أسئلة في دماء النساء أجاب عنها العلامة الشيخ:
محمد بن محمد المختار الشنقيطي – المدرس بالحرم النبوي الشريف – والمدرس بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية سابقاً,والمدرس بجامع الملك سعود بجدة,ومسجد التنعيم بمكة المكرمة, - حفظه الله ,,,
السؤال الأول :
كما لا يخفاكم أن كتاب الحيض يعتبر من أهم الكتب التي اعتني العلماء-رحمهم الله-بمسائلها ولكن يلاحظ أن مسائله تحتاج إلى شيء من المنهجية والعناية فهلا تفضلتم ببيان بعض الأمور المهمة التي تساعد طلاب العلم على ضبطه وإتقانه..؟؟
الجواب: بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فلا حول ولا قوة إلا بالله الأمر كله بتوفيق الله عز وجل ، وإذا ألهم الله عبده الصواب سهل له طريقه وثبته عليه -ونسأل الله العظيم أن يجعلنا وإياكم ذلك الرجل- وما توفيقنا إلا بالله ولا حول ولا قوة إلا بالله ،لكن هناك أمور إذا تيسرت لطالب العلم خاصةً في الأبواب الصعبة تكون معينة له على الضبط والتحصيل وباب الحيض كما ذُكر باب مهم ، الإمام أحمد -رحمه الله-وهو في جلالة علمه وقدره-رحمه الله برحمته الواسعة- " يقول مكثتُ في الحيض تسع سنين حتى علمته "، وهذا يدل على عظم هذا الباب وخاصة أن مسائله تتعلق بالعبادات وبالمعاملات والناس يقعون فيه في حرج عظيم ويُشكل على طلاب العلم ضبطه وذلك لأسباب خاصة عند تشعب المسائل وتعددها ، وكان بعض المشائخ -رحمه الله- يلاطف إذا قيل له إن باب الحيض باب مهم أو باب مزعج أو باب يحتاج إلى ضبط يقول هذا الباب صعب عليَّ أن أفهمكموه وصعب أن تفهموه لأنني لا أحيض ولا تحيضون ، فالإشكال في باب الحيض أن الرجل يتعامل مع شئ على سبيل التصور لا على سبيل التطبيق فهو شيء ينقل للإنسان دون أن يعلم حقيقته في الغالب ، وإن كان لا يخلو الإنسان مع وجود الأهل والزوج قد يطلع على بعض الأمور وقد يدرك بعض الأمور لكن من صعوبة هذا الباب وجود قضية التصور ، ولذلك قد يقع بعض طلاب العلم في شيء من اللبس المبني على فرضية سؤال لا حقيقة له لأنه لم يعلم الحيض ما هو ولذلك يفرض أشياء في ذهنه فإذا لم يكن هناك منهج في دراسة أبواب الحيض ومسائل الحيض ربما أن طالب العلم يصل إلى شيء من التشويش في مسائله وعدم ضبطه ، ولكن هناك أمور : أولها : باب الحيض يحتاج إلى قضية التصور ، وقبل أن يدخل طالب العلم لأي مسألة وهذه قاعدة ومنهجية متبعة في مسائل الخلاف الفقهي ، أي مسألة خلافية بين العلماء لا تدخل فيها ولا تحاول أن تبحثها حتى تتصورها التصور الكامل وهذا التصور يحتاج منك إلى الرجوع إلى الحقائق الشرعية التي يسمونها مثلاً التعريفات اللغوية الموجودة في كتب اللغة ، قالوا مثلاً الصفرة الكدرة قبل أن تبحث موقف العلماء من الصفرة والكدرة تسأل ماهى حقيقة الصفرة وماهي حقيقة الكدرة ؟ وتستعين بعد الله عز وجل بسؤال أهل الخبرة من العلماء أو من الناس أو تبحث في كتب اللغة التي تصور هذه الحقائق هذه الحقيقة اللغوية .ثانياً : الحقيقة الشرعية للمصطلح الذي تريد أن تبحث عن موقف العلماء -رحمهم الله- منه ، بعد الإلمام بجزئية التصور ينتقل طالب العلم إلى جزئية الأحكام ، فإذا كان الحكم مجمعاً عليه فلا إشكال وإن كان مختلفاً فيه كما ذكرنا في المسائل الخلافية تنتقل للأقوال وتراعي فهم كل قول ومراده ، يعني شخص يقول الصفرة والكدرة بعد الطهر ليست بشيء والصفرة والكدرة في امكان الحيض حيض تحتاج أن تعرف ما معنى قوله بعد الطهر ، وما معنى قوله في امكان الحيض كل قول يرد في المسألة تحاول أن تتصوره كذلك .
بعد ما تنتهي من جزئيات الأقوال تنتقل إلى تحديد محل الخلاف بين الأقوال التي وردت في المسألة ، إن كان الأول يقول هي حيض والثاني يقول ليست بحيض تعرف الذي أين ينحصر محل الخلاف فالصفرة والكدرة تحدد محل الخلاف في الصفرة والكدرة ، في التمييز تحدد محل الخلاف في التمييز ، وهكذا تحديد محل الخلاف بعد الأقوال .
بعد أن تنتهي من تحديد محل الخلاف تبحث في الأدلة والردود والمناقشات ثم تتوصل إلى القول الراجح في المسألة ، طبعاً هذا يحتاج إلى الرجوع إلى العلماء ومن قرأ باب الحيض يفضل أن يقرأه أولاً بقول واحد بالدليل -يعني لا يقرؤه بالخلافات- ، إنما يقرؤه بقول واحد بالدليل بعد أن يتقن هذا القول يلقى الله سبحانه وتعالى بقول له دليل -يعني لا مانع أن تقرأ متناً فقهياً في كتاب الحيض-؛لكن بشرط أن يكون مدللاً له دليله وتفهم هذا الاستدلال ، بعد أن تضبط هذا القول تنتقل إلى من خالفك وما دليله وما حجته وهل الحق فيما قرأته أو عند من خالفك ، هذا بالنسبة لمسألة الضبط الأولى للمسائل ، بعد هذا تبقى مسألة ترتيب الأفكار لا تدخل لخلاف أولجزئيات في الحيض حتى ترتب هذه الجزئيات على ما قبلها فلا يستطيع طالب العلم أن يدخل في مسائل الطهر قبل أن يعرف أقل الحيض وأكثر الحيض ، فأولاً يضبط أقل الحيض ويضبط أكثر الحيض ثم بعد ذلك يبني على ما اختل أو مسائل المستحاضة التي يحتاج فيها إلى معرفة الطهر وعلامة الطهر ونقاء المرأة والحكم بطهرها ، لابد من ترتيب الأفكار تبدأ بأقل الحيض قبل أن تبحث أكثر الحيض تبدأ بأقل سن تحيض فيه المرأة قبل أن تبحث ما هو آخر سن وهو سن اليأس إلى غير ذلك من الأمور التي ينبغي أن يراعيها الإنسان في ترتيب الأفكار .
كان العلماء -رحمهم الله- يبتدنون أولاً بذكر أقل سن تحيض فيه المرأة ، وبعد ذلك يبدؤون بمسألة المبتدئة وهي المرأة التي وقع معها الحيض لأول مرة، ثم يذكرون تمييزها ثم يذكرون العادة ثم يتوسعون بعد ذلك في مباحث الاستحاضة ومسائلها.
