1.5 مليون فتاة سعودية يشكون العنوسةبسبب العضل والثقافة والأفكار البالية
خطوط حمراء تمنع الفتاة من الجهر بحقها في الزواج
نورة: ممنوعة من الزواج لرفض إخوتي رجلا غرياب يشاركهم الميراث
وفاء: تخطيت الأربعين لإصرار والدي علي تزويجي من القبيلة
بدرية عبدالرحمن: ذكورية المجتمع وراء القهر الاجتماعي للمرأة
تحقيق - نوال اليوسف : تعاني أعداد كبيرة من الفتيات في مختلف مناطق المملكة العربية السعودية من العضل الذي يعني منع الفتاة وحبسها عن الزواج من قبل ولي أمرها الأب، الأخ، الخال، العم، القريب، أياً كانت درجة قرابته، أو زوج الأخت، وأحيانا زوجة الأخ تتسبب هي الأخري في عضل أخوات زوجها ، بمن ترتضيه زوجاً لها خصوصا اذا كانت الفتاة نفسها هي المبادرة بطرح فكرة تقدم رجل بعينه لخطبتها كزميل العمل، أو صديق الأخ، أو أخ الصديقة في الغالب، أو أنها تبادله الحب وأرادا معاً أن يتوج هذا الحب بالزواج الشرعي وهو السلوك الطبيعي للنهاية السعيدة لقصص الحب بين الفتيات والشباب في أغلب المجتمعات الإسلامية. وتشير بعض الدراسات الي وجود مليون ونصف المليون فتاة بلا زواج في سن الثلاثين فما فوق، وفي القصيم وحدها توجد 38 ألف فتاة بدون زواج وتشير هذه النتائج الخطيرة الي وجود خلل في العلاقة الاجتماعية بين الآباء والأبناء في الأسرة، وخلل في فهم الحقوق التي تجعل الولي يضيق علي الفتاة ويحرمها حقوقها في اختيار الزوج شرعياً وذلك بسبب الجهل تارة وبسبب الطمع تارة أخري، وفي هذا التحقيق ترصد الراية حجم المعاناة النفسية والحقيقة الواقعة علي الفتيات المعضولات وآثارها الاجتماعية الوخيمة علي المجتمع والفتاة وفيما يلي تفاصيل أكثر حول القضية . عدم أصالة النسب في البداية تروي لي فتاة سعودية تقطن منطقة القصيم حكايتها مع العضل فتقول: أنا فتاة أبلغ من العمر 33 متعلمة تعليما عاليا أعمل في مجال مهم وهو هندسة الحاسب الآلي أثناء عملي التقيت بشخص علمت من الكثيرين حولي أنه علي خلق ودين، ومتعلم، وغير مرتبط أعجبت بأخلاقه وحديث الناس حولي عن طيبته ودماثة خلقه ومشعره، لفت نظري إليه حسن تأدبه، كما التفت نظره إليّ بعد عدة شهور فاتحني زميل آخر بشأن رغبته بالزواج مني والتقدم لأهلي فطلبت أن أتعرف عليه أكثر أولاً لأني لا أريد أن أقع في الطلاق كما وقعت أختي فيه بسبب زواجها ممن كرهت، وفعلاً تم ذلك وتواصلنا عن طريق الهاتف في محادثات لا تخرج عن إطار القيم والأخلاق بغية الوصول الي القرار السليم وعندما زادت قناعتي به منحته الإذن بطرق بيت أهلي طلباً للزواج إلا أن والدي رفضه قاطعاً وكنت قد تعلقت به عاطفياً وأصبحت لا أري سواه في حياتي شريكا، رفضه لأنه من غير قبيلتنا ويقول إنه غير أصيل النسب كما أنه من أهالي جدة وليس من أهالي القصيم عندها جن جنوني وصدمت وحاولت الدفاع عن حقي بالاقتران منه، وبكيت ولجأت الي أمي ظناً مني أنها تستطيع التأثير علي قررا أبي المجحف بحقي إلا أنها فاجأتني بالإهانات والبصق علي وجهي قائلة لي ليس لدي بنات للزواج، وقامت بحبسي بمساعدة والدي في غرفتي، ولأنهم يحتاجون لراتبي في معيشتهم فإنهم سمحوا لي بالخروج للعمل فقط، وبعدها تم التكتم علي أمر زواجي بمن أريد. تركت العمل من أجل منعهم من الاستفادة براتبي وتتابع الفتاة سرد معاناتها قائلة: وتحت إلحاح كبير مني عاد الشاب الي خطبتي من جديد وقد وعد أبي أن يتفاهم معه بشأن إتمام الخطبة وطلب منه أن يحضر معه أهله في هذه المرة وفعلاً تحدث مع أهله في جدة وحضروا جميعاً لخطبتي إلا أن والدي غدر بي وبه وبأهله وكان قصده من جلب أهله لخطبتي فقط تحذيره من مغبة التواصل معي في الحديث وإعلان الرغبة عن الارتباط بي كزوجة له فقد هدده أبي وأقاربي بالقتل اذا ما عاود مطالبته بالزواج مني وطالب أسرته بالعودة الي جدة ونتيجة لهذا سافر مع أهله. أما ما كان بشأني فقد هدني المرض وانتقمت من أهلي بتركي العمل الذي يستفيدون منه براتبي فقد عاودت أمي سجني في غرفتي وحيدة تأكلني الحسرة علي فراق من ارتضيت للزواج به علي سنة الله ورسوله، ان امي القاسية القلب قالت لي وهي تشتمني أنت مالك إلا تنظيف زريبة الدجاج والغنم وستبقي هنا حبيسة هذه الدار حتي الممات اذا لم ترضي بمن نريده زوجاً لك، وليس من تريدينه أنت زوجاً لك، حاولت اللجوء الي محام إلا أن المحامي لم يساند قضيتي كثيراً، كما لجأت الي رجل مهم في إمارة القصيم كي يؤثر علي قرار أبي وأمي إلا أنه رفض التدخل وما زالت معاناتي قائمة حتي هذه اللحظة رغم رحيل من ارتضيته زوجاً لي خوفاً من تهديدات أبي وأقربائي له. العضل قضية كل الفتيات في منطقتي وتواصل حديثها بألم وقهر كبير قائلة: أما أخوتي فقد تخلوا عني رغم انهم ايضاً يواجهون نفس الظروف في العضل، حيث زوجا اخوتي بالقوة ممن لا يردنهن وأخي الذي يأخذني معه للقاء محبوبته التي يرغب بالزواج منها دون علم والدي رفض هو الآخر التدخل لدي والدي بحجة خوفه من سطوته. أما ما كان مني فأعد نفسي كي أقيم دعوة قضائية ضد والدي الذي عضلني ومنعني حقي في الزواج وأطلب بخلع ولايته عليّ خصوصاً وأني لم أعد صغيرة حتي لو تزوج من أحب وامتنع عن الارتباط بي نتيجة لتهديدات والدي لكن لا أدري كيف سيكون عليه حكم القاضي. خصوصاً بعد أن لجأت لجمعية حقوق الانسان في السعودية ولم تقم بمساعدتي في حل هذه القضية التي لا تخصني فقط بل تخص كثيرات من بنات القصيم والمملكة حيث إن مسؤولات حقوق الانسان قلن لي والدك أحق بك بمن تريدين الزواج به وقراره هو الصائب والشرع يحكمه ويحكمك. وضاعت تضحياتي أما صاحبة الحكاية الثانية فهي فتاة تعيش في المنطقة الشرقية من السعودية تبلغ الآن من العمر (45) عاماً تعمل مدرسة توفي والدها الفقير وهي في بدايات عملها ولم تتزوج بعد كونها صغيرة وبعد وفاته قررت أن تصرف علي والدتها وأخيها الذي يصغرها في السن وأخواتها الثلاث لأنه لا معيل لهم بعد الله أحد، ولأن الأخ ما يزال علي مقاعد الدراسة، والاخوات صغيرات أيضاً والأب الذي كان يعمل متسبباً قبل موته لم يترك لهم إرثا ينتفعون به سوي منزل قديم وصغير في حارة قديمة مرت السنوات وكبرت الاخوات والأخ الوحيد أيضاً وتزوج وهو وأخواته وبقيت هي كان في السابق كل من يتقدم لخطبتها يطالبها إما بالصرف عليه وعلي أبنائه، أو بترك العمل والتفرغ لمنزل الزوجية فكانت هي ايضاً ترفض فكرة الزواج وترك العمل كونها تتولي مسؤولية الإنفاق علي الأسرة الي أن مر بها العمر وتوقف الخطاب إليها، الي أن تقدم إليها قريب واحدة من زميلاتها من الجنسية المصرية فوجدته كفئا لها إلا أن أخاها رفض رفضا قاطعا فكرة تزويجها به علي الرغم مما تكبدته من خسائر كبيرة من تزويج أخيها واخواتها وضاع عمرها كله حيث لم تثمر تضحياتها خيراً مع هذا الأخ الذي عضلها وباتت حزينة جداً وهي تري آخر فرصة لها في الحياة تتسرب من تحت أناملها دون أن تستطيع أن تحقق حلمها بالزواج وإنجاب الأطفال وتدعو علي أخيها بحرقة قلب كلما أشرقت شمس وظهر قمر. ثلاث اخوات ينتظرن موت والدهن