
...
امريكايسكنهاالامريكيون
يقول علماء النفس، عندما تطلق لخيالكالعنان كي ترسم الصورة التي تحبها في حياتك فانك بذلك تستخدم قوة التفكير الإيجابيفي تغيير واقعك الذي لا تريده.الإيجابيين من الناس لا يتحججون بقلة الوقت ولا يلقون الأعذار على غيرهم ولديهم من الشجاعة ما يجيز لهم أن يتحملوا مسئوليتهم بلا تردد، وبالتالي فمثل هؤلاء، هم النماذج الجميلة التي تنجح في كل جهدٍ تمارسه.

التفكير الايجابي
التفكير الايجابي هو التفاؤل بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى ، و النظر إلى الجميل في كل شيء. و للتفكير الايجابي اثر فعال و قوي في نفسيتنا و أمور حياتنا اليومية و المستقبلية . و من التفكير الايجابي أن تتأمل في نفسك جيدا و ستجد الكثير من المواهب والقدرات التي وهبك إياها الله تعالى ,لكن للأسف كثير من الناس تصر على رؤية العيوب وتضخيمها سواء كانت عيوبه أو عيوب غيره.
ثمة طريقتان أساسيتان للنظر إلى العالم ، بوسعك التحلي بنظرة للعالم تتميز بالإيجابية فتصير شخصاً إيجابياً ، وترى العالم في إطار الخير والإحسان ، وتصير أكثر تفاؤلاً حيال ذاتك ، وتصير شخصاً أكثر سعادة ، وأكثر فاعلية ، أو التحلي بنظرة تتسم بالسلبية والخبث تجاه العالم فلن ترى سوى المشكلات والظلم في كل مكان ، وترى القيود وعدم الإنصاف بدلاً من رؤية الفرص والأمل.
التفكير السلبي
هو النظرة السيئة للإنسان إلى الأموروالأشخاص والأحداث والتي تنعكس سلبا على تصرفاته.حيث يكثر الإنسان من استخدام عبارات سلبية مثل: ”لا أستطيع“ ”مستحيل“ ”أنا أغضب بسرعة ” مما يمنعه من الانجاز عجزا وتكاسلا أو جهلا أو اعتقادا بعدم الاستحقاق.
لماذا تقدمت أمريكا؟
يقول الدكتور شريف عرفة أن الشاب الأمريكي يضطر للعمل الجاد طوال فترة الصيف؛ كي يستطيع تحمُّل مصاريف الجامعة.. هذا لا يحدث عندنا طبعا.. فلا يمكننا أن نعمل في توصيل الطلبات للمنازل أو في مطعم ما كي نوفر مصاريف كلية الطب.. لو سمعت قصة كهذه في مصر فهي قصة كفاح تستحق أن يسجلها التاريخ.. أما في أمريكا فهذه هي طبائع الأمور.
المشكلة في داخلي و داخلك ... المشكلة في عقلياتنا نحن ... إنها الثقافة السلبية التي تمنعنا من الوصول إلى النجاح أو حتى التفكير فيه.. كل شخص متفرغ للشكوى من الظروف والأحوال ويعتبر نفسه ضحية لكل ما حوله.. في هذا الجو المريض لا تتوقع أي تقبُّل للآخر.. بل توقع أن يكون كل شخص متمركزا حول نفسه متطرفا لأفكاره معتبرا نفسه هو الصواب وسط الخاطئين, والمظلوم وسط الظالمين.. دون أي محاولة حقيقية جادة لتغيير حياته وتحقيق أحلامه بشكل عملي وبخطوات.
الحقيقة هي أن الأمريكان دائما يتقدمون..لابد أن أكون هذا العام أفضل من العام السابق.. أمريكا اليوم ليست هي أمريكا التسعينيات. هكذا يفكر المواطن الأمريكي العادي أيضا.. لابد من أن أطور قدراتي كي أكون أفضل بمضي الوقت, لا أن أظل كما أنا.
