كتبت عن الحزن حتى فاضت أوراقي بالدمع...
وكتبت له حتى صار شيئا مني...
وكتبت به حتى صار وطنا أسكنه...
وحين أردت أن أكتب عن السعادة التي تسللت إلى عالمي منذ عرفتك، وجدت الحزن تمكن مني حتى فرغ في رصيد الفرح.
بماذا سأكتبك يا سيدي ومالك أمري؟ الحزن لا يليق بالربيع الذي زارني منذ عرفتك...
وماذا سأكتب عنك والكلمات لم يعد لها معنى منذ اجتاحني حبك؟
سيدي، ها أنا أعود ثانية إلى أوراقي، أحاول أن ألملم أشلاء نفسي وأخط بضع كلمات أطفئ بها ظمإي للكتابة، لكنني للمرة الألف أقف أمام بياض الورقة كتلميذ لم يذاكر دروسه جيدا ولا يسعني إلا أن أنحني إجلالا لحبك، هذا القوي الجبار الذي أنزلني من عليائي وأجبر قلمي على إعلان إفلاسه...
لا أعرف بأي الأسماء أسميك، وبأي اللغات أكتبك... أنت فوق التسميات واللغات...
ولست أدري لم أحبك أنت... كيف ومتى ولماذا أحببتك؟ خرجت فجأة ذات مساء من شرفات الغيوب لتطل على حياتي حاملا معك معان جميلة قادرة أن تسعد فتاة بسيطة مثلي بحثت طويلا عن وطن في دفء قلب تطلب اللجوء إليه.
نقلت إليك أحلامي الطفولية، خربشاتي، وخيبات أملي، فتقبلت الطفلة المتقلبة والمتطلبة بداخلي بصدر رحب وبحنان فتح شهيتي للحب وجعلني أشعر بحاجتي للشمس لتدخل وتطرد الكآبة من بين ثنايا حياتي... أصبح لوجودي معنى منذ عرفتك وغذت الحياة أكثر إشراقا وطيبة واستعدادا للعطاء فوجدتني كلما ازداد تعمقي فيك ازداد تعمق إحساسي نحوك، وازدادت مساحة حبي لك...
كل ما أعرفه أنك طرقت بابي فأصبحت كل مساء أترقب طرقاتك حتى أدمنتها...
كل ما أعرفه أنك استعمرتني فطردت الفوضى من قلبي وزرعتها في عقلي فصار يكتب شتاتا... كلمات غير متراصة... غير مترابطة...
كل ما أعرفه أني معك ودعت رصيف الماضي الذي توقفت سفني عنده طويلا ورفعت أشرعتي لأبحر في بحر حبك ودفئك....
سيدي، سيد قلمي... أنا ألف أحبك، فهل من رأفة بهذا القلم الذي جعلته رهين هذه الكلمة فصار عاجزا عن اختراع غيرها؟