك قواما ، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : وأسألك القصد في الفقر والغنى .
18. إن زيادة الأعباء المالية على الأسرة ربما تضطر المرأة إلى البحث عن وظيفة لتجد منها دخلا يسد الأعباء المالية الجديدة ، وهذا فيه زيادة أعباء بدنـية على المرأة ، كما أن فيه تفريطاً بحقوق البيت الذي تركته للخدم بدون حاجة ماسة ، ثم الطامة الكبرى وهي الاختلاط بالرجال في ميادين العمل إن كانت في بلاد تسمح باختلاط الرجال بالنساء ، نسأل الله العافية .
19. إن في قيادة المرأة للسيارة فتح باب لشرور كثيرة أخرى تأتي تبعا ، كفقدان الاستقرار البـيتي ، والسفر بدون محرم ، والخلوة بالرجال الأجانب ، ولن يستطيع أحد أن يضبط ذلك كله ، لا أهل الحسبة ولا رب البيت ولا حتى ولي الأمر ، بخلاف المرأة اللازمة بيتها فإن أولادها سيشعرون بدفء الأمومة وجمال الاستقرار الأسري ، وتربيتهم على العفة والحياء ، وشعورهم بمكانة والدهم في البيت ، ووجود الترابط فيما بيـنهم لكثرة اجتماعهم في البيت ، بخلاف الأسرة التي كلما دخل واحد خرج الآخر .
20. إن في المطالبة بقيادة المرأة معصية لولاة الأمور وهم الأمراء والعلماء ، والواجب طاعتهم ، لأن طاعتهم طاعة لله تعالى ، ومعصيتهم معصية لله تعالى ، كما قال سبحانه يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم .
وقال الرسول  : من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ، ومن يعص الأمير فقد عصاني .
فأما الأمراء فإن ولاة الأمر في هذه البلاد حرسها الله منذ ****ئها قد أغلقوا هذا الباب ، فقد بيـَّن وزير الداخلية ، وهو رجل الأمن الأول ، عدة مرات ، أن هذا الأمر مرفوض في مجتمعنا ، وليس عند الحكومة أدنى توجه لذلك .
وأما العلماء ؛ فقد أفتى السادة العلماء ، أئمة الديـن ، وسادات المهتدين ، سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ، والشيخ عبد الرزاق بن عفيفي ، والشيخ محمد بن صالح بن عثيميـن ، رحمهم الله ، والشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ، والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبريـن ، والشيخ صالح بن فوزان آل فوزان ، والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ، والشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد ، حفظهم الله ، وغيرهم من أهل العلم والخبرة ، والعدل والغيرة ، وبُعد النظر في عواقب الأمور ، والحرص على حماية أديان الناس وأعراضهم ، أفتوا بتحريم ذلك ، فالواجب طاعتهم لأنهم أمروا بطاعة الله ، ورد الأمور العامة إليهم ، وعدم الافتئات عليهم ، كما قال تعالى ولو رده إلى الله والرسول لعلمه الذين يستنبطونه منهم ، وهم العلماء ، والله المستعان على ذلك .

شبهات والجواب عليها
يحتج بعضهم بالضرورة ، ويقول : إن هناك أُسراً لا يوجد من يعولهم ، وأرامل لا ولي يقوم على شؤونهم ، والسماح لنساء هؤلاء بالقيادة فيه دفع لحاجتهم ، وتخفيف لضرورتهم !
والجواب أن هذا القول باطل من خمسة وجوه :
1. أن أحكام الشرع مبنـية على المصلحة الراجحة ، لا المصلحة المغمورة ، ولا يشك منصف في ترجُّح مفاسد قيادة المرأة للسيارة على مصالحها ، لكون المصلحة المذكورة تختص بفئة قليلة من المجتمع - لو سلمنا بذلك - ، أما المفسدة العامة فعلى المجتمع بأكمله ، فليس من الحكمة في شيء أن يُغض النظر عن المفاسد الكبيرة في سبيل تحقيق مصالح يسيرة .
2. أن غالب المطالبيـن والمطالبات بقيادة المرأة هم من الموسريـن ، وليسوا من المعسريـن ، بدليل أنك تجد عند الواحد منهم عدة سيارات ، بل لكل منهم في الغالب سائق أو عدة سائقيـن ، فدل ذلك على أن هذه الحجة غير صحيحة ، وأن للمطالبيـن رغبات وأهدافاً أخرى ، وليس المقصود نصرة الأرامل ، فتلك ((شنشنة نعرفها من أخزم)) ، وإن وراء الأكمة ما وراءها !
3. أن الأرامل والمحتاجات في المجتمع لن يستفدن من السماح للمرأة بقيادة السيارة شيئا ، لأن غالبهن لا يستطيع شراء السيارة فضلاً عن تحمل تبعاتها ، لكونهن لا يستطعن تحمل تبعات بيوتهن أصلا !
4. أن أمهات الأسر الفقيرة إذا كن بحاجة إلى قيادة السيارة فليحضرن سائقاً يقضيـن به ضرورتهن ، مع مراعاة الضوابط الشرعية ، وعلى رأسها عدم الخلوة بهن بحال من الأحوال ، أو الاستفادة من الخدمات العامة في النقل والاكتفاء بها عن السائق ، مثل خدمات التوصيل ونحو ذلك .