" حين زرت أمريكا كنت أبحث عن سبب تقدمهم وقوتهم. وجدت أن السبب الحقيقي هو أن أمريكا يسكُنها الأمريكان.. وليس نحن "... د.شريف عرفة
استراتيجيات التفاؤل
"لا يكفي أن يكون تفكيرك إيجابي المهم أن تستخدمه أيضا بإيجابية"... ديكارت
إن التفاؤل يجعلنا نشعر بدنياً بحال أفضل، فالمتفائلون يعيشون بصحة أفضل من سواهم، لأن أجهزة المناعة لديهم تعمل بشكل أفضل لحمايتهم. كما أن دائما ما يتخذ المتشائمون وضعا مترهلا سواء في مشيتهم أو جلستهم إذ تستدير أكتافهم إلى الأمام وتسقط رؤوسهم إلى أسفل. أما المتفائلون فيميلون إلى اتخاذ وضع بدني مستقيم , إذ يرفعون رؤوسهم إلى الأعلى ويرجعون أكتافهم إلى الوراء وتبرز صدورهم إلى الأمام.
* فكر في النصف الآخر من الكأس والوجه الآخر لقطعة النقود واحترم وجهات نظر الآخرين.
* ردد الكلمات التي تدفعك نحو النجاح مثل “ أقدر، مستعد، أحاول، أجرب، أفكر ".
* حدد نقاط القوة لديك ودع الآخرين يكتشفون وجودها عندك بإظهارها في حياتك.
* "نحن ما نفكر فيه فكل ما فينا ينبع من أفكارنا وبأفكارنا نصنع عالمنا"... بوذا
* 90% من المشاكل المتوقع حدوثها لا تقع بالفعل ففكر بإيجابية ودع عنك القلق د. كارنيجي
* "الفشل هو مجموعة تجارب التي تسبق النجاح "... فيلسوف الهند الكبير طاغور

التفكير الايجابي يقود إلى السعادة
ينصح الأخصائيون بأن يقوم الإنسان بإجراء تجارب ذاتيه على التفكيرالايجابي ... وهم يقولون إن الإنسان إذا أكد لنفسه عدة مرات مجموعة من الأفكارالإيجابية عن نفسه وعن حياته فإن ذلك ينطبع في عقلة اللاواعي ....ويجب أن يحدث ذلكمن خلال التجارب المتعددة للوصول إلى الطريقة الملائمة من التأثير الذاتي على اللاوعي…
وهم يقولون أن ذلك أشبه بالغناء وسط عاصفة أو السير بشجاعة وسطالظلام لطمأنة النفس... و يضيف الأخصائيون : عندما يردد الإنسان لنفسه عدة مراتفي مواجهة مشكلة تحتاج إلى حل : أنا استطيع حلها وسوف أنجح فان ذلك يعتبر أمرا ذافعالية كبيرة في تغيير رؤية الإنسان للأشياء من الرؤية السلبية إلى الرؤيةالايجابية..
كما أثبتت كثير من البحوث أن تغييرالتفكير السلبي يخلص الإنسان من الكآبة بطريقة مماثلة أو أكثر فعالية من الأدوية. الطريقة التي نفكر بها ونظرتنا للأمور تحددان مزاجنا وتصرفاتنا...فإذا فكرالإنسان بطريقة سلبية فإن ذلك يؤدي إلى الكآبة والى إضرابات في طريقة عمل الموصلاتالعصبية في المخ ... وإذا فكر الإنسان ببدائل أخرى أمامه وبطريقة أقل سلبية فان ذلكيحدث تغيرات بيولوجية في الجسم تؤثر على مزاج الإنسان وتصرفاته بطريقة ايجابية
قال برنارد شو: "يرى بعض الناس الأشياء كما هي ويتساءلون لماذا؟ أما أنا فأتخيل الأشياء التي لم تحدث وأقول لما لا".
