إلى أخواتي الطالبات!!

الطالبات والمعلمات

السلام عليكم ورحمة الله وبركااااته :21:

هذا موضوع متكامل هدية لكم...



1- قلق الطالبات

شكاوى وحلول
إعداد/ نورة فرج علي السبيعي

الحمد لله الرحيم التواب، الهادي إلى الصواب، غافر الذنب وقابل التوبة شديد العقاب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.

فلا يخفى على أحد حالة القلق، التي أصبح يعيشها الفرد في هذا العصر، نتيجة لعدة عوامل نفسية أو ضغوط اجتماعية، أو غيرها من العوامل، فلفت انتباهي انتشار هذه الظاهرة في مدارسنا وبين طالباتنا، فكنت أرى بعض هؤلاء الطالبات والقلق باد عليهن فيثرن في نفسي حزناً شديداً، فبات لزاماً علي أن أقوم بواجبي التربوي نحو هذا الجيل بالنصح وتوضيح الأسباب، والمساعدة في الوصول إلى الحل.

لقد أردت أن أوجه رسالة إلى كل طالبة أرقها القلق، ولون الحزن نبرات صوتها، وترك آثاره على محياها.. أحدثها فيها عن الأسباب التي تجلب هذا الداء، وبحول الله آخذ بيدها نحو وسائل العلاج، وأوضح فيها أن القلق والحيرة من الظواهر التي تكثر في النفوس ضعيفة الإيمان، والبعيدة عن الله.

إنها رسالة متواضعة أعترف فيها بقلة علمي، وضعف خبرتي، أوجهها للطالبة المسلمة، أدعوها فيها إلى التقلب على كل مصاعب الحياة وتخطي الحواجز التي يضعها الشيطان أمام سلوك الجادة المستقيمة، والسير في ركاب الصالحات بخطى ثابتة، وعزم قوي وروح فرحة ووجوه مشرقة. سائلة الله تعالى أن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم، وأن يرزقنا الإخلاص وينفع به كل من اطلع عليه، ويجزل المثوبة لمن كان وراءه حتى خروجه إلى النور.

وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

نورة السبيعي



القلق



هو الانزعاج، يقال: بات قلقاً وأقلقه غيره، وأقلق الشيء: حركه من مكانه .

والقلق مشاعر نفسية تكون مضطربة، وينتج عنها الكثير من الآثار السلبية.

وظاهرة القلق باتت من الأمور الملفتة للانتباه في وقتنا الحاضر، نتيجة الانقلاب الحضاري والذي طال معظم جوانب حياتنا. وإن كان للقلق أحياناً آثاراً مختفية، لكن آثاره تظهر بوضوح على التصرفات والنتائج، ففي عصر غلبت عليه السرعة، وأصبحت هي سمته المميزة أصبح الجميع- إلا من رحم الله- يسعى للوصول إلى هدفه وغايته، دونما اعتبار إلى من حوله.

فالتاجر قلق بسبب البيع والشراء والربح والخسارة، ورب الأسرة قلق على أبنائه والسهر على مستقبلهم وكسب قوتهم، و المرأة قلقة على بيتها وأبنائها والسهر على شؤونهم ورعايتهم، مع القيام بعملها إن كانت عاملة. وفي النهاية.. الجميع قلق، غير أن ما يهمنا في بحثنا هذا أن القلق اتجه إلى طائفة في عمر الزهور ليغتال أحلامها، ويحد من طموحها وتطلعاتها، وليضرب بكل وحشية وغدر في مشاعرها وعاطفتها، فإذا أضفنا إلى هذا أن هذه الطائفة جياشة العاطفة، رقيقة المشاعر، فإن القلق سيجد له أرضاً خصبة لينمو، ويترعرع فيها دونما سقاء، أو رعاء، هذه الطائفة هي بناتنا وأخواتنا من بنات المرحلة المتوسطة والثانوية، فالفتاة في هذه المرحلة لا تحتمل مشاعرها القسوة والغلظة.

والفتاة كائن رقيق بطبعها وخلقها، وقد أكدت الدراسات الحديثة أن النساء أكثر تعرضاً من الرجال للنزاعات النفسية، ومنها القلق، والاكتئاب على وجه الخصوص، ومرحلة الشباب هي أكثر مراحل العمر تعرضاً لصراعات القلق. والفتيات أكثر من الشباب في التعرض له والاكتئاب، فالفتيات في مرحلة المراهقة هن أكثر تعرضاً للقلق والاكتئاب والأمراض النفسية كما أوضحت ذلك الدراسات الحديثة.

من هنا تبرز أهمية هذا الموضوع، ومدى الحاجة إليه في مناقشة هذه الظاهرة، والتي نلمسها بوضوح، وتلمسها كل من تعمل في مجال التعليم على وجه الخصوص.



أقسام القلق



ينقسم القلق إلى نوعين رئيسيين:

أولاً: القلق الطبيعي:

هو ما كان في حدود المعقول، فهو يحافظ على اليقظة وحالة الوعي، ويساعد على تحمل المسؤولية، والنجاح في مجال العمل وإذكاء روح المنافسة الشريفة. فإذا قلت هذه المشاعر، والأحاسيس المولدة للقلق عن الحد الطبيعي أصبح الإنسان غير مبال، وغير قادر على تحمل مسؤوليته في الحياة مما يولد عنده حالة تبلد. والحياة لا تخلو من مواقف تحتم على الفرد بطبيعته وتكوينه أن يكون قلقاً، كقلق الأم على أبنائها وهو محمود ما لم يتجاوز الحد الطبيعي، فهناك مواقف طبيعية تصادف الفرد في حياته، كتجربة يمر بها لأول مرة فيتخوف من خوضها، أو الإقبال عليها أو قرب نهايتها ونتيجة للمشاعر النفسية المتغيرة يكون القلق، ويكثر في أوساطنا المدرسية، وبين الطالبات على وجه الخصوص

ويعتر القلق من أخطر الأمراض النفسية التي من الممكن أن تتعرض لها الطالبة، ويلعب دوراً كبيراً في اضطرابات وظائف الجسد لديها، ومن ثم إصابتها بالتوتر والضعف والتأزم، والخوف والغضب الشديد، والكآبة والارتباك الشديد.. حتى يصل بها إلى أن يحد من طاقتها وقدرتها على التحصيل، ومن هنا يخرج عن كونه طبيعياً إلى كونه مرضاً.

ثانياً: القلق المرضي:

وهو الذي يتعدى المرحلة العادية، ويستدعي التدخل الطبي لعلاجه، ومن أعراضه كما ذكر الدكتور حمدي الأنصاري: أن يصبح المريض متوتراً متهيجاً قلقاً، ويشعر بالخوف ولا يقر له قرار، ويبحث دائماً عما يطمئنه. ومن الأعراض الجسمية للقلق الشد والتوتر العضلي العام، ورعشة اليدين وآلام عامة بالجسم، كخفقان القلب وزيادة سرعة ضرباته، وارتفاع ضغط الدم، وزيادة سرعة التنفس، وسوء الهضم وجفاف الفم، والتعرق في راحة اليدين والجبين وتحت الذراعين .

وإذا وصل القلق إلى هذه المرحلة فلا بد من تدخل الطبيب، وحتى لا يتحول القلق العادي إلى مرض، لا بد من تفهم نفسية الطالبة في البداية، والمرونة في التعامل مع ظروفها النفسية الناتجة عن القلق، وكي لا تتحول الحالة- لا قدر الله- إلى شيء يصعب فيما بعد علاجه، مثل مرض الوسواس والخوف والكآبة. والكثيرون ممن وصلوا إلى مرحلة القلق المرضي ما كانوا ليصلوها لو توفرت لهم عوامل الرعاية، والوقاية في مرحلة مبكرة من حياتهم، خصوصاً في فترتي الطفولة والمراهقة، كما أن هناك نمط من الشخصيات يسمى بالشخصية العصابية لدى صاحبها قابلية للاستجابة للقلق، والعوامل التي تحدد هذه الشخصية تشمل: النواحي الوراثية والمؤثرات العائلية والتربوية والعاطفية، والاجتماعية والمصادفات الحياتية .



أسباب القلق

على الرغم بأنه يوجد الكثير من الأسباب التي لم أتعرض لهـا، إلا أنني بحثت عن أسباب القلق بين طالباتنا، فوجدتها أكثر من أن تعد أو تحصى، ولكنني سأقتصر على أسبابه الرئيسية، والتي منها الصعب العسير، والسهل اليسير، والقريبة من الطالبة، والمسببة لقلقها... ومن هذه الأسباب:

1- البعد عن الله:

وهو من أعظم الأمور المسببة للقلق، وضيق الصدور، فالنفس البعيدة عن الله دائما ما تكون قلقة ومضطربة؟ لأن المعصية شؤم على صاحبها، فيسكن بها الخوف، ويلعب بها القلق في متاهات الحياة، فهي فاقدة الأمان والاطمئنان، وهي لا تعرف ما تريد، وليس لها هدف معين غير تزجية الوقت بالتسلية، ثم القلق والحزن الملازم، وعقاب في الدنيا والآخرة. قال تعالى: ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ))طه: 124،.

والكثير من حالات القلق في صفوف الطالبات التي نواجهها مردها إلى البعد عن الله، والتهاون في أداء الصلوات، وبالأخص صلاة الفجر، وانصراف بعض الطالبات إلى محبة غير الله، وإشراك أحد معه، فالطالبة التي ترتكب خطأ تكون قلقة، والتي تفعل مخالفة شرعية أو أخلاقية تكون مرتبكة، ومن ترتكب محرماً خارج المدرسة تصير هائمة ضائقة، لأنها تتخيل أن الجميع يعلم بما تفعل، وإن كل كلمة إليها موجهه وكل إشارة بها مقصودة. فهي في خوف دائم، وقلق مستمر، لأنها موقنة بأن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأنه سبحانه وتعالى بكل شيء محيط، ولا تخفى عليه المعصية خلف الجدران، ولا وراء الأبواب المغلقة.

إذا ما خلوت الدهر يوما بريبة والنفس داعية إلى الطغيان

فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني

ومن خلال استبانة قمنا بعملها لشريحتين من الطالبات، لفئة تستمع للأغاني، والثانية حفظت سمعها، وجدنا أن التي حفظت سمعها من سماع الغناء وغيره، هي الأسرع في الحفظ من غيرها، وهي المتوقدة الذهن الحاضرة الفكر، وهي الأقوى في التحصيل، بل أنها من المتفوقات، وأكثر حفظاً لكتاب الله من غيرها.

ويعتبر القلق من أخطر الأمراض النفسية التي من الممكن أن تتعرض لها الطالبة، ويلعب دوراً كبيراً في اضطرابات وظائف الجسد لديها، ومن ثم إصابتها بالتوتر والضيق، والتأزم والخوف، والغضب الشديد، والكآبة والارتباك الشديد، حتى يصل بها إلى أن يحد من طاقتها، وقدرتها على التحصيل. ومن هنا يخرج عن كونه طبيعياً إلى كونه مرضياً يجب علاجه.

2- ارتكاب المعاصي:

المعصية ضد الطاعة والتقوى. والمعصية لغة: يقال عصى العبد ربه، إذا خالف أمره. وعصى فلان أميره يعصيه عصياً وعصياناً ومعصية، إذا لم يطعه فهو عاص.

والمعاصي في الشرع: هي ترك المأمورات، وفعل المحظورات، قال تعالى: (( وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ )) الحجرات: 17.

والمعصية شؤم على النفوس وضيق في الصدور، كيف لا وفيها مخالفة لرب السماوات والأرض، وعصيان مجاهر به لما أمر به، وارتكاب لكل محرم منهي عنه .

والنفس حينما ترتكب المعصية فهي تبعد عن الله، وتكون في كنف الشيطان، سامعة لأوامره منقادة له في كل الأحوال، لاهية غاوية ناسية قوله تعالى: ((وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً )) الجن: 23،. وحتى نتجنب القلق وأسبابه نذكر أسباب الوقوع في المعاصي فمنها:

ضعف الصلة بالله: هو الضعف الشديد بالإيمان لعدم مراقبة الله وإتباع أوامره، واجتناب نواهيه، وعدم خشيته. فلو كان العبد يخشاه حق خشيته لما ارتكب ما نهى عنه.

الفتنة: وهي تنشأ عن الجهل وقلة العلم وإتباع الهوى، قال الإمام ابن القيم- رحمه الله- ((والفتنة نوعان: فتنة الشبهات، وهي أعظم الفتنتين، وفتنة الشهوات، وقد يجتمعان لعبد وقد ينفرد بإحداهما)) .

* إتباع الشيطان الذي يدعو لكل ضلالة ومعصية لله سبحانه وتعالى، قال تعالى ((وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )) فصلت: 36،.

فالنفس التي استحوذ عليها الشيطان قلقة، ضائقة في كل أحوالها، مذبذبة كلما ارتكبت معصية، زين لها الشيطان، تبحث عن سعادة زائفة، تعلو وجهها كآبة دائمة، وقلق مستمر وحزن مقيم.

والمعصية تميت القلب، وتزيد الهم وتقلق النفس.

قال عبد الله بن المبارك- رحمه الله-:

رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها

وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها

ومن عقوبات المعصية كما ذكر أهل العلم: حرمان العلم، لأنه نور يضيء في القلوب، والمعصية تذهب هذا النور، قال تعالى: (( فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ )) الحج: 46،.

والمعصية لها وحشة بالنفس، وضيق بالصدر قال تعالى: ((فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ )) الأنعام: 125،. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الهم والحزن بقوله: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وغلبة الدين وقهر الرجال " (رواه البخاري).

فهلا اتبعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستعذنا مما استعاذ منه؟!

3- الإعجاب:

من المعاصي التي وقعت بها بعض الطالبات، وأسهمت بدور كبير في حصول حالات القلق بينهن العشق الشيطاني، الذي ملأ كثيراً من القلوب الفارغة من ذكر الله- عز وجل-، بل نراه قد تعدى أحياناً درجة العشق إلى العبودية لغير الله، عياذاً بالله من ذلك.

ومن الأسباب التي أدت إلى انتشار الإعجاب بصورة ملحوظة بين الفتيات ضعف الإيمان بالله تعالى: وهو عدم تعلق القلب بالله، وإشراك غيره معه في المحبة، فالمحبة الكاملة يجب أن تكون لله- عز وجل-، قال تعالى:(( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ )) البقرة: 165،، فلا بد من صرف المحبة الكاملة لله تعالى، فهي عبادة القلوب وأنسها، وبها سعادتها وحياتها. كما إن افتقاد الدفء الأسري من حنان الأم، وعطف الأب، يجعل الطالبة تبحث عن شيء يملأ هذه العاطفة القوية لديها في هذا العمر.

ولعل الفراغ أيضاً هو المولد الحقيقي لوجود ظاهرة الإعجاب، فنشاهد علامات القلق والشكوى، وقد اعتلت هذه الوجوه، والذبول قد أجتاح هذه الورود. إذ يصبح لا هم سوى التفكير بها، والنظر إلى من تعلقت بها، وملاحقتها في كل مكان، فينشغل القلب عما خلق له، وتفتر النفس عن العبادة، ويقل الخشوع في الصلاة وتضعف الصلة بالله، وكل ذلك نتيجة هذه الأفكار التي قد تداهم النفس، ومتى ما ابتعدت الطالبة عن الله سبحانه وتعالى، أصيبت باضطرابات نفسية شديدة.

وتعظم البلوى حينما تتعلق الطالبة بمعلمتها، والتي هي القدوة لها، ودور المعلمة لا يخفى على أحد من الإصلاح والتربية والتهذيب، فلا ينبغي لها أن تكسر الحواجز التي بينها وبين الطالبة، حتى لا تزيد من تعلقها بها، كما لا ينبغي لها أن تصعد إلى برج عاجي، فلا تهتم بمشاكل الطالبات، وعليها أن تعرف متى تكون معلمة مهمتها داخل الفصل، ومتى تكون مرشدة ومصلحة من أحوال طالباتها.

ومن الظواهر السلبية الشاذة، أن بعض المعلمات وللأسف الشديد تتمادى في جعل الطالبة تتعلق بها، وهي تتغافل، وهذا سلوك لا ينبغي لها حتى لا تشغلها وتصبح قلقة لا هدف لها إلا البحث عنها والنظر إليها، فتكون النتيجة إهمال كثير من الواجبات المترتبة عليها سواء في مجال دراستها، أو في حياتها الأسرية.

((وقد سئل الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله- هذا السؤال: انتشر عندنا عادة قبيحة بين الفتيات، وهي فتنة الطالبات بعضهن ببعض، بحيث تعجب الفتاة بفتاة أخرى لا لدينها، بل لجمالها، فلا تجالس إلا هذه الفتاة، ولا تتكلم إلا معها، وتقوم بتقليدها في جميع شؤونها، بل يصل الأمر إلى، أن تنام عندها أحياناً، وتقبلها في وجهها وصدرها! فهل من نصيحة لمن ابتلين بهذا الداء؟ فأجاب فضيلته:

((هذا الداء يسمى بداء العشق، ولا يكون إلا من قلب فارغ من محبة الله- عز وجل- إما فراغاً كلياً وإما فراغاً كبيراً. والواجب على من ابتليت بهذا الشيء، أن تبتعد عمن

فتنت بها، فلا تجالسها ولا تكلمها، ولا تتودد إليها، حتى يذهب ما في قلبها، فإن لم تستطع فالواجب على ولي المرأة الأخرى أن يفرق بينها وبين تلك المرأة، وأن يمنعها من الاتصال بها، ومتى كان الإنسان مقبلاً على الله- عز وجل- معلقاً قلبه به فإنه لا يدخل في قلبه مثل هذا الشيء الذي يبتلى به كثير من الناس، وربما أهلكه، نسأل الله العافية)) .

4- مرحلة المراهقة:

هذه الفترة تعيشها الطالبة، وهي- غالباً- في المرحلة المتوسطة، أو الثانوية، وتعتبر من أخطر المراحل التي تمر بها الفتاة، وذلك لأنه يبدأ فيها النضج البدني، والعقلي، والانفعالي، والاجتماعي وغيره، وفيها يتم الانتقال من مرحلة عمرية، إلى مرحلة أخرى، فتتحول فيها الفتاة إلى امرأة بالغة اكتمل نموها وفكرها.

((وتقع فترة المراهقة ما بين سن الثانية عشرة، والسادسة عشرة عند البنات، وتختلف مظاهر المراهقة من مجتمع لآخر، فيلعب الفقر والغنى، والثقافة والتعليم، والعوامل الوراثية البيولوجية دوراً هاماً في توجيه المراهقة ا لاتجاه السليم، وتعتبر مرحلة حرجة وخطيرة من منعطفات العمر، وهي من المراحل المصحوبة بالقلق والضيق)) .

