هل سنّ الرابعة مبكر ليوضّب الطفل غرفته؟ هل حرمانه من التحلية عقاب فعال؟ هل يجب أن ينهي طبق طعامه؟ وغيرها من المعلومات القيمة لكل ام
كل ام تتخبط احيانا في كيفية تربية طفلها وكيفية التصرف معه في حالات مختلفة؟ متى تفرض القوانين ومتى تعطي طفلها حرية الاختيار؟ اليك بعض الاسئلة والاجوبة المهمة في مواضيع تخص تربية طفلك والتعامل معه.
-1 لماذا يفرض الطفل القوانين في المنزل؟
غالباً ما يستهلك الطفل المدلّل ألعاباً كثيرة ويفرط في القيام بنشاطات مسلّية. مع الطفل {الملك}، يدخل الأهل مرحلة جديدة في التربية، فتتمحور الحياة كلّها حول حاجاته ورغباته. نتيجةً لذلك، يسيطر هذا الطفل على الأسرة ويحكمها لأن أهله اعتادوا المبالغة في حمايته وتحقيق نزواته. يمكن التكلّم عن {طاغية} حقيقية حين لا يعود الطفل يرضى بجميع الامتيازات التي يحصل عليها، بل يذهب الأمر به إلى حدّ الاستئثار بسلطة أهله، فيسيطر عليهم ويلغي سلطتهم. الطفل {الملك} وليد مجتمعاتنا الاستهلاكية المليئة بالألعاب والمنتجات المتطوّرة المصنّعة في بلدان مختلفة، ما يثير لدى الطفل شعوراً بالنهم للاستهلاك ويُنشئ له مملكة مزيّفة تطغى عليها المتعة دون سواها. لكن كيف سيتعامل هذا الطفل لاحقاً مع عالم الواقع الذي لا يقدّم دائماً مصادر المتعة والتسلية؟ يجب أن يختبر الطفل وقت فراغ لا يشاهد خلاله التلفزيون ولا يتمتّع برفقة أهله ليتعلّم معنى الضجر، ويطوّر بالتالي حسّ الإبداع لديه.
-2 ما طريقة التعامل المناسبة معه حين تؤثر الخلافات والغيرة على رابط الأخوّة؟
يجب التأكد دائماً مما يحصل على أرض الواقع. هل يتصرّف الطفل بالعدائية نفسها في المنزل وفي المدرسة؟ إذا أحسّ الطفل المتمرّد بأن طفلاً آخر محبوب أكثر منه، لا مفرّ من شعوره بالغيرة. على الاهل أن يشرحوا لطفلهم أن الأمر لا يتعلّق بحبّ أكبر تجاه طفل آخر بل بتفضيل سلوك على آخر، ما يفسّر اختلاف ردود فعل الأهل مع كلّ طفل من أطفالهم.
يجب إذاً تفسير الأمر للطفل ومحو أفكاره الخاطئة في هذا السياق. هذا ما يُسمّى بوساطة التعليم المعرفية، أي أن الأهل يعطون الطفل معلومات لتغذية أفكاره وتعديل سلوكه. تُبنى شخصيّة الطفل عبر تطوير صورته عن العالم. ولمساعدته على تغيير سلوكه، يجب تبديل نظرته إلى الأمور عبر تكييفها مع الواقع. حين يتواجه الطفل مع الواقع، تتطوّر حياته النفسية.
يؤمن التحليل النفسي في هيكلة نفسيّة الطفل عبر معرفته الرمزية للعالم. لكن لا يمكن الوصول إلى هذه الرمزية اللاوعية إلا بجهد شخصي. يصبح التفاعل في تربية الطفل بنّاءً وأكثر فاعلية في اللحظة التي يواجه فيها الأهل الواقع ويتركون العالم العاطفي. الأخوّة مجتمع مصغّر نتعلّم فيه كيفية التآخي مع الآخرين. على الأهل أن يشرحوا لطفلهم أن عمليّة المشاركة لا تكون عادلةً بالنسبة إلى الجميع، وبالتالي يجب تقبّل الضغوط التي ترافق الحياة ضمن مجموعة. لا نقول للطفل {أحبُّ أخاك أكثر منك لأنه ألطف منك} بل {أحبّ تمضية الوقت مع أخيك لأنه يبذل جهداً أكبر}. من الضروري إذاً الإشارة إلى السلوك لا إلى الأطفال. يكتسب الطفل حسّ المسؤولية تدريجياً حين يفهم أنّ بعض التصرفات محبّب وأنّ بعضها ليس كذلك.