وقال والت ديزني: "ما تستطيع أن تحلم به تستطيع تحقيقه".
تمرين: اكتب في ورقة خمس أشياء ايجابية حققتها في حياتك مثل شهادة دراسية حصلت عليها، مهارة أو هواية جديدة تعلمتها ، لوحة جميلة رسمتها، مساعدتك لشخص ما... أي شيء أسعدك و أسعد الآخرين و منحك مشاعر ايجابية لنفسك...
و أخيرا تذكر الآتي...
1. ثق بالله و بنفسك و بهدفك.
2. القوة حيث التركيز، وقدر ما تركز فكرك على موضوع ما ستحقق النجاح المطلوب فيه.
3. نمي مواردك و قدراتك ومهاراتك التي تجعلك الأقدر.
4. خطط للهدف بطريقة صحيحة، وقم بإتمام الهدف بخطوات محددة حسب الخطة.
5. لا تلق بالا للآخرين من لصوص الأحلام وأعداء النجاح الذين يتكلمون أكثر مما يعملون.
6. حفز نفسك تحفيزا ذاتيا (لن يستمر المصباح في الإضاءة إلا إذا قمنا بتزويده بين فترة وأخرى بالزيت).
المصادر:
لماذا تقدم الأمريكان و تخلفنا نحن؟ ، د.شريف عرفة ، موقع الدكتور شريف عرفة
أسس التفكير الإيجابي وتطبيقاته تجاه الذات والمجتمع في ضوء السنة النبوية. د.سعيد بن صالح الرقيب، أستاذ مشارك بقسم الدراسات الإسلامية، كلية التربية جامعة الباحة
التفاؤل والتفكير الإيجابي، المدرب الأستاذ :عبد الرحمن محمد يوسفموقع المنارة
اجلدني برفق
تحتاج في أحيانا أن تلوم الآخرين ... ولدك... زوجتك ... صديقك ...
لكن دع الملوم يحتفظ بماء وجهه ...
ولنرى كيف كانت كل مواقف ومعاملات رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم تفيض رفقا.
في يوم من الدهر أقبل ثلاثة شباب متحمسين .. إلى المدينة النبوية ..
كانوا يريدون معرفة كيفية عبادة النبي صلى الله عليه وسلم ...
سألوا أزواج النبي صلى الله عليه و سلم عن عمله في السر ...
فأخبرتهم زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أنه يصوم أحياناً ويفطر أحياناً .. وينام بعضاً من الليل ويصلي بعضه ..
فقال بعضهم لبعض : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه ..
ثم اتخذ كل واحد منهم قراراً ..!
فقال أحدهم : أنا لن أتزوج .. أي سأبقى عزباً .. متفرغاً للعبادة ..
وقال الآخر : وأنا سأصوم دائماً .. كل يوم ..
وقال الثالث : وأنا لا أنام الليل .. أي سأقوم الليل كله ..
فبلغ النبي صلى الله عليه و سلم ما قالوه ..
فقام على منبره .. فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
ما بال أقوام !! ( هكذا مبهماً ، لم يقل ما بال فلان وفلان ) ..
ما بال أقوام قالوا : كذا وكذا .. لكني أصلي وأنام .. وأصوم وأفطر .. وأتزوج النساء ..
فمن رغب عن سنتي فليس منى (متفق عليه)
وفي يوم آخر .. لاحظ النبي صلى الله عليه و سلم أن رجالاً من المصلين معه .. يرفعون أبصارهم إلى السماء في أثناء صلاتهم ..
وهذا خطأ فالأصل أن ينظر أحدهم إلى موضع سجوده..
فقال صلى الله عليه و سلم : ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم ..