بل هي سبب رئيسي من أسباب القلق، كما أن من مسبباته الضغوط النفسية، والاضطرابات الشخصية التي تصاب بها الفتاة في هذه السن . وذلك نتيجة القصور الحاصل في معرفة التغيرات المصاحبة لتلك الفترة، سواء من البيت أو من المدرسة، كما أن من مسببات القلق سوء التوافق بين الطالبات، فنجد طالبة منطوية، لأنها لم تجد من تتوافق معها في الميول والاهتمام، أو أن تجدها ولكن لا يمكنها مصادقتها لأي سبب، فهي دائمة النظر إليها، فتقلق لفقدها، أو عدم مصادقتها، وهي موجودة أمامها.

وفي أحيان كثيرة يحدث ارتياح روحي بين الطالبة ومعلمتها، ولكنها لا تستطيع أن تصل إليها، أو أن تتجاوز الحواجز، فتصبح قلقة، ينتابها شعور بالملل، وفقد الثقة بالنفس، واضطربات الكلام، وسهولة الانفعال، والحساسية الزائدة، والخجل وتحقير الذات، وفي بعض الأحيان الشعور بالإثم والضجر.

ومن المسببات للضغوط النفسية مشكلات السلوك العامة، وهي تكون عادة اضطرابات سلوكية، أو أعراضاً لأمراض نفسية.

هذا ما يتعلق بالطالبة داخل المدرسة، أما خارج المدرسة فهناك بعض السلبيات في التعامل في المنزل، والذي يعتبر المحور الأساسي لمعظم الضغوط النفسية، التي تعاني منها الطالبة ومن ذلك:

1- استخدام العنف والضرب والسب والشتم وغيره، حيث يتسبب في إيجاد عقد نفسية في نفوس النشء، فقد أثبتت الدراسات أن استخدام مثل تلك الأساليب ينعكس انعكاسا سلبيا على شخصية النشء.

2- التفرقة بين الأبناء: إن إيثار الآباء بعض الأبناء على بعض له آثار سلوكية تتسبب في قلق نفسي كبير قد يصل بالبعض إلى الأزمات النفسية، وقد تغلب الغيرة والكراهية على البعض، وقد غلبت قبل ذلك في قصة سيدنا يوسف- عليه السلام- على الجو الروحاني، والنبوي الذي تربوا فيه، عندما ظنوا أن يوسف هو الأحب والأفضل عند أبيه، حتى قرر البعض منهم التخلص منه، قال تعالى: (( إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (8) اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً.)) يوسف :9

وهكذا تحدث الغيرة نتيجة التفرقة بين الأبناء، وخصوصا في فترة الطفولة والمراهقة، فهي أكثر فترات العمر تأثراً بالقلق النفسي، حيث يكون للألم وقعه وللجراح نزفها، مما ينتج عقدة نفسية جذورها عميقة، تسبب اضطرابات في التفكير، تسكن في أغوار النفوس زمناً طويلاً.

والتفرقة بين الأولاد لها أعظم الأثر في نفسية الطالبة. عن النعمان بن بشير- رضي الله عنهما- أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفعلت هذا بولدك كلهم ؟ " قال: لا، قال:" اتقوا الله واعدلوا في أولادكم "، فرجع أبي فرد تلك الصدقة .

هذا هو التوجيه النبوي في كيفية التعامل مع الأبناء، ووجوب العدل بينهم، فالتفرقة هي طريق سهل، وميسر للغيرة والحقد والكراهية بين الأبناء، لذلك حث الرسول صلى الله عليه وسلم على العدل والمساواة، ولنا في قصة النبي يوسف- عليه السلام- وإخوته خير دليل.

5- المشكلات الأسرية:

الفتاة أكثر تأثراً بالأجواء الأسرية، ومن هذه الأجواء تتكون طبيعة وشخصية الطالبة، فإن كانت الأجواء إيمانية، كان إيمان الطالبة قوياً، وإن كانت هادئة مستقرة، انعكس على وضعها داخل المدرسة، ولكن حينما تكون مليئة بالصراعات، والمشكلات الأسرية تكون الكارثة، لأنها تكون قلقة لما يحدث داخل المنزل، وللمشكلات الأسرية عدة أسباب منها:

* وفاة أحد الوالدين: وهذا يسبب أزمة نفسية كبيرة، إذا لم يحسن التعامل معها، وخصوصاً إذا كانت الطالبة تمر بمرحلة عمرية مبكرة.

* انفصال الوالدين بالطلاق: وهذا يحدث عادة صراعاً ينعكس على نفسية الطالبة، لأنها تعيش وضعاً أسرياً متأزماً، وخصوصاً إذا سبق الطلاق صراعات وخلافات تسبب القلق والاضطراب وصعوبة تحديد موقف مع أحد والديها.

* عدم مراقبة الأهل، والحرية المفرطة: فهما سببان في ضياع الأبناء، وخصوصاً إذا تركوا فترة طويلة دون مراقبة.

6- المشكلات المدرسية:

التدريس موهبة وبراعة، وحنكة وأسلوب تعامل مع الآخرين. غير أن هناك بعضاً من أخواتنا المعلمات لا يجدن التعامل مع الطالبات. فنجد منهن من توبخ وتسب مما يكون سبباً رئيسياً لكثير من الاضطرابات النفسية لدى الطالبات، فلبعض المعلمات مشاكل وضغوط خاصة، تنعكس على الطالبات، مما يؤدي إلى قلق نفسي سببه بعض المعلمات، علماً بأن الطالبة ليس لها ذنب في ذلك.

ومن جهة أخرى فالتعاون بين البيت والمدرسة مطلوب، فلا يكتفي البيت، بأن يعلم أن الطالبة تذهب كل يوم للمدرسة، ولا تكتفي المدرسة بعقاب الطالبة عند تقصيرها في واجبها دون معرفة ما تعانيه في المنزل.

ومن المشكلات المدرسية: ضعف التحصيل الدراسي، والتقصير في أداء الواجبات المدرسية، مما يجعل الطالبة تتعرض للعقاب، فتكره الذهاب للمدرسة، ويرفض البيت تغيبها، فتصبح في وضع قلق للغاية.

إن المعلمة الناجحة هي أم وأخت وصديقة، لم تأت من عالم آخر، ولا ينبغي النظر إليها على إنها متوحشة، فتبالغ الطالبة في الخوف والقلق منها. فاسألي أيتها الطالبة معلمتك على ما جهلت، واستفسري عما صعب عليك، واستشيريها فيما أشكل عليك، واشك لها ما أقلقك، وسوف تجدينها نعم الصديقة والأم الحنون، التي تأخذ بيدك نحو شاطئ الأمان، وتحتويك وتسمع شكواك.

7- الحالة الصحية للطالبة:

الحالة النفسية أضعف ما تكون في حالة المرض، فحين تصاب الطالبة بمرض ما تصبح قلقة لأنه ينتابها شيء من الوهم والوساوس، فيصيبها الضعف إذا لم تكن محصنة بالإيمان ولديها قوة إرادية. والطالبة في المرحلة المتوسطة والثانوية أكثر عرضة للمرض، وذلك لما يستحوذ على اهتماماتها من أشياء أخرى غير الاهتمام بصحتها، فتتعرض لكثير من الأمراض وتزداد المشكلة تعقيداً حينما تعاني الطالبة من مرض أو عاهة بسيطة، فتصبح قلقة لإحساسها بالعجز والدونية عن زميلاتها، فينتابها الكثير من الأعراض، كالأرق والنعاس في الفصل، نتيجة للإرهاق الشديد، وعدم أخذ الجسم كفايته من الراحة، وفقدان الشهية والنحول والضعف الشديد، والدوار والشرود وعدم التركيز، ونتيجة لذلك يسيطر القلق على الطالبة، فهي قلقة على صحتها وعلى مستواها.

ومن ناحية التحصيل الدراسي نجد أن الطالبة التي تتمتع بحالة صحية جيدة هي الأقوى، والأكثر تفوقاً، والأوفر حركة ونشاطاً، وحينما تتطور حالة القلق عند الطالبة دون أن يكون هناك أي نوع من التدخل لتخفيف وطأته قد يؤدي إلى إصابة الطالبة بالعديد من الأمراض العضوية، كمرض القلب وضغط الدم، وقرحة المعدة والأمعاء، والتهاب القولون، وهذا قليل من كثير .

8- العمر والثقافة:

الفتاة إنسانة شفافة في طباعها، رقيقة في تعاملها، لينة في حديثها، سهلة في إقناعها، عظيمة في عاطفتها وطبيعتها، فإذا رأت عكس ذلك تبادر إليها القلق مما حولها.

فطالبة المرحلة المتوسطة تقرب إلى مرحلة الطفولة منها إلى مرحلة المراهقة، وطالبة المرحلة الثانوية تقترب من مرحلة المراهقة منها إلى مرحلة النضج، وكلاهما في هذه السن تتقاذفهما تيارات متعددة، بل وجارفة من اتجاهات متضادة، وتتعرضان للعديد من الضغوط النفسية الكبيرة، وبحكم حداثة السن وقلة التجربة، وطغيان العاطفة، تتعرض الطالبة لمواقف قلق واضطراب، فهي تريد كل ما تتمنى، وتصطدم بواقع يرفض ذلك، والفتاة عديمة الثقافة تكون سهلة الانقياد وراء المغريات، تجهل عاقبة الأمور، وخطورة الموقف، ومن ثم تتقاذفها الوساوس والقلق والاكتئاب.

أما الفتاة المثقفة، والتي ثقافتها تنبع من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي محافظة، ومعتزة بقيمها وتقاليدها، ولا يجد الاضطراب طريقاً إليها؟ لأنها واثقة من نفسها، وتعرف أن ثقتها بربها هي طريق النجاح، فتردد قوله تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ )) فصلت: 30،.



الوقاية والعلاج من القلق

مهما كانت ضغوط العصر، وسرعة الحياة، وتفكك الأسرة، وأنظمة المدرسة، فإن ذلك ليس بالقلق، وإنما القلق الحقيقي هو البعد عن الله وارتكاب المعاصي، فكل سبب سرعان ما يزول إلا الوحشة الباقية في النفس من أثر المعصية، وإذا كان الطب الحديث قد عالج حالات القلق عن طريق الأدوية، فأنه لا بد أن يكون لهذه الأدوية أضراراً جانبية. فالقرآن الكريم هو العلاج الروحي الذي ليس له أدنى شيء من الأضرار، بل له فوائد نفسية، وروحية عظيمة، فهو وسيلة العلاج الأولى بالإضافة إلى ذكر الله الذي يجلي ما بالنفوس، ثم أن الصلاة هي راحة القلوب، كما أن رفع أكف الضراعة لله بالدعاء مع اتخاذ رفقة صالحة تعين على الخير. وفيما يلي بعض وسائل العلاج التي تعين بإذن الله على التخلص من القلق:

1- التوبة الصادقة بشروطها:

إلى من أقلقتها الذنوب، وحاصرتها المعاصي، وأثقلتها الآثام، وأكثرت من ارتكاب المنكرات، فأظلمت الدنيا في وجهها وضاقت عليها الأرض بما رحبت، ثم نظرت إلى من حولها فوجدت نفسها وحيدة لا يرافقها إلا الحزن والقلق. إليك أخيتي أقول:

إن باب التوبة مفتوح، فتوبي إلى الله توبة صادقة تغسل خطاياك، وتطهر قلبك، وتزيل أدرانك، وتصفي نفسك، واسأليه القبول، والله سبحانه وتعالى يقول: (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) الزمر: 53،، وهو سبحانه وتعالى وسعت رحمته كل شيء.

"إن للتوبة باباً عرض ما بين مصراعيه ما بين المشرق والمغرب،، وفي رواية:" عرضه مسيرة سبعين عاماً لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها" .

ونادى الله- سبحانه وتعالى- عباده: (يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم، (رواه مسلم).

واندمي أشد الندم على كل ما ارتكبته، واعزمي على عدم العودة إلى الذنب، وارجعي إلى الله بصدق وادعيه بخشوع أن يقبل توبتك واستشعري قبح ما تفعلين من المعاصي، قال تعالى: (( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ )) آل عمران: 135،. وإياك والتسويف والأماني، فنحن لا ندري متى آجالنا تنتهي. ولا تقنطي من رحمة الله تعالى مهما كانت الذنوب، اقرئي هذا الحديث القدسي: "يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني كفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أنك أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً، لأتيتك بقرابها مغفرة، .

ولكي تكون التوبة صادقة مقبولة إن شاء الله، لا بد من مراعاة شروطها، وهي:

أولاً: أن تكون التوبة خالصة لوجه الله تعالى.

ثانياً: الابتعاد عن المعصية.

ثالثاً: الندم على ما فات، والعزم على عدم العودة إليه.

رابعاً: عدم الإصرار على المعصية. قال تعالى: (( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) )) آل عمران: 135- 136،.

خامساً: أن تكون التوبة في زمن قبولها، أي قبل حضور الأجل، أو طلوع الشمس من مغربها.

أخية! أعلني من الآن التوبة الصادقة، واطردي القلق والأحزان، وستجدين نفسك وقد عادت إليها طمأنينتها، وعاد إليها رشدها، وسكنها الإيمان، وعلت محياك تباشير السعادة والفرح.

2- القرآن الكريم:

قراءته تزيل الهموم، وتطرد الوحشة، وتبعد القلق، وتشرح الصدور، وينير العقول، وتنزل البركة، عند تلاوته تخشع القلوب، ويقوي الإيمان، وتنزل السكينة في نفسك والأمان.. كيف لا يكون والله سبحانه و تعالى جعله شفاء لنفوسنا، قال تعالى: ((وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ )) الإسراء: 82،.

ويصفه جل وعلا بقوله: (( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء ))فصلت: 44،.

فما أحوجنا لهذا الشفاء.

كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتمعون لتلاوة القرآن الكريم، فلا يتجاوزون آية من آياته إلى الأخرى، حتى يستشعروا معانيها، ويعيشوا روحانيتها، ويعملوا بها. ذكر سيد قطب في ظلال القرآن:

" لقد جاء هذا القرآن ليبني أمة، ويقيم لها نظاماً، فتحمله هذه الأمة إلى مشارق الأرض ومغاربها. وتعلم به البشرية. هذا النظام وفق الحاجات الواقعية لتلك الأمة وفق الملابسات التي صاحبت فترة التربية الأولى. والتربية تتم في الزمن الطويل بالتجربة العملية، في الزمن الطويل. جاء ليكون منهجاً عمليا، يحقق جزاءا من مرحلة الإعداد لا فقها نظرياً ولا فكرة تجريدية لتعرض للقراءة والاستمتاع الذهني)). ولا يوجد منهج من مناهج الحياة إلا وتطرق إليه القرآن الكريم، أو مشكلة إلا وعرض حلها، وإذا أشكل عليك استخراجه من القرآن فالجئي إلى كتب التفسير، حتى تربطك بأسباب النزول، وتوضح لك الكثير من أسراره، وعظمة إعجازه، والتي شهد بها حتى أعداؤه إذ قال هيرشفنلر: ((وليس للقرآن مثل في قوة إقناعه، وبلاغته وتركيبه، وإليه يرجع الفضل في ازدهار العلوم بكافة نواحيها، في العالم الإسلامي)).

وقال المؤرخ ا لإنجليزي الشهير ويلزان:

((إن الديانة الحقة التي وجدتها تسير مع المدنية أنى سارت، هي الديانة الإسلامية، وإذا أراد إنسان أن يعرف شيئاً من هذا فليقرأ القرآن، وما فيه من نظرات علمية، وقوانين وأنظمة تربط المجتمع. فهو كتاب علمي، ديني، اجتماعي تهذيبي، خلقي تاريخي، وأكثر قوانينه وأنظمته تستعمل حتى وقتنا الحالي، وستبقى مستعملة حتى قيام الساعة)) .

وعليك أخية بحفظ حقوق القرآن الكريم، ومنها الإيمان، والتعريف به، وبكل ما جاء فيه، فهو كلام الله المنزل على رسوله الكريم.

قال تعالى )): يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً ))النساء: 136

وعليك عدم هجره، والخشوع عند تلاوته، وحفظ ما تيسر منه، ليبعد عنك القلق والضيق، ووساوس الشيطان. وللقرآن فضل عظيم في الدنيا والآخرة. قال صلى الله عليه وسلم: (اقرءوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه) (رواه مسلم).

ولا بد من التأدب مع القرآن، فلا يمسه إلا الطاهر، ولا يقرؤه من عليه حدث أكبر حتى يغتسل، وقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله- عن حكم مس الطالبة للمصحف وهي حائض، فقال: " لا حرج على المرأة الحائض، والنفساء، في قراءة القرآن إذا كان لحاجة، كالمرأة المعلمة أو الدارسة أو التي تقرأ أورادها في ليل أو نهار، وأما قراءة القرآن لطلب الأجر وثواب التلاوة، فالأفضل ألا تفعل، لأن كثيراً من أهل العلم أو أكثرهم يرون الحائض لا يحل لها قراءة القرآن)) . واحذري من أهانته، أو وضعه في مكان غير لائق، أو الكتابة عليه، فحقه عظيم وفضله كبير. فإذا ضاقت نفسك وزاد همك، فالجئي لرب السماوات والأرض، واقرئي ما تيسر من كلامه فلا يلبث الهم أن يذهب والنفس أن تنشرح.

3- الصلاة:

الصلاة تعد أهم العبادات على الإطلاق بعد التوحيد، ويتجلى دورها المهم في النفس، كونها العبادة الأكثر ممارسة، فالمسلم يصلي خمس صلوات في اليوم والليلة، عدا النوافل، ويستطيع المرء أن يلمح بوضوح أثر الصلاة على وجه المحافظ عليها. قال تعالى ((سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ )) الفتح: 29،.

فتراه ساكن النفس، مطمئن القلب، منشرح الصدر، هذا حال المحافظ على صلاته. يقول الطبيب طوماس هايسلوب: ((إن أهم مقومات النوم التي عرفتها من خلال سنتين قضيتهما في الخبرة، والتجارب، هي (الصلاة)، وأنا ألقى هذا القول بصفتي طبيباً، إن الصلاة أهم أداة عرفت حتى الآن، لبعث الطمأنينة في النفوس، وبث الهدوء في الأعصاب)) . ويقول الدكتور بعنبود: ((عندما تصير الصلاة والدعاء والذكر مسألة عادية وعندما يكون ذلك بخشوع، فإن المفعول يصبح واضحاً، غاية الوضوح، وتأثيره هذا يشبه نوعاً من تأثير غدة صماء، مثل الغدة الدرقية أو الكظرية، فيفضي إلى تحول ذهني وعضوي، وهذا التحول يتم بكيفية تدريجية، وكأن نوراً يوقد داخل النفس الشاعرة الواعية.. وتدريجياً يدخل الهدوء في خلده، وينسجم لديه النشاط العصبي والخلقي، وتنمو قدرته على تحمل الفاقة، والتهم والكروب، وتزيد طاقته على الصبر لموت الأقارب، دون ضعف ويرتفع الجلد للألم والمرض والموت.. إن الهدوء الناتج عن ذلك ليساعده مساعدة قوية على العلاج)) .
10
5K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

أماني المدينة
تابع قلق الطالبات

لقد كانت الصلاة قرة عين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: (حبب إلي ثلاث، الطيب والنساء وجعلت قرة عيني الصلاة،.

