بسم الله الرحمن الرحيم
================
الإحسان
========
هذا المقال ملخص لمحاضرة "الإحسان" من سلسلة "حتى يغيِّروا ما بأنفسهم" للأستاذ/ عمرو خالد التي ألقاها على الفضائيات يوم السبت الموافق 29/3/2003وهذا هو نص المقال:
الحمد لله نحمده ونستهديه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له ومن يُضلل فلا هادى له ونصلى ونسلم على الحبيب المصطفى سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
قبل أن نبدأ حديثنا عن التغيير أود أن أصف منظرا رأيته .. رأيت حى الشعلة فى بغداد يشتعل نارا .. ومستودع للأغذية منفجر وآلاف القتلى والجرحى .... ولكنى هذه المرة لم أبكِ على ذلك هذه المرة بكيت بغــــــداد ..... بغداد اسم له رنين محبب الى قلوبنا ... عاصمة الخلافة الإسلامية لمئات السنين .... قلعة الأُسود وكعبة المجد والصمود كما تغنَّى بها الشعراء ... بغداد التى وصفها المستشرقون بقولهم ::" نشهد اننا لم نجد على الأرض مكانا كان أصحاب الأديان أحرارا فى ممارسة شعائرهم كما حدث فى بغداد. !!!"
وبهذه المناسبة أيضا أريد ان أوضح أن قانون الله سبحانه وتعالى فى التغيير لا يتعلق بالمسلمين فقط... فالآية تقول أن:" الله لا يغيِّر ما بقوم .... فأي قوم أتخذوا أسباب التغيير الإيجابى فى السلوك يمنحهم الله قيادة البشرية ... والتغيير ليس زِرَّاً يتم الضغط عليه فتتغير الصفة ... بل هى عملية صعبة .،إن إعادة صناعة الإنسان تحتاج الى جهد ... وبناء على الأفكار بالعمل فى كل المجالات ... التغيير صناعة صعبة ولكنها ليست مستحيلة ..... ودليلنا: أُمَّة عاشت قرون كانت ترعى الغنم ثم تحوَّلت بعد 25 سنة فقط الى أمة ترعى الأُمم!!!. هؤلاء هم صحابة رسول الله.
إذن نتفق اليوم أن هناك خُلُق مهم جدا ينقصنا ويعطِّلنا عن النصر والتمكين في الأرض،وهو: الإحسان أى: الإتقان
للأسف اصبح كل أداءنا للأعمال تحت بند : أى كلام ... أى أداء .... شئ يؤدِّى الغرض والسلام. كل شئ: . مذاكرة الطالب , صناعة الصانع , تدريس المدرِّس , كل مجالاتنا لا تحمل طابع الجودة والإتقان بل الإستعجال والتسيُّب والفهلوة
مع إن الإتقان سُنَّة حياة المسلمين ,قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "انَّ اللهَ يُحب إذا عمِل أحدكم عملا أن يُتقنه" . الغرب أخذ هذا الشعار مبدأ ولذلك سادوا وتقدموا لأن القيادة مرتبطة بالقوانين .... فهيا بنا نتخلق بالإحسان , نتخلق بالإتقان
إذا صنعنا أى شئ يجب علينا إتقانه ... لا يُعقل ان يحتاج العمل فعلياً الى مائة شخص فنضطر الى تعيين مائتان لأن المائة لن يؤدوا كما ينبغى . إن الأمة تترهل .... هل يُعقل ان يكون متوسط ساعات العمل اليومية الفعلية فى الغرب من 8 الى 10 ساعات وان يكون متوسط ساعات العمل الفعلية اليومية فى الأمة العربية على أحسن الدراسات 12 – 13 دقيقة والبعض هبط بها الى 5 دقائق ؟؟؟!!!.إن قوانين الله سبحانه ثابتة ،فإذا أردنا العزة والسيادة لا بد لنا من الإتقان.
يقول تعالى : {إنَّ اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذِى القُربَى ويَنْهَى عن الفحشاءِ والمُنكر ِوالبَغْي}...سورة النحل...الآية 90
إن الإحسان هو الصفة الثانية المطلوبة بعد العدل
ويقول تعالى أيضا : {إنَّ اللهَ يحب المُحسِنين}....سورة البقرة... الآية 195
ويقول جلَّ و عَلا : {إن اللهَ لا يُضِيْعُ أجرَ مَن أحسَنَ عَملا}...سورة الكهف...الآية 30
ويقول سبحانه: {لِلَّذين أحسَنوا الحُسنَى وَ زِيادَة ولا تَرهَقُ وجُوهَهُم قَتَرٌ ولا ذِلَّة}...سورة يونس...الآية 26
وجب علينا الإتقان والإحسان فى كل مناحى الحياة ..... أتدرون اين سوء الأداء وقلة الإحسان ؟ فى طالب يذاكر شئ ليحصل به على نتيجة ... فى مدرس لا يشرح كما ينبغى ... فى سلعة زراعية أو صناعية صنعناها لتعيش ايام ثم تتحطم ... هناك دول بعينها تشتهر بصناعات معينة ولا ينافسها فيها أحد وهناك دول أخرى تحتكر صناعة وإتقان مجموعات من الصناعات .. ونحن أين منتجنا العربى؟؟؟؟ ما الذى نستطيع ان نرفع راية الفخر به ونقول هذه صناعة لا يقدِر عليها سوانا ؟؟؟؟ لا يوجد. إذا قرأنا صُنِع فى .... دولة غربية فنحن نشترى المنتَج دون تفكير مع ثقة كاملة فى جودته أما إذا كان صُنع فى بلد عربى فنحن نقلِّبه وننظر للسعر ونفكر كم سيدوم عمره!
