
الشيخ محمد بن عبدالوهاب
1115 هـ - 1206 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على محمد وآله وصحبة وسلم .
عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لايتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لابد متمنيا، فليقل: اللهم أحيينى ماكانت الحياة خيرا لى وتوفنى إذا كانت الوفاة خيراً لى "
ولمسلم عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لايتمنين أحدكم الموت ولايدع به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات أحدكم أنقطع عمله، وإنه لايزيد المؤمن عمره إلا خيرا"، وللبخارى عنه مرفوعا ً " لايتمنين أحدكم الموت، إما محسناً فلعله أن يزداد، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب "، ولأحمد والحاكم عن جابر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لاتمنوا الموت، فإن هول المطلع شديد، وإن من السعادة أن يطول عمر العبد حتى يرزقه الله الإنابة " وقال أنس: لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن تمنى الموت لتمنيناه . أخرجاه، ولأحمد فى حديث أبى هريرة: "إلا أن يكون قد وثق بعمله " وعن أبى بكرأن رجلا قال: يارسول الله، أى الناس خير؟ قال : "من طال عمره وحسن عمله " قال : فأى الناس شر ؟ قال: " من طال عمره وساء عمله " صححه الترمذى، ولأحمد عن أبى هريرة قال: كان رجلان من بلى وهم حى من قضاعة أسلما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشهد أحدهما، وأخر الآخر سنة، قال طلحة بن عبيد الله: فرأيت الجنة، فرأيت الموخر منها أدخل قبل الشهيد، فتعجبت لذلك فأصبحت، فذكرت ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم، فقال: "أليس قد صام بعده رمضان، وصلى ستة آلاف ركعة، أو كذا وكذا ركعة، صلاة السنة " وله عن طلحة مرفوعا ً " ليس أحد أفضل عند الله من مؤمن يعمر فى الاسلام لتسبيحه وتكبيره وتهليله " وفى حديث الرؤيا " وإذا أردت بقوم فتنة فأقبضنى إليك غير مفتون "وأخرج مالك عن عمر انه قال: اللهم قد ضعفت قوتى، وكبرت سني، وانتشرت رعيتى، فاقبضنى إليك غير مضيع ولامقصر . فما جاوز ذلك الشهر حتى قبض، وأخرج احمد عن عليم الكندى قال: كنت مع أبى عبس الغفاري على سطح، فرأى قوما يتحملون من الطاعون، فقال: ياطاعون خذنى إليك . ثلاثا يقولها، فقال له عليم: لم تقول هذا ؟ ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم : لايتمنى أحدكم الموت فإنه عند ذلك انقطاع عمله ولايرد فيستعتب " ؟ فقال أبو عبس: أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " بادروا بالموت ستاً، إمارة السفهاء، وكثرة الشرط وبيع الحكم، واستخفافاً بالدم، وقطيعة الرحم ، ونشواً اتخذوا القرآن مزامير ، يقدمون الرجل ليغنيهم بالقرآن ، وإن كان أقلهم فقهاً " وللحاكم عن الحسن عن ابن عمر مثله وأخرج ابن سعد عن أبى هريرة مثله ، لكن ذكر التهاون بالذنب بدل الدم ، وللطبرانى عن عمرو بن عبسة : " لايتمنى أحدكم الموت ، إلا ان يثق بعمله ، فإن رأيتم فى الأسلام ستاً فتمنوا الموت ، وإن كانت نفسك بيدك فأرسلها " فذكر كما تقدم ، وأخرج الحاكم فى المستدرك عن ابن عمرو مرفوعا " تحفة المؤمن الموت " ولأحمد وسعيد عن محمود بن لبيد مرفوعاً " اثنتان يكرهما ابن آدم ، يكره الموت والموت خير له من الفتنة ، ويكره قلة المال وقلة المال أقل للحساب " وأخرج أبو نعيم عن عمر بن عبد العزيز قال : إنما خلقتم للأبد ولكنكم تنقلون من دار إلى دار .
