ألف وصمة و وصمة
أحبابي سأروي لكم قصتها ..أسأل الله أن يعينها و يحررها من عذاباتها ...ويرزقها السعادة في الدنيا و الآخرة ....
هي قصة عادية تكرر نفسها , الضحية فيها صغار لا ذنب لهم ,يدفعون الثمن حين يبقى الكبار صغارا ....حين تسيطر الفوضى و يغيب حس السؤولية .
هيا و هند شقيقتان صغيرتنا في غاية الجمال ..كان الجميع يدعوهما (حليب بالشكولاته ) فالأولى شديدة البياض و الثانية شديدة السمرة كوالدتها التي بدأت مشاعر الحب تتسرب أخيرا إلى قلبها نحو الرجل الذي تزوجته قسرا و عنوة وهي في عمر الزهور ...هذه الأم الآن تشعر أنها تمتلك الوجود كله فهي تنظر بغبطة نحو زوجها الحبيب و بنياتها الصغيرات وكأنها تمتلك العالم كله ...لولا ما تسمعه من الناس من كلام عابر في الفترة الأخيرة حول زواج زوجها بأخرى في بلد مجاور و أن سفر زوجها المتكرر إلى ذلك البلد ليس من قبيل العمل كما يدعي بل هو شيء آخر يطعنها إن عرفته ....
تجاهلت أم هند هذه الادعاءات و انتظرت زوجها الحبيب بفارغ الصبر ليعود من سفره الذي طال هذه المرة ..
و كان ما لم يكن في الحسبان ,فقد عاد الزوج ,وهو يمسك بيده زوجته الحسناء الجديدة بكل ثقة و كأنه يراهن على رضا زوجته التي لم يتوقع ردة فعلها .
ثارت أم هند و قلبت له ظهر المجن واستدعت أهلها ليأخذوها و بناتها إلى حيث لا تراه و لا تراها ....إلى حيث تخفي نزفها
وجاء والدها ...و اخذ ابنته و كأنها الفرصة التي كان ينتظرها للتخلص من ذلك الصهر الذي لا يطيقه ولا يتقبله ....و الذي لم يكن ليقبل تزويجه إلا بضغط شديد من أولاده الذين هم أشقاء أم هند .
مكثت أم هند عند أهلها أياما قرر فيها جد الصغيرتين أن يأخذهما و يلقي بهما إلى والدهما وكان له ما أراد رغم رجاء ابنته و بكائها ....فهي لا تستطيع العيش دون ابنتيها الغاليتين
ويا له من قلب كالحجر ,قلب هذا الجد ,فقد أخذ الصغيرتين و ألقى بهما أمام باب بيتهما دون أن يطرق الباب ...
الأولى كان عمرها فوق العام بقليل و الثانية فوق الثلاثة أعوام بقليل أيضا ...جلستا أمام الباب ...تنتظران وحدهما وفجأة فتح الوالد الباب خارجا لحاجة له ليجد ابنتيه أمام الباب فيصعق و يثور و يحتضنهما بكل أسى يدمي فؤاده و يملؤه حقدا على زوجته الأولى و والدها ....
وهنا انضمت الفتاتان إلى زوجة أبيهما لترعاهما ... وهي المراهقة الغرة فلم تأبه لتربية و لم تهتم لتنشئة بل كانت تثور فتضرب و تهمل فتؤذي ....و الصغيرتان لا تفهمان إلا أن هذه أمهما التي يحبانها خاصة تلك الصغيرة التي بقيت تعاني ألما اكبر ...