بعد ترتيب الأفكار وهي الجزئية الثالثة بعد أن يرتب طالب العلم الأفكار وينتقل لباب الحيض بأفكاره يحرص على كثرة المراجعة ؛ لأن باب الحيض إذا لم يراجع ويستديم طالب العلم مراجعته فإنه سرعان ما ينساه يحتاج إلى كثرة مراجعة ومذاكرة ، ولذلك يستحب لطالب العلم أن يحضر مجالس العلم معه طالب أو طالبين أو ثلاثة يراجع معهم في الأسبوع مرة أو مرتين وهذا مما ينبغي وهو الرفقة في طلب العلم هذا أيضاً مما يعين ، تبقى أمور مساعدة وهي أن باب الحيض قد يحصل فيه الملل والسآمة ؛ ولكن علمك أن الله يأجرك ، وعلمك أن الله يثيبك وأن الله لا يضيع سعيك ، وأنك على ثغر من ثغور الإسلام بضبطك لهذا الباب وضبطك لهذه المسائل ، وأن الله يفرج بك كربة السائل وأن الله-U-يجعل لك من دعاء المسلمين وصالح رجائهم مما تفرجه عنهم من الكربات إذا سألوك ، أو أنزلوا بك المسائل يهون عليك هذه الصعاب بإذن الله عز وجل، طالب العلم كلما أصابته السآمة والملل في طلب العلم يتعزى بعظيم الأجر من الله ، ولابد في العلم من السآمة والملل ولكن حاجتان تنتبه لهما :
إياك أن تتكلم عن هذه السآمة تقول مللت وسئمت لا ينبغي هذا ، فإن الله يغفر لك ما في نفسك من السآمة من العلم ما لم تتكلم أو تتحدث ، فبعض طلاب العلم يقول هذا باب مزعج هذا باب ممل هكذا لا يجوز للإنسان أن يتكلم بشيء فيه حط أو نقص لهذا العلم ، العلم يجل ويكرم ولا يهان ، ويعز ولا يذل ، ويحفظ ولا يضيع إن قدرت على ضبطه فاحمد الله الذي وفقك والفضل كله لله ، وإن لم تقدر على ضبطه وتحصيله فرد ذلك إلى ذنوبك ، كان شيخ الإسلام -رحمه الله- يقول : إنه ليستغلق عليَّ في المسألة فأستغفر الله وأكثر من الاستغفار حتى يفتح الله علي وهو خير الفاتحين ، فقد يحرم الله طالب العلم الفهم بسبب الذنوب فإذا وجدت سوء الفهم لاترده إلى الباب ولا إلى المسائل ؛ لأن الله وصف العلم بأنه ثقيل:{ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً}(1) ولكن رد ذلك إلى ذنوبك وإلى تقصيرك وأنك لم تعط العلم كليتك ، ولذلك كانوا يقولون أعط العلم كلك يعطك بعضه ، فكيف بمن أعطى العلم بعضه؟؟ فعلى العموم لابد من دفع هذه السآمة في الكتب التي قد يظن أنها مملة أو قد يشعر الإنسان بها .
الشيء الثاني : لا تعرض عن مجالس العلم ولووجدت شيئاً من السآمة والملل فقل هذا علم ومادام أنه يؤخذ من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ويذكرها أئمة عرفوا بأمانتهم وإخلاصهم من أئمة السلف- رحمهم الله-ومن اهتدى بهديهم من ا لخلف فقل إنني على خير يؤخذ من كتاب الله ورحمة ما دمت في هذا المجلس الذي يذكر فيه الله عز وجل وأرجو من الله أن يعظم لي الأجر ، فقد يكون أجر الإنسان في مجالس العلم التي تكون عزيزة وثقيلة قد يكون أعظم من المجالس التي يأنس فيها ويرتاح بمعرفة بعض الأمور ، على العموم على طالب العلم أن يضبط هذه المسائل ويفضّل أن يكون هناك شيئاً من التركيز ثم يأخذ الإنسان الشريط للدرس ثم يراجعه وينقله ويمليه ، ثم يحاول أن يكرره ثم يذاكر وبإذن الله عز وجل إذا خلصت النية وصحت العزيمة فما بعد ذلك إلا التوفيق من الله- نسأل الله العظيم أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه- ، والله تعالى أعلم .
السؤال الثاني :
تعرضتم لمسائل دم النفاس عند بيانكم لمسائل الحيض وابتدأتم ببيانها وذكرتم أحوال دم الولادة قبل وبعد النفاس والسؤال لو وقعت الولادة بدون دم فخرج الولد بدون دم فهل تعتبر المرأة طاهرة وهل يجب عليها أن تغتسل في هذه الحالة ..؟؟
الجواب:أما بالنسبة لكون المرأة تضع الولد بدون دم فللعلماء قولان مشهوران في هذه المسألة :
الجمهور على أنه يجب عليها أن تغتسل .
وقال بعض العلماء وهو رواية عن الإمام أحمد -رحمه الله- وقول أهل الرأي: لا يجب عليها أن تغتسل.
والجمهور يعللون الغسل ليس لدم النفاس وإنما يعللوه بمسألة أخرى وهى أن خروج المني يوجب الغسل وهذا بالإجماع والنصوص دالة على هذا ، فهم يقولون الولد منعقد من المني من مني المرأة ومن مني الرجل والمرأة إذا أنزلت منيها وأخرجته وقذفته فإنه بالإجماع أنه يجب عليها أن تغتسل ؛ لكن أولئك ردوا بأنه قد استحال وباستحالته خرج عن حكم الأصل فوجب أن يعطى البراءة الأصلية ؛ لأن :" الأصل براءة الذمة حتى يدل الدليل على شغلها "، ولكن الأحوط أن تغتسل الأحوط أنها تغتسل وهو الذي تطمئن إليه النفس ، والله تعالى أعلم.
السؤال الثالث:
في المسألة السابقة لو قلنا بعدم وجوب الغسل عليها فهل يجب عليها أن تتوضأ ، ولماذا..؟؟
الجواب :
تبقى مسألة الوضوء هل تتوضأ إذا خرج منها الولد بدون دم ؟ الجواب جمهور العلماء على أنها تتوضأ ؛ والسبب في هذا أن الولد لا يخلو من رطوبة ولا يخلو من خروج علق معه وهذه الرطوبة نجسة ؛ لأن الحديث الصريح في قوله-عليه الصلاة والسلام-:(( ليغسل ما أصابه منها)) والولد إذا خرج يصيبه شيء مما ثمَّ في الفرج ، ومن هنا يجب عليها أن تتوضأ بلا إشكال ؛ ولكن الخلاف في الغسل على الصورة التي ذكرنا ، والله تعالى أعلم.
السؤال الرابع :
لو وقعت الولادة بدون دم في نهار رمضان وكانت المرأة صائمة فهل تؤثر في الصيام ؟ولماذا ؟ وهل قول بعض العلماء -رحمهم الله- بإيجاب الغسل في حال الولادة بدون دم يتفرع عليه القول بفساد الصوم التفاتاً لانعقاد المني..؟؟
الجواب:
إذا كانت صائمة وولدت ولداً بدون دم فهذه المسألة جمهور العلماء على أن صومها يلزمها أن تعيده ؛ والسبب في هذا أنهم يقولون الجمهور الذين قالوا بوجوب الغسل يقولون : أنه يلزمها أن تعيد هذا الصوم ؛ وذلك لأن خروج المني يوجب فساد الصوم لكن هناك قول وهو الذي يعني تطمئن إليه النفس أن صومها صحيح ؛ والسبب في هذا وهو يختاره جمع من أصحاب الإمام الشافعي ، وكذلك هو قول الحنفية وقول الحنابلة أنه لا يجب عليها أن تعيد هذا الصوم ؛ والسبب في ذلك أننا لو قلنا إن هذا الولد أصله مني فإنه مني خرج بغير اختيار كما لو احتلمت وهي نائمة فإنه لا يؤثر في صومها ، وبناءً على ذلك يقوى القول بأن صومها صحيح ولا يلزمها أن تعيده ؛ لأنه ليس ثم دم يوجب فساد صومها ، والله تعالى أعلم .
السؤال الخامس:
في الولادة القيصرية إذا أُخرج الجنين من البطن ولم يخرج الدم من الرحم فهل تكون المرأة طاهرة..؟؟
الجواب:
في الولادة القيصرية إذا خرج الولد من البطن بدون دم فإنه يحكم بطهر المرأة ، وليست هي بنفساء ؛ وذلك لأن الله رتب النفاس على وجود الدم ولا دم ، والله تعالى أعلم .
السؤال السادس:
إذا ولدت المرأة وخرج معها يسير من الدم ثم طهرت تماماً فهل يجب عليها الصوم والصلاة وتعتبر طاهرة أو لابد من تمام الأربعين يوماً..؟؟
الجواب:
المرأة النفساء إذا انقطع عنها الدم قبل تمام الأربعين مثل ما ورد في السؤال جرى معها الدم مدة ثم انقطع وأرادت أن تصوم وتصلي فإنه يلزمها أن تصوم وتصلي ، أما الصوم فإنها إن طهرت أو انقطع عنها دم النفاس ورأت علامة طهرها قبل دخول الفجر نوت الصوم وصامت وصومها صحيح ، وكذلك بالنسبة للصلاة فإنها لازمة لها لأنها طاهرة والحكم مرتب على وجود الدم ولا دم ، والله تعالى أعلم .
الجواب:
الخلاف بين العلماء في أقل الحيض ، وأما بالنسبة للنفاس فإنه لا حد لأقله ؛ بل ذكرنا أنها حتى لو ولدت بدون دم فهذا لا إشكال أنها لا تعتبر نفساء بمعنى أنها لا تأخذ النفاس من كل وجه ، وأما بالنسبة لدفعة الدم التي تكون بعد الولادة لو جرى معها الدم نصف ساعة أو ساعة فهي نفساء بقدر نصف ساعة أو ساعة ، فلو أنها خلال الساعة هذه استغرقت وقتاً للصلاة ثم طهرت بدخول الوقت الثاني لزمها أن تصلي الصلاة الثانية دون الأولى ؛ لأنها نفساء في الساعة الأولى دون الثانية ، والله تعالى أعلم.
السؤال الثامن :
إذا أسقطت المرأة جنينها في حالة فزع أو نحوها فخرج معها دم بعد سقوطه فهل يعتبر هذا الدم دم نفاس أو لا يعتبر..؟؟
الجواب:
الإسقاط إذا أسقطت المرأة جنينها أو أُسقطت بفزع أو خوف أو حملت شيئاً ثقيلاً فأسقطت فلا يخلو الذي تسقطه من حالتين:
الحالة الأولى : أن يكون فيه صورة الخلقة : إما أن يكون تام الخلقة ، أو يكون ناقص الخلقة المهم أن فيه شيئاً من التخلق ، فالدم الذي يجري معها في حكم دم النفاس .
والحالة الثانية : أن تسقط وليس فيه شيء من الخلقة كالعلقة والمضغة ونحو ذلك ، فإنه يعتبر دم استحاضة ولا يوجب ما يوجبه دم النفاس على أصح قولي العلماء ،والله تعالى أعلم .
السؤال التاسع :
إذا ولدت المرأة ورأت الدم عشرين يوماً ثم طهرت خمسة أيام ثم عاودها الدم عشرين يوماً أخرى فما الحكم..؟؟
الجواب:
هذه المسألة تعرف بمسألة التلفيق في دم النفاس ، فالمرأة النفساء نفاسها أمده الأربعون فهي تجلس إلى الأربعين إذا استمر معها الدم فإذا انقطع الدم دون الأربعين وطهرت ثم عاودها فإنه يعتبر من دم النفاس ، فلو أنه جرى معها عشرين يوماً نفاساً ثم انقطع خمسة أيام أو ستة أيام ثم عاودها ؛ فإنها تضيف هذه الأيام إلى أيام نفاسها حتى تحتسب أمد النفاس المعتبر ، والله تعالى أعلم .
السؤال العاشر :
ما الحكم إذا جاوز دم الولادة أربعين يوماً ولم تر علامة الطهر..؟؟
الجواب:
هذه المسألة أكثر النفاس ، المرأة النفساء إذا جاوزت الأربعين يوماً فإنه يحكم بكونها مستحاضة كما في الحديث الصحيح "كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوماً"، فهذا يدل على أن أمد النفاس هو الأربعون وأن ما جاوز الأربعين يعتبر استحاضة إلا في بعض المسائل الخاصة المستثناة ، والله تعالى أعلم.
السؤال الحادي عشر :
امرأة ولدت وجرى معها دم النفاس عشرين يوماً ثم طهرت بعد ذلك فهل يجوز لزوجها أن يأتيها..؟؟
الجواب:
مسألة جماع الرجل لامرأته قبل تمام أمد النفاس ، هذه المسألة جمهور العلماء على أنه يجوز له أن يأتيها ؛ ولكن الإمام أحمد كان يكره إتيانه لها قبل تمام الأربعين ، وهذا أمر سألت بعض الأطباء وذكر حتى بعض العلماء-رحمهم الله- أنه أمر طبي أكثر من أنه شرعي من ناحية الشرع لا بأس ويجوز له لكنه لا يحمد قبل الأربعين أن يأتي المرأة ، ولعل في جلوس المرأة إلى الأربعين حكمة بعد الولادة ، ولذلك لا يحمد إتيانها قبل الأربعين أما لو أتاها فإنه لا حرج عليه ، وجماهير العلماء على جواز ذلك ، والله تعالى أعلم .
السؤال الثاني عشر:
هل الحامل تحيض وعلى القول بعدم حيضها إذا جرى معها الدم وهي في حالة الحمل فما حكمه..؟؟
الجواب:
الحامل لا تحيض على أصح قولي العلماء -رحمهم الله- ، وكانوا يستدلون بقوله عز وجل :{ وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ}(1) قالوا جعل الله عز وجل حيضها لحملها ، ولذلك قالوا إنها إذا وطئت وانعقد جنينها أنها لا تحيض ، ويؤكد هذا بعض الأطباء ويقولون : إن المرأة الحامل لا تحيض في الغالب ، وعلى هذا أصح الأقوال أن المرأة الحامل لا تحيض ، وبناءً عليه فالدم الذي تراه أثناء حملها يعتبر دم استحاضه لا دم حيض إلا إذا سبق الولادة بيوم أو يومين إلى ثلاثة أيام ففيه الخلاف الذي سبق ذكره وإن كان الصحيح أنه يعتبر استحاضة ، والله تعالى أعلم .
