salma.n

salma.n @salman_1

عضوة جديدة

إلى أمسي القريب البعيد

الأدب النبطي والفصيح



الأمس لم يرحل في قافلة الأمس كما ظننت... أو لعله رحل ثم عاد من جديد...
لا يهم... مايهم أن الذكرى تظل تعذب القلب وتدمي الروح...
على عكس الآخرين الدين يرفضون النظر إلى الوراء، أحترف أنا الحداد على ماض لن يتكرر... وألون بالحزن أيامي. لا أجرؤ على التطلع إلى المستقبل خوفا من أن يكون- وأعرف أنه كذلك- خاويا، فارغا، ميتا...
الأمس... لا أملك أغلى من هده الذكرى التي أعطتني لحد الآن القوة والقدرة كي أواصل طريقي، ولكنها تتخلى عني اليوم حيث أحتاجها أكثر إذ خابت آمالي وتوقعاتي في الناس، في الحياة وفي نفسي أيضا... تتخلى عني فتغرق أيامي في ظلام كئيب وتصبح عذابا لا يقهر...
ظننت أني دفنت هدا الحنين مند سنين طويلة وأن مراسم البكاء وطقوس الحزن قد انتهت، لكن لا... كل شيء يموت إلا الحزن، إلا العذاب، كل شيء يتغير بفعل الزمن ويشيخ إلا المشاعر الصادقة فهي تظل متقدة، ربما تخمد يوما لكنها لا تحتاج إلا لهبة نسيم خفيفة لتصبح نارا قوية تأتي على الأخضر واليابس...
الأمس، لقد مات لكن أهمية الأموات ومدة صلاحيتهم في قلوبنا لا تنتهي بمجرد معانقتهم للثرى، فأنا رغم مرور السنين ورغم فقدي لذلك الغريب الذي دخل قلبي فبقي أسيرا هناك ومحاولته إعدام شعوري نحوه، لا زلت وفية لأمسي وحزني، بل إن حزني عليه يتعاظم يوما بعد يوم.كيف لا وهو كان لي حياة وهواء وأملا؟ لا ... لا أجرؤ على النسيان، ماذا سيبقى لي لو أنا فعلت؟
أمسي، يا أيها الأمس الحبيب، فقط لو أن هذه الذكرى لا تعذبني مثلما تفعل الآن، فقط لو أن هذا الحنين لا يتزايد في نفسي كل مرة يتسلل إلى الإحباط وينخر في اليأس كما ينخر السوس في العظم، فقط لو أنك يا أمسي لا تجعل الآخرين مجرد أطياف وشخوص وتعمي عيني عن رؤيتهم وتقفل في وجوههم أبواب قلبي طاردا إياهم شر طردة، فقط لو أنك ترحل إلى غير رجعة حاملا معك خريفك وأوراق أشجارك الصفراء وشمسك الشاحبة وتفسح المجال للربيع الأخضر وتتركني أحب من أشاء وأسكن قلبي من أشاء...
أستظل إلى الأبد متحكما بي رغم كل السنين الضوئية التي تفصل بيننا؟
أستبقى إلى آخر أيامي تحتل في كل هذه المساحة وأنت غارق في بلدك البعيد وسط حمى انشغالاتك غير مدرك لأهميتك عندي، ناسيا ذلك الأمس الذي أعتبره أنا يومي وغذي؟ربما تستحضر ذكراي يوما لكنا صورة مشوشة وغير واضحة...
أمسي، يا أمسي الجميل، يا كل عمري، كم يؤلمني أن أذكرك أنا، أن تكون لي كل شيء فيما أنا لا شيء بالنسبة لك... كم يؤلمني أن تستهلك حاضري ومستقبلي فيما أنا ذكراي لا تحرك فيك ساكنا ولعلك محوتها من صفحات عمرك نهائيا...
لهذا يا أيها الأمس أطالبك بالرحيل، خذ أمتعتك وارحل بصمت وهدوء كما فعلت ذات يوم ودعني أعيش حياتي كما يحلو لي وأمتزج بوجود آخر أنسى معه ألم أن أحب ولا أحب وكيف كنت تفهمني... وجود يمنحني أكثر مما منحتني أنت...
إن لم تكن قادرا على قبول طلبي باللجوء إليك فلتذهب، فلترحل، فعلمي أني لم أعد أستطيع أن أحمل إلى قلبك جنوني وطفولتي وإلى عينيك وسادتي وأحلامي أصبح يعذبني كما يتعذب العطشان القريب من الماء لكنه لا يستطيع إليه سبيلا..
.
.
2
739

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

غابات النور
غابات النور
خاطرة رائعة اشعر بك وانتي تتحدثين عني ..
ابدعتي اختاه وجعل الله ايامك حاضرا ومستقبلا بشئ مفرح مبهج لا تتوقعينه ..
ليه الجفا
ليه الجفا
راااااااااااائع

مع الشكر