فهي لم تحبب إليه فقط كما في الطيب والنساء، بل هي تتعدى هذا الحب بمراحل، إلى أن تصل وتكون قرة لعينه، صلوات ربي وسلامه عليه، بل ورد أنه كان إذا تداعت عليه مشاكل الدعوة وهموم الإسلام والمسلمين، وحزبته الأمور كان يفزع إلى الصلاة قائلاً: " قم يا بلال فأرحنا بالصلاة، .

فأثر الصلاة ملحوظ في راحة البال، وذهاب الهم والغم والقلق، ويزداد هذا الأثر كلما ازداد خشوع المصلي واستحضار وقوفه بين يدي خالقه ومولاه جل وعلا، وأنه قريب منه يجيب سؤاله ففي الحديث: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء،" ففقمن أن يستجاب لكم، .

ويقل هذا الأثر وربما ينعدم بالكلية حينما تكون الصلاة حركات تؤدى، لا روح فيها ولا خشوع ولا طمأنينة. والصلاة عماد الدين، ونور اليقين، وهي نور للوجه وسعة للرزق، ونجاح في الدنيا والآخرة، ومن صلحت صلاته صلح سائر عمله، ومن فسدت صلاته فسد سائر عمله، قال تعالى: (( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ )) المؤمنون: 1- 2،.

ونحن محاسبون وموقوفون ليوم عظيم، وستشهد علينا أعضاؤنا، وتشتكي قلوبنا مما شغلناها به، فلا وسيلة للنجاة إلا بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها بأركانها، وواجباتها، ولا بد لمؤديها من الخشوع والطمأنينة، فالطمأنينة تذهب الهواجس والمخاوف وتربطه بربه، ومن تركها فهو ينتقل من قلق إلى قلق ومن حزن إلى حزن.

4- ذكر الله:

هو جلاء الهم والأحزان، وشارح الصدور والقلوب، مبعد عن الأحقاد والأدران، فيه حلاوة الإيمان، ويجعلك على صلة دائمة بالرحمن.

ذكر الله سهل وخفيف، وحبيب على النفس، وله فضل عظيم وثواب جزيل قال تعالى: (( والذكرين الله كثيراً والذاكرات))الأحزاب: 35،.

إن ذكر الله في كل وقت وفي كل لحظة واستغفاره وتسبيحه وتهليله حصن من الوقوع في المعاصي.

وذكر الله: طارد للقلق، لأنه لا يجتمع إيمان صادق ولسان بذكر الله ناطق مع القلق والانشغال بالأمور الدنيوية المفسدة على المرء دينه.

فتذكري أخية! أن الله يراك في كل وقت، ومطلع عليك ولا تخفي عليه منك خافية، في المنزل، في المدرسة، في الفصل أثناء الحصص وبينها، وأنت واقفة وأنت جالسة، وأنت تروحين وتجيئين ليذهب قلقك وينشرح صدرك،

ويضيء وجهك، الجئي إلى ذكر الله يحفظك، ويفرج همك، وتذكريه في الرخاء يوسع لك ضيقك.

واعملي بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال له أحد الأعراب: إن شرائع الإسلام كثرت علي فأوصني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال لسانك رطباً بذكر الله،.

واعلمي أنه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يجتمعون قوم يذكرون الله تعالى إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله تعالى " .

ولذكر الله فوائد كثيرة، ومنافع عظيمة، ذكر منها الإمام العلامة ابن القيم- رحمه الله- في كتابه: ((الوابل الصيب)) ما يلي:

1- أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره.

2- أنه يرضي الرحمن عز وجل.

3- أنه يزيل الهم والغم عن القلب.

4- أنه يجلب للقلب الفرح والسرور والبسط.

5- أنه يقوي القلب والبدن.

6- أنه ينور الوجه والقلب.

7- أنه يجلب الرزق.

8- أنه يكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة.

9- أنه يورث المحبة التي هي روح الإسلام.

10- أنه يورث المراقبة حتى يدخله باب الإحسان فيعبد الله كأنه يراه.

11- أنه يورث الإنابة وهي الرجوع إلى الله- عز وجل-، فمتى أكثر الرجوع إليه بذكره أورثه ذلك رجوعه بقلبه إليه في كل أحواله.

12- أنه يورثه القرب منه، فعلي قدر ذكر الله عز وجل قربه منه.

13- أنه يفتح له باباً عظيماً من أبواب المعرفة، وكلما أكثر من الذكر ازداد من المعرفة.

14- أنه يورثه الهيبة لربه- عز وجل- وإجلاله.

15- أنه يورثه ذكر الله- تعالى- له، كما قال تعالى: (( فاذكروني أذكركم )) البقرة: 152،.

16- أنه يورثه حياة القلب.

17- أنه قوت القلب والروح، فإذا فقده العبد صار بمنزلة الجسم إذا حيل بينه وبين قوته.

18- أنه يورث جلاء القلب من صدأ الغفلة والهوى.

19- أنه يحط الخطايا ويذهبها.

20- أنه يزيل الوحشة بين العبد وبين ربه، فإن الغافل بينه وبين الله- عز وجل- وحشة لا تزول إلا بالذكر.

21- أن العبد إذا تعرف إلى الله بذكره في الرخاء، عرفه في الشدة.

22- أنه منجاة من عذاب الله تعالى.

23- أنه سبب نزول السكينة، وغشيان الرحمة، وحفوف الملائكة بالذاكر كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم.

24- أنه سبب انشغال اللسان عن الغيبة، والكذب، والفحش والباطل.

25- أن مجالس الذكر مجالس الملائكة، ومجالس اللغو والغفلة مجالس الشيطان.

26- أنه يسعد الذاكر بذكره، ويسعد به جليسه، وهذا هو المبارك أينما كان.

27- أنه يؤمن العبد من الحسرة يوم القيامة.

28- أنه مع البكاء في الخلوة سبب لإظلال الله تعالى يوم الحر الأكبر، في ظل عرشه والناس في حر الشمس قد صهرتهم المواقف، وهذا الذاكر مستظل بظل عرش الرحمن عز وجل.

29- أن الانشغال به سبب لعطاء الله للذاكر أفضل ما يعطى السائلين.

30- أنه أيسر العبادات، وهو من أجلها وأفضلها.

31- أنه غراس الجنة.

32- أن العطاء والفضل الذي رتب عليه لم يرتب على غيره من الأعمال.

33- أن في القلب خلة وفاقة لا يسرهما شيء البتة إلا ذكر الله عز وجل.

34- أن الذكر ينبه القلب من نومه ويوقظه من سباته.

35- أن الذكر يعدل عتق الرقاب ونفقة الأموال.

36- أن الذكر رأس الشكر.

37- أن أكرم الخلق على الله من المتقين من لا يزال لسانه رطباً بذكر الله.

38- أن في القلب قسوة لا ينبهها إلا ذكر الله فينبغي للعبد أن يداوي قسوة قلبه بذكر الله- تعالى-.

39- أن الذكر شفاء القلب ودواؤه، والغفلة مرضه.

40- أن من شاء أن يسكن رياض الجنة في الدنيا فليستوطن في مجالس الذكر، فإنها رياض الجنة.

41- أن مجالس الذكر مجالس الملائكة.

42- أن ذكر الله- عز وجل- يسهل الصعب وييسر العسير، ويخفف المشاق، فما ذكر الله- عز وجل- على صعب إلا هان، ولا على عسير إلا تيسر، ولا على مشقة إلا خفت، ولا كربة إلا انفرجت.

43- أن ذكر الله يذهب عن القلب مخاوفه كلها، وله تأثير عجيب في حصول الأمن .

5- الدعاء:

من النعم العظيمة أن للمسلم ربا يدعوه، ويرجوه في الملمات كلما عصفت به الحياة، وأغلقت في وجهه الدروب، وأصبح الحزن له رفيقاً والأسى له صديقاً، وتخلى عنه أهل الأرض وجد أن له ربا يجبر الكسير، ويغني الفقير، ويسمع النداء، ويجيب الدعاء فإذا دعوته أجابك وإذا استغثت به أغاثك فهل بعد هذه النعمة من نعمة، وبعد هذا الفضل من فضل؟! أخية: إذا ضاقت الدنيا عليك بما رحبت فلا تقنطي من رحمة الله مهما عظم الذنب، وكبرت المعصية.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مبيناً أهميته: "الدعاء هو العبادة،. أختاه: إذا أرقك القلق ولفك الحزن والأسى، لا تنسي الدعاء لله بكل أسمائه وصفاته، وستجدينه أمامك ومن الأدعية المأثورة عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وغلبة الدين وقهر الرجال،.

واعلمي أن الدعاء من العبادات التي يستشعر فيها الإنسان بضعفه وحاجته لخالقه، وفيه تسكن النفس ويعتريها الخشوع لله، وهو ذكر باللسان، وخضوع بالقلب وإخلاص في القول. وعليك تحري أوقات الاستجابة، ومنها: الثلث الأخير من الليل، وعند ا لأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبة، وآخر ساعة بعد عصر يوم الجمعة، وأحضري قلبك واخشعي بصدق، تضرع لله وقفي بين يديه ذليلة واسأليه من فضله وكرمه وألحي في الدعاء بشدة فهو كريم لا يرد من طرق بابه، وأرسلي سهاماً صادقة في جوف الليل أن يفرج همك، ويبعد قلقك.

وهناك أسباب تعين على قبول الدعاء:

1- أن يكون المطعم حلالاً.

2- أن يكون المشرب حلالاً.

3- أن يكون الملبس حلالاً.

4- ألا يدعو بإثم أو قطيعة رحم.

5- أن يلح على الله في الدعاء.

6- أن يحسن الظن بالله تعالى.

7- أن يكون الداعي باراً بوالديه.

8- أن يكون دعاؤه خفياً وسراً.

9- أن يمجد الله تعالى، ويثني عليه قبل الدعاء.

10- أن يكون متذللاً خاشعاً أثناء الدعاء.

11- أن يدعو ربه بقلب صادق.

12- أن يحذر من اليأس والقنوط.

ومن ثمرات الدعاء:

1- إما أن تجاب دعوته.

2- أو تدخر له في الآخرة.

3- أو يصرف عنه من السوء مثل دعائه .

الدعاء يشرح صدرك، وييسر أمرك، ويبعد القلق والحزن والهم عنك، فتوكلي على الحي القيوم وثقي أنه ما لجأ إليه أحد وخذله.

6- الرفقة الصالحة:

من وسائل العلاج الناجحة لطرد القلق والضيق، الرفقة الصالحة، تذكرك إذا غفلت أو نسيت، تساندك إذا ضاقت بك الدنيا، وتسدي لك النصيحة، وتبعدك عن مزالق الرذيلة.

إذا رأت منك عيباً سترته، وإذا أغلقت الأبواب في وجهك لم تغلق باب قلبها لك. تطرد عنك الهموم وتقربك للرحمن، وتبعدك عن كل طريق يوصلك للشيطان قال الرسول صلى الله عليه وسلم:

(إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة،.

أما رفقة السوء التي تعين على كل باطل، وتحرض على كل رديء، ولا يشغل بالهم سوى الهاتف والمجلة. ابتعدوا عن الله فأنساهم أنفسهم، فهي تزيد القلق مما تضطرب معه الأفكار، وتتشتت الأذهان.

الرفقة الصالحة تعلي الهمة وترفع القدر، وتجعلك على ؟ اتصال بربك. قال الشاعر:

أنت في الناس تقـاس بالذي اخترت خليلا

فاصحب الأخيار تعل وتنل ذكراً جميــلا

تحري أخية وتثبتي حتى تبني أخوة صالحة، صادقة، خالصة لوجه الله، واعلمي أنه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف ".

فاحرصي على الأخوة في الله، فكلها خير، وعليك بمكان الخير الذي تجتمع فيه الأخوات الصالحات، صاحبات القلوب النقية، البعيدة عن كل درن جمعتهن محبة الله، حديثهن قال

الله وقال رسوله، ومنهجهن اتباع السلف، ومجلسهن في حلق الذكر.

ابتعدي عمن أعانتك على المعصية واهجريها، واعلمي أنه إذا كانت رفقتك غير صالحة، فلن ينظر لك أبداً باحترام وستقاسين بمن تماشين.

قال تعالى: (( الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ )) الزخرف: 67،.

فأصدقاء المعصية والضلال يلعن بعضهم بعضا يوم القيامة، لذلك عليك سرعة مفارقتهم، لأنه قد ثبت في تفسر الآية: إن أصدقاء المعاصي يتبرأ بعضهم من بعض يوم القيامة. أما الذين تصادقوا على تقوى الله فإن صداقتهم دائمة في الدنيا والآخرة. ابتعدي عن رفقة السوء التي تبعدك عن الطاعة والعمل الجاد البناء وتقربك من المعاصي وتجعل الهم رفيقاً والقلق صديقاً.

7- تفاعل دور المدرسة والبيت:

لا بد في كل الأحوال من تفاعل دور المدرسة والمنـزل، فالمدرسة ما هي إلا امتداد للمنزل، ولا يمكن أن نفرق أحدهما عن الآخر، فإذا كانت الطالبة تعاني من شيء في المنزل، فلا بد أن ينعكس على وضعها الدراسي، والعكس يحدث أيضاً في حالة مرورها بأي مشكلة دراسية، فهو ينقلب على وضعها النفسي داخل البيت.

وهنا يبرز دور الأم في مراعاة نفسية ابنتها، وأن تدرك حينما تراها قلقة أنها تعاني من شيء ما. كما المدرسة عليها أن تقوم بدورها التربوي المعهود بها، وتعمل على استئصال ما يجول بنفسية طالباتها من عوامل سلبية مقلقة، والعمل على إيجاد حلول مناسبة لما قد تعانيه الطالبة من آلام واضطرابات " نفسية نتيجة مشكلة معينة.

ويقع عليك أيتها الطالبة الدور الأكبر، فحاولي أن تجعلي للبيت وضعه، وللمدرسة وضعها، وإذا عجزت عن ذلك فاسعي لحل هذه المشاكل بمساعدة معلماتك، ولابد أن تشركي وتفعلي دور المنزل مع المدرسة، فهذا خير من أن يرتسم القلق عليك دون أن يوصلك لحل، أو تصلي لأي فائدة تذكر.

8- الإرشاد و التوجيه بمسببات القلق:

وحتى نجتاز عائق القلق أو الداعي الأول له، فلابد من توعية الطالبات توعيه دينية كافية، بما سيواجهنه من مسببات الضيق والقلق، بداية بالقلق الطبيعي. ويقع على المعلمة مسؤولية كبيرة في توعية الطالبة، وأيضاً بث الثقة بالنفس فيها. ومعلمة المرحلة المتوسطة ينبغي أن تكون البلسم الشافي لكل الحالات التي تواجهها الطالبة، لأنها قريبة منها، وتستطيع أن تستأصل ما يجول بخاطر طالبتها، وتساعدها في أن تستعيد ثقتها بنفسها، وتبدأ مشوارها الطويل بخطوات واعدة نحو المستقبل.

فأخيتي: ما خفي أمر إلا وصعب حله، وما ظهر واتضح إلا سهل وتيسر إيجاد حل له. فلا تخفي ما يؤلم نفسك، ولا تخملي همك لوحدك. أشركي واستشيري غيرك من الصديقات المخلصات، والأخوات الصالحات اللاتي ترجين من ورائهن نفعاً ولا يلحقك منهن ضراً.

ولا بد أن يكون لديك حصانة من عوارض الحياة، فالعاقل يعلم أن القلق في الحدود الطبيعية أمر لابد منه، بل ضرورة لتجنب الأخطار والوقوع في المزالق.

فعلى المنزل أولاً، والمدرسة ثانياً تقع مسؤولية التوعية، والإرشاد، بمسببات القلق وتوضيحها، ومساعدة الطالبة على اجتيازها.



نصائح مهمة

لطرد القلق وجلب السعادة

في وهذه بعض النصائح لطرد القلق والحزن، وجلب السعادة لمن طبقها وحافظ عليها:

* - احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف.

وفي رواية: احفظ الله تجده تجاهك، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك...

واعلم "أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا، .

* الاطمئنان وذكر الله: (( الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )) الرعد: 28،.

* تفويض الأمر إلى الله: إذا أصبحت فلا تنتظري المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظري الصباح.

* التوكل على الله: أحسني التوكل، وفوضي الأمر إليه وارضي بحكمه، وألجئي إليه، واعتمدي عليه فهو حسبك وكافيك، ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره، جعل الله لكل شيء قدرا.

* لا تؤخري عمل اليوم إلى الغد: فأنهي واجباتك أولاً بأول.

* احذري الذنوب: فهي مصدر الهموم والأحزان، وهي سبب النكبات وباب المصائب.

* اعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.

* استشعري قول الله تعالى: (( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرى )) الشرح: 5، 6، ، ولن يغلب عسر يسيرين.

* كوني شجاعة قوية القلب ثابتة النفس، ذات همة عالية، وعزيمة مضيئة.

رددي قول الله تعالى: ((وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ )) المؤمنون: 97- 98.

* احرصي على بر الوالدين، فهو من أعظم أبواب السعادة، فاغتنميه تفلحي.

* اعلمي أن التردد والتذبذب من أعظم أسباب القلق، فبعد الاستخارة والاستشارة اجزمي وأعزمي وتقدمي.

* العشق والغرام عذاب للروح، ومرض للقلب فاحذريها.

* احفظي دعاء الكرب: " لا اله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات، ورب الأرض، ورب العرش الكريم ".

* اعلمي أن السعادة ليست في الحسب، وليست في النسب، ولا في الأموال والذهب، وإنما في الدين والعلم والأدب.

* كوني قارئة للقرآن فقارئة القرآن لا تشكو قلقاً، ولا مللاً ولا فراغاً ولا ضجراً.

* من جوالب القلق ضياع الوقت وتأخير التوبة، واستعداء الناس، وعقوق الوالدين، وإفشاء الأسرار.

* أرسلي رسائل السحر مدادها الدمع، وقراطيسها الخدود، وبريدها القبول، وجهتها العرش وانتظري الجواب.

* الاستغفار طارد الهم، والقلق ويفتح الأقفال ويشرح البال.