فلم ينتهوا عن ذلك واستمروا يفعلونه .. فلم يفضحهم أو يسمهم بأسمائهم .. وإنما قال :
لينتهوا عن ذلك .. (رواه البخارى)
ولعلك تتسائل : لماذا يكره الناس الانتقاد ؟
لأنه يشعرهم بالنقص .. فكل الناس يحبون الكمال ..
إنه شعور الإنسان الدائم بالحاجة إلى اعتباره والاهتمام به ..
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم يبايعه على الهجرة .. وقال : إني جئت أبايعك على الهجرة .. وتركت أبوي يبكيان ..
فلم يعنفه صلى الله عليه و سلم .. أو يحقر فِعْله .. أو يصغر عقله .. فالرجل جاء بنية صالحة ويرى أنه فعل الأصلح ..
أشعره صلى الله عليه و سلم أن معالجة الخطأ سهلة فقال له بكل بساطة : ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما) في المستدرك وصحح إسناده)
وانتهى الأمر ..
كان صلى الله عليه و سلم يتعامل مع الناس بأساليب تربي فيهم الرغبة في الخير وتشعرهم أنهم إلى الخير أقرب .. حتى وإن وقعوا في أخطاء ..
فعندما يخطئ الانسان عالج خطأه بأسلوب يجعله يشعر أن الفكرة فكرته هو .. ولدك يغيب عن الصلاة في المسجد ..
قل له مثلاً : سعد .. ما تريد تدخل الجنة .. بلى .. إذن حافظ على صلاتك ..
في يوم من الأيام .. وفي خيمة أعرابي في الصحراء ..
جعلت امرأة تتأوه تلد .. وزوجها عند رأسها ينتظر خروج المولود ..
اشتد المخاض بالمرأة حتى انتهت شدتها وولدت ..
لكنها ولدت غلاماً أسود !!
نظر الرجل إلى نفسه .. ونظر إلى امرأته فإذا هما أبيضان .. فعجِبَ كيف صار الغلام أسود !!
أوقع الشيطان في نفسه الوساوس ..
لعل هذا الولد من غيرك !!
لعلها زنى بها رجل أسود فحملت منه !!
لعل ..
اضطرب الرجل وذهب إلى المدينة النبوية .. حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه و سلم وعنده أصحابه ..
فقال : يا رسول الله .. إن امرأتي ولدت على فراشي غلاماً أسود !! وإنا أهل بيت لم يكن فينا أسود قط !!
نظر النبي صلى الله عليه و سلم إليه .. وكان قادراً على أن يسمعه موعظة حول حسن الظن بالآخرين .. وعدم اتهام امرأته ..
لكنه أراد أن يمارس معه في الحل أسلوباً آخر ..
أراد أن يجعل الرجل يحل مشكلته بنفسه .. فبدأ يضرب له مثلاً يقرب له الجواب ..
فما المثل المناسب له ..؟ هل يضرب له مثلاً بالأشجار ؟ أم بالنخل ؟ أم بالفُرْس والروم ؟
نظر إليه صلى الله عليه و سلم فإذا الرجل عليه آثار البادية .. وإذا هو مضطرب تتزاحم الأفكار في رأسه حول امرأته ..
فقال له صلى الله عليه و سلم : هل لك من إبل ؟
قال : نعم ..
قال : فما ألوانها ؟
قال : حمر ..
قال : فهل فيها أسود ؟
قال : لا ..
قال : فيها أورق ؟
قال : نعم ..
قال : فأنى كان ذلك ؟!
يعني : ما دام أنها كلها حمر ذكوراً وإناثاً .. وليس فيها أي لون آخر .. فكيف ولدت الناقة الحمراء ولداً أورق .. يختلف عن لونها ولون الأب ( الفحل ) ..
فكر الرجل قليلاً .. ثم قال : عسى أن يكون نزعه عرق .. يعني قد يكون من أجداده من هو أورق .. فلا زال الشبه باقياً في السلالة .. فظهر في هذا الولد ..