5. أن كثيرا من حاجات النقل الضرورية للأسرة قد وفرتها الدولة حفظها الله ، فالتعليم العام والجامعي يتوفر له حافلات نقل مجانـية ، والمستشفيات قد وفرت لها الدولة سيارات الإسعاف لنقل المرضى من أي مكان في البلد إلى المستشفيات في حالة الضرورة ، فضلا عن الجمعيات الخيرية التي تقوم على الأسر المحتاجة ، والترابط الاجتماعي المتميز في هذا البلد بيـن غالب الأقارب والجيران .
شبهة
قال بعضهم : إن قيادة المرأة للسيارة تجعلها في استغناء عن السائق الأجنبي !
فالجواب أن الحال في دول الخليج التي سمحت بقيادة المرأة خير شاهد على بطلان هذا الكلام ، ففي الوقت الذي تقود المرأة عندهم السيارة يوجد السائقون في معظم البيوت ، بسبب أن قيادة المرأة كما ذكرنا لم تكن للحاجة غالبا ، بل هي غالبا من قبيل الترفه ، فلم يستغنوا بها عن السائق الأجنبي .
شبهة
قال بعضهم : إن في قيادة المرأة للسيارة صيانة لها ، وسدا لعوزها عن الأجانب في حالة حصول حادث وإصابة سائق السيارة .
والجواب من وجهين :
الوجه الأول : أن الحكم ينبغي أن يناط بالأحوال العادية العامة ، لا الأحوال النادرة الوقوع ، ولو سوغنا للمرأة قيادة السيارة لهذه الأسباب الغير عادية فإنه لا بد حينئذ أن نطالب بأن تتعلم المرأة قيادة الطائرة ! لأن ما يحدث على الأرض قد يقع في السماء ، والكارثة الجوية أخطر والضحايا بالتأكيد أكثر .
فإن قيل إن الطائرة فيها رجال كثيرون قد يتولون هذه المهمة ، فالجواب أن الرجال على الأرض في حالة السيارات أكثر .
شبهة
فإن قيل : إن السماح للمرأة بالقيادة سيوفر للاقتصاد الداخلي مبالغ ضخمة متمثلة في رواتب السائقين التي تُحول شهريا خارج البلاد !
فالجواب : أن هذا الإيراد قاصر من عشرة وجوه :
الأول : أن الإحصاءات الأخيرة تفيد أن عدد السائقين الخاصين يزيد على النصف مليون شيئا قليلا ، ولِـنكن أسخياء مع من يثير هذه الشبهة ، ولنقل أنهم ثمانمائة ألف سائق ، وأن كل سائق يتقاضى ألف ريال شهريا - بالمتوسط - ، فعلى هذا ستبلغ التحويلات الشهرية ثمانمائة مليون ريال ، والسنوية عشر مليارات ريال ، هذا في كَِِـفة .
وفي الكَِِـفة الأخرى ، فالإذن بقيادة المرأة للسيارة سيجعل شراء مليون سيارة أمرا حتميا (للسائقات الجدد) ، سواء من الموظفات أو غيرهن ، وهذا بحد ذاته سيكلف الاقتصاد السعودي في سنوات قليلة أربعين مليار ريال سعودي ، وهي قيمة السيارات المشتراة إذا كان متوسط أسعار تلك السيارات أربعون ألف ريال ، ناهيك عن تكرر هذا الرقم كلما استبدل النساء سياراتهن كل خمس سنوات ؟ فأين الثرى من الثريا ؟
الثاني : أن قيمة 200.000 سيارة تعادل تحويلات السائقين الخاصين مدة عشرة أعوام ، فكيف بالمليون سيارة التي سيتلاشى نصفها بعد عشرة أعوام ؟!
الثالث : كم سيسحب هذا الكم الهائل من السيارات من خزانة الدولة النفطية ؟ في حين أنه ينبغي تصدير أكبر كمية من الوقود ليعود على البلد بالعملات الصعبة ، لكونه يمثل إيراداتها الرئيسية التي تنفق منها الحكومة على مشاريعها ومواطنيها .
الرابع : ما سيترتب على إنهاك الاقتصاد المنزلي بقيمة السيارات وتكاليف الوقود وقطع الغيار وإصلاح الأعطال ، وقد تقدم ذكر هذه المفسدة في ثنايا البحث .
الخامس : والحق أن أعداد العمالة سيتقلص من السائقين ويزداد في صفوف عمال ورش السيارات ، الذين سيحولون ما يتقاضونه لخارج البلد بطبيعة الحال ، فأين التوفير ؟!
السادس : هل فكر أولئك (الغيورون) على اقتصاد البلد في الإنهاك الاقتصادي المـُتحتم لخزانة الدولة لتنفيذ مشاريع توسعة ضخمة في الشوارع الرئيسية بسبب الزحام الذي سيتسبب فيه السماح للمرأة بقيادة السيارة وأثره على انسيابية الحركة لا سيما في أوقات الذروة أو في حالات الحوادث ؟
السابع : هل فكر أولئك (الغيورون) على اقتصاد البلد في الإنهاك الأمني المترتب على المطاردات الأمنية للمتطاولين على حرمات سائقات السيارة بمعاكستهن والتحرش بهن في طول البلاد وعرضها ؟ ولست بمفش سرا إذا أحلت القارئ على حالات المطاردة للنساء وهن لم يسقن السيارات بعد ، فكيف إذا انفردن بها ؟
الثامن : وقد كان الأولى بأولئك أن يطالبوا بتوطين (سعودة) جميع سيارات الأجرة ، بدلا من إحلال سائقي سيارات المنزل (بالسعوديات) ، مما يعود نفعه حتما على شريحة غير المتعلمين في البلد وسد عوزِهم إلى حد كبير ، ومن المعلوم أن أعداد سائقي سيارات الأجرة الوافدين أعظم بكثير من أعداد سائقي السيارات الخاصة ، وليس هناك مقارنة بين تحويلات هؤلاء وأولئك !
