إلى كل فتاة بعد رمضان

الملتقى العام


إلى كل فتاة بعد رمضان

أخيتي في الحقيقة لا أدري هل أهنئكِ بالعيد أم أعزيك في انقضاء شهر رمضان.

بين يدي الوداع:

انقضى شهر الصيام.

انقضى شهر القرآن.

انقضى شهر الرحمات.

انقضى شهر الغفران.

انقضى شهر العتق من النيران.

بالأمس القريب، بارك بعضنا لبعض استقبال رمضان، فسُكِبت العبرات فرحًا واستبشارًا به، وطربت القلوب، وشُنِّفت الأسماع بصدى تراويحه.

واليوم... له لون غريب من الدموع!

فانهمرت على الخدود وحادت بأغلى ما لديها

يا عيونًا أرسلت أدمعها ما بذا لو أرسلت الدما

جمال السلف في وداع رمضان.

رُوي عن علي رضي الله عنه، أنه كان ينادي في آخر ليلة من رمضان: يا ليت شعري! من المقبول فنهنيه، ومن المحروم فنعزيه؟!

وهذا اين مسعود رضي الله عنه يقول: أيها المقبول هنيئًا لك، ويا أيها المردود جَبَرَ الله مصيبتك.

وهذا
عمر بن عبد العزيز رحمه الله، حين خرج يوم الفطر ليخطب، فقال: أيها الناس،
صمتم لله ثلاثين يومًا! وقمتم ثلاثين ليلة، وخرجتم اليوم تطلبون من الله
أن يتقبل منكم ما كان!

قال ابن رجب رحمه الله: ولقد كان السلف رحمهم الله يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان، ثم يدعون الله ستة أشهر أن يتقبله منهم.

وقال
الحسن رحمه الله: إن الله جعل شهر رمضان مضمارًا لخلقه يستبقون فيه بطاعته
إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا، فالعجب من اللاعب
الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون، ويخسر فيه المبطلون، ثم يكرر
رحمه الله:

اسمع أنين العاشقين إن استطعت له سماعًا

راح الحبيب فشيعته مدامعي تهمه مراعًا

لو كلف الجبل الأصم فراق إلف ما استطاعا

كانوا ـ أختي ـ قوم عندهم لذة العبودية فوق كل لذة، قوم وطنوا أنفسهم على اكتساب الذخر الباقي والتجارة الرابحة.

فأين أنتِ من تلك المناقب الزاهية، والمراتب العالية.

ورحلت يا شهر الصيام وقد كنت أنوارًا بكل مكان

لئن فنيت أيامك الزهر بغتة فما الحزن من قلبي عليك بفان

عليك سلام الله كن شاهدًا لنا بخير رعاك الله من رمضان

لئن رحل رمضان، فإن العمل لن يرحل يا أخيتي.

لئن انقضى رمضان فالسير نحو الله لن ينقضي أيتها الغالية، فبادري أخيتي الحبيبة، وسابقي في الطريق إلى الله.

قال ابن القيم الجوزي رحمه الله: (السابقون في الدنيا إلى الخيرات، هم السابقون يوم القيامة إلى الجنات).

أين نحن من دعوة ربنا لنا: ((وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ)) ، فكي
يتم الثبات بعد رمضان على الطاعة لابد أخيتي من همة عالية، انظري معي قول
أبي مسلم الخولاني رحمه الله حين قال: (أيظن أصحاب محمد أن يستأثروا به
دوننا؟ كلا والله، لنزاحمنهم عليه زحامًا حتى يعلموا أنهم قد خلفوا وراءهم
رجالًا)، فوصيتي إليكِ أيتها الحبيبة الغالية: "إن استطعتِ أن لا يسبقكِ
إلى الله أحد فافعلي".

ثوابت الإيمان بعد رمضان.

وإليكِ بعض الأسباب المعينة على الثبات بعد رمضان:

1- الإخلاص، ومعه استحضار النية في جميع الأعمال قدر المستطاع.

2- الاقتصاد في الطعام والشراب، خاصة ليلًا حتى تستطيعي القيام بالليل وصلاة الفجر.

3- قراءة القرآن.

4- القيام.

5-الأذكار.

6- الدعاء.

7- الجود والكرم.

8- الحلم والصفح.

وسيأتي فيما بعد تفصيلًا لذلك.

ثوابت الإيمان لدى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

برز الصحابة في تطبيق هذه الثوابت الإيمانية وتميز بعضهم في بعض الثوابت.

1-
تميز سيدنا أبو بكر رضي الله عنه بسرعة التصديق، وحسن الصحبة، وبذل ماله
كله ابتغاء وجه الله، ومع هذا كان رجلًا أسيفًا؛ إذا صلى بكى، حتى لا يكاد
أحد يسمع صوته من كثرة بكائه وخشوعه.

2- كان سيدنا سعد بن أبي وقاص مسند الرمية، مُستجاب الدعوة.

3-
كانت السيدة خديجة أم المؤمنين مثلًا للزوجة الحنون والأم الرؤوم،
والمروءة العالية، وحسن التعامل مع جميع المواقف الصعبة، فوق حنانها
وحكمتها وحسن إدراتها لمالها.

4-
عُرفت السيدة أم سليم الرميصاء بنت ملحان، بأنها كان مهرها الإسلام حين
زواجها من طلحة، وأحسنت في تعريفه بوفاة ولده بعد أن مكنته من كل حقوقه
الزوجية، وكانت تحمل خنجرًا مع الخونة من اليهود أثناء غزوة الخندق تدافع
به.

المصادر:

1- ربانيون لا رمضانيون................. محمد بن عبد الرحمن العريفي.

2- رمضان والرحيل المر.................. إبراهيم الدويش.

3- هكذا رحل رمضان.................. أحمد سعيد حوى.
4- ثوابت الإيمان بعد رمضان............ د.صلاح سلطان.
2
630

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

حيدة في البيت
حيدة في البيت
جزاك الله خييرا
غيييمه
غيييمه
جزاك الله خير