فقال صلى الله عليه و سلم : فلعل ابنك هذا نزعه عرق(رواه مسلم ، وابن ماجة واللفظ له)
و أخيرا المقصود أن يتدارك الناس أخطائهم و ليس شرطا أن يصححوها أمامك ... فكن كالنحلة تقع على الطيب و تتجاوز الخبيث... و لا تجعل طريقتك فى التعامل مع الأخطاء أكبر من الخطأ نفسه.
كتبت نوران رضوان
المصادر
كتاب استمتع بحياتك للاستاذ الدكتور محمد العريفى
المحاور
إعداد : نوران رضوان

المحاور كالذي يصعد جبلا وعرا ... ينبغي أن يعتني بموضع يده و موضوع رجله... فتجد صاعد الجبل ينظر إلى الصخرة التي يريد أن يتعلق بها ... و يفحصها بنظره و يتأمل في قوة ثباتها قبل أن يضع عليها قبضته..
قد يحدث جدالا بين اثنين و قد يكون في قضية تافهة. و ترتفع الأصوات و تحمر العيون ويتفرقا. و استثقل كل منهما الأخر بعدها.
ففي يوم كان محاضرا يتكلم عن فن الحوار. فعرض شيئا من قصة يوسف عليه السلام.
فلما وصل إلى قوله تعالى : " و دخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الأخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه" .
جعل يتأمل في الحاضرين ثم سألهم : أيهم دخل قبل الأخر ... يوسف أم الفتيان ؟
فصاح أحدهم : يوسف.
فصاح الأخر : لا الفتيان.
فأنطلق الثالث : دخلوا مع بعض.
وارتفع اللغط حتى ضاع الموضوع الأساسي.
ويبدو أن المحاضر قصد ذلك. فتأمل وجوههم و الوقت يمضى. ثم ابتسم ابتسامة عريضة وأشار لهم بخفض الأصوات.
وقال: ما المشكلة!! دخل قبلهم أو بعدهم. هل تستحق المسألة كل هذا الخلاف ؟
فلا تجادل في شيء لا يؤثر شيئا
الحوار الهادف ذي النوايا الصادقة الذي يبغي الوصول للحق، واتباع آداب الحوار كالاستماع للآخرين، وعدم مقاطعتهم، وعدم رفع الصوت، وطلب الشورى، وقبول الآراء الأخرى وسعة الصدر لها والصبر.فقد يكون فيها الخير الكثير.
أما الجدال فسوف يسبب المتاعب بينك و بين الناس و لا يخلق إلا الصراعات.
و سوف نقص عليكم حكاية حدثت في وقت النبي صلى الله عليه وسلم بين العباس رضي الله عنه و عمر بن الخطاب رضي الله عنه. و كيف رد عمر و لم يقم بمجادلة العباس.
لما قدم النبي صلى الله عليه و سلم إلى مكة فاتحا. بعدما نقضت قريش العهد..كان صلى الله عليه و سلم قد دعا الله أن يعمى عنه قريش ليبغتهم قبل أن يستعدوا للقتال..
فلما أقبل النبي صلى الله عليه و سلم إلى مكة نزل قريبا منها، ولم تعلم قريش بشئ و لكنهم كانوا يتوجسون و يترقبون.
فخرج في تلك الليلة التي نزل فيها النبي صلى الله عليه و سلم أبو سفيان في نفر معه يتجسسون الأنباء. و كان النبي صلى الله عليه و سلم يترقب الصبح ليغير على قريش، فلما رأى العباس رضي الله عنه ذلك قال: و اصباح قريش! و الله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم مكة عنوة أي بالقوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه إنه لهلاك قريش إلى أخر الدهر.
فقام العباس و استأذن من النبي صلى الله عليه و سلم ... فأذن له. فركب على بغلة رسول الله صلى الله عليه و سلم البيضاء و مضى يمشى بها، و أبو سفيان في أصحابه يقترب من معسكر النبي صلى الله عليه و سلم و هو لا يعلم أنه ينظر إلى نيران المسلمين.
