الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، خالق الأرض والسماوات،أخرج الناس إلى النور من بعد الظلمات، والصلاة والسلام على النبي الصادق الأمين، ذي الخلق العظيم،بالمؤمنين رؤوف رحيم، المبعوث رحمة للعالمين،أما بعد ..
فمن الملاحظ أحباؤنا في الله أنه يوجد بعض حالات المس أو السحر أو الحسد يتأخر شفاؤها بشكل واضح، الأمر الذي يصيب المريض بالإحباط واليأس فكان لابد من الوقوف على أهم أسباب تأخر شفاء بعض الحالات حتى يكن المريض على بصيرة من أمره ويصل إلى بر الأمان بفضل الله الواحد المنًان ومن هذه الأسباب :-
(1) البعد عن الله
إعلم أخي الكريم وأختى الكريمة أن من أهم أسباب عدم شفاء بعض حالات المس والسحر والعين هو " البعد عن الله " فالجن عدو لا تستطيع أن تنتصر عليه إلا بالله عز وجل وحرب الجن أقوى من حرب الإنس كما ذكر ذلك شيخ الإسلام الإمام ابن تيميه وذلك لأنك تحارب عدو لا تراه بالإضافة إلى القدرات الفائقة التي خلق الله الجن عليها من خفة في الحركة وجريانهم من ابن آدم مجرى الدم كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم بالإضافة إلى وجود القرين .. الخ ، ومن المعلوم أخي الكريم وأختى الكريمة أن الله عز وجل لا ينصر العاصيين بل ينصر عباده المؤمنين ، قال تعالى: ( وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) (الروم : 47) ،
وقال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ) (النحل :128)
وقال تعالى : ( وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ ۖ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ) ( المائدة : 12)
فقد إشترط الله سبحانه وتعالى كي ينصرنا على العدو أن لابد من إقامة الصلاة وتقوى الله
وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو ينصح سعد بن ابي وقاص رضى الله عنه وذلك قبل الذهاب لمعركة القادسية فقال : ( يا سعد لا يَغُرًنك أنك خال النبي صلى الله عليه وسلم واعلم أننا نحارب اعدائنا بتقوى الله فإن عصينا الله تركنا لهم والنصر حينئذ للعدد والعدة وهم أقوى منا في العدد والعدة ).
فيا أحباب النبي صلى الله عليه وسلم يجب أن نعلم بأن الله ينصر عباده المؤمنين أما أهل المعاصي فالله يتركهم لكفار الجن والسحرة الملاعين تخرب بيوتهم وتفرق بينهم وبين زوجاتهم وتستحوذ عليهم .
فلابد عليك أخي الكريم وأختى الفاضلة الإلتزام بالصلاة والقرآن والأذكار والبعد عن المعاصي من التدخين والتبرج والسفور .. الخ حتى يرفع الله البلاء ويصد شر كل عدو .
(2) ضعف المريض
ومن أهم أسباب عدم الشفاء أو تأخره هو ضعف المريض في محاربة الجن الصارع له والضعف نوعان :-
(أ) ضعف العبادات :-
ضعيف الصلاة سواء من حيث الأداء أو من حيث الخشوع ( التركيز فيها ) ، ضعيف قراءة القرآن ، ضعيف الأذكار، ضعيف الدعاء والتوسل إلى الله
(ب) ضعف الإيمانيات :
ضعيف الإرادة والعزيمة :
قال تعالى : ( لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) ( ال عمران 186)
ضعيف الثقة في الله :
قال تعالى : ( وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (يوسف 87)
ضعيف الصبر على البلاء :
قال تعالى : ( إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ( يوسف :90)
وقال تعالى : ( وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَا آذَيْتُمُونَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ) (إبراهيم 12)
ضعيف التوكل على الله :
قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) ( الطلاق :3 )
ضعيف اليقين بفرج الله
قال تعالى: ( إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) ( ال عمران 160)
نعم أحباؤنا في الله فالقطار لا يسير إلا على قضيبين وليس قضيبا واحدا ( قضيب العبادات ، وقضيب الإيمانيات )
قال الإمام ابن القيم رحمه الله : ( والإنسي والجن الصارع له بمثابة جيشين فالأقوى هو الذي ينتصر).
وقال شيخ الإسلام الإمام ابن تيميه رحمه الله : ( واعلم أنك تحارب عدو لا تراه وإنما تحاربه بتقوى الله )
أي أن المريض يحارب الجنى المعتدي عليه بالخشوع في الصلاة وبتدبر القرآن وبتقوى الله والبعد عن المعاصي.
(3) عدم إهتمام المريض بالتحصينات أثناء العلاج أو بعده :-
أيضا من أهم أسباب عدم شفاء حالات المس والسحر والعين " عدم إهتمام المريض بالتحصينات " فيركز كل التركيز على إبطال السحر أو خروج الجن المتلبس ولا يعتني بالتحصين فسرعان ما يكون السحر مجددا أو مرصودا أو صُنع له سحرا آخر .. الخ ، فيكون الجهد الذي بُذل " هباءا منثورا " ؟!