السؤال الثالث عشر:
وهل يأخذ هذا الدم حكم الحيض في تحريم الطلاق ..؟؟
الجواب:
أما بالنسبة للحامل فيجوز أن يطلقها الرجل وهي حامل ؛ حتى إن بعض العلماء –رحمهم الله-استدلوا بقوله -عليه الصلاة والسلام-: (( ليطلقها وهي حائل أوحامل )) فلما ذكر في حديث ابن عمر أجاز له أن يطلقها وهي حامل دل على أن الحامل لا تحيض ؛ لأن الطلاق أثناء الحيض لا يجوز وقد دل على ذلك دليل القرآن ودليل السنة وهذا مما يؤكد رجحان مذهب من يقول إن الحامل لاتحيض ، ومن هنا فالطلاق أثناء الحمل جائز وحكى غير واحد الإجماع عليه أثناء الحمل إذا كان أثناء الحمل ولم تستبن علىالقول بأنها تحيض لم تستبنه حيضاً أنه يجوز ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ليطلقهاحائلاً أو حاملاً)) حائلاً يعني : ليست بذات حمل " طاهراً أو حاملاً" طاهراً :أي بعد نقائها من الحيض أو حاملاً أثناء حملها للولد ، فدل على أنها ليست بحائض وأن الحامل يجوز طلاقها والإجماع محكي على هذا إلاَّ على القول بأنها أي الحامل تحيض إذا وافق حيضها ؛ ولكن على هذا القول عند المالكية-رحمهم الله- الذين يقولون بهذا القول يقولون إن علة الحيض نفسها غير موجودة لأنه إذا كانت حاملاً فإن أمدها وأجلها هو وضع الحمل ؛ والسبب في منع الرجل أن يطلق المرأة أثناء الحيض هو إطالة العدة على المرأة ، وخوفاً من أن يتبين أنها حامل في حال تطليقه لها في الطهر الذي مسها فيه، فقالوا : إن هذا لا يتأتى في الحمل فيجوز له أن يطلقها ولكن مع الكراهة ، وإن كان الصحيح كما ذكرنا أنه يجوز أن يطلقها وهو مذهب القائلين بأن الحامل لا تحيض ، وهو أصح الأقوال خاصةً وأن السنة دالة على جواز تطليق المرأة حال الحمل ، والله تعالى أعلم .
السؤال الرابع عشر :
هل يجوز للمرأة أن تستخدم حبوب منع الحمل وكذلك حبوب منع العادة الشهرية وإذا فرضنا أنها استعملت حبوب منع العادة فلم يجر معها الدم فهل تعتبر طاهرة وما حكم صلاتها وصومها وطوافها في هذه الحالة ..؟؟
الجواب :أما حبوب منع الحمل فإنه لا يجوز للمرأة أن تستعملها لما فيها من الضرر ، ومخالفة سنة الله التي شرع الله من أجلها النكاح قال صلى الله عليه وسلم :(( تناكحوا تكاثروا فإني مفاخر بكم الأمم يوم القيامة )) فجعل علة النكاح أن تكون وسيلة لكثرة الأمة وتعظيم سوداها ، وهذا هو مقصود الشرع من النكاح فإذا أصبحت تأخذ حبوب منع الحمل فإنها تخالف المقصود من النكاح ، ولذلك لايجوز لها إلا في حالات الضرورة وهي :
أن يكون حملها مؤدياً إلى هلاك الولد أو هلاكها أوهلاكهما معاً وهذه مثل حالات الحمل المنتبذ أو الحمل القنوي أو الحمل المهاجر هذه أحوال اضطرارية ؛ لأن الجنين ليس بغالب على الظن أنه ينجو فحينئذٍ يكون حملها معرضاً للخطر دون ضمان لسلامته ، أما إذا كانت قادرة على الحمل وكانت ستلد فلا يجوز لها ، فإن كان ذلك لخوف العيلة وخوف النفقة فالأمر أعظم والأمر أشد ، والإجماع منعقد على تحريم تعاطي الأسباب الموجبة لمنع الحمل خوفاً من الضيعة وخوفاً من الفقر ؛ فإن الله عز وجل تكفل بأرزاق العباد ، وما على المسلم إلا أن يفوض أمره إلى الله عز وجل في هذه الأمور وكم من ولد جعله الله قرة عين لوالده ، فكان مجيئه سبباً في خير على والده وخير على والديه ، وهذا أمر دلت العادة والتجربة عليه فإن الله عز وجل يبارك في الولد ويجعل بعض الولد مباركاً قال الله سبحانه وتعالى :{وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ} (1) فالله عز وجل قد يبارك ، وبعض البنات قد يأتين للوالدين فيكن سبباً في الخير على الوالدين وهذا من حسن الظن بالله عز وجل وقوة الرجاء في الله عز وجل ، وكم من فقير كان في ضيعة وفقر والله عز وجل أغناه وزاده من الخير بعد كثرة الولد ، كان في فقر وشدة حينما كان وحيداً ومع أهله وزوجه فلما تزوج وكثر ولده عظم يقينه بالله ففتح الله له أبواب الرزق وأبواب الخير والبركة ،كذلك أيضاً على المرأة ألا تضعف فالمرأة إذا ضعفت بل إن الإنسان من حيث هو إذا سلمَّ أمره لله وفوض أمره إلى الله وأحسن الظن بالله -سبحانه- فإن الله يعطيه فوق ما يرجو وفوق ما يأمل ، فأي أمر من أمور الدنيا تقبلته بالنفس المطمئنة والصدر المنشرح وفي نفسك حسن الظن بالله فإن الله لا يخيبك ، فقد جاء في الحديث:(( أنا عند حسن ظن عبدي بي)) فإذا كانت المرأة مومنة بالله مؤقنة بالله عز وجل فإن الله لا يضيعها ، كان الناس في فقر وكانوا في شدة وكانت المرأة ترعى الغنم في البادية ولا تجد إلا القليل من الطعام تقوم بولادتها بنفسها وتأتي بولدها حاملة له وقد وضعته في شعب أو في واد ؛لأنها كانت قوية اليقين بالله عز وجل ، وكان النساء على الفطرة وكانوا على الإيمان بالله عز وجل وحسن الظن بالله وكم من نساء تجد لو تأمل الإنسان ونظر في عماته وخالاته والنساء الأول وجد المرأة تضع العشرة والعشرين والخمسة عشر بل حتى إلى الثلاثين من الولد ، والله يبارك في عمرها ويبارك في صحتها وكانوا في فقر وكانوا في شدة لكن كان عندهم الإيمان بالله والثقة بالله عز وجل.