و يقول : ما رأيت كالليلة نيرانا قط و لا عسكرا . ما أعظم هذا ..من ترى هؤلاء؟
فقال صاحبه : هذه والله قبيلة خزاعة حمشتها الحرب.
قال: خزاعة أقل من أن تكون هذه نيرانها و عسكرها.
ظل أبو سفيان يقترب أكثر و أكثر حتى وقع في قبضة جمع من حرس المسلمين فاقتادوه إلى وجهة رسول الله صلى الله عليه و سلم، فبينما العباس يسير إلى البغلة إذا بأبي سفيان وأصحابه قد قبضت عليهم خيل المؤمنين، فأقبل أبى سفيان فزعا فركب خلف العباس وجعل أصحابه يتبعونه و المسلمين خلفهم.
فجعل العباس يسرع بأبي سفيان إلى رسول الله ، و كلما مر بنار من نيران المسلمين.
قالوا : من هذا ؟
فإذا رأوا بغلة رسول الله صلى الله عليه و سلم و رأوا العباس عليها.
قالوا: عم رسول الله صلى الله عليه و سلم على بغلة رسول الله صلى الله عليه و سلم.
و العباس يسرع بها خوفا من أن يفطنوا لأبى سفيان حتى مر بنار عمر بن الخطاب.
فقال : من هذا ؟
و قام إليهم فلما رأى أبا سفيان على الدابة.
صاح بالناس قائلا: أبو سفيان عدو الله!... الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد و لا عهد.
فمنعه العباس ... ثم ذهب عمر يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و العباس يسرع بالدابة حتى سبقه العباس، فلما وصل إلى موضع النبي صلى الله عليه و سلم ،اقتحم العباس عن البغلة سريعا ،فدخل على رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فدخل عليه عمر و جعل يقول: يا رسول الله .. هذا أبو سفيان ..قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد.. فدعني لأضرب عنقه ؟
كان أبو سفيان قد فعل الكثير بالمسلمين ، فهو قائد المشركين في معركة أحد و قائدهم في معركة الأحزاب و طالما ضيق على المسلمين وقتل و عذب... و ها هو الآن في قبضتهم!!
فقال العباس: يا رسول الله..انى قد أجرته.
ثم جلس العباس إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخذ يناجيه في أذنه ، و عمر يردد يا رسول الله أضرب عنقه ، فلما أكثر عمر في شأنه ... التفت إليه العباس
و قال: مهلا يا عمر! فو الله أن لو كان من رجال بني عدى بن كعب ... ما قلت هذا؟
أي لو كان قرابتك ما قلت هذا ، و لكنك تعرف أنه من رجال بني عبد مناف.
فشعر عمر أنه سيدخل في جدال لا يتناسب مع الحال الذي هم فيه ، ثم ما الفائدة المرجوة من النقاش مسألة لو كان من بني كعب رغب في إسلامه أما من غيرهم فلا يهمه!!
فال عمر بهدوء: مهلا يا عباس ..مهلا.. فوالله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلى من إسلام أبى الخطاب لو أسلم ! لأني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب، فلما سمع العباس ذلك سكت.
انتهى الحوار! مع أنه كان في إمكان عمر أن يطيله و يزيده. فيقول: ماذا تقصد؟ و هل تتهم نيتي؟ هل تعلم ما في قلبي؟
و قد أسلم أبو سفيان لما وجد من شدة طاعة و اتباع المسلمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، و أنشد أبى سفيان بين يدي رسول الله أبياتا يعتذر إليه مما كان مضى منه.
هداني هاد غير نفسي و نالني ... مع الله من طردت كل مطرد
أصد و أنأى جاهدا عن محمد ... و أدعى و إن لم انتسب من محمد
فضرب رسول الله بيده في صدره و قال: " أنت طردتني كل مطرد"
لقد نصحنا بعدم بدأ المجادلة و لكن إذا جادلك الآخرون ماذا تفعل؟ أحسن إليهم.
