أتذكر أني حضرت ورشة أسرية عن العلاقات الغير شرعية خارج إطار الأسرة .. سواء كانت للزوج أو الزوجة أو الأبناء ..وكنت شديد التركيز على علاقات الزوجين الغير شرعية وكيفية علاجها.. ولم أكن مهتماً بعلاقات الأبناء الغير شرعية في ذلك الوقت.لأني اعتقدت انه إذا صلح الأبوان..فإن صلاح الأبناء تبع لذلك .. لكن في الآونة الأخيرة كثرت الاتصالات والاستشارات من أباء وامهات يشكون علاقات ابنائهم الغير شرعية.. بل إن أحدهم أحضر ابنته يوماً إلى المركز الإستشاري..وطلب مني ان أتحدث معها وأقنعها بترك هذه العلاقات لأنه - وكما يقول - عجز عن ذلك ..
المشكلة أيها الأخوة .. ان الجيل الجديد مع ما تهيا له من أسباب الفساد والإفساد .. عن طريق وسائل الإتصال المختلفة.. اعطي أيضاً حرية في التصرفات بشكل غير مسبوق..وأصبح التيار العام في الأسر إعطاء الحرية للأبناء - من الجنسين - في الخروج والدخول والتواصل والسهر مع الأصدقاء وزيارة الـ( كافيهات ) والأسواق .. وربما السهر او النوم عند الجيران والزملاء .. وهذه الحرية - الغير منضبطة - ادت إلى انهيار البقية الباقية من الحياء عند الجيل الجديد فإصبح يطالب بحرية أكبر وعلاقات أقرب واشد انفتاحاً.. ولعل إعطاء هذه الحريه له أسبابه الكثيرة .. ففي وقت يشعر بعض الأباء بالتقصير حيال أبنائهم من الناحية المادية أو من الناحية المعنوية .. ويرون ان إعطائهم هذه الحرية هو نوع من التعويض مقابل العجز المالي ,, يرى أخرون ان من لوازم الرفاهية واكتمال الصورة - أن لاتكون هناك حدود للحرية بل ان تذوب هذه الفوارق بين الجنسين .. وهي صورة مشوهة للحرية المقتبسة من المجتمعات الهالكة
زارني يوماً في المكتب وهو شاب وقور تضهر عليه سيما النجابة والصلاح .. وقال إن أختي على علاقة مع شاب وهي تقول :( مالكم دخل فيني ولو منعتموني من الحديث معه في الهاتف فسأهرب معه ولو حبستموني فسأقتل نفسي ) .. أن هذه الجرأة التي حدثت وتحدث في الجيل الجديد .. لايجب ان ندفن رؤسنا في التراب ونغض الطرف عنها .. وندعي انها غير موجودة أو انها مستحيلة .. ان حجم المشكلة نتحمله نحن او نتحمل جزءً كبيراً منه .. عندما يقع أبنائنا في مثل هذه العلاقات.. ومما يزيد الأمر خطورة ان غالب هذه العلاقات إن لم نقل كلها ..تتجه اتجاهاً جنسياً صرفاً في نهايتها.
لذا قبل أن يقع أبنائنا فريسة لهذه العلاقات المشبوهة.. لابد ان ننتبه لعدة مسائل حتى لانلوم أنفسنا يوماً من الأيام أن كنا سبباً في فسادهم .. ونعض أصابع الندم على تقصيرنا .. وهذه المسائل هي كالتالي:
1- الحوار بين الجيلين أمر مهم : ان الحوار بين الاباء والأبناء مسالة ضرورية حتى يستطيع طرف ان يفهم نفسيات الطرف الأخر .. فعلى الأم أن تحادث ابنتها وأن تتنزل إلى مستواها الفكري الذي قد تعتبره ( ضحلاً) كالحديث عن المسلسلات والدراسة والتعلقات العاطفية ..وعلى الأب أن يحادث إبنه عن ( الجولات , والبدلات واللاعبين والسيارات) حتي يشعر الأبن ان والده قريب منه ومن همومه .. واشدد على جانب أن تكون الأم مع البنت والأب مع الإبن ..فمن خلال الواقع تبين ان كثير من جموح الأبناء بسبب الأباء والبنات بسبب الأمهات ..ولنجعل عبارة مثل ( لكل كلمة أذن , ولعل أذنك ليست لكلماتي , فلا تتهمني بالغموض ) قاعدة في فهم ابنائنا فلا نتهمهم دوماً بالتفاهات .. ولا نطلب منهم الصعود إلى مستوانا العقلي والفكري مالم ننزل إلى مستواهم ونساعدهم على الإرتقاء ..
