سنوات من الانتظار وما زالت خطوات التحديث متثاقلة:
اخفاقات التعليم ومسؤولية المناهج
تحقيق - منيف خضير
في هذا التحقيق لا نناقش المناهج الدراسية بمفهومها الواسع إنما نناقش المفهوم التقليدي للمناهج ونقصد بها الكتب والمقررات الدراسية، ومن الطبيعي في تحقيق مثل هذا أن يكون لوزارة التربية والتعليم (الإدارة العامة للمناهج) رأي في موضوع هو من صميم مهامها، ولكن ومنذ مدة والإدارة لا ترد إيجاباً ولا حتى بالنفي رغم مرور عدة أشهر على مطالب بتوضيح رأيها في هذا الموضوع.
ولأن المناهج قضية مستمرة على طاولة النقاش رأينا طرحها عبر هذا التحقيق بما في ذلك من تساؤلات واستفسارات، فهل تم تطويرها بالشكل الذي يطمح إليه المختصون؟
وهل مناهجنا تحيد عن الطريق أحياناً كما يشاع؟
وأخيراً: كيف السبيل إلى التطوير والتجديد والتحديث؟! هذا ما سنتعرَّف عليه عبر السطور التالية:
التغيير المدروس مطلب
البعض يتهم مناهجنا بالتطرف والتقصير... كيف ننظر لمناهجنا الدراسية مقارنة بغيرها من المناهج العالمية؟
أجاب عن هذا السؤال الدكتور عثمان البريكان أستاذ المناهج في جامعة الملك سعود ورئيس مركز الدورات التربوية في كلية التربية قائلاً:
الذي يقوّم المناهج في المملكة من خلال الندوات المسموعة والمقروءة والمشاهدة إما أنهم لا يدركون أسلوب بناء وتصميم المناهج ويتحدثون بما لا يفهمون وأحكامهم غير صحيحة ولا تمت إلى الأصول العلمية في النقد بصلة؛ فهم يرددون بعض الآراء غير الواقعية.
وإما أنهم من المتخصصين في مجال التربية والمناهج ولكن للأسف أحكامهم خالية من المنهاج العلمي وهم يتأثرون بشكل كبير بما يدور في الساحة سواء ضغوط داخلية أو خارجية، وهم موضع عتب أكثر من غيرهم. وأضاف لا بد من استخدامهم المنهج العلمي هذا إذا أخذنا الرأي المطروح، أما أنا فأرى أن التطوير سنّة كونية ونحن بأمس الحاجة إليه في كل مناحي الحياة بدءاً من المنزل والدولة. والشخص الذي يقف أمام التطوير يخالف السنن الكونية لأنه منطلق حضاري ومستقبلي. والتطور لا بد أن يكون على أسس علمية وإستراتيجية شاملة، والتطوير من أجل التغيير يقود للأصلح ولكنه في النهاية جيد أو غير جيد ويتوقف على نوعية القرار نفسه.
ضغوط خارجية
أما ما يُشاع من أن مناهجنا تقود للإرهاب فقال الدكتور البريكان:
هؤلاء ينقصهم الدليل والحجة والدليل العلمي وهذا اتهام خطير ولا يمكن قبول اتهام مثل هذا لان التربية وجدت لتعديل السلوك (وهي من القضايا المتفق عليها) فكيف نقول إن مناهجنا تخرج إرهابيين؟!
لا تناقض بين المناهج وبين ما يُطرح
وقال من جانبه الدكتور راشد العبد الكريم أستاذ المناهج في جامعة الملك سعود:
في الجملة الكتب المدرسية جيدة، ولم تصل بالطبع إلى المستوى الذي نطمح له من ناحية المحتوى والتصميم والإخراج الفني لكنها تتطور بشكل سريع، والكتاب المثالي له عدة جوانب: جانب المحتوى والمادة العلمية المتضمنة في الكتاب ويتعلق بها التقويم وجانب تنظيم المحتوى وطريقة تقديمة للمتعلم، والتفاعلية في الأنشطة وجانب الإخراج الفني وما يتعلق به من وسائل الإيضاح.
والكتاب الجيد هو الذي يلبي هذه الجوانب مجتمعة ويجعل في مركز هذا كله الطالب واحتياجاته وأساليب التعلم لديه.
فمناهجنا تحتاج إلى خبراء تأليف محترفين يعملون على شكل فريق يحوي جميع المختصين والفنيين، كما تحتاج أيضاً إلى أن تصاغ بشكل مشوق يساعد على التعلم، ويستطيع معها الطالب أن يتعلم بشكل ذاتي دون الاعتماد الكامل على المعلم.
وأضاف: وليس هناك تناقض بين ما يطرحه المختصون وبين ما يشهده واقع المناهج التناقض قد يحدث بين ما يطرحه غير المختصين وبين واقع المناهج - في كثير من الأحيان - ويكون ما يطرحه مبنياً على موقف أو رأي شخصي.
اللغة الإنجليزية مثالاً
وعن الكتب المدرسية وتقييمها تحدث مشرف اللغة الإنجليزية بمركز شمال الرياض الأستاذ ماجد أبا حسين قائلاً:
- لا شك أن الكتب أو المقررات الدراسية تعتبر جزءاً من منظومة مترابطة يصعب تقييم جزء وإغفال الجزء الآخر: فالطالب، المعلم، البيئة التعليمية والاجتماعية، المقررات جميعها تؤثّر على بعضها البعض فمناهج اللغة الإنجليزية في المملكة هي محاكاة لجميع العناصر الأخرى وتحاول أن تكون متوازنة مع العناصر الأخرى؛ فلا يمكن تقديم منهج دراسي رفيع المستوى ونحن نعاني من اللا مبالاة عند الطلاب التعليم واللغة بصفة عامة، وكذلك نحن نعاني من تدني واضح في مستويات معلمينا وذلك لضعف تجهيزهم وتدريبهم أثناء العمل وكذلك البيئة الخارجية لا تساعد على مزيد من التقدم لمستويات الطلاب اللغوية وبالتالي من الممكن القول إن مناهجنا صممت لحال واقعنا وهذا هو أقل درجات الرخاء ولكن الطموح أن ترقى هذه المناهج خطوة بطلابنا حتى يتمكنوا من إتقان اللغة.
وأضاف أبا حسين: من الصعب الحكم تميّز أو عدم تميّز هذا الكتاب والذي يعتبر أنه ما زال في فترة التجربة، بل إن فكرة تدريس اللغة في المرحلة الابتدائية ما زالت تحت التجربة ولكن مثل ما ذكرنا في السؤال السابق أنه يحاكي واقع طلابنا ولكن لو نظرنا إلى ظروف تأليف هذا الكتاب وكذلك الفترة الزمنية التي منحت للمؤلفين لاعتبرنا هذا الكتاب جهداً يُشكر عليه المؤلفون ولكن هذه الخطوة يجب أن يتبعها خطوات أخرى أكثر جرأة وأقوى مستوى وإلا أصبحت المادة عبئاً على الجدول الدراسي ولا تقدم إلا أثراً بسيطاً في مستوى طلابنا بالإمكان تحقيقه بدون هذا المادة من خلال الاحتكاك الخارجي للطالب خارج المدرسة.
نظرة تقييمية
الأستاذ ناصر بن عبد الله الشايع مشرف اللغة الإنجليزية في إدارة التربية والتعليم بالزلفي الذي شارك في تأليف كتابين أحدهما باللغة الإنجليزية والآخر باللغة العربية، وكلاهما موجهان للميدان التربوي. تحدث عن نظرته التقييمية لكتب المادة في تعليمنا العام وقال:
أرى أن كتب اللغة الإنجليزية ليست بالمستوى المأمول إذا استثنينا كتاب الصف السادس الذي يعتبر مميزاً مقارنة بمقررات المرحلة المتوسطة على وجه الخصوص.
فمقررات اللغة الإنجليزية لا تقدم اللغة الحيّة التي يستفيد منها الطالب في حياته وممارساته، ولا تقدم له ما يخدمه في المواقف اللغوية العامة، أو يساعده في التعامل مع المواقف الحياتية اليومية، بل إنها تركز وللأسف على الكم على حساب الكيف، فالمتأمل في محتوى مقررات المرحلة المتوسطة مثلاً يجد أنها كثيفة بشكل غير مقبول إطلاقاً لا من الناحية التعليمية، ولا من الناحية اللغوية، فالمقرر يفتقر بشكل كبير إلى التدرج، ووضوح الهدف، ومراعاة الاحتياجات اللغوية الفعلية للطالب، بل إن بعض موضوعاته - وهي كثيرة - تتجاوز مستوى الإدراك العقلي والعلمي لطلاب المرحلة.
لهذا نرى بوضوح معاناة معلمي المادة وما يواجهونه من صعوبة بالغة في التعامل مع هذه المقررات من أجل إيصالها إلى طلابهم بالشكل المطلوب، وتمكين الطلاب من استيعاب محتواها، وممارسته وتطبيقه؛ وذلك للكم الهائل من المفردات، والتراكيب اللغوية، وصعوبة المحتوى، وكثافة الممارسات، وتنوّع المتطلبات. وهذا بلا شكل يسبب إحباطاً بالغاً للطلاب، ويزيل الدافعية والرغبة لديهم في تعلّم هذه اللغة.
متطلبات كثيرة
وأضاف الشايع في معرض نقده لكتب اللغة الإنجليزية في التعليم العام:
كما أن معلّم المادة يقف حائراً أمام المتطلبات الكثيرة لكل درس، فماذا تفعل خمس وأربعون دقيقة مع موضوعات كثيفة متنوّعة وغير واضحة الأهداف، فكيف تفي هذه الدقائق لعرض وتقديم وممارسة وتطبيق محتوى كل درس، ناهيك عن عدم التجانس في أحياناً كثيرة بين موضوعات كتاب الطالب وكتاب التمارين.
وخلاصة القول إنه لا بد من إعادة النظر في هذه المقررات، فالمقرر الدراسي يجب أن يكون في مستوى إدراك واهتمامات الطلاب، تقدم موضوعاته بشكل مختصر ومتدرج، ثم يكون هناك مساحة كافية جداً للتطبيق والممارسة، كما لا بد أن يتناول الحياة والمواقف اليومية الحقيقة التي يعايشها الطالب، وأن يكون مرتبطاً ارتباطاً كلياً ببيئة الطالب وثقافاته واحتياجاته، وأنا هنا أتحدث عن مقررات اللغة الإنجليزية على وجه الخصوص.
عليه أرى ألا يتولى مثل هذه المقررات إلا من له خبرة ودراية بالميدان التربوي، ومن له ارتباط فعلي بالطلاب، ومن له معرفة كافية بمستوياتهم العلمية، واحتياجاتهم الأساسية والنفسية والعملية.
وعن تركيز كتب اللغة الإنجليزية في مدارسنا على الجانب التطبيقي أضاف الشايع قائلاً:
الجانب التطبيقي موجود ولكن بشكل عقيم وغير مجد. وهو في كثير من الأحيان غير مناسب للطالب إما من حيث الصعوبة الشديدة أو عدم وضوح، أو عدم فاعلية الهدف.
كتب التربية الإسلامية تغيَّرت
المشرف التربوي للتربيه الإسلاميه بمعهد العاصمه النموذجي بالرياض الأستاذ عبد الله بن محمد الزايد (ماجستير إداره تربويه) تحدث عن كتب التربية الإسلامية فقال:
مرت مناهج التربية الإسلامية بعدة تغييرات خلال السنوات الماضية من أبرزها اختصار بعض الموضوعات اختصاراً يخل بفحواها وتأثيرها (مثل توحيد أول ثانوي). ودمج الموضوعات ببعض. وأيضاً حذف بعض الموضوعات وإرجاعها مما يدل على عدم وجود تخطيط عند صياغة المنهج. كذلك تغيّر بعض المناهج تغيراً جذرياً. وتوحيد ودمج مناهج الأولاد بمناهج البنات.
أما فيما يتعلق بنظرته التقييمية لهذه المقررات فيقول الزايد:
لقد أدركت وزارة التربية والتعليم أهمية تطوير المناهج ويعتبر خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح، ولقد مر تطوير مناهج التربية الإسلامية بكثير من المراحل الإيجابية والتي ظهر أثرها من خلال ظهور بعض المناهج الجديدة في فحواها وإضافة بعض الموضوعات المناسبة للمناهج القديمة بما يتناسب من وجهة نظري مع الحاجة في التطوير في بعض الكتب.
الطبعات الحديثة لكتب الدين
وعن السلبيات التي تلافتها المناهج الحالية أضاف عبد الله الزايد (مشرف التربية الإسلامية) قائلاً: من أبرز السلبيات التي تلافتها الطبعات الحديثة حشو المعلومات في بعض المناهج القديمة وكثرتها فقد تم تنظيم المعلومات وترتيبها، ولكن لم يتم التنسيق بينها وبين عدد الحصص، فالمناهج تغيّرت والحصص ما زالت على وضعها القديم مما قد يؤدي أحياناً إلى عدم قدرة المعلم على التوفيق بين حصصه وبين المنهج الذي لديه.
من السلبيات التي تلافتها ما يتعلق بالكتاب المدرسي وذلك من خلال إخراج الكتاب بطريقة جيدة، فضلاً عن عنصر التشويق، إضافة إلى كثرة الأنشطة والتدريبات والصور وأساليب التدريس الحديثة التي ساعدت المعلم على الاستفادة من الكتب. والتنوّع في إستراتيجيات التدريس (التصنيف، المقارنة، الاستعارات والتناظرات). وإضافة الأسئلة التي تخدم مستويات المعرفة. ولكن من أبرز السلبيات التي ما زالت في المناهج: أن يدرس الذكور ما يدرس الإناث والعكس صحيح فهذا لا يخدم ما نسعى إليه من تلبية حاجات المتعلمين في كافة المراحل ولا يحقق الفائدة المرجوة من المنهج.
مثال: تدريس البنات لمسائل الديات والقصاص وجزئيات دقيقة خاصة بالقضاء ومثلها كثير...
نقلة نوعية لكتب مادة المكتبة
أما مشرف مادة المكتبة والبحث الأستاذ محمد بن عبد اللطيف البحر (الإدارة العامة للمناهج بوزارة التربية والتعليم) فتحدث عن كتيب المادة الجديدة وقال:
الكتب الحالية بشهادة المشرفين والمعلمين أحدثت نقلة نوعية للمادة لما احتوته من مفردات حديثة معاصرة تم معالجتها بصورة جيدة سواء في معلوماتها أو وسائلها أو إخراجها مع إننا في وحدة المكتبة والبحث نجزم أن الكتب الدراسية تحتاج إلى التطوير بشكل مستمر، ولا يمكن الوقوف عند حد معين.
أما السلبيات التي تلافتها الكتب الحالية فهي كثيرة ولله الحمد بدءاً من الاختيار الموفق لأعضاء لجنة التأليف، مروراً بتطبيق أسلوب التقويم القبلي للكتب في بعض الإدارات التعليمية عن طريق إقامة ورش عمل قبل طباعة تلك الكتب وتعميمها، والآن نحن بصدد الاستفادة من ملاحظات الميدان بعد أن تم عقد ورش عمل تقويمية بعدية (أي بعد تطبيق الكتب في الميدان).
تغيير أم تطوير؟
* هل تحتاج مناهجنا إلى تغيير أم إلى تطوير؟
تم إلقاء هذا السؤال على المختصين فجاءت إجاباتهم كالتالي:
الدكتور عثمان البريكان قال:
لسنا بحاجة إلى تغيير إنما نحن بحاجة إلى تطوير لأن التغيير لا يكون على أساس تقويمي (سلبيات إيجابيات) وهذا يفتقد للمنظار العلمي والمنهجية ولا بد من بناء القرارات على أساس تطويري وليس تغييري وهذا واضح لكثير من أفراد المجتمع.
من جانبه قال ماجد أبا حسين:
اللغة لا يمكن تعلّمها أو إتقانها فقط من خلال الفصل، بل يحتاج الطالب إلى استعدادات عالية وهمة وكذلك إلى ممارسة خارج المدرسة وهوما يقلّل من كون اللغة لدينا لغة أجنبية وليست لغة ثانية.
وفي مجال تعلم اللغة الإنجليزية ما زلنا رغم هذه السنوات من التجربة في البداية فنحن لا نقول ما ينقص الكتب ولا نعزو عملية الضعف للمناهج، بل لجميع عناصر المنظومة، الطالب، المعلم، البيئة والمناهج. بالنسبة لكتب المدرسة تحتاج إلى معرفة واقع طلابنا وحاجاتهم وحاجة المجتمع وتبدأ من الصغر في معالجة ذلك، وذلك بمواضيع سهلة جذابة وممتعة ومن ثم ترتقي في المستوى من السهل إلى الصعب حتى يصل الطالب إلى نهاية الثانوية وهو على مستوى عال من التمكّن.
وتدريس اللغة الإنجليزية في الابتدائي تحتاج لأن تكون من المراحل الأولى وتكثف حصصها وتركّز على الجانب التطبيقي في مهارة الاستماع والتحدث في البداية من بعد ذلك القراءة والكتابة ونحتاج للتواصل مع الدول التي سبقتنا في ذلك.
الأستاذ عبد الله الزايد تحدث عن حاجة كتب التربية الإسلامية فقال:
تحتاج إلى التجديد في الصياغه بحيث تضاف إستراتيجيات حديثه عند صناعه المنهج وعلينا مراعاه عدة جوانب مثل تصحيح الأخطاء ليست العقائدية بالطبع، بل الإملائية والمطبعية. وتوزيع مادتها العلمية مراعية حاجة الطلاب والطالبات, المرحلة الدراسية, مناسبتها للجنس الذي وضعت له, معرفة ما يشترك وما لا يشترك فيه الطلبه والطالبات من معلومات, أخذ آراء الطلبة والطالبات وأولياء الأمور, والخبراء لتقديم ما لديهم من اقتراحات لأن ذلك سوف يحدد احتياجاتهم...)
ولا بد عند تطوير المناهج وخاصة مناهج التربية الإسلامية أن نضع في عين الاعتبار أن الثوابت باقية والأسس مستمرة ولكن ما نريده التطوير بالمعنى الأشمل وترتيب الحاجات وفق منهج الشريعة الذي في أصله راعى الاحتياجات والأوليات.
استبدال مقرر الإنجليزية
الأستاذ ناصر الشايع يرى أنه يجب الاهتمام بالكيف بحيث يوفر موضوعات لغوية تحقق الاحتياجات اللغوية الفعلية، وتنتج مخرجات قوية، تركز على التطبيق الفاعل بشكل كاف، بعيدة عن الحشو الزائد والإطالة غير المبررة، تراعي بيئة وثقافة الطالب، مع توفير الوسائل المناسبة والحديثة، وتحقيق المتطلبات اللغوية الفعلية، وتخصيص جزء كاف ومكثف للممارسة والتطبيق، وبناء المقررات على شكل مواقف حياتية، واحتياجات واقعية.
ولا أرى فيما تقدمه كتب المرحلة المتوسطة والثانوية ما يمكن أن يوصف بأنه يعلّم اللغة الإنجليزية بطريقة فاعلة وخصوصاً المرحلة المتوسطة. والتي ذكرت آنفاً شيئاً عنها، فعلى الرغم من الكم الهائل من المعلومات والمفردات والتطبيقات، إلا أنه نفذت بشكل أثر تأثيراً بالغاً على المخرجات الحقيقية للمتعلمين. وجعلت المعلمين يلهثون ويبذلون المستحيل كي يغطوا موضوعات المقرر، وكل ذلك على حساب التحصيل الفعلي.
وهذا يبيِّن لنا أن تأليف هذه الكتب لم يمر بالخطوات المعروفة لتأليف المنهج والتي منها: دراسة حاجات الفرد والمجتمع والاستفادة من سياسة التعليم، ومراعاة الخصائص العمرية والعلمية للمتلقي، وغير ذلك.
تجربة المقررات قبل اعتمادها
وأردف قائلاً: ثم إن هذه المقررات - وحسب علمي - لم تجرب ميدانياً قبل إقرارها، بل عممت للميدان بشكل مفاجئ. أضف إلى ذلك أن المسؤولين عن هذه المقررات يتجاهلون وبشكل كامل الشكوى العامة من هذه المقررات. وأنا وعبر جريدة الجزيرة أناشد معالي وزير التربية والتعليم سرعة النظر في هذه المقررات والسعي إلى استبدالها أو تطويرها وإن كنت لا أرى فائدة من التطوير، وذلك رأفة بطلابنا ومعلمينا، ومن أجل أن يتحقق الهدف من تدريس هذه المادة.
ويضيف الأستاذ الشايع قائلاً:
ومن وجهة نظري أرى أن مقرر اللغة الإنجليزية للصف السادس هو الأفضل من حيث التسلسل المنطقي للمحتوى، والتنوع المدروس للموضوعات، ومناسبته للمرحلة العمرية للفئة المقدم لهم، أما المحتوى من حيث الكم فلا بأس به، مع أنني أرى حذف بعض الموضوعات ليتناسب مع عدد الحصص الأسبوعية، وليعطي المعلم والطالب مساحة أكبر للممارسة والتطبيق.
ولا بد أن أشير إلى أن هناك فجوة كبيرة جداً بين مقرر الصف السادس والصف الأول متوسط، وهذا راجع برأيي إلى عدم التنسيق بين لجان التأليف.
أما الإخراج النهائي للكتاب فأرى أنه جيد من حيث وضوح الخط، وجودة الصور ومناسبتها للموضوعات، وترتيب وتدرج المحتوى.
ثم لا بد أن أشير إلى أن لجنة التأليف لهذا الكتاب تضم نخبة فاضلة من التربويين الذين جمعوا بين المعرفة النظرية والخبرة الميدانية السابقة، وأرى أنه لو استمرت لجنة تأليف الصف السادس في تأليف كتب المرحلة المتوسطة لتحسن الوضع كثيراً.
آراء الميدان التربوي
الدكتور راشد العبد الكريم (أستاذ المناهج بجامعة الملك سعود) تحدث عن دور أولياء الأمور والميدان التربوي في خدمة المناهج بناءً وتقويماً وتطويراً فقال:
للوزارة جهود كبيرة في رصد آراء أولياء الأمور، لكن شرائح المجتمع مختلفة ومصالحها الخاصة قد يصعب تحقيقها في وقت واحد، فكل طبقة في المجتمع تريد ما يخدمها فالحوار مطلب، والأمن الوطني مطلب والأمن المروري مطلب والتربية الإعلامية مطلب وكل جهة تريد من المناهج خدمتها، وقد يكون هذا من حقهم ولكن تحقيق ذلك يحتاج إلى وقت وجهد.
وكتبنا ليست بالسوء الذي يحاول أن يصوره بعض المتشائمين أو ممن تنقصهم النظرة الشمولية، هي ليست بمستوى الطموح لكن هذا لا يعني أنها سيئة أو أنها فشلت في تخريج طلاب وطالبات بمستويات متميزة، وما يحدث من إخفاقات لا تتحمله المناهج فقط، بل هناك عوامل كثيرة تسهم فيها.
مشرف مادة المكتبة والبحث الأستاذ محمد بن عبد اللطيف البحر (الإدارة العامة للمناهج بوزارة التربية والتعليم) أكّد أهمية آراء الميدان التربوي فقال:
للميدان التربوي دور فعَّال في المشاركة أثناء تأليف كتب المكتبة والبحث وذلك عن طريق الاستفادة من ملاحظاتهم خلال إقامة ورش عمل التقويم القبلي، وكذلك تزويدنا بشكل مستمر بالملاحظات من خلال القنوات الرسمية. وقد خاضت وحدة المكتبة والبحث تجربة لعقد لتقويم كتب المادة بعد تطبيقها وذلك قبل أشهر بسيطة شارك بها المعلمين والمشرفين وهذا هو المعمول به والدارج في الورش التربوية، إلا أننا في هذه المرة أردنا مشاركة الطلاب وأولياء الأمور في تلك الورش، وقد أثمرت تلك التجربة مع الطلاب بشكل لم نكن نتوقعه من حيث المناقشة والحوار وإبداء الملاحظات وتقديم بعض المقترحات أما التجربة مع أولياء الأمور فلم تفلح، ولعل هناك أسباب يجدر مناقشتها حتى يتم تلافيها في المستقبل.
ضرورة الاقتراحات والآراء
وأضاف الأستاذ البحر قائلاً: المقررات الدراسية متجددة باستمرار وهذه طبيعتها لذا فإن وحدة المكتبة والبحث تسعى جاهدة إلى التطوير المتتابع للاستفادة من التغذية الراجعة التي ترد إلى الوحدة ولا يمكن أن تتطور الكتب الدراسية في جميع الوحدات العلمية إلا بواسطة الميدان بشكل أساسي وأولي.
هذه الدعوة أوجهها للجميع في المشاركة في إبداء الاقتراحات المفيدة والملاحظات الهادفة التي تسهم في تطوير مقرراتنا إلى الأفضل، فوحدة المكتبة والبحث في الإدارة العامة للمناهج وجميع الوحدات الأخرى يسرها التواصل واستقبال تلك المشاركات.
وعن هذه الفكرة أضاف الأستاذ عبد الله الزايد مجيباً:
نعم ساهمت أما في الماضي فلا، فقد كانت ترفع الملحوظات والمقترحات للإدارة العامة وللإشراف التربوي في الوزارة ثم تقف هنا؟!
أما دور الإعلام والأكاديميين في تقييم مناهج التربية الإسلامية فأضاف قائلاً: للأسف دور مجحف وليس له صله بواقع هذه المناهج وينظر من زاوية واحده, زاوية تلقي باللوم على هذه المناهج في وجود أي خلل بسلوك الطلبة والطالبات وعزو ذلك إلى مناهج التربية الإسلامية وتأثيرها مع أنها في المقابل خرجت علماء ودعاة ورجالات هذه الدولة.
أدوار متكاملة
الدكتور عثمان البريكان أستاذ المناهج في جامعة الملك سعود ورئيس مركز الدورات التربوية في كلية التربية ختم بذكر مقترحاته لتطوير المناهج فقال:
الكتاب المدرسي له مواصفات وخصائص ومعايير تستطيع من خلالها الوصول به إلى الجودة المطلوبة معلومات ومعارف الكتاب بل هو أداة وترجمة للمقررات وهو من أدوات المنهج المدرسي ولا بد من وجود كتاب يجعل الطالب محباً له والمعلم منفذ للعلوم فيه، ولكي يكون مجال لاستخدام التقنيات الحديثة بأنشطته المختلفة من أهم الأشياء.
كذلك التقويم المستمر للكتب وصلاحيتها للواقع والمستقبل. وهناك معايير واضحة للكتب المدرسية ينبغي الرجوع لها خلال تأليف هذه الكتب لكي تتفق مع خصائص وحاجات المتعلمين وآراء المختصين في التربية والتعليم.
وآلية تنظيم المقررات لا بد أن تبنى على أسس تقويمية وما هي الأهداف من العملية التعليمية وهناك علاقة بين أهداف التعليم وبين تنظيم المقررات هل نضعها في مواد دراسية متصلة أو منفصلة هل نضعها وفق المنهج المحوري أو النشاط؟
لا بد أن تكون هذه الأمور واضحة لبناء المنهج، وصانع المنهج لا بد أن يكون على دراية في عمل المناهج، ونؤكّد على أن التربية بحاجة إلى أساليب تطوير وليس تغيير، فالتربية تحتاج إلى تطوير ونحن نشعر بوجود نتائج سلبية للخلط بين التغيير والتطوير وهناك قرارات من قبل الوزارة جاءت على شكل تغيير وليس تطوير مثل تدريس اللغة الإنجليزية في الابتدائي واختبار واحد في الفصل.
أما الجامعات فلا شك أن التنسيق والتكامل بين المنظرين والخبراء في الجامعات وبين العاملين في الميدان (القيادات التربوية) مهم جداً، فالمحصلة النهائية سوف تنعكس على مخرجات التعليم وأداء المعلم والتلميذ، ومراكز البحوث في الجامعات (كليات التربية والمعلمين) مطالبة بالتصدي لكثير من القضايا وهموم التربية والتعليم عن طريق الدراسات والبحوث العلمية، كما أيضاً من خلال الدورات التدريبية والتطويرية إضافة إلى الوسائل الأخرى التي تستطيع الجامعات عن طريق أعضاء هيئة تدريسها المساهمة في حل كثير من مشاكل التربية والتعليم.
http://www.al-jazirah.com/416475/th1d.htm

ذكرى البيعة @thkr_albyaa
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
للاسف هم لسا يجررررررررربون علينا