التاسع : وليت هؤلاء (الاقتصاديون) (المشفقون) على اقتصادنا بالمطالبة بقيادة المرأة للسيارة ، ليتهم يطالبون بإلحاح بإيقاف استيراد الدخان الذي تستورِد منه الدولة ما يزيد على مليار ريال سنويا ، ويسبب أمراض صحية واجتماعية يكلف علاجها ملايين الريالات .
وكذا السياحة خارج البلد تكلف سنويا خمس وعشرين مليارا ، أليس هذا بنزف حقيقي للاقتصاد ؟
ليتهم يوظفون عقولهم الشابة في الاستثمارات الصناعية بم يعود نفعه على شباب البلد ؟
ليتهم وليتهم وليتهم ، ولكن كما قال الأول : فاقد الشيء لا يعطيه .
العاشر : لو قدرنا جدلا أن الاقتصاد الداخلي يتحمل فعلا مبالغ ضخمة متمثلة في رواتب السائقين التي تُحول شهريا خارج البلاد مقابل عدم السماح للمرأة بقيادة السيارة سواء كان عشرة مليارات أو أكثر أو أقل ؛ ألا نحتسب هذا المبلغ لحماية نسائنا من المفاسد التي ستحصل لهن لو سُمح لهن بالقيادة ؟
والله الذي لا إله إلا هو ولا رب سواه ؛ لو نُُظر لهذه النقطة بعين العدل والإنصاف لعدت هذا المليارات قليلة ، وقديما قيل :
أصون عرضي بمالي لا أدنسه لا بارك الله بعد العرض بالمال
شبهة
فإن قيل : أن قيادة المرأة السعودية للسيارة شأن اجتماعي وليس حكوميا !
وقد أجاب الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر حفظه الله عن هذه الشبهة فقال :
شريعة الله كاملة شاملة أحوال العباد كلها ؛ الاجتماعية والتربوية والتعليمية والاقتصادية والسياسية وغير ذلك ، لأنها منـزلة من الله الحكيم العليم ، العالم بأحوال العباد وما يحتاجون إليه في أمور دينهم ودنياهم ، قال الله عز وجل : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ، وقال رسول الله  : (( تركتكم على مثل البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك )) حديث صحيح ، رواه ابن أبي عاصم في « السنّة » (48) عن العرباض بن سارية  ، ورواه أيضا (47) من حديث أبي الدرداء  .
وفي صحيح مسلم (262) عن سلمان  قال : قيل له : (( قد علمكم نبيكم  كل شيء حتى الخراءة !
قال : فقال : أجل ! لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول ، أو أن نستنجي باليمين ، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم )) ، وهو يدل على كمال الشريعة واستيعابها لكل ما تحتاجه هذه الأمة ، حتى آداب قضاء الحاجة .
وفي صحيح البخاري (5598) عن أبي الجويرية قال : (( سألت ابن عباس عن الباذق ، فقال : سبق محمد  الباذق ، فما أسكر فهو حرام ، قال : الشراب الحلال الطيب ، قال : ليس بعد الحلال الطيب إلا الحرام الخبيث )) ، والباذق نوع من الأشربة ، والمعنى أن الباذق لم يكن في زمنه  ، ولكن ما جاء به الرسول  مستوعب له وغيره ، وذلك في عموم قوله  : (( ما أسكر فهو حرام )) ، فإن عموم هذا الحديث يدل على أن كل مسكر مما كان في زمنه  أو وجد بعد زمنه - سواء كان سائلاً أو جامداً - فهو حرام ، وأن ما لم يكن كذلك فهو حلال .