وفي جانب بعيد رفعت أم هند قضية تطالب فيها بالطلاق من زوجها بناء على رغبة أهلها فقد كانت من البراءة و الطيبة على قدر يسهل معه قيادها و التحكم بخطواتها دون أن تعترض
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
شمالية و افتخر :وكان الطلاق من قبل المحكمة , و بدأ الخاطبون يطرقون باب تلك المسكينة وهي ترفض هذا و ذاك كلما لاحت لها صورة ابنتيها التي تأمل أن تعودا إليها , أما الزوج فقد لان قلبه لطليقته بعد عامين رغبة منه أن تعيش ابنتاه في ظل أمهما ,و رغبة منه أن يتخلص من تذمر زوجته الثانية من البنتين ... أرسل الزوج المراسيل , ووسط الوسائط حتى عادت إليه زوجته ودخلت بيتها ثانية ...وهي تحاول جاهدة قبول ضرتها لتبقى قريبة من صغيرتيها الحبيبتين ...لكن لقائها ببناتها كان كالطعنة في قلبها .. فالكبيرة اختبأت خلف زوجة الأب تنظر نحو أمها وقد غطت ملامح التفكير و التذكر وجهها و الثانية بكت بمرارة رافضة أما نسيتها ...فهي لا تعلم لها أما غير تلك الأم القاسية التي تفتحت عليها ... وعاشت العائلة معا بتركيبة جديدة وقد انضم طفل صغير جديد إليها من الأم الجديدة... العدل كان غائبا ...و الظلم كان حاضرا ...وأم هند تعاني المرارة...في كل لحظة ...فقد استطاعت الزوجة الجديدة أن تبني لها مكانة عظيمة في نفس زوجها وفي نفوس أهله أيضا.... ومرت سنوات القهر و الظلم و الوضع المقيت فحين يغيب العدل فلا سعادة و لا بركة و كبرت هيا ....و لنتحدث عن هيا ...فهي أكثر من تأذى من هذه القصة وفي بيئة يغلب الإهمال عانت تلك المسكينة من وضع رهيب فبالرغم من صغرها فقد عبث ابن عم لها ببراءتها فخدشها وكلما حاولت أن تهرب من هذا الذئب الصغير هددها بإخبار والديها فتنصاع لرغباته باكية خائفة ودموعها تنقش في ذاكرتها جراحا لن تندمل و بقيت تحاول المقاومة حتى جاء يوم رفضت فيه بقوة ان تستغل و هي الصغيرة المكلومة .... ونصرها الله الذي احبته كثيرا على عدوها ....ودون أن يدري احد . أين الرقابة ,اين الامانة ..... كل ذلك غاب حين غاب الوعي لكن الصغيرة استمرت تكبر وتنمو و كان جمالها عبئا يضيف إلى أعبائها حملا جديدا لا طاقة لها به ... فها هو والدها يتفق مع عم لها أن تكون زوجة لولده عندما تنهي دراستها الثانوية ....ومرت الأيام وهم تعامل معاملة المخطوبة لشاب يكبرها بسبع سنين ...شاب فارغ من كل شيء إلا من دندنات مغنٍ ماجن أو علاقات تافهة أو مراهقة تأبى أن تزول بمرور الأيام ...لم تشعر تجاهه بشيء ...لم تفكر يوما أن تحدثه بكلمة و كأن هذه الخطبة لا تعنيها ... فهذا الخاطب لا يمت لعالمها الذي تحب بأي علاقة ...هذا الخاطب ..لا يعرف الله الذي تتبتل إليه هيا ولا يقرأ الكتب التي تحبها هيا ولا يتفهم عقليتها النهمة للعلم و المعرفة و التدين مرت سنوات و هيا تعاني مشاعر متضاربة من الألم الذي تفرضه ذكريات تحرش لا يدري به احد إلا الله .. وزواج أصبح وشيكا من إنسان لا ترغب حتى في رؤيته و لا تسمع عنه سوى إخبار نزوة أو مشكلة أو غضب والدين ... وحان وقت الزواج ...ودخل والدها مبتسما يفاتحها برغبة عمها في إتمام الأفراح ... سكتت طويلا ...ثم قالت ... لا أريد يا أبي ...لا أريد فكري جيدا يا ابنتي ....قال الأب أبدا يا أبي ...ولا بعد مائة عام ...لن أوافق ,أنت ما استشرتني حين وعدتهم ...و كأنني لا شيء ...أريد زوجا متدينا يا أبي وليس ابن أخيك الفاسق العاق . حاول الأب و حاول ....دون جدوى فانصاعت العائلة كلها لرغبتها ...وحقد عليها الجميع ...رأفة و رحمة بدموع (أسامة ) ,قاطعها من قاطعها ...و وبخها من وبخها فما سمعت لهم رأيا ...و ما التفتت لما قالوا فعداؤهم لها كان بالدرجة الأولى لأنها, تمسكت بحجابها الشرعي فلم يعد يراها إلا محارمها واستعدت لدخول الجامعة بسعادة بالغة ...متجاهلة مشاعرها الحميمة نحو اللغة العربية ...لتطيع والدها و تدخل كلية العلوم ...في الجامعة عاشت أجمل سنوات حياتها ....و تعرفت بأفضل صداقاتها ....مرح وفرح وانطلاق رغم غربتها ...وحفاظ على العفة رغم كون الجامعة مختلطة بين الشباب و الفتيات ... وذات ليلة وبينما كانت البنات في غرفتهن يتبادلن أطراف الحديث فتعلو قهقهاتهن ....و يطول صخبهن ...دار الحديث حول احد الشباب ...شاب ملتزم نشيط داعية ... اشتهر في الجامعة بحسن خلقه و قوته في الحق ....ولاحقته عيون البنات بالإعجاب و التقدير .... مالت إحدى الصديقات إلى هيا ...وهمست في أذنها ...تدرين ,إنه يناسبك كثيرا ...لو كنت مكانك لما فرطت فيه ... سكتت هيا ,وتأملت ..ماذا لو ارتبطت به ؟؟ فذلك سيمكنني من التخلص من شباب عائلتي الفارغين ... وطال بها التفكير ....وفي لحظة خالية من التقدير ...كتبت إليه ورقة جادة ... مختصرة ...تعرض عليه فيها الارتباط ... وبعد وقت وصلها قبوله ...ووعده بإحضار أهله في اقرب فرصة مناسبة بعد أطال هذا الشاب التفكير و السؤال حولها و مرت سنوات الدراسة دون أن يكلم أحدهما صاحبه بكلمة بلوكان الطلاق من قبل المحكمة , و بدأ الخاطبون يطرقون باب تلك المسكينة وهي ترفض هذا و ذاك كلما لاحت...
