إلى كل فتاة
كيف تنمين ذوقك وحسك الجمالي؟!
يقول الاديب الكبير مصطفى لطفي المنفلوطي في (النظرات): الجمال هو التناسب بين اجزاء الهيئات المركبة سواء اكان ذلك في الماديات ام في المعقولات وفي
الحقائق ام الخيالات،، ما كان الوجه الجميل جميلا الا للتناسب بين اجزائه، وما كان الصوت الجميل جميلاالا للتناسب بين نغماته، ولولا التناسب بين حبات
العقد ماافتتنت به الحسناء، ولولا التناسق في ازهار الروض ما هامت به الشعراء،، ليس للتناسب قاعدة مطردة يستطيع الكاتب ان يبينهافالتناسب في المرئيات غيره
في المسموعات، وفي الرسوم غيره في الخطوط، وفي الشؤون العلمية غيره في القصائد الشعرية، على انه لا حاجة الى بيانه ما دامت الاذواق السليمة تدرك بفطرتها
ما يلائمها فترتاح اليه ومالا يلائمها فتنفر منه، ان كثيرا من الناس يطربون لنقيق الضفادع كما يطربون لخرير الماء، ويعجبون بشعر ابن الفارض وابن معتوق
اكثر مما يعجبون بشعر ابي الطيب وابي تمام والبحتري، ويضحكون لما يبكي ويبكون مما يضحك، ويرضون بما يغضب ويغضبون مما يرضي،، اولئك هم اصحاب الاذواق
المريضة واولئك هم الذين تصدر عنهم افعالهم واقوالهم مشوهة غير متناسبة ولا متلائمة لانهم لم يدركوا سر الجمال فيصدر عنهم، ولم تالفه نفوسهم فيصير غريزة
من غرائزهم،،، إ،ه،
بهذا الكلام الرائع استفتح مقالتي هذه التي اهدف من ورائها الى تعريف الفتاة بطرائق تنمية حسها الجمالي ورفع درجة ذوقها الى الافضل والاحسن،
ويلزم ان اشير في هذا الموضوع الى ان مقالتي هذه لا تتناول ناحية الجمال الفطري او الجمال الشكلي الظاهر خلفه وانما تتناول النواحي الاخرى المكتسبة التي
تدعم ذلك الجمال وتضفي عليه هالة من الحسن والجاذبية،،ولا غنى لجانب من الجانبين - الفطري والمكتسب - عن صاحبه اذ، قد نرى فتاة فيها عيوب جمالية ظاهرة في
الخلقة لكن صفاتها الاخرى واخلاقياتها ترتق جوانب النقص تلك، وبالمقابل قد نرى فتاة آية في الجمال الظاهري فاذا ما فاهت بكلمة نابية او قامت بسلوك غير
حضاري فكأنما مسخ جمالها ذاك مؤذنا بتغير انطباعاتنا عنها، وقد نرى فتاة جمعت الحسنيين قلبا وقالبا،، وهنيئا لمن كانت كذلك،،
والسؤال الذي نطرحه هنا هو: كيف تنجح الفتاة في رسم انطباعات حسنة عنها في عيون واذهان الآخرين؟!،
وللاجابة على هذا السؤال اعرض الى ثلاثة محاور رئيسية بالتفصيل،،
المحور الاول: الشكل والهيئة:
ان شكل الفتاة وهيئتها الخارجية يمثلان الانطباع الاول الذي يفرض نفسه في اذهان الناس عن تلك الفتاة، ولذا يجب على الفتاة ان تولي هذا الحانب اهتماما
كبيرا، ورغم اني اوقن يقينا مطلقا بان الاهتمام بالزينة والعناية بالمظهر امران كامنان في صميم فطرة الفتاة الا انني اقتطع جزءا من مقالتي للحديث عنهما،
وذلك لان فساد الاذواق واختلال مؤشر الحس الجمالي لدى بعض الفتيات، قد حدا بهن الى المبالغة بالزينة الى الحد الذي يقلبها قبحا فيكنّ الى التشويه اقرب
منهن الى الجمال!،
فكم من فتاة جازت عليها حيلة (التغريب) بلبس الملابس الفاضحة العارية التي تجردها من الحياء تحت مسمى الاناقة ومجاراة روح العصر!! وكم من فتاة تلاحق ركب
،(الموضة) ببلاهة دون مراعاة ما يناسبها وما لا يناسبها! اذ من البدهي ان كل فتاة تختلف عن غيرها في خصائصها الشكلية، فما يناسب البيضاء قد لا يناسب
السمراء وما يناسب ذات الشعر الاشقر قد لا يتناسب مع ذات الشعر الاسود او الناعم او الاجعد، ومثل ذلك مع الطويلة والقصيرة، المكتنزة والنحيلة وذات القوام