وقال الإمام ابن القيم في كتابه « إعلام الموقعين » (4/375-376) في بيان كمال الشريعة ، قال :
(( وهذا الأصل من أهم الأصول وأنفعها ، وهو مبني على حرف واحد ، وهو عموم رسالته  بالنسبة إلى كل ما يحتاج إليه العباد في معارفهم وعلومهم وأعمالهم ، وأنه لم يُحْوج أمته إلى أحد بعده ، وإنما حاجتهم إلى من يبلِّغهم عنه ما جاء به ، فلِرسالته عمومان محفوظان لا يتطرق إليهما تخصيص ، عموم بالنسبة إلى المرسَل إليهم ، وعموم بالنسبة إلى كل ما يَحتاج إليه مَن بُعث إليه في أصول الدين وفروعه ، فرسالته كافية شافية عامة ، لا تحوج إلى سواها ، ولا يتم الإيمان به إلا بإثبات عموم رسالته في هذا وهذا ، فلا يخرج نوع من أنواع الحق الذي تحتاج إليه الأمة في علومها وأعمالها عما جاء به ، وقد توفي رسول الله  وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر للأمة منه علماً ، وعلَّمهم كل شيء حتى آداب التخلي ، وآداب الجماع والنوم ، والقيام والقعود ، والأكـل والشرب ، والركوب والنـزول ، والسفر والإقامة ، والصمت والكلام ، والعزلة والخلطة ، والغنى والفقر ، والصحة والمرض ، وجميع أحكام الحيـاة والموت )) ، إلى أن قال : (( وبالجملة فجاءهم بخير الدنيا والآخرة برمَّته ، ولم يُحْوجهم الله إلى أحد سواه ، فكيف يُظن أن شريعته الكاملة التي ما طَرق العالَم شريعةٌ أكمل منها ناقصة ، تحتاج إلى سياسة خارجة عنها تكملها ، أو إلى قياس أو حقيقة أو معقول خارج عنها ؟! ومن ظن ذلك فهو كمن ظن أن بالناس حاجة إلى رسول آخر بعده ، وسبب هذا كله خفاء ما جاء به على من ظن ذلك ، وقلة نصيبه من الفهم الذي وفَّق الله له أصحاب نبيه الذين اكتفوا بما جاء به ، واستغنوا به عما سواه ، وفتحوا به القلوب والبلاد ، وقالوا : هذا عهد نبينا إلينا ، وهو عهدنا إليكم )).
بعد إيراد هذه المقدمة في كمال الشريعة ، أقول : إن من المؤسف أن يتصدى بعـض الكُتاب ومن لا علاقة لهم بالعلم الشرعي للكلام في بعض الأمور الخطيرة ، مهوِّنين من شأنها ، زاعمين أنه لا يوجد شرعاً ما يمنع منها ، مثل قيادة المرأة للسيارة ، التي تؤدي إلى أن تذهب المرأة كيف شاءت ، وتختلط بمن شاءت دون حفيظ لها أو رقيب عليها ، ومما قاله أحدهم في أحدى الصحف : (( إنه لا يوجد مانع شرعي إسلامي لقيادة المرأة للسيارة ... وأن قيادة المرأة السعودية للسيارة شـأن اجتـماعي وليس حكومـياً ، ولا يحتاج إلى إصدار فتوى شرعية ! ! ! )).
وهذه منه فتوى غير شرعية استغنى بها عن إصدار فتوى شرعية ! ، وكيف يُظن أو يُتصوَّر أن تكون الشريعة الإسلامية الكاملة تخلو من وجود مانع لقيادة المرأة السيارة ، وهو من الأمور الخطيرة التي يترتب عليها أضرار كبيرة ، وهي الشريعة العظيمة التي جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها ، وسد المنافذ التي توصل إليها ؟! ومن القواعد الشرعية سد الذرائع الموصلة إلى الحرام ، وأن الوسائل التي توصل إلى غايات محرمة محرمة ، ولا شك أن قيادة المرأة للسيارة يترتب عليه ترك الحجاب واختلاط النساء بالرجال وتيسر وصولها إلى ما فيه ضررها ، وقد قال الله عز وجل : ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم ، فقد نهى الله في هذه الآية الكريمة عن سب آلهة المشركين مع أنه حق إذا ترتب عليه قيام المشركين بسب الله سبحانه وتعالى ، وثبتت السنة بتحريم الخلوة بالأجنبية ولو في إقراء القرآن ، وسفر الأجنبي بهـا ولو للحج وزيارة الوالدين ، سدّاً لما يحاذر من الفتنة وغلبات الطباع ، ففي صحيح البخاري (1862) ومسلم (3272) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال النبي  : (( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم .
فقال رجل : يا رسول الله ، إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا ، وامرأتي تريد الحج ؟
فقال : اخرج معها )) .
فقد أرشد النبي  الرجل السائل في هذا الحديث إلى ترك الجهاد ليسافر مع امرأته للحج ، قال ابن القيم في « الطرق الحكمية » (ص280) : (( ومن ذلك أن ولي الأمر يجب عليه أن يمنع من اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق والفُرَج ومجامع الرجال )) .
وقال (ص281) : (( ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر ، وهو من أعظم أسباب نـزول العقوبات العامة ، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة ، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا ، وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة )) .
وقال : (( فمن أعظم أسباب الموت العام كثرة الزنا ، بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال والمشي بينهم متبرجات متجملات ، ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعـية - قبل الدين - لكانوا أشد شيء منعـا لذلك )).
وهذا الذي ذكره ابن القيم من وجوب قيام ولاة الأمور بمنع اختلاط النساء بالرجال وكذا منع كل ما يؤدي إليه لما يترتب عليه من الأضرار الكبيرة يوضح فساد الفتوى غير الشرعية في أن قيادة المرأة السعودية للسيارة شأن اجتماعي وليس حكوميا ، وكيف لا يكون حكوميا وقد قال النبي  : (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، الإمام راع ومسؤول عن رعيته )) الحديث ، أخرجه البخاري (893) ومسلم (1829) ؟ ! .
وأسأل الله عز وجل أن يحفظ على هذه البلاد أمنها وإيمانها وعفتها وطهرها ، وأن يوفق الكُتاب وغيرهم لترك الكلام في مثل هذه الأمور الخطيرة بغير علم ، إنه سميع مجيب ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
انتهى كلامه حفظه الله .


