المسلمه

المسلمه @almslmh

محررة برونزية

إن إجابة الدعاء معلقة بصدق اللجأ والتضرع إليه ،وعدم استعجال الإجابة،

ملتقى الإيمان

عباد الله: يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار يُكنى أبا مِعْلَق، وكان تاجرا يتجر بمال له ولغيره، يضرب به في الآفاق وكان ناسكا ورعا.

فخرج مرة فلقيه لص مقنع في السلاح فقال له: ضع ما معك فإني قاتلك .قال ما تريد إلى دمي شأنك بالمال.

قال: أما المال فلي ولست أريد إلا دمك. قال: أما إذا أبيت فذرني أُصلي أربع ركعات، قال: صل ما بدا لك، قال: فتوضأ ثم صلى أربع ركعات.

فكان من دعائه في آخر سجدة أن قال: يا ودود ياذا العرش المجيد أسألك بعزك الذي لايرام، وملكك الذي لايضام، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك أن تكفيني شر هذا اللص، يا مغيث أغثني، يا مغيث أغثني ثلاث مرات.

فإذا هو بفارس أقبل بيده حربة واضعها بين أُذني فرسه فلما بصر به اللص أقبل نحوه فطعنه فقتله.

ثم أقبل إليه فقال: قم. قال: من أنت بأبي وأمي فقد أغاثني الله بك اليوم؟

قال: أنا ملك من أهل السماء الرابعة دعوت بدعائك الأول، فسمعتُ لأبواب السماء قعقعة، ثم دعوت بدعائك الثاني فسمعتُ لأهل السماء ضجةً. ثم دعوت بدعائك الثالث فقيل لي دعاء مكروب فسألت الله تعالى أن يُوليني قتله(1).

هكذا عندما تنزل المحن و تشتد الخطوب وتتوالى الكروب وتعظم الرزايا وتتابع الشدائد، لن يكون أمام المسلم إلا أن يلجأ إلى الله تعالى ويلوذ بجانبه، ويضرع إليه راجيا تحقيق وعده، الذي وعد به عباده المؤمنين إذ يقول الله تعالى: وقال ربكم ادعوني استجب لكم . ويقول: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون . فإني قريب ..أجيب دعوة الداع إذا دعان ..أية رقة؟ وأي انعطاف؟ وأية شفافية؟ وأي إيناس؟ وأين تقع تكاليف الحياة في ظل هذا الود، وظل هذا القرب، وظل هذا الإيناس؟ وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان أضاف العباد إليه، والرد المباشر عليهم منه .. ولم يقل: فقل لهم: إني قريب ..إنما تولى بنفسه جل جلاله الجواب على عباده بمجرد السؤال فقط!، قريب .. ولم يقل أسمع الدعاء ..إنما عجل بإجابة الدعاء: أجيب دعوة الداع إذا دعان .. إنها آية عجيبة .. آية تسكب في قلب المؤمن النداوة الحلوة، والود المـؤُنس، والرضى الـُمطمئن، والثقة واليقين .. ويعيش منها في جناب رضيّ وقربى ندية، وملاذ أمين وقرار مكين ،قال عليه الصلاة والسلام: ((ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له))(1) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لم يسأل الله يغضب عليه))(2).

أيها الأخوة في الله: في ظل هذا الأنس الحبيب، وهذا القرب الودود، وهذه الاستجابة الحية .. يلفت الله تعالى نظر عباده المؤمنين إلى قضية كبرى وهي أن قضية إجابة الدعاء معلقة بالإستجابة التامة له، والإيمان به فقال: فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون الاستجابة الكاملة التي تعني السير على المنهج الأوحد الذي اختاره الله لعباده وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولاتتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون . الاستجابة لله تعالى التي تعني الانقياد التام لأمره ونهيه والتسليم لقضائه والخضوع لجنابه، وبدون ذلك ربما تتعذر الإجابة.

