*** استيـــقــظ من غفــــلتــــك***

ملتقى الأحبة المغتربات

الحمد لله الذي كتب على عباده الموت والفناء، وتفرد سبحانه بالحياة والبقاء، والصلاة والسلام على من ختمت به الرسل والأنبياء وعلى آله وأتباعه إلى يوم اللقاء.

تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْأَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ

الموتمخلوق عجيب من مخلوقات الله تعالى، خلقه ليبلو العباد أيهم أحسن عملا.

وقدنصب الله تبارك وتعالى الموت دليلاً على قدرته الباهرة وعظمته القاهرة؛فقضى به على الصغير والكبير، والغني والفقير، والوزير والحقير، والمؤمنوالكافر، والبر والفاجر، والمطيع والعاصي، والذاكر والناسي. قصمبه رقاب الجبابرة، وكسر به ظهور الأكاسرة،


يخطئ من يظن أن الموت فناء محض وعدم تام، ليس بعده حياة ولا حساب ولا حشر ولا نشر ولا جنة ولا نار. إذ لو كان الأمر كذلك لا نتفت الحكمة من الخلق والوجود، ولاستوى الناس جميعاً بعد الموت واستراحوا، فيكون المؤمن والكافر سواء، والقاتل والمقتول سواء، والظالم والمظلوم سواء، والطائع والعاصي سواء، والزاني والمصلي سواء، والفاجر والتقي سواء، وهذا مذهب الملاحدة الذين هم شر من البهائم، فلا يقول ذلك إلا من خلع رداء الحياء، ونادى على نفسه بالسفه والجنون.


قال تعالى: زَعَمَ الَّذِينَكَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَىوَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّبِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِيَسِيرٌ

وقال سبحانه: وَضَرَبَلَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْيُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْيُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَمَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ


فلماذا تتكبر أيها الإنسان وسوف تأكلك الديدان؟!
ولماذا تطغى وفي التراب ستلقى؟!
ولماذا التسويف والغفلة وأنت تعلم أن الموت يأتي بغتة؟



وعرف الموت بـــ "انقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقتها له". إلا أنه ليس عدمًامحضًا ولا فناءً صرفا، وإنما هو تبدل من حال إلى حال، وانتقال من دار إلىدار. قال عمر بن عبد العزيز: "يا أهل الدنيا إنكم لم تخلقوا للفناء، وإنماخلقتم للأبد والبقاء، وإنما تنقلون من دار إلى دار"


استأثر الله سبحانه بالملك والبقاء، وأذل رقاب الخلق بما كتب عليهم من الفناء، فليس مخلوق إلا وهو ميت، يموت الصالحون والطالحون، يموت النبيون والمرسلون، يموت الملائكة المقربون


كل نفس ذآئقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرو


كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ*وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِوَالْإِكْرَامِ

وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ



روى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال صلى الله عليه وسلم: "يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة بيده اليمنى ثم يقول: أنا الملك! أين الجبارون أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضيين بشماله ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون...".


فاعلمو أن لكل واحد منا مع الموت موعدًا مضروبًا، وأجلاً معدودًا، ووقتًا محسوبًا، وأنه إذا جاء فلا محيد عنه ولا محيص منه، (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ)

(وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)


فإذا علمت أنك ميت لا محالة، وأن موعد الموت غيب لا يعلمه إلا الله، فلا أحد يعلم متى ينتهي أجله ولا أين توافيه منيته، وإنما هو غيب غيبه الله عن العباد فلا يعلمه إلا هو (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ).. أدركت عندئذ معنى قول حبيبك صلى الله عليه وسلم : "أكثروا من ذكر هاذم اللذات"


فإن كثرة ذكر الموت تعطيك ثلاث فوائد:

تعجيل التوبة
والرضا بالقليل

وعدم مزاحمة أهل الدنيا في دنياهم.



كما وأن نسيان الموت والغفلة عنه يورث أشياء ثلاثة:

قسوة القلب
وتسويف التوبة

وحب الدنيا..

التي من أحبها وتعلق قلبه بها أورثته شغلاً لا يفرغ منه أبدًا،

قال عمر بن عبد العزيز: "أكثر من ذكر الموت، فإن كنت واسع العيش ضيقه عليك، وإن كنت ضيق العيش وسعه عليك".



قال إبراهيم التيمي: "شيئان قطعا عني لذة الدنيا: ذكر الموت، والوقوف بين يدي الله عز وجل".



قال الحسن: "ما رأيت عاقلاً قط إلا أصبته من الموت حذرًا وعليه حزينًا".
وكان الربيع بن خيثم قد حفر قبرًا في داره، فكان ينام فيه كل يوم مرات، وكان يقول: لو فارق ذكر الموت قلبي ساعة واحدة لفسد.


فاعتبروا ياأولي الالباب..




اليكم هذا الربط..(الموت)
1
569

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ريحانة التميمي
السلام عليكم جزاك الله خير على هذا الموضوع ورزقنا واياك الاستعداد حفظ الله لك دينك وردك سالمة غانمة