قابلنى صديق قائلا : الحمد لله أن الغرب يتفوق تكنولوجيا كل يوم حتى نأخذ نحن هذا الإنجاز جاهزا نستعمله ونتفرغ للعبادة !!!!!!
لم أصدق انه جاد .... اى عبادة تلك وانت عبادتك ان تتفوق على الجميع فى كل المجالات .؟؟!!...يجب إتقان كل شئ بداية من السلام الى قمة الأداء العملى ....
استطيع ان اسلِّم بكلمة واحدة: السلام عليكم ..أو أزيدها وأجعلها السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وأضيف اليها مصافحة قوية باليد ثم ابتسامة واسعة على الوجه ونظرة محبة من العين ,,,, أرأيتم مراحل الإتقان؟؟؟؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن اللهَ كتب الإحسان على كل شئ فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة وَلْيُحِدّ أحدكم شَفرَته ولْيُرِح ذبيحته .
أتدرون لماذا اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المثال حين طلب منا الإحسان فى العمل ؟؟ هل لفت نظركم انه يطلب منا الإتقان فى لحظة إنهاء حياة ؟... اذا أراد شخص ان يذبح شاة أو دجاجة فعلام الإتقان وهى ستصبح ميتة فى ثوان ؟؟؟ الإتقان مطلوب فى هذه اللحظة لأن الإتقان خُلُق مسلم ... ولقد أعطانا الرسول وسائل الإتقان : حد الشفرة أى جعل نصلها مسنونا حادا ..وإراحة وضع الذبيحة .... إذن فالإتقان له وسائل يجب اللجوء اليها ولا يصلح معه الفهلوة ...
من أجمل معانى الإتقان والإحسان ,الإحسان فى العبادة ...وأحسِن كما أحسن الله اليك .
أعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
نشكو من ان صَلاتنا لا أثر لها فهل أتقننا خطواتها واركانها وقراءتها ؟؟؟ حتى الجدال ..اى عراك، الكلام فى ديننا يجب ان يتم بإحسان :
بسم الله الرحمن الرحيم :{وجادِلهُم بالَّتى هى أحسن}...سورة النحل....الآية 125
حتى الطلاق :
بسم الله الرحمن الرحيم : {الطلاق ُمرَّتان فإمساكٌ بِمعروف أَوْ تسريحٌ بإحسان}...سورة البقرة...الآية229
أنظروا الى الكريم بن الأكرمين سيدنا يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام حين احتاج الملِك الى تفسير الرؤيا لم يمتنع ... لم يضع شرط الإفراج عنه أولا ... مع أن تفسيره كان خطة أقتصادية ... زيادة انتاج ثم ترشيد استهلاك ..
لم يطالب بالتحقق من براءته أولا.. لم يقايض على تحرره... وللعلم كانوا مشركين .. لم يذكُر القرآن أنهم أسلموا أو آمنوا فما الذى دفع سيدنا يوسف لكل هذه المساعدة ؟؟؟؟ إنه الإحسان .... هل كان الكريم سيترك الأمة كلها تقع فى مأزق المجاعة والفقر إنتقاما لنفسه ؟!... هذا ليس خُلُقنا ...و ليس ما أمرنا الله به .
ان الإتقان صفة من صفات الكمال ... والكمال هو جوهر طموحاتنا .... ان نبلغ رضى الله سبحانه وتعالى وهو الكمال المطلق بمحاولة إكمال واستكمال كل نقص أوعيب حولنا فلا نترك عملا أو أداء إلا تمَّمناه على أكمل وجه حتى يليق بالتقديم الى رب العباد ... و إلا لا نلومن إلا أنفسنا إذا ساد غيرُنا علينا وأذاقنا ذل التبعية فإن السيادة لصاحب الكمال وليست ابداً لمدعيى الأداء وسوء الإنجاز.. اللهم نجِّنا من ذلك
rainyheart @rainyheart
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️