استنزلوا الرزق بالصدقة!!
جملة نطقها أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، الذي فهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، روح الإسلام، فتشربت روحه المعاني النبيلة، والأحكام الجليلة والأسرار العظيمة،
التي قصد إليها الإسلام بتعاليمه، وأشار إليها بهديه، وتناولها بتوجيهاته، فإذا بهذا الفهم المدرك، يقود إلى أن (الصدقة) تستنزل الرزق، فمن أراد أن يُرزق فعليه بالصدقة.. عليه بالبذل والعطاء، من غير مَنِّ أو رياء.
يا له من فقه ! عدت عليه عاديات الجشع والحرص والطمع، فرأت نفوس الكثيرين منا
الصدقة خسارة، والزكاة مغرماً، إنها نفوس شحيحة، وبالخير ضنينة، تغلق أبواب الرزق، وتسد منافذ الخير، وتمحق أسباب البركة.
استنزلوا الرزق بالصدقة!!
إن (الصدقة) باب (للرزق) فلا تغلقوه، وطريق للخير فلا تنكبوه.. اطلبوا (الرزق) الواسع
بها، فبها يبارك الله لك في رزقك القليل، ولا يفتح عليك أبواباً تضطر فيها إلى الدَيْن
والسؤال.. بسبب مرض، أو مصيبة.. والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يوجهنا:
(داووا مرضاكم بالصدقة). ومن هنا جاء توجيه
علي -رضي الله عنه-: (الصدقة دواء منجح). فيها يصرف الله عنك البلاء، ويفتح عليك
أبواب الخير والسعادة.. فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.. فأنت بصدقتك أدخلت السرور والفرح على أهل بيت ضاقت بهم السبل، واشتد عليهم الكرب.. فجاءت صدقتك نوراً وأملاً
يبدد ظلامهم الدامس، ويأسهم القاتل، فالله - سبحانه- حقيق أن يبدد من حولك الظلمات،
ويدخل على قلبك السعادة والأمل...فـ (من يُعطِ باليد القصيرة، يُعطَ باليد الطويلة).. ويدك بالتأكيد هي اليد القصيرة.. ويد مولاك -سبحانه- هي الطويلة العظيمة.
استنزلوا الرزق بالصدقة!!
فقد (فرض الله الزكاة تسبيباً للرزق).. فلا تبخل بحق الله في مالك، فهو الواهب، وهو
المانح، فإن مَنَعتَ مُنِعْتَ، فأي المنعَيْن أشدّ؟! فإنّ « لله في كل نعمة حقاً، فمن أداه زاده
منها، ومن قصّر عنه خاطر بزوال نعمته».
فالزكاة تحصين، والصدقة حفظ، والعطاء زيادة، والبذل سيادة.. «سوسوا إيمانكم
بالصدقة، وحصنوا أموالكم بالزكاة، وادفعوا أمواج البلاء بالدعاء».
استنزلوا الرزق بالصدقة!!
معنى أكده الإمام علي -رضي الله عنه- بعبارات كثيرة، ومرات عديدة.. فها هو يرشدنا
إن أصابنا إملاق، أو عضنا ناب الدهر بفاقة
بقوله: (إذا أملقتم فتاجروا مع الله بالصدقة)، والمعنى، إذا افتقرتم وأعسرتم فتصدقوا
بالقليل الذي تملكون.. فإن الله يعطف الرزق عليكم بالصدقة. فكأنكم عاملتم الله بالتجارة،
وإنها لتجارة رابحة، وههنا أسرار لا تعلم..
فأين المتاجرون بالصدقات؟!
أين المتاجرون بالبذل والإنفاق؟!
أين المتاجرون بدفع الزكوات؟!
أين الذين يتاجرون في هذا كله مع الله؟!
وهل يخسر تاجر يتاجر في تجارة مع الواسع العليم : «مثل الذين
ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبّة أنبتت سبع سنابل، في كل سنبلة مائة حبّة، والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم» (البقرة: 261)
استنزلوا الرزق بالصدقة!!
والأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل على الذين يقبل عليهم الرزق أن يعلموا أن لهم فيه
شركاء، وحق على الناس أن يشاركوهم فيه.. حتى يكون للغني معنى، وللمال دور،
ولهذا أشار إمامنا علي -رضي الله عنه-: (شاركوا الذي قد أقبل عليه الرزق، فإنه
أخلق للغني، وأجدر بإقبال الحظ عليه)..
نعم، إن هذه المشاركة، تفتح عليه أبواباً أخرى للخير، وتزيد في ربحه، وتبارك له في
رزقه..
فاستنزلوا الرزق بالصدقة!!
فقه ينبغي له أن يحيا في وقتنا من جديد، فيتبوأ مكاناً علياً، ويتصدر فهمنا،
ويحكم سلوكنا، ويتوج عرش قلوبنا، حتى نتخلص من شح نفوسنا، وسوء ظننا.
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️