وأخرج سعيد فى سننه عن على فى قوله: (والنازعات غرقاً" قال: هى الملائكة تنزع أرواح الكفار ( والناشطات نشطاً) هى الملائكة تنشط أرواح الكفار مابين الأظفار والجلد حتى تخرجها ( والسابحات سبحا ً) هى الملائكة تسبح بأرواح المؤمنين بين السماء والأرض ( فالسابقات سبقاً) هى الملائكة يسبق بعضها بعضاً بأرواح المؤمنين إلى الله .وأخرج ابن أبى حاتم عن ابن عباس فى قوله: (والنازعات غرقا) قال: هى أنفس الكفار تنزع ثم تنشط ثم تغرق فى النار . وأخرج عن الربيع بن أنس فى قوله : ( والنازعات غرقاً والناشطات نشطاً ) قال : هاتان الآيتان للكفار عند نزع النفس تنشط نشطا عنيفاً مثل سفود جعلته فى صوف فكان خروجه شديداً ، ( والسابحات سبحا فالسابقات سبقاً) قال : هاتان للمؤمنين .
وأخرج عن السدي فى قوله: (والنازعات غرقاً) قال: النفس حين تغرق فى الصدر . وأخرج مسلم عن ابن مسعود قال: لما أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهى إلى سدرة المنتهى، وإليها ينتهى مايعرج من الأرواح – وفى حديث الإسراء عن أبى هريرة: ثم انتهى إلى سدرة – فقيل له: هذه السدرة ينتهى إليها كل أحد خلا من أمتك على سبيلك . أخرجه ابن جرير وابن أبى حاتم . ولمسلم عن أبى هريرة قال: إذا خرج روح المؤمن تلقاها ملكان فصعدا بها، فذكر من طيبها، وتقول أهل السماء: روح طييبة جاءت من قبل الأرض، صلى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه، فينطلقون به إلى ربه تعالى، ثم يقول: انطلقوا به إلى آخر الأجل، وإن الكافر إذا خرجت روحه، فذكر من نتنها، وذكر لعناً، ويقول أهل السماء: روح خبيثة جاءت من قبل الأرض، فيقال: انطلقوا به إلى آخر الأجل .
ولحمد وابن حبان والحاكم وغيرهم عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إن المؤمن إذا قبض أتته ملئكة الرحمة بحرير أبيض، فيقولون: أخرجى راضية مرضياً عنك إلى روح الله وريحان ورب غير غضبان، فتخرج كأطيب ريح المسك، حتى إنه ليناوله بعضهم بعضا فيشمونه حتى يأتوا به باب السماء فيقولون: مأطيب هذه الريح التى جاءت من قبل الأرض ! كلما أتواسماء قالوا ذلك، حتى يأتوا به أرواح المؤمنين فلهم أفرح به من أحدكم بغائبه إذا قدم عليه فيسألونه: مافعل فلان ؟ فيقولون : دعوه حتى يستريح ، فإنه كان فى غم الدنيا ، فإذا قيل لهم : ماأتاكم ؟ فإنه قد مات ، يقولون : ذهب به إلى أمه الهاوية . وأما الكافر فتأتيه ملائكة العذاب بمسح ، فيقولون : أخرجى ساخطة مسخوطا ً عليك إلى عذاب الله وسخطه ، فتخرج كأنتن ريح جيفة ، فينطلقون إلى باب الأرض ، فيقولون : ماأنتن هذه الريح! . كلما أتوا على أرض قالوا ذلك، حتى يأتوا به أرواح الكفار .
وأخرج هناد وعبد فى تفسيره، والطبرانى بسند رجاله ثقات، عن عبد الله بن عمرو قال: إذا قتل العبد فى سبيل الله، فأول قطرة تقع على الأرض من دمه يكفر الله له ذنوبه كلها ، ثم يرسل الله بريطه ، من الجنة ، فتقبض فيها نفسه ، وبجسد من الجنة حتى تركب فيه روحه ، ثم يعرج مع الملائكة كأنه كان معهم منذ خلقه الله ، حتى يؤتى به الرحمن ، فيسجد قبل الملائكة ثم تسجد الملائكة بعده ، ثم يغفر له ويطهر ، ثم يؤمر به إلى الشهداء ، فيجدهم فى رياض خضر وقباب من حرير ، عندهم ثور وحوت يلقنانهم كل يوم بشيء لم يلقناه بالأمس ، يظل الحوت فى أنهار الجنة ، فإذا أمسى وكزه الثور بقرنه ، فذكاه ، فأكلوا من لحمه ، فوجدوا فى طعم لحمه كل رائحة من ريح الجنة ، ويبيت الثور نافشاً فى الجنة ، يأكل من تمر الجنة ، فإذا أصبح غدا عليه الحوت فذكاه بذنبه ، فأكلوا من لحمه ، فوجدوا فى طعم لحمه كل ثمرة من الجنة ، ينظرون إلى منازلهم ، ويدعون الله بقيام الساعة .