ليحققن حلمهن الأكبر بالزواج وتتحدث (مني. ع) وهي فتاة تبلغ من العمر (39 سنة) تقطن مدينة الرياض عن معاناتها من العضل قائلة: نحن ثلاث اخوات أختي الكبري تبلغ من العمر 43 عاماً والصغري 32 عاماً أما أنا فعمري الآن 39 سنة جميعنا مدرسات وكنا قبل فترة طويلة لم نكن نعلم ان ثمة من يتقدم للزواج بنا حتي تقدمت لأختي الصغري صديقتها في المدرسة طالبة أياها للزواج بأخيها اكتشفنا ان والدنا الذي نحبه ونقدره ونمنحه رواتبنا كي يكون مستأمناً عليها طمع في مالنا ولهذا يرفض تزويجنا ويريدنا أن نبقي في بيته حتي آخر يوم في حياتنا أصابتنا الدهشة وواجهناه إلا انه لم ينكر وقال لنا إنه ربانا وتعب علينا وصرف علينا الكثير من المال ولهذا يجب أن يكون حصاد عملنا له كله ولهذا لا يرغب في تزويجنا لأننا كما يقول من أملاكه الخاصة وأنه سيبقينا في منزله حتي آخر يوم من عمره ولن يسمح لنا بالزواج ما دام حياً ولن يسمح لأحد دخول منزله لغرض إقناعه ومطالبته بتزويجنا.. كان حزننا شديدا إلا أننا لم نستطع ترك عملنا لأننا من خلاله نتنفس أوكسجين الحياة وعبيرها.. وبتنا ندعو علي والدنا الذي حرمنا من زينة الحياة بالزواج والانجاب وتكوين أسرة ونتمني اليوم الذي يأخذه الله من الدنيا فيفك أسرنا من بيته وجحيمه. زوجة أخي تقف خلف عضلي أما (ف. فرحان) فتحدثت عن معاناتها وهي تجهش بالبكاء والدعاء الي الله عله يجيب دعوتها فيصيب زوجة أخيها مكروها كونها كما تقول هي السبب المباشر وراء عضل أخيها لها حيث تقدم لخطبتها الكثيرون إلا أنه يرفض فكرة تزويجها كونه يريد أن يزوجها برجل مسن من قبيلته يطلبها للزواج، ويرفض أي رجل آخر وهذا الرجل المسن لديه ثلاث زوجات و27 ولداً وبنتاً و10 أحفاد إلا أنني أرفض فكرة الزواج منه ولهذا أخي وزوجته يصران علي بقائي دون زواج ما دمت كارهة لأمر زواجي ممن رأوا أنه مناسب لي.. عمري الآن تجاوز الخامسة والثلاثين وبدا الشيب يخط مفرقي بسبب تدهور حالتي النفسية، وحزني الدائم جعلني أتواري عن الأنظار في المجتمع وأرفض حضور مناسبات الأعراس حتي لو كانت في الأسرة أو من أعز صديقاتي خوفا من لحظة ضعف انهمر فيها بالبكاء علي مسمع ومرأي من الناس وليس بمقدوري إلا أن أقول حسبي الله ونعم الوكيل. وضاع الدلال وتتحدث الآنسة نورة الحزينة وهو اسم حركي اختارته لها عندما حدثتها عن القضية التي يتناولها التحقيق، ثم تحدثت قائلة: لا أعلم من أين أبدأ لك قصة عضلي من قبل اخوتي فمنذ أن مات والدي الثري وأنا أعاني فبعد ان كنت في عهد والدي الفتاة المدللة والمكرمة أصبحت الآن الفتاة المعذبة والحزينة جداً نعم أنا نورة الحزينة ستسألينني لماذا؟ سوف أقول لك أنني كالبيت الواقف لا يحق لي التفكير في الزواج بأي رجل أنا ممنوعة من الزواج بأمر اخوتي لأنهم لا يريدون أن يشاركهم في إرثي رجل غريب ولا قريب رغم أحقيتي بهذا الإرث ولمن أهبه إلا أنهم يمنعونني من ممارسة حقي بالزواج من أجله حاولت أن أتقدم للمحكمة طالبة العدل وإلغاء ولايتهم علي إلا أنني لم أستطع فعل ذلك لأنهم وضعوا علي حارساً من أبنائهم حتي لا أستطيع الخروج من المنزل حاولت والدتي منعهم من ذلك إلا أنها لم تستطع حتي فارقت الحياة هي الأخري وتركتني وحيدة أواجه مصيري وفي داخل نفسها ونفسي غصة لم تنطفيء أبداً حيث أراها باكية وحزينة في منامي، وأسأل الله الفرج.. عمري الآن 37 عاماً وفقدت آخر أمل لي بالزواج. نظرة القبيلة أما الآنسة وفاء. م فعبرت عن معاناتها بألم قائلة: لقد وصلت الي سن الأربعين ولم أعد أشعر بالرغبة في الزواج ذلك لأني قد فقدت الأمل في أن يتقدم لخطبتي أحد وحتي إن تقدم لي أحد فإن والدي الذي يصر علي تزويجي بمن هو كفء لنسبي وقبيلتي سوف يرفض كالعادة أن يتقبل فكرة زواجي من غير القبيلة ذلك لأنه يخشي نظرة أفراد القبيلة له، علي الرغم من علمه أن لا شباب في القبيلة يمكنه الزواج بي كونهم جميعاً يصغروني في السن ولا يرغبون بالزواج من امرأة عاملة، وسطت مشايخ عديدين إلا أن كل محاولاتهم باءت بالفشل في إقناع أبي بضرورة زواجي وأخيراً سلمت أمري لله وقد ينفتح لي باب للزواج بعد رحيل والدي عن الدنيا هو الآن مريض ومع ذلك لم يفكر بي وأسأل الله أن يأخذ روح والدي كي يفرج همي. نفوذ والدي وسلطته منعاني من الاستفادة من سلطة القانون أما الآنسة (ب. العتيبي) فقالت حاولت أن أفك أسري بالقانون إلا أن نفوذ والدي وسلطته كانت أقوي من سلطة القانون والقضاء والدين في بلدي وذلك لأن أبي الثري والمتشدد دينياً يرفض ان أتزوج بشاب من خارج القبيلة علي الرغم من أن المتقدم للزواج مني رجل كفء ومتعلم ومؤمن إنها أسباب واهية يتعلل بها هو وأمثاله من الآباء الظلمة الذين يتسببون في عضل بناتهم من أجل علة في نفوسهم وطمعاً وتجبراً لا أكثر من ذلك رغم زعمهم بأنهم متدينين إلا أنهم يخالفون الدين ويقرون العرف والعادات والتقاليد البالية التي تقهر البنات وتوصلهن الي ارتكاب الهفوات والانحراف عن الطريق المستقيم. وتابعت ب. العتيبي سرد مأساتها قائلة: لقد تقدم بي العمر دون زواج وتراكمت عليّ أحزان السنين إلا أني أدعو الله أن يفرج همي بالصلاة، ولا أخفي عليك أنني أعاني الآن من نوبات عصبية شديدة كلما تذكرت أن والدي الذي من المفترض أن يحميني ويساهم في سعادتي هو الذي يحرقني ويقتل الأمل في نفسي. تهديد بالتفريق لعدم كفاءة النسب وتنهي ب. العتيبي سرد حكايتها قائلة: إن والدي هددني بالتفريق بدواعي عدم تكافؤ النسب في حالة خروجي عن طوعه والاحتماء بالقانون حتي ولو بعد حين برفع دعوي فسخ عقد الزواج ويأمر المحكمة بالتفريق بيننا قبل صدور الحكم عليه بالعضل كما حصل في قضية منصور وفاطمة وأطفالهما اللذين تم التفريق بينهما بعد زواج دام عدة سنوات لدواعي عدم كفاءة النسب ولهذا ألغيت هذه الخطوة لأن القانون الذي فرق بين زوجين منجبين يمكنه أن يقف في صفه وليس في صفي. حكم القاضي يوقع أبا لثلاث معضولات في مكة بالسكتة القلبية وفي مكة المكرمة رفعت ثلاث فتيات شقيقات دعوي ضد والدهن أمام المحكمة العامة بالعاصمة المقدسة لاتهامه بعضلهن وتسببه في إبقائهن عوانس حتي تعدت أصغرهن سن السادسة والثلاثين والأخريات عند 39 و40 عاماً ومنعهن من الزواج بعد أن تقدم لهن شباب عديدون كان والدهن يرفض فكرة تزويجهن مما جعلهن يرفعن دعوي عضل ضده تلزمه برفع العضل عنهن وإفساح المجال أمامهن بتحقيق رغبتهن في الزواج. وبعد سماع القاضي لشكواهن ضده أصدر القاضي حكماً برفع العضل عنهن والسماح لهن بالزواج. وبعد أن نطق القاضي بالحكم أصيب والدهن المسن بسكتة قلبية وسقط علي أرض المحكمة وعلي إثر ذلك تم استدعاء الهلال الأحمر والطب الشرعي الذين أكدوا لفظه لأنفاسه الأخيرة وأكدوا موته بالسكتة القلبية!. هذه القضية وغيرها تثبت قضية عضل الآباء لبناتهم في السعودية وانتهاك حقوقهن المشروعة بتحقيق حلم الزواج واختيار الشريك المناسب كما أنها تؤكد معاناتهن وتجعل الجميع بما فيهن الدولة التي أصدرت فتوي التحريم العضل عنوان الفتوي: وسائل إنكاح