احترت كيف أنصحها !!!

جاءتني صديقتي باكية للمرة العاشرة أو العشرين منذ أن تزوجت .. بصراحة لم أعد أذكر عدد المرات التي بكت فيها. باختصار صديقتي نالت أعلى درجات التربية والتعليم ومن أسرة ثرية ومعروفة بالدين والأدب ، تزوجت من قريب لها أقل منها في الثراء والمستوى الاجتماعي والتربية والتعليم ،وكان يشعر هو بهذا النقص حيالها ، ولا ندري لم تقدم لخطبتها وأصر على الزواج منها رغم شعوره الرهيب بهذا الفارق ؟؟؟؟؟
عملت صديقتي المستحيل لتنال رضاه وأن تذيب الفوارق التي تؤرقه فلم تفلح ، وباءت جميع محاولاتها بالفشل ، فقد كان هذا الشعور متأصلا داخله مما يدفعه للثورة لأسباب تافهة وتعمد افتعال المشاكل ، فخسر علاقته بمعظم أفراد أسرتها ، حيث كان يفسر كل موقف أو كلمة منهم بأنها متعمدة وموجهة ضده ، وكل جلسة عائلية لا بد وأن تنقلب إلى شجار بسبب هذه الحساسية المفرطة لدى هذا الزوج ، فأصبح منبوذا لدى الأسرة فلا يدعى للمناسبات السعيدة ، ووجدت نفسها مقسمة بين أسرتها التي قدمت لها الكثير ، وزوجها الذي أنجبت منه وتريد أن تكمل حياتها معه ، وكلما حاولت تقريب وجهات النظر زاد الأمر تعقيدا وسوءا حيث أن زوجها بعصبيته المفرطة لم يدع مجالا للصلح والتفاهم ، ومما كان يحزنها أن أهلها ابتعدوا عن زوجها لتجنب المشاكل ولكنهم استمروا في دعمها والوقوف معها ومع أبنائها في كل ضائقة ، ولم يسيؤوا لزوجها يوما ، بل كان هو دائم الشك حيالهم وسيئ الظن بهم ... وحينما تلجأ لأهل زوجها لا يملكون إلا الدعاء لها بالأجر لصبرها على ابنهم لأنهم يعرفون طبائعه جيدا ، ويدعون بأنهم لا يستطيعون نصحه ويخافون من ثورته وردة فعله العنيفة !! فلامتهم صديقتي لأنها خدعت ولم يتم توضيح الصورة لها جيدا ، فاعتذروا لها بأنهم توقعوا أن تقدر هي وأسرتها على ترويضه وتعديل سلوكه لما عرف عنهم من الحكمة والعقل والدين !!! فكل لجوء لأهله لم يجد نفعا لأنهم اختاروا عدم التدخل في شئون ابنهم درءا للمشاكل !! فوجدت نفسها وحيدة تصارع جاهدة لتقويم سلوك زوجها العصبي وعلى مدى سنوات دون جدوى ، فالنتيجة واحدة المزيد من الخسائر في العلاقات الاجتماعية المحيطة بسبب طبعه الحاد ، وكانت الطامة حينما أرسل لها أهلها السائق الخاص بهم بسبب سفر سائقها لتقضي بعض حاجاتها ، فرأى زوجها سائق أهلها أمام بيته ، فما كان منه إلا أن ثار ثورة عارمة و سحب السائق المسكين من سيارته وأخذ يسدد له اللكمات والضربات دون أي ذنب جناه السائق ،و دخل بعدها بيته كالثور الهائج يهدد زوجته بأن تختار بينه وبين أهلها الذين يتعمدون إهانته بإرسال سائقهم كما يدعي وكأنه لا يستطيع تدبير سائق بديل لها ، وأخذ يسب في أهلها ويشتمهم ، فبينت له رفضها وضيقها من تهجمه على أهلها وأكدت له أنها ستغادر منزله دون رجعة إن استمر في إهاناته فلم يبالي ، فتوجهت إلى أهلها وطلبت منهم المبيت عندهم وبينت لهم مشكلتها مع زوجها دون التطرق للتفاصيل ، وظنت أن الأمور ستنتهي عند هذا الحد ولكنها فوجئت به ينصل بها على جوالها في ساعة متأخرة من الليل ليقول لها : " أنت طالق وبالثلاث ، خلي أهلك ينفعونك " . فوجئت صديقتي بموقفه الدنيء ، ولم تستطع النوم واحتارت كيف تبلغ أهلها وماذا تفعل ؟؟؟
وقضت ليلتها باكية مهمومة مما ألم بها دون ذنب منها أو تقصير ، وكيف أنه باع سنوات العشرة هكذا وبكل سهولة !!
في صباح اليوم التالي لاحظت أختها فسألتها فلم تستطع أن تكتم أكثر ، فانتشر الخبر بين بقية أفراد العائلة الذين أصروا بأن تعطي زوجها المغرور درسا بالابتعاد عنه وعدم العودة إليه حتى لا يستهين بها وبحقوقها مرة أخرى ، ولكنه وبعد مرور يوم على الحادث اتصل بها فلم ترد عليه فوسط قريب مشترك لهما ليبدي لها أسفه وندمه على تسرعه ورغبته الشديدة في عودتها إليه ، ضعفت قليلا صديقتي وتذكرت حاجة ابنيها لوالدهما ، لكنها تذكرت في الوقت نفسه معاناتها معه وكيف كان حريصا على أن يقطع صلتها بأهلها وأن يجعلها ملكا خاصا له ، لاحظ أهلها ترددها فنصحوها باتخاذ موقف حازم ضد هذا الزوج المستهتر حتى لا يستهين مستقبلا بالروابط الزوجية وبكرامتها كإنسان .....
فجاءتني محتارة .. هل تتنازل عن كرامتها وتعود لزوجها الذي باعها وطلقها للمرة الثانية لأسباب تافهة ( لم تذكر لي ما هي أسباب طلاق المرة الأولى واكتفت بقولها بأنها تافهة جدا ) ، ولم تنكر بأن هناك بعض اللحظات السعيدة بينهما ؟؟ أم تعود لحضن أهلها الذين كانوا دائما وأبدا لها السند في جميع المواقف ؟؟؟؟ ، ونظرا لقربها مني ومعرفتي بأهلها وخصالهم الحميدة فقد احترت في كيفية توجيهها !! هل أنصحها بالعودة لزوج عصبي لطالما أبكاها وحول حياتها لجحيم لا يطاق بسبب وجود الأبناء بينهما ؟؟ أم تعود لحياتها السعيدة السابقة مع أهلها والذين خصصوا لها فيلا مستقلة مجاورة لهم لتعيش فيها مع أبنائها بكل عزة وكرامة ؟؟
أرجو منكن المساعدة أخواتي الكريمات .. فنصائحكن القيمة تهمني .