كانت الأيام تؤكد لهما أن خيارهما كان سليما فكل منهما كان نقيا في مسلكه و خلقه ....
وجاء الشاب بأهله خاطبين ... فوافق أهلها على هذا الزواج على مضض فهو متدين كما كانت ترغب و تريد ...
لكنه فقير الحال ...لم يجمع قرشا ولا درهما ....أهله من مكان بعيد ...ومجتمع آخر ....فلم تلتفت الفتاة للنصح وتم الزواج و السفر ..وكل من الزوجين متيم بصاحبه يعيش معه سعادة لا توصف ....
و هناك ...و بعيدا عن الأهل و الوطن كانت صدمة هيا لا توصف ,فقد وجدت عائلة غريبة تماما عائلة تحكمها الأم بدكتاتورية عجيبة لا تطاق ..
كان زواجها عجيبا بكل تفاصيله ...عرس لم يحضره أحد لمشاكل نشأت في عائلة الزوج و طلب اهل الزوج بان يكون حضور أهل العروس محدودا ...فكان حفلا مضحكا تحدث الناس به
عروس بلا مهر ...بل هي ما جادت به أم الزوج من ملابس و تجهيز ... و الزوج ساكت لا حول له ولا قوة
خوف عجيب من أمه لا ينتهي ...
تعليق وانتقاد لكل تصرف تقوم به هيا و إخبار للزوج بكل التفاصيل ...ومشاكل لا تنتهي
فوقية في التعامل و احتقار لا حدود له ....
زارت أهلها بعد عام ... وهي في حالة نفسية مريرة.....رجاها والدها أن تطلب الطلاق في لم تنجب بعد ...
رفضت ...لان زوجها طيب القلب ... ولا تريد ان تكون مطلقة ....
عادت إليه وحملت بأطفالها واحدا تلو الآخر ...وهي تعيش مع امرأة عجيبة , امرأة أذلتها وزوج سلبي يقلب حياتها جحيما إن شكت أو تبرمت ...
مرت سنوات اكتشفت فيها هيا مأساتها و حجم الخطأ الذي ارتكبته بهذا الزواج لكن بعد فوات الأوان ...فهي لن تقبل أن يتعرض صغارها لما تعرضت له في طفولتها ...
وبقيت تعيش لأبنائها و ابنائها فقط وكم هان عليها وضعها كلما تأملت قلب زوجها فألفت فيه حبا كبيرا لها و طيبة عجيبة ...لكنه مقيد بقيود الخوف من أهله ...وزوجته كانت الشخص الوحيد الذي يستطيع الضغط عليه لكن العاقبة لم تكن محمودة
...فقد أصيبت تلك الزوجة بالاكتئاب بعد ولادتها وبقيت تعاني منه عاما كاملا وقف زوجها معها وقفة رائعة ...تحملها واستوعبها حتى عافاها الله ....
فاتجهت نحو هوايتها المفضلة ...توجهت نحو قلمها و أوراقها كما كانت تفعل طوال حياتها ...بدأت تجتهد و تجتهد في نتاجها الفكري , تبني صرحا ...لامرأة تحاول تجميع شتاتها ...
امرأة تتفانى في محاولة العودة إلى الله و بناء الحياة من جديد
امرأة حطما الماضي لكنها لم تجد النجاة إلا مع الله ...
وبقيت تعاني ألف وصمة ووصمة ....
وجاء الشاب بأهله خاطبين ... فوافق أهلها على هذا الزواج على مضض فهو متدين كما كانت ترغب و تريد ...