الفتاة إذا عضلها وليها وتاريخها: 21 ذو الحجة 1422/ 6-3_-2002) يقفون في وجه الآباء واستشراء هذه المشكلة التي يري البعض أنها تحولت الي ظاهرة إلا أن كل هذه الجهود باءت بكثير من الفشل وقليل من النجاح. ورغم قساوة العضل يرفض الكثيرين في المجتمع السعودي فكرة رفع قضايا أو شكاوي العضل أمام المحاكم السعودية ويري البعض في هذا الأمر خروجاً علي الأعراف الاجتماعية في الدولة برمتها. وبعد سردنا لمعاناة الفتيات المعضولات بأمر الولي (أب، أو أخ) ننتقل الي رؤية الدين الذي يحرم العضل ويدعو الي تزويج البنات باعتبارهن أمانة في أعناق الآباء. حيث أكد المشرف العام علي مؤسسة الإسلام اليوم فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودة علي خطورة عضل الفتيات، أي منعهن من الزواج، وأضاف: إن هذا العضل يشكل خطراً بالغاً علي سكينة واستقرار المجتمع وأشار الي أنه من الدناءة والخسة أن يحرم الأب ابنته من حقها في الزواج لأجل أن يأخذ مرتبها . ويؤكد فضيلة الشيخ سلمان العودة أن الفتاة هي المتضرر الأكبر من الظلم الواقع عليها نتيجة للعضل لأنها الطرف الأضعف في هذه القضية. مؤكداً أن العضل من قبل الولي يتطلب قدراً من الصبر، والتفاهم، والحوار، والهدوء. ونادي فضيلته بضرورة ***** جمعيات اجتماعية تعني بحل مشكلات العضل والمشكلات الزوجية، وتوعية الأزواج الي طرق الحياة الزوجية الصحيحة علي غرار الجمعيات التي تساعد الشباب في الزواج مالياً. وفي بيان لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماد وإدارة البحوث العلمية والإفتاء نشرته الصحف السعودية مؤخراً شدد فيه علي أن التحجير وإجبار المرأة علي الزواج لا يجوز ومن أكبر أنواع الظلم، وأن من يفعل ذلك عاص لله ورسوله. وقد أورد سماحته بعض الأدلة الشرعية علي عدم جواز ذلك منها ما روي البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا تنكح الأيم حتي تُستأمر ولا تُنكح البكر حتي تُستأذن). وأورد أيضاً ما رواه البخاري في صحيحه عن خنساء بنت خزام الأنصارية رضي الله عنها أن أباها زوجها وهي ثيب فكرهت ذلك فأتت للرسول صلي الله عليه وسلم فرد نكاحها. الشرع يرفض العضل في جميع الحالات وحول موقف الشرع من مسألة عضل، الفتاة سواء تخطت سن الثلاثين أو الأربعين أم لا أو منعها من الزواج من الخاطب الكفء إذا تقدم اليها، أو طلبته، ورغب كل واحد منهما في الآخر، يقول الشيخ سليمان أبو المكارم القاضي المساعد في محكمة الأوقاف والمواريث بمحافظة القطيف (إن الشرع يرفض العضل في جميع الحالات إذا ما خلي من أسبابه العقلية الشرعية). إذن شرعي ورسمي لتزويج المعضولة يسبقه النصح وحول واجب القاضي حيال من يعضلون الفتيات ويمنعونهن من الزواج ممن يرتضينه لهم زوجاً علي سنة الله ورسوله علق فضيلته قائلاً: إن لم يكن سبب العضل عقليا وشرعياً فحينها يقوم القاضي بإسداء النصح للعاضلين أولاً، وفي حال عدم الجدوي يتم العقد بعد حصول الأذنين الشرعي والرسمي. عقلي وشرعي وحول أحقية الولي في عضل الفتاة التي قاربت من سن الخمسين من الزواج بحجة كون المتقدم من غير الجنسية، أو المذهب سواء إذا كان أخاً أو أباً لا يقوم بمسلة الإنفاق علي أخته أو ابنته مثلاً يعلق قائلاً: نعم من حقه في حال كان سبب العضل عقليا شرعيا، ويتوجب عليه الإنفاق علي من هم في ولايته. الجنون والخرف وموجبات الحجر تسقط ولاية الولي وحول متي تسقط ولاية الولي؟ وهل بإمكان الفتاة المعضولة التقدم للمحكمة لخلع ولاية الولي وتمكينها من الولاية علي نفسها في أمر التزويج أو إدارة شؤونها المالية والقانونية وخلافه يوضح فضيلة الشيخ سليمان أبو المكارم قائلاً: تسقط ولاية الولي بجنونه أو خرفه وبما يوجب الحجر عليه، ومن حق الفتاة التقدم للمحكمة لخلع تلك الولاية، ويكون ولي وليها المخلوعة ولايته وليها. إنصاف القضاء وحول متي تلجأ الفتاة للقضاء، وهل القضاء ينصفها ويعينها علي تحقيق طلبها بالزواج بمن تراه هي كفء لها أشار فضيلته قائلاً: تلجأ الفتاة للقضاء حينما تحتاج القضاء لأي أمر كان، ونعم القضاء ينصفها في كل أمر، وفي حال عدم إنصافها فالعيب ليس في القضاء وإنما فيمن يطبقه. قضيتا عضل رصدت في القطيف فقط وحول رصد المحكمة لقضايا العضل في محافظة القطيف وعدد هذه الحالات وحول تيسير المحكمة زيجات لفتيات تم عضلهن، وسعيها في التوفيق فيما بين راغبة الزواج ومن لا يرتضيه أهلها أكد فضيلته قائلاً: نعم سبق للمحكمة أن رصدت قضيتين من هذا النوع، وسعت المحكمة للتزويج إلا أن أحد الزوجين عدل عن الزواج لاحقاً خوفاً من المشاكل مستقبلا، والأخري تم اقناع الفتاة بعدم صلاحية الزوج لها لفرق السن الشاسع بينهما، مع ملاحظة أن هذا لا يعني عدم وجود حالات عضل أخري. لا يوجد حد شرعي للعضل وحول متي يصبح الولي عاضلاً وهل ثمة ذنب يرتكبه عند العضل؟ ما هو حدود الذنب يصبح الولي عاضلاً إذا كان سبب عضله غير عقلي ولا شرعي، ولا شك أن إثمه عظيم، ولا يوجد حد مرعي للعضل. الجهل والعناد وحول الأسباب التي تجعل الأولياء يلجأون فيها للعضل علي الرغم من معرفتهم بأن الإسلام منح الفتيات المسلمات حق اختيار أزواجهن أكد قائلاً: بداية السبب هو الجهل بتعاليم الشريعة السمحاء، وغالباً يكون السبب اقتصاديا، وتارة يكون لمجرد العناد، وأخري يكون عقائدياً، وأخري انتقاماً من الزوجة -والدة من يقع عليهن العضل- إن كان الوالدان منفصلين. العضل خطر علي المجتمع وحول صور وأنواع العضل، وأيها أشده أو أخطره علي المرأة والمجتمع وعلي العاضل نفسه أشار قائلاً: العضل له صورة واحدة تتحقق بمنع الفتاة من الزواج من الشخص المتقدم، والعضل نفسه خطر علي المجتمع بأكمله في حال انتفاء سببه العقلي أو الشرعي. خاص بالمحاكم الكبري وحول اصدار هيئة كبار العلماء في السعودية قراراً بمنع عضل الفتيات أو إرغامهن علي الزواج أكدت في قرارها هذا علي اتخاذ عقوبة لمن يخالف ذلك إلا أننا لا زلنا نري في المجتمع حالات كثيرة للعضل وذلك من خلال الرسائل البريدية التي تصلنا طالبة النجدة.. فهل ثمة تطبيق علي أرض الواقع لمثل هذا القرار الهام؟ وهل من حق الفتاة أن تبلغ عن حالة العضل التي تتعرض لها من وليها؟ وكيف تتصرف المحكمة عند حضور المعضول حقها ما هي الإجراءات المتبعة لذلك ولحماية الفتاة من وليها علق قائلاً: في حال صدوره فهو خاص بالمحاكم الكبري فقط، ومن حق الفتاة التبليغ عن وقوع العضل، والمحكمة تقوم أولاً بإسداء النصح للعاضل، فإن لم يجد نفعاً ترفع المحكمة الولاية عن العاضل إن كان العضل غير مبرر وتجري العقد بعد أخذ الإذن شرعياً من الولي الفقيه ورسمياً من الوزارة. علي المعضولة اللجوء للمحكمة لإثبات عضلها من وليها حول الحلول الناجعة لمعالجة مشكلة العضل في السعودية من وجهة نظره كقاض مساعد في محكمة الأوقاف والمواريث بمحافظة القطيف علق قائلاً: أري أن الحل يكمن في التخلص من الجهل لدي الكثير من الأولياء، ومن يقع عليهن العضل، وذلك من خلال ندوات تثقيفية تقوم بها الجهات والمؤسسات الاجتماعية والدينية وغيرها، ثم بلجوء من يقع عليهن العضل الي المحكمة لتحصل علي المساعدة المتوخاة، الأمر الذي يجعل من انتشار نتائج اللجوء للمحكمة أمراًً مساعداً لردع من يفكر في العضل. عضل المرأة ويري فضيلة الشيخ الدكتور أمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة ورئيس شئون الحرمين سابقاً ورئيس مجلس الشوري السعودي صالح بن عبدالله بن حميد أن العضل من رواسب الجاهلية ويتابع قائلاً: قد قرر الإسلام أن المرأة إنسان مبجل، وكيان محترم، مشكور سعيها، محفوظة كرامتها، موفورة عزتها، رد لها حقها المسلوب، ورفع عنها المظالم، لا تحبس كرهاً، ولا تعضل كرهاً، ولا تورث كرهاً، تنزل منزلتها اللائقة بها: أما وأختاً، وزوجة وبنتاً، بل مطلوب المعاشرة بالمعروف، والصبر علي السييء من أخلاقها: وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسي أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً (النساء:19). وهذا حديث عن مسألة من مسائل الزوجية، يتجلي فيها موقف الجاهلية وموقف الإسلام، مسألة كان للإسلام فيها موقف حازم، مسألة التزام حكم الإسلام فيها يقود الي الطهر والإزكاء في الدين والنفس والعرض، ويتجلي فيها مظهر من مظاهر الإيمان بالله واليوم الآخر. والتقصير فيه جنوح الي مسالك الجاهلية وتغليب للمصالح. الشخصية تلكم هي مسألة عضل المرأة ومنعها من الزواج من الخاطب الكفء إذا تقدم اليها، أو طلبته، ورغب كل واحد منهما في الآخر، يقول تعالي: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكي لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون (البقرة/ 232). تحكم في عواطف النساء ومشاعرهن ويضيف الدكتور الشيخ بن حميد قائلا: وفسر العضل بأنه تحكم في عواطف النساء ومشاعرهن، واهدار لكرامتهن، بل هو إلغاء لإنسانيتهن من غير خوف من الله ولا حياء من خلق الله، ومن غير نظر في العواقب، ولا رعاية لحقوق الرحم والأقارب، مخالفة لدين الله والفطرة، مجانبة لمسلك أهل العقل والحكمة، ومجافاة للخلق الكريم. وسمي العضل عضلاً لما يؤدي اليه امتناع الأولياء عن تزويج مولياتهم من الشدة والحبس والتشديد والتضييق والتأثير المؤلم، بل المؤذي للمرأة في نفسها وحياتها وعيشها. العضل مسلك من مسالك الظلمة الذين يستغلون حياء المرأة، وخجلها، وبراءتها، وحسن ظنها، وسلامة نيتها، وما ذلك إلا لعصبية جاهلية، أو حمية قبلية، أو طمع في مزيد من المال، أو أنانية في الحبس من أجل الخدمة. يجب علي الأولياء أن تكون غايتهم تحقيق مصالح مولياتهم الدينية والدنيوية، مبتعدين عن المصالح الشخصية، والأنانية الذاتية. العضل صور وأشكال صور وأشكال العضل: كما تناول بن حميد صور وأشكال العضل فقال: العضل لا يزحف بظله الثقيل علي المجتمع بصورة واحدة، بل انه يتلون بألوان شتي، ويتشكل بأشكال عديدة في صور قاتمة، وأحوال بشعة، تعلم شناعتها، وتدرك دناءة غايتها من مجرد تصورها. من صور العضل ما جاء في قول الله عز وجل: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف (البقرة/ 232)، فإذا طلقت المرأة أقل من ثلاث طلقات، ثم انتهت عدتها وبانت بينونة صغري، ورغب زوجها الذي طلقها في العودة اليها بعقد جديد، ورغبت أن ترجع اليه قام وليها بمنعها من ذلك من غير سبب صحيح، لم يمنعه إلا التمسك ببعض رواسب الجاهلية، والعادات البالية، والعناد المجرد. وتابع قائلا: ومن أنواع العضل ما بينته الآية الكريمة في قول الله عز وجل: ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلي عليكم في الكتاب في يتامي النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن (النساء/ 127)، وفي هذه الصورة يمتنع ولي اليتيمة عن تزويجها لغيره لرغبته في نكاحها لنفسه من أجل مالها، ففي صحيح البخاري - رحمه الله - عن عائشة رضي الله عنها، قالت هذه الآية في اليتيمة التي تكون عند الرجل لعلها أن تكون شريكته - أي في أمواله وتجارته - وهو أولي بها - أي يريد أنه أولي بها في نكاحها - فيرغب أن ينكحها فيعضلها، ولا ينكحها غيره كراهية أن يشركه أحد في ماله. تعزز ولي الأمر واستكباره وأضاف الحميد: ومن صور العضل ما جاء في قول الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن (النساء/ 19)، ومعني ذلك: أن يضيق الزوج علي زوجته إذا كرهها ويسيء عشرتها، ويمنعها من حقها في النفقة والقسم، وحسن العشرة وقد يصاحب ذلك إيذاء جسدي بضرب وسب، كل ذلك من أجل أن تفتدي نفسها بمال ومخالعة: لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن أي لكي تفتدي المرأة نفسها من الظلم بما اكتسبته من مال المهر والصداق، وبهذا العضل اللئيم والأسلوب الكريه يسترجع هؤلاء الأزواج اللؤماء ما دفعوه من مهور، وربما استردوا أكثر مما دفعوا، وكل ما أخذوه من هذا الطريق بغير وجه حق فهو حرام وسحت وظلم. ومن صور العضل المقيت أن يمتنع الولي عن تزويج المرأة إذا خطبها كفء، وقد رضيته، وما منعها هذا الولي إلا طمعاً في مالها ومرتبها، أو طلب مهراً كثيراً أو مطالبات مالية له ولأفراد أسرته، تلكم صورة لئيمة يرتكبها بعض اللؤماء من الأولياء من أجل الكسب المادي، أو من أجل حبسها لتخدمه وتقوم علي شؤونه. وواصل حديثه حول العضل قائلا: وثمة تصرفات من بعض الناس قد تؤدي الي عضل النساء وحرمانهن من الزواج وصرف الخطاب عنهن، من ذلك، تعزز ولي المرأة واستكباره، واظهار الأنفة للخطاب، فيتعاظم عليهم في النظرات، ويترفع عنهم في الحديث، فيبتعد الرجال عن التقدم لخطبة بنته أو موليته، لشدته، وتجهم وجهه، واعتزازه بنفسه ومركزه وجاهه وثرائه، يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: ومن صور العضل أن يمتنع الخطاب عن خطبة المرأة لشدة وليدها . ومن الأخطاء في هذا الباب: حصر الزواج وحجره بأحد الأقارب من أبناء العم أو الخال أو غيرهم والمرأة لا تريده، أو أقاربها لا يريدونها، وحصرها في أقاربها أو حجرها عليهم إما أن يكون بتكبر من العائلة وتعال علي الناس، أو أنه خضوع لعادات وتقاليد بالية، وحصر المرأة وحجرها علي أقاربها وهم لم يتقدموا اليها، أو هي لا ترغب فيهم ظلم وعدوان وتمسك بالعصبية الجاهلية والحمية القبلية
1.5 مليون فتاة سعودية يشكون العنوسةبسبب العضل والثقافة والأفكار البالية
تحقيق - نوال اليوسف : تعاني أعداد كبيرة من الفتيات في مختلف مناطق المملكة العربية السعودية من العضل الذي يعني منع الفتاة وحبسها عن الزواج من قبل ولي أمرها الأب، الأخ، الخال، العم، القريب، أياً كانت درجة قرابته، أو زوج الأخت، وأحيانا زوجة الأخ تتسبب هي الأخري في عضل أخوات زوجها ، بمن ترتضيه زوجاً لها خصوصا اذا كانت الفتاة نفسها هي المبادرة بطرح فكرة تقدم رجل بعينه لخطبتها كزميل العمل، أو صديق الأخ، أو أخ الصديقة في الغالب، أو أنها تبادله الحب وأرادا معاً أن يتوج هذا الحب بالزواج الشرعي وهو السلوك الطبيعي للنهاية السعيدة لقصص الحب بين الفتيات والشباب في أغلب المجتمعات الإسلامية.