المعتدل،، ان صاحبة الذوق المريض تعرف لاول وهلة من مجافاة لبسها وهيئتها لابجديات التناسق والتناسب، اذ لا يلبث هذا الانطباع ان يرتسم في اذهاننا اذا ما
رأينا فتاة ذات بشرة سمراء، قد صبغت شعرها باللون الاصفر الفاقع الذي لا يسر الناظرين، او لبست الوانا فسفورية صارخة تزيدها سمرة الى سمرتها، لمجرد مجاراة
،(الموضة)! او نشعر بالانطباع ذاته اذا ما رأينا فتاة قد اخرجت خصلة شعر من مقدمة رأسها وجعلتها تنسل من مفرق الشعر متوسطة بين العينين بمحاذاة الانف
لتباري الوجه طولا او تزيد عليه!! او ارتدت ثوبا ذا اكمام طويلة جدا لا تبدي الا رؤوس مخالبها عفوا اعني اظفارها الطويلة، ولبست فوق الكم (اكسسوارات) ،
خشبية ملونة ومنوعة ما بين كبيرة وصغيرة، فنخال اذا ما رأيناها اننا امام احد محال الخردوات من فئة (ابو ريالين)! لا امام فتاة يفترض بها ان تعرف أبجديات
الذوق او ادنى درجات الجمال والتناسب!!اما (البندانة) التي ابتدعتها (الموضة) فاني والله اشك في ان لابستها قد وقفت امام المرآة قبل الخروج بها وذلك لقبح
شكلها ومنافاته لمعاني الاناقة التي تبحث عنها الفتاة فاي جمال في قطعة من القماش يعصب بها الجبين وتغطى بها مقدمة الشعر ليتنفش مجعدا من الخلف؟! ما اشبه
لابسة (البندانة) والله بخادمة من شرق آسيا قد شمرت عن ساعديها للعمل!! انها (الموضة) ومجاراتها والركض وراءها! يقول الشيخ علي الطنطاوي: رأيت مرة امرأة
واقفة في الترام والمقاعد خالية، وكلما دعوها لتجلس ابت ثم تبين انها تلبس ازارا (تنورة) ضيقا عجيبا لا تستطيع معه المشي الا كمشي المقيد بالحديد ولا
تستطيع صعود درجة الترام الا بكشف رجليها واخراجهما منها فلذلك لا تستطيع القعود،، تتساءلون: لماذا تعذب نفسها هذاالعذاب؟! من اجل الناس ومن اجل
الموضة)إ،ه،
المحور الثاني: الكلام
ان طال لم يملك وان هي اوجزت
ود المحدث أنها لم توجز!،
يقول الكاتب عبدالكريم الطويان في كتابه (من افواه الرواة): الكلمة هي الصلة بيننا وبين الناس، وهي الجسر الذي نقيمه لنصل به الى قلوبهم، والكلمات توزن
ولا تعد، وقيمة الكلمة ليست في جمال لفظها فحسب ولا في سمو معناها فقط ولكن ايضا في توقيت نشرها ومناسبتها موقعها من الحديث، فان اهم من الكلمة متى
تقولها؟ والكلمة التي تنطقها اما ان تقيم لك جسرا جديدا مع محدثك او تمتن جسرا قديما او تسقط جسرا، قائما، واذا تكلم المرء فله او عليه ولا وسط بين
الحالتين، وان اهتمام الانسان بكلماته انتقاء لالفاظها واختيارا لمعانيها وانتهازا لفرص طرحها هو امر من الاهمية بمكان بعيد (فالكلمة الطيبة صدقة) وجميل
ان نبحث للكلمة الطيبة لفظا طيبا ليكتمل الحسن ويقع المطلوب في القلب موقعا لطيفا فلكم سهل الاسلوب الحسن والكلام اللين من طرق كانت وعرة ولكم فتح من
مغاليق كانت موصدة، وقديما قالوا (الكلام اللين يغلب على الحق المبين،،)إ،ه،
كلمات من ذهب،، لو تأملتها الفتاة لعرفت مدى اهمية العناية بجانب الكلام، ولعلني افصل الحديث عن هذا الجانب في نواح ثلاث: الاولى: ناحية الصوت، والثانية:
ناحية الاختيار، والثالثة: ناحية التوقيت،
اما بالنسبة لناحية الصوت فيجب على الفتاة ان تعود نفسها على النغمة الناعمة الهادئة وان تتجنب رفع الصوت او الحدة والخشونة فيه، فذلك يجردها من الرقة
