
سأنقل لكم هذه المقابلة مع أم ياسر رحمها الله (1)
حفظت القرآن وعمرها 68
===========================
سألتموني كيف كان الحفظ وكيف كانت الطريقة
وماذا أقول لمن هم في عمري ولمن هم في عمر الشباب
كنت سابقاً أسمع لبناتي القرآن ختمة تلو الختمة
وصفحات تلو الصفحات وكنت لا أرد أحداً ولو كانت الساعة الخامسة صباحاً ..
حينذاك أشعر بغبطة لو شعر بها الآخرون لحسدني عليها
وكلما أنجزت ختمة تسميع كنت أطلب الدعاء لحفظه
وكنت اجد حين التسميع لهم ضعفاً لدى بعضهم في قراءتهم
سواء بالتشكيل أو بالكلمات
ولذا قررت أن أعمل إجازة بإقراء شفوي
لأستطيع أن أخدم القرآن وأهل القرآن..
ولأمكن للأخوات القرآن قبل حفظهن بعد أن أصبــح القرآن ظلي وحياتي
وكل نبضٍ في عروقي
فالبيت كان مليئاً بالأولاد وأولادهم وأصدقائهم
وأنا أرعاهم بكل عيوني ..
وانشغل كل حبيب بحبيبه وكل أب بأولاده
وكنت كلما ازداد انشغال الناس بالناس
كلما زاد انشغالي بأجمل من كل الناس
لم أكن أستطيع الجلوس في السفر أو الحضر أو القيام أو النوم
إلا والقرآن معي و إذا لم يكن معي فهو في ذاكرتي أتمتم به
فهو الرفيق الذي لا يملني ..
وكم شعرت بنظرات الغيرة من أولادي ماما كوني معنا ..
كنت أبتسم أقول لهم أنا معكم
وبدأ المشوار لا أحلى ولا أجمل ولا أعظم منه
حتى آنستي التي سمعت لي كانت كأصغر بناتي في العمر
ولكنني كنت أحترمها وأحسب لها حساب
حتى في اعتذاري عن موعد أو حتى بجلوسي أو كلامي معها
كان ماقمت به بعناية ومعجزة من رب العالمين
كما قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإنك بأعيننا..
كنت أحفظ وأعيش مع القرآن وأنا في عين الله
فكنت أشعر بهمّة ونشاط ولله الحمد
وكان يزيد من همتي أنني كنت أرى الممثلات الكبار
يقمن بأدوارهن على أكمل وجه ويعيدون دورهم مرات ومرات
حتى يعطيهم المخرج الإشارة
وكذلك الكثيرات منهن ربما صبرت على طعام أو امتنعت عنه حتى
يبقى قوامها مناسبٌ لعملها..
بصراحة كنت أفكر بهن وأسأل نفسي ونحن النساء المسلمات مادورنا ؟؟
وكيف تكون إحدانا أمّة
سهرت في محنتي وكثيراً جداً لأسهر على دراسة أولادي ورعايتهم ..
وربما سهرت على مرضهم أو لأنتظر مسافرهم ..
فمابالنا لا نجعل السهر للعبادة والطاعة والله قد وصف عباده المقربون .
كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون..
والحمد لله استعنت باللـــه وبدأت المشوار الجميل
بصحبة خير الكتب فكنت لا أحفظ حتى أقرأ السورة التي أريد حفظها
على النحو الذي أنزل مرات ومرات ثم أفتح التفسير
وأقرأ به تفسير الآيات التي حددتها
وعشت مع الأمم السابقة .. مع الأنبياء .. تنقلت في الجنّة ..
استعذت بالله من النار ..
عايشت أحكام القرآن ومناسبات النزول ..
وكنت أسأل كيف كنت أقرأ سابقاً الختمة تلو الختمة
وأحياناً أختم مرتين في الأسبوع
وربما قررت أكثر من مرة أن أقرأ ختمة في يوم ..
كنت بحق أعيش حلاوة القرآن
ولكنني وجدت الفرق الكبير بين القراءة
وبين الحفظ مع التفسير وهنا أوجه الدعوة لكم أبنائي وبناتي
تدبروا في كتاب الله .. اسعوا لتفسيره .. تعلموه .
وكونوا خير الناس فخيركم من تعلم القرآن وعلمه ,,
ولو أطال الله في عمري لأتعلمن القرآن حتى آخر ساعة في حياتي
ليكون شفيعي وحجتي لا حجة علي
ربما أطلت عليكم ..
يتبع
نكمل قصة ام ياسر رحمها الله (2)
==========================
كنت أبدأ الساعة الحادية عشرة ليلاً حتى حتى الثانية
ثم تأتي ابنتي لتغلق علي الباب وتقول أمي أرجوك نامي وكفى اليوم ..
كانت تطفئ الكهرباء ولكن أين لعين أن تنام وعندي تسميع في الغد
فما أن أضع رأسي على وسادتي حتى يأتي كل ماحفظته أمام ذاكرتي
وأعيد لأرى هل مكنته بشكل جيد ولكن لا تضحكوا ..
فوالله كان بيلي (بيل صغير للكهرباء كان يرافقني تحت وسادتي )
وجزئي الذي أقرأ به فكلما عجزت عن كلمة أجلس لأشعل ضوئي الخافت
وأقرأ حتى لا أنير الكهرباء وأقرأ وأقرأ وهكذا حتى أنتهي من الحصة
التي كنت قد أبقيتها للغد ..
وأحياناً يؤذن الفجر وأنا على هذه الحال فأقوم للصلاة
وأتابع بعدها ساعتين حتى أكون قد أديت ماحفظت في صلاتي
ثم أنام للعاشرة صباحاً وبعدها أواصل مسيرتي ,,,
ولم أتجرأ مرة للتسميع حتى أعيد ما سأسمعه أكثر من مائة مرة
ولله الحمد لم أسمع يوماًُ أقل من عشر صفحات
وأحياناً عشرين وربما أقل او اكثر..
كانت الآنسة التي تسمع لي تقول :
خالة أم ياسر كوني على راحتك اتصلي بي متى تشائين ..
وسأكون في الوقت الذي تريدين ,, هل تريدين الموعد بعد يومين ..
أقول نعم .. ولكن لم أكن أستطيع أن انتظر يومين ..
فأتصل لها في اليوم التالي ..
وأدعو الله لها من كل قلبي
فماشاء الله كانت مواعيدها على ضبط الساعة تماماًُ
وتجلس متوقعة أن اسمع خمس أو ست صفحات
وسبحان الله تعودت أن تكون حصتي اليومية عشر فأكثر..
انقطعت عن الجميع حتى عن أولادي كنت أراهم ولله الحمد كل يوم ..
ولكن ليس كما قبل فكنت أقول لهم سيأتي الوقت يا أمي لأعود
وأراكم كما قبل .. ولكنني لم أنقطع عن واجباتي في الزيارات الضرورية ..
كنت أسابق يوم ختمي ..
يوم سألبس والديّ وزوجي الذي فقدته في محنتي تاج الكرامة ..
سبحان الذي أبدل الهم والغم فرجأ والمحنة منحة
يتبع