وإذا توفى العبد المؤمن، أرسل إليه ملكين بخرقة من الجنة وريحان من ريحان الجنة، فقال: أيتها النفس الطيبة . أخرجى إلى روح وريحان ورب غير غضبان، اخرجى فنعم ماقدمت، فتخرج كأطيب رائحة مسك وجدها أحدكم بأنفه، وعلى أرجاء السماء ملائكة يقولون: سبحان الله ! لقد جاء من الأرض اليوم ريح طيبة، فلايمر بباب إلا فتح له، ولاملك إلا صلى عليه وشفع، حتى يؤتى به ربه عز وجل ، فتسجد الملائكة قبله ، ثم يقولون : ربنا هذا عبدك فلان ، توفى وأنت أعلم به ، فيقول : مروه بالسجود فتسجد النسمة ، ثم يدعى ميكائيل فيقال : اجعل هذه النسمة مع أنفس المؤمنين ، حتى أسالك عنها يوم القيامة ، فيؤمر بقبره ، فيوسع له ، طوله سبعون ، وينبذ فيه الريحان ، ويبسط له فيه الحرير ، وإن كان معه شيء من القرآن نوره ، وإلا جعل له مثل نور الشمس ، ثم يفتح له باب إلى الجنة ، فينظر إلى مقعده من الجنة ، بكرة وعشياً .
وإذا توفى الله العبد الكافر، ارسل إليه ملكين وأرسل إليه بقطعة بجاد أنتن من كل نتن، وأخشن من كل خشن، فقالا: أيتها النفس الخبيثة، اخرجى إلى جهنم وعذاب أليم ورب عليك ساخط ، أخرجى ، فساء ماقدمت ، فتخرج كأنتن جيفة وجدها بأنفه قط ، وعلى أرجاء السماء ملائكة يقولون : سبحان الله ! لقد جاء من الأرض جيفة ونسمة خبيثة لايفتح لها باب السماء فيؤمر بجسده ، فيضيق عليه فى القبر، ويملاء حيات مثل أعناق البخت تأكل لحمه ، فلاتدع من عظامه شيئاً ، ثم يرسل الله ملائكة صماً عمياً، معهم فطاطيس من حديد ، لايبصرونه فيرحمونه ، ولايسمعون صوته فيرحمونه ، فيضربونه ويخبطونه ، ويفتح له باب من النار ، فينظر إلى مقعده من النار ، بكرة وعشية ، يسأل الله أن يديم ذلك عليه ، فلايصير إلى ما وراءه من النار .
وأخرج البيهقى وغيره عن أبى موسى قال: "خرج نفس المؤمن وهى أطيب ريحا من المسك " الحديث ، وأخرجه أبو داود بنحوه ، وفيه " فيصعد به من الباب الذى كان يصعد عمله منه " وفى آخره فى الكافر : " فيردوه إلى أسفل الأرضين الثرى " وأخرج ابن أبى حاتم وغيره عن ابن عباس فى قوله : ( وقبل من راق ) قال : قيل من يرقى بروحه ، ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب؟ وفي الصحيحين : حديث الرجل الذي اختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب .
وأخرج سعيد فى سننه عن الحسن قال: إذا احتضر المؤمن حضره خمسمائة ملك،فيقبضون روحه ، فيعرجون به إلى السماء ، فتلقاهم أرواح المؤمنين الماضية ، فيريدون أن يستخبره ، فتقول لهم الملائكة : ارفقوا به ، فإنه خرج من كرب عظيم ، ثم يستخبرونه ، حتى يستخبر الرجل عن أخيه وعن صاحبه ، فيقول :هو كما عهدت،حتى يستخبرونه عن إنسان قد مات قبله،فيقول : أو ماأتى عليكم ؟ فيقولون : أو قد هلك ؟ فيقول:إى والله ، فيقولون : قد ذهب به إلى أمه الهاوية ، فبئست الأم ، وبئست المربية .
