(بسم الله الرحمن الرحيم)
.. أرجوا منجميع من دخل موضوعي أن يقرؤه بالكامل
اصلا لا شعوريا بتتحمس تكملهااقروها لمصلحتكم..
يقول كاتب القصة:
أي شخصكان قد رآني متسلقاً سور المقبرة في هذه الساعة من الليل، كان سيقول: أكيد مجنون،أو أن لديه مصيبة. والحق أن لديَّ مصيبة، كانت البداية عندما قرأت عن سفيان الثوري-رحمه الله: أنه كان لديه قبراً في منـزله يرقد فيه وإذا ما رقد فيه نادى( ربارجعون .. رب ارجعون)
ثم يقوم منتفضاً ويقول : ها أنت قد رجعت فماذا أنت فاعل؟
حدث أن فاتتني صلاة الفجر، وهي صلاة من كان يحافظ عليها، ثم فاتـته فسيحسبضيقة شديدة طوال اليوم
عند ذلك.
تكرر معي نفس الأمر في اليومالثاني، فقلت لابد وأن في الأمر شيء، ثم تكررت للمرة الثالثة على التوالي؛ هناكان لابد من الوقوف مع النفس وقفة حازمة لتأديبها حتى لا تركن لمثل هذه الأمورفتروح بي إلى النار قررت أن أدخل القبر حتى أؤدبها
ولابد أن ترتدع وأنتعلم أن هذا هو منـزلها ومسكنها إلى ما يشاء الله. وكل يوم أقول لنفسي دع هذاالأمر غداً وجلست أسوف في هذا الأمر حتى فاتـتني صلاة الفجر مرةأخرى.
حينها قلت: كفى . وأقسمت أن يكون الأمر هذهالليلة.
ذهبت بعد منتصف الليل، حتى لا يراني أحد، وتفكرت: هل أدخل منالباب ؟ حينها سأوقظ حارس المقبرة! أو لعله غير موجود! أم أتسور السور ؟
إن أوقظته لعله يقول لي تعال في الغد، أو حتى يمنعني ، وحينها يضيعقسمي، فقررت أن أتسور السور ..
رفعت ثوبي وتلثمت بشماغي واستعنتبالله وصعدت، برغم أنني دخلت هذه المقبرة كثيراً كمشيع، إلا أنني أحسست أنني أراهالأول مرة.
ورغم أنها كانت ليلة مقمرة، إلا أنني أكاد أقسم أنني مارأيت أشد منها سواداً تلك الليلة، كانت ظلمة حالكة، سكون رهيب.
هذاهو صمت القبور بحق، تأملتها كثيراً من أعلى السور، واستـنشقت هوائها، نعم إنهارائحة القبور، أميزها عن ألف رائحة، رائحة الحنوط، رائحة بها طعم الموتالصافي.
وجلست أتفكر للحظات مرت كالسنين ..
إيه أيتهاالقبور، ما أشد صمتك وما أشد ما تخفينه، ضحك ونعيم، وصراخ وعذاب أليم، ماذاسيقول لي أهلك لو حدثتهم ؟
لعلهم سيقولون قولة الحبيب صلى الله عليه وسلم)الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم)
قررت أن أهبط حتى لا يراني أحد فيهذه الحالة، فلو رآني أحد فإما سيقول أنني مجنون وإما أن يقول لديه مصيبة، وأيمصيبة بعد ضياع صلاة الفجر عدة مرات.
هبطت داخل المقبرة، وأحسست حينهابرجفة في القلب، والتصقت بالجدار ولا أدري لأحتمي من ماذا؟
عللت ذلكلنفسي بأنه خشية من المرور فوق القبور وانتهاكها، أنا لست جباناً، لكنني شعرتبالخوف حقا !
نظرت إلى الناحية الشرقية والتي بها القبور المفتوحةوالتي تنتظر ساكنيها. إنها أشد بقع المقبرة سواداً ، وكأنها تناديني، مشتاقةإليَّ : متى ستكون فيَّ ؟
أمشي محاذراً بين القبور، وكلما تجاوزت قبراًتساءلت أشقي أم سعيد ؟شقي بسبب ماذا؟ أضيّع الصلاة ؟أم كان من أهل الغناءوالطرب؟ أم كان من أهل الزنى؟
لعل من تجاوزت قبره الآن كان يظن أنهأشد أهل الأرض قوة، وأن شبابه لن يفنى؟ وأنه لن يموت كمن مات قبله؟
: أم أنه كان يقول
ما زال في العمر بقية،
سبحان من قهرالخلق بالموت
أبصرت الممر، حتى إذا وصلت إليه، ووضعت قدمي عليه،أسرعت نبضات قلبي فالقبور يميني ويساري، وأنا ارفع نظري إلى الناحية الشرقية، ثمبدأت أولى خطواتي، بدت وكأنها دهر، أين سرعة قدمي؟ ما أثقلهما الآن، تمنيت أنتطول المسافة ولا تنتهي ابداً، لأنني أعلم ما ينتظرني هناك.