لكن لما أصبحت المرأة تسيء الظن بالله عز وجل وأصبحت المخاوف ، وكل يوم يأتي شيء جديد أنه يقع كذا ويحدث كذا وأصبحت المرأة كل شهر تفحص وكل أسبوع تفحص وكل ثلاثة أيام ولو كان بيدها كل يوم وكل ساعة تفحص ؛ وكل ذلك من ضعف اليقين والإيمان بالله ليس معنى هذا أن نترك الطب وفوائد الطب ؛ ولكن المراد أن لا نغلوا وأن لا نتوسع في هذه الأمور وأن لا نعظم الأسباب حتى يحس الإنسان أن الأمور مقيدة بالأسباب ، وأنه إذا كان عنده عشرة من الولد و بعد خمس سنوات أو ستة سنوات يكون عنده خمسة أو ستة من الولد من الذي سيصرف على دراستهم وطعامهم ولباسهم وشرابهم هذا التفكير وهذا الإغراق في مثل هذه الأمور لا ينبغي لمسلم ، ينبغي عليه أن يحسن الظن بالله وأن يعلم أن الله تكفل بأمره وتكفل برزقه وأن عليه أن يفكر في شيء واحد وهو الإيمان بالله والثقة بالله-I-:{ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}(1) :{ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}(2) ليس بيد الناس أن يرزقوا ولكن اللقمة لا تستطيع أن ترفعها إلى فمك ولا إلى فيك ولا أن تطعم نفسك إلا أن يطعمك الله :((يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم)) الغني الثري الذي عنده الملايين ومئات الألوف تجدها معه وتمد له السفرة فيها عشرات الألوان من الطعام وهو يجلس على صحن واحد منها منعه الأطباء من كلها ؛ لأن الله لم يطعمه ما كتب الله له طعماً والفقير تجده في آخر عمره في السبعين والثمانين يأكل ما لذ وطاب من الطعام كل الطعام يأكله ولا يمنع من شيء من قوة وعافية ، فالأرزاق بيد الله والطعام من الله والشراب من الله .
الإغراق في الأسباب حتى إن المرأة تخاف من الحمل والله- تعالى-يقول:{ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا}(3) وما الذي جعل بر الوالدة آكد من بر الوالد لما تحملت وعانت ، المرأة تريد حملاً بدون تعب وتريد ولادة بدون عناء !! كيف ترتفع درجات النساء ؟ وكيف يساوين فضل الرجال ؟ في كثير من الأمور التي خص الله بها الرجال من الجهاد والجماعة وغير ذلك من الأمور التي تكون للرجال دون النساء ، مثل هذه الكربات ومثل هذا الألم والضيق والهم والغم هو الذي يرفع الله به درجتها ويعظم به أجرها ويصلح به حالها ، فالإغراق في التفكر في هذه الأمور إلى درجة قطع النسل يعني هذا قطع للنسل بالتدريج ، فتجد من كفر بالله وألحد في دين الله وضل عن سبيل الله يتكاثرون ؛ ولكن أولياء الله وأهل طاعته يفكرون كيف يحدون من هذا التكاثر ؟!! ما يجوز لا يجوز للمسلم أن يفكر مثل هذا التفكير ولا يجوز للمسلمة أن تقطع عن نفسها نعمة الله عز وجل ، الله أعلم كم من عقيم يتفطر قلبه الصباح والمساء يريد الولد ويريد الذرية ، والله ينعم عليكِ وينعم على زوجك ويقر عينك بالزوج الذي ينجب وأنت تنجبي فتكفر نعمة الله !! ويرد فضل الله !! -نسأل الله السلامة- تتعاطى المرأة بيدها منع فضل الله عليها هذا لا ينبغي ولا يجوز للمرأة أن تتعاطى مثل هذه الأسباب ، والأدهى والأمر أن تتعاطى أموراً تكون محل الشبهة القوية حتى على القول بجوازها ، كوضع اللولب فإن وضع اللولب من المجرب:
أولاً : يحتاج إلى إيلاج في الفرج ومس للفرج ونظر إلى الفرج ، وهذه لو قامت به امرأة فإن العلماء يختلفون في كثير من مسائله فكيف إذا كان في الغالب لا يقوم بها إلا رجل مع أنها تربك العادات وتجعل المرأة في حيرة من صلاتها وصيامها ، أين نحن من الإيمان بالله وتقوية الصلة بالله عز وجل أمرنا الله أن نأخذ بالأسباب ؛ لكن الأسباب ليست بشيء إذا لم يرد الله أن تتسبب وأن يكون منها ما يكون ، فإن إبراهيم ألقي في النار وهي سبب في الإحراق والهلاك والدمار والله- تعالى- يقول:{ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ}(1) فإن في الشجرة من الخضرة وقوة الجلد ما ليس في الآدمي الذي إذا اصطلى جسمه بالنار احترق بسرعة أكثر من الشجر ففي الشجر من الماء ومكافحة الحرارة أكثر من الآدمي ، ومع ذلك يقول الله-تعالى- لما رمي إبراهيم :{ قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاَماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ}(2) قلنا يانار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم فجعلها الله برداً له وسلاماً باليقين بالله وحسن الظن في الله حينما نظر إلى السبب فتوكل على الله الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ، فعلى الأمة أن تتقي الله في نفسها ، وعلى المؤمنات أن يتناصحن وأن يخوفن بعضهن بالله عز وجل ، ننتظر الذرية الصالحة ننتظر الذرية الطيبة خاصة من الشاب الصالح والشابة الصالحة المؤمنة ننتظر من يترعرع في بيت يؤمن الله بالله عز وجل يمقت الخَلقَ وينظر إليهم نظر المقت إلا لمن آمن به عز وجل ذكروا أن رجلاً من الأطباء جاءه رجل مسلم في بلاد الهند جاءه يريد منه أن يوقف أو يستأصل رحم زوجته فلما سأله هذا بكى الطبيب فاستعجبّ المسلم من ذلك واستغرب ما يكون من بكائه ، فسأله عن سبب البكاء فقال: إن وزجته أنجبت أربعة من الولد- هذا الطبيب يحكي للرجل الذي يريد أن يوقف النسل بالطريقة التي ذكرناها- ، فقال هذا الطبيب : إنه هو وزوجته أنجبت له أربعة من الأولاد فلما أنجبت الأربعة قالت له: ما دام هذا الأمر هكذا فأرادت أن تستأصل هذا الشيء ولا تحمل فاتفقت معه على ذلك ، فأعطاها إبرة كانت سبباً في عقمها وانقطاع نسلها ، ويشاء الله أن يترعرع الأربعة ثم يذهبون في حادث واحد الأربعة من الولد !! ولا يبقى إلا هو وزوجته فكلما جاءهم إنسان وهو يريد منه أن يتعاطى هذا السبب يبكي ؛ لأنه يتذكر مع أنه كافر بالله عز وجل ومع هذا يتذكر ما كان منه فعلى المؤمن أن يحمد نعمة الله عز وجل ويشكر الله على فضله ، وما يدريك أن هذا الولد الأخير هو الذي فيه الخير والبركة.
