السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
هذا مقال للكاتبة السعودية المبدعة :
ريم سعيد ال عاطف
نشر اليوم في جريدة " العرب القطرية "
أرجوا النشر للفائدة
إن استهوتك النجومية، وأغوتك إغراءات الشهرة والحضور، وأردت انتقالاً مبهرا من الهامش إلى العمق والصدارة.. فاكتب رواية!!
ثم إمعاناً في الإثارة والتأثير واستقطاب الأضواء والأموال.. اجعل روايتك مسرحا للابتذال والاقترافات الآثمة، ومرصدا لالتقاط سوآت المجتمع وتتبع عوراته والإيغال في تصوير رذائله وزواياه المعتمة.
ففي ظل تزعزع القيم واستباحة حماها، وفوضى المعايير أو غيابها، والفضاء المفتوح والأسواق المُشْرعَة.. لم تعد الرواية ذلك الفن الأدبي: الصعب - الجميل. الذي يصوغ المضامين الإنسانية والاجتماعية، ويمزج الخيال بالواقع، ويبحر في أعماق الأشخاص والعلاقات والقضايا المجتمعية الجادة ليستثير التفكير والانتباه، ويستجلب التغيير والإصلاح والارتقاء بالواقع، بشمولية واعتدال وتسام عن القيعان الدنيئة الموحلة. ذلك الأدب الرفيع الذي يتحفك بالمعرفة والمتعة معاً!
إن المتابع للمشهد الثقافي العربي يُشدَه لقِلَّة النتاج الروائي المبدع المتمكن من تقنيات الكتابة والملتزم بأركان الأدب الحقيقي: فكرةً وبناءً ولغةً. وندرة النصوص السردية الملهمة التي تعيد للرواية ألقها وإبداعها، وللكتابة وقارها ودورها الريادي، مقارنةً بذلك الركام الكثيف من النصوص الرديئة -ضعيفة المستوى- والتي تواري إفلاسها الأدبي تحت أوهام الجرأة وكشف المستور وملامسة المحظور بأسلوبٍ ضحلٍ بذيء، حيث تنعدم الموهبة والبعد الأخلاقي والإنساني الهادف، فيستبد الخواء ويجري الانحراف والإسفاف في عروق الرواية.
ولعل هذا النوع من الروايات كان أبرز ظهورا وأوسع تمثلا في الساحة السعودية، وذلك لما تلقاه تلك النصوص المتهالكة من حشدٍ إعلامي واحتفاء عربي وعالمي بها، لا سيما إن وقفت وراءها كاتبة سعودية!!
إن تلك الروايات الفضائحية إن تبنت الخيال فما أرخصه وأسخفه من خيال، وإن انتهجت أو زعمت الواقعية فهي بعيدة كل البعد عنها وعن تصوير الحياة بدقة وأمانة وحياد، إذ طمست الجوانب المشرقة وتوسلت القبول والإشادة برصد سلبيات المجتمع والإسهاب والإسراف في وصف حالات الانحراف والشذوذ وتعميمها وتضخيمها حتى بدت كأنها الأصل والسائد في الحياة السعودية العامة، وليست حالات متفرقة منبوذة تجد الرفض ومحاولات العلاج. وساهمت في ترسيخ وتعزيز الأفكار السيئة المجحفة التي يحملها الآخرون عن الشعب السعودي.
لا أظن أن السعوديين هم الموجوعون الوحيدون من تلك الروايات التي طفحت بروائح النزوات والشهوات «المقرفة». فكثيرٌ من المسلمين غير راضين عما يرتكبه بعض الكتاب السعوديين العابثين من جناية في حق بلادهم التي تحتل مكانةً دينية وروحية في قلوب مئات الملايين، ويرونها رمزا للطهر والعفاف واحتضان الشريعة. فيتم تقديمها للعالم بهذه الصورة المشوهة عبر نصوص سعودية تتعمد الإساءة إلى الدين - تعجُّ بالمخالفات العقدية والشرعية - تهاجم التمسك بشعائر الإسلام - تطعن في أهل الصلاح والاستقامة - تسوِّقُ للانسلاخ من المُثل والفضائل - تُقحِم الجنس وتعرضه بشكلٍ فجّ ومباشر بألفاظ وتفاصيل مقززة وسوقيّة. حتى المرأة لم تتناولها تلك الروايات الهابطة كإنسان كريم يمر بمراحل ومشاعر وتجارب مختلفة، بل كانت دائما تلك الأنثى الغارقة في بؤر الخنوع والاستكانة أو الفحش والرذيلة.
تلقى أكثر تلك الروايات السعودية دعما غربيا مشبوها بالتكريم والجوائز والترجمة، ومع ذلك تبقى تلك الروايات مهما أعلوا من شأنها مجرد مشاهد إباحية تثير الغثيان أكثر مما تثير الغرائز. وليت كاتب الرواية يسأل نفسه سؤالا ذكيا واحدا قبل نشرها: بماذا أجيب رب العباد حين يسألني عما خطته يدي وقدمته للناس؟! نسأل الله لنا ولهم العفو والهداية.
haeaah@hotmail.com

أوتار الدلع @aotar_aldlaa_1
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

ريما تاكل ايما
•
الايميل لمــن ؟؟

الصفحة الأخيرة