خلاصة
وخلاصة القول ستة أمور :
1. إن قيادة المرأة للسيارة تعتبر وسيلة عظيمة لحصول الشرور ، وخطوة أولى من خطوات تحرير المرأة من تعليمات الشريعة ، إذ به ينهار خُـلق القرار في البيت الذي جُـبل عليه النساء ، وينفتح الباب أمام الأشرار لمطاردة المرأة بعيدا عن بيتها الذي كانت تستتر به ، ناهيك عن التشتت الأسري ، وأمور أخرى تقدم ذكرها ، فقيادة المرأة للسيارة فخ شيطاني ، وحبة أولى في عقدٍ إذا انفرطت تلتها باقي الحبات ، والله الحافظ .
والواجب على المسلم أن يحرص على ما فيه سعادته في الدنيا والآخرة ، وأن يحذر من الوقوع مما يقربه إلى النار ، لقول ربنا تبارك وتعالى يا أيها الذيـن آمنوا لا تـتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبيـن ، وقوله صلى الله عليه وسلم : فمن اتقى الشبهات فقد استـبـرأ لديـنه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه .
2. إن واقع النساء في البلاد التي تقود فيها المرأة السيارة خير شاهد على ما حصول المفاسد التي قررنا آنفا ، فالواجب الحذر ، وألاَّ يجعل الإنسان نفسه محطة تجارب ربما أوبقت دنـياه وآخرته ، وكانـت عاقبتها سيئة على سمعته وعرضه ، والسعيد من اتعظ بغيره لا من اتعظ بنفسه .
4. أن المطالبين بقيادة المرأة للسيارة يطلون علينا في كل مرة بوجه مختلف ، ويلبسون دعواهم جلبابا متلونا ، فتارة إنسانيا ، وتارة دينيا ، وأخيرا اقتصاديا ! ، وغالبهم – إن لم يكن كلهم - ليسوا من أهل الديـن والاستقامة والحسبة ، بل هم إما علمانـيون منافقون يظهرون الإسلام ويبطنون التمرد على أحكام الشرع ، أو فساق يريدون التمتع بمفاتـن المرأة ، أو جهال حسنوا النوايا ، لا يقدرون عواقب الأمور ، قد طحنـتهم عجلة التقليد ، وبهرهم زخرف القول بوجوب التجديد ، يمشون وراء كل ناعق بحجة التحضر والتمدن – زعموا - ، وكل هؤلاء في عمى أو تعامي ، عما خص الله به المرأة من خصائص تميزها عن الرجل ، وعماًِ أيضا عما وصل إليه المجتمع الغربي الذي يقتدون به إلى انحدار خلقي ، وتفكك أسري ، ومستوى منحط في التفسخ والتبرج ، والخروج عن إطار الحشمة والوقار والاحترام ، حتى صارت المرأة عندهم وسيلة إغراء وافتـتان ، وواجهة إعلامية لترويج منـتجات المصانع وتسويقها ، والمتاجرة في الأعراض والفواحش ، واستخدامها في مجالات النصب والإرهاب ، كل هذا بسبب إخراجها من البيت بطريقة أو بأخرى ، وإقحامها في أوساط الرجال .
بل قد وصل الأمر في الغرب إلى تبادل الزوجات ، ونكاح الرجل بالرجل ، ونكاح المرأة للمرأة ، كل هذا بسبب التصعيد الجنسي الذي منشؤه كثرة الخروج والاختلاط ، الذي تعد قيادة المرأة للسيارة أحد روافده .
فالحاصل أن أولئك الأوغاد يريدون حرية الوصول إليها ، والتمتع بجسدها ، معترضيـن بذلك على شرع الله المنـزل ، وما جبلت عليه المرأة من العفة والحياء ، وما اتفق عليه العلماء ، أئمة الديـن في هذه البلاد وغيرها .
ولست بمفش سرا إذا قلت إن المرأة في بعض البلدان الإسلامية والعربية قد وصلت إلى ما يريدون ، فتراها في بعض البلاد الإسلامية قد تمردت على الحجاب والحشمة والوقار حيـنما أُطلق لها العنان لمزاحمة الرجال في أعمالهم الخاصة والعامة ، وأصبح أمرها في المـُخادنة والمصادقة والتعامل مع الرجال بمختلف مستوياتهم في التفكير والسن والثقافة أمراً عادياً ، وصار حالها مقاربا في الغالب لحال امرأة الغرب ، بل صار الإنكار على من ينكر هذا عندهم !
فإن قيل : إنه لا يزال هناك فارق !
فالجواب أن عوامل الانحلال واستمرارية البعد عن الضوابط الشرعية كفيلة بإذابة هذا الحاجز ، ومن سار على الدرب وصل ، نسأل الله لنا ولهم العافية والسلامة .
5. أن الواقع خير دليل على بطلان دعوى المطالبة بقيادة المرأة للسيارة ، فالنساء كن ولا زلن ، في غنى عن قيادة السيارة ، وسيظللن إن شاء الله على ذلك .
6. أن الفتاة السعودية ، والتي تتعرض الآن لهجمة شرسة لإلحاقها بركب النساء المستغربات ، تمتاز بحمد لله بما يوفر الثقة بها بنـتاً وزوجة وأماً ومربية ، وتمتاز بقدرتها على التعلم بلا حدود تعليمية ، دون أن يكون ذلك مؤثراً على وقارها وحشمتها ، ولم تكن قيادة السيارة عائقا لها عن الحصول على ذلك كله .