وللحاكم فى المستدرك عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ان أباه مرض مرضاً ، فأغمى عليه ، حتى ظنوا أنه قد فاضت نفسه ، حتى قاموا من عنده ، وجللوه ثوباً ، ثم أفاق ، فقال : أنه أتانى ملكان ، فظان غليظان، فقالا انطلق بنا نحاكمك إلى العزيز الأمين، فذهبا به، فلقيهما ملكان هما أرق منهما وأرحم،فقالا : أين تذهبان ؟ قالا: نحاكمه إلى العزيز الأمين فقالا: دعاه فإنه ممن سبقت له السعادة وهو فى بطن امه، وعاش بعد ذلك شهراً، ثم توفى رضى الله عنه .
وقال سعيد فى سننه: حدثنا سفيان عن عطاء: أن سلمان أصاب مسكاً، فاستودعه امرأته، فلما حضر الموت، قال: أين الذى كنت استودعتك ؟ قالت :" هو ذا قال : فأديفيه بالماء ورشيه حول فراشى ، فإنه يحضرنى خلق من خلق الله لايأكلون الطعام ، ولايشربون الشراب ، ويجدون الريح .
وأخرج ابن أبى الدنيا عن مكحول قال: قال عمر: احضروا موتاكم، وذكروهم فإنهم يرون مالا ترون .
ولسعيد عن الحسن عن عمر: احضروا موتاكم، ولقنوهم لا إله إلا الله فإنهم يرون ويقال لهم . وله عن مكحول عنه: لقنوا موتاكم لاإله إلا الله واعقلوا ماتسمعون من المطيعين، فإنه يجلى لهم أمور صادقة .
ولابن أبى شيبة عن يزيد بن شجرة الصحابى قال: مامن ميت يموت حتى يمثل له جلساؤه عند موته، إن كانوا أهل لهو فأهل لهو، وإن كانوا أهل ذكر فأهل ذكر .
ولابن أبى الدنيا عن مجاهد نحوه، وذكر البيهقى قول الرجل حين لقن: اشرب واسقنى وقول الآخر: ده يازده .
وأخرج ابن أبى الدنيا عن حنظلة بن الأسود قال مات مولاي، فجعل يغطى وجهه مرة، ويكشفه أخرى، فذكرت ذلك لمجاهد، فقال: بلغنا ان نفس المؤمن لاتخرج حتى يعرض عليه عمله خيره وشره .
وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن: أن معاذ بن جبل طعن ابنه عام عمواس، فمات فصبر واحتسب ، فلما طعن فى كفه قال: حبيب جاء على فاقة ، لاأفلح من ندم ، قال : فقلت يامعاذ هل ترى شيئاً ؟ شكر لى ربى حسن عزائى . أتانى روح ابنى، فبشرنى ان محمداً صلى الله عليه وسلم فى مائة صف من الملائكة المقربين والشهداء والصالحين، يصلون على روحى، ويسوقوني إلى الجنة . ثم أغمى عليه، فرأيته فى المنام بعد ذلك حوله، ويقول: مرحبا مرحبا، أتيتكم، فقضى، فرأيته فى المنام بعد ذلك حوله زحام كزحامنا على خيل بلق عليهم ثياب بيض، وهو ينادى: ياسعد بن رامح ومطعون ، الحمد لله الذى أورثنا الجنة نتبوأ منها حيث نشاء ، فنعم أجر العاملين ، ثم انتبهت .
فقالت عائشة رضى الله عنها: إنا نكره الموت، فقال: " ليس ذلك، ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته، فليس شيء أحب إليه مما أمامه، وأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته، فليس شىء أكره إليه مما أمامه، وكره لقاء الله وكره الله لقاءه ".
