الحمد لله وكفى ، وسلام على عباده الذين اصطفى ، وبعد :
فهذه بعض الأحكام المتعلقة بالسلام ، آمل أن تحوز على رضاكم ، وسأجعلها على شكل نقاط ، وعدم ذكر بعض الأحاديث المشهورة لديكم 0
* اعلم ـ أيها المسلم ـ أن في إفشاء السلام بين المسلمين فوائد كثيرة ، ومزايا عظيمة ، منها :
(1) إحياء سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم 0
(2) امتثال سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم 0
(3) قوة إيمان مُفْشيهِ . قال البخاري ـ رحمه الله ـ في صحيحه : وقال عمار بن ياسر : ثلاثٌ من جمعهنَّ فقد جمع الإيمان ، الإنصاف من نفسك ، وبذلُ السلام للعَـالَمِ ، والإنفاق من الإقتار 0
(4) نفيُ صفة البخل الذميمة ، الواردة في قوله صلى الله عليه وسلم : (( وأبخل الناس من بخل بالسلام )) رواه الطبراني ، وهو حديث حسن 0
(5) أنه سبب من أسباب دخول الجنة 0
(6) نشرُ المحبة والوئام بين المسلمين 0
(7) أداءُ حقِّ المسلم . لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (( حق المسلم على المسلم سِتٌّ : إذا لقيتَهُ فسلِّمْ عليه ... )) الحديث 0
(8) إغاظةُ اليهود لقوله عليه الصلاة والسلام : (( ما حسدتكم اليهود على شيء ، ما حسدوكم على السلام ، والتأمين )) 0
(9) أولويةُ المسلِّمِ بالله لقوله عليه الصلاة والسلام : (( إن أولى الناسِ باللهِ من بدأهُمْ بالسلام )) 0
(10) الحصول على ثلاثين حسنةً ، إن أتى بالسلام تاماً 0
(11) تحصيل ثواب الصدقة الواردة في قوله صلى الله عليه وسلم : (( يصبح كلَّ يوم على كل سُلامى من ابن آدم صدقة .. وتسليمك على الناسِ صدقةٌ .. )) الحديث 0
هذه بعضُ فوائد إفشاء السلام ، فهل يجسرُ عاقلٌ لبيبٌ بعد هذا على التفريط في إفشاء السلام ؟
* يسلم الراكب على الماشي : والحكمة في ذلك : أن الراكب مظنة الزهو
والكبر ، فاستُحِبَ له أن يبدأ الماشي بالسلام ، كسراً لشهوة العجب ، وإظهاراً للتواضع 0
* يسلم الماشي على القاعد : والحكمة في ذلك : أن القاعد يشق عليه مراعاة المارين مع كثرتهم ، فسقطت البداءة عنه للمشقة ، بخلاف المار فلا مشقة عليه 0
* يسلم القليل على الكثير : والحكمة في ذلك : أن للجماعة فضلاً مطرداً في الشرع ، فناسب أن يُبدؤا بالسلام ، ولأن الجماعة لو ابتدؤا لخيف على الواحد الزهو ، فاحتيط له 0
* يسلم الصغير على الكبير : والحكمة في ذلك : مراعاة السِّنِّ ، فإنها معتبرة في أمور كثيرة في الشرع 0
* إذا تلاقى مارَّان : راكبان أو ماشيان ، فأيُّهما يبدأ بالسلام ؟ الصحيح : استواؤهما ، فمن بدأ فهو أفضل ، لقول جابر رضي الله عنه : (( الماشيان إذا اجتمعا فأيُّهما بدأ بالسلام فهو أفضل )) 0
* إذا تعارض الصِّغَرُ المعنوي والحسي ، كأن يكون الأصغر أعلم مثلاً : فالذي يظهر اعتبار السن ، لأنه الظاهر ، كما تقدم الحقيقة على المجاز 0
* رد السلام واجب ، لقوله تعالى (( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها )) وهذا بالإجماع ، وقد سُئل الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ عن رجل مرَّ بجماعة ، فسلَّم عليهم ، فلم يردّوا عليه السلام ، فقال : (( يُسرع في خطاه ، لا تلحقُهُ اللعنة مع القوم )) 0
* كيفية الردِّ إذا كان السلام على جماعة ؟ يجزئ عن الجماعة إذا مرّوا أن يسلِّمَ أحدُهم ، ويجزئ عن الجلوس أن يردَّ أحدُهم 0
* إذا قال لك رجلٌ : فلان يَقْرَأُ عليك السلام ، أو فلانٌ يسلِّمُ عليك 0
قلتَ : وعليه السلام ، وإن زدت ورحمة الله وبركاته ، فحسن ، هذا هو الواجب عليك ، ويستحب أن يرد على المبلِّغ أيضاً ، فيقول : وعليك وعليه السلام 0
* السلام على المسلم بلفظ : السلام على من اتبع الهدى : السلام من النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه ، ومن أصحابه عليه صلى الله عليه وسلم لم يكن إلا بلفظ ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) فتبيَّن أن تحية المؤمنين فيما بينهم هذا اللفظ . وأن ذاك اللفظ خاصٌ بمخاطبة غير المؤمنين . فوجب اجتنابه فيما بين المؤمنين 0
وفي معجم المناهي (298) : وقرر السيوطي المنع منها بين المسلمين ؛ لأن مؤداها أن أخاك المسلم غير مهتدٍ 0