والانوثة ومن دلائل الشخصية السوية ايضا، ذلك ان الدكتور لين ستربتر استاذ علم الصوتيات بجامعة كولمبيا الامريكية قد توصل ضمن ابحاثه الى ان 90% من اصحاب
الاصوات العالية يتميزون بشخصية غير قوية وغير مؤثرة، وان الاصوات العالية عادة ماتفتقر الى الصدق والتأثير في السامعين، وذلك على عكس الحال مع الاصوات
الهادئة،، وهذا ما اكده الحق تبارك وتعالى بقوله على لسان لقمان في وصيته لولده: (واقصد في مشيك واغضض من صوتك ان انكر الاصوات لصوت الحمير،،)،،
واما بالنسبة للناحية الثانية وهي ناحية الاختيار، فأؤكد في مستهل الحديث عنها على ان اللغة مليئة بالمفردات على اختلافها، ولكن الحس الجمالي يتجلى عند
الفتاة في حسن اختيارها وانتقاء اعذبها الذي يبلغ مبلغه في التأثير على القلوب:
إنما هذه القلوب حديد
ولذيذ الالفاظ مغناطيس!،
جاء في كتاب (دنياالمرأة): حكي ان اعرابيا كان له اربع نسوة فاراد يوما ان يختبر عقولهن فبدأ بالصغرى وقال لها: اذا كان الصبح فايقظيني فلما دنا الصبح
قالت: قد دنا الصبح! قال وما يدريك؟ قالت: غارت صغار النجوم وبقي احسنها واضوءها واكبرها وبرد الحلي على جسدي واستلذذت باستنشاق النسيم! فقال لها: ان في
ذلك دليلا وفي الليلة الثانية قال للتي تليها مثل مقالته الاولى فلما دنا الصبح ايقظته فقال لها: وما يدريك؟ قالت: ضحكت السماء من جوانبها، ولم تبعد نابتة
الا فاحت روائحها وعيني تطالبني باغفاءة الصباح! فقال: ان في ذلك دليلا وفي الليلة الثالثة قال للتي تليها مثل ذلك فلما دنا الصبح ايقظته فقال لها: وما
يدريك؟ فقالت: لم يبق طائر الا غرد ولا ملبوس الا برد، وقد صار للطرف في الليل مجال وليس ذلك الا من دنو الصباح فقال: ان في ذلك دليلا واثنى عليهن جميعا!
وفي الليلة التالية قال للرابعة مثلما قال لهن فلما دنا الصبح قالت له: قم فقد دنا الصبح! فقال لها: وما يدريك؟ قالت: ابت نفسي النوم، وطالبني فمي بالسواك
واحتجت الى الوضوء!! فقال لها: انت اقبحهن وصفا!! وسرحها سراحا جميلا!،
وقد تقول: انها ذات دين ولكنها لم تحسن الكلام ولم تراع الجانب النفسي والجمالي!!،
كذلك فان وزن الكلمة قبل التفوه بها لا يقل ابدا عن حسن اختيارها، يقول الشاعر في مثل هذا المعنى:
وزن الكلام اذا نطقت فإنما
يبدي عيوب ذوي العقول المنطق!،
اما بالنسبة للناحية الثالثة وهي ناحية التوقيت فأكتفي عند تناولها بما اسلفت من كلام الاستاذ الطويان واضيف عليه قول ارسطو: لا يكفي ان يعرف المرء ما
ينبغي ان يقال بل يجب ان يقوله كما ينبغي وفي الوقت الذي ينبغي له ان يقوله: واختم الحديث حول هذا المحور بضرورة حرص الفتاة على حفظ بعض الكلمات والعبارات
وابيات الشعر الجميلة فقد قيل:
احفظ تقل ما شئته
ان الكلام من الكلام!،
المحور الثالث: عادات قبيحة
وقد يطول بي المقام عند الحديث حول هذا المحور، الا ان هذه الاطالة يتطلبها مقتضى الحال، ذلك آمل من قارئة حروفي ان تقدح زناد التفكير فيما سأورده من
نقاط، وان تطلق العنان لتأملاتها حولها، فان وجدتني على صواب فيما رأيت فأكون شاكرة لها ان قبلت قولي وسلكت مسلكي، وان كانت الثانية فلا تثريب عليها ولكل
وجهة هو موليها،،
اولا: اياك و
،- اهمال النظافة،، فهي دليل شخصيتك الاول ومؤشر يقيس من خلاله الناس درجة وعيك فاحرصي على النظافة الداخلية والخارجية ولا تهملي ابدا سنن الفطرة التي
حددها الرسول صلى الله عليه وسلم وتذكري دائما ان الرائحة الطيبة تبعث على الارتياح على النقيض تماما ممن تمرين بجوارها فيصيبك الدوار وتكادين تفقدين وعيك