-3 هل سنّ الرابعة مبكر ليوضّب الطفل غرفته؟
ابتداءً من الشهر الثامن عشر، بإمكان الطفل البدء في ترتيب الأشياء ونقلها ووضعها في علبة... قد تحصل عملية التعلّم هذه من دون اعتراض الطفل. يستمتع هذا الأخير بنشاطات مماثلة، بمساعدة أمّه، طالما أنها مناسبة لعمره. بين الشهر الثامن عشر والسنة الرابعة، يجد الأطفال صعوبة في التعامل مع النظام. في المقابل، يحفّز التوضيب عمل الذاكرة والتركيز ويتيح للطفل التصرّف وحده. على الأهل مقاومة نزعتهم إلى القيام بكلّ شيء بأنفسهم وألا يستسلموا عندما يبدي الطفل رفضه للعمل. بما أن أداة التعلم الأولى بين السنة الثانية والخامسة هي التقليد، يكمن الحلّ في أن يتصرّف الأهل كقدوة لأطفالهم! لكن يجب أن يكون النشاط على شكل لعبة ليستمتع به الطفل. لاحقاً يمكن تعليمه كيفية توضيب أغراضه بنظام معيّن ليشعر بالاستقلالية (مثلاً الكتب أولاً، ثم الألعاب، وأخيراً الثياب). لتسهيل عملية التعلّم هذه، يحتاج الطفل إلى ترتيبات بسيطة (علب كبيرة ومكشوفة لوضع الألعاب فيها). من الأفضل ترك الصناديق المعقدة والأدراج والطبقات العالية إلى مرحلة لاحقة.
-4 هل حرمانه من التحلية {عقاب فاعل}؟
إنه خطأ فادح! لا يجب استعمال الغذاء أبداً كوسيلة ابتزاز، فقد يختلّ توازنه الغذائي. إذا استعمل الأهل التحلية لفرض سلطتهم على الطفل، قد يتعامل معهم بالطريقة نفسها، فيرفض الأكل لمعاندتهم. على صعيد آخر، قد تقود هذه الطريقة إلى ***** عامل ضغط في وقت وجبات الطعام على المدى الطويل، وقد يصل الأمر إلى حدّ إصابة الطفل بمرض متعلّق بالغذاء كالشره المرضي أو فقدان الشهية.
-5 هل يجب توفير كلّ شيء له ليتمكّن من الانفتاح على الحياة؟
على العكس! الحاجة عامل ضروري لنموّ الطفل وبناء شخصيّته. وفقاً للخبراء، يجب أن يختبر الطفل بعض الضغوط ويكتشف الهامش بين رغباته وضغوط عالم الواقع ليتفتّح على الحياة بطريقة سليمة. باختصار، لا يمكن تلبية جميع رغباته ولا ينبغي فعل ذلك. يستمرّ بعض الأهالي في سدّ حاجات الطفل، ما يعطيه انطباعاً بأنه قادر على الحصول على كلّ ما يريد فوراً وبسهولة كبرى. صحيح أنّ الطفل يشعر بالرضى لكنّ ذلك لا يعني أنه يحسّ بالسعادة! وفقاً لدراسة أُجريت في جامعة واشنطن على ما يفوق ألف طفل، عام 2003، تساهم الضغوط في تحفيز مستقبلات النورادرينالين لدى الأطفال، علماً أنّ هذا الهرمون يؤدي على المدى الطويل دوراً مهماً في تعزيز التركيز والشعور بالأمان والسعادة.
-6 هل يجب أن ينهي طبق طعامه؟
أثبتت دراسات عدّة أن الحصة الغذائية التي يتناولها الأطفال بين سن الثالثة والسادسة يجب أن تساوي ربع الحصّة التي يستهلكها الراشدون أو أقلّ من ذلك. حين لا يُنهي الطفل طبق طعامه، يعني ذلك أنه لم يعد جائعاً. إذا أجبره الأهل على إكمال الطبق، قد يستهلك أكثر من حاجاته ويتجاهل المؤشرات الداخلية التي تنظّم شعور الشبع لديه. من الضروري أن يتعلّم الطفل كيفية فهم رسائل الجسم الخاصة بالجوع والشبع. يساهم احترام شهيّته في تعزيز ثقته بما يحسّه، ما يعطيه شعوراً بالراحة.