وقال آدم بن أبى إياس: حدثنا حماد بن أبى سلمة عن عطاء ابن السائب عن عبد الرحمن بن أبى ليلى قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآيات ثم قال : " إذا كان عند الموت قيل له هذا ، فإن كان من أصحاب اليمين ، أحب لقاء الله " الخ ، كما تقدم وأخرجه أحمد بمعناه ، وفيخ : عن عبد الرحمن حدثنى فلان بن فلان أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأخرج بن جرير وغيره عن ابن جريج قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم لعائشة: " إذا عاين المؤمن الملائكة، قالوا: نرجعك إلىالدنيا ؟ فيقول : إلى دار الهموم والأحزان ، قدماًإلى الله ، وأما الكافر فيقولون : نرجعك ؟ فيقول: رب أرجعون، لعى أعمل صالحاً فيما تركت " .
وللترمذى وابن جرير عن ابن عباس: من كان له مال يبلغه حج بيت ربه، او تجب عليه فيه زكاه فلم يفعل، سأل الرجعة عند الموت . فقال رجل: يابن عباس اتق الله، فإنما يسأل الرجعة الكفار، فقال سأتلوا عليكم بذلك قرآنا: ( يأيها اللذين آمنوا لاتلهكم أموالكم ) الآية.
ولأبن أبى حاتم عن عبادة فى قوله (فروح وريحان ) قال الروح الرحمة والريحان يتلقى به عند الموت .
وله عن ابن عباس فى قوله (فنزل من حميم ) قال: لايخرج الكافر من دار الدنيا حتى يشرب كأساً من حميم .
ولابن أبى حاتم والحاكم وصححه عن البراء ببن عازب فى قوله:(تحيتهم يوم يلقونه سلام ) قال: يوم يلقون ملك الموت، ليس من مؤمن تقبض روحه إلا سلم عليه .
ولأن أبى الدنيا وغيره عن ابن مسعود قال: إذا جاء ملك الموت ليقبض روح المؤمن قال: ربك يقرئك السلام .
ولابن المبارك والبيهقى عن محمد بن كعب: إذا استنقعت نفس العبد المؤمن، جاءه ملك الموت، فقال: السلام عليك ياولى الله، الله يقرأ عليك السلام . ثم نزع بهذه الآية: ( الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ) .
ولابن جرير وغيره عن الضحاك فى قوله ( لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة ) قال: يعلم أين هو قبل الموت .
ولابن أبى الدنيا عن جابر مرفوعاً: أما قوله ( فى الحياة الدنيا ) فهى الرؤيا الحسنة ترى للمؤمن فيبشربها فى دنياه، وأما قوله (وفى الآخرة ) فبشارة المؤمن عند الموت، يبشر عند الموت أن الله قد غفر لك ولمن حملك إلى قبرك .
وأخرج البيهقى عن مجاهد فى قوله ( تتنزل عليهم الملائكة ) الآية: ذلك عند الموت .
ولابن أبى حاتم عنه فى الآية: ( ألا تخافوا ) مماتقدمون عليه من الموت وأمرالآخرة
( ولاتحزنوا ) على ما خلفتم من أمر دنياكم من ولد وأهل اودين فإنه سيخلفكم في ذلك كله .
وله عن زيد بن أسلم في الآية: يبشر بها عند موته وفي قبره ويوم يبعث، فإنه لفي الجنة وماذهبت فرحة البشارة من قلبه .
وقال سيفان: يبشر بثلاث بشارات، عند الموت، وإذا خرج من القبر، وإذا فزع .
ولمسلم عن أبى هريرة مرفوعاً:" ألم تروا الإنسان إذا مات شخص بصره" قالوا: بلى . قال " فذلك حين يتبع بصره نفسه" .
ولابن جرير وابن حاتم عن ابن عباس فى قوله: ( ثم يتوبون من قريب ) قال القريب مابينه وبين أن ينظر إلى ملك الموت .
أخرج أحمد وغيره عن أبى سعيد أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إن الميت يعرف من يغسله ويحمله ومن يكفنه ومن يدليه فة حفرته " .
وأخرج ابو نعيم وغيره عن عمرو بن دينار قال: مامن ميت يموت إلا روحه فى يد ملك الموت ينظر إلى جسده، كيف يغسل، وكيف يكفن، وكيف يمشى به، ويقال له وهو على سريره: اسمع ثناء الناس عليك .
وأخرج ابن أبى الدنيا معناه عن جماعة من التابعين بلفظ: بيد ملك بلاإضافة .