وحدثني الوالد -رحمه الله- عن رجل من أصدقائه بلغ تسعين سنة وهو من حملة كتاب الله عز وجل أن أمه حملت تسعة من الولد كلهم إناث كلهن بنات فلما حملت به وهو العاشر شاء الله عز وجل أنها يئست وعقدت العزم على أنها تسقط هذا الجنين ، وذهبت إلى العطار هذا في القديم وهذا الكلام في أوائل القرن الماضي ورأيت هذا الرجل وهو من أهل الفضل وعُمر وكان من أصدقاء الوالد -رحمه الله- ، هذا الرجل الصالح يقول : إنها حملت به فلما أعطيت هذا الدواء قيل لها تشربيه على الريق في السحر قبل الفجر قبل أن تطعمي شيئاً أول ما تستيقظين تشربين هذا الدواء ليكون سبباً في الاسقاط ، فلما استيقظت في الفجر وكان الناس فيهم خير فسمعت صائحاً يصيح وهو يدعو الله ويقول : يا أرحم الراحمين ، فاقشعر بدنها لما سمعت كلمة يا أرحم الراحمين مادام أن الله عز وجل موجود لماذا لا أتوكل على الله وأفوض أمري إلى الله ؟ والله يقولها للوالد يحكيها عن والدته وهي امرأة كان فيها خير وصلاح يقول : فأسقطت الدواء وعقدت العزم على أنها لا تمس هذا الحمل بسوء ، و يشاء الله أن يكون ذكراً وأن يكون من أصلح أبنائها وبناتها، فهذا كله بالثقة بالله ، توكل على الله فالإنسان إذا أحسن الظن بالله عز وجل ليس لنا قيمة في هذه الحياة إلا بالإيمان ، ومهما فكرت في أمورك وشئونك وبيتك وزوجتك أن تقودها بغير الإيمان بالله فلن توفق ولن تعان ضع أمرك كله لله وأي شيء يتنافى مع عقيدتك وإيمانك بالله وحسن ظنك بالله فارمه جانباً وتوكل على الله فإن الله يأتي بالفرج لعبده من حيث لا يحتسب ، ومتى ظنت أم إسماعيل أن فَرَجها ومخرجها يأتي من تحت قدم ولدها بالإيمان بالله:{ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} .
فعلى العموم أوصي المؤمنات وأوصي المؤمنين أن يتقوا الله في أنفسهم وأن يحمدوا الله على فضله وأن يشكروه وأن يحسنوا الظن بالله وأن لايتعاطو هذه المواد .
بقية المسألة الثانية : لو تعاطت أسباب منع الحيض مثلاً منع العادة أو منع الحمل قلنا لا يجوز ؛ لكن لو أنها شربت ما يقطع حيضها أو يمنع حيضها ثم جاء الشهر كاملاً وصامت وصلت وطافت وأدت عمرتها فما حكم عبادتها ؟؟الصحيح أنها إذا لم تر الدم أنها تعتبر طاهرة وصومها صحيح وصلاتها صحيحة وطوافها بالبيت صحيح ، وذلك لأن الله رتب الحكم على وجود الدم والدم ليس بموجود وهذا هو أصح قولي العلماء -رحمهم الله- ، والله تعالى أعلم .
السؤال الخامس عشر :
ذكرتم في أثناء حديثكم عن أقل الحيض أن العلماء -رحمهم الله- اختلفوا في هذه المسألة وذكرتم القول الراجح حبذا لو بينتم لنا أقوالهم لنا في هذه المسألة المهمة مع ذكر الأدلة وما هو القول الراجح ..؟؟
الجواب:هذه المسألة من مشهورات مسائل الحيض ما هو أقل الحيض ؟ للعلماء قولان :
جمهور العلماء على أن للحيض حداً أقلياً من حيث الجملة ، هذا مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة على أن للحيض حداً أقلياً إذا لم يبلغ هذا الحد فليس بحيض .القول الثاني : أنه ليس للحيض حد أقلي ، وبهذا القول يقول فقهاء المالكية والظاهرية واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وطائفة من المحققين-رحم الله الجميع-.
الذين قالوا للحيض حد أقلي اختلفوا على قولين :
القول الأول : أقل الحيض يكون يوماً وليلة .
والقول الثاني : يقول أقل الحيض ثلاثة أيام .
القول الأول للشافعية والحنابلة ، والقول الثاني للحنفية -رحم الله الجميع-.بالنسبة لأدلة هؤلاء الذين يقولون باليوم والليلة أو بالثلاثة أيام ، القسم الأول الذي يقول باليوم واليلة يحتج بالعادة والعرف ، ولذلك ذكر الإمام ابن قدامة -رحمه الله- في المغني أنهم استدلوا بما ورد عن السلف أنهم وجدوا امرأة تتحيض يوماً وليلة هذا أقل ما وجد هذا الذي بلغهم من العلم وهو أقل ما وجد ، فقالوا نستند إلى العرف لأنه ليس ثّمَ نص ، والذين قالوا ثلاثة أيام الذين هم الحنفية فاحتجوا بحديث ضعيف ، وقد أجمع العلماء على ضعفه أقل الحيض ثلاثة أيام ولكنه حديث ضعيف ولم يصح إسناده .
أما الذين قالوا ليس له حد أقلي هذه المسألة تكلم عليها العلماء -رحمهم الله- وبينوا أنه ليس في الكتاب ولا في السنة ما يدل على أن للحيض حداً أقلياً بحيث إذا نقص عنه فهو ليس بحيض ، وقالوا إن الأصل أن المرأة إذا بلغت سن الحيض ورأت الدم فهي على العادة الغالبة المطردة أنها تحيض فنحكم بكونها حائضاً ما لم تجاوز أكثر الحيض فنحكم بأن الزائد استحاضة ثم عندهم تفصيل فيما ترد إليه ، على العموم أصح الأقوال أنه ليس للحيض حد أقلي ، هناك دليل يتمسك به الذين يقولون الحنفية يقولون النبي صلى الله عليه وسلم قال :(( دع الصلاة أيام أقرائك)) فقال أيام والأيام جمع والجمع أقل ما يصدق ثلاثة فلا أقل من ثلاثة أيام ؛ ولكن أجيب على هذا الاستدلال بأنه خرج مخرج الغالب والقاعدة في الأصول :" أن النص إذا خرج مخرج الغالب لم يعتبر مفهومه" هذا بالنسبة لمسألة أقل الحيض فعلى هذا الصحيح أن الحيض ولو دفعة واحدة يعتبر حيضاً مادام أنه في مكانه وزمانه ، والله تعالى أعلم .
السؤال السادس عشر :
على المسألة السابقة ما هي ثمرة الخلاف وما هي فائدته..؟؟الجواب:
هذا الخلاف محقق وله فائدة وثمرة حاصلها : أننا إذا قلنا ليس للحيض حد أقلي فلو كان عمر المرأة تسع سنين ورأت الدم بعد التسع سنين رأته ساعتين ، ثلاث ساعات ، أربع ساعات ، عشر ساعات فهو حيض عند من يقول إنه ليس له حد أقلي ؛ لأنه يرى قليل الدم وكثيره حيضاً على هذا الوجه .
على القول بأنه لابد من يوم وليلة يقولون : كل امرأة بلغت تسع سنين ولم تحض من قبل ، لا بد لحكمنا بكونها حائضاً أن يأتيها الدم ويستمر يوماً وليلة فإن انقطع قبل اليوم والليلة فليست ببالغة وليست بحائض ، وهذا الدم ليس له معنى وليس له تأثير هذا بالنسبة للتحديد باليوم والليلة .
بالنسبة للثلاثة نفس الحكم يرون أنه لا يحكم بحيضها إلا إذا جاوزت إلى ثلاث فإذا كانت يوماً أو يومين فليست بحائض ولا يحكم ببلوغها ، وهكذا بالنسبة لبقية المسائل .