وتشير بعض الدراسات الي وجود مليون ونصف المليون فتاة بلا زواج في سن الثلاثين فما فوق، وفي القصيم وحدها توجد 38 ألف فتاة بدون زواج وتشير هذه النتائج الخطيرة الي وجود خلل في العلاقة الاجتماعية بين الآباء والأبناء في الأسرة، وخلل في فهم الحقوق التي تجعل الولي يضيق علي الفتاة ويحرمها حقوقها في اختيار الزوج شرعياً وذلك بسبب الجهل تارة وبسبب الطمع تارة أخري، وفي هذا التحقيق ترصد الراية حجم المعاناة النفسية والحقيقة الواقعة علي الفتيات المعضولات وآثارها الاجتماعية الوخيمة علي المجتمع والفتاة وفيما يلي تفاصيل أكثر حول القضية .
عدم أصالة النسب
في البداية تروي لي فتاة سعودية تقطن منطقة القصيم حكايتها مع العضل فتقول: أنا فتاة أبلغ من العمر 33 متعلمة تعليما عاليا أعمل في مجال مهم وهو هندسة الحاسب الآلي أثناء عملي التقيت بشخص علمت من الكثيرين حولي أنه علي خلق ودين، ومتعلم، وغير مرتبط أعجبت بأخلاقه وحديث الناس حولي عن طيبته ودماثة خلقه ومشعره، لفت نظري إليه حسن تأدبه، كما التفت نظره إليّ بعد عدة شهور فاتحني زميل آخر بشأن رغبته بالزواج مني والتقدم لأهلي فطلبت أن أتعرف عليه أكثر أولاً لأني لا أريد أن أقع في الطلاق كما وقعت أختي فيه بسبب زواجها ممن كرهت، وفعلاً تم ذلك وتواصلنا عن طريق الهاتف في محادثات لا تخرج عن إطار القيم والأخلاق بغية الوصول الي القرار السليم وعندما زادت قناعتي به منحته الإذن بطرق بيت أهلي طلباً للزواج إلا أن والدي رفضه قاطعاً وكنت قد تعلقت به عاطفياً وأصبحت لا أري سواه في حياتي شريكا، رفضه لأنه من غير قبيلتنا ويقول إنه غير أصيل النسب كما أنه من أهالي جدة وليس من أهالي القصيم عندها جن جنوني وصدمت وحاولت الدفاع عن حقي بالاقتران منه، وبكيت ولجأت الي أمي ظناً مني أنها تستطيع التأثير علي قررا أبي المجحف بحقي إلا أنها فاجأتني بالإهانات والبصق علي وجهي قائلة لي ليس لدي بنات للزواج، وقامت بحبسي بمساعدة والدي في غرفتي، ولأنهم يحتاجون لراتبي في معيشتهم فإنهم سمحوا لي بالخروج للعمل فقط، وبعدها تم التكتم علي أمر زواجي بمن أريد.
تركت العمل من أجل منعهم من الاستفادة براتبي
وتتابع الفتاة سرد معاناتها قائلة: وتحت إلحاح كبير مني عاد الشاب الي خطبتي من جديد وقد وعد أبي أن يتفاهم معه بشأن إتمام الخطبة وطلب منه أن يحضر معه أهله في هذه المرة وفعلاً تحدث مع أهله في جدة وحضروا جميعاً لخطبتي إلا أن والدي غدر بي وبه وبأهله وكان قصده من جلب أهله لخطبتي فقط تحذيره من مغبة التواصل معي في الحديث وإعلان الرغبة عن الارتباط بي كزوجة له فقد هدده أبي وأقاربي بالقتل اذا ما عاود مطالبته بالزواج مني وطالب أسرته بالعودة الي جدة ونتيجة لهذا سافر مع أهله. أما ما كان بشأني فقد هدني المرض وانتقمت من أهلي بتركي العمل الذي يستفيدون منه براتبي فقد عاودت أمي سجني في غرفتي وحيدة تأكلني الحسرة علي فراق من ارتضيت للزواج به علي سنة الله ورسوله، ان امي القاسية القلب قالت لي وهي تشتمني أنت مالك إلا تنظيف زريبة الدجاج والغنم وستبقي هنا حبيسة هذه الدار حتي الممات اذا لم ترضي بمن نريده زوجاً لك، وليس من تريدينه أنت زوجاً لك، حاولت اللجوء الي محام إلا أن المحامي لم يساند قضيتي كثيراً، كما لجأت الي رجل مهم في إمارة القصيم كي يؤثر علي قرار أبي وأمي إلا أنه رفض التدخل وما زالت معاناتي قائمة حتي هذه اللحظة رغم رحيل من ارتضيته زوجاً لي خوفاً من تهديدات أبي وأقربائي له.
العضل قضية كل الفتيات في منطقتي
وتواصل حديثها بألم وقهر كبير قائلة: أما أخوتي فقد تخلوا عني رغم انهم ايضاً يواجهون نفس الظروف في العضل، حيث زوجا اخوتي بالقوة ممن لا يردنهن وأخي الذي يأخذني معه للقاء محبوبته التي يرغب بالزواج منها دون علم والدي رفض هو الآخر التدخل لدي والدي بحجة خوفه من سطوته. أما ما كان مني فأعد نفسي كي أقيم دعوة قضائية ضد والدي الذي عضلني ومنعني حقي في الزواج وأطلب بخلع ولايته عليّ خصوصاً وأني لم أعد صغيرة حتي لو تزوج من أحب وامتنع عن الارتباط بي نتيجة لتهديدات والدي لكن لا أدري كيف سيكون عليه حكم القاضي. خصوصاً بعد أن لجأت لجمعية حقوق الانسان في السعودية ولم تقم بمساعدتي في حل هذه القضية التي لا تخصني فقط بل تخص كثيرات من بنات القصيم والمملكة حيث إن مسؤولات حقوق الانسان قلن لي والدك أحق بك بمن تريدين الزواج به وقراره هو الصائب والشرع يحكمه ويحكمك.
وضاعت تضحياتي
أما صاحبة الحكاية الثانية فهي فتاة تعيش في المنطقة الشرقية من السعودية تبلغ الآن من العمر (45) عاماً تعمل مدرسة توفي والدها الفقير وهي في بدايات عملها ولم تتزوج بعد كونها صغيرة وبعد وفاته قررت أن تصرف علي والدتها وأخيها الذي يصغرها في السن وأخواتها الثلاث لأنه لا معيل لهم بعد الله أحد، ولأن الأخ ما يزال علي مقاعد الدراسة، والاخوات صغيرات أيضاً والأب الذي كان يعمل متسبباً قبل موته لم يترك لهم إرثا ينتفعون به سوي منزل قديم وصغير في حارة قديمة مرت السنوات وكبرت الاخوات والأخ الوحيد أيضاً وتزوج وهو وأخواته وبقيت هي كان في السابق كل من يتقدم لخطبتها يطالبها إما بالصرف عليه وعلي أبنائه، أو بترك العمل والتفرغ لمنزل الزوجية فكانت هي ايضاً ترفض فكرة الزواج وترك العمل كونها تتولي مسؤولية الإنفاق علي الأسرة الي أن مر بها العمر وتوقف الخطاب إليها، الي أن تقدم إليها قريب واحدة من زميلاتها من الجنسية المصرية فوجدته كفئا لها إلا أن أخاها رفض رفضا قاطعا فكرة تزويجها به علي الرغم مما تكبدته من خسائر كبيرة من تزويج أخيها واخواتها وضاع عمرها كله حيث لم تثمر تضحياتها خيراً مع هذا الأخ الذي عضلها وباتت حزينة جداً وهي تري آخر فرصة لها في الحياة تتسرب من تحت أناملها دون أن تستطيع أن تحقق حلمها بالزواج وإنجاب الأطفال وتدعو علي أخيها بحرقة قلب كلما أشرقت شمس وظهر قمر.