* اعلمي أن مع الدمعة بسمة، ومع الترحة فرحة، ومع المحنة منحة تلك سنة الحياة وخلتها مع بني آدم.

* أخية تذكري أن ((البر لا يبلى والذنب لا ينسى والديان لا يموت ((افعلي)) ما شئت فكما تدين تدان)).

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أماني المدينة
2- دليلك الى التفوق والنجاح

مخالفات النساء في الأسواق

كتبه: أبو الحسن بن محمد الفقيه

مقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى أله وصحبه ومن والاه.. وبعد:

فإن الإسلام قد كفل للمرأة حقوقها وصان مالها وعرضها، وجعلها في الأحكام شقيقة الرجال وفق تكوينها وحكمة الله في خلقها.

فصان حقها في البيع والشراء، والقضاء والاقتضاء والوكالة والإجارة والاتجار فيما تملكه من أموال، وجعل لها في ذلك أهلية الوجوب والأداء ومن هنا جاز للمرأة المسلمة الذهاب إلى الأسواق لقصد شراء حاجياتها والحصول على ضروريا تها.

ولكن خروج النساء إلى الأسواق لهذا الغرض الشريف مقيد بالقيود والضوابط الشرعية العامة بحيث لا يجوز أن ينطوي على المخالفات الشرعية ولما في ذلك من انتهاك لحرمات الله سبحانه وإيذاء خلقه وعباده.

لاسيما وأن الأسواق مظنة المخالفات لما يغلب على حالها من التنافس في الدنيا وقلة ذكر الله سبحانه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها" .

وهذا الكتاب ينبهك- أختي المسلمة- على بعض الأخطاء التي يخشى من الوقوع فيها في الأسواق.. نسأل الله جل وعلا أن. يحفظك ونساء المؤمنين من كل سوء وبلية.

والله من وراء القصد.

كتبه: أبو الحسن بن محمد الفقيه





مخالفات في الخروج إلى السوق

أ- الخروج إلى السوق لغير حاجة: خروج المرأة من بيتها مشروط بضرورة تقتضي ذلك، لقوله تعالى: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } . فالقرار في البيت هو الأصل الذي دل عليه الشرع، ولا يعدل عنه إلا لضرورة أو حاجة حادثة قال الإمام أبو بكر الجصاص رحمه الله تعالى: وقوله تعالى: (ؤفزن في ئيوتتهن !و روى هشام عن محمد بن سيرين قال: قيل لسودة بنت زمعة: ألا تخرجين كما تخرج أخواتك؟ قالت: والله لقد حججت واعتمرت ثم أمرني الله أن أقر في بيتي، فوالله لا أخرج، فما خرجت حتى أخرجوا جنازتها، وقيل إن معنى {وقرن في بيوتكن } أي كن أهل وقار وهدوء وسكينة، وفيه الدلالة على أن النساء مأمورات بلزوم البيوت منهيات عن الخروج.

وهذا الحكم الذي دلت عليه نصوص القرآن والسنة يشمل الخروج إلى الأسواق وغيرها، ولقد كان نساء السلف ممتثلات لهذا الحكم الرباني، فكان مجتمعهن يهنأ بالطهارة سكينةً وهدوءاًوينعم بالنقاء طمأنينه وصفاء.

قال القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله: وقوله تعالى: {وقرن في بيوتكن } يعني: اسكن فيها، ولا تتحركن، ولا تخرجن منها، حتى إنه روي ولم يصح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما انصرف من حجة الوداع قال لأزواجه: "هذه ثم ظهور الحصر" إشارة إلى ما يلزم المرأة من لزوم بيتها والانكفاف عن الخروج منه إلا لضرورة..!!

(وقد دخلت نيفاً وألف قرية من برية، فما رأيت نساءً أصون عيالاً، ولا أعف نساء من نساء نابلس التي رمي فيها الخليل عليه السلام بالنار، فإني أقمت فيها شهراً، فما رأيت امرأة في طريق نهاراً إلا يوم الجمعة، فإنهن يخرجن إليها حتى يمتلىء المسجد منهن، فإذا قضيت الصلاة، وانقلبن إلى منازلهن لم تقع عيني على واحدة منهن إلى الجمعة الأخرى،

وسائر القرى نساؤها متبرجات بزينة وعطلة، متفرقات في كل فتنة وعضلة، وقد رأيت بالمسجد الأقصى عفائف ما خرجن من معتكفهن حتى استشهدن فيه) .

وفي وقتنا هذا، تجد النساء متسابقات إلى الأسواق والمحلات، فرادى وجماعات إلا من رحم الله.

أختي المسلمة... اعلمي حفظك الله أن الخروج إلى السوق لا ينبغي إلا إذا كان لك في السوق حاجة ملحة وأما مجرد الخروج للتنزه والإطلاع على الجديد في المحلات، أو شراء الكماليات مما لا حاجة لك فيه فهو خلاف ما دلَّ عليه قول الله جل وعلا {وقرن في بيوتكن }

فطوبى لأخت أولعت عقر دارها، فلم تبارح بيتها إلا للضرورة، فسلمت من فتن الفساق في الأسواق، وكفت الناس فتنتها.

الخيركله في السكـون وفي ملازمة البيوت

فإذا استوى لك ذا وذا فاقنع له بأقل قوت



2- الخروج إلى السوق بغير استئذان:

فللوالدين أو الزوج حق الاستئذالن والطاعة. أما الوالدان فلأن الله جل وعلا قد أمر ببرهما وطاعتهما والإحسان إليهما، ومعاشرتهما بالمعروف وعدم استئذانهما في الخروج ونحوه، يخالف برهما والإحسان إليهما، بل فيه معنى العقوق وإلحاق الأذى بهما، "فعن معاوية بن جاهمة السلمي: أن جاهمة رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله أردت الغزو وجئت استشيرك، فقال: "هل لك من أم؟ " قال: نعم. قال: "إلزمها فإن الجنة عند رجليها"

وروى أن الفقيه نصر بن أبي حافظ المقدسي لما رحل من بيت المقدس في طلب العلم، قال له الكازورني: ألك والدة؟ قال: نعم. قال: فهل استأذنتها؟ قال: لا. قال: فوالله لا أقرأتك كلمة حتى ترجع إليها، فتخرج من سخطها، قال: فرجعت إليها فأقصت معها إلى أن ماتت، ثم رحلت في طلب العلم .

والأخت المسلمة إن لم تكن متزوجة وجب عليها استئذان والديها، فإن رضيا لها الخروج إلى السوق لقضاء حاجتها على الوجه الذي يرضي الله، فلها ذلك، وإن منعاها فعليها القرار في بيتها، على أن قرارها أحب إلى الله من خروجها إذا وجد من ينوب عنها في قضاء الحوائج. أما إذا كانت متزوجة فإن حق الاستئذان ينتقل بمقتضى عقد الزوجية إلى الزوج، فيجب عليها حينئذ أن تستأذن زوجها في الخروج إلى السوق، فإن أذن لها فلها ذلك. وكثير من الأخوات يقعن في مخالفة الاستئذان.

يقول ابن تيميه رحمه الله: (ولا يحل للزوجة أن تخرج من بيتها إلا بإذنه، ولا يحل لأحد أن يأخذها إليه، ويحبسها عن زوجها، سواءً كان ذلك لكونها مرضعاً، أو لكونها قابلة، أو غير ذلك من الصناعات، وإذا خرجت من بيت زوجها بغير إذنه كانت ناشزة عاصية لله ورسوله، ومستحقة للعقوبة) .

فلتتق الله كل مسلمة في نفسها، ولتستأذن في الخروج أهلها أو بعلها، فإنهم أدرى بمصالحها لاسيما عند خروجها إلى السوق، فإنه مكان لا يأمن فيه افي نسان على نفسه من الفتن، مع ما في ترك الاستئذان من معاني العقوق والعصيان، واتباع طريق الشيطان.

3- الخروج إلى السوق من غير حجاب شرعي: وهذه مخالفة قد اشتهر أمرها بين النساء، فهذه تلبس عباءة مفتوحة تبدي مفاتنها، وأخرى تكشف عن ذراعيها وثالثة عن وجهها، ورابعة عن ساقيها. وكل ذلك من المخالفات الشرعية للحجاب الذي أمر به الله جل وعلا، فإن الحجاب لم يأمر الله به سدى، وإنما وصف شروطه وحد حدوده، وفصل هيأته وصورته، لكيلا يلتبس الأمر على المؤمنين، ولكي يظل مجتمعهم عفيفاًنقياًمن درن التبرج وأوساخ الانحلال.

قال تعالى: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}

والتبرج هو: أن تبدي المرأة من زينتها ومحاسنها وما يجب عليها ستره مما تستدعى به شهوة الرجل، وعند استقرائنا لنصوص القرآن والسنة، نجد أن شروط الحجاب ثمانية كما ذكرها العلماء:

الأول: استيعاب جميع بدن المرأة.

الثاني: أن لا يكون زينة في نفسه.

الثالث: أن يكون فضفاضاً غير ضيق.

الرابع: أن يكون صفيقاً لا يشف.

الخامس: أن لا يكون مبخراً مطيباً.

السادس: أن لا يشبه لباس الرجل.

السابع: أن لا يشبه لباس الكافرات.

الثامن: أن لا يكون لباس شهرة.

فاحذري- أختي المسلمة- من مخالفة هذه الشروط، وإياك أن تقارني نفسك بمن استهواهن الشيطان، فأصبحن يتفنن في اختراع أنواع جديدة من الحجب لم يأذن بها الله.

فهذه قد زوقت جلبابها حتى أصبح زينة في نفسه، وأخرى قد جعلت ذراعيها مستورة بخيوط مشبكة كاسية عارية، وهكذا ضاع الحجاب بين شهوة النساء...!

إذا لم تخش عاقبة الليالي

ولم تستحي فاصنع ما تشاء

فلا والله ما في العيش خير

ولا الدنيا إذا ذهب الحياء

مخالفات في الأسواق

ليس غريباً أن تكون الأسواق هي أكثر الأماكن اشتمالا على المخالفات الشرعية، فهي كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم شر البقاع وأبغض الأماكن إلى الله سبحانه في الأرض، وفيها ينصب الشيطان لواءه وينفث داءه وبلاءه.

ومهما تضافرت جهود الناصحين والمصلحين من الدعاة وأهل الحسبة ودوائر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلابد أن توجد في الأسواق مخالفات سواء في حق المرأة أو الرجل، وسواء في البيع أو الشراء، أو الهيئة أو الأخلاق، لأنها أماكن تعج بالتنافس على الدنيا ومصالحها فيكون الشيطان فيها أقوى، ويكون وسواسه وتزيينه أنكى ومن المخالفات التي يخشى من الفتاة المسلمة الوقوع فيها ما يلي:

1- التفريط في الحجاب: فلا يخفى على كل مؤمنة أن الحجاب هو عنوان العفاف والطهارة، ولواء الالتزام والاستقامة تترامى في نسيجه مبادئ الاحتشام والحياء.. وتتماسك بأهدابه معالم الصفاء والنقاء، فإذا تقطع خيط واحد من خيوطه... أو تفتق نسج من نسيجه، تفلتت منه معايير الاحتشام والحياء والصفاء والنقاء بحسب تقطعه وتفتقه..! فاحذري أختي المسلمة.. أن يضيع منك الحجاب، فيضيع منك الحياء والشرف..! ولقد تقدم في هذا الكتاب الكلام على شروط الحجاب ومواصفاته، وفيما يلي ذكر ما اشتهر من مخالفات لباس النساء في الأسواق.

1- فتح العباءات: (إن مما يندى له الجبين ويستدعي النظر فيه بنظر الشرع والعقل، أنك ترى المرأة الشابة تخرج من بيتها إلى السوق بألبسة مغرية: ألبسة جميلة إما قصيرة وإما طويلة ليس فوقها إلا عباءة قصيرة أو طويلة يفتحها الهواء أحياناً وترفعها هي عمداً أحياناً، تخرج بخمار تستر به وجهها لكنه يكون أحياناًرقيقاً يصف لون جلد وجهها، وأحياناً تشده على وجهها شداً قوياً بحيث تبرز مرتفعات وجهها، كأنفها ووجنتيها، تخرج لابسة من حلي الذهب ما لبست ثم تكشف عن ذراعيها حتى تبدي الحلي كأنها تقول للناس شاهدوا ما علي، فتنة كبرى، ومحنة عظمى) . ومن المعلوم أن المقصود من الأشياء نفعها لا ذاتها، والعباءة متى فقدت معنى الستر والحشمة لم يعد لها مسمى الحجاب، فهي مجرد قماش يصدق على حاله المخالف لشروط الحجاب ما يصدق على بقية ألبسة التبرج.

وعلى الفتاة المسلمة أن تترفع عن هذا الخلق الوضيع، لأنه يعرضها للمهالك والفتن، ويجعلها مستهدفة في عرضها وكرامتها إذا أصابتها سهام الفساق على جنبات الأسواق، وماذا تنتظر الفتاة من مرضى القلوب إن هي كشفت عن زينتها، وأبدت مفاتنها؟!

وهل تراها تسلم من معاكسات السفهاء؟ وتحرشات المغرضين وهي عاكفة على العبث بلباسها وفتح جلبابها ورفع ستارها عن وجهها وهتك حجابها؟!

وحتى إذا سلمت من تلك المعاكسات.. فهل تراها تسلم من كلام الناس في عرضها وشرفها؟!

فاحذري- أختي المسلمة- من التساهل في حجابك.. واحفظي في لباسه صفاته وشروطه.. فإنه عز لك في الدنيا ونجاة لك في الآخرة .

بيد العفاف أصون عز حجابي وبعصمتي أعلو على أترابي

وبفكـرة وقـادة وقريحـة نــفادة قد كفلت آدابي

ما ضرني أدبي وحسن تعلمي إلا بكوني زهرة الألباب

ماعاقني خجلي عن العليا ولا سدل الخمار بلمتي ونقابي

وإذا تأملنا في حقيقة فتح بعض النساء للعباءة أو رفعها أو تلفيفها على الجسم حتى تبدو مرتفعاته وصفاته، وجدنا أغلب ذلك مرده إلى ضعف الإيمان وقلة التقوى والتأثر بموجات التغريب العارمة التي غزت الأسواق فغربت معها العادات والأذواق..

وما فتح العباءة إلا شكل من أشكال التملص من الحجاب أو التخفيف من شروطه انسياقاًولهثا وراء مسايرة ما عليه الغوغاء من تجديد الزينة في الملبوسات باسم الموضة والأزياء. وتذكري- أختي المسلمة- أن الله جل وعلا قد نهاك عن ضرب الخلخال فقال: {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن } فإذا كان مجرد ضرب الخلخال بالأرض محظورا خشية الافتتان بالمرأة فلا شك أن فتح العباءة والعبث بها وتركها عرضة لانسياب الرياح تحركها كيف تشاء أشد خطراًوتحريماً.

2- كشف الزينة: لاسيما الوجه والذراعين، فبعض النساء يكشفن وجوههن بحجة معاينة الحاجيات والتحقق من صلاحيتها، وذلك أمام البائعين الأجانب، وكأن لسان حالهن يقول: الغاية تبرر الوسيلة. ومن المعلوم أن الله جل وعلا قد حرم على المرأة كشف زينتها أمام الأجانب ولم يرد الاستثناء لا في حال البيع ولا الشراء مطلقاً، قال تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} وقال تعالى: {يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما } ، ولقد تقدم أن من شروط الحجاب أن يكون ساتراً لسائر الجسد، ولا شك أن كشف الوجه لاسيما في زمن الفتنة- كزماننا- أشد خطراً وفتنة من ذي قبل. يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين: إنه قد كثر السؤال عما يسمى (بالكاب) وهو اللباس الذي تلبسه المرأة بدلاً عن العباءة، والحقيقة أن هذا اللباس لا يكون ساتراً كما تستر العباءة، إنه يبدي حجم الكفين ويبدي حجم الرقبة، ويبدي حجم الرأس ويبدي حجم اليدين والذراعين والعضدين، وإنه مع ذلك يعتبر مرحلة انتقال لما هو شر منه كما جرت به العادة.

إن الناس يتدرجون في الأشياء شيئاً فشيئاً حتى يصلوا إلى ما وصل إليه من يتبرجون تبرجاً ظاهراً لا إشكال في تحريمه. فاحذري- أختي المسلمة- من هذا الاستدراج الشيطاني، فإن كشف الوجه والذراعين وإبداء الزينة ولو كان يسيراً ومتقطعاً ينبىء عن قابلية النفس للانسلاخ من الحجاب، ويورث خلق التفريط شيئاً فشيئاً حتى تستسيغ المرأة التبرج الواضح كما هو حاصل في كثير من البلدان وما هي منا ببعيدة.

2- إطلاق النظر: فلقد أطلق الله عز وجل تحريم النظر إلى الأجانب في حق النساء، فلا يجوز لهن ذلك لا في الأسواق ولا في غيرها، لأن النظر سهم من سهام إبليس، يولد في النفس الشهوة، فالفكرة فالإرادة فالعزيمة على الفحشاء، قال تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن }. فقرن الله سبحانه الأمر بغض الأبصار بحفظ الفرج إشارة إلى أن البصر طريق الزنى.

والأسواق هي مظنة اختلاط الرجال بالنساء بل هي أكثر الأماكن اشتمالاً على الاختلاط، لاشتراك مصالح البيع والشراء فيها، والمؤمنة الصادقة هي التي تربط زمام شهوتها وتترفع

عن تقليب بصرها يميناً وشمالاً تحقيقاً للعفة والحياء وصيانة لها من العيون الخائنة، فإذا وقع بصرها فجأة على شيء تكرهه مما لا يجوز لها النظر إليه، سارعت إلى معاودة غض بصرها، فعن بريدة رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى، وليس لك الآخرة". وتذكري أختي المسلمة.. أن الله مطلع على أحولك كلها ومنها نظراتك وخطراتك، يقول تعالى: {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور } .

قال سفيان الثوري: (هي النظرة بعد النظرة) .

كل الحوادث مبــداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر

كم نظرة بلغت من قلب صاحبها كمبلغ السهم بين القوس والوتر

والعبـد مـا دام ذا طرف يقلبه في أعين الغيد موقوف على الخطر

يسـر مقلـته ما ضر مهجـته لا مرحبـاً بسرور عاد بالضـرر

وهذه المخالفة التي يقع فيها بعض النساء حين يطلقن العنان لأبصارهن، توقهن في مهالك سحيقة، لم تكن لتحدث لولا النظرات التي أوقعتهن في شراك ذئاب بشرية ليس لها هم إلا التربص ببنات المسلمين.