لكنه فقير الحال ...لم يجمع قرشا ولا درهما ....أهله من مكان بعيد ...ومجتمع آخر ....فلم تلتفت الفتاة للنصح وتم الزواج و السفر ..وكل من الزوجين متيم بصاحبه يعيش معه سعادة لا توصف ....
و هناك ...و بعيدا عن الأهل و الوطن كانت صدمة هيا لا توصف ,فقد وجدت عائلة غريبة تماما عائلة تحكمها الأم بدكتاتورية عجيبة لا تطاق ..
كان زواجها عجيبا بكل تفاصيله ...عرس لم يحضره أحد لمشاكل نشأت في عائلة الزوج و طلب اهل الزوج بان يكون حضور أهل العروس محدودا ...فكان حفلا مضحكا تحدث الناس به
عروس بلا مهر ...بل هي ما جادت به أم الزوج من ملابس و تجهيز ... و الزوج ساكت لا حول له ولا قوة
خوف عجيب من أمه لا ينتهي ...
تعليق وانتقاد لكل تصرف تقوم به هيا و إخبار للزوج بكل التفاصيل ...ومشاكل لا تنتهي
فوقية في التعامل و احتقار لا حدود له ....
زارت أهلها بعد عام ... وهي في حالة نفسية مريرة.....رجاها والدها أن تطلب الطلاق في لم تنجب بعد ...
رفضت ...لان زوجها طيب القلب ... ولا تريد ان تكون مطلقة ....
عادت إليه وحملت بأطفالها واحدا تلو الآخر ...وهي تعيش مع امرأة عجيبة , امرأة أذلتها وزوج سلبي يقلب حياتها جحيما إن شكت أو تبرمت ...
مرت سنوات اكتشفت فيها هيا مأساتها و حجم الخطأ الذي ارتكبته بهذا الزواج لكن بعد فوات الأوان ...فهي لن تقبل أن يتعرض صغارها لما تعرضت له في طفولتها ...
وبقيت تعيش لأبنائها و ابنائها فقط وكم هان عليها وضعها كلما تأملت قلب زوجها فألفت فيه حبا كبيرا لها و طيبة عجيبة ...لكنه مقيد بقيود الخوف من أهله ...وزوجته كانت الشخص الوحيد الذي يستطيع الضغط عليه لكن العاقبة لم تكن محمودة
...فقد أصيبت تلك الزوجة بالاكتئاب بعد ولادتها وبقيت تعاني منه عاما كاملا وقف زوجها معها وقفة رائعة ...تحملها واستوعبها حتى عافاها الله ....
فاتجهت نحو هوايتها المفضلة ...توجهت نحو قلمها و أوراقها كما كانت تفعل طوال حياتها ...بدأت تجتهد و تجتهد في نتاجها الفكري , تبني صرحا ...لامرأة تحاول تجميع شتاتها ...
امرأة تتفانى في محاولة العودة إلى الله و بناء الحياة من جديد
امرأة حطما الماضي لكنها لم تجد النجاة إلا مع الله ...
وبقيت تعاني ألف وصمة ووصمة ....
الصفحة الأخيرة
أما الزوج فقد لان قلبه لطليقته بعد عامين رغبة منه أن تعيش ابنتاه في ظل أمهما ,و رغبة منه أن يتخلص من تذمر زوجته الثانية من البنتين ...
أرسل الزوج المراسيل , ووسط الوسائط حتى عادت إليه زوجته ودخلت بيتها ثانية ...وهي تحاول جاهدة قبول ضرتها لتبقى قريبة من صغيرتيها الحبيبتين ...لكن لقائها ببناتها كان كالطعنة في قلبها ..
فالكبيرة اختبأت خلف زوجة الأب تنظر نحو أمها وقد غطت ملامح التفكير و التذكر وجهها و الثانية بكت بمرارة رافضة أما نسيتها ...فهي لا تعلم لها أما غير تلك الأم القاسية التي تفتحت عليها ...
وعاشت العائلة معا بتركيبة جديدة وقد انضم طفل صغير جديد إليها من الأم الجديدة...
العدل كان غائبا ...و الظلم كان حاضرا ...وأم هند تعاني المرارة...في كل لحظة ...فقد استطاعت الزوجة الجديدة أن تبني لها مكانة عظيمة في نفس زوجها وفي نفوس أهله أيضا....