ثلاث اخوات ينتظرن موت والدهن ليحققن حلمهن الأكبر بالزواج
وتتحدث (مني. ع) وهي فتاة تبلغ من العمر (39 سنة) تقطن مدينة الرياض عن معاناتها من العضل قائلة: نحن ثلاث اخوات أختي الكبري تبلغ من العمر 43 عاماً والصغري 32 عاماً أما أنا فعمري الآن 39 سنة جميعنا مدرسات وكنا قبل فترة طويلة لم نكن نعلم ان ثمة من يتقدم للزواج بنا حتي تقدمت لأختي الصغري صديقتها في المدرسة طالبة أياها للزواج بأخيها اكتشفنا ان والدنا الذي نحبه ونقدره ونمنحه رواتبنا كي يكون مستأمناً عليها طمع في مالنا ولهذا يرفض تزويجنا ويريدنا أن نبقي في بيته حتي آخر يوم في حياتنا أصابتنا الدهشة وواجهناه إلا انه لم ينكر وقال لنا إنه ربانا وتعب علينا وصرف علينا الكثير من المال ولهذا يجب أن يكون حصاد عملنا له كله ولهذا لا يرغب في تزويجنا لأننا كما يقول من أملاكه الخاصة وأنه سيبقينا في منزله حتي آخر يوم من عمره ولن يسمح لنا بالزواج ما دام حياً ولن يسمح لأحد دخول منزله لغرض إقناعه ومطالبته بتزويجنا.. كان حزننا شديدا إلا أننا لم نستطع ترك عملنا لأننا من خلاله نتنفس أوكسجين الحياة وعبيرها.. وبتنا ندعو علي والدنا الذي حرمنا من زينة الحياة بالزواج والانجاب وتكوين أسرة ونتمني اليوم الذي يأخذه الله من الدنيا فيفك أسرنا من بيته وجحيمه.
زوجة أخي تقف خلف عضلي
أما (ف. فرحان) فتحدثت عن معاناتها وهي تجهش بالبكاء والدعاء الي الله عله يجيب دعوتها فيصيب زوجة أخيها مكروها كونها كما تقول هي السبب المباشر وراء عضل أخيها لها حيث تقدم لخطبتها الكثيرون إلا أنه يرفض فكرة تزويجها كونه يريد أن يزوجها برجل مسن من قبيلته يطلبها للزواج، ويرفض أي رجل آخر وهذا الرجل المسن لديه ثلاث زوجات و27 ولداً وبنتاً و10 أحفاد إلا أنني أرفض فكرة الزواج منه ولهذا أخي وزوجته يصران علي بقائي دون زواج ما دمت كارهة لأمر زواجي ممن رأوا أنه مناسب لي.. عمري الآن تجاوز الخامسة والثلاثين وبدا الشيب يخط مفرقي بسبب تدهور حالتي النفسية، وحزني الدائم جعلني أتواري عن الأنظار في المجتمع وأرفض حضور مناسبات الأعراس حتي لو كانت في الأسرة أو من أعز صديقاتي خوفا من لحظة ضعف انهمر فيها بالبكاء علي مسمع ومرأي من الناس وليس بمقدوري إلا أن أقول حسبي الله ونعم الوكيل.
وضاع الدلال
وتتحدث الآنسة نورة الحزينة وهو اسم حركي اختارته لها عندما حدثتها عن القضية التي يتناولها التحقيق، ثم تحدثت قائلة: لا أعلم من أين أبدأ لك قصة عضلي من قبل اخوتي فمنذ أن مات والدي الثري وأنا أعاني فبعد ان كنت في عهد والدي الفتاة المدللة والمكرمة أصبحت الآن الفتاة المعذبة والحزينة جداً نعم أنا نورة الحزينة ستسألينني لماذا؟ سوف أقول لك أنني كالبيت الواقف لا يحق لي التفكير في الزواج بأي رجل أنا ممنوعة من الزواج بأمر اخوتي لأنهم لا يريدون أن يشاركهم في إرثي رجل غريب ولا قريب رغم أحقيتي بهذا الإرث ولمن أهبه إلا أنهم يمنعونني من ممارسة حقي بالزواج من أجله حاولت أن أتقدم للمحكمة طالبة العدل وإلغاء ولايتهم علي إلا أنني لم أستطع فعل ذلك لأنهم وضعوا علي حارساً من أبنائهم حتي لا أستطيع الخروج من المنزل حاولت والدتي منعهم من ذلك إلا أنها لم تستطع حتي فارقت الحياة هي الأخري وتركتني وحيدة أواجه مصيري وفي داخل نفسها ونفسي غصة لم تنطفيء أبداً حيث أراها باكية وحزينة في منامي، وأسأل الله الفرج.. عمري الآن 37 عاماً وفقدت آخر أمل لي بالزواج.
نظرة القبيلة
أما الآنسة وفاء. م فعبرت عن معاناتها بألم قائلة: لقد وصلت الي سن الأربعين ولم أعد أشعر بالرغبة في الزواج ذلك لأني قد فقدت الأمل في أن يتقدم لخطبتي أحد وحتي إن تقدم لي أحد فإن والدي الذي يصر علي تزويجي بمن هو كفء لنسبي وقبيلتي سوف يرفض كالعادة أن يتقبل فكرة زواجي من غير القبيلة ذلك لأنه يخشي نظرة أفراد القبيلة له، علي الرغم من علمه أن لا شباب في القبيلة يمكنه الزواج بي كونهم جميعاً يصغروني في السن ولا يرغبون بالزواج من امرأة عاملة، وسطت مشايخ عديدين إلا أن كل محاولاتهم باءت بالفشل في إقناع أبي بضرورة زواجي وأخيراً سلمت أمري لله وقد ينفتح لي باب للزواج بعد رحيل والدي عن الدنيا هو الآن مريض ومع ذلك لم يفكر بي وأسأل الله أن يأخذ روح والدي كي يفرج همي.
نفوذ والدي وسلطته منعاني من الاستفادة من سلطة القانون
أما الآنسة (ب. العتيبي) فقالت حاولت أن أفك أسري بالقانون إلا أن نفوذ والدي وسلطته كانت أقوي من سلطة القانون والقضاء والدين في بلدي وذلك لأن أبي الثري والمتشدد دينياً يرفض ان أتزوج بشاب من خارج القبيلة علي الرغم من أن المتقدم للزواج مني رجل كفء ومتعلم ومؤمن إنها أسباب واهية يتعلل بها هو وأمثاله من الآباء الظلمة الذين يتسببون في عضل بناتهم من أجل علة في نفوسهم وطمعاً وتجبراً لا أكثر من ذلك رغم زعمهم بأنهم متدينين إلا أنهم يخالفون الدين ويقرون العرف والعادات والتقاليد البالية التي تقهر البنات وتوصلهن الي ارتكاب الهفوات والانحراف عن الطريق المستقيم.
وتابعت ب. العتيبي سرد مأساتها قائلة: لقد تقدم بي العمر دون زواج وتراكمت عليّ أحزان السنين إلا أني أدعو الله أن يفرج همي بالصلاة، ولا أخفي عليك أنني أعاني الآن من نوبات عصبية شديدة كلما تذكرت أن والدي الذي من المفترض أن يحميني ويساهم في سعادتي هو الذي يحرقني ويقتل الأمل في نفسي.
تهديد بالتفريق لعدم كفاءة النسب
وتنهي ب. العتيبي سرد حكايتها قائلة: إن والدي هددني بالتفريق بدواعي عدم تكافؤ النسب في حالة خروجي عن طوعه والاحتماء بالقانون حتي ولو بعد حين برفع دعوي فسخ عقد الزواج ويأمر المحكمة بالتفريق بيننا قبل صدور الحكم عليه بالعضل كما حصل في قضية منصور وفاطمة وأطفالهما اللذين تم التفريق بينهما بعد زواج دام عدة سنوات لدواعي عدم كفاءة النسب ولهذا ألغيت هذه الخطوة لأن القانون الذي فرق بين زوجين منجبين يمكنه أن يقف في صفه وليس في صفي.
حكم القاضي يوقع أبا لثلاث معضولات في مكة بالسكتة القلبية
وفي مكة المكرمة رفعت ثلاث فتيات شقيقات دعوي ضد والدهن أمام المحكمة العامة بالعاصمة المقدسة لاتهامه بعضلهن وتسببه في إبقائهن عوانس حتي تعدت أصغرهن سن السادسة والثلاثين والأخريات عند 39 و40 عاماً ومنعهن من الزواج بعد أن تقدم لهن شباب عديدون كان والدهن يرفض فكرة تزويجهن مما جعلهن يرفعن دعوي عضل ضده تلزمه برفع العضل عنهن وإفساح المجال أمامهن بتحقيق رغبتهن في الزواج.