إن الرجال الناظرين إلى النسـا مثل السباع تطوف باللحمان

إن لم تصن تلك اللحوم أسودُها أكلت بلا عوضٍ ولا أثمـانِ

3- الخضوع بالقول: فمن النساء من يُسمع تكسرُ أصواتهن في ممرات الأسواق وأركانه، وهذه مخالفة شرعية تجر إلى الفتنة والفساد، فقد أمر الله جل وعلا النساء بخفض أصواتهن صيانة لأعراضهن من مرضى القلوب، قال تعالى:{يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن قلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا} وقال تعالى:{ ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}

(ولا بأس بالتوسع والتأنق، لكن على أن لا يدخل في الإسراف والتبذير، كفرش الجدران بالسجاد، واستعمال المحرم من الحرير ونحوه، وشراء الأثاث بأثمان ترهق مشتريها من الإسراف والتبذير، والتوسط خير في كل شيء، وكل حسب حاله، ومن ائتسى بالسلف في حياتهم وأحوالهم فهو الكمال، رحم الله الحال وغفر لنا ورحمنا).

8- التفريط في الصلوات: فإن بعض الأخوات- هداهن الله- يقدمن ربح الدنيا على ثواب الآخرة، فيحضرن إلى السوق قبيل المغرب أو بعدها ولا يرجعن إلا بعد العشاء، وقد فاتتهن صلاة المغرب، وهن ساهيات لاهيات غافلات عن فريضة الصلاة، قال تعالى: {ولذكر الله أكبر} قال تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا}. والموقوت: المقدر بالمواقيت، فتأخيرها عن الوقت الذي فرضت فيه دون عذر: كبيرة من الكبائر. وليس انتظار فتح المحلات وشراء الحاجات عذراً يقتضي تأخير الصلاة..



فتاوى خروج النساء إلى الأسواق

1- حكم خروج المرأة مع سائق أجنبي ودون محرم.

سئل الشيخ عبدالعزيز بن باز- رحمه الله-:

ما حكم ركوب المرأة مع سائق أجنبي وحدها ليوصلها إلى داخل المدينة؟ وما الحكم إذا ركبت المرأة ومجموعة من النساء مع السائق وحدهن؟

الجواب: لا يجوز ركوب المرأة مع سائق ليس محرماً لها، وليس معهما غيرهما لأن هذا في حكم الخلوة، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها محرم " ، وقال صلى الله عليه وسلم: " لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما" .

أما إن كان معها رجل آخر، أو أكثر، أو امرأة أخرى، أو أكثر فلا حرج في ذلك، إذا لم يكن هناك ريبة، لأن الخلوة تزول بوجود الثالث أو أكثر، وهذا في غير السلف.

أما في السفر فليس للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم " متفق على صحته. ولا فرق بين كون السفر عن طريق الأرض أو الجو أو البحر، والله ولي التوفيق.

2- وجوب ستر يدي المرأة في السوق وغيره.

فقد سئل الشيخ صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان- حفظه الله- السؤال التالي: ما حكم كشف يدي المرأة في السوق خاصة؟ وهل يفضل لبس قفاز أسود لليدين أو الأبيض علماً بأن البعض قال لا حرج في ظهورهما وأن لبس القفاز ادعاء للتدين؟ ما رأي فضيلتكم بذلك؟ فأجاب: يجب على المرأة أن تستر وجهها وكفيها وسائر بدنها عن الرجال الذين هم ليسوا محارم لها فإذا خرجت إلى السوق فإنه يتأكد عليها ذلك وكذلك أمرت بأن ترخي ثيابها وأن تزيد فيها لتستر عقبيها، فتستر الكفين من باب أولى لأن ظهور الكفين فتنة ويجب على المرأة أن تسترهما عن الرجال الذين ليسوا محارم لها سواء سترتهما في ثوبها

أو في عباءتها أو في القفازين، أما من أنكر ذلك واستغربه فلا عبرة به ما دمنا قد عرفنا أن الشرع يأمر المرأة بستر نفسها عن الرجال، فلا عبرة بمن يستنكرون ويستغربون ومن يعتبرون هذا من التشدد، لأن الله تعالى يقول:{يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما } ، ولقوله سبحانه وتعالى: { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفطن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن }

وقال تعالى : { وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب }

والحجاب يراد بة الساتر الذي يسترها من ثوب أو جدار أو باب أو غير ذلك فيما يستر المرأة عن الرجل الذي ليس من محارمها وأمرت بأن تستر جميع بدنها .

3- وجوب ستر الوجه أمام الأجانب في أي مكان ومنها الأسواق.

فقد سئل سماحة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين؟.

هل يجوز للمرأة كشف وجهها أمام الرجال الأجانب؟

فأجاب: لا تكشف المرأة وجهها أمام الرجال الأجانب بل هو حرام ولا يتم التحجب إلا بستر الوجه فإنه مجمع الزينة والدليل قوله تعالى:{وليضربن بخمرهن على جيوبهن}

أمرها أن ترخي الخمار من الرأس إلى الجيب الذي هو الفتحة على الصدر، واذا تدلى من الرأس، ستر الوجه والجيب، وقال تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلالبعولتهن} فحرم عليها الكشف للزينة لغير البعل والمحارم .

4- جواز لبس النقاب للحاجة.

فقد سئل الشيخ صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان:

ما حكم الشرع في نظركم في النقاب، فأنا امرأة ملتزمة بالشرع ومحافظة على صلواتي وواجباتي الزوجية، إلا أنني عند خروجي من المنزل أخرج عيني فقط من الشيلة للنظر منهما، مع أن باقي جسمي مغطى، ومنه الوجه ببشت أسود فضفاض، وألبس قفازين لليدين، والسبب في ذلك أنني أعاني من ضعف في البصر؟

فأجاب: لا بأس بستر الوجه بالنقاب أو البرقع الذي فيه فتحتان للعينين فقط! لأن هذا كان معروفاً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومن أجل الحاجة، فإذا كان لا يبدو إلا العينان فلا بأس بذلك، خصوصاً إذا كان من عادة المرأة لبسه في مجتمعها.

5- تحريم الإسراف والشراء لأجل المباهاة.

فقد سئل فضيلته السؤال التالي: بحجة أن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، فإن البعض من النساء ينفق الأموال الكثيرة على ملابسهن وأمور زينتهن، فما تعليقكم؟ فأجاب: من رزقه الله مالاً حلالاً فقد أنعم الله عليه نعمة يجب عليه شكرها، وذلك بالتصدق منها والاكل واللبس من غيرسرف ولا مخيلة، وما تفعله بعض النساء من المغالاة في شراء الأقمشة والإكثار منها من غير حاجة إلا مجرد المباهاة ومسايرة معارض الأقمشة في دعاياتها، كل ذلك من الإسراف والتبذير المنهي عنه وإضاعة المال، والواجب على المسلمة الاعتدال في ذلك، والابتعاد عن التبرج والمبالغة في التجمل، خصوصاً عند الخروج من بيوتهن.

6- تحريم خروج المرأة متعطرة إلى الأسواق ونحوها.

سئل الشيخ عبدالعزيز بن باز- رحمه الله-:

هل يجوز للمرأة إذا أرادت أن تذهب إلى المدرسة أو للمستشفى أو لزيارة الأقارب والجيران أن تتطيب وتخرج؟ فأجاب: يجوز لها الطيب إذا كان خروجها إلى مجمع نسائي ولا تمر في الطريق على الرجال أما خروجها بالطيب إلى الأسواق التي فيها الرجال فلا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم :"أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهدن معنا العشاء" وأحاديث أخرى وردت في ذلك ولأن خروجها بالطيب في طريق الرجال ومجامع الرجال كالمساجد من أسباب الفتنة بها كما يجب عليها التستر والحذر في التبرج لقوله جل وعلا: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } ومن التبرج إظهار المفاتن والمحاسن كالوجه والرأس وغيرهما .

7- صفة البرقع الذي يستر الوجه.

سئل سماحة الشيخ عبدالله بن حميد:

كثير من النساء تستخدم البرقع ولا تتغطى عند كثير من الرجال بل يقولون إن البرقع قد يكفي عن الغطوة وقد يكون بعض النساء أقارب لنا، أفيدونا عن الطريقة الصحيحة أثابكم الله و رعاكم؟

فأجاب: البرقع إذا كان يغطي الوجه كله وما بقي إلا العينان لا بأس، أما إذا كان لا يغطي الوجه كله.. بل الفم والبقية مكشوف فهذا لا يجوز وخاصة بمحضر الرجال الأجانب لأن الرجال الأجانب لا يجوز لهم أن ينظروا إلى وجه المرأة الأجنبية عندهم، وهي لا يجوز لها أن تكشف عندهم، بل عليها أن تستر وجهها لأن جمالها ومحاسنها في وجهها. أما البرقع فإن كان يغطي الوجه كله فلا مانع وحينئذ يكفي. وإذا كان لا يغطي إلا البعض فلا يكفي.

فلا بد من تغطية الوجه كله، إنما تخرج العين من أجل أن تبصر طريقها كما قاله ابن مسعود وعبيدة السلماني وغيرهما والله أعلم .

وسئل أيضاً الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين:

ما موقف الشرع من البرقع الذي يلبسه كثير من النساء في بلادنا؟ وبعضهن يظهرن وجناتهن وحواجبهن وتصبح المرأة فتنة بهذا اللباس، أفيدونا جزاكم الله خيراً؟

الجواب: لاشك أن النقاب الذي هو البرقع جائز إلا في الإحرام ويشترط فيه أن يكون: ضيق الفتحات لا يخرج من العين إلا قدر المنظر، فإذا تجاوز ذلك وصار لافتاً للأنظار فلا يجوز، ولا شك أن إبداء الوجنتين والحاجبين من العورة، فلا يجوز للمرأة لبسه بهذه الكيفية، وعلى المرأة أن تغطي وجهها بخمار ساتر فوق النقاب إذا كان واسع الفتحات ويكون الخمار على العين لا يمنع نظرها لكن يستر بشرة الوجه والله أعلم.

8- حكم لبس العباءة على الكتفين وتغطية الرأس بالطرح.

سئل سماحة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين: انتشر بين نساء المسلمين ظاهرة خطيرة وهي لبس بعض النساء العباءة على الكتفين وتغطية الرأس بالطرح، والتي تكون زينة في نفسها وهذه العباءة تلتصق بالجسم وتصف الصدر وحجم العظام، وبلبسن هذا اللباس موضة أوشهرة، ما حكم هذا اللباس؟ وهل هو حجاب شرير؟ وهل ينطبق عليهن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أهل النار لم أرهما... ".

الجواب: لقد أمر الله نساء المؤمنين بالتستر والتحجب الكامل فقال تعالى: {يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما } والجلباب هو الرداء الذي تلتف به المرأة ويستر رأسها وجميع بدنهاومثله المشلح والعباءة المعروفة، والا!صل أنها تلبس على الرأس حتى تستر جميع البدن، فلبس المرأة العباءة هو من باب التستر والاحتجاب الذي يقصد منه منع الغير من التطلع ومن النظر إليها، قال تعالى: {ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين } ولا شك أن بروز رأسها ومنكبيها مما يلفت الأنظار نحوها، فإذا لبست العباءة على الكتفين كان ذلك تشبهاً بالرجال وكان فيه إبراز رأسها وعنقها وحجم المنكبين وبيان بعض تفاصيل الجسم كالصدروالظهر ونحوه، مما يكون سبباً للفتنة وامتداد الأعين ونحوها وقرب أهل الأذى منها ولو كانت عفيفة.

وعلى هذا فلا يجوز للمرأة لبس العباءة فوق المنكبين لما فيه من المحذور ويخاف دخوله في الحديث المذكور وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أمتي من أهل النار... " إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها... إلخ " والله أعلم.

10- حكم لبس الحذاء المرتفع "الكعب " في الأسواق وغيرها.

سئل فضيلته السؤال التالي:

ما حكم لبس الحذاء المرتفع "الكعب "؟

فأجاب: أما لبس الحذاء المرتفع "الكعب العالي " فلا يجوز أيضاً وهو من التقليد الأعمى لنساء الغرب بما لا فائدة فيه ولا زينة وإنما قصدهن لفت أنظار الشباب وتكرار النظر إلى تلك المرأة لتعجب الناظرين، ويمكن أن من قصدهن تحديب المرأة حتى تظهر عجزها أو بعض بدنها ونحو ذلك من المقاصد السيئة، فتقليدهن في ذلك لا يجوز، والله تعالى أعلم.

11- حكم لبس البنطلون "جينز" في اللأسواق وغيرها وفوقه العباءة.

سئل أيضاً عن لبس البنطلون بأشكاله المختلفة فقال:

لا يجوز هذا اللباس للمرأة ولو كانت في محيط النساء أو المحارم لأنه يصبح عادة متحكمة يصعب التخلص منها حتى مع الرجال الأجانب وفي الا!سواق والنوادي والمدارس ونحوها وذلك مما يلفت الأنظار ويسبب الفتنة ولو لبس فوقه عباءة أو نحوها، ولأنه أيضاً يبين تفاصيل البدن ظاهراً حيث تبدو معه الثديان والاليتان والفخذان ونحو ذلك، والمرأة مأمورة بالتستر ولبس الواسع من الثياب، فعلى أولياء الأمور المنع من هذا البنطلون، وقصر المرأة على اللباس المعتاد بين المسلمين دون هذه الاكسية المستوردة التي يقلدن فيها الكافرات من النصارى واليهود وأشباههم والله أعلم وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وسلم .
أماني المدينة
3- هموم الفتاة الجامعية

هموم الفتاة الجامعية

إعداد

القسم العلمي بدار الوطن

هموم الفتاة الجامعية

إعداد القسم العلمي بدار الوطن

إشراف

د/عادل الشدي د/أحمد المزيد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين.. وبعد:

إننا نعيش في عصر كثرت فيه دواعي الهموم والأحزان، وتنوعت فيه أسباب القلق وضيق الصدر.

إن كثيرا من الفتيات تظن أن همومها تنتهي بمجرد قبولها في إحدى الكليات وحصولها على لقب "الفتاة الجامعية"، ولكن سرعان ما يتبخر هذا الوهم بعد مزاولة تلك الفتاة حياتها الجامعية، حيث تنشأ هناك هموم أخرى تبعا للمرحلة الجديدة التي تعيشها الفتاة، والتي تحتاج فيها إلى متطلبات أخرى غير التي كانت تحتاجها في المرحلة المتوسطة أو الثانوية.

ومن أكثر الهموم التي تعتري فتيات الجامعة:

هم الجمال والأناقة

جبلت المرأة على حب الزينة والتجمل، وهذا شيء فطري لا غبار عليه، طالما أنه في حدوده المشروعة، قال تعالى: {أومن ينشؤا في الحلية وهو في الخصام غير مبين} .

ولما قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة، قال عليه الصلاة والسلام: "إن الله جميل يحب الجمال " .

فإذا كان الرجل يحب الهندام والجمال في مظهره، فكيف بالمرأة التي هي محل الزينة والجمال والرغبة؟!

ولكن.. هل معنى ذلك أن تأخذ هذه القضية جل وقت المرأة؟

هل معنى ذلك أن تجلس المرأة الساعات الطوال كل يوم أمام المرآة؟

هل معنى ذلك أن تجعل المرأة وجهها مسرحا للتجارب والألوان؟ وجسدها مرتعا لرؤى مصممي الأزياء المشبوهة؟

هل معنى ذلك أن تتشبه المرأة المسلمة بغير المسلمات من فتيات الإعلان والسينما والمجلات؟

إن المرأة تتزين لنفسها، أو لزوجها، أو لصديقاتها في حدود المشروع، أما أن تتزين للأسواق والطرقات، والأماكن العامة حيث يراها على هذه الحالة من الزينة والتبرج كل رجل وشاب أجنبي، فهذا منكر عظيم وفساد عريض.

تقول إحدى فتيات الجامعة: "إن الزينة لا تعني السفور، فلقد حث الإسلام على الزينة: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده} ، ولكن كشف الصدر، أو جزء من الظهر، أو الكتف، أو الذراع مرفوض تماما، ويجب أن يقابل بمنتهى الشدة والصرامة، حتى لا تتفاعل الظاهرة بين فتيات يفترض أنهن سيمثلن مستقبلا الرأي العام النسائي، بل سيكن مسئولات عن تنشئة جيل الغد، كما أن الزينة لا تعني التفاخر والتباهي، أيضا لا يمكن إغفال دور الأستاذة في صياغة وتوجيه سلوك طالباتها ".

لقد أدى الغلو في ظاهرة التزين لدى بعض طالبات الجامعة أن قلن بوضوح: إن التزين وإتباع الموضات الحديثة أصبح هدفا في حد ذاته، بل أصبح أهم من الدراسة نفسها!!.

فالقصد القصد- أختاه- في مسألة التزين، واحرصي على معرفة حدود الإسلام في اللباس والزينة، ولا تجعلي حب الموضة ومتابعتها تلهيك عن واجباتك الشرعية التي يجب عليك المحافظة عليها.

هم الزواج

ما إن تطرق الفتاة أبواب الجامعة، حتى ينتابها شعور بالقلق تجاه مسألة الزواج.. متى يتقدم لي الزوج المناسب؟ وما هي مواصفات هذا الزوج؟ وهل سيكون هناك تعارض بين الزواج ومواصلة تعليمي الجامعي الذي كافحت لأجل الوصول إليه أم لا؟ وإذا كان هناك تعارض فهل أترك التعليم وأفضل الزواج؟ أم أكمل تعليمي وأؤجل مسألة الزواج؟ وإذا أخلت الزواج فمن يضمن لي أن قطار الزواج لن يفوتني، فأخسر بذلك أمنية كل فتاة بالزواج والاستقرار.. أسئلة وأسئلة.. هموم وهموم.. تعيش فيها فتاة الجامعة.. ولكن هل من حل لهـذه القضية؟

أما مسألة الوقت الذي له سيطرق فيه زوج المستقبل باب الفتاة، فالعلم في ذلك عند الله تعالى. ولكن على الفتاة ألا تتشدد، وتكثر من الشروط والمطالب، ولتكثر من الدعاء بتيسير الزواج، وعلى وليها أن يبحث لها عن الزوج الصالح، ولا يكون همه المال والثراء فقط.

إن فكرة ترك الفتاة للزواج بسبب الدراسة فكرة خاطئة، فالزواج للبنت أهم من الدراسة الجامعية وغيرها، ومن ناحية أخرى فإن إكمال الدراسة مهم كذلك لكثير من الفتيات، وحل هذه المشكلة يتمثل في الجمع بين الزواج والدراسة في آن واحد، ولكن هذا الأمر ليس بالأمر اليسير، بل ستواجه الفتاة التي اختارت هذا الطريق مصاعب عديدة، فإذا لم تكن ذات همة عالية وعزيمة قوية، سقطت أمام أول عقبة تقابلها.. ومهم في هذا المجال أيضا أن يكون هناك دعم من الزوج وأسرته وكذلك أسرتها، لأن الأسرتين سيكون عليهما بعض المسئولية وبخاصة إذا كان هناك أطفال يحتاجون إلى رعاية.