2- مفهوم الحرية : إن الحرية أيها الأخوة لا تعني أن نسلك طريقاً سلكه غيرنا من قبل , تبين أنه طريق فاسد وهذا ما ينادي به الجيل الجديد فهم دائماً يرددون ( انا حر , انا سأعمل ثم أحكم , لاتقيدوني بأسلوبكم ) إلى ماهنالك من العبارات ..والجواب ببساطة أن الهوى مرض يصيب القلوب مثل المرض الذي يصيب الأبدان , فإن هذا الشاب - أو الشابة - لو أصيب بمرض في جسمه أو جرح في يده..فإنه سيلجاء إلى العلاجات التي سبق أن استخدمها غيره ولن يجرب علاجاً جديداً .. فلماذا عندما يصيبه مرض الهوى والشهوة يتكئ على حريته و قدرته ويتهم الأخرين بالتقييد ؟ وهذا امر لابد ان يناقش مع الشاب .. في جو من الحوار الراقي وضرب الامثلة الواقعية ..
3- تحرير المصطلحات : وهي نقطة قريبة من التي قبلها - وإن كان فيها نوع من الشمول -هناك مصطلحات ظهرت في زماننا لم تكن واضحة قبله أو ربما كانت مجملة .. وعلينا أن نبينها للجيل الجديد ونشعره ان هذه المصطلحات بعضها قد يكون صواباً والبعض قد يكون مُلبساً أو مشوهاً .. فمصطلح مثل (الاختلاط) يحتاج إلى بيان وإيضاح .. حتى لا يُستدل به على خلاف مايراد منه وانه يعني نجاسة الجنس الاخر او دونيته بقدر ماهو سموه ورفعته , ومصطلح مثل (المراهقة) لايعني عدم تحمل التكاليف بقدر مايعني المسؤلية وبداية تسجيل الحسنات والسيئات, ومصطلح مثل (الحب ) ليس هو سيء دائماً .. وأن الحب بين الرجل والمرأة جائز وصحيح متى ما كان موجهاً التوجيه الصحيح المؤدي إلى الزواج..
4- تهيئة البيئة الدينية : الإنسان إبن بيئته كما يقولون ومن أراد جيلاً صالحاً فلابد أن يهيئ محضناً صالحاً , قال ( برنارد شو ) الأشخاص الذين يحققون النجاح في هذا العالم هم هؤلاء الذين يبحثون عن الظروف التي يريدونها واذا لم يستطيعوا العثور عليها صنعوها .
وقبله قال تعالى ( وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً ) فالقاعدة انك متى ما هيأت البيئة الصالحة والجو الصالح وسعيت له في المنزل فإنه غالباً - مع توفيق الله - ستجد نتائج صالحة جيدة , والعكس كذلك فمتى كان الإهمال والتجاهل والبيئة الفاسدة هي السمة الغالبة على حياة الشاب أو الشابة فتوقع أن يكون الناتج سيئاً .. قال البحتري (إذا مالجرح رم على فساد ## تبين فيه تفريط الطبيب )
يتبع ,,,,,,

عبدالسلام الصالح @aabdalslam_alsalh
عضو فعال
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

بارك الله فيكم وفي قلمكم
واصلوا كتاباتكم النافعة جعلها الله في ميزان حسناتكم
اللهم اهدِ شباب المسلمين ...
واصلوا كتاباتكم النافعة جعلها الله في ميزان حسناتكم
اللهم اهدِ شباب المسلمين ...