هناك من فوائد الخلاف : أنه لو جرى مع المرأة الدم ولم تكن لها عادة ولا تمييز وجاوز أكثر الحيض الذي هو خمسة عشر يوماً فعند أصحاب قول اليوم والليلة يردونها يقولون : تتحيض يوماً وليلة فتحسب من الخمسة عشر يوماً التي مضت يوماً وليلة حيض والباقي استحاضة ، ويلزمها أن تقضي الصلوات التي تركتها أثناء هذه المدة والصحيح ماذكرناه ، والله تعالى أعلم.
السؤال السابع عشر :
بالنسبة للعادة في الحيض ذكرتم أن المرأة تصبح ذات عادة إذا حاضت ثلاثة أشهر متتابعة بعدد واحد دون اختلاف والسؤال لو فرضنا أن المرأة لأول مرة جاءها الحيض ومكث معها الدم خمسة أيام أو ستة فما حكمها..؟؟
الجواب:إذا كانت المرأة لأول مرة تحيض وجرى معها الدم خمسة أيام لأول حيضة لها فإنها تعتبر الخمس حيضاً ، ولذلك يقول المبتدئة عادتها أول مرة يعني ما انقطع من دون أكثر الحيض يعتبر كله حيضاً فلو انقطع لستة أيام أو سبعة أيام أو ثمانية أو عشرة مادام أنه لأقل الحيض فإنه حيض ؛ ولكن عند من يقول اليوم والليلة يردها إلى اليوم واليلة حتى تستمر ثلاثة أشهر بمعنى واحد ، هذه من فوائد الحيض بيوم وليلة أن عند من يقول أنه لاحد لأقله يقول : إن المرأة إذا جاءها الحيض لأول مرة خمسة أيام فهي حائض خمسة أيام فإذا جاء الشهر الثاني خمسة أيام فهي حائض خمسة أيام والشهر الثالث خمسة أيام فكأنه يرى أن عادتها بالمرة الأولى.
وأما بالنسبة لمن يرىأن اليوم والليلة هي أقل الحيض يقول : إنها ترد إلى الأصل في الحيضة الأولى والحيضة الثانية وتحكم بكونها معتادة من الحيضة الثالثة وتمكث الخمس من الحيضة الثالثة وتقضي بقية الأيام لأنه تبين أنها حائض فيها والصحيح ما ذكرناه أنه ليس لحده أقل ، وبناءً على ذلك فإنها تمكث الخمسة أيام حاكمة على نفسها بكونها حائضاً ، والله تعالى أعلم .
السؤال الثامن عشر:
ما هو الحكم إذا اختلفت العادة والتمييز فهل الأقوى العادة أم التمييز مع ذكر الدليل..؟؟
الجواب:هذه مسألة خلافية إذا كانت المرأة لها أيام معينة تحيضها وميزت دمها فمثلاً لها خمسة أيام تحيضها من كل شهر وتعرف لون حيضها أنه أحمر غامض فجاءها الشهر بعد ماثبت لها العادة وثبت لها التمييز فوجئت بشهر من الشهور يأتيها ستة أيام بلون واحد ثم انقطع بعد السادس فهل نردها إلى عادتها أو نردها إلى تمييزها ؟ عندها عادة وعندها تمييز ، فبعض العلماء يقول : العادة أقوى من التمييز فنقول تحيضي خمسة أيام حتى يأتيك في الحيض الثاني وتنتقلين إليه بانقطاع الدم وعلامة الطهر ، وأما إذا لم ينقطع واستحاضت حتى بلغت أكثر الحيض فترد إلى عادتها ويستدلون بحديث فاطمة -رضي الله عنها- وحديث أم حبيبة-رضي الله عنها-:(( لتنظر الأيام التي كانت تحيضهن قبل أن يصيبها الذي أصابها)) فإذا خلفت قدرها فلتغتسل فردها إلى العادة ، وهذا يدل على أنها أقوى من التمييز ، ثم إن التمييز حديثه فيه كلام ؛ ولكن العادة أحاديثها في الصحيحين ومجمع على ثبوتها ، ولذلك يقوى القول بتقديم العادة على التمييز وتكون المرأة في هذه الحالة عاملة بعادتها ، والله تعالى أعلم .
السؤال التاسع عشر :
إذا جرى الدم مع المرأة بعد الولادة أربعين يوماً ثم تغير بصفات دم الحيض فهل نحكم بكونها حائضاً أو مستحاضة..؟؟
الجواب:بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد: فإذا جرى مع المرأة دم النفاس ثم انقطع ثم عاودها الدم بصفات دم الحيض وميزته وتأكدت أنه حيض فإنها تنتقل من كونها نفساء إلى كونها حائضاً ولا تحكم بكونها مستحاضة ؛ لأن التمييز في هذا معتبر ، والله تعالى أعلم .
السؤال العشرون :
من أفضل ما يستغل به المسلم وقته هو العمل الصالح الذي يذهب معه في قبره وحشره فما هي أفضل الأعمال التي يقضي بها المسلم وقته وجهونا في ذلك..؟؟
الجواب:
أحب الأعمال إلى الله عز وجل توحيده والإيمان به وحسن الظن به عز وجل وصدق اللجأ إليه ، ولذلك عظم الله في كتابه أعمال القلوب من خشيته -سبحانه- والخوف منه وحبه -سبحانه- والتوكل عليه ، وكذلك ما يصحب ذلك من أعمال الجوارح التي تزيد الإيمان بالله عز وجل وإذا وقر الإيمان في القلب صدقه العمل ، ولا صلاح للقلوب إلا بالإيمان بالله والتوكل على الله وكمال اليقين في الله عز وجل، وإذا صلح القلب بالإيمان صلحت الجوارح قال صلى الله عليه وسلم (( ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)) ولا يمكن للقلب أن يصلح إلا بالإيمان بالله قال الله- تعالى-:{وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}(1) فإذا آمن العبد بربه وأصبح وأمسى وليس في قلبه إلا الله ولا يرجوا إلا رحمة الله ، ولا يخاف إلا من الله إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، إذا كمل إيمانه بالله وعظم يقينه في الله فإنه ينال السعادة الأبدية في الدنيا والآخرة ، فأول ما ينبغي على من يريد أن يلقى الله عز وجل بأحب الأعمال وأفضل الأعمال أن يصلح ما بينه وبين الله ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَانُ وُدًّا}(2) فيجعله الله محل الحب ومحل الإجلال ويصلح له ما يكون بينه وبين أهله وزوجه ، قال الله عن نبيه زكريا :{ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ}(3) فالله يصلح لك جميع الشئون ويتولى لك جميع الأمور متى ما أمسيت وأصبحت مؤمناً به ، متوكلاً عليه مفوضاً أمورك كلها إلى الله ، ووالله إن الإنسان يعلم الله الذي لا إله غيره ولا رب سواه أننا لانأسف في هذه الدنيا على ذهاب الأموال ، ولا على ذهاب الأولاد ، ولا على غيرها من ما فيها من لذات الدنيا وشرورها ؛ ولكن والله نأسف أننا نخرج وما قدرنا الله حق قدره ، الإنسان إذا أمسى وأصبح في نعمة عبدٍ ، تحدث بنعمة العبد صباحاً ومساءً وحفظ معروفه وذكره بين الناس ، ولكن قل أن يذكر فضل الله وإحسانه ، وهو في