لهذا وغيره ، فإن دعاة الباطل ينظرون للفتاة السعودية على أنها صعبة الوصول ، فكرسوا جهودا عظيمة للمكر بها ، والإيقاع بعفتها ، يريدون بذلك كما أسلفت سهولة افتراسها والتمتع بها ، حتى إذا افترسوها وقضوا وطرهم منها وذبل عودُها ؛ رموها جانبا كما رموا غيرها ، وقد فاتها قطار الزمن ، فلا هي التي حفظت عفتها ، ولا هي التي سلمت من تأنـيب ضميرها ، ولا هي التي ظفرت بحياة أسرية سعيدة عفيفة مع زوج وأولاد ، ولا هي التي قامت بما أمرها الله به ، فخسرت دنياها وآخرتها ، ونظرة سريعة على الحياة الاجتماعية الغربية تشهد لهذا كله ، والعاقل من اتعظ بغيره لا من اتعظ بنفسه ، فليخسأ أذناب الغرب ، أتباع كل ناعق .
فالواجب عليـنا معشر المسلميـن عموما ، وفي هذه البلاد خصوصا ، ألا نفرط بذلك الكنـز الذي طالما بذلنا جهدا للحصول عليه ، وأن نُحصن فتياتنا من الوقوع في شَـرَك أهل الباطل كما وقع فيه كثير من الناس ، فليس هذا بمستغرب ، لأن أكثر الناس ليسوا على الهدى المستقيم ، كما قال تعالى وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ، وقال تعالى وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين .
همسات
وهاتان همستان في آذان المسؤولين وفقهم الله لما فيه نفع البلاد والعباد :
الهمسة الأولى : أننا لسنا في شك من عقيدتنا ، فعقيدتنا هي التمسك بما جاء عن الله وعن رسوله  ، على ضوء فهم السلف الصالح ، أصحاب القرون الثلاثة المفضلة الأولى ، التي شهد لها الرسول  بالخيرية .
ولسنا في شك فيما ندعو إليه غيرنا ، فمنهج الدعوة الذي قامت عليه هذه البلاد منذ ثلاثة قرون هو منهج أصيل وليس بدخيل ، وقد استضاء به العالم أجمع منذ ذلك الحين ، وسيستمر إن شاء الله طالما تمسكنا به .
ولسنا في شك من علمائنا ، فعلمائنا بحمد الله من خيرة العلماء في دينهم وعلمهم على مستوى العالم أجمع ، وقد استقرت عدالتهم عند المسلمين ، لما عرف عنهم من التمسك بالآثار ، وسعة الاطلاع العلمي ، وبعد النظر في عواقب الأمور ، وصدق مع الله عز وجل ، نحسبهم كذلك والله حسيبهم .
ولسنا في شك من تقاليدنا وأخلاقنا العربية الأصيلة ، فنحن العرب الأقحاح ، الذين بلغ آباؤنا وأمهاتنا في الجاهلية الغاية في التحرز والتستر والغيرة على الأعراض ، فكيف بنا وقد عمر الإسلام بيوتنا وصدورنا ؟
الهمسة الثانية : إنكم محسودون من قبل أعداء الملة في الخارج ، وأذنابهم في الداخل ، على هذا الاستقرار الذي تنعمون به ، واجتماع الكلمة الذي ترفلون به ، إنكم مستهدفون وهم يرونكم ولا يرون أحدا سواكم قد أخذ على عاتقه نشر الدين الإسلامي بأصوله العظيمة وحذافيره الدقيقة ، في جامعاتكم العلمية ، ومعاهدكم الدراسية ، ودروسكم اليومية ، وخطبكم الأسبوعية .
إنكم مستهدفون وهم يرونكم ولا يرون أحدا سواكم قد تميزت نساؤه عن نساء العالم أجمع بمزيد عفة وتستر ، بل صِرن مثالا للمرأة الشرقية والغربية ، فينبغي لكم أولا أن تحمدوا الله على هذه النعمة التي خصكم الله بها ، وتشكروها ولا تكفروها ، ثم تحذروا شديد الحذر في مسيرتكم القيادية من الأعداء المتربصين والمتسترين ، وذلك بجعل الشورى والرأي والحل والعقد في أهل الاختصاص المعروفين بدرايتهم وديانتهم وصيانتهم وغيرتهم على نسائكم ونسائهم ، حتى لا تزل القدم ، أو ينحرف المسار عما هو عليه ، فاتخذوهم بطانة ، وشاوروهم في الأمر ، ولا تقطعوا أمرا دون رأيهم ، ولا حكما إلا بمشاورتهم ، لأنهم يبتغون بعلمهم وجه الله والدار الآخرة ، ولا يخافون في الله لومة لائم .
وقد جاءت أحاديث تدل على فضل البطانة الصالحة ، فعن أبي سعيد الخدري عن النبي  قال : ما بعث الله من نبي ، ولا استخلف من خليفة ، إلا كانت له بطانتان ، بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه ، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه ، فالمعصوم من عصم الله تعالى .
وفي لفظ آخر عن أبي هريرة قال : قال رسول الله  : ما من نبي ولا والٍٍ إلا وله بطانتان : بطانة تأمره بالمعروف ، وبطانة لا تألوه خبالا ، ومن وُقي شرهما فقد وقي ، وهو مع التي تَغلب عليه منهما .
