

مما أعجبنى
مقتطفات وزهرات
من كتاب (أصول الوصول الى الله )
للشيخ محمد حسين يعقوب

أنجز كل يوم شيئا جديدا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الإيمان ليخلق فى جوف أحدكم كما يخلق الثوب , فاسألوا الله أن يجدد الإيمان فى قلوبكم " .. اللهم جدد الإيمان فى قلوبنا .. كيف تجدد الإيمان فى قلبك ؟ .. أن تعمل كل يوم عملا جديدا , وذلك لأن أصل اعتقادنا أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص , يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصى .لقد كنت أتكلم مرة مع الإخوة عن الجديد فى الالتزام فقلت : إن العلماء يقولون : إن الأكسجين المخلّق حديثا فى المعمل أكثر اشتعالا من الاكسجين الموجود فى الجو .. فما السبب ؟ , قالوا : لأنه جديد .. وكذلك الالتزام الجديد يكون فيه انطلاقة وحيوية وإيمانيات عالية ثم بعد ذلك يقدم ويضعف ويخفت .
ولذا يحتاج منك دوما إلى تجديد .. بأن يكون كل يوم فى حياتك مختلفا عن سابقه ولاحقه .. فكل يوم له لون جديد فى الطاعة .. فلا تمل ولا تفتر , وتشعر دائما بالإيمان . إخوتاه , وحينما تنجزون جديدا وتتمونه على وجهه الأكمل , ستعلمون أنكم كنتم قبل تلعبون , حين تذوقون نعيم الطاعة وطعم الإيمان ولذة الإيمان .. قال الشاعر :
وكنت أظن أن قد تناهى بى الهوى وبلغ بى غاية ليس لى بعدها مذهب
فلمــا تلاقينــا وعــاينت حسنهـــــا علمــت أنــى كنت قبل اليــوم ألعــب
فإذا صليت فصل كما ينبغى , وإذا قرأت القرآن فاقرأه كما ينبغى , وإذا تصدقت فتصدق كما ينبغى .. وإذا قمت الليل أو ذكرت أو حججت أو اعتمرت أو طفت أو سجدت فبحق .. أنجز الجديد فى اليوم الجديد على الوجه الذى ينبغى , لتذوق حلاوة الإيمان .يقول ابن القيم : " وسعادة المعطى أعظم من سعادة الآخذ " .. نعم : الطاعة بحق لها سعادة وحلاوة ومتعة ولذة .. وهذا هو الدين .. اللهم ارزقنا الالتزام بالدين يا رب .

أخى فى الله , اقرأ اليوم بابا جديدا فى التوحيد , واقرأ غدا فى سيرة النبى صلى الله عليه وسلم , وبعد غد اقرأ فى تفسير آية لم تقرأها من قبل .. وهكذا .. أنجز كل يوم جديدا .. جديدا فى العلم .. أو جديدا فى العبادة .. أو جديدا فى الدعوة إلى الله .
جدد إيمانك يوميا حتى لا تفتر أو تمل فى طريق السير إلى الله .. فالتجديد يدفع الملل ويقوى السير ويحث عليه .. فجدد إيمانك وسل الله ذلك , تصل بإذن الله .. اللهم جدد الإيمان فى قلوبنا يا رب .

قال ابن القيم – رحمه الله تعالى - : " من أنعم عليه بنعمة فلم يشكرها عذب بتلك النعمة ذاتها ولابد " اهـ .
عرفت – أخى الملتزم – ما سبب الفتور ؟ لأنك لم تشكر نعمة الالتزام , فلو شكرت هذه النعمة لزادك الله التزاما , قال – تعالى – " والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم " (محمد : 17) لكن لما لم تشكر نعمة الالتزام فترت , وتراجع التزامك .
قال الحسن : ان الله عز وجل ليمتع بالنعمة ما شاء , فإذا لم تشكر قلبها عليهم عذابا .
نعـــم : كل من أعطى أولادا فلم يشكر نعمة الأولاد يعذب بهم , ومن أنعم الله عليه بزوجة فلم يشكر نعمة الزوجة عذب بها , ومن أعطى مالا فلم يشكره عذب به ولابد .. وهكذا : كل نعمة لا تشكرها تعذب بها .. وسر الشكر استخدام النعمة فى طاعة المنعم .