كل طرفة عين وفي كل لمحة بال يغدق الله عليه من النعم ويدفع الله عنه من الشرور والنقم ما لا يعلمه إلا هو عز وجل ، فالواجب على الإنسان إذا فكر أن يعمر وقته : أن يعلم أن الله لا يبارك له في هذا الوقت وأن الله لا يصلح له وقته ولا يضع له فيه الخير والبر إلا إذا أصلح ما بينه وبين الله بصلاح قلبه ، ويملأ قلبه من إجلال الله وتوحيده وتعظيم الله عز وجل فإذا فعل ذلك آثر ما عند الله على ماعنده وآثر الآخرة على الدنيا وبذلك يشمر عن ساعد الجد في طاعة الله ومرضاة الله ولا تكل له عزيمة ولا تفنى له نفس في طلب ما عند الله عز وجل من رضوانه العظيم ومحبته الكريمة –ونسأل الله العظيم أن يجعلنا وإياكم ذلك الرجل- فإذا أراد المسلم أن يصلح الله له وقته وأن يصلح له عمره حرص على فضائل الأعمال التي تثبت الإيمان في القلب وتزيد الإنسان تمسكاً بطاعة الله وأحبها إلى الله وأزكاها عند الله كثرة الصلوات وكثرة النوافل قال صلى الله عليه وسلم :(( استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة )) فيستكثر المؤمن من النوافل ويحرص على أنه يمسي ويصبح وله في صحيفة عمله من النوافل خاصة في قيام الليل ، فنوافل الصلوات لها سر عظيم في حفظ الإنسان والله- تعالى- جعل الصلاة من أعظم القربات التي يحفظ بها العبد ، يحفظ بها من الفتن ومن الشهوات ، وكان بعض العلماء والأئمة إذا اشتكي إليهم من الفتن أمر بالصلاة ، وذكر صاحبها بالصلاة وقال له لن تفتن ما دمت محافظاً على الصلاة فإن الله يقيم للعبد أمر الدنيا والآخرة بالصلاة ، ولذلك جعل الجنة مقرونة بإقام الصلاة وثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( أن من حفظ للصلاة طهارتها وركوعها وسجودها ووقتها وأداها على وجهها صعدت إلى السماء وعليها نور ففتحت لها أبواب السماء حتى تنتهي إلى ماشاء الله وتقول حفظك الله كما حفظتني )) ولن تجد شاباً ملتزماً على طاعة الله -لأن أكثر ما يتعرض للفتن الشباب- ولن تجد شاباً يحرص على أنه لا يؤذن للصلاة إلا وهو في المسجد ولا تقام الصلاة إلا وهو في المسجد ولا يخرج من المسجد إلا بعد إتمام أذكار الصلوات إلا وجدته أشرح الناس صدراً وأقواهم قلباً وجناناً ؛ ولكن بمجرد ما يفرط في هذه الأمور فتجده يقول إنه ملتزم ومهتد بالله عز وجل فلا يأتي الصلاة إلا في آخرها وإذا انتهى من صلاته شوش فكره بما يكون من أمور الدنيا ويريد بعد ذلك ثبات القلب وصلاح الحال ، لابد للإنسان من التضحية لابد للإنسان إذا راد أن يبارك الله له وأن يكون من أهل الفضائل ومن الأعمال الصالحة أن يقدم ، وما يقدم لنفسه من الخير يجده عند الله عز وجل، فهذا الالتزام وهذه الهداية تحتاج إلى اغتنام العمر في مرضات الله حتى يكون إنساناً صادقاً في التزامه ، فإذا كان المسلم محافظاً على الصلاة فإنها من أحب الأعمال إلى الله .
وأعظمها أجراً عند الله ، كذلك أيضاً من أحب الأعمال إلى الله عز وجل بعد إقامة حقه بر الوالدين فإذا أمسى الإنسان وأصبح فلينعم عينه ولتقر عينه ببر والده وبر والدته وليهنأ بساعةٍ تمر عليه وقد بر فيها والده ووالدته ، وإذا كانا أمواتاً تمر عليه الساعة وقد ترحم على أبٍ ميتة أو على أم ميته فسأل الله أن يغفر لها وأن يرحمها وأن يفسح لها في قبرها ، كلٌ منا يسأل نفسه خاصة إذا كان الوالدان أمواتاً ماالذي قدمه للوالدين ؟ ومتى يذكر الوالدين في صالح دعائه ؟ ومتى يبتهل إلى الله ؟ وكان الواجب عليه أن لايفتر عن ذكر جميلهم وفضلهم ، والله لو سبقهم الإنسان لما فترت ألسنتهما إلا في القليل عن ذكرك والدعاء لك والترحم عليك فينبغي للإنسان أن يحفظ هذا العمل الصالح الذي هو بر الوالدين .
كذلك أيضاً من فضائل الأعمال التي يحبها الله ويثبت بها قلب العبد على الهداية صلة الرحم من زيارة الأعمام والعمات والأخوال والخالات ، أهله كلهم والقرابات والرحم من أقارب الزوجة امتثالاً لقول الله-U-:{وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ}(1) صلتهم بصلة الله والإحسان إليهم .
كذلك أيضاً من فضائل الأعمال تفقد الجيران والإحسان إليهم والوصاية بهم خيراً وتفريج كرباتهم إذا احتاجوا إلى مساعدة الإنسان أو الوقوف معهم ، وبذلك وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحابة ما وصاه :(( إذا طبخ المرق أن يكثر منه حتى يتعهد منه الجيران )) فالإحسان إلى الناس خاصة من كان قريباً من الإنسان كجيرانه يحسن إليهم ولا يسيء ويكرمهم ولا يهين ولا يرون منه إلا الخير ولا يذكرهم إلا بخير ، إن رأى منه سراء شكر لله عز وجل أن وفقه للجار الصالح وإن رأى ضراء صبر واحتسب الأجر عند الله .
كذلك أيضاً من الأعمال الصالحة التي يحبها الله عز وجل السعي في تفريج كربات المسلمين خاصة الأرامل ، فإذا رأيت أرملة أو ضعيفة في شارع وهي تسأل سترت عورتها وفرجت كربتها وأعطيتها ما تجود به نفسك فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول :(( الساعي على الأرملة واليتيم كالصائم الذي لا يفطر والقائم الذي لا يفتر)) فيجعل الإنسان له بيتاً فيه أرملة تعول أيتاماً يتعهدها في الأسبوع يتعهدها في الشهر ، إن استطاع يتعهدها في اليوم فلعل الله أن يجعل لها دعوة في الغيب تكون سبباً في سعادتك في الدنيا والآخرة ، هذه الأمور كلها تعين الصالح على صلاحه وتعين طالب العلم على طلبه وتعين المهتدي على هدايته لابد للمسلم أن يسعى في مرضاة الله وأن يستجيب لأمر الله :{ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}(2) -نسأل الله العظيم رب العرش الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يمن بالعافية غدونا وآصالنا وأن يختم بالسعادة آجالنا -إنه ولي ذلك والقادر عليه
أم الأفذاذ @am_alafthath
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️