{ وجادلهم بالتي هي أحسن} النحل 125
فهل من المعقول في المشادة الكلامية أن أحسن لكن كيف أحسن..؟
فمثلا: أحدهم قال رأيا لم يعجبك.. فيمكن أن يكون الرد: ما هذا الكلام السخيف! نسمع هذه الجملة كثيرا أليس كذلك ؟!!
ويمكن ان يكون الرد في صورة أكثر ذوقا مثل: أنا أعترض على كلامك.. ولكن أين الإحسان؟!
ما رأيك أن تقول له" حضرتك بإمكانك أن تسمع وجهة نظري وحتى إن كان بيننا اختلاف في وجهات النظر فالاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية". ما رأيك؟ أعتقد أنها ستحدث فرقا كبيرا أليس كذلك؟
هيا نتعلم من النبي صلى الله عليه وسلم أدب الحوار.
لقد جاءه عتبة بن ربيعة، وهو في مكة في فترة الإيذاء الشديد للمسلمين، ويقول عتبة للنبي كلاما سخيفا.. يعرض عليه مالا ليترك دعوته، ويعرض عليه الزواج، ويعرض عليه الرئاسة، ويعرض عليه طبيبا إن كان قد أصابه الجنون، كل ذلك ليترك دعوته، ومع ذلك فكيف جادله النبي صلى الله عليه وسلم؟ كيف حاوره النبي؟
قال له:" قل يا أبا الوليد أسمع" فلما انتهى قال له النبي صلى الله عليه وسلم:" أفرغت يا أبا الوليد"
تعلموا من رسول الله ...
أيها الأحبة: يؤخذ على بعض المتدينين أنه كلما جادلهم أحد تجدهم يفقدون أعصابهم.. أرجوكم تعلموا من النبي وأحسنوا حتى في الجدال.
المصادر :
- كتاب استمتع بحياتك للأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن العريفى.
- كتاب أخلاق المؤمن للأستاذ عمرو خالد.
الهدوءالجذاب
إعداد : نوران رضوان

ما رأيك أن أتكلم معك الآن عن الهدوءالجذاب !!
بعض الناس لا يتكلم كثيرا و لا تكاد تسمع صوته في المجالس و التجمعات، بل لو راقبته لرأيته لا يتحرك منه إلا رأسه و عيناه، و قد يتحرك فمه أحيانا و لكن بالتبسم ...لا بالكلام!!!
و مع ذلك يحبه الناس و يأنسون بمجالسته.
كما أن من أبرز سمات العظماء وأصحاب النفوذ والتأثير في المجتمعات هي الاستماع والإصغاء إلى كلام الآخرين. فليس كثرة الكلام دليلاً على قوة الشخصية ولا قوة التأثير بل ربما ينتهي كثرة الكلام إلى ما لا يحمد عقباه من النتائج. فإذا زاد الكلام عن حدّه ابتلي بالتكرار وتوضيح الواضحات التي هي من مستهجنات البلاغة ،وبالعكس من ذلك فقد أورثت التجارب وما أثبته علماء النفس الاجتماعي في أن الاستماع الجيد من أهم الأدوات الرئيسية للوصول إلى قلوب الآخرين والتفاهم المثمر معهم.
الاستماع إلى الناس فن و مهارة ، بعض الناس ينسى أن الله قد جعل للإنسان لسانا واحدا وأذنين... ليستمع أكثر مما يتكلم فعود نفسك على الإنصات لكلام الآخرين وحتى لو كان لك على الكلام ملاحظة فلا تتعجل.
في كتاب ستيفن كوفي "العادات السبع لأكثر الناس إنتاجية"، تحدث الكاتب عن أب يجد أن علاقته بابنه ليست على ما يرام
فقال لستيفن: لا أستطيع أن أفهم ابني، فهو لا يريد الاستماع إلي أبداً.