وبعد سماع القاضي لشكواهن ضده أصدر القاضي حكماً برفع العضل عنهن والسماح لهن بالزواج. وبعد أن نطق القاضي بالحكم أصيب والدهن المسن بسكتة قلبية وسقط علي أرض المحكمة وعلي إثر ذلك تم استدعاء الهلال الأحمر والطب الشرعي الذين أكدوا لفظه لأنفاسه الأخيرة وأكدوا موته بالسكتة القلبية!.
هذه القضية وغيرها تثبت قضية عضل الآباء لبناتهم في السعودية وانتهاك حقوقهن المشروعة بتحقيق حلم الزواج واختيار الشريك المناسب كما أنها تؤكد
معاناتهن وتجعل الجميع بما فيهن الدولة التي أصدرت فتوي التحريم العضل عنوان الفتوي: وسائل إنكاح الفتاة إذا عضلها وليها وتاريخها: 21 ذو الحجة 1422/ 6-3_-2002) يقفون في وجه الآباء واستشراء هذه المشكلة التي يري البعض أنها تحولت الي ظاهرة إلا أن كل هذه الجهود باءت بكثير من الفشل وقليل من النجاح.
ورغم قساوة العضل يرفض الكثيرين في المجتمع السعودي فكرة رفع قضايا أو شكاوي العضل أمام المحاكم السعودية ويري البعض في هذا الأمر خروجاً علي الأعراف الاجتماعية في الدولة برمتها.
وبعد سردنا لمعاناة الفتيات المعضولات بأمر الولي (أب، أو أخ) ننتقل الي رؤية الدين الذي يحرم العضل ويدعو الي تزويج البنات باعتبارهن أمانة في أعناق الآباء.
حيث أكد المشرف العام علي مؤسسة الإسلام اليوم فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودة علي خطورة عضل الفتيات، أي منعهن من الزواج، وأضاف: إن هذا العضل يشكل خطراً بالغاً علي سكينة واستقرار المجتمع وأشار الي أنه من الدناءة والخسة أن يحرم الأب ابنته من حقها في الزواج لأجل أن يأخذ مرتبها .
ويؤكد فضيلة الشيخ سلمان العودة أن الفتاة هي المتضرر الأكبر من الظلم الواقع عليها نتيجة للعضل لأنها الطرف الأضعف في هذه القضية. مؤكداً أن العضل من قبل الولي يتطلب قدراً من الصبر، والتفاهم، والحوار، والهدوء.
ونادي فضيلته بضرورة ***** جمعيات اجتماعية تعني بحل مشكلات العضل والمشكلات الزوجية، وتوعية الأزواج الي طرق الحياة الزوجية الصحيحة علي غرار الجمعيات التي تساعد الشباب في الزواج مالياً.
وفي بيان لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماد وإدارة البحوث العلمية والإفتاء نشرته الصحف السعودية مؤخراً شدد فيه علي أن التحجير وإجبار المرأة علي الزواج لا يجوز ومن أكبر أنواع الظلم، وأن من يفعل ذلك عاص لله ورسوله. وقد أورد سماحته بعض الأدلة الشرعية علي عدم جواز ذلك منها ما روي البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا تنكح الأيم حتي تُستأمر ولا تُنكح البكر حتي تُستأذن). وأورد أيضاً ما رواه البخاري في صحيحه عن خنساء بنت خزام الأنصارية رضي الله عنها أن أباها زوجها وهي ثيب فكرهت ذلك فأتت للرسول صلي الله عليه وسلم فرد نكاحها.
الشرع يرفض العضل في جميع الحالات
وحول موقف الشرع من مسألة عضل، الفتاة سواء تخطت سن الثلاثين أو الأربعين أم لا أو منعها من الزواج من الخاطب الكفء إذا تقدم اليها، أو طلبته، ورغب كل واحد منهما في الآخر، يقول الشيخ سليمان أبو المكارم القاضي المساعد في محكمة الأوقاف والمواريث بمحافظة القطيف (إن الشرع يرفض العضل في جميع الحالات إذا ما خلي من أسبابه العقلية الشرعية).
إذن شرعي ورسمي لتزويج المعضولة يسبقه النصح
وحول واجب القاضي حيال من يعضلون الفتيات ويمنعونهن من الزواج ممن يرتضينه لهم زوجاً علي سنة الله ورسوله علق فضيلته قائلاً: إن لم يكن سبب العضل عقليا وشرعياً فحينها يقوم القاضي بإسداء النصح للعاضلين أولاً، وفي حال عدم الجدوي يتم العقد بعد حصول الأذنين الشرعي والرسمي.
عقلي وشرعي
وحول أحقية الولي في عضل الفتاة التي قاربت من سن الخمسين من الزواج بحجة كون المتقدم من غير الجنسية، أو المذهب سواء إذا كان أخاً أو أباً لا يقوم بمسلة الإنفاق علي أخته أو ابنته مثلاً يعلق قائلاً: نعم من حقه في حال كان سبب العضل عقليا شرعيا، ويتوجب عليه الإنفاق علي من هم في ولايته.
الجنون والخرف وموجبات الحجر تسقط ولاية الولي
وحول متي تسقط ولاية الولي؟ وهل بإمكان الفتاة المعضولة التقدم للمحكمة لخلع ولاية الولي وتمكينها من الولاية علي نفسها في أمر التزويج أو إدارة شؤونها المالية والقانونية وخلافه يوضح فضيلة الشيخ سليمان أبو المكارم قائلاً: تسقط ولاية الولي بجنونه أو خرفه وبما يوجب الحجر عليه، ومن حق الفتاة التقدم للمحكمة لخلع تلك الولاية، ويكون ولي وليها المخلوعة ولايته وليها.
إنصاف القضاء
وحول متي تلجأ الفتاة للقضاء، وهل القضاء ينصفها ويعينها علي تحقيق طلبها بالزواج بمن تراه هي كفء لها أشار فضيلته قائلاً: تلجأ الفتاة للقضاء حينما تحتاج القضاء لأي أمر كان، ونعم القضاء ينصفها في كل أمر، وفي حال عدم إنصافها فالعيب ليس في القضاء وإنما فيمن يطبقه.
قضيتا عضل رصدت في القطيف فقط
وحول رصد المحكمة لقضايا العضل في محافظة القطيف وعدد هذه الحالات وحول تيسير المحكمة زيجات لفتيات تم عضلهن، وسعيها في التوفيق فيما بين راغبة الزواج ومن لا يرتضيه أهلها أكد فضيلته قائلاً: نعم سبق للمحكمة أن رصدت قضيتين من هذا النوع، وسعت المحكمة للتزويج إلا أن أحد الزوجين عدل عن الزواج لاحقاً خوفاً من المشاكل مستقبلا، والأخري تم اقناع الفتاة بعدم صلاحية الزوج لها لفرق السن الشاسع بينهما، مع ملاحظة أن هذا لا يعني عدم وجود حالات عضل أخري.
لا يوجد حد شرعي للعضل
وحول متي يصبح الولي عاضلاً وهل ثمة ذنب يرتكبه عند العضل؟ ما هو حدود الذنب يصبح الولي عاضلاً إذا كان سبب عضله غير عقلي ولا شرعي، ولا شك أن إثمه عظيم، ولا يوجد حد مرعي للعضل.
الجهل والعناد
وحول الأسباب التي تجعل الأولياء يلجأون فيها للعضل علي الرغم من معرفتهم بأن الإسلام منح الفتيات المسلمات حق اختيار أزواجهن أكد قائلاً: بداية السبب هو الجهل بتعاليم الشريعة السمحاء، وغالباً يكون السبب اقتصاديا، وتارة يكون لمجرد العناد، وأخري يكون عقائدياً، وأخري انتقاماً من الزوجة -والدة من يقع عليهن العضل- إن كان الوالدان منفصلين.
العضل خطر علي المجتمع
وحول صور وأنواع العضل، وأيها أشده أو أخطره علي المرأة والمجتمع وعلي العاضل نفسه أشار قائلاً: العضل له صورة واحدة تتحقق بمنع الفتاة من الزواج من الشخص المتقدم، والعضل نفسه خطر علي المجتمع بأكمله في حال انتفاء سببه العقلي أو الشرعي.