وللشيخين عن أنس: ان النبى صلى الله عليه وسلم وقف على قتلى بدر فقال: " يافلان بن فلان يافلان بن فلان هل وجدتم ماوعد ربكم حقا ً ؟ فإنى وجدت ماوعدنى ربى حقا" فقال عمر يارسول الله ، كيف تكلم أجساداً لأرواح فيها ؟ فقال: " ماانتم بأسمع لما أقول منهم، غير أنهم لايستطيعون أن يردوا على شيئاً ".
ولهما عن أبى سعيد مرفوعاً: " إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على اعناقهم، فإن كانت صالحة قالت: قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت: ياويلاه، فيسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو يسمعه الإنسان لصعق ".
أخرج سعيد في سننه عن ابن عقلة قال: إن الملائكة لتمثل أمام الجنازة ويقولون: ماقدم فلان ؟ ويقول الناس : ماترك فلان ؟.
وللترمذى وابن أبى حاتم وغيرهما عن أنس مرفوعاً: " مامن إنسان إلا له بابان فى السماء، باب يصعد منه عمله، وباب ينزل منه رزقه، فإذا مات العبد المؤمن،بكيا عليه " .
ولابن جرير عن ابن عباس أنه سئل عن قوله: ( فما بكت عليهم السماء والأرض ) هل تبكى السماء والأرض على احد ؟ قال : نعم ، إنه ليس أحد من الخلائق إلا له باب فى السماء منه ينزل رزقه وفيه يصعد عمله ، فإذا مات المؤمن ، فأغلق بابه من السماء الذى كان يصعد فيه عمله وينزل منه رزقه ، فقد بكى عليه ، وإذا فقده مصلاه من الأرض التى كان يصلى فيها ، ويذكر الله فيها ، بكت عليه ، وإن قوم فرعون لم يكن لهم فى الأرض آثار صالحة، لم يكن يصعد لهم إلى الله منهم خير ، فلم تبك عليهم السماء والأرض .
ولابن أبى حاتم وغيره عن على: إن المؤمن إذا مات بكى عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله فى السماء، ثم تلا: ( فما بكت عليهم السماء والارض ) .
ولابن جرير عن عطاء: بكاء السماء حمرة أطرافها، ولابن أبى الدنيا عن الحسن مثله، وله مثله عن سفيان بلفظ: كان يقال .
وأخرج عن الحسن: إن الله إذا توفى المؤمن ببلاد الغربة لم يعذبه ورحمه لغربته، وأمر الملائكةفبكته لغيبة بواكيه عنه .
وله ولابن جرير عن شريح بن عبيد الحضرمي مرفوعا: " مامات مؤمن فى غربة غابت عنه فيها بواكيه، إلا بكت عليه السماء والأرض " ثم قرأ: ( فما بكت عليهم السماء والأرض )، ثم قال: " إنهما لايبكيان أخرج الحاكم وغيره عن أبى سعيد أن النبى صلى الله عليه وسلم مر في المدينة فرأى جماعة يفرون قبراً فسأل عنه، فقيل: حبشى قد مات، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " لاإله إلا الله، سيق من ارضه وسمائه إلى التربة التى خلق منها !" وأخرج الطبرانى معناه عن أبى الدرداء وابن عمر .
وأخرج أبو نعيم وغيره عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ادفنوا موتاكم وسط قوم صالحين، فإن الميت يتأذى بجار السوء، كما يتأذى الحى بجار السوء " وروى معناه من حديث على وابن عباس وغيرهما .
واخرج بن سعد عن معاوية بن صالح قال: لما حضر عمر بن عبد العزيز الموت أوصاهم فقال: احفروا لى ولاتعمقوا، فإن خير الأرض اعلاها، وشرها أسفلها .
وأخرج ابن عساكر عنه أنه قال لحفار لأخيه: احفر له على قدر طولك، أو إلى المنكب، ولاتبعد فى الارض .
وروى ابن النجار: أن عبد الصمد بن على أمرهم بتعجيل بعض أهله قبل المساء، وقال: حدثنى أبى عن جدى عن النبى صلى الله عليه وسلم قال:" إن ملائكة النهار أرأف من ملائكة الليل " .