فرد ستيفن: دعني أرتب ما قلته للتو، أنت لا تفهم ابنك لأنه لا يريد الاستماع إليك؟
فرد عليه "هذا صحيح"
ستيفن: دعني أجرب مرة أخرى أنت لا تفهم ابنك لأنه -هو- لا يريد الاستماع إليك أنت؟
فرد عليه بصبر نافذ: هذا ما قلته.
ستيفن: أعتقد أنك كي تفهم شخصاً آخر فأنت بحاجة لأن تستمع له.
فقال الأب: أوه (تعبيراً عن صدمته) ثم جاءت فترة صمت طويلة، وقال مرة أخرى: أوه!
إن هذا الأب نموذج صغير للكثير من الناس، الذي يرددون في أنفسهم أو أمامنا: إنني لا أفهمه، إنه لا يستمع لي! والمفروض أنك تستمع له لا أن يستمع لك!
- في أوائل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كان عدد المسلمين قليلا و كان الكفار يكذبونه، ويشيعون أنه مجنون وساحر وفي يوم من الأيام قدم الى مكة رجل اسمه ضماد... و هو حكيم له علم بالطب و العلاج يعالج المجنون والمسحور.
فلما خالط الناس سمع الكفار يقولون عن رسول الله صلى اله عليه وسلم : جاء المجنون...
فقال ضماد: أين هذا الرجل ؟ لعله يشفى على يدي؟
فدله الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلما لقيه ضماد قال : يا محمد...أنى أرقى من هذه الرياح وإن الله يشفى على يدي من يشاء...فهلم أعالجك.
و جعل يتكلم عن علاجه و قدراته والنبي ينصت إليه و ذاك يتكلم والنبي ينصت.
أتدرى إلى ماذا ينصت ؟ ينصت الى كلام رجل كافر جاء ليعالجه من مرض الجنون!!
حتى إذا انتهى ضماد من كلامه قال صلى الله عليه وسلم :
إن الحمد لله..نحمده و نستعينه.. من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادى له.. و أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له.
فانتفض ضماد وقال : أعد على كلماتك هؤلاء، فأعادها صلى الله عليه وسلم عليه.
فقال ضماد: والله قد سمعت قول الكهنة و قول السحرة و قول الشعراء فما سمعت مثل هذه الكلمات فقد بلغن ناعوس البحر... فهلم يدك أبايعك على الإسلام ، فبسط النبي صلى الله عليه وسلم يده و أخذ ضماد يردد : أشهد أن لا اله إلا الله و أشهد أن محمدا عبده و رسوله...
فعلم صلى الله عليه وسلم أن له عند قومه شرف فقال له : و على قومك ؟
فقال ضماد : و على قومي... ثم ذهب الى قومه هاديا داعيا.
قال بعض الحكماء:
"إذا جالست الجهال فأنصت لهم... وإذا جالست العلماء فأنصت لهم ..فإن في إنصاتك للجهال زيادة في الحلم ، وإن في إنصاتك للعلماء زيادة في العلم"
إذن لتكن مستمعا ماهرا ...
أنصت ...
هز رأسك متابعا ...
تفاعل بتعابير وجهك .. وانظر إلى أثر ذلك فيمن يتكلم معك.. سواء كان كبيرا أو صغيرا ..
براعتنا في الاستماع إلى الآخرين ... تجعلهم بارعين في محبتنا و الاستئناس بنا...
المصادر :
· كتاب استمتع بحياتك للأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن العريفى.
· كتاب العادات السبع لأكثر الناس إنتاجية. ستيفن كوفيز
· فن التواصل مع الآخرين للأستاذ محمد هشام أبو القمبز.
· http://www.alnoor.info
اسرارالنفس البشريه
إعداد : نوران رضوان

مماراق لي
منقول للفائده