اعلم، فقدرأيت القبر كثيرا، ولكن هذه المرة مختلفة تماماً أفكار عجيبة، أكاد أسمع همهمة خلفأذني، نعم، أسمع همهمة جليّة، وكأن شخصاً يتنفس خلف أذني، خفت أن أنظر خلفي، خفت أنأرى أشخاصاً يلوحون إليّ من بعيد، خيالات سوداء تعجب من القادم في هذا الوقت،بالتأكيد أنها وسوسة من الشيطان، لا يهمني شيء طالما أنني قد صليت العشاء فيجماعه.
أخيراً، أبصرت القبور المفتوحة، أقسم للمرة الثانية أنني مارأيت أشد منها سواداً، كيف أتتني الجرأة حتى أصل بخطواتي إلى هنا ؟ بل كيف سأنزلفي هذا القبر ؟ وأي شئ ينتظرني في الأسفل ؟ فكرت بالإكتفاء بالوقوف و أن أصومثلاثة أيام تكفيراً لقسمي.
ولكن لا لن أصل إلى هنا ثمأقف، يجب أن أكمل، ولكن لن أنزل إلى القبر مباشرة، بل سأجلس خارجه قليلاً حتىتأنس نفسي.
ما أشد ظلمته، وما أشد ضيقه، كيف لهذه الحفرة الصغيرة أنتكون حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة؟
سبحان الله
يبدو أن الجو قد إزداد برودة، أم هي قشعريرة في جسدي من هذا المنظر؟ هل هذا صوتالريح ؟ ليس ريحاً، لا أرى ذرة غبار في الهواء، هل هي وسوسة أخرى؟
استعذت بالله من الشيطان الرجيم، ثم أنزلت الشماغ ووضعته على الأرض ثمجلست وقد ضممت ركبتي أمام صدري أتأمل هذا المشهد العجيب، إنه المكان الذي لا مفرمنه أبداً، سبحان الله، نسعى لكي نحصل على كل شيء، وهذه هي النهاية: لاشئ.
كم تنازعنا في الدنيا، اغتبنا، تركنا الصلاة، آثرنا الغناء علىالقرآن، والكارثة أننا نعلم أن هذا مصيرنا، وقد حذّرنا الله منه ورغم ذلك نتجاهل.
أشحت بوجهي ناحية القبور وناديتهم بصوت خافت، وكأني خفت أن يرد عليّأحدهم: يا أهل القبور ، مالكم ؟ أين أصواتكم ؟ أين أبناؤكم عنكم اليوم ؟ أينأموالكم؟ أين وأين؟ كيف هو الحساب ؟ أخبروني عن ضمة القبر، أتكسر الأضلاع ؟أخبروني عن منكر و نكير، أخبروني عن حالكم مع الدود
سبحان الله، نستاءإذا قدم لنا أهلنا طعام بارد أو لا يوافق شهيتنا، واليوم .. نحن الطعام، لابد منالنزول إلى القبر.
قمت وتوكلت على الله، ونزلت برجلي اليمين، وافترشتشماغي، ووضعت رأسي وأنا أفكر، ماذا لو انهال عليَّ التراب فجأة ؟ ماذا لو ضُمالقبر عليَّ مرة واحدة؟
نمت على ظهري وأغلقت عينيَّ حتى تهدأ ضرباتقلبي، حتى تخف هذه الرجفة التي في الجسد، ما أشده من موقف وأنا حي . فكيف سيكونعند الموت ؟
فكرت أن أنظر إلى اللحد، هو بجانبي، والله لا أعلم شيئاًأشد منه ظلمة، ياللعجب! رغم أنه مسدود من الداخل إلا أنني أشعر بتيار من الهواءالبارد يأتي منه! فهل هو هواء بارد أم هي برودة الخوف ؟ خفت أن أنظر إليه فأرىعينان تلمعان في الظلام وتنظران إليَّ بقسوة. أو أن أرى وجهاً شاحباً لرجل تكسوهعلامات الموت ناظراً إلى الأعلى متجاهلني تماماً، حينها قررت أن لا أنظر إلى اللحد.
