إلـيـــــك أيـهــــــــــــا الراعــــي!

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين..والصلاة والسلام على المبعوث الأمين..


نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..


إليك أيها الراعي أسطر كلماتي..كلمات تدثرت بثياب ألم وحزن فما زادها إلا


بكاء وعويلا.. إنني أسطرها لك بأنامل قلبي..عل قلبك يشعر بها..


أيها الراعي:لا بد أنك تقرأ ذاك الكتاب الذي فيه فصل الخطاب..


كتاب منزل من رب الأرباب..كتاب خطف عقول ذوي الألباب..


كتاب جامع شامل جمع بين دفتيه كل صواب.. لا بد أن قرأت فيه من الآيات


ما رسم البسمة على شفاهك لما صوره من نعيم أهل الجنة..ولربما قرأت


آيات أجرت مدامعك لما فيه من تهديد ووعيد لأهل النار..فخفت وخشيت


على نفسك ووالديك وذريتك.. وقد تكون لك أمنيات ورجاءات وددت أن تتحقق


فقرأت قوله تعالى: (وقال ربكم ادعوني استجب لكم) وأيضا: (وإذا سألك عبادي


عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) فرفعت كفك إلى الله داعيا


راجيا وقد شقت دموعك أخاديد على وجنتيك..وهناك الكثير الكثير من الآيات التي


كانت لك معها وقفات تدبر وتأمل فوجدت نفسك تنظر إلى شخصك


نظرات رضا في زوايا..ونظرات لوم في زوايا أخرى..أتدري ما الذي جعلك تقف في


تلك الزوايا؟إنه أثر ذلك الكلام العجيب الذي خاطبك به ربك فتجاوزت حروفه سمعك


لتطرق جدار قلبك ..فكان الندم على العثرات..والرغبة في التزود بالصالحات..


إلى هنا وكل هذا جميل أيها الراعي..ولكن!


سأقف معك في زاوية أخرى..فأصخ سمعك يا رعاك الله!


كأني بك أدرت مفتاح المذياع في السيارة تبحث عن إذاعة القرآن الكريم فإذا بصوت ناعم


مع لحن أكثر نعومة طرق سمعك..ترددت بداية في سماعه..لكنك تذكرت


فتوى جواز الغناء..فاستمعت مع خفض الصوت بعض الشيء وفي داخلك نفسك اللوامة ترجوك


تحويل القناة..لكنك لم تلتفت..ومضت الأيام فصار الغناء يزاحم ما في قلبك من قرآن..


قل لي بربك كيف يجتمعان؟!


وشيئا فشيئا رحلت نفسك اللوامة..وربما قبلها قد رحلت المطمئنة..وها هي النفس


الأمارة بالسوء تستوطنك..لم تعد وحدك تسمع الغناء..فأبناؤك قد حذوا حذوك ..


فكيف لك أن تمنعهم؟


إذا كان رب البيت بالدف ضاربا....فشيمة أهل البيت الرقص


يا للأسف أيها الراعي قد أزلت السياج عن رعيتك فتخطفتها طيور المعاصي الجارحة


(يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة


غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون)


وتمضي الأيام..ويشب أبناؤك على ما في الغناء من كلام..فينشئون على الآهات والحب


والغرام..ولا يعنيهم هذا حلال وهذا حرام..ولا يتدبرون ويتأملون ما في القرآن من أحكام..


فقد أرضعتهم بإرادتك حب الغناء والألحان..فاستلذوا المعاصي وأبوا الفطام..


لذا لم يتأثروا بقوله تعالى: ( وبالوالدين إحسانا) ولم يقفوا على: ( ولا تقل لهما أف)


ونسوا ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا)


أرأيت أيها الراعي ما حدث؟! لقد قصصت بنفسك الشريط ..وخطوت أول خطوة


في طريق الشيطان(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ)


وتبعتك ذريتك (والرجل راعٍ في أهله وهو مسئول عن رعيته)


قل لي بربك أيها الراعي:هل أعددت جوابا للسؤال؟!


وتمضي السنون والأعوام ..فيقل لحمك..ويهش عظمك..وتخور قواك..


ويضعف بصرك..فما عدت تقوى على الصلاة واقفا..وما ما عدت تحفظ شيئا من القرآن..


فقد حل مكانه الغناء..وما عدت ترى الحروف لتقرأ نظرا..قد ضعت..وضيعت ذريتك..


ثم ها أنت تتوسد قبرك..تركت ولدا..لكنك لم تزرع فيه صلاحا..فكانت الثمرة نسيانك


قال صلى الله عليه و سلم: ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث:علم ينتفع به،


وصدقة جارية، وولد صالح يدعو له)


تلك كلماتي إليك أيها الراعي.. علها تجد منك سمعا صاغيا..


وقلبا واعيا.. ودمعا من خشية الله جاريا..


اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك..


وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين!