( إن ربك لبالمرصاد )
ماالمرصاد ؟
المرصاد في اللغة هو المكان الذي يجد فيه الراصد العدو..
وفي هذه الآية الكريمة استعارة تمثيلية ..
فقد شبّه كونه تعالى حافظاً لأعمال العباد..
مترقباً لها ، ومجازياً عليها ..
بمن قعد على الطريق مترصداً لمن سلكها
ليأخذه ، ويوقع به مايريد !.
الله مترصد لعباده ..
لايعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الارض
عالم بما يصدر من جوارح العباد ..
وبمكنونات ضمائرهم ..
فيجازيهم عليها، إن خيراً فخير ..
وإن شراً فشر ..
لاينجو منه أحد بحال ..
:
قال عبد الله بن عباس عن معنى الآية :
أن الله يسمع ويرى كل شيء .
:
وهذا المعنى فهمه العرب بالفطرة ، فلما قيل لبعضهم :
أين ربك ؟ !
أجاب : بالمرصاد !
:
ولذا كان في هذه الآية معنى التحذير للحكام الظالمين
وللجبابرة وللطاغين المفسدين في الأرض ..
وفيها سكينة وطمأنينة مرسلة إلى قلب كل مؤمن
أن يثق بأن رب الكون وحده من يدبر الأمر فيه ..
ويراقب أعمال العباد ثم يجازيهم عليها
في الدنيا قبل الآخرة ..
لايفلت أحد من عواقب عمله ..
ومن بغى واستطال فإن الله يمهله ..
ولا يهمله ..
وإذا أخذه لم يفلته..!
:
حكى الماوردي فقال :
استفتح الوليد بن يزيد بن عبد الملك يوماً بالمصحف
فخرج له قوله تعالى :
( واستفتحوا وخاب كل جبارٍ عنيد )
فمزّق المصحف ..!!
وأنشأ يقول كأنه يوجه للمصحف الخطاب :
أتوعدُ كل جبار عنيد
فها انا ذاك جبار عنيد
إذا ماجئت ربك يوم حشرٍ
فقل : يارب مزقني الوليــد !
:
فما هي إلا أيام حتى قتل شر قتلة ..
وصلب رأسه على قصره ..
ثم سور بلده .!
:
خالد ابو صالح كتب قصصاً واقعية..
تبين سوء العاقبة ..
للعاق الذي غفل عن الرقيب .
وكيف أن الله تعالى سقاه مرارة الكأس الذي
جرعها لوالده ..
لاندخل في تفاصيل القصة ولكن نستخرج
العبرة من هذه السطور التي تلخصها
قال الكاتب :
لم يدر بخلده في يوم من الأيام،
أن يرى نفسه حبيسًا بين فراشه وكرسيه المتحرك،
وألفاظ ابنه القاسية تسد مسامعه ليل نهار،
فقد كان في كل لحظة من لحظات حياته العاجزة ،
يتذكر والده الذي مات في يوم من الأيام
من جراء قسوته عليه ..
وعاش قبلها سنوات طويلة يعاني من عقوقه،
يكاد لسانه لا يفتر عن الاستغفار والدعاء بالرحمة لوالده،
والدعاء بالهداية لابنه..
وبين ذا وذاك كان يتفكر في حكمة رب العالمين..
مدركاً أن الله كان له بالمرصاد ..
فكان جزاءه من جنس عمله ..
:
نعوذ بالله من الظلم والطغيان .. ..
نعوذ بالله من مصارع السوء وعاقبة البغي ..
ونعوذ بالله من كيد الشيطان وحبائله ..
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
إن ربك لبالمرصاد تقابلها قوله ايضا :
إن الله عزيز ذو انتقام
جزاك الله خيرا و بارك فيك
اسعدتني هذه الاطروحة قيمة جدا