اضاءات في باب الدعاء
*بعض الإضاءات في باب الدعاء، مع كتاب رائع في ذات الموضوع، للشيخ سلطان العرابي:*
من رحمة الله بعبده أن يبتليه ببلاء لا يستطيع البوح به ، ولا يجد من يفهمه في تفاصيله ؛ حتى لا يكون في قلبه تعلُّقٌ بأحدٍ غير الله يشكو إليه.
الدعاء باب عظيمٌ لحسنات الخفاء ؛ يبقى أحدُنا يدعو زماناً طويلاً فلا يزيده تأخُّر الإجابة إلاّ صبراً ويقيناً وحُسْنَ ظنٍّ بالله، ومُداومةً على الدعاء، وانتظاراً للفرَج ؛ فيأتي يوم القيامة وقد نجّاهُ الله بحسنات الصبر واليقين وحُسْن الظنِّ بالله، والمُداومة على الدعاء وانتظار الفرَج .
أجملُ لذَّة في الدعاء : عندما تشعر أنَّك مُشتاقٌ للدعاء ، تُسرِع إليه بدموع الرَّجاء ، تُقبِلُ على الدعاء وهُتاف الروح ينادي من أعماقك أنَّ الله سيستجيبُ لك ، وأنه مهما تأخَّرت الإجابة فمُناجاة الله طبُّ القلوب المكسورة الحزينة ..
كل همٍ يُصيبُك ، وكل كرْبٍ ينزِلُ بك ، وكل عُسْرٍ يعترضُك ، وكل ضيقٍ يُكدِّرُك ، وكل تنغيصٍ يُؤلمك ، وكل غُرْبةٍ تُوحشك ، وكل مرضٍ يُقعِدُك ، وكل فقرٍ يُحزِنُك ؛ إنْ فررْتَ منها إلى الدعاء ، وألزمتك التوبة والاستغفار ، وتناسيتها بقراءة القرآن : فأنتَ في سعادة وإن ظنوا أنك محروم .
لا تُرهق نفسك بالبحث عن السعادة والتوفيق إلاَّ في الدعاء واعتماد القلب على الله ؛ فوالله إنَّهما السعادة والتوفيق في الدنيا والآخرة ..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الدعاء والتوكُّل مِنْ أعظم الأسباب التي تُنَالُ بها سعادةُ الدنيا والآخِرة ".
الاستقامة ٢ / ٢٤٠
لا يشغلنَّك التفكير بهمومك وآلامك عن الدعاء ؛ فبعضُنا يأخذ التفكير في همومه منه سنام أوقاته ، حتى إن دعا فبقلبٍ مشغولٍ بالتفكير والتقديم والتأخير ، وما أقبح أن يدعو الواحد منَّا فيما أهمَّه، وقلبه غارقٌ في البحث عن مخارج لهمومه عند أهل الدنيا !!
اللحظة التي يشتدُّ فيها ألَمُك ويزيدُ حُزنُك فتبحث عمّن يدعو لك ؛ هي أجمل وأعظمُ وأرقُّ اللحظات التي تدعو فيها لنفسك ؛ فمقصد البلاء الأعظم : انطراح قلبك بين يدي الله ؛ أن تألف نفسُك الفِرَار إلى الله ، أن يَذِلّ لسانُك بالانكسار والافتقار إلى الله ، أن تأْنس وتلتذّ بمُناجاة الله.
من أهمِّ الأمور التي تجعلك مُداوماً على الدعاء صابراً على تأخُّر الفرَج:
١- أنَّ السعادة والراحة في الدعاء .
٢- أنَّ المُستقبل غيبٌ لا يعلمه إلاَّ الله .
٣- أنّ البلاء مُرٌّ من دون دعاء .
٤- أنّ الدعاء باب الشكوى الوحيد الذي لا ذُلَّ ولا خسارة فيه .
٥- أنًه لا صبر من دون دعاء.
مِنْ حِكْمة الله في كثْرة البلاءات والهموم التي تُصيبك: أنَّك تصلُ لمرحلةٍ تشعرُ بتعبٍ شديدٍ في البوح بها والشكوى منها لأحدٍ مِنَ الناس ؛ إمّا بسبب قصورٍ في عباراتك ، أو بفَهْمٍ خاطئٍ لتبريراتك ، أو بعبْرةٍ تخنِقُ كلماتك ؛ فيتوجَّه قلبك ولسانك ودموعك بصدقِ الشكوى إلى الله وحده.
من كثرة الهموم لا تعرف كيف تبوح بها ؛ لكن مهما كانت الأمور مُعقَّدة ؛ مهما تشعَّبت ؛ مهما خَفِيَت ، مهما تغيَّرت موازين الدنيا ؛ مهما طالت بك الغربة ؛ مهما سيء بك الظن ؛ فقط أكثِر من قولك:
ربِّ قد مسَّنيَ الضُرُّ وأنتَ أرحمُ الراحمين .
هكذا بدون تفصيل لأنه سبحانه يعلم كل شيء .
كتاب طُمأنينة رُوح
تأمٌّلات في استشعار الدُعاء ولذَّة المُناجاة
بقلم د. سلطان بن عبيد العرابي
5
385
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
والله اجت ع الجرح
ربي اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين
يارب انت القادر ع كل شي
لك الحمد ع كل شي