وفى أمالى ابن بطة عن ابن عباس مرفوعاً: " لله ملك موكل بالمقابر، فإذا دفن الميت وسوى عليه وتحولوا لينصرفوا، قبض قبضة من تراب القبر، فرمى بها فى أقفيتهم، وقال: أنصرفوا إلى دنياكم وانسوا موتاكم " .
وقال ابن وهب: حدثنى حي بن عبد الله عن أبى عبد الرحمن الحبلي عن ابن عمرو قال: توفى رجل بالمدينة ممن ولد بالمدينة فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال " ليته مات فى غير مولده " فقال الرجل ولم يارسول الله ؟ قال : إن الرجل إذا مات قيس له من مولده إلى منقطع أثره فى الجنة ".
وأخرج ابن أبى شيبة عن قتادة: أن أنساً دفن ابناً له، فقال: اللهم جاف الأرض عن جنبيه، وافتح ابواب السماء لروحه، وأبدله داراً خيراً من داره .
وأخرج سعيد بن منصور عن انس: انه كان إذا وضع الميت فى قبره قال: اللهم جاف الأرض عن جنبيه، وصعد روحه، وقلبه، وتلقه منك بروح .
وأخرج ابن ماجه والبيهقى فى سننه عن ابن المسيب قال: حضرت ابن عمر فى جنازة، فلما وضعها فى اللحد، قال: اللهم أجرها من الشيطان ومن عذاب القبر . فلما سوى الكثيب عليها، قام جانب القبر، ثم قال: اللهم جاف الارض عن جنبيها، وصعد روحها، ولقها منك رضواناً، ثم قال: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقف علىالقبر بعد مايسوى عليه، فيقول " اللهم نزل بك صاحبنا، وخلف الدنيا خلف ظهره، اللهم ثبت عند المسألة منطقه، ولاتبتله فى قبره بما لاطاقة له به ".
وأخرج الطبرانى فى الكبير وابن منده عن أبى أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات أحد من إخوانكم، فسويتم التراب عليه، فليقم أحدكم على رأس قبره، ثم يقول: يافلان بن فلانة، فإذا يسمعه ولايجيب، ثم ليقل: يافلان بن فلانة، فإنه يستوى قاعداً، ثم يقول يافلان ابن فلانة، فإنه يقول أرشدنا رحمك الله . ولكن لاتشعرون، فليقل: اذكر ماخرجت عليه فى الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وانك رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمداً نبيا، وبالقرآن إماماً . فإن منكر ونكيراً يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه، ويقول: انطلق بنا، مانقعد عند من لقن حجته، فيكون الله حجيجه دونهما " قال رجل: يارسول الله، فإن لم يعرف أمه ؟
قال: " ينسبه إلى حواء، يافلان بن حواء، يافلان بن حواء ".
وأخرج احمد والحكيم الترمذى فى نوادر الأصول والبيهقى فى كتاب عذاب القبر عن حذيفة قال: كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى جنازة، فلما انتهينا إلى القبر، قعد على شفتيه، فجعل يردد بصره فيه، ثم قال: " يضغط فيه المؤمن ضغطة تزور منها حمائله ".
وأخرج أحمد والطبرانى والبيهقى عن جابر بن عبد الله قال: لما دفن سعد بن معاذ سبح النبى صلى الله عليه وسلم وسبح الناس معه طويلاً، ثم كبر وكبر الناس، ثم قالوا: يارسول الله، لم سبحت ؟ قال : " لقد تضايق على هذا الرجل الصالح قبره ، حتى فرج الله عنه ".
وأخرج سعيد بن منصور والحكيم الترمذى والطبرانى والبيهقى عن ابن عباس: أن النبى صلى الله عليه وسلم يوم دفن سعد بن معاذ وهو قاعد على قبره قال:" لو نجا من ضمة القبر أحد لنجا سعد بن معاذ، ولقد ضمه ضمة، ثم أرخي عنه "
وأخرج النسائي والبيهقى عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " هذا الذى تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء، وشهده سبعون ألفاً من الملائكة، ولقد ضم ضمة، ثم فرج عنه" يعنى: سعد بن معاذ . قال الحسن: تحرك له العرش فرحاً به .