هم الحب الزائف

بعض الفتيات يعانين من "المراهقة المتأخرة" فمع تجاوزهن سن المراهقة، إلا أنهن، يحلمن أحلام المراهقات، وينتظرن فارس الأحلام الذي ينقذهن من مشكلاتهن العاطفية والجسدية.. وليت الأمر يقف عند حد الانتظار، بل إنهن يحاولن البحث عن هذا الفارس المزعوم- عن طريق الهاتف وغيره- ليبدأن معه رحلة الضياع والخديعة. وهناك عوامل كثيرة تؤدي إلى وقوع الفتاة ضحية ذئاب الحب منها:

1- ضعف الإيمان وقلة الوازع الديني لديها.

2- مشاهدة الأفلام والمسلسلات والأغاني والمجلات وقراءة قصص الحب والغرام، وكل هذه الأمور تؤجج نار الشهوة وتشعل الغرائز المكبوتة.

3- فقدان الفتاة للحنان الأسرى وعدم شعورها بالاحترام داخل أسرتها، فتلجأ للبحث عن بديل يرعى مشاعرها ويحترم كيانها.

4- تفكك الأسرة داخلية، وكثرة المشكلات فيها.

5- سوء التربية وعدم غرس القيم والفضائل الإسلامية في وجدان هذه الفتاة منذ نعومة أظفارها.

6- تأخير الزواج وعدم اهتمام الأسرة بزواج ابنتهم.

ومع وجود كل هذه الأسباب التي قد تكون الفتاة غير مسئولة عن معظمها، إلا أن ذلك كله لا يعطيها الحق في أن تدمر نفسها وعرضها وأسرتها..

إن بقاء الفتاة عانسة أشرف لها من أن تفرط في شرفها وعفتها وكرامتها استجابة لرغبات غريزية غير منضبطة.

إن بقاء الفتاة في أسرة مفككة أفضل آلاف المرات من ارتمائها في أحضان ذئب من الذئاب، يأخذ منها ما يريد ثم يلقي بها ذليلة مقهورة، تتمنى الموت فلا تجده!.

أختاه أُختاه! لا تصدقي أن زواجا سيتم عن طريق الهاتف أو السوق أو الإنترنت..

لا تظني أن رجلا شريفا سوف يرتبط بفتاة أقام معها علاقة غرامية بعيدة عن أعين أهلها وأسرتها..

إن المآسي في هذا الباب كثيرة، والسلامة لا يعدلها شيء، فالجئي إلى الله عند وسوسة الشيطان، وأكثري من الدعاء والاستغفار والصلاة، واملئي قلبك بمحبة الله عز وجل، واسألي الله عز وجل زوجة صالحا تشعرين معه بالأمان، وتفتخرين به أمام الجميع..

هم المذاكرة والتحصيل

تشكو أغلب الفتيات من عدم قدرتهن على المذاكرة والتحصيل الدراسي بشكل جيد، وقد لا يشكل ذلك هما في بداية العام الدراسي، إلا أنه عند قرب موعد الاختبارات يبدأ القلق الذي قد يكون كبيرا في كثير من الحالات.

ولكي تتخلص الفتاة من هم المذاكرة والتحصيل فإنه يتوجب عليها تنظيم أوقاتها منذ بداية العام الدراسي، ولكي تنجح الفتاة في تنظيم أوقاتها، فلابد من الاستعانة بالله عز وجل واللجوء إليه لإنجاح هذه المهمة. وعلى الفتاة كذلك أن تعرف قيمة الزمن وشرف الوقت، وأنه مما ستسأل عنه يوم القيامة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيما فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه " .

لقد أشار أحد الاستبيانات أن متوسط ما تقرأ معظم فتيات الجامعة هو ثلاث صفحات يوميا فقط، وذلك نظرا لازدحام جدولهن اليومي بأمور أخرى أهم من القراءة والدراسة في نظرهن، كالانشغال بالزينة والجمال والموضة والقنوات الفضائية وغير ذلك، وهذا الواقع لا يبشر بالخير، ولا يدل على جدية الفتيات في طلب العلم، والارتقاء في مجالات الثقافة والمعرفة.

إن الإهمال هو الذي يؤدي إلى تراكم الواجبات مما يجعل الفتاة غير قادرة على إنجاز ذلك الكم المتراكم من الموضوعات والمواد الدراسية، فينشأ الهم والقلق بسبب ذلك، ولو كان هناك تنظيم للوقت، وتحديد للهدف اليومي، وبدء بالأهم فالمهم، وحفاظ على الأوقات، لانطلقت الفتاة في تحصيلها العلمي بكل يسر وسهولة، ولما كان هناك هم أصلا اسمه " هم المذاكرة والتحصيل ".

هم الاختبارات

إن هم الاختبارات مرتبط بهم "المذاكرة والتحصيل "، فمعظم اللائي يسيطر عليهن شبح الاختبارات ممن قصرن في تنظيم أوقاتهن، وإنجاز مهماتهن الدراسية أولا بأول.

إن أغلب الطالبات تتكاسل عن الاستعداد الحقيقي للاختبارات وتؤجل العمل لذلك، حتى ما تلبث أن تجد الاختبارات على الأبواب فيسقط في يديها، ويعتريها الهم والقلق، والندم والحسرة.. "وفي ليلة المواجهة لا تجد سوى السهر والتعب، والإرهاق الشديد للاستعداد له.. وعندما تحين ساعة المواجهة تكون قواها قد خارت من التعب، ونفسيتها منهارة من القلق، فلا تلبث أن تقع فريسة براثن هذا الوحش، وتخرج من المعركة خاسرة، وذل الهزيمة واضح على معالم وجهها، وفضيحتها أمام الناس مخجلة.. ولكنها تبدأ بإلقاء اللوم على عوامل أخرى مثل صعوبة الاختبارات، أو عدم وجود الوقت الكافي لحل الأسئلة، أو الظلم في توزيع الدرجات، وتتناسى أنها أهملت وتكاسلت، ولم تبدأ بالاستعداد للاختبارات إلا ليلة المواجهة" .

وقد يكون هناك بعض السلبيات في نظام الاختبارات، ولكن الطالبة النشيطة الجادة تفرض حضورها على الجميع ولا تلقى من أساتذتها إلا كل احترام وتقدير..

هم الوظيفة

وهم الوظيفة لا يطرق الطالبات غالبة إلا في السنة الأخيرة من الجامعة، فتبدأ الطالبة في التساؤل: هل سأجد لي وظيفة أم لا؟ وهل هذه الوظيفة ستكون مناسبة لي أم لا؟ وهل الراتب سيكون كبيرا بحيث يكفي أو يزيد على متطلباتي أم لا؟ وإذا لم أجد وظيفة فماذا أفعل؟ ولماذا إذن درست وتخرجت من الجامعة؟ وغير ذلك من التساؤلات التي تشغل ذهن الطالبة ولا تجد بالطبع إجابات شافية عليها.

ولهذه الطالبة وغيرها نقول: "دعي الوقت يمر" بمعنى لا تستعجلي الأمور، فكل شيء بمقدار، وكل ما هو آت قريب، والأفضل من ذلك أن تفكري في واجب الوقت الذي تعيشينه.. فدعي الوقت يمر ولا تزيدي همومك هما جديدا..

ولنفترض أن الوظيفة تأخرت عليك أليست هناك وظائف أخرى تستطيعين من خلالها خدمة نفسك وأهلك ومجتمعك؟ أليس معاشرتك لزوجك بالمعروف من أعظم الوظائف التي تطالب بها المرأة؟

أليس وجودك في بيتك وتربيتك لأبنائك وتنشئة جيل صالح من أعظم الوظائف التي تطالب بها المرأة؟

أليس التزامك بالأخلاق الفاضلة، وبعدك عن مساوئ الأخلاق، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر، ونصحك للمسلمين من أعظم الوظائف؟

إن وظيفة المرأة في بيتها من أعظم الوظائف، لأن إهمال المرأة تلك الوظيفة ينشأ عنه أجيال مشوهة، لا يرجى من ورائها خير، ولا نصر ولا تمكين.

هم المشكلات العائلية

قد تكون المشكلات العائلية خارجة عن مسئولية الفتاة، بحيث لا تكون طرفة فيها، وعلى الفتاة في هذه الحالة أن تكون عنصر إصلاح، وأداة تقريب بين وجهات نظر المتخاصمين، ولتحذر في هذه الحالة أن تؤيد طرفا على حساب والطرف الآخر، فإنها إن فعلت ذلك زادت الهوة اتساعا، وأدخلت نفسها في معمعة المشكلات..

وإذا كانت تلك الفتاة سريعة التأثر بالمشكلات، فلتنأى بنفسها عن تلك المشكلات ما استطاعت، حتى لا تقع فريسة للهموم والغموم، ولتعلم أن البيوت مليئة بالمشكلات، وأن أهلها ليسوا بدعا من ذلك، ولا تبخل عليهم في هذه الحالة أيضا بالنصح والإصلاح والتذكير.

أما إذا كانت الفتاة سببا في تلك المشكلات فإنه يتوجب عليها إصلاح نفسها، فإذا كانت تعامل أهلها بتكبر وجفاء فلتسلك سبيل التواضع وتعرف فضل والديها عليها. وإذا كانت المشكلات بسبب كثرة مطالبها، فعليها الإقلال من المطالب والرضا بالقليل. وإذا كانت المشكلات بسبب طريقتها في إنكار المنكرات الموجودة في البيت، فعليها أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر برفق ولين، ولتحذر من الفظاظة والغلظة في الأمر والنهي قال تعالى: {ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر} .

هم الإعجاب:

الإعجاب هو تعلق فتاة بأخرى لدرجة العشق والغرام، فتفتن بها وتلاحقها في كل مكان، بحيث لا تستطيع أن يمر يوم دون أن تراها، فتحاصرها بالاتصالات عن طريق الهاتف، أو تبعث إليها برسائل الحب والغرام، وقد ترسل إليها أشعارا غزلية، تتناول وصف الملابس والجسد وما إلى ذلك.. وهذا ليس من الحب في الله، بل هو من العشق المحرم، لأنه يؤدي إلى إثارة الغريزة، وإيقاد نيران الشهوة، وقد ينتهي ذلك بالممارسة الجنسية الشاذة (السحاق)، التي هي انتكاس في الفطرة، ودليل على تغلب باعث الهوى على باعث العقل والدين.

إن هناك أسبابا للإعجاب منها:

1- ضعف الإيمان وضعف محبة الله في القلب.

2- سوء التربية وافتقار الفتاة إلى العاطفة الأسرية.

3- الرفقة السيئة والفراغ القاتل.

4- ضعف شخصية الفتاة.

5- التبرج الواضح بين الفتيات والتجمل المثير للغرائز.

6- الخلط بين المحبة في الله والإعجاب.

7- وسائل الإعلام التي تركز على جوانب الإثارة لدى الفتيات، كالقنوات الفضائية والمجلات الخليعة.

أما العلاج فيكون بتقوى الله عز وجل، ومحبته، وكثرة ذكره ودعائه، وتلاوة كتابه، ويكون باستغلال الوقت في المفيد النافع والبعد عن الخبيث الضار، ويكون بغض البصر، والابتعاد عن الصحبة السيئة، وترك التبرج والتجمل الزائد بين الفتيات، ويكون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتذكير المعجبة بالله عز وجل، وتخويفها من سوء عاقبة هذا الفعل المحرم.

هم الشعور بالتقصير

جميل أن تشعر الفتاة بتقصيرها، وترى تفريطها في حق ربها وفي حق الآخرين، بل وحتى في حق نفسها..

ولكن لابد أن يكون هذا الشعور إيجابيا، حتى يتحول من مرحلة شعور لا رصيد له من العمل والإصلاح، إلى مرحلة عمل وتغيير وارتقاء نحو الأفضل.

إن الفتاة التي تشعر بالذنب والتقصير تملك قلبا ينبض بالحياة، على الرغم مما هو فيه من ضعف ومرض، أما التي اعتادت الأخطاء والمنكرات، وألفت المعاصي والموبقات، ولم تشعر حيال ذلك بأي ألم أو ذنب أو تأنيب ضمير، فهذه قد مات قلبهـا والعياذ بالله، وما لجرح بميت إيلام..

فاستثمري أختاه هذا الشعور بالذنب في إصلاح النفس، ومحاسبتها وتزكيتها، ولا تجعلي هذا الشعور يقودك إلى اليأس من رحمة الله، والقنوط من مغفرته، قال تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم } .
أماني المدينة
4- هموم علمية



هموم علمية

إعداد

أبي الحسن بن محمد الفقية

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد:

فإن الله جل وعلا قد خلق الإنسان لغاية عظيمة، ومهمة جسيمة، أنزل لأجلها الكتب، وأرسل الرسل مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل.

تلك الغاية هي: العبادة، قال الله تعالى:{وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون * ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون * إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين}

والعبادة التي خلق الله جل وعلا الخلق لأجلها لا تصح إلا بشرطين اثنين:

الأول: هو الإتباع.

والثاني: الإخلاص.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وجماع الدين في أمرين:

1- أن لا نعبد إلا الله.

2- وأن لا نعبده إلا بما شرع. لا نعبده بالبدع كما قال تعالى: {فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا }. وذلك تحقيق الشهادتين، شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمدا رسول الله؛ ففي الأولى: أن لا نعبد إلا إياه، وفي الثانية: أن محمدا هو رسوله المبلغ عنه؛ فعلينا أن نصدق خبره، ونطيع أمره، فمن أراد عبادة الله فلابد له من توفر الشرطين ولسان حاله يقول: (إياك أريد بما تريد).

قال الفضيل بن عياض رحمه الله في قوله تعالى: {ليبلوكم أيكم أحسن عملا}.

قال: أخلصه وأصوبه.

قالوا: يا أبا علي ما أخلصه وما أصوبه؟

قال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا. والخالص أن يكون لله.

والصواب أن يكون على السنة ".

ومن هذا التأصيل البديع الذي ذكره شيخ الإسلام عن مدلول العبادة في الدين، نستخلص ضرورة طلب العلم والفقه في الدين، إذ كيف ربه على السنة من لا يعرف السنة!

أختي المسلمة...

وكثيرا ما يكون الجهل بالأحكام الشرعية، هو سببا وقوع كثير من النساء في المخالفات... وارتكاب المحرمات... ولهذا كان الفقه في الدين هو أساس الخيرية بين الناس كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال: ((من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)).

والأحكام الشرعية تنقسم من حيث وجوب تعلمها واستحبابه إلى قسمين:

الأول: واجب تعلمه ولا يجوز للأخت المسلمة جهله

والثاني: يستحب تعلمه وفقهه استزادة من الخير والفضل.

فما حكم طلب العلم في حق المرأة المسلمة؟ وما هي الأمور التي لا يسعها جهلها؟



وجوب طلب العلم في حق المرأة المسلمة

لما كانت عبادة الله جل وعلا مسئولية ملقاة على عاتق كل مسلم ومسلمة في هذه الحياة، وكان العلم هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق العبادة كما أمر الله جل وعلا فقد أوجب الله جل وعلا طلب العلم على الرجال والنساء سواء. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((طلب العلم فريضة على كل مسلم )).

والنساء شقائق الرجال في مطلق وجوب طلب العلم الشرعي، ولذلك قال الحافظ السخاوي رحمه الله: قد الحق بعض المصنفين بآخر هذا الحديث "ومسلمة" وليس لها ذكر في شيء من طرقه وإن كان معناها صحيحا)). يقول ابن حزم رحمه الله تعالى: ويجب عليهن النفار للتفقه في الدين كوجوبه على الرجال، وفرض عليهن كلهن معرفة أحكام الطهارة والصلاة والصيام، وما يحل، وما يحرم من المآكل والمشارب والملابس، كالرجال ولا فرق، وأن يعلمن الأقوال والأعمال: إما بأنفسهن، وإما بالإباحة لهم لقاء من يعلمهن، وفرض على الإمام أن يأخذ الناس بذلك ".

ولقد كان نساء السلف رضوان الله عليهن حريصات كل الحرص على تعلم الدين، وبشتى الوسائل والطرق التي تناسب وضعهن وظروفهن، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا في نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله، فقال صلى الله عليه وسلم: ((اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا)) فاجتمعن فأتاهن، فعلمهن مما علمه الله)).

والأخت المسلمة متى تيسر لها طلب العلم في بيتها مع أخواتها أو أبيها أو زوجها، وجب عليها طلب ما يجب عليها علمه ومعرفته من أصول الإيمان التي لا تصح العقيدة إلا بها، ومن أحكام الطهارة والصلاة والصيام والواجبات والمحرمات التي يغلب التعامل بها في الحياة اليومية، مما سنبينه في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى، فإن لم يتيسر لها طلب هذه الأمور في بيتها فواجب عليها سؤال أهل العلم ومطالعة العلم أو الاستفسار عن الأمور التي ولا تصح عبادتها إلا بها. ولا ينبغي

لزوجها أن يمنعها من تعلم أحكام الدين إذا كان نفسه يجهلها لما يترتب على ذلك من المفسدة والضياع للدين.



العقيدة أولا

فإن العبادة الصحيحة لا تنبني إلا على العقيدة الصحيحة، والعقيدة أجل العلوم وأشرفها وأفضلها إذ شرف العلم من شرف المعلوم، ولما كان موضوع العقيدة يدور على أصول الإيمان، وما تتضمنه من معرفة الله جل وعلا ومعرفة كتبه وملائكته ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره؛ فقد كان لموضوع العقيدة كبيرة، ومكانة جليلة في العلوم الواجب معرفتها كيف لا والله سبحانه وتعالى قد أمر رسوله بتعلم كلمة الإخلاص فقال: {فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك} .

فما هي الأصول التي لا ينبغي للأخت المسلمة جهلها في قضايا المعتقد؟

الأصل الأول: الإيمان بالله:

ويدل على هذا الأصل قول الله جل وعلا: {ءامن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل ءامن بالله وملائكته وكتبه ورسله}، وقوله صلى الله عليه وسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن جبريل عليه السلام سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره". والإيمان بالله: هو الاعتقاد الجازم بأن الله رب كل شيء ومليكه، وأنه الخالق وحده، المدبر للكون كله، وأنه هو الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له، وأن كل معبود سواه فهو باطل، وعبادته باطلة، قال تعالى:{ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير}، وأنه سبحانه متصف بصفات الكمال ونعوت الجلال منزه عن كل نقص وعيب، وهذا التوحيد هو التوحيد بأنواعه الثلاثة: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.

