احتقار المسلم من مداخل الشيطان لإفساد القلوب ..

ملتقى الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..



مداخل الشيطان لإفساد القلوب :

قال ابن القيم رحمه الله تعالى :

القلب لهذه الأعضاء كالملك المتصرف في الجنود ، الذي تصدر كلها عن أمره ، و يستعملها فيما يشاء ، فكلها تحت عبوديته و قهره ، و تكتسب منه الأستقامة و الزيغ و تتبعه فيما يعقده من العزم أو يحله ، قال النبى صلى الله عليه و سلم : (( ألا و إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله )) رواه البخاري ، مسلم

فهو ملكها و هى المنقذة لما يأمرها به ، القابلة لما يأتيها من هديته و لا يستقيم لها شئ من أعمالها حتى تصدر عن قصده ونيته ، و هو المسئول عنها كلها لأن كل راع مسئول عن رعيته . و لذا كان القلب هو محل الأختبار و الأبتلاء و عن حذيفة بن اليمان رضى الله تعالى عنه قال ، سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ((تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير القلوب على قلبين: على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مرباداً كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه..)) رواه مسلم .


و الفتن التى تعرض على القلوب هي أسباب مرضها ، و هى فتن الشهوات و فتن الشبهات ، فتن الغى و الضلال ، فتن المعاصي و البدع ، فتن الظلم و الجهل ، فالأولى توجب فساد القصد و الإدارة ، و الثانية توجب فساد العلم و الأعتقاد .

و لذلك يجب على المسلم أن يراقب قلبه و يتعرف أحواله و يتخوله بالموعظة بين الحين و الآخر ، و ليعلم أنه بصلاحه ، تكون السعادة الأبدية و بفساده يكون الشقاء و البلاء و الخسران المبين .


قال ابن المبارك رحمه الله.

رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانه


و اعلم اخي المسلم أن الشيطان لا يدخل إلا على ذى القلب الخالي من الذكر و التقوى و الإخلاص و اليقين فيلقى وساوسه فتجد المحل خالياً فتتمكن منه و تستقر فيه .

و اما إذا كان القلب عامراً بالإيمان مسربلا بالتقوى ، محصناً بالذكر فلا يكون للشيطان عليه سلطان و لا إليه سبيل .


و من مداخل الشيطان:

احتقار المسلم :

احتقار المسلم و السخرية منه من أعظم الذنوب عند الله تعالى و لذلك يقول النبي صلى الله عليه و سلم ((يحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم )) رواه مسلم .

حتى و أن وقع من المسلم شىء خارج عن الآداب الأجتماعية يجب أن يلتمس له الأعذار ففى صحيح البخارى : عن عبد الله بن زمعة قال : (( نهى النبى صلى الله عليه و سلم أن يضحك الرجل مما يخرج من الأنفس )) يعنى الفساء و الضراط بدليل الرواية الأخرى للبخارى من حديث عبد الله بن زعمة أيضاً ثم وعظهم في الضراطة فقال : (( لم يضحك أحدكم مما يخرج منه )) .

فيجب أن يكون الأحترام و التقدير متبادلا بين أفراد المجتمع المسلم و لذلك قال تعالى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ...)) سورة الحجرات .


توجيهات إلهية لصلاح المجتمع المسلم و تنقيته من شوائب الشحناء و البغضاء لو تمسك بها أفراده لانتشر الحب بينهم و غمرت السعادة قلوبهم .


بقول القرطبي :: ينبغى ألا يجترئ أحد على الأستهزاء بمن يقتحمه بعينه إذا رآه رث الحال أو ذا عاهة في بدنه ، أو غير لبق في محادثته ، فلعله أخلص ضميرا و أتقى قلباً ممن هو ضد صفته ، فيظلم نفسه بتحقير من وقره الله ، و الأستهزاء بمن عظمه الله . و لقد بلغ بالسلف إفراط توقيهم و تصونهم من ذلك أن قال عمرو ابن شرحبيل : لو رأيت رجلا يرضع عنزا فضحكت منه لخشيت أن أصنع مثل الذي صنع . و عن عبد الله بن مسعود : البلاء موكل بالقول ، لو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلباً
هذا من ناحية العيوب الخلقية ،

أما من ناحية التفريط في أمر من أمور الدين فلا يوجب ذلك احتقاره و الأستهزاء به و السخرية منه ولكن عمله السيىء و تدعوه إلى الأقلاع عنه بالحكمة و الموعظة الحسنة فقد قال النبي صلى الله عليه و سلم : (( إن الله لا ينظر إلى صوركم و أموالكم و لكن ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم )) رواه مسلم .