ومرت سنوات القهر و الظلم و الوضع المقيت فحين يغيب العدل فلا سعادة و لا بركة
و كبرت هيا ....و لنتحدث عن هيا ...فهي أكثر من تأذى من هذه القصة وفي بيئة يغلب الإهمال عانت تلك المسكينة من وضع رهيب فبالرغم من صغرها فقد عبث ابن عم لها ببراءتها فخدشها وكلما حاولت أن تهرب من هذا الذئب الصغير هددها بإخبار والديها فتنصاع لرغباته باكية خائفة ودموعها تنقش في ذاكرتها جراحا لن تندمل و بقيت تحاول المقاومة حتى جاء يوم رفضت فيه بقوة ان تستغل و هي الصغيرة المكلومة .... ونصرها الله الذي احبته كثيرا على عدوها ....ودون أن يدري احد .
أين الرقابة ,اين الامانة ..... كل ذلك غاب حين غاب الوعي لكن الصغيرة استمرت تكبر وتنمو و كان جمالها عبئا يضيف إلى أعبائها حملا جديدا لا طاقة لها به ...
فها هو والدها يتفق مع عم لها أن تكون زوجة لولده عندما تنهي دراستها الثانوية ....ومرت الأيام وهم تعامل معاملة المخطوبة لشاب يكبرها بسبع سنين ...شاب فارغ من كل شيء إلا من دندنات مغنٍ ماجن أو علاقات تافهة أو مراهقة تأبى أن تزول بمرور الأيام ...لم تشعر تجاهه بشيء ...لم تفكر يوما أن تحدثه بكلمة و كأن هذه الخطبة لا تعنيها ...
فهذا الخاطب لا يمت لعالمها الذي تحب بأي علاقة ...هذا الخاطب ..لا يعرف الله الذي تتبتل إليه هيا
ولا يقرأ الكتب التي تحبها هيا
ولا يتفهم عقليتها النهمة للعلم و المعرفة و التدين
مرت سنوات و هيا تعاني مشاعر متضاربة من الألم الذي تفرضه ذكريات تحرش لا يدري به احد إلا الله ..
وزواج أصبح وشيكا من إنسان لا ترغب حتى في رؤيته و لا تسمع عنه سوى إخبار نزوة أو مشكلة أو غضب والدين ...
وحان وقت الزواج ...ودخل والدها مبتسما يفاتحها برغبة عمها في إتمام الأفراح ... سكتت طويلا ...ثم قالت ...
لا أريد يا أبي ...لا أريد
فكري جيدا يا ابنتي ....قال الأب
أبدا يا أبي ...ولا بعد مائة عام ...لن أوافق ,أنت ما استشرتني حين وعدتهم ...و كأنني لا شيء ...أريد زوجا متدينا يا أبي
وليس ابن أخيك الفاسق العاق .
حاول الأب و حاول ....دون جدوى
فانصاعت العائلة كلها لرغبتها ...وحقد عليها الجميع ...رأفة و رحمة بدموع (أسامة ) ,قاطعها من قاطعها ...و وبخها من وبخها فما سمعت لهم رأيا ...و ما التفتت لما قالوا فعداؤهم لها كان بالدرجة الأولى لأنها, تمسكت بحجابها الشرعي فلم يعد يراها إلا محارمها واستعدت لدخول الجامعة بسعادة بالغة ...متجاهلة مشاعرها الحميمة نحو اللغة العربية ...لتطيع والدها و تدخل كلية العلوم ...في الجامعة عاشت أجمل سنوات حياتها ....و تعرفت بأفضل صداقاتها ....مرح وفرح وانطلاق رغم غربتها ...وحفاظ على العفة رغم كون الجامعة مختلطة بين الشباب و الفتيات ...
وذات ليلة وبينما كانت البنات في غرفتهن يتبادلن أطراف الحديث فتعلو قهقهاتهن ....و يطول صخبهن ...دار الحديث حول احد الشباب ...شاب ملتزم نشيط داعية ... اشتهر في الجامعة بحسن خلقه و قوته في الحق ....ولاحقته عيون البنات بالإعجاب و التقدير ....
مالت إحدى الصديقات إلى هيا ...وهمست في أذنها ...تدرين ,إنه يناسبك كثيرا ...لو كنت مكانك لما فرطت فيه ...
سكتت هيا ,وتأملت ..ماذا لو ارتبطت به ؟؟
فذلك سيمكنني من التخلص من شباب عائلتي الفارغين ...
وطال بها التفكير ....وفي لحظة خالية من التقدير ...كتبت إليه ورقة جادة ... مختصرة ...تعرض عليه فيها الارتباط ...
وبعد وقت وصلها قبوله ...ووعده بإحضار أهله في اقرب فرصة مناسبة بعد أطال هذا الشاب التفكير و السؤال حولها و مرت سنوات الدراسة دون أن يكلم أحدهما صاحبه بكلمة بل