وإليك أختي المسلمة أقسام التوحيد كما ذكرها العلماء:

1- توحيد الربوبية:

فتوحيد الربوبية هو الإقرار الجازم بأن الله وحده رب كل شيء ومليكه، وأنه الخالق للعالم، المحصي المميت، الرزاق ذو القوة المتين، لم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، لا راد لأمره، ولا معقب لحكمه، ولا مضاد له، ولا مماثل، ولا منازع له في شيء من معاني ربوبيته، ومقتضيات أسمائه وصفاته ".

وتوحيد الربوبية يولد في قلب المؤمنة استحضار عظمة المولى جل وعلا، فتستغني به عن غيره، وتجعل طمعها وسؤالها ودعاءها وتوكلها على الله وحده، لأنه هو المدبر الخالق الرزاق لجميع خلقه. قال تعالى: {يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون} .

2- توحيد الألوهية:

وهو أن تعلم الأخت المسلمة أن الله وحده هو المألوه وحده، المعبود على الحقيقة، وأن صفات الألوهية ومعانيها ليست موجودة بأحد من المخلوقات، ولا يستحقها إلا الله تعالى. فإذا عرفت دلك واعترفت به حقا أفردت ربها بالعبادة كلها؛ في جميع شئون حياتها، فتقوم بشرائع الإسلام الظاهرة: كالصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والقيام بحقوق الله، وحقوق خلقه، وتقوم أيضا بأصول الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وبما تقتضيه هذه الأصول من الخوف والإنابة والرهبة والرغبة والدعاء والالتزام بشرائع الإسلام ظاهرا وباطنا. لا تقصد بذلك غرضا من الأغراض غير رضا ربها، وطلب ثوابه متابعة في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعقيدتها ما دل عليه الكتاب والسنة، وأعمالها وأفعالها ما شرعه الله ورسوله، وأخلاقها وآدابها الاقتداء بنبيها صلى الله عليه وسلم في هديه، وسمته وكل أحواله.

وأدلة هذا التوحيد في القرآن والسنة كثيرة، بل أغلب القرآن إنما أنزل تقريرا لتوحيد الألوهية، وإثبات العبادة لله جل وعلا. قال تعالى:{يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون}، وقال سبحانه:{فاعبده وتوكل عليه } ، وقال سبحانه:{واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا}، وقال جل شأنه:{وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} .

ومن السنة ما رواه معاذ رضي الله عنه قال:كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي: ((يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله؟)).

قلت: الله ورسوله أعلم.

قال: ((حق الله على العباد أن يعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب

من لا يشرك به شيئا" قلت: أفلا أبشر الناس؟ قال: "لا تبشرهم فيتكلوا".

ويستلزم الإيمان بتوحيد الله في ألوهيته، وإفراده بالعبادة وحده، أن تجتنب الأخت المسلمة الشرك بكافة أشكاله وأقسامه وأنواعه؛ لأن الشرك هو نقيض التوحيد ولا يمكن تصحيح الإيمان إلا بالحذر منه بالكلية. قال تعالى: {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار} ، وقال تعالى:{إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} .

فالشرك هو سبب زوال الإيمان، وموجب للخلود في النيران؛ لأنه يحبط الأعمال ويهدمها

كما قال تعالى: {ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون} .

للأخت المسلمة أن تحذر أشد الحذر من الوقوع في أي صورة من صور الشرك صغيرها وكبيرها، لأنه لا مكان لصحة العبادة مهما كان أمرها إذا أشرك المسلم مع ربه غيره. فالمشرك لا تقبل له عبادة، ولا تنفعه الزهادة، لأنه بنى عبادته وزهادته على أصل عقدي فاسد أحبط عمله وخيب أمله.

والشرك نوعان:شرك أكبر، وشرك أصغر.

فأما الشرك الأكبر: فموجب لحبوط الأعمال، والخلود في النار لمن مات عليه، كما قال تعالى: {ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون} وأن من مات عليه مات كافرا لا يغفر الله له.

ومن أمثلته: الذبح لغير الله، ودعاء الأموات، والأصنام،والاستغاثة بغير الله، والنذر لغير الله، والخوف من غير الله، والرجاء في غير الله، والرهبة والرغبة والخشوع لغير الله، وتفضيل حكم الطاغوت على حكم الله، واعتقاد عدم صلاح الشريعة في عصر من العصور، واعتقاد أن غيرها هو الأصلح للتحكيم والتحاكم ونحو ذلك مما ينفي الألوهية عن الله سبحانه.

وقد دلت النصوص من الكتاب والسنة على هذه العبادات وغيرها لا يجب أن تصرف إلا لله وأن صارفها لغير الله مشرك. قال تعالى:{فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين} . وقال سبحانه:{وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين} .

وقال عز وجل:{إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين} .

وأما الشرك الأصغر: فهو كالحلف بغير الله، وقول: ما شاء الله وشاء فلان، والرياء في بعض الأعمال، وهو يوجب الخلود في النار كالشرك الأكبر، وقد دل عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: "أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسئل عنه فقال: الرياء ".

ومن هذا فإن أشد ما ينبغي للأخت المسلمة العلم به هو الشرك وطرقه ووسائله حتى تحذرها وتجتنبها ليصح إيمانها. وذلك لأن من الشرك يوجب شيئين لا يوجبهما غير ذلك:

الأول: الأمان من الخلود في النار وحبوط الأعمال، وذلك لأن الشرك الأكبر يوجب الخلود في النار والعياذ بالله كما قال تعالى:{إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} .

الثاني: أن البعد عن الشرك يوجب مغفرة الله جل وعلا على ما كان من عمل، كما صح في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم ، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك،يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة".

3- توحيد الأسماء والصفات:

وهو الإيمان بما وصف الله به نفسه في كتابه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات العلى، وإمرارها كما جاءت على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى.

ومن أدلته قول الله جل وعلا: { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} ، وقول الله جلا وعلا:{ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون}.

ويجب إجراء نصوص الكتاب والسنة في الأسماء والصفات على ظاهرها وحملها على حقيقتها اللائقة بالله جل وعلا من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، بل يجب أن تمر كما جاءت بلا كيف مع الإيمان بما دلت عليه من المعاني العظيمة التي هي أوصاف الله عز وجل. ويجب وصفه بها على الوجه اللائق به من غير أن يشابه خلقه شيء من صفاته كما قال تعالى: {فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون} .

فكل صفة ثبتت في الكتاب والسنة، نثبتها لله جل وعلا حقيقة، وندرك من إثباتنا معناها، لكن لا نشبهها بصفة المخلوق، ولا نتصور لها مثيلا في أي هيئة أو صورة أو وصف كان، بل نكل كيفيتها إلى علم الله جل وعلا ونصفه بما وصف به نفسه لأن عقولنا أعجز وأضعف من أن تحيط بذات الله جل وعلا علما بكيفية صفاته، قال تعالى:{لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار}

.

قال الوليد بن مسلم رحمه الله: سئل مالك والأوزاعي والليث بن سعد وسفيان الثوري – رحمهم الله – عن الأخبار الواردة في الصفات، فقالوا جميعا:أمروها جميعا بلا كيف"

الأصل الثاني: الإيمان بالملائكة:

الملائكة عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وهم أصناف كثيرة، مكلفة بأعمال مختلفة، فمنهم ملك الموت، وجبريل الموكل بالوحي وإسرافيل الموكل بالجبال، وآخرون موكلون بحفظ بني آدم، وآخرون موكلون بإحصاء أعماله في الدنيا، قال تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} . وهم محجوبون عنا فلا نراهم، وقد خلقهم الله تعالى من نور كما صح في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله:" خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم".

والأخت المسلمة حينما تستحضر عظمة الله وحفظ ملائكته وهم يحفظونها ويحصون عليها أعمالها فإنها وقتئذ يتقد حياؤها ويقوى يقينها، ويزداد إيمانها بالله سبحانه.

الأصل الثالث: الإيمان بالكتب:

والمراد بها: الكتب التي أنزلها الله تعالى على رسله رحمة بالخلق وهداية لهم، قال تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط} ، ويجب الإيمان إجمالا بأن الله سبحانه قد أنزل كتبا على أنبيائه ورسله لبيان حقه والدعوة إليه، والإيمان على سبيل التفصيل بما سمى الله منها كالتوراة والإنجيل والزبور والقرآن الكريم، كما يجب تصديق ما صح من أخبارها، كأخبار القرآن وأخبار ما لم يبدل أو يحرف من الكتب السابقة، ويجب العمل بما لم ينسخ منها والرضا والتسليم به سواء فهمنا حكمته أم لم نفهمها، وأن القرآن الكريم هو أفضلها وخاتمها والمهيمن عليها والمصدق لها. قال تعالى: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون }

الأصل الرابع: الإيمان بالرسل:

ويجب الإيمان بهم على وجه الإجمال. ثم الإيمان على سبيل التفصيل بمن سمى الله تعالى منهم في كتابه العزيز أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} ، وقال تعالى:{ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبين} وممن سمى الله من الأنبياء والرسل: نوح وهو أولهم وإبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم صلوات الله وسلامه عليهم. قال تعالى: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبين من بعده}، ويجب الإيمان بأن هؤلاء الرسل هم بشر مخلوقون وعبيد من عباد الله تعالى، أكرمهم الله بالرسالة، فهم عباد الله مكلفون.

الأصل الخامس: الإيمان باليوم الآخر:

والإيمان باليوم الآخر يشمل الإيمان بفتنة القبر وأحواله وأهواله، ويوم القيامة وما فيه من الحساب والصراط والميزان ونشر الصحف بين الناس، والإيمان بالجنة ونعيمها وما أعد الله لعباده الصالحين فيها، والإيمان بالنار وجحيمها وما أعده الله للعصاة والكفار فيها.

فالواجب هو الإيمان بكل أحوال اليوم الآخر على الوجه الذي بينه الرسول صلى الله عليه وسلم ودل عليه كتاب الله جل وعلا.

الأصل السادس: الإيمان بالقدر خيره وشره:

ويتضمن هذا الأصل الإيمان بأربعة أمور:

1- أن الله سبحانه علم ما كان وما يكون وعلم أحوال عباده وعلم أرزاقهم وآجالهم

وجميع شئونهم، فهو سبحانه لا يخفى عليه شيء {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} .

2- كتابته سبحانه لكل ما قدره وقضاه كما قال سبحانه: {وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} .

3- الإيمان بمشيئة الله النافذة فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} .

4- أن الله سبحانه خلق جميع المخلوقات فلا خالق غيره ولا رب سواه، كما قال سبحانه: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } .



وجوب تعلم الفرائض

ومما ينبغي للأخت المسلمة علمه ومعرفته، ما تصح به عبادتها وأولها الفرائض. فيجب عليها تعلم ما تصح به طهارتها، وصلاتها وصومها، وكل ما تمس إليه حاجتها ولا تصح عبادتها إلا به وعلى رأس ذلك كله أركان الإسلام الخمسة وهي: الصلاة والصيام والزكاة والحج، وأما الشهادتان فقد سبق تفصيل الكلام في هذا الكتاب.

فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بني الإسلام على: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان ".

ولما كانت الصلاة هي أعظم الفرائض بعد الشهادتين وكانت- أيضا- لا تصح إلا بالطهارة، فقد صار واجبا على الأخت المسلمة معرفة أحكام الطهارة لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

ومن أهم ذلك: شروط الوضوء وفروضه ونواقضه، وكذلك أحكام الغسل والحيض والنفاس.

وأحكام الحيض كثيرة وتمس حاجة النساء إلى معرفتها ومن أهم تلك الأحكام:

1- أولا: يحرم على الحائض الصلاة فرضها ونفلها، ولا تجب عليها الصلاة إلا أن تدرك من وقتها مقدار ركعة كاملة فتجب عليها الصلاة، ومثاله: إذا حاضت المرأة بعد غروب الشمس بمقدار ركعة فيجب عليها إذا طهرت من حيضها أن تقضي صلاة المغرب كاملة لأنها أدركت من وقتها مقدار ركعة قبل أن تحيض. ومثال آخر: إذا طهرت المرأة من الحيض قبل طلوع الشمس بمقدار ركعة فيجب عليها إذا طهرت قضاء صلاة الفجر لأنها أدركت من وقتها جزءا يتسع لركعة.

2- لا يحرم على المرأة الحائض التقرب إلى الله بالذكر والدعاء والتكبير والتسبيح وقراءة العلوم والحديث واستماع القرآن وأما قراءة القرآن نطقا باللسان فلا يجوز لها ذلك عند جماهير العلماء، وأما قراءة القرآن تأملا بالنظر والقلب فلا بأس به.

3- يحرم على الحائض الصوم فرضا ونفلا، ويجب عليها قضاؤه دون قضاء الصلاة، ويبطل صيام الحائض إذا حاضت في يومها ولو قبل غروب الشمس بلحظة، ويجب قضاء ذلك اليوم، والعبرة في الحيض بخروج الدم لا بإحساس الحيض وأما إذا طهرت المرأة قبل الفجر صح صومها لذلك اليوم ولو لم تغتسل إلا بعد طلوعه.

4- يحرم على الحائض المكوث في المسجد حتى المصلى، لقوله صلى الله عليه وسلم: يخرج العواتق وذوات الخدور والحيض، وفيه يعتزل الحيض المصلي.

5- يحرم على المرأة الحائض الجماع، فلا يجوز لها أن تمكن زوجها من مجامعتها كما لا يجوز له أن يكرهها عليه. قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ} .

والمراد بالمحيض زمان الحيض ومكانه وهو الفرج. لقوله صلى الله عليه وسلم:"اصنعوا كل شيء

إلا النكاح" . ومن هذا فليس للأخت المسلمة أن تمنع زوجها من مداعبتها والاستمتاع لكن في غير فرجها. والله تعالى أعلم.

6- يجب على الحائض إذا طهرت أن تغتسل بتطهير جميع البدن؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم

لفاطمة بنت أبي حبيشس: "فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي" وأقل واجب الغسل أن تعمم بالماء سائر بدنها حتى ما تحت الشعر والأفضل أن يكون صفة ما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث سألته أسماء بنت عن شكل عن عمل المحيض فقال صلى الله عليه وسلم:"تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر فتحسن الطهور ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكا شديدا حتى تبلغ شئون رأسها ثم تصب عليها الماء ثم تأخذ فرصة ممسكة أي قطعة قماش فيها مسك فتطهر بها فقالت أسماء كيف تطهر بها؟ فقال: سبحان الله، فقالت عائشة لها: تتبعين أثر الدم ".

فهذه مهمات أحكام الحيض مما لا ينبغي للأخت المسلمة الجهل به.

ومما يجب عليها معرفته أيضا أحكام الصلاة فيجب عليها معرفة أركانها وواجباتها ومبطلاتها كما يستحب لها معرفة سننها؛ لأن الصلاة هي عمود الدين، فمن أقامها أقام الدين ومن ضيعها فقد سلك سبيل الغاوين. قال صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة".

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة.

وأحكام الصلاة جميعها مبسوطة في كتب الفقه وأشرطة العلماء لمن أراد معرفتها بأدلتها الشرعية. والله تعالى أعلم.

وكذلك يجب عليها معرفة أحكام الصيام شروطه ومفسداته وقوادحه؛ لأن ذلك هو الكفيل بتصحيح صيامها وإقامتها لهذا الركن العظيم، وإن كان وجوب تعلم ذلك عليها لا يتعين إلا عند وجوب الصيام نفسه سواء بحلول شهر الصيام، وببلوغها أهلية الصيام. وكذلك واجب عليها معرفة أحكام الحج إن هي استطاعت إليه سبيلا، وكذلك أحكام الزكاة إن ملكت النصاب ودار عليها الحول، فإن لم تكن أهلا لتعلم ذلك وجب عليها توكيل أمرها لمن تثق في دينه وورعه وعلمه حتى تؤدي حق الله في ذلك.



وجوب العلم بالواجبات

ومما لا ينبغي للأخت المسلمة الجهل به، الجهل الواجبات الشرعية التي تلزم الحاجة معرفتها في أعمالها اليومية، ومن أهم ذلك: أحكام العشرة الزوجية، وبر الوالدين، وصلة الأرحام وتربية الأبناء والحجاب.

أولا: الواجبات في العشرة الزوجية:

فمن أهم الواجبات في العشرة الزوجية، معاشرة الزوج بالمعروف، ولقد جعل الله جل وعلا على عاتق الرجل حقوقا له على زوجته،كما جعل للمرأة حقوقا لها على زوجها، وجعل العشرة الزوجية الطيبة في إعمال تلك الحقوق في الحياة الأسرية.

ومما يجدر بالمرأة معرفته أن لزوجها عليها جملة من الحقوق والواجبات أهمها:

* حق الطاعة في المعروف: قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ} ومعنى قانتات أي مطيعات لأزواجهن. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي النساء خير؟ قال: "التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره". وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت".

وكثير من النساء قد غلطن في معرفة هذا الحق للزوج، وطغى عليهن ما استشرى بين الناس من الغلظة على الزوج، ومخالفته، وإلغاء القوامة التي جعلها الله من حقوقه وأوصافه، فأصبحت المرأة في كثير من الأحيان لا ترى للزوج عليها حق الطاعة مطلقا بل منهن من تخاطب الزوج بلغة الأمر والنهي، فعوضا من أن تكون طائعة أصبحت آمرة، وما ذلك إلا بسبب موجة التحرير المزعوم، واختلاط المفاهيم في أذهان كثير من النساء، وكذلك بسبب سوء تصرف بعض الأزواج إن لم نقل الكثير منهم في حقوق زوجاتهن.

والأصل أن المسلمة تلزم بما أمرها به الله جلا وعلا من احترام زوجها وطاعته تقربا إلى الله وابتغاء لمرضاته، ثم إذا رأت منه مكروها فإن شاءت صبرت، وإن شاءت عالجت ظلمه لها بالحكمة والنصيحة، واستشارة أهل الصلاح. والله من وراء القصد.

ثانيا: بر الوالدين:

قال تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا}.

وفي الجمع بين النهي عن الشرك والإحسان بالوالدين من الدلالة على عظم حقهما ومكانتهما ما لا يخفى، وقال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية: "يريد البر بهما مع اللطف ولين الجانب فلا يغلظ لهما في الجواب، ولا يمد النظر إليهما، ولا يرفع صوته عليهما، بل يكون بين يديهما مثل العبد بين يدي السيد تذللا لهما".

ثالثا: صلة الأرحام:

والأرحام هم الأقارب، فيجب على الأخت المسلمة صلتهم بما جرى به العرف واتبعه

الناس اللهم إلا إذا كانت أعراف بعض البلدان مبنية على القطيعة كالحال في بعض دول الكفر فينبغي وقتئذ القيام بواجب الصلة وفق ما يتهيأ للأخت المسلمة حتى تطمئن نفسها لواجب الصلة. قال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ } فبين الله سبحانه أن الذين يفسدون في الأرض ويقطعون أرحامهم ملعونون والعياذ بالله، أي مطرودون ومبعدون عن رحمة الله.

وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها: أن أمها قدمت عليها المدينة وهي راغبة فاستفتت النبي صلى الله عليه وسلم هل تصلها أم لا؟ وقالت: يا رسول الله، إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصلها؟ فأمرها أن تصلها.

وفي هذا الحديث دليل على أن الأخت المسلمة تصل أقاربها ولو كانوا كافرين، لأن لهم حق القرابة، ويدل على هذا أيضا قوله تعالى: {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} .

رابعا: تربية الأبناء:

فرعاية الأبناء وتربيتهم مسئولية ملقاة على عاتق الأخت المسلمة، في بيتها، وعليها أن تربي أبناءها على الإسلام، وأن تبادر بتعليمهم الصلاة في الصغر، وأن تعودهم على الخير والطاعات والأخلاق الحسنة، فعن ابن عمر رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها".

خامسا: الحجاب:

فقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} . وقال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} . قال مجاهد: كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال فذلك تبرج الجاهلية.

وعلى الأخت المسلمة أن تحيط علما بمفهوم الحجاب في الإسلام مقتفية آثار النصوص الدالة على شروطه ومواصفاته وحالاته، فرب لابسة للحجاب قد صدق عليها مسمى التبرج والسفور، إذ الحجاب ليس هو كل لباس تلبسه المرأة المسلمة أمام الأجانب عنها، بالطريقة التي تراها مناسبة لها، ولكنه لباس قد بين الله نعوته وأوصافه، وبين حدوده وشروطه، فلا ينبغي أن يكون لباسها ضيقا يصف عورتها وذاتها كما يجب ألا يكون شفافة يبدي جسدها، كما يجب أن يبعد عن التشبه بالرجال والكافرات وأن يكون خاليا من الطيب والعطر والبخور وما في معناه، ولا أن يكون هو نفسه زينة تتزين بها المرأة خارج بيتها، فالمقصود من الحجاب هو الستر وحفظ الأعراض من التهتك والانحلال، وتحقيق الحياء والفضيلة في المجتمع، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بالالتزام بالحجاب الذي أنزله الله مبينا وصفه ونعته. ولئن كانت شروط الحجاب لم تجتمع في آية بعينها جملة إلا أن العلماء قد استنبطوها من كثير من النصوص بالاستقراء وجعلوها حدا فاصلا بين التبرج والحجاب.

والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أماني المدينة
5- همسات نديه للفتاه الجامعيه

همسات ندية للفتاة الجامعية

إعداد

القسم العلمي بدار الوطن



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

هذه همسات ندية، وإشراقات تربوية، نهديها إلى أخواتنا المؤمنات لتكون عونا لهن على طاعة الله، في زمن كثرت فيه المغريات، وطغت الفتن والملهيات، نسأل الله لنا ولهن الثبات على الحق، إنه خير مسئول وهو حسبنا ونعم الوكيل.

الهمسة الأولى

(التقوى)

أختاه! إن تقوى الله عز وجل هي جماع الخيرات ورأس الفضائل، وهي الميزان الذي يتفاضل به الناس، قال تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}

وهي أيضا خير زاد يتزوده المرء من دنياه لآخرته، كما قال سبحانه: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب}

ولذلك ذم الله تعالى الحائدين عن طريق التقوى، ممن لا يقبلون النصح، ويأنفون من التوجيه والإرشاد، قال تعالى: {وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد} .

أختاه! إن التقوى ليست مجرد كلمة لا رصيد لها من العمل، بل هي منهج حياة لابد أن يكون له أثر فعال في حياة الإنسان وسلوكه.

ففي قوله تعالى: {اتقوا الله حق تقاته} . قال ابن مسعود رضي الله عنه: أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر.

قال سهل بن عبد الله: من أرادا أن تصح له التقوى، فليترك الذنوب كلها.

قال عمر بن عبد العزيز: ليس تقوى الله بصيام النهار وقيام الليل، والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله: ترك ما حرم الله، وأداء ما افترض الله، فمن رزق بعد ذلك خيرا فهو خير إلى خير.،

خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى

واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى

لا تــحقرن صغـيرة إن الجبال من الحصى

الهمسة الثانية

(ذكرى)

أختاه! اعلمي أن الساعة آتية لا مفر منها، ولا ينفعك إلا عملك الذي أديتيه طاعة لله، فلن ينفع زوج، ولا والد، ولا ولد، ولا مال، فكله متاع زائل.

فإن قلت: أبي لا يريد، أو زوجي لا يريد، أو نحو ذلك، فإنه لا عذر لك عند الله يوم القيامة، حيث يتبرأ كل امرئ من أقاربه، بل من أقرب المقربين إليه: {يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه * لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه} .

أختاه! ماذا يساوى ملك الدنيا كلها وزينتها، ومتاعها، وسياراتها، وأثاثها، وجمالها، ومظاهرها، و.... ماذا يساوي كل هذا، ولو طالت الحياة بك ألف عام، ثم تكونين من أهل النار يوم القيامة- والعياذ بالله- ولو ليوم واحد؟!

{وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون} . ماذا لو قدر أن تكوني من سكان النار لآلاف من السنين؟! هذه النار التي تطير لأوصافها العقول، وتهلع لذكرها القلوب، النار التي تحرق الأبدان والجلود، ولا موت آنذاك {ونادوا يا مالك ليقضي علينا ربك قال إنكم ماكثون} .

أختاه! كيف بك وقد نصب الصراط- الذي هو أحد من السيف وأدق من الشعرة على متن جهنم، ليمر عليه الناس، ثم لا ينجو من السقوط في الهاوية إلا ذو العمل الصالح:

{وإن منكم إلا واردها كان على بك حتما مقضيا * ثم ننجي الذين التقوا ونذر الظالمين فيها جثيا} .

ألا فاتقي الله، واخشي ذلك اليوم، ولا تؤثري مدح الناس لجمالك ولثيابك، ولمتاعك الذاهب، فإن الدنيا كلها لا تساوي عند الله جناح بعوضة، ولا تستحق أن يغمس لأجلها الإنسان غمسة واحدة في نار جهنم- أعاذني الله وإياكِ منها-.

الهمسة الثالثة

(أنت والموضة)

أختاه! إن من واجب المرأة المسلمة أن تلتزم بالسلوك الإسلامي الصحيح، الذي يعبر عن عقيدتها وإسلامها، ويميزها عمن نسين الله، وارتضين المعصية، وآثرن الحياة الدنيا..

ومن المظاهر التي تؤثر في السلوك؛ هذه الألوان الحديثة من الموضات المختلفة.. والأزياء المتعاقبة في كل فصل، ومن كل لون ولكل مناسبة، محاطة بالأضواء والدعايات والمغريات بشتى الوسائل..

وكل يوم تدفع بيوت الأزياء جديدا، تهدف من ورائه الاستحواذ على اهتمام الرجال والنساء معا، حتى لا يبقى لهم ما يشغلهم إلا متابعة الجديد، واللحاق بكل حديث، إضافة إلى إثارة الجنس، وإبراز المفاتن، وإلهاء عنصر الشباب بالدرجة الأولى.

وليس خافيا أن وراء بيوت الأزياء ومنتجي الزينة اليهود سماسرة الجنس، وأعداء البشر، حلفاء الشيطان، وأن غايتهم محاربة منهج الله، والقضاء على الإسلام والمسلمين.

والمرأة المسلمة تختار لباسها المناسب طبقة لمعتقدها، دون التقيد بأزياء العصر وأذواقه، لأن لديها مجالا فسيحا لانتقاء ما يناسب، ويتفق مع شرع الله، ويحفظ لها كرامتها وأنوثتها ومكانتها.

فإذا استعلت المرأة المسلمة على إغراءات الجاهلية وضغوطها، وتحررت من قيود العصر وأزيائه ومظاهره، تكون قد جنبت نفسها الوقوع في هذا المنزلق الخطير.

فإذا أرادت المرأة المسلمة أن تظفر بمرضاة الله، فعليها أن تحافظ على شرع الله عقيدة وعملا.. وإذا أرادت أن تحظى بالنعيم، وتنجو من العذاب، فعليها أن تتمرد على ما في هذا العصر من إغراء ومتناقضات، وأن ترفض الجمع بين هذه المتناقضات.

الهمسة الرابعة

(اعتزي بدينك)

جاء في كتاب "مشاهداتي في بريطانيا": كانت جارتنا عجوزا يزيد عمرها على سبعين عاما، وكانت تستثير الشفقة حين تشاهد وهي تدخل أو تخرج، وليس معها من يساعدها هن أهلها وذويها.. كانت تبتاع طعامها ولباسها بنفسها.. كان منزلها هادئا ليس فيه أحد غيرها.. ولا يقرع بابها أحد..

وذات يوم قمت نحوها بواجب من الواجبات التي أوجبها الإسلام علينا نحو جيراننا.. فدهشت أشد الدهشة لما رأت.،.. مع أنني لم أصنع شيئا ذا بال.. ولكنها تعيش في مجتمع ليس فيه عمل خير.. ولا يعرف الرحمة والشفقة.. وعلاقة الجار بجاره لا تعدو- في أحسن الحالات- تحية الصباح والمساء!

جاءت في اليوم الثاني إلى منزلنا بشيء من الحلوى للأطفال، وكانت تزور زوجتي بين الحين والآخر.. وخلال تردادها على بيتنا.. علمت مدى احترام المسلمين للمرأة.. سواء كانت بنتا أو زوجة أو أما.. وبشكل خاص عندها يتقدم سنها.. حيث يتسابق ويتنافس أولادها وأبناء أولادها على خدمتها وتقديرها..

كانت المرأة المسنة تلاحظ- عن كثب- تماسك العائلة المسلمة.. كيف يعامل الوالد أبناءه.. وكيف يلتفون حوله إذا دخل البيت.. وكيف تتفانى المرأة في خدمة زوجها.. وكانت - المسكينة- تقارن بما هي عليه وما نحن عليه..

كانت تذكر أن لها أولادا وأحفادا لا تعرف أين هم.. ولا يزورها منهم أحد.. قد تموت وتدفن أو تحرق وهم لا يعلمون... ولا قيمة لهذا الأمر عندهم!!

أما منزلها فهو حصيلة عملها وكدحها طوال عمرها..

وكانت تذكر لزوجتي الصعوبات التي تواجه المرأة الغربية في العمل.. وابتياع حاجيات المنزل، ثم أنهت حديثها قائلة: "إن المرأة في بلادكم ملكة" ولولا أن الوقت متأخر جدا لتزوجت رجلا مثل زوجك، ولعشت كما تعيشون !

الهمسة الخامسة

(دعي الأرقام تتحدث)

هذه بعض الإحصائيات الغربية، تبدد ذلك الوهم الكبير بأن المرأة الغربية تعيش في سعادة وراحة نفسية، في ظل الحرية التي تتمتع بها في بلاد الغرب..

* 80 من الأمريكيات يعتقدن أن الحرية التي حصلت عليها المرأة هي سبب الانحلال والعنف في الوقت الراهن.

* 75% يشعرن بالقلق لانهيار القيم والتفسخ العائلي.

* 80% يجدن صعوبة بالغة في التوفيق بين مسئولياتهن تجاه العمل، ومسئولياتهن تجاه الزوج والأولاد.

* 87% قلن: لو عادت عجلة التاريخ للوراء، لاعتبرنا المطالبة بالمساواة مؤامرة اجتماعية ضد الولايات المتحدة، وقاومنا اللواتي يرفعن شعاراتها.

*40% من النساء تعرضن للضرب أو للاغتصاب مرة على الأقل.

* 800 ألف امرأة حامل في بريطانيا، 400 ألف منهن خارج العلاقات الزوجية.

* 152890 حالة إجهاض في الولايات المتحدة خلال سنة واحدة.

* 10 مليون حالة إجهاض بروسيا سنويا.

* 10. 1 مليون مطلقة في فرنسا.

* 40% من نساء إيطاليا ضحايا الاغتصاب.

*14 مليون امرأة إيطالية يخشين السير بمفردهن في الشوارع.

* 60% من الطالبات يتوقعن أن يغتصبن قبل التخرج.

* 18% من نساء أمريكا اغتصبن أو تعرضن لمحاولة اغتصاب.

* من كل 35 حالة اغتصاب يتم التبليغ عن حالة واحدة فقط بينما يؤثر البقية السكوت.

* 40 مليون طفل مشرد في أمريكا اللاتينية .. والبقية تأتي.

الهمسة السادسة

(عادات سيئة)

من العادات السيئة المنتشرة بين بعض الفتيات: تبادل الأفلام التافهة، والمجلات، والصور التي تهتم بشأن المطربين والمطربات والممثلين والممثلات..

ولا يخفى علينا جميعا أضرار الأفلام، وما جلبته على مجتمعنا من ويلات ومنكرات، ومن أهم أضرار الأفلام والمسلسلات والمجلات على المسلمين:

1- قتل الوقت وإضاعة العمر.

2- إشغال الفرد والأمة عق أداء واجبات مهمة.

3- نقل أخلاق البيئات الشاذة والمنحرفة إلى مجتمعنا.

4- فرض نماذج أخلاقية سيئة وهابطة على الناس.

5- تعويد المسلم على عدم غض البصر وعصيان ربه.

6- التعود على رؤية المنكرات وعدم إنكارها.

7- الإسهام بشكل مباشرة في هبوط مستوى التحصيل العلمي للطلاب والطالبات في المدارس والجامعات.

8- تشويه شخصيات التاريخ الإسلامي قي عقول المشاهدين.

9- إظهار الفاسقين والفاسقات في موقع الصدارة من المجتمع.

10- تعليم الناس الصفات القبيحة كالنفاق والكذب والاحتيال وغيره.

اعتراف

قالت: "برجيت باردو" نجمة الإغراء: "عندما أشاهد الآن أحد أفلامي السابقة، فإنني أبصق على نفسي، وأقفل الجهاز فورا.. كم كنت سافلة".

ثم تقول: "قمة السعادة للإنسان: الزواج.. إنني إذا رأيت امرأة مع زوج وأولاد أتساءل في نفسي: لماذا أنا محرومة من هذه النعمة؟!! ".

وتقول هناء ثروت بعدما اعتزلت الفن: نعم إن قرار اعتزالي الفن هو أصوب قرار اتخذته في حياتي.. ويكفي أنه جعلني أشعر بالسعادة التي كنت أفتقدها.. وأحمد ربي أنني أنقذت نفسي قبل فوات الأوان ..

فمتى ترجعين أختاه إلى طريق الهداية والنور؟

متى تستبدلين الأفلام القبيحة والمجلات الخبيثة بالأشرطة الإسلامية النافعة والكتب المفيدة الناصحة؟

إننا في انتظارك.. فهيا أسرعي.. واتخذي قرارك.. فالأمر لا يحتمل التأجيل.

الهمسة السابعة

(كفى بالموت واعظا)

تذكري- أختاه قبل أن تغمضي عينيك- أن الموت قادم لا محالة، وأنه يأتي بغتة دون موعد أو استئذان، فيأخذ الشيخ الكبير، والشاب الطرير، والطفل الصغير، والفتاة في خدرها، والمرأة في قعر بيتها.. فلا يستطيع دفعه ورده أحد ولا يجرؤ على خداعه والهروب منه أحد {قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون} .

لا فرق عنده بين صغير وكبير، وغني وفقير، وعظيم وحقير، وصحيح وسقيم..

الكل في ميزان الموت سواء

فكم من صحيح مات من غير علة وكم من مريض عاش حينا من الدهر

فيا أختاه! كم سنة تؤملين العيش والبقاء؟ ستون سنة؟ سبعون؟ ثمانون؟ مائة؟ ثم ماذا؟ {وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد} .

فإذا كان الموت هو نهاية الحياة الدنيا، وبداية الحياة الآخرة، وإذا كان لقاء الله تعالى أمرا لا مفر منه، فإن الحازم من استعد له من ساعته، واغتنم عمره في عبادة الله وطاعته..

استعدي يا نفس للموت واسعي لنجاة فالحازم المستعد

قد تبينب أنه ليس للحي خلود ولا من الموت بد

(الهمسة الثامنة)

طريق النجاة

لعلك تسألين ! أختاه- كيف النجاة؟ ما هو الطريق؟ والإجابة في قول الله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} .

1- فالنجاة في الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.

النجاة في طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والعمل بالكتاب والسنة.

2- النجاة في المحافظة على الصلوات الخمس في مواقيتها مع تعظيم شأنها والخشوع فيها.

3- النجاة في إخراج الزكاة، وصوم رمضان إيمانا واحتسابا، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا.

4- النجاة في محاسبة النفس، والمبادرة إلى التوبة النصوح.

5- النجاة في الإخلاص لله تعالى، وترك الشرك والرياء.

6- النجاة في حب الله ورسوله، وحب ما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .

7- النجاة في الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل.

8- النجاة في الصبر عنده البلاء، والشكر عند الرخاء، والمراقبة لله تعالى في السر والعلن، والرجاء لما عنده من الإفضال والمنن.

9- النجاة في التوكل على الله، وحسن الظن به، واللجوء إليه في كل الأمور.

10- النجاة في طلب العلم النافع، والعمل بمقتضى العلم لا بالجهل والهوى.

11- النجاة في تدبر القرآن وتعظيمه، وتلاوته والعمل بأحكامه.

12- النجاة في حفظ اللسان عن المحرمات، من كذب وغيبة ونميمة وسب ولعن.

13- النجاة في الوفاء بالعهود وأداء الأمانات إلى أهلها، وترك الخيانة والغدر.

14- النجاة في بر الوالدين وصلة الأرحام، وإكرام الجيران، والصبر على أذاهم، وبذل المعروف للقريب والبعيد.

15- النجاة في الستر والعفاف والحشمة، والالتزام بضوابط الإسلام في الحجاب، وتجنب التشبه بالرجال أو الكافرات في المظهر والمخبر.

16- النجاة في ترك الغل والحسد، والعداوة والبغضاء، والوقيعة في الأعراض بغير حق.

17- النجاة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة.

18- النجاة في التزام مكارم الأخلاق، من التواضع، والرحمة، والحلم، والحياء، ولين الجانب، وكظم الغيظ، والكرم، وترك الكبر والغرور والأشر والبطر وغير ذلك.

19- النجاة في الزهد في الدنيا، وقصر الأمل، والمسارعة إلى رضوان الله تعالى قبل بلوغ الأجل.

20- النجاة في الإعراض عن اللغو واللهو واللعب، والأخذ بمعالي الأمور وترك سفاسفها، والإصلاح بين الناس .