خاص بالمحاكم الكبري
وحول اصدار هيئة كبار العلماء في السعودية قراراً بمنع عضل الفتيات أو إرغامهن علي الزواج أكدت في قرارها هذا علي اتخاذ عقوبة لمن يخالف ذلك إلا أننا لا زلنا نري في المجتمع حالات كثيرة للعضل وذلك من خلال الرسائل البريدية التي تصلنا طالبة النجدة.. فهل ثمة تطبيق علي أرض الواقع لمثل هذا القرار الهام؟ وهل من حق الفتاة أن تبلغ عن حالة العضل التي تتعرض لها من وليها؟ وكيف تتصرف المحكمة عند حضور المعضول حقها ما هي الإجراءات المتبعة لذلك ولحماية الفتاة من وليها علق قائلاً: في حال صدوره فهو خاص بالمحاكم الكبري فقط، ومن حق الفتاة التبليغ عن وقوع العضل، والمحكمة تقوم أولاً بإسداء النصح للعاضل، فإن لم يجد نفعاً ترفع المحكمة الولاية عن العاضل إن كان العضل غير مبرر وتجري العقد بعد أخذ الإذن شرعياً من الولي الفقيه ورسمياً من الوزارة.
علي المعضولة اللجوء للمحكمة لإثبات عضلها من وليها
حول الحلول الناجعة لمعالجة مشكلة العضل في السعودية من وجهة نظره كقاض مساعد في محكمة الأوقاف والمواريث بمحافظة القطيف علق قائلاً: أري أن الحل يكمن في التخلص من الجهل لدي الكثير من الأولياء، ومن يقع عليهن العضل، وذلك من خلال ندوات تثقيفية تقوم بها الجهات والمؤسسات الاجتماعية والدينية وغيرها، ثم بلجوء من يقع عليهن العضل الي المحكمة لتحصل علي المساعدة المتوخاة، الأمر الذي يجعل من انتشار نتائج اللجوء للمحكمة أمراًً مساعداً لردع من يفكر في العضل.
عضل المرأة
ويري فضيلة الشيخ الدكتور أمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة ورئيس شئون الحرمين سابقاً ورئيس مجلس الشوري السعودي صالح بن عبدالله بن حميد أن العضل من رواسب الجاهلية ويتابع قائلاً: قد قرر الإسلام أن المرأة إنسان مبجل، وكيان محترم، مشكور سعيها، محفوظة كرامتها، موفورة عزتها، رد لها حقها المسلوب، ورفع عنها المظالم، لا تحبس كرهاً، ولا تعضل كرهاً، ولا تورث كرهاً، تنزل منزلتها اللائقة بها: أما وأختاً، وزوجة وبنتاً، بل مطلوب المعاشرة بالمعروف، والصبر علي السييء من أخلاقها: وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسي أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً (النساء:19). وهذا حديث عن مسألة من مسائل الزوجية، يتجلي فيها موقف الجاهلية وموقف الإسلام، مسألة كان للإسلام فيها موقف حازم، مسألة التزام حكم الإسلام فيها يقود الي الطهر والإزكاء في الدين والنفس والعرض، ويتجلي فيها مظهر من مظاهر الإيمان بالله واليوم الآخر. والتقصير فيه جنوح الي مسالك الجاهلية وتغليب للمصالح.
الشخصية تلكم هي مسألة عضل المرأة ومنعها من الزواج من الخاطب الكفء إذا تقدم اليها، أو طلبته، ورغب كل واحد منهما في الآخر، يقول تعالي: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكي لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون (البقرة/ 232).
تحكم في عواطف النساء ومشاعرهن
ويضيف الدكتور الشيخ بن حميد قائلا: وفسر العضل بأنه تحكم في عواطف النساء ومشاعرهن، واهدار لكرامتهن، بل هو إلغاء لإنسانيتهن من غير خوف من الله ولا حياء من خلق الله، ومن غير نظر في العواقب، ولا رعاية لحقوق الرحم والأقارب، مخالفة لدين الله والفطرة، مجانبة لمسلك أهل العقل والحكمة، ومجافاة للخلق الكريم.
وسمي العضل عضلاً لما يؤدي اليه امتناع الأولياء عن تزويج مولياتهم من الشدة والحبس والتشديد والتضييق والتأثير المؤلم، بل المؤذي للمرأة في نفسها وحياتها وعيشها. العضل مسلك من مسالك الظلمة الذين يستغلون حياء المرأة، وخجلها، وبراءتها، وحسن ظنها، وسلامة نيتها، وما ذلك إلا لعصبية جاهلية، أو حمية قبلية، أو طمع في مزيد من المال، أو أنانية في الحبس من أجل الخدمة. يجب علي الأولياء أن تكون غايتهم تحقيق مصالح مولياتهم الدينية والدنيوية، مبتعدين عن المصالح الشخصية، والأنانية الذاتية.
العضل صور وأشكال
صور وأشكال العضل:
كما تناول بن حميد صور وأشكال العضل فقال: العضل لا يزحف بظله الثقيل علي المجتمع بصورة واحدة، بل انه يتلون بألوان شتي، ويتشكل بأشكال عديدة في صور قاتمة، وأحوال بشعة، تعلم شناعتها، وتدرك دناءة غايتها من مجرد تصورها.
من صور العضل ما جاء في قول الله عز وجل: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف (البقرة/ 232)، فإذا طلقت المرأة أقل من ثلاث طلقات، ثم انتهت عدتها وبانت بينونة صغري، ورغب زوجها الذي طلقها في العودة اليها بعقد جديد، ورغبت أن ترجع اليه قام وليها بمنعها من ذلك من غير سبب صحيح، لم يمنعه إلا التمسك ببعض رواسب الجاهلية، والعادات البالية، والعناد المجرد.
وتابع قائلا: ومن أنواع العضل ما بينته الآية الكريمة في قول الله عز وجل: ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلي عليكم في الكتاب في يتامي النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن (النساء/ 127)، وفي هذه الصورة يمتنع ولي اليتيمة عن تزويجها لغيره لرغبته في نكاحها لنفسه من أجل مالها، ففي صحيح البخاري - رحمه الله - عن عائشة رضي الله عنها، قالت هذه الآية في اليتيمة التي تكون عند الرجل لعلها أن تكون شريكته - أي في أمواله وتجارته - وهو أولي بها - أي يريد أنه أولي بها في نكاحها - فيرغب أن ينكحها فيعضلها، ولا ينكحها غيره كراهية أن يشركه أحد في ماله.
تعزز ولي الأمر واستكباره
وأضاف الحميد: ومن صور العضل ما جاء في قول الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن (النساء/ 19)، ومعني ذلك: أن يضيق الزوج علي زوجته إذا كرهها ويسيء عشرتها، ويمنعها من حقها في النفقة والقسم، وحسن العشرة وقد يصاحب ذلك إيذاء جسدي بضرب وسب، كل ذلك من أجل أن تفتدي نفسها بمال ومخالعة: لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن أي لكي تفتدي المرأة نفسها من الظلم بما اكتسبته من مال المهر والصداق، وبهذا العضل اللئيم والأسلوب الكريه يسترجع هؤلاء الأزواج اللؤماء ما دفعوه من مهور، وربما استردوا أكثر مما دفعوا، وكل ما أخذوه من هذا الطريق بغير وجه حق فهو حرام وسحت وظلم. ومن صور العضل المقيت أن يمتنع الولي عن تزويج المرأة إذا خطبها كفء، وقد رضيته، وما منعها هذا الولي إلا طمعاً في مالها ومرتبها، أو طلب مهراً كثيراً أو مطالبات مالية له ولأفراد أسرته، تلكم صورة لئيمة يرتكبها بعض اللؤماء من الأولياء من أجل الكسب المادي، أو من أجل حبسها لتخدمه وتقوم علي شؤونه.
وواصل حديثه حول العضل قائلا: وثمة تصرفات من بعض الناس قد تؤدي الي عضل النساء وحرمانهن من الزواج وصرف الخطاب عنهن، من ذلك، تعزز ولي المرأة واستكباره، واظهار الأنفة للخطاب، فيتعاظم عليهم في النظرات، ويترفع عنهم في الحديث، فيبتعد الرجال عن التقدم لخطبة بنته أو موليته، لشدته، وتجهم وجهه، واعتزازه بنفسه ومركزه وجاهه وثرائه، يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: ومن صور العضل أن يمتنع الخطاب عن خطبة المرأة لشدة وليدها . ومن الأخطاء في هذا الباب: حصر الزواج وحجره بأحد الأقارب من أبناء العم أو الخال أو غيرهم والمرأة لا تريده، أو أقاربها لا يريدونها، وحصرها في أقاربها أو حجرها عليهم إما أن يكون بتكبر من العائلة وتعال علي الناس، أو أنه خضوع لعادات وتقاليد بالية، وحصر المرأة وحجرها علي أقاربها وهم لم يتقدموا اليها، أو هي لا ترغب فيهم ظلم وعدوان وتمسك بالعصبية الجاهلية والحمية القبلية