وعن القاسم بن محمد قال سمعت عمتي (أي عائشة رضي الله عنها) تقول : قال رسول الله  : من ولِِـي منكم عملا فأراد الله به خيرا جعل له وزيرا صالحا ، إن نسي ذكره ، وإن ذكر أعانه .
كما ينبغي على المسؤولين أن يحذروا من بطانة السوء ، فإن أكثر ما يؤتى المسؤولين من قبل المـُقدَّمين لديهم ، فقد يكتمون نصحه رغبة في مال ، أو زوال سلطان ، أو حسدا له على ما آتاه الله من فضله ، أو عداء للدين ونصرة لأهل البدع ، فيؤدي ذلك إلى فساد عريض ، قال تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر .
همسة أخرى
وهمسة أخرى في آذان أولئك الذين يُـسوِِّقون قيء الإفرنج في بلادنا ، اتقوا الله ، فإنكم مسؤولون يوم القيامة عما تقولون وتكتبون ، فالقلم أحد اللسانين ، ولا تجعلوا أنفسكم عرضة لدعاء المسلمين عليكم بالهلاك الدنيوي والأخروي .
اتقوا الله وأنتم ترون جزيرة الإسلام وبلاد الحرمين الشريفين تـمر بمحنة تاريخية ، متمثلة باتهامها بإهدار حقوق الإنسان ، ناهيك عن الهجمات اللسانية الرسمية الصريحة على أصولها ومعتقدها من قبل أعداء الإسلام ؟
ألا تدرون أن مطالباتكم هذه مما يقوي شوكتهم ويؤيد دعواهم ، في حين أن الواجب عليكم هو الذود عن الوطن ، وسد الطريق على أولئك ، لا سيما وكثير منكم من أرباب الأقلام والشورى والتوجيه في المجتمع ؟
وإن أصابكم إعجاب في عقولكم فتأملوا هذه النقاط الخمس :
الأولى : أن معارضة نصوص الكتاب والسنة بالأدلة العقلية والأقيسة الذهنية باطلة لكون عقول البشر قاصرة ، أما الشرع فإنه من حكيم خبـير يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ، وما مثل العقل والوحي إلا كمثل العينين والنور ، فإذا كان عند الإنسان عينان ولكنه في مكان مظلم فانه لا يستفيد من عينيه شيئا ، بل هو كالأعمى تماما ، وكذلك العقل لا يستطيع أن يحكُم بنفسه إلا بنور الشريعة .
الثانية : لو كان بمقدور الإنسان أن يهتدي إلى الحق اعتمادا على العقل لاهتدى إلى ذلك الرسول  ، لأن عقله أكمل العقول ، ومع هذا فلم يهتدي الرسول  إلا بالوحي كما قال تعالى وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ، وقال تعالى ووجدك ضالا فهدى ، وقال تعالى قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربـي ، فإذا كان الرسول  قد تجرد من حولِه وقوته الحسية والعقلية وردَّ نعمة الهداية إلى الوحي ، فكيف تحصل الهداية لمن هو دون النبـي  بمجرد الاعتماد على العقل ، أو التشبه بالكفار الذين نص القرآن على أنهم ليس لديهم عقول ؟!
الثالثة : أن الشرع هو قول المعصوم الذي قام الدليل على صحته ، أما الطرق العقلية فليس هناك دليل على صحتها ، لا شرعي ولا عقلي ، فالذي تـنتجه عقول هؤلاء تخالفه عقول أولئك ، والذي تـنتجه عقول هؤلاء تــتراجع عنه إلى قول أولئك ، فعلى هذا فلا يصح أن يعارض الدليل الشرعي الصحيح بما لا يُـقطع بصحته .
الرابعة : أن العقل مصدق للنقل فيما أخبر به ، بـينما النقل لم يصدق العقل فيما أخبر به .
الخامسة : أن كثيرا من الأدلة العقلية باطلة عقلا وشرعا ، فيكون تقديمها على النقل من القدح في العقل .
وقد شبَّّـه بعض العارفين حال من يعترض على الشرع بالشبه العقلية بحال من أتى إلى الرسول  وقال له : إن الوحي الذي تلقيناه منك ، والسنة التي تدلنا عليها ، فيها ما توافق عليه عقولنا وفيها ما لا توافق ، فسنأخذ منك ما وافق عقولنا ونترك الباقي ، فهل هذا مؤمن ؟ قطعا لا .
فهذا إبليس - أعاذنا الله منه - عارض أمر الله له بالسجود لآدم بالرأي الفاسد ، وتقديم العقل على الأمر الشرعي فقال أرأيتك هذا الذي كرمت علي ، وقال لم أكن لأسجد لبشر خلقتني من نار وخلقته من طين ، فهلك وأهلك .
ولما كان تقديم العقل على النقل من أسباب الهلاك ، كان من لوم الكفار لأنفسهم وهم في النار وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير .
فالواجب تقديم الشرع على العقل ، فإذا صح النقل شهد العقل وسلَّم وأذعن ، فإن الشرع قائم بنفسه ، سواء علمناه بعقولنا أم لم نعلمه ، كما أنه - أي الشرع - مستغنٍ في نفسه عن علمنا وعقلنا ، أما نحن فمحتاجون إليه وإلى أن نعلمه بعقولنا .