الصفحة الأخيرة
6- لكي تحقق المستطاع لابد وأن تجرب المستحيل(كارين رافن) : هناك مسالة لابد ان لا نغفل عنها ..وهي ان نعطي ابنائنا حرية أكبر في تصرفاتهم..وهي حرية لم نكن لنعطيها لهم في زمان سابق .. حيث ان بعض العلاقات المحرمة من الأبن أو البنت تنشاء نتيجة شعوره بالكبت والتقييد الغير منضبط من الاباء والأمهات .. وهذا يؤجج عنده نار التحدي والخروج عن المألوف .. وبالتالي يبحث بحثاً مسعوراً عن علاقة - أي علاقة - المهم ان يرضي حس الإنتقام في داخله .. لكن لو طعمناهم بحرية موزونه ومتدرجة .. وغامرنا بأمر لم نكن نفعله سابقاً بل نراه ضرباً من المستحيل ,, اعتقد ان هذا أفضل من ان نجمع على الإبن أو البنت ثقلاً نفسياً هم في غنىً عنه ..
7- يجب علينا أن نضع الأمور في ميزانها الصحيح - وهو ولاشك الميزان الشرعي - وخاصة داخل الأسرة فمجتمع البنت أو الشاب هي أسرته وبيته في البداية وليست هي المدرسة أو الشارع أو التلفاز ..
عندما تحادث الفتاة شاباً , لاتكون مدركة لما تفعل , لذا يجب ان نستثني الضرب , الإهانة , الحبس , ونستبدلها بالحوار والبديل المناسب , وعندما تزني الفتاة - لاسمح الله - فإن الله سبحانه رتب على الزانية البكر الجلد ولم يرتب القتل أو الرمي في الصحراء .. لذا يجب ان تكون الأمور في نصابها .. ثم أن من وضع الامور في نصابها أن نعلم أن هذه البنت او هذا الشاب لم يولدا فاسدين .. بل إن كل واحد منهما نحى هذا المنحى بسبب والديه أو أحدهما .. فعلاما نتجاهل هذه المسؤلية .. أم انه نوع من تكفير الذنب عنا وعنه ؟ .. كذلك من وضع الامور في نصابها أن نعلم أن الذكر والانثى سواء في هذا الأنحراف .. فيجب ان تكون العقوبة عليهما والتعامل معهما بنفس الدرجة .. فعندما يحادث أبني فتاة فهو لايقل ضررا عندما تحادث ابنتي شاباً ..
8- الزواج المُبكر : وهذا أيها الأخوة لاشك انه علاج لكثير من الإنحرافات السلوكية عند الأبناء ,, إننا عندما نتحدث عن هذا الامر فأننا في الواقع ننكاء جرحاً كبيراً عميقاً ,, لان الحديث عن الزواج المبكر سيجر إلى الحديث عن المسؤلية , والحديث عن تكاليف المعيشة الصعبة .. والحديث عن غلاء المهور والزواجات , والوظائف , بل عن التركيبة الإجتماعية التي تغيرت عندما أصبح الأبناء يسعون دوماً للخروج من بيت أهليهم .. وعن العادات والتقاليد البالية كتحيير البنت أو استإذان ابناء عمومتها .. أو حصر الزواج من بنت القبيلة وما سواها من التفاهات .
لكن نقول أن غريزة الجنس , والحب , والأمومة , والمسؤلية , كل هذه الغرائز , الزواج المبكر كفيل بتحقيقها .. فهو عون لنا وليس علينا .. ودعنا نخصص الحديث هنا إلى أولئك الذين يجدون سعة من الرزق وسعة من المال , لماذا لايسعوا إلى تزويج أبنائهم وبناتتهم في سن مبكرة إذا وجدوا منهم بوادر أنحرف أو فساد .. دعنا نقول ان 30% من هذه الفئة سوف تختفي..
أتمنى التوفيق للجميع ودمتم بود
عبدالسلام الصالح / مستشار أسري