فيجب على المريض أن يهتم بعد علاجه بالتحصين الدائم بالأذكار التي علمنا إياها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم مع المحافظة على الصلاة وسورة البقرة .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اقرءوا سورة البقرة في بيوتكم فإن الشيطان لا يدخل بيت يقرأ فيه سورة البقرة ) (رواه الحاكم بسند صحيح رقم 1170 صحيح الجامع)، وأيضا قال صلى الله عليه وسلم ( اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعه االبطلة) (رواه مسلم رقم 1910 وأحمد ، رقم 1165 صحيح الجامع)
البطلة : أي السحرة
(4) العلاج بشكل خاطئ
أيضا من اسباب عدم شفاء بعض الحالات هو العلاج بشكل خطأ وينقسم غلى قسمين
(أ) العلاج بشكل غير شرعي :
وذلك بالذهاب إلى الدجالين او العرافين أو الكنائس ، فعن أي هريرة (رضى الله عنه ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر أنزل على محمد ) ( رواه أحمد والنسائي والترمذي والحاكم بسند صحيح ، رقم 5939 صحيح الجامع )
(ب) التشخيص الخاطئ
نعم احباب رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن المعروف أن العلاج الجيد يبدأ بالتشخيص الجيد ، وهذا سبب من أسباب عدم شفاء بعض الحالات يتم تشخيصها خطأ .
أمثلة على سبيل التوضيح لا الحصر :
مثال 1
يتم أحيانا تشخيص مرض التوحد على أنه مس.
مثال 2
يتم أحيانا تشخيص مرض القطط على إنه سحر منع الحمل أو مس العشق .
مثال 3
يتم أحيانا تشخيص مرض الضمور ( العضلات أو المخ ) على إنه مس.
مثال 4
يتم أحيانا تشخيص بعض الأمراض النفسية كالعصاب أو الذهان أو البارانويا أو الشيزوفرينيا أو الفوبيا أو الوسواس القهري على إنها حالات مس أو سحر أو عين .
مثال 5
يتم تشخيص بعض حالات السحر المحول إلى عشق على أنها مس عشق .
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعا إلى شفاء جميع مرضى المسلمين والمسلمات وأن يتقبل منا وأن يجعل جميع أعمالنا خالصة لوجهه الكريم .
(5) محو السيئات وزيادة الحسنات ورفعه للدرجات
نعم أحباؤنا في الله فليس كما يظن الكثير منا بأن ابتلاء المس والسحر والعين يكون عقاب من الله وتقصير من الشخص فأحيانا بل وكثير يكن رضا من الله وفضل منه سبحانه ويكن إبتلاء من الله ظاهره الشر وباطنه الخير بل كل الخير ، يرد به الله رحمة للعبد المبتلى يغفر له السيئات ويزده من الحسنات ويرفعه الدرجات وفيه يتقرب المريض إلى الله ويحافظ على الصلوات وتلاوة القرآن تاركا شؤم المعاصي وسوادها متذوقا طعما جميلا ولذة عارمة ألا وهى لذة الإيمان ، داعيا الله الملك القدير بإحساس فيه ظلم واقع عليه ممن سحره أو حسده.
ورأينا كثيرا من الحالات بإبتلائها هذا تشرع في حفظ القراءة أو لبس الحجاب الشرعي ، قال تعالى : ( لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) (سورة النور 11)
وقال تعالى : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (البقرة 216)
ولا ننسى أن نذكر بأن من أسباب تأخر الشفاء هو حب الله لهذا المريض المبتلى فالله إذا أحب عبد ابتلاه
عن أبى هريرة ( رضى الله عنه ) أن النبي صله الله عليه وسلم قال : ( ما يصيب المسلم ، من نصب ولا وصب ، ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم ، حتىالشوكة يشاكها ، إلا كفر الله بها من خطاياه . (صحيح البخاري رقم: 5641 )
وعن ابن عباس ( رضى الله عنه ) قال : ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : بلى ، قال:هذه المرأة السوداء ، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني أصرع ، وإني أتكشف ،فادع الله لي ، قال : ( إن شئت صبرت ولك الجنة ، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك )، فقالت : أصبر ، فقالت : إني أتكشف ، فادع الله أن لا أتكشف ، فدعا لها).(صحيح البخاري رقم 5652 )
ففي بعض الحالات يكون سبب تأخر الشفاء هو محو السيئات وزيادة الحسنات ورفعة للدرجات
فيا أخي المريض وأختى المريضة أبشروا بالخير
وأذكر نفسي وإياكم بتقوى الله فالخير كل الخير في طاعة الله والشئم والخسارة في معصية الله .
وأختم رسالتي بالحمد لله رب العالمين الذي بنعمته تتم الصالحات ، فلك الثناء ربي كما أثنيت على نفسك والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل جميع أعمالنا خالصة لوجهه الكريم وأن يشفى جميع مرضى المسلمين والمسلمات .
اللهم علمنا ما جهلنا وارزقنا أن نعمل بما علمتنا وتقبل منا أحسن ما عملنا وتجاوز واغفر لنا ما لا يرضيك عنا إنك ولي ذلك والقادر عليه .
منقول
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
ربي يكتب لنا الشفاء بايسر سبب
ااامييين