* السلام بلفظ : عليك السلام : يكره السلام بهذه الصيغة لقوله صلى الله عليه وسلم (( إن عليك السلام تحية الموتى ... إذا لقي الرجل أخاه المسلم ، فليقل : السلام عليكم ورحمة الله ... )) 0
* إشارة اليد بالسلام : يكتفي كثيرٌ من المسلمين بالإشارة عندما يسلِّم على غيره ، ولا يقرن هذه الإشارة بلفظ السلام ، وقد ورد النهي عن هذا العمل لقوله صلى الله عليه وسلم : (( لا تشبَّهوا باليهود والنصارى ، فإن تسليمَ اليهودِ الإشارةُ بالإصبع ، وتسليم النصارى بالأكُف )) ، قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ : والنهي عن السلام بالإشارة مخصوص بمن قدر على اللفظ حسٍّا وشرعاً ، وإلا فهي مشروعة لمن يكون في شغل يمنعه من التلفظ بجواب السلام ، كالمصلي ، والبعيد ، والأخرس ، وكذا السلامُ على الأصم 0
* ترك السلام عند الانصراف من المجلس : اعتاد كثير من الناس عند خروجهم من مجالسهم ألا يسلِّموا على من بقيَ في المجلس ، وإنما يكتفون بقولهم : في أمان الله أو مع السلامة ، وما شابه هذه العبارات 0
وهذا العمل فيه مخالفة للهدي النبوي الذي أرشدنا إلى السلام عند الخروج من المجلس ، لقوله عليه الصلاة والسلام : (( إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليُسلِّم . فإن بدا له أن يجلس فليجلس ، ثم إذا قام والقومُ جلوسٌ : فليُسلِّم ، فليست الأولى بأحقَّ من الآخِرة )) 0
* تُرك السلامِ عن قُرْبِ اللقاء : يتكرر اللقاء بين الناس في الوظائف والمدارس ونحوهما ، فيسلِّمون عند أولِ لقاء ، ويكتفي كثيرٌ منهم بهذا السلام ، فلو رأى صاحبه مرةً أو مراتٍ بعد ذلك لم يسلم عليه 0
وهذا العمل مخالف للسنة النبوية ، إذ قد ثبت أن رجلاً جاء فصلى ، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلَّم ، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم السلام ، فقال : ارجع فصلِّ فإنك لم تصل . فرجع فصلّى ، ثم جاء فسلَّم على النبي صلى الله عليه وسلم فردّ عليه السلام ، فقال له : ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ ..
الحديث )) ، فهذا هي السنة ، فعلى المسلم إذا سلّم على أخيه المسلم ، ثم التقى به بعد قليل أن يكرِّر السلام ، تحصيلاً للأجر ، وزيادة في الأُلفة 0
* السلام على الأهل عند دخول المنزل : يغفل كثير من الناس عن هذه السنة المباركة ، فيدخلون بيوتهم ، ويفتتحون الكلام مع أهليهم قبل أن يُسلِّموا ، وهؤلاء حقيقون ألاّ يجابوا ، لقوله عليه الصلاة والسلام : (( من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه )) ، وهو مخالف كذلك للسنة النبوية لقوله عليه الصلاة والسلام : (( إذا ولج الرجل بيته فليقل : اللهم إني أسألك خير المولِج ، وخير المخرجِ ، بسم الله ولجْنا ، وبسم الله خرجنا ، وعلى الله ربنا توكلنا . ثم ليُسَلِّمْ على أهله )) 0
فعلى المسلم أن يتأدب بهذا الأدب النبوي ، فيحرص على السلام على أهله عند دخوله البيت لتتآلف القلوب ، وتزداد أواصر المحبة ، ويبارك عليه وعلى أهل بيته 0
* ابتداء الكافر بالسلام : لا يجوز أن يبدأ المسلمُ الكافرَ بالسلام ، لقوله صلى الله عليه وسلم (( لا تبدؤوا اليهودَ والنصارى بالسلام . فإذا لقيتُم أحدَهم في طريق فاضطرّوهم إلى أضيقه )) ، ففي ابتداء الكافر بالسلام مفاسد منها :
(1) الوقوع في النهي المتقدم 0
(2) إظهارُ الاعتناء والتكريم للكفار 0
(3) إذهاب وهجِ الحسدِ من قلوبهم . إذ اليهود لم تحسدنا على شيءٍ كما حسدتنا على السلام . فإذا سلّم عليهم المسلم أدخلَ على أفئدتهم سروراً ـ لتشريكهم في هذه التحية 0
(4) مخالفةُ قوله تعالى (( وليجدوا فيكم غلظة )) 0
والابتداء بالسلام ، علامة الوئامِ ، والودادِ 0
فإذا كان للمسلم حاجةٌ عند أهل الكتاب ـ وغيرهم من المشركين ـ فلا بأس أن يبتدأَهُم بنحو قوله : (( السلام على من اتبع الهدى )) ، أو بقوله : (( كيف أصبحت ، أو كيف أمسيت )) أو غير ذلك من التحية ، سوى تحية الإسلام 0
* من كتاب : الإعلام ببعض أحكام السلام لـ :
عبدالسلام بن برجس آل عبدالكريم ( بتصرف ) 0
مسكية @msky
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكووورة على الموضوع القيم والهادف
جعله الله في ميزان اعمالج
مشكووورة على الموضوع القيم والهادف
جعله الله في ميزان اعمالج
الصفحة الأخيرة
جزاك الله خير اختي على الموضوع المهم :26: