همسات الشوق2 @hmsat_alshok2
عضوة فعالة
اخلاق الرسول مع اعدائه
الحمد لله رب العالمين، لا إله إلا هو رب الأولين والآخرين، وقيوم السموات والأرضين، ومالك يوم الدين، عز كل ذليل، وقوة كل ضعيف، وغوث كل ملهوف، وناصر كل مظلوم.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، بيده ملكوت كل شيء، وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين، واجعلنا من الذين عزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أُنزل معه، أولئك هم المفلحون.
أما بعد..
فإن نبينا صلى الله عليه وسلم كان بشرًا صاغته يد العناية الإلهية صياغة خاصة، لم يكن بشرًا عاديًا، لكنه بشر اصطنعه الله لنفسه، وصنعه على عينه، رباه فأكمل تربيته، وأدبه فأحسن تأديبه، وأودع فيه من حميد الخصال والخلال، ما يجعله مميزًا عن سائر الخلق، وامتن عليه بحبه حتى جعله الشافع المشفع، الذي ينصرف الناس من الحشر على قدميه، لا ينصرف الناس من أرض المحشر إلا بشفاعته العظمى صلى الله عليه وسلم، فهو أول شافع وأول مشفع، وهو سيد ولد آدم ولا فخر..
أرسل الله هذا النبي الكريم رحمة للعالمين، ليس رحمة لجنس دون جنس، ولا لخلق دون خلق، ولكن جعله رحمة عامة لسائر الخلق أجمعين، ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (31) قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)﴾ (الأنفال)، وإن من عقوق البشرية لهذه النعمة أن يُساء إلى هذا النبي الكريم، أن يعاب!! هذه الرحمة المهداة؟!، وسنحيا مع جانب من جوانب عظمته لنرى أيستحق مثل هذا النبي صلى الله عليه وسلم أن يعاب ويسب؟!!.
الجانب الذي سنعيش معه هو تعامله صلى الله عليه وسلم مع أعدائه الذين آذوه، فربما إذا تكلمنا عن سماحته مع المؤمنين أو مع المسلمين قيل: هذا أمر طبيعي، أن يتسامح مع المؤمنين به، لكننا نتناول جانبًا يعز أن تجد بشرًا تمتع فيه بمثل ما تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أنه ولد يتيمًا، إلا أن الله سلَّمه من عُقد اليتم، فلم يخرج حاقدًا ولا حاسدًا، ولم ينظر إلى المجتمع نظرة سوداوية كما يقولون، إنما بدأت حياته الكريمة- صلى الله عليه وسلم- بشق الصدر واستخراج حظ الشيطان منه؛ فبقي القلب لا حظ فيه إلا للرحمن جل وعلا، لا يعرف الأذى، ولا يسعى فيه، ولا يعرف الحقد، ولا يأكل قلبه الغيظ.
في سيرته الشريفة صلى الله عليه وسلم، يؤذى ويُخرج من مكة، ويذهب إلى الطائف، ويؤذيه أهل الطائف، ويسلطوا عليه السفهاء والغلمان، يرمونه بالحجارة حتى يسيل الدم من أقدامه- صلى الله عليه وسلم-، ثم يجلس في ظل حائط (بستان)، ويرفع يديه إلى الله رب العالمين، لا يرفعها طلبًا لإهلاك القوم، ولا انتقامًا من الظالمين، إنما يرفع يديه بالشكوى وطلب المغفرة، يقول: "اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أنت أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أم إلى قريب ملكته أمري؟ إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي"، وفي هذه اللحظة، وهو مطَارَد، لم يدخل مكة، وقد طُرد من الطائف، ينزل ملك الجبال مع جبريل عليه السلام، ويقول ملك الجبال: يا محمد، إن الله قد أرسلني إليك، فمرني بما شئت، إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين (أي أَحمل الجبلين فأطبق على البلدة الجبلين فيموت الجميع انتقامًا لك)، هنا نرى أن مصير أعدائه يتحدد في كلمة تخرج من بين شفتيه، وفي وقت كان قلبُه صلى الله عليه وسلم يشكو من الضعف والهوان، ولكنه قال: "كلا، بل أدعو الله أن يُخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يُشرك به شيئا"، (1) أي قلب هذا؟!! أمثل هذا القلب الكبير، يستحق من البشرية أن تُسيء إليه؟!!.
ثم يمضي صلى الله عليه وسلم ويذهب إلى المدينة، ويتعرض لألوان من الأذى لا حصرَ لها، يحاول اليهود اغتياله، ولكنه مع ذلك لا يتغير قلبه.
في غزوة أحد، ضربه أحد المشركين واسمه عبد الله بن قمئة- أقمأه الله- وأصابه المشركون حتى شجُّوا وجهه، وكسروا أسنانه، وسال الدم الشريف على الوجه الشريف، وحفروا له حفرة وقع فيها، فقام يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون (2) صلى الله عليك يا رسول الله.
في المعركة، وساعة الأذى، والدم لا يزال يسيل، ولكن لسانه لا ينطق إلا بالدعاء بالهداية!!، أيحل لصاحب هذا القلب الكبير أن يُسيء إليه الناس؟!!
وفي المدينة، يتآمر عليه رأس النفاق، عبد الله بن أبيّ بن سلول، يدخل النبي صلى الله عليه وسلم يومًا إلى مجلس من الأنصار وفيهم عبد الله بن أبي بن سلول قبل أن يعلن إسلامه، وقد ركب النبي صلى الله عليه وسلم دابة، فإذا بعبد الله بن أُبي يضع يده على أنفه، ويقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يا محمد اخرج عنّا فقد آذانا نتن حمارك!! فيرد أحد المسلمين الحاضرين من قومه- من الأنصار- وهو أسيد بن الحضير رضي الله عنه ويقول: والله يا عدو الله لريح حمار رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيب من ريحك، بل اغشنا يا رسول الله في مجالسنا (أي ادخل علينا واجلس معنا)، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ ويدعوهم إلى الله، فقام عبد الله بن أبيّ، وقال: يا هذا، أنا لا أُحسن مما تقول شيئًا، لكن اجلس في بيتك، فمن أراد أن يُؤمن بك فاتلُ عليه، ولا تغشنا في مجالسنا، وقام المسلمون الصادقون ليردوا على هذا المنافق الأثيم، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يرفض ويقول: بل أُحسن إليه ما دام فينا (3).
ثم يتآمر هذا المنافق- وقد أسلم- ويرمي السيدة عائشة بالإفك، يرميها بالزنا، ويظل الوحي شهرًا، ولا يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا يقول؟! رسول الله صلى الله عليه وسلم في ألم، وعبد الله بن أبيّ يدور بين الناس بهذه الشائعة الأثيمة، ثم ينزل الوحي مبينًا أنه كذّاب أثيم، ويقول ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنْ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11)﴾ (النور)، ومع ذلك يصفح عنه النبي صلى الله عليه وسلم!!(4).
ومرة ثالثة يقول هذا المنافق لأصحابه: لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرجن الأعز منها الأذل، ويدّعي أنه سيُخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة، ويعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويأتي ابنه عبد الله، وكان مسلمًا صادق الإسلام، ويقول: يا رسول الله! إن كنت آمرًا أحدًا أن يقتل أبي فمرني بقتله، قال: لا يا عبد الله، بل نحسن صحبته ما دام فينا، ويرجع ابنه عبد الله فيقول له: والله لا تدخل المدينة حتى تقول: أنا الأذل ورسول الله الأعز!!(5).
ويظل عبد الله بن سلول طوال حياته يتآمر على رسول الله، إلى أن جاءه الموت، وانظر هنا كيف يتعامل القلب الكبير لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع أعدائه؟!.
جاء الموت إلى عبد الله بن أبي بن سلول، فقال لابنه عبد الله: يا بنيّ! إذا مِتّ، فاطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكفّنني في ثيابه، واطلب منه أن يصلّي عليّ، وجاء عبد الله بن عبد الله، يقول: يا رسول الله! إن أبي أوصاني أن يُكفن في ثيابك وأن تُصلي عليه، هذا الذي قاد حملة الإفك والشائعات على رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا الذي نزل القرآن يُعلن أن له عذابًا عظيمًا، يطلب أن يُكفّن في ثياب رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فيخلع النبي صلى الله عليه وسلم ثيابه، ويقول: "كفنه فيها إن كانت تنفعه"، ثم يخرج للصلاة عليه، فيُمسك سيدنا عمر بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: يا رسول الله، أتصلّي على هذا المنافق؟!! لقد فعل وفعل وفعل، قال: دعني يا عمر لقد خيرني الله عز وجل فقال: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (80)﴾ (التوبة)، والله لو علمت أني لو زدت على السبعين غُفر لهم؛ لاستغفرت لهم!!!.
هذا القلب، أيستحق أن يُسبّ؟، هذا القلب، أيستحق أن يُعاب؟!!
ويصلي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على عبد الله بن أبي بن سلول، حتى ينزل القرآن الكريم موافقًا لرأي عمر، ويقول الحق جل وعلا: ﴿وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾ (التوبة: من الآية 84) (6).
هذا الحبيب صلى الله عليه وسلم، وهو في عز سلطانه، يأتيه أعرابي جافٍ ويقول: يا محمد أدّ إليّ ديني فإنكم يا بني عبد المطلب قوم مطل (أي مماطلون تأكلون الحقوق)،- يقول هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه الأقربين المحبين!! فيهُمُّ الناس به، ويهم به عمر، فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يا عمر، كنت أنا وهو أولى بغير ذلك منك، أن تأمرني بحسن الأداء، وأن تأمره بحسن التقاضي، ثم قال: "أدّ إليه بعيره وزدْه بعيرًا آخر لقاء ما روّعتَه"- أي أِعطِ له حقه، وزد عليه مثله؛ لأنك خوفته-!!
أعرابيّ آخر، أَنَّ رَجُلاً تَقَاضَى رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-، فَأَغْلَظَ لَهُ، فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ: "دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً وَاشْتَرُوا لَهُ بَعِيرًا فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ"، وَقَالُوا: لا نَجِدُ إِلاَّ أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ. قَالَ: "اشْتَرُوهُ فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ فَإِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً"(7)، هذا الأعرابي وهو يطلب دينه، يطلبه بطريقة لا اعتبار فيها بالرسالة، ولا اعتبار فيها للسن، ولا اعتبار فيها لرسول الله، إنما القلب الكبير لرسول الله صلى الله عليه وسلم يرد الحق لأصحابه.
لما مكنه الله جل وعلا من رقاب المشركين بعد أن فتح عليه مكة، ولك أن تتخيل واحدًا وعشرين عامًا من الحرب، من يوم أن بعثه الله (ثلاث عشر في مكة وثماني في المدينة) وهم يحملون عليه السلاح، أخذوا داره التي كانت في مكة، آذوا أصحابه، أخرجوه من البلد التي يحبها، أخرجوه، جمّعوا عليه الجموع، ألّبوا عليه العرب، ومع ذلك لما نصره الله عز وجل عليهم، ووقفوا جميعًا بين يديه ومصيرهم في حروف تخرج من بين شفتيه، ولو أمر بتلك الرقاب أن يُطاح بها، ما لامه أحد، ولا عابه أحد، لكن صاحب القلب الكبير صلى الله عليه وسلم يقول: "ما تظنون أني فاعل بكم؟!"، قالوا: خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم، قال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء".(8) صلى الله عليك يا رسول الله.
بل أكثر من هذا، بعد شهور من فتح مكة وإطلاق هؤلاء المشركين، أسلموا، وخرجوا معه في غزوة حنين، وفتح الله عليه وأعطاه غنائم لا حصر لها، فجعل ينادي على هؤلاء الذين استمرت عداوتهم له عشرين سنة، ولم يسلموا إلا من أيام قليلة، ينادي عليهم ويتوسع في إعطائهم، حتى إنه كان يعطي الرجل الغنم بين جبلين!! هذا مائة بعير، وهذا كذا، وهذا كذا، وترك أصحابه الأوائل الذين آمنوا به وعزروه ونصروه، لدرجة أن بعض الأنصار وَجد في نفسه!! وقالوا: ما هذا؟ نحن الذين حملنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشدة، وقاتلنا معه هؤلاء القوم، ولا تزال سيوفنا تقطر من دمائهم، يعطيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدعنا؟!! يعطيهم ولا يعطينا؟!!.
وسمع النبي صلى الله عليه وسلم بذلك؛ فأمر بالأنصار أن يجتمعوا، فجمعهم، وقال: "يا معشر الأنصار، ما مقالة بلغتني عنكم- أي هناك كلمة وصلني أنكم تقولونها في حقي- فقال زعماؤهم، نعم يا رسول الله! أما ذوو الآراء منّا وذوو العقول فلم يقولوا شيئًا، ولكن شباب حديثة أسنانهم- أي شباب صغير- قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى قريشًا وتركنا، ولا تزال سيوفنا تقطر من دمائهم، فقال: "يا معشر الأنصار، ألم آتكم ضالاًّ فهداكم الله بي؟" قالوا: بلى يا رسول الله! لله ولرسوله المنّ والفضل، قال: "ألم آتكم متفرقين فجمعكم الله بي؟" قالوا: بلى يا رسول الله، لله ولرسوله المن والفضل! ثم قال: "ألا تجيبوني يا معشر الأنصار"، قالوا: وبِمَ نجيبك يا رسول الله؟ قال: تقولون: "آتيتنا طريدًا فآويناك، وآتيتنا مغلوبًا فنصرناك، وآتيتنا فقيرًا فأعطيناك"، قالوا: يا رسول الله، لله ولرسوله المن والفضل، قال: "لو شئتم لقلتم فصدقتم وصُدِّقتم، ولكن يا معشر الأنصار، أوجدتم في أنفسكم على لعاعة من الدنيا تألفت بها قومًا ليُسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم؟!! يا معشر الأنصار: أما ترضون أن يرجع الناس بالشاء والبعير، وترجعوا أنتم برسول الله إلى رحالكم- أي يأخذ غيركم الدنيا، وأنتم تأخذون رسول الله- أما والله لولا الهجرة لكنتُ امرءًا من الأنصار، والله لو سلك الناس شِعبًا وسلك الأنصار شِعبا لسلكتُ شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار"، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم والأنصار يبكون ويقولون: رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم حظًا وقسمًا..(9).
هؤلاء الذين حاربوه، بعد شهرين من إسلامهم يعطيهم هذا العطاء الذي لا حد له..
وهذا صفوان بن أمية- رضي الله عنه-، قُتل أبوه في بدر، وامتلأ قلبه حقدًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم (وهو يومئذ على الشرك)، اتفق مع أحد المشركين اسمه عمير بن وهب، وابن عمير هذا كان مأسورًا عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فاتفق معه صفوان على أن يذهب عمير، إلى النبي صلى الله عليه وسلم بزعم أنه يريد أن يفتدي ابنه، ثم يختلي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وفعلاً، أخذ عمير رمحه، وسمّمَ سن الرمح؛ حتى لا تكون هناك فرصة للنجاة، وأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورآه سيدنا عمر والشر في عينيه، وكان عمر محدثًا- أي كان كأنه ينزل عليه الوحي- فأمسك بتلابيب عمير وقال: أي عمير عدوّ الله، ما جاء بك إلا شر، وأخذه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "دعه يا عمر، ما جاء بك يا عمير؟"، قال: جئت أفتدي هذا الأسير الذي بين أيديكم- أي يفتدي ابنه- قال صلى الله عليه وسلم: "اصدقني القول يا عمير"، قال: هو ما أقول يا محمد، قال: "يا عمير، ألم تجلس أنت وصفوان عند حجر الكعبة فقال لك كذا وقلتَ له كذا؟" فقال: والله ما كان معنا أحد!! وما أخبرك إلا الله، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وانقلب هذا العدو مؤمنًا برسول الله صلى الله عليه وسلم..(10).
الشاهد أن صفوان بن أمية ظلَّ على حقده وعلى غيظه يجمع الجموع ويحارب، حتى لما فتح الله مكة، وجاء وجهاء مكة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه، كان الذي في قلب صفوان أعظم من أن يعتذر لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- فترك مكة وخرج منها فارًّا بنفسه لا يريد أن يلقى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، إلى هذا الحد امتلأ قلبه حقدًا على الرسول صلى الله عليه وسلم، وجاءت امرأة صفوان فاستأمنت له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت له: يا رسول الله، أطلب منك الأمان لصفوان، قال: "هو آمن"، فذهبت إليه، وكان قد ركب البحرَ مهاجرًا، فنادته فجاء، وظل صفوان في مكة على كفره، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى غزوة حنين، وكان يحتاج إلى أسلحة (سيوف ودروع وسهام..) وصفوان عنده منها الكثير، فقال: "يا صفوان، أعرني بعض أسلحتك"، قال: أعارية مستردة؟ أم غصب؟، قال: "بل عارية مستردة"- وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه الأمان-، ورجع النبي صلى الله عليه وسلم منتصرًا، ورد إلى صفوان أسلحته، فنظر صفوان ورأى غنمًا بين جبلين- أي واديًا مليئًا بالأغنام- ونظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى صفوان ورأى في عينيه أنه يحب أنه لو كان له هذا المال، فقال: "يا صفوان، أتحب أن يكون هذا لك"، قال: نعم، قال: "هو لك"، ثم جعل يُعطيه، ويعطيه، ويعطيه، حتى تغيّر هذا القلب الذي أكله الحقد إلى الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول صفوان: فما زال يعطيني حتى إنه صار أحب إليّ من نفسي.
هذا القلب الكبير، أيستحق أن تعُقه البشرية وأن تسيء إليه؟!!
ولو ذهبنا نستقصي أحواله صلى الله عليه وسلم لطال بنا المقام، لكني أردت أن نقف على شيء من هذا المعدن الذي لن يتكرر في التاريخ، ومع ذلك فقد كان يغضب كطبيعة البشر، ربما تشتد الأحوال عليه مرة فيغضب، ربما في بعض الأحيان يستفزه بعض الناس لدرجة الغضب فيكظم غيظه، لكن اسمع إلى صاحب القلب الكبير- صلى الله عليه وسلم-، هذا الصبور الحليم الرفيق صلى الله عليه وسلم، لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ أُنَاسًا في الْقِسْمَةِ، فَأَعْطَى الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَعْطَى أُنَاسًا مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ، فَآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْقِسْمَةِ. قَالَ رَجُلٌ وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ مَا عُدِلَ فِيهَا، وَمَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ. فقال أحد الصحابة: وَاللَّهِ لأُخْبِرَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم، وأسرع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله، إن فلانًا يقول: والله إن هذه لقسمة ما أُريد بها وجه الله، فقال صلى الله عليه وسلم: "فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى قَدْ أُوذِىَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ" (11)، ثم كظم غيظه صلى الله عليه وسلم.
فقال أحد الصحابة: والله إن هذه لقسمة ما أُريد بها وجه الله، فقال أحد الحاضرين: والله لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يرحم الله أخي موسى، لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر، ويحك ومن يعدل إن لم أعدل"؟!!
وما أكثر ما تعرض لأسباب الاستفزاز، فإذا ما غلبه الغضب؛ رَفَعَ يديه إلى الله وقال: "اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا" (12)، ولذلك عندما قال عن بعض الصحابة: اللهم لا تشبع بطنه، قال العلماء: إن هذه منقبة لهذا الصحابي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا"، أبعد هذا شيء؟!!
هذا النبي العظيم على سعة صدره، وكثرة عطائه، وحب الناس له، يدعو الناس إلى أن يأخذوا حقوقهم منه، فيقف على المنبر ويقول: "أيها الناس، إنه قد دنى مني حقوق من بين أظهركم، فمن كنت جلدت له ظهرًا فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضًا فهذا عرضي فليستقد منه، ومن كنت أخذت له مالاً، فهذا مالي فليستقد منه ولا يقولن رجل: إني أخشى الشحناء من قبل رسول الله، ألا وإن الشحناء ليست من طبيعتي، ولا من شأني، ألا وإن أحبكم إلي من أخذ حقًّا إن كان، أو حللني فلقيت الله وأنا طيب النفس، ألا وإني لا أرى ذلك بمغن عني حتى أقوم فيكم مرارًا" (13)، ويتجرأ أحد الصحابة ويقول: بلى يا رسول الله! ضربتني يومًا فأوجعتني، قال: "تقدم فاستقد"، قال: يا رسول الله ضربتني وأنا عارٍ، فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن بطنه الشريفة، وقال: "تقدم فاستقد"، فتقدم الصحابي وجعل يمرّغ وجهه في بطن رسول الله صلى الله عليه وسلم!!.
وكان في غزوة من الغزوات، ومر أحد الصحابة، فوقعت رجل الصحابي على رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوجعته، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم على رجل هذا الصحابي الجليل وقال: "بِسْمِ اللَّهِ أَوْجَعْتَنِى". يقول هذا الصحابي: فَبِتُّ لِنَفْسِى لاَئِمًا أَقُولُ أَوْجَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَبِتُّ بِلَيْلَةٍ كَمَا يَعْلَمُ اللَّهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا رَجُلٌ يَقُولُ: أَيْنَ فُلاَنٌ؟ قَالَ قُلْتُ: هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي كَانَ مِنِّي بِالأَمْسِ- قَالَ- فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مُتَخَوِّفٌ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّكَ وَطِئْتَ بِنَعْلِكَ عَلَى رِجْلِي بِالأَمْسِ فَأَوْجَعْتَنِي، فَنَفَحْتُكَ نَفْحَةً بِالسَّوْطِ، فَهَذِهِ ثَمَانُونَ نَعْجَةً فَخُذْهَا بِهَا"(14).
صلى الله عليك يا سيدي يا رسول الله! مثل هذا القلب أيها الأحباب، يُساء إليه؟!! يُعاب؟!!، هذه الرحمة المهداة؟!!، هذا النور؟!!، وإذا أُسيء إليه، أيحل للمسلمين الذين أحبوه وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أُنزل معه، أن يسكتوا على هذه الإساءة؟!!
إن سيدنا خبيب بن عديّ رضي الله عنه لما أخذه المشركون ليصلبوه، سأله أحدهم: يا خبيب، أتحب أن محمدًا مكانك؟ قال: لا والله العظيم ما أحب أن يفديني بشوكة يشاكها في قدميه! (15).
أحد المشركين جاء يفاوض النبي صلى الله عليه وسلم مع صحابته في صلح الحديبية، رجع إلى قريش يصف لهم حال النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أَيْ قَوْمِ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ وَكِسْرَى وَالنَّجَاشِيِّ، وَاللَّهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا، وَاللَّهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلاَّ وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ (16)..
هذا نبينا العظيم، الكريم، صلى الله عليه وسلم، رأينا كيف يتعامل مع الذين آذوه، مع الذين عادوه، مع الذين أساؤوا إليه، وإذا كان هذا تعامله مع المسيئين إليه، فكيف يكون تعامله مع المؤمنين به؟!!
إن من عقوق البشرية لربها، وإن من إنكارها لفضل الله تبارك وتعالى، أن تسيء إلى هذا النبي الكريم، أو أن تسب هذا الرسول العظيم، هذا الإنسان الذي لم يعرف قلبه الحقد يومًا من الأيام، هذا الإنسان الذي طلب الهداية لأعدائه، ولم يسأل ربه يومًا أن يُنزل العذاب على أحد، وحين كان يُساء إليه لا يُفحش، ويخبرنا أن الفحش والتفاحش ليسا من الإسلام وأن الله يبغض الفحش والتفاحش، ولا يحب البذاءة، مع كل الأذى، ومع ما قيل فيه، لم يتفوه بكلمة بذيئة، ولا بكلمة فاحشة، هجاه الذين هجوه، وسبه الذين سبُّوه، فما رد السب بسب، ولا الشتم بشتم، أبدًا، حتى الذين واجهوه بالسوء في وجهه- اليهود عليهم لعنة الله- فقد ورد أَنَّ عَائِشَةَ- رضى الله عنها- قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ- والسام يعني الموت واللعنة-، تقول السيدة عائشة: فَفَهِمْتُهَا، فَقُلْتُ: عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَهْلاً يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ في الأَمْرِ كُلِّهِ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَقَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ" (17)، صلى الله عليك يا رسول الله! ألم يكن بإمكانه أن "يقبض عليهم" وأن يُذيقهم مرّ العذاب؟!! ولكنه صاحب قلب كبير، حتى الردّ لا يسيء فيه..
هجاه بعض المشركين، فدعا بعض الشعراء من أصحابه ليردُّوا عليهم، ولم يُعجبه الرد إلى أن جاء حسّان بن ثابت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَعْجَلْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا حَتَّى يُلَخِّصَ لَكَ نَسَبِي"، فَأَتَاهُ حَسَّانُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ لَخَّصَ لِي نَسَبَكَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنْ الْعَجِينِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِحَسَّانَ: "إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ" وَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى"(18) قَالَ حَسَّانُ:
هجوتَ محمدًا فأجبتُ عنه وعند الله في ذاك الجزاء
هجوت محمدا برًّا تقيًّا رسول الله شيمته الوفاء
أتهجوه ولست له بكفء؟! فشركما لخيركما الفداء
فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء
وظلَّ حسان بن ثابت يرد عليه، ويشتمه ولا يصيب رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.
هكذا كان الحبيب صلى الله عليه وسلم، وهذه هي الصورة التي يجب أن يفهمها الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيجب أن يعرفوا من هو هذا النبي العظيم الذي جعله الله رحمة للعالمين، ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)﴾ (الأنبياء)، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ (الشعراء: من الآية 227)..
---------
الحواشي:
(1) أخرجه الطبراني في الكبير، وفيه ابن إسحاق وهو مدلس ثقة، وبقية رجاله ثقات (مجمع الزوائد 6/35)- وهو من مراسيل الصحابة، فإن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب لم يدرك القصة، إذ قد ولد بالحبشة حين كان أبوه مهاجرًا إليها، وقد روى الحاكم في المستدرك 3/567 عن مسلم بن الحجاج أن عبد اللّه بن جعفر سمع من النبي- صلى الله عليه وسلم-، ومات النبي- صلى الله عليه وسلم- وهو ابن عشر سنين. وعلى كل حال فمراسيل الصحابة مقبولة؛ لأن معظم رواياتهم عن الصحابة، أو عن النبي- صلى الله عليه وسلم-، كما قرر علماء الحديث. وهذا الدعاء أخرجه ابن إسحاق- وعنه أصحاب السير- عن يزيد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي، مرسلاً، وإسناده صحيح، وفيه أن الشجرة كانت شجرة عنب في حائط عتبة وشيبة ابني ربيعة، وفيه كذلك قصة عداس المشهورة والحديث بطريقيه قوي مقبول إن شاء الله.
(2) أخرجه البخاري، في كتاب: الأنبياء، باب: حديث الغار 6/514 (3477)، ومسلم في كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة أحد 3/1417 (1792).
(3) انظر القصة في البخاري، كتاب: الصلح، باب: مَا جَاءَ فِي الإصْلاحِ بَيْنَ النَّاسِ إِذَا تَفَاسَدُوا 5/297 (2691)، ومسلم في كتاب: الجهاد والسير، باب: فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى اللَّهِ وَصَبْرِهِ عَلَى أَذَى الْمُنَافِقِينَ 3/1424 (1799).
(4) انظر هذه القصة في البخاري، كتاب: المغازي، باب: حديث الإفك 7/431 (4141)، ومسلم في كتاب: التوبة، بَاب: فِي حَدِيثِ الإِفْكِ وَقَبُولِ تَوْبَةِ الْقَاذِفِ 4/2129 (2770).
(5) انظر في ذلك، البخاري، كتاب: التفسير، باب: قَوْلُهُ: يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ 8/652 (4907)، ومسلم في كتاب: البر والصلة والآداب، بَاب: نَصْرِ الأَخِ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا 4/1998 (2584).
(6) انظر هذه القصة في البخاري، كتاب: التفسير، باب: قَوْلِهِ: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ 8/337-340 (4672)، ومسلم في كتاب: المناقب، بَاب: مِنْ فَضَائِلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 4/1865 (2400).
(7) أخرجه البخاري، في كتاب: في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس، باب: استقراض الإبل 5/56 (2390)، ومسلم في كتاب: المساقاة، بَاب: مَنْ اسْتَسْلَفَ شَيْئًا فَقَضَى خَيْرًا مِنْهُ 3/1225 (1601).
(8) انظر: السيرة النبوية لابن كثير، ج3، سبل الهدى والرشاد ج7، الروض الأنف، زاد المعاد، فصل صلاة الفتح، وسيرة ابن هشام، "طواف الرسول بالبيت".
(9) وأصل الحديث في صحيح البخاري، كتاب: المغازي، باب: بَاب غَزْوَةِ الطَّائِفِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ 8/47 (4330) وغيره، ومسلم في كتاب: الزكاة، باب: إِعْطَاءِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ عَلَى الإِسْلامِ وَتَصَبُّرِ مَنْ قَوِيَ إِيمَانُهُ 2/733 (1059) وغيره.
(10) انظر القصة في المعجم الكبير للطبراني، ودلائل النبوة للبيهقي، والسيرة النبوية لابن كثير.
(11) هذا الحديث رواه عبد الله بن زيد في صحيح البخاري، كتاب: فرض الخمس، بَاب مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ وَغَيْرَهُمْ مِنْ الْخُمُسِ وَنَحْوِهِ 6/351 (3150). وغيره، ومسلم، في كتاب: الزكاة، باب: إِعْطَاءِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ عَلَى الإِسْلامِ وَتَصَبُّرِ مَنْ قَوِيَ إِيمَانُهُ 2/739 (1062).
(12) أخرجه مسلم في كتاب: البر والصلة والآداب، باب: مَنْ لَعَنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ سَبَّهُ أَوْ دَعَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ هُوَ أَهْلاً لِذَلِكَ كَانَ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا وَرَحْمَةً 4/2007 (2601) وغيره.
(13) جزء من حديث رواه الطبراني في المعجم الأوسط، والبيهقي في دلائل النبوة، وابن كثير في السيرة النبوية.
(14) أخرجه الدارمي في سننه، كتاب: المقدمة، باب: سخاء النبي- صلى الله عليه وسلم- 1/47 (70).
(15) دلائل النبوة للبيهقي، 3/326.
(16) جزء من حديث المسور بن مخرمه، أخرجه البخاري في كتاب: الشروط، باب: الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط 5/330 (2731).
(17) أخرجه البخاري في كتاب: الدعوات، باب: قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْتَجَابُ لَنَا فِي الْيَهُودِ وَلا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِينَا 11/199 (6401) وغيره.
(18) أخرجه مسلم في كتاب: فضائل الصحابة، باب: فَضَائِلِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه 4/157 (2490).
------------
* أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر
5
946
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
متجر ضي القمر
•
جزاك الله خير
الصفحة الأخيرة