الإخوة والأخوات الكرام
تمر بنا أوقات يتمنى فيها الإنسان أن لو كان في باطن الأرض لا ظاهرها،
وحشة وحزن وأيم الله لو أحس بها النوى لانفصم ، ولو شعر بها الحجر لانقصم ،
فما بالنا بالقلوب التي هي من لحم ودم ؟
إن لله في هذه الوحشة بعد الأنس حكمة يدركها كل ذي لب ، فيوم أن سلب منا الأنس
أراد منا أن لا نأنس إلا به ، ثم هو لم يتركنا هكذا من غير تعليمنا أسبابا تحقق
الأنس به وذوق لذتها ، فعلمنا الفروض والنوافل والذكر والإستغفار وغيرهن من الباقيات
الصالحات والأعمال الحسنة ، كيف لا وهو القائل في الحديث القدسي " وما يزال عبدي يتقرب إلي
بالنوافل حتى أحبه " ، فيا هناء من أحبه الله يا لهنائه ، حينها يكون من الرفعاء.
وفي مقابلها علمنا أسباب الشقاء وجالبات الوحشة إلى القلب وأمرنا أن لا نقربها ،
من فعل كل الأعمال القبيحة، كالبعد عن الفرائض وحشو القلب بالأغاني وسيء الكلم ،
والحسد والغيبة والنميمة وعقوق الوالدين وغيرهن من كل ما يستقبح ، علمنا تلك الأسباب
حتى نحذرها وكي لا تقع قلوبنا تحت وطأة حمى الوحشة المقيته وحينها نكون من الرقعاء.
الوحشة نعمة
نعم هي نعمة ودليل لحياة القلب ، لأنه لم يستوحش إلا بعدما جرب الطمأنينة والسعادة ،
فيوم أن فقدها أحس بفراقها ، حينها إن كان من الموفقين تدارك وأرجع نفسه إلى عالم
الحياة السعيدة وفعل أسباب السعادة وحظي بها ، وإن لم يكن من الموفقين أعاذنا الله وإياكم
تمادى في شروده وزاد الله وحشة قلبه فتحطمت أركانه وانطوى عن الناس وعاش أسير الهم والغم.
كالمحب يوم أن يفقد حبيبه ، يذوق الأسى والوحشة ، فإن جاهد في التخلص من الأسباب
التي أبعدته عن حبيبه ، حظي بقربه واهتنى ، وإن لم يحرك ساكنا ذاق لوعة الفراق حتى
تبلغ الروح التراق ، وتخلى عنه محبوبه وسلاه كما نسيه ولم يحرص على القرب والعودة إليه.
فربنا تبارك وتعالى يتخلى عن من لا يحرص على الإقتراب منه ويصيبه بداء الوحشة العضال ،
ويحب من يحرص على رضاه .
بارك الله فيكم ووفقك ورزقنا ورزقكم الحياة الطيبة الهانئة.
منقول
اللهم الرحم من كتبه واغفر له واسكنه فسيح الجنة

الؤلؤة البراقة @alolo_albrak
محررة برونزية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.


الصفحة الأخيرة
وارحم ناقله
وبارك له في حياته