دخل رجل على سهل بن عبدالله فقال : اللص دخل دارى وأخذ متاعى فقال : اشكر الله , فلو دخل اللص قلبك – وهو الشيطان – وأفسد عليك التوحيد ماذا كنت تصنع ؟ " .
سئل بعض الصالحين : كيف أصبحت ؟ فقال : أصبحت وبنا من نعم الله ما لا يحصى مع كثير ما يعصى , فلا ندرى على ما نشكر : على جميل ما نشر , أو على قبيح ما ستر ؟
وقال آخر : أصبحت بين نعمتين لا أدرى أيتهما أعظم : ذنوب سترها الله علىّ , فلا يقدر أن يعيرنى بها أحد , ومحبة قذفها الله فى قلوب الخلق لا يبلغها عملى .
عن عنبسة بن الازهر قال : كان محارب بن دثار – قاضى الكوفة – قريب الجوار منى فربما سمعته فى بعض الليل يقول : " أنا الصغير الذى ربيته فلك الحمد , وأنا الضعيف الذى قويته فلك الحمد , وأنا الفقير الذى أغنيته فلك الحمد , وأنا الغريب الذى وصيته فلك الحمد , وأنا الصعلوك الذى مولته فلك الحمد , وأنا العزب الذى زوجته فلك الحمد , وأنا الساغب ( الجائع ) الذى أشبعته فلك الحمد , وأنا العارى الذى كسوته فلك الحمد , وأنا المسافرالذى صاحبته فلك الحمد وأنا الغائب الذى رددته فلك الحمد وأنا الراحل الذى حملته فلك الحمد وأنا المريض الذى شفيته فلك الحمد وأنا السائل الذى أعطيته فلك الحمد وأنا الداعى الذى أجبته فلك الحمد فلك الحمد ربنا حمدا كثيرا على حمدى لك " اهـ .
لله ما أحلى هذا الكلام !! .. نعم – والله - : كان كلامهم دواء للخطائين .

الشكر أساس المزيد
قال العلماء : الناس ثلاث درجات : الدرجة الاولى : أصحاب الشمال – نعوذ بالله منهم – وهؤلاء هم أهل النار , وإن كانوا فى النهاية سيدخلون الجنة . والدرجة الثانية : الأبرار , وهم من أهل الجنة . والثالثة : المقربون وهم أفضل وأعلى من الأبرار .

إذا فأهل الجنة درجتان : أبرار ومقربون , ولذلك يقول عز وجل : " ولمن خاف مقام ربه جنتان " ( الرحمن : 46 ) , وفى قوله : " ومن دونهما جنتان " ( الرحمن : 62 ) , جنتان من ذهب للمقربين , وجنتان من ورق ( فضة ) لأصحاب اليمين .. وفى هؤلاء جميعا يقول الله عز وجل : ( فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة * وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة * والسابقون السابقون * أولئك المقربون " ( الواقعة : 8 – 11 ) .
أصحاب اليمين والسابقون أو الأبرار والمقربون .. درجتان : ممتازة وعادية .. فأى الدرجتين تفضل ؟! , ولذلك فإن الناس الأبرار يقول الله فيهم : " إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا " ( الإنسان : 5 ) .. مزاجها أى ممزوجة .. أى إنهم سيشربون ماء كافورا .. " مزاجها كافورا " , أى : رائحتها كافور .. أما عباد الله المقربون فسيشربون كافورا خالصا , كافورا صافيا .. لأنهم صفّوا .. ومن صفّى صفى له , ومن كدر كدر عليه .
لن تستطيع السير فى الطريق الى الفردوس الا إذا صفيت , فصف ليصفى الله لك قلبك , ويصفى لك عبادتك .. صف ليصفى لك حياتك .. صف ليصفى لك طريقك اليه .. خل عنك مشاكلك ومشاغلك ولا تفكر الا فى الله .. عش لله خالصا صافيا .. لا تنشغل الا بالله وحده .. وكلما صفيت لله صفى لك .. ومن كدر كدر عليه .. فإذا وجدت فى حياتك كدرا , كأن تجد والدك يضايقك حين التزمت أو زوجتك أو زملاءك فى العمل , فاعلم يقينا أن هذا الكدر منك أنت , فلو كنت صافيا لله لأراح قلبك .. نعم : السبب : أنك لست بخالص .. كدرت فكدر الله عليك حياتك .. فصف يصف لك .
إذا وجدت أنك تقف فى الصلاة فيشرد ذهنك , وتقرأ القرآن فلا تركز ولا تتدبر وتذكر الله وفكرك شارد .. فاعلم أنك كدرت العبادة .. لم تصف بعد لله .. فالكدر آت منك أنت .
ولذلك يقول العلماء : " من رأس العين يأتى الكدر " .. فالكدر خارج من داخلك أنت , من أعماق قلبك فاصف قلبك لله .. فرغ قلبك لله وحده , ليصفى لك حياتك , فتصل اليه بأمان واطمئنان

ليس الشأن أن تحبه ولكن الشأن أن يحبك
سهل جدا ان تقول بحبه لكن من الصعب ان تقول يحبنى !!
فحين يحبك الله يملأ قلبك حبه ويشغل جوارحك وتنشغل به عمن سواك
ولذلك فاذا صليت فاعلم ان الناقد بصير (اعنى ان الله ناظرنا )
وكان بعض السلف يقول عند موته :((اللهم ان كنت كتبت لاحد ان يصلى فى قبره فاجعلنى ممن يصلى فى قبره ))
لم يشبع من الصلاة ويريد ان يصلى اكثر ..قالوا هذا
لانهم احبوا الله فاشتغلوا فى العبادات بمحبة ..فانقطعت عنهم الوساوس وتلذووا
بالخدمة .
ولذلك فان من ادعى محبة الله ثم مال بقلبه للدنيا
فهو كاذب.
مشاهدة المادة كاملة

أضغط هنا
\
مع تحيات فريق التفريغ
akhawat.imanhearts.com
اشترك الان فى فريق عمل التفريغ