-7 هل يمكن خلط المزاح مع السُلطة؟
طبعاً نعم! لنأخذ الحالة التالية مثلاً: منى تلعب في غرفتها. سبق وطلبت منها أمها النزول لتناول الطعام ثلاث مرّات. بدل أن تشعر الأم بالغضب، صعدت إليها، دخلت غرفتها، ونظرت إلى منى وهي متفاجئة: {لا يمكن. لا بدّ أني أحلم. هذه ليست ابنتي في الغرفة. هذا مستحيل لأني طلبتُ منها النزول لتناول الطعام ثلاث مرّات. وأنا أعرف أنّ ابنتي مطيعة جداً، لذا من المؤكد أنّ هذه ليست ابنتي!}، لكن لا يشكّل حسّ الفكاهة الوسيلة الوحيدة لرسم الحدود. حين يتعلّق الأمر بممنوعات خاصة بأمان الطفل (وضع الأصابع في المخارج الكهربائية، وضع ألعاب صغيرة في الفم...)، من الأفضل التصرّف بحزم وصرامة والامتناع عن الضحك. لكن تبقى الكلمات المضحكة سلاحاً فاعلاً للحدّ من سلوك غير مرغوب فيه، من دون تحويل الأمر إلى مأساة كبيرة. يساعد التلفّظ بملاحظة مضحكة من وقتٍ لآخر في إخراج الطفل من المأزق بطريقة مشرّفة. إنها طريقة ممتازة لفرض النظام من دون نشوب أيّ خلاف.
-8 لكلّ طفل إيقاعه الخاص؟
تحصل عملية تعلّم الاستقلالية تدريجاً، وقد تشهد بعض التقلّبات والانتكاسات الموقتة الناجمة عن أحداث تثير الاضطراب في نفس الطفل: ولادة أخ صغير، مشاكل في المدرسة، طلاق الأهل، تغيير المنزل، وفاة أحد الوالدين. في جميع هذه الحالات، يجب التنبّه إلى وضع الطفل وتفهّم سلوكه من دون الضغط عليه. يكون الطفل في هذه الأوضاع ضعيفاً وحسّاساً تجاه ملاحظات أهله.
-9 هل يجب إرغامه على أكل جميع أنواع الطعام؟
لا! ينفر أطفال كثيرون من المأكولات التي لا يعرفونها أو لم يتذوّقوها إلا في مناسبات نادرة. من المفيد تشجيعهم على تذوّق جميع أنواع الطعام لمساعدتهم على اكتشاف نكهات جديدة، لكن لا يجب إرغامهم على ذلك بل تشجيعهم على تذوّق {ملعقة واحدة فقط} من هذا الطعام الذي يرفضونه أو {لقمة واحدة فقط} من هذا المنتج الذي يكرهونه.
-10 عندما يخطئ الأهل، هل عليهم الاعتذار؟
قد تعاقب الأم طفلها ليتبيّن لاحقاً أنّ أخاه كان المذنب، أو توبّخ ابنتها بسبب خطأ لم ترتكبه... جميع الأهالي معرّضون لارتكاب الأخطاء، فهي جزء من التربية. لكن لكلّ طفل الحق بأن يحترمه الآخرون.
يعطي الأهل الذين يرفضون الاعتذار عن أخطائهم مثالاً للتسلّط لا للسلطة. يعني ذلك إثقال الطفل بمطالب لا تنتهي والمخاطرة بسجنه في ما سمّاه فرويد {وهم سلطة الأهل} الذي يقود، على المدى الطويل، إلى سلوكيات دفاعية، أو الرضوخ، أو التمرّد.
لا ترضخ له
يحرص معظم الأهالي تلقائياً على حماية أطفالهم وإرضائهم لأنهم يرغبون في رؤيتهم سعداء وبصحّة جيّدة. لكنّ الرضوخ لجميع مطالب الطفل ليس أمراً فاعلاً على المدى الطويل. تقضي التربية السليمة برؤية الأمور من منظار حيادي والتفكير بما وراء إرضاء الطفل. لن يفيد رضوخ الأهل لسلطة أولادهم، لأنّ المجتمع لن يرضخ لهم حين يواجهون في المستقبل قواعد السلوك التي يفرضها. إذا كان الأهل يرفضون إغضاب طفلهم، ستتكفّل الحياة بذلك لكن بصرامة وعنف أكبر.
من الضروري التكلّم بحزم مع الطفل احيانا ليفهم معنى النظام لفاعلية أكبر، يجب أن يكون هذا الأمر مبرراً وأن يتمّ في وقت محدد. تشكّل التربية خليطاً من السلطة والليونة. بالتالي، يمكن السماح للطفل بترك ألعابه أرضاً في مساحة معيّنة (جلسة تلوين، بناء قطع التركيب)، شرط أن تكون المساحة المتبقّية من غرفته موضّبة قبل موعد النوم.
غزلان أم طلال @ghzlan_am_tlal
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
دارين الفواز
•
الف شكر ,,,,,,,,,, تسلم إيدكـ,,,,,موضوووع روووووعه
الصفحة الأخيرة