
الصبر يا اخوتي كما عرفه العلماء:
حبس النفس على ما تكره
وهذا تفسير حسن إذا عنينا به مواجهة الشدائد البغيضة بثبات لا نكوص معه ,وعقل لا يفقد توازنه واعتداله.
غير أن حبس النفس على ما تكره إذا عنينا به دوام الشعور بمرارة الواقع ,وطول الإحساس بما فيه من سوء وأذى ,قد ينتهي بالإنسان إلى حال منكرة من الكآبة والتبلد.
واسلامنا الحنيف يعمل على تحويل الصبر إلى رضا ...
ولن يتم تذوق النفس لبرد الرضا إلا بالتلطف مع النفس واستدراج مشاعرها النافرةوإلا فلا قيمة لأن تقول:أنا راض ,ونفسك طافحة بالضيق والتقزز
وأول ما يطلبه الإسلام منك أن تتهم مشاعرك حيال ما ينزل بك .
فمن يدري؟رب ضارة نافعة,صحت الأجسام بالعلل,رب محنة في طيها منحة.
ٍٍ
من يدري ؟ ربما كانت هذه المتاعب التي تعانيها بابا إلى خير مجهول
{وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ,والله يعلم وأنتم لا تعلمون}
وما تفتقت مواهب العظماء غلا وسط ركام من المشقات والجهود.
وليس كل امرىء قادر على تحويل قسمته المكروهة إلى حظ مستحب ذي جدوى فإن عشاق السخط ومدمني الشكوى أفشل الناس في إشراب حياتهم معنى السعادة إذا جفت منها.
أماأصحاب اليقين فلقون الحياة بما في أنفسهم من رحابة قبل أن تلقاهم بما فيها من عنت.
وكما أن الجسم يفرز عصارة معينة لمقاوة الجراثيم الهاجمة يفرز هؤلاء معاني خاصة تمتزج بأحوال الحياة فتعطيها عنوانا وموضوعا جديدين.