والمتأمل في أوضاع الأمة يلحظ أنها في كثير من مواطنها وأوضاعها اختارت غير ما اختار الله، ودانت بمناهج على غير طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، اختلطت عليها السبل، واصطبغت بغير صبغة الله، تغيرت أحوالهم، وفرطوا في دينهم، أضاعوا الصلاة، واتبعوا الشهوات، أكلوا الربا، وفشا فيهم الفحش والزنا ،تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،و اتبعوا خطوات الشيطان، وتمادوا في معصية الرحمن، وهذه كلها أسباب في عدم إجابة الدعاء، لأن الذنوب والمعاصي قد تكون حائلة من إجابة الدعاء(*)خاصة أكل الحرام، ذكر عبدالله بن الإمام أحمد في كتاب الزهد لأبيه: "أصاب بني إسرائيل بلاء، فخرجوا مخرجا فأوحى الله عز وجل إلى نبيهم أن أخبرهم: أنكم تخرجون إلى الصعيد بأبدان نجسة، وترفعون إليّ أكفاً قد سفكتم بها الدماء، وملأتم بها بيوتكم من الحرام، الآن حين اشتد غضبي عليكم، لن تزدادوا مني إلا بعدا"(3).

وقال عليه الصلاة والسلام: ((يا أيها الناس إن الله طيب لايقبل إلا طيبا))، الحديث وفيه: ((ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك))(1).

ولنا أن نتعجب كما تعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك الرجل الذي اجتهد في الدعاء، وأخذ بأسباب الإجابة من إطالة السفر، وتواضع المظهر والتضرع في الدعاء! فتشنا تلمسنا نظرنا فوجدنا أن الرجل غارق في لجة الحرام! إذاً كيف يستجاب لمثل هذا! وهو قد جعل طعامه وشرابه وملبسه من حرام!!

عباد الله: إن إجابة الدعاء معلقة بصدق اللجأ والتضرع إليه ،وعدم استعجال الإجابة، وصدق التوبة التي تجعلنا نعود إلى المنهج الذي ارتضاه الله لنا وسار عليه نبينا وسلكه أسلفنا، و أن نقطع الصلة بماضي الآثام، ونستصلح أنفسنا في مستقبل الأيام مع الحذر من الكسب الحرام أو الدعاء بالإثم وقطيعة الأرحام.
4
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

المسلمه
المسلمه
عباد الله: من أحب أن يوفق للجوء إلى الله تعالى عند الشدة والبلاء فليلزم الدعاء والتضرع إليه حال الرخاء والشكر على النعماء، وليسأل ربه اللطف في القضاء والعافية من البلاء قال عليه الصلاة والسلام: ((من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد فليكثر من الدعاء في الرخاء))(1).

أيها المسلمون: لقد كان نبيكم صلى الله عليه وسلم إذا أهمه أمر رفع رأسه إلى السماء فدعا يتلمس الفرج والنجدة من رب السماء، وكم له صلى الله عليه وسلم من الدعوات عند الكروب ونوازل الخطوب فعندما آذته ثقيف جلس صلى الله عليه وسلم إلى ظل شجرة ورفع رأسه إلى السماء ضارعا يقول: ((اللهم أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي)) الحديث.

وعندما نازلته قريش في بدر رفع رأسه ويديه إلى السماء وأخذ يدعو الله ويضرع إليه حتى أتم الله له النصر وبعث إليه ملائكة تقاتل مع جيشه.

فاتقوا الله عباد الله وتضرعوا إليه، وادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، ولا تقعدنكم عن الدعاء الغفلة أو الركون إلى ضلال الضالين وشبه المنحرفين، فإن للدعاء أثره الواضح الفعال في تحقيق الرغائب وبلوغ الآمال، وحسبك أنه هو العبادة التي تفتح بها أبواب الرحمة إذا توجه به العبد إلى ربه راغبا راهبا نال رضاه وبلغ به فوق ما تمناه ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لايحب المعتدين ولاتفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً إن رحمة الله قريب من المحسنين .
فرموزه
فرموزه
جزاك الله الف حسنة وطرح عنك الف خطيئة وبارك الله فيك وفي اهلك
الغنادير
الغنادير
جزاك الله كل خير أختي الغاليه
بائـ الورد ـعة
جزاك الله الجنه ....

الدعاء سهم المسلم الذي لا يُخطئ ....

اللهم إجعل لنا دعوة لا ترد وباباً الى الجنة لا يُسد ...

أطيب التحايا ،،،
بائـ الورد ـعة