حذاري من الغيبة
إذا كنت تنشد رضا خالقك الأعظم ورسولك الأكرم فعليك بعمارة القلب وصقاله وتجلية بصره لترى الحق حقا وتسعى لإتباعه وترى الباطل باطلا وتعمل على اجتنابه، فتجمل بمكارم الأخلاق و محامد الأمور وتعطر بطيب الكلام.
بادر إلى كبت جماح النفس وتذليل طباعها الآمرة بالسوء، والتي قد تحيد عن الصواب باستصغار بعض الأمور، وبخلق المعاذير أحيانا وبالتسويف والأماني أحيانا أخرى.
فالدنيا زخرف يغلب الجوارح ما لم تغلبه، بعقلك الواعي وخلقك العالي، لتسموا بنفسك فوق حسك، وتسيطر بروحك على بدنك، وإن لأبلغ جوارحنا أدية للنفس والغير لهو اللسان، لذا فاحذر أن تهوى بسببه في غياهب النار والعياذ بالله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم))
وقال أيضا: (( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده )) وقد قدم الرسول صلى الله عليه وسلم اللسان على اليد لأن أدى اللسان أكثر وقوعا وأشد نكاية.
لتبلغ السمو في الأدب نزه لسانك من فحش القول، والخوض في أعراض الناس، فكم يحز قلبي أن أرى الكثير من الناس يستهينون بثرثرتهم وبقضائهم وقتا طويلا بالغيبة أو النميمة دون أن يشعروا بفظاعة هذا الأمر فيحسبونه هين وهو عند الله عظيم.
قال الله تعالى: << ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا
الله إن الله تواب رحيم>>الحجرات:12].
وقال تعالى أيضا: <<ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان>>الحجرات:11].
كما قال الله <<ويل لكل همزة لمزة>>الهمزة:1].
فقد حرم الله عز وجل الغيبة سواء بالهمز أو باللمز أي بالإشارة أو بالقول.
كما حذرنا أيضا الرسول صلى الله عليه وسلم من مغبة الوقوع في هذا الإثم مؤكدا حرمته
في قوله: (( فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في
بلدكم هذا)) .
فاحذر أن تلقب أخيك بما يكرهه أو تصفه بصفات ذميمة أو أن تحتقره سواء لفظا أو تعبيرا.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفية إنها