فمن كان له عقل كامل فليتبع الشرع ، ولهذا وصف الله المعرضين عن شرعه لما حكموا عقولهم أنهم لا يعقلون ولا يتفكرون ولا يتعظون ، وكل هذه مرتبطة بالعقل .
والذين يعترضون على الشرع بما يسمونه ببراهين عقلية فإنها في الحقيقة شبه خيالية ، لأنها دلت إلى ما يخالف الشرع ، فعُـلِم فسادها بالضرورة ، وأنها لا تصلح للمعارضة ، والواجب هو التسليم والاستسلام لله ، واتباع أوامره ، وعدم الاعتراض عليها ، كما أمر تعالى في قوله فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بـينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ، وقال تعالى وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبـينا ، وقال تعالى وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون ، ففي هذه الآية نزه الله نفسه عما اقتضاه شرك المشركين المتمثل باقتراحهم واختيارهم ، فالواجب الحذر .
قال ابن تيمية رحمـه الله تعالى : فعلى العبد أن يسلم للشريعة المحمدية الكاملة البـيضاء الواضحة ، ويسلم أنها جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها ، وإذا رأى من العبادات والتقشفات وغيرها التي يظنها حسنة ونافعة ما ليس بمشروع ، عَـَلِِِم أن ضررها راجح على نفعها ، ومفسدتها راجحة على مصلحتها ، إذ الشارع حكيم لا يهمل المصالح .
وقال ابن القيم رحمـه الله : وأصل كل فتـنة إنما هو من تقديم الرأي على الشرع ، والهوى على العقل .

اللهم احفظ نسائنا ، وارزقهن العفة والحياء ، وأعذهن من مضلات الفتن ونزغات الشيطان ، وهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ، والله أعلم ، وصلى الله على نبيـنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم .

انتهى تحريره ومراجعته في الثاني من شهر ذي القعدة لعام ست وعشرين وأربعمائة وألف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، الهجرة النبوية المباركة .
وكتبه ماجد بن سليمان الرسي



طبعا انا لا اؤيد في وقتنا الحالي قيادة المراة :27:
وانا ارى انه بدال ماينشغلوا بالمراة السعودية وقيادتها للسيارة يروح ينشغلوا بالتخلف اللي حاصل في المواصلات عندنا دوله من اكبر الدول في احتياطي البترول ما شاء الله تبارك الله ولا عندها سكة حديد صاحية وحدةفي وحالتها حاله ؟؟؟؟ ولا فيه لامترو باص يفك الزحام شوي طيب وراضين لو خصصوا شي للنساء ....مو بعجزانين ...اما زيادة سيارات على سيارات الرجال اظن لازم اطلع لمشواري قبلها بساعتين ونص وخصوصا بجدة والرياض واكلي وشربي :06
:بالسيارة ...وع يا كرهي للزحام:06::06:
62
3K

هذا الموضوع مغلق.

مرة عنتر
مرة عنتر
والله انك صادقه
وانا معك ضد القيادة وبشدة
اسألك الثبات
اسألك الثبات
أرى ان هذا الوقت هو ليس وقت نقاش المرأه تسوق ولا ما تسوق

أختي الا تري ما يحدث في غزة الأمه في وضع رهيييب

علينا الأن توجيه كل إهتمامتنا في معرفة الحق في ما يحدث بالعالم وما هو واجبنا تجاه إخواننا
حقاً لقد كانت معركة الفرقان فرق الله بها بين كل من يدعي الإهتمام بالمسلمين ومن يهتم حقاً

فلننظر لحال الأمه ونحاول إصلاح عقيدتها أولاً ثم إذا قمنا بعمل الواجب علينا
نأتي لنناقش المرأه تسوق أم لا تسوق

أعذريني ولكن هذا رأيي
jamolll
jamolll
أرى ان هذا الوقت هو ليس وقت نقاش المرأه تسوق ولا ما تسوق أختي الا تري ما يحدث في غزة الأمه في وضع رهيييب علينا الأن توجيه كل إهتمامتنا في معرفة الحق في ما يحدث بالعالم وما هو واجبنا تجاه إخواننا حقاً لقد كانت معركة الفرقان فرق الله بها بين كل من يدعي الإهتمام بالمسلمين ومن يهتم حقاً فلننظر لحال الأمه ونحاول إصلاح عقيدتها أولاً ثم إذا قمنا بعمل الواجب علينا نأتي لنناقش المرأه تسوق أم لا تسوق أعذريني ولكن هذا رأيي
أرى ان هذا الوقت هو ليس وقت نقاش المرأه تسوق ولا ما تسوق أختي الا تري ما يحدث في غزة الأمه في...
عزيزتي اشكر لك مرورك ورايك انا من المتالمين كثيرا لاهالي غزة ومن المتمنين لفتح الجهاد...
.. ولكن الحياة عندنا لم تتوقف فهم بالامس كتبوا في الصحف عن هذا الموضوع وهناك من يحاول الضغط للسماح بهذاونحن مشغولين بامور اخرى ..وانا احببت ان اوضح لمن قالوا لماذا لا نسوق ...
علمتني الحيااااة
من جهتي اشوف ان قيادة المراة للسيارة شر وليس خير

والاسباب التي ذكرتيها كافيه
عنبرة الصحراء
جزاك الله خير


موضوع في وقته