ليس بي من الشجاعه أن أخاطر وأرى أياً من هذه المناظر رغم علمي أن اللحدخالياً، ولكن تكفي هذه المخاوف حتى أمتنع تماماً عن النظر إليه .تذكرت قول رسولالله صلى الله عليه وسلم وهو يحتضر(لا إلهإلا الله .. إن للموت سكرات ) تخيلت جسديعند نزول الموت يرتجف بقوة وأنا أرفع يدي محاولاً إرجاع روحي. وتخيلت صراخ أهليعالياً من حولي : أين الطبيب؟ أين الطبيب ؟
)فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونهاإن كنتم صادقين)
تخيلت الأصحاب يحملونني ويقولون : لا إله إلا الله، تخيلتهميمشون بي سريعاً إلى القبر، وتخيلت أحب أصدقائي إلي وهو يسارع لأن يكون أول منينـزل إلى القبر، تخيلته يضع يديه تحت رأسي ويطالبهم بالرفق حتى لا أقع، يصرخ فيهم:جهزوا الطوب.
وتخيلت أحمد يجري ممسكاً إبريقاً من الماء يناولهم إياهبعدما حثوا عليَّ التراب، تخيلت الكل يرش الماء على قبري، تخيلت شيخنا يصيح فيهم:ادعوا لأخيكم فإنه الآن يسأل، ادعوا لأخيكم فإنه الآن يسأل.
ثم رحلوا،وتركوني فرداً وحيداً، تذكرت قول الله تعالى(ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أولمرة، وتركتم ما خوّلناكم وراء ظهوركم )نعم صدق الله، تركت زوجتي، فارقت أبنائي،تخلـيّت عن مالي، أو هو تخلى عني .تخيّلت كأن ملائكة العذاب حين رأوا النعش قادماً،ظهروا بأصوات مفزعة، وأشكال مخيفة، ينادي بعضهم بعضاً: أهو العبدالعاصي؟
فيقول الآخر: نعم. فيقال: أمشيع متروك أم محمول ليس له مفر؟فيجيبه الآخر: بل محمول إلينا ليس له مفر. فينادى : هلموا إليه حتى يعلم أن اللهعزيز ذو انتقام .
رأيتهم يمسكون بكتفي ويهزونني بعنف قائلين: ما غرك بربكالكريم ؟ ما غرك بربك الكريم حتى تنام عن الفريضة .. ما الذي خدعك حتى عصيتالواحد القهار؟ أهي الدنيا؟ أما كنت تعلم أنها دار فناء؟ وقد فنيت! أهي الشهوات؟أما تعلم أنها إلى زوال؟ وقد زالت! أم هو الشيطان؟ أما علمت أنه لك عدو مبين؟ أمثلكيعصى الجبار، والرعد يسبح بحمده والملائكة من خيفته، لا نجاة لك منَّا اليوم، اصرخليس لصراخك مجيب
فجلست اصرخ رب ارجعون، رب ارجعون. وكأني بصوت يهز القبروالفضاء، يملأني يئساً يقول : (كلاّ إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهمبرزخ إلى يوم يبعثون)
بكيت ماشاء الله أن أبكي، ثمقلت: الحمدلله رب العالمين، مازال هناك وقت للتوبة، استغفر الله العظيم وأتوب إليهثم قمت مكسوراً، وقد عرفت قدري، وبان لي ضعفي، أخذت شماغي وأزلت عنه ما بقى منتراب القبر ، وعدت وأنا أردد قول جبريل للحبيب صلى الله عليه وسلم:
عشما شئت فإنك ميت ، و أحبب من شئت فإنك مفارقه، و اعمل ما شئت فإنك مجزيبه
---------------
دعواتكم لي في ظهر الغيب - اخوكم في الله(كاتب القصة) -
رجــــااااااء حااااااار جداً أن تنسخ الموضوعوتنقله لمنتديات اخرى
فلعلَ حرفْـاً يهدِي قلبــاً ويَـهُــزُ نفْسَــاًللتوبــه..
__________________
**لا اله الا الله سبحانه اني كنت منالظالمين
القصه منقوله

ديرتي أنا @dyrty_ana
محررة برونزية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

ام حكوم
•
الله يجزاك خير على النقل

الصفحة الأخيرة