من نتن رائحتها واهمالها لابجديات النظافة!،
واود ان انبه عند هذه النقطة على ان ارقى العطور الباريسية واجود انواع العود الاصلية لا تجدي على الاطلاق في حال اهمال النظافة فتذكري على الدوام قبل ان
تتضمخي بعطورك ان أطيب الطيب (الماء)!!،
ثانيا: اياك و،،
اهمال النظام والترتيب في كل ما حولك ولتعلمي ان النظام صفة مكتسبة فاذا ما عودت نفسك عليها فانها تصبح سجية من سجاياك وخصلة من خصالك،
ثالثا: اياك و:
التسرع في اطلاق الاحكام واذا ماسئلت عن شيء لا يخضع لقوانين محددة، فأبدي وجهة نظرك دون ان تحكمي على وجهات النظر الاخرى بأنها خاطئة! فلكل رايه وذوقه،
واذكر في هذا الصدد موقفا جمعني مع بعض صويحباتي فحدث ان سألت احداهن اخرى عن رأيها في تسريحة شعرها، فأجابتها بانها حلوة وجميلة فاذا باحدى الصويحبات
تفجر قنبلة في مجلسنا بقولها المفاجىء وغير المتوقع: (لا،، تراها تكذب،، تسريحتك شينة)!!،
رابعا: إياك و:
التجهم والعبوس واعلمي ان الابتسامة وانبساط اسارير الوجه تشعر بسماحة الشخص ولطفه وجميل اخلاقه ولعل من الطريف هنا ان اورد مقولة احدى خفيفات الظل حين
سئلت عن سر ابتسامتها الدائمة فعللت ذلك بقولها ان (الفتاة بدون ابتسامة،، كالهندي بلا اقامة)!،
خامسا: إياك و:
الكلام وفمك مملوء بالطعام وتجنبي اصدار صوت اثناء المضع او ارتشاف الماء! ولا تكوني كمن تأكل بكل قبضتها فترين الزوائد وفضول الطعام تتناثر من جوانب يدها
فضلا عن قطرات الدهن التي تتقاطر من بين اصابعها بشكل مقزز كفيل بافقادك (شهية) الاكل لمدة اسبوع أو اكثر!!،
سادسا: إياك و:
اهمال بعض التفصيلات السلوكية او الحركية فاهتمي قليلا بطريقة مشيك وحركتك وجلوسك فهناك من تسير وهي تجر قدميها بتثاقل وكأنهما ليستا من اعضائها! وهناك من
تسير منحنية الرأس والجذع وكأنها (لمبة شارع)! وهناك من اذا همت بالجلوس القت بنفسها القاء تشعرين على اثره بان جدارا قدسقط بجوارك!! وهناك من اذا التفتت
مالت بجسمها كله لا برأسها فقط! وغالبا ما تفعل ذلك قريبة مهوى القرط لا بعيدته!،
وهناك من اذا جلست في مجلس وضعت يديها على قدميها ومسكت كعبيها او امشاط رجليها في صورة قبيحة ومنفرة! وهناك من ترمي بصرها وتتلفت يمنة ويسرة اثناء سيرها
في الشارع بطريقة تثير الظنون وتشعر بالريبة!!،
فاحرصي على الا تكوني واحدة من اولئك!،
،* تنبيهات عامة:
،- عند الرد على اي مناد اجيبي بأية لفظة تريدين ولكن تجنبي الرد بتلك الكلمة التي تشبه صوت البقرة (هااااه)!!،
،* قللي - ان لم تستطعي ان تقلعي - من اكل اللبان (العلك) ومضغه بطريقة مزرية تسيء الى جمالك!،
،* لا داعي لسؤال الناس عن كل ما يعجبك لديهم، وان كنت لابد فاعلة فاكتفي بعبارات الثناء على حسن اختيارهم وجميل ذوقهم!،
،* تجنبي الكلمات والعبارات النشاز التي لا يتوقعها احد منك على اعتبارك فتاة متعلمة وواعية وأربأ بنفسي هنا عن التمثيل!،
،* اذا كنت تملكين مفردات بديلة فلا داعي لاستعمال بعض الكلمات الموغلة في القدم من اللواتي فقدن عنصر الجمال والحلاوة من مثل قول: تملط بمعنى تدهن - تنقث
،- تخرج تربض تجلس - تقعط (تنادي) - طمل (قذر) براطم (شفاه)!!،
،* احرصي على نظافة اسنانك باستعمال الفرشاة والمعجون او السواك بعد الوجبات وتجنبي تنظيف بقايا الاطعمة م
إبــــداع @abdaaa_3
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
وقل ربى زدنى علما