احفظ سورة البقرة !!!!!!!

قالت لي :

احفظي سورة البقرة .. فان استغنيت بها عن حفظ القرآن كله فستغنيك ( تقصد لمن يجد صعوبة في ختم القرآن وليس في الأجر أو تثبيطا للهمة وذلك بعد شكواي من صعوبة حفظها وسرعة تفلتها )

تابعت : هل تريدين أن أحكي لك تجربتي الشخصية مع هذه السورة ؟؟
قلت : نعم بكل تأكيد لعلي أجد فيها ما يشجعني على المضي قدما ..

قالت : منذ زمن طمحت لحفظ القرآن فبدأت بها .. لكن سرعان ما مللت ولما أكمل نصف حزب بعد ..

لكن كان ذلك في صغري فرسخت هذه الصفحات القلائل في ذهني وهي من أسهل ما أحفظ من السورة الآن ..

وعدت اليها بعد زواجي أقدم رجلا وأؤخر أخرى .. حتى قررت حفظها كلها في شهر رمضان ..
وفعلا لم ينتهي الشهر الا وقد ختمتها .. فقد كنت أحفظ كل يوم صفحة دون مراجعة وكان هذا هو الخطأ الفادح ..

ولفرحتي بختمها لم أراجعها فأخذني الزهو بنفسي حتى أنسانيها تماما عقابا من الله ..
محيت من ذهني كما تمحى الكلمات المكتوبة بالمرسام بالممحاة .. ولم يبق سوى ما حفظته في صغري ..

وتركتها ظنا مني أنها صعبة وأنني لست أهلا لحفظها ..

لكن عدت اليها بعد فترة .. ثمة شيء كان يجذبني اليها لا أدري ما هو .. أو ربما هي الظروف تجرني اليها جرا ..

المهم أنني عدت احفظها .. فاستطعت حفظ الجزء الأول .. وراجعته جيدا ولمرات عدة حتى تمكنت منه بفضل من الله .. ولم أمس الجزء الثاني أو أجرؤ على الاقتراب منه ..

ثم بدأت فيه بعد فترة من الراحة .. لكنه كان عسيرا علي لدرجة أنني مكثت أحفظه سنة ونصف ..

لكن في النهاية فتح الله علي .. وكان قد بقي لي 6 صفحات .. فحفظتها وراجعت الجزء كله ثم راجعت الجزء الأول ثم أتممت ما تبقى من السورة .. كل ذلك في أقل من شهرين ..

عندها وعندها فقط بدأت أشعر بجمال السورة وحبي لها .. وبسهولتها ( ليس تماما )
وبفائدتها العظيمة .. وكنت لا أطيق أن يمر يوم دون أن أراجع منها حزبا على الأقل ..

شعرت بأنني قد حصلت على كنز ثمين نزل علي من السماء فجأة ..

ان حصلت على كنز ماذا ستفعلين به ؟؟

ستصونينه وتحفظينه في مكان أمين .. وتترددين عليه كل يوم لتمتعي ناظريك بجماله وتطمأني عليه ..

وقد تحاولين استثماره وزيادته ..

هكذا كان شعوري تجاه هذه السورة ..

انها حرز من الشيطان فقد سمعت قصة عن فتاة أرادها رجل لنفسه فأبت فاستخدم السحر .. وظل يتنقل من ساحر الى ساحر أكبر منه وأقوى .. ولم يستطع أحد أن ينال منها .. حتى أرشدوه الى أعظم ساحر عرف على الاطلاق .. فبدأ يستخدم مردته واحدا واحدا .. وفي كل مرة يفشلوا ويعودوا خاوين الوفاض .. فقال الساحر الآن سأحاول المحاولة الأخيرة مع أقوى ماردي ..

ولما فشل ذاك المارد أيضا قال الساحر للرجل .. ان لديها حصنا قويا منيعا كالسد العالي كلما اقترب منها المردة منعهم الحاجز من النيل منها .. فاذهب اليها واسألها ماذا تصنع ..

ولما سأل الرجل عنها قالوا له انها تحفظ سورة البقرة ...........

أرأيت يا صديقتي كم تحفزنا هذه السورة لحفظها ..

أولا تعلمين أنها تحيي البيوت وتطرد الشياطين وفيها آية الكرسي التي تحرق الجن .. وآخر آيات منها هي ذكر من أذكار النوم .. وأنها تشفع لك يوم القيامة وتنير لك الطريق ..

كم سأظل أعدد محاسنها ؟؟

أعود الى قصتي معها .. كنت أقول بأنها صارت بمثابة الكنز لي .. فقررت ألا أحفظ شيئا آخر حتى أصمها صما .. وتمثل لي في ذلك اليوم قول الشيخ يوسف القرضاوي عن نفسه بأنه لا يسقط من القرآن حرفا .. يقولها بكل ثقة .. فعزمت أن أجعلها محفوظة كاسمي لاأسقط منها حرفا .. وبهذا أكون قد صنت الكنز من الضياع ..

ثم ألهمني الله أن أقرأ تفسيرها .. وجدت نفسي أتوجه الى كتاب ( في ظلال القرآن ) دون تفكير مسبق .. ولما بدأت القراءة تذكرت أن الصحابة كانوا لا يتجاوزون العشر آيات حتى يحفظوها ويفهموها ويطبقوها .. فقلت في نفسي سبحان الله وبحمده الذي ألهمني الطريقة الصحيحة دون أن أعلم ..

وهكذا يا عزيزتي بدأت القراءة ولا زلت .. فوجدت للسورة طعما آخر ونكهة أجمل وحبا أكمل في قلبي .. وكنت أظن أنها متفككة المعاني ( أستغفر الله ) متفرقة المواضيع .. وكنت أشعر بالشتات عند التسميع وأقول انها تنتقل بالأحداث فجأة الى قصة أخرى بعيدة كل البعد عن سابقتها .. فلما قرأت كلام سيد قطب رحمة الله عليه وجدت أنني جانبت الصواب تماما .. وأنها على العكس مترابطة ذات جسم واحد يسير في خطين لا يحيد عنهما .. وان أردت الاستزادة فعودي الى الكتاب ..

احفظي سورة البقرة ستجدينها سهلة رائعة .. واجعليها كنزك .. حتى لو كانت كنزك الوحيد .. وحتى لو قضيت عمرك كله في حفظها ..