يقول القرطبي رحمه الله : و هذا حديث عظيم يترتب عليه أن لا يقطع بعيب أحد لما يرى عليه من صور أعمال الطاعة أو المخالفة فلعل من يحافظ على الأعمال الظاهرة يعلم الله من قلبه وصفاً مذموماً لا تصح معه تلك الأعمال .


و لعل من رأينا عليه تفريطاً أو معصية ، يعلم الله من قلبه وصفاً محموداً يغفر له بسببه فالأعمال أمارات ظنية ، لا أدلة قطيعة . و يترتب عليه عدم الغلو في تعظيم من رأينا عليه اعمالاً صالحة ، و عدم الأحتقار لمسلم رأينا عليه أفعالاً سيئة ، بل تُحتقر و تُذم تلك الحالة السيئة ، لا تلك الذات السيئة ، فتدبر هذا فإنه نظر دقيق و بالله التوفيق .


و ما قاله القرطبي رحمه الله في التفريق بين بغض الذنوب و بغض المذنب دقيق فعلاً ، قلما ينتبه إليه كثير من العلماء فضلا عن غيرهم ، و يؤيده قول النبي عليه الصلاة و السلام : (( فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه و بينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، و إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه و بينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها )) متفق عليه .

و لكن ربما استشكل فهم هذا الحديث على البعض ، و المعنى – و الله أعلم - أن الرجل يظهر الأعمال الصالحة للناس و إن قلبه مليء بالرياء و النفاق ، فالظاهر للناس أنه يعمل بعمل أهل الجنة ، و لكن الله يعلم ما خفى عنهم من خبث باطنه و لذلك يختم له بعمل سيئ ، و الأعمال بالخواتيم .!

و إن الرجل ليعمل بعمل أهل النار من الذنوب و المعاصي و غيرها ثم يتوب توبة صادقة خالصة و يبدأ مع الله عهداً جديداً مليئاً بالطاعات و القربات ، فيقبل الله توبته ، لعلمه بإخلاص نيته و صفاء قلبه و يختم له بعمل صالح و الأعمال بالخواتيم .

و يؤيد ذلك الحديث سهل بن سعد الساعدى رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ((إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس و هو من أهل النار ، و إن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس و هو من اهل الجنة )) متفق عليه .

و يوضح هذا ما رواه مسلم و الترمذي و النسائى عن أبي هريرة رضى الله عنه تعالى عنه قال : سمعت رسول الله صليى الله عليه و سلم يقول : (( إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد ، فأتى به ، فعرفه نعمته فعرفها قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت فيك حتى استشهدت ، قال كذبت ، و لكنك قاتلت لأن يقال هو جريء ، فقد قيل ثم أمر به ، فيسحب على وجهه حتى ألقى في النار ، و رجل تعلم العلم و علمه و قرا القرآن ، فأتى به ، فعرفه نعمه فعرفها ، قال : فما عملت فيها ؟ قال : تعلمت العلم و علمته ، و قرأت فيك القرآن ، قال : كذبت ، و لكنك تعلمت ليقال عالم ، و قرأت القرآن ليقال هو قارئ ، فقد قيل ، ثم أمر به فيسحب على وجهه حتى ألقى في النار ، و رجل وسع الله عليه و أعطاه من أصناف المال ، فأتى به ، فعرفه نعمه فعرفها ، قال : فما عملت فيها ؟ قال : ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا انفقت فيها لك ، قال :كذبت ، و لكنك فعلت ليقال هو جواد ، فقد قيل ، ثم أمر به فيسحب على وجهه حتى ألقى في النار )) .


و المقصود أن الرجل لا يغتر بطاعته فيحتقر غيره من العاصين ، فإنه لا يدرى بماذا سيختم له ، و الأعمال بالخواتيم .


كتاب (وقاية الإنسان من الجن و الشيطان )

للشيخ وحيد عبد السلام بالى .
2
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ـ أم ريـــــم ـ
بارك الله فيك غاليتي ونفع بما خطت يمينك وجعله الله

رفعة لك في الدرجااااات جزيتي الجنة ووالديك
الحاجة ام طه
الحاجة ام طه
بارك الله فيك غاليتي ونفع بما خطت يمينك وجعله الله رفعة لك في الدرجااااات جزيتي الجنة ووالديك
بارك الله فيك غاليتي ونفع بما خطت يمينك وجعله الله رفعة لك في الدرجااااات جزيتي الجنة ووالديك
الله يبارك فيك و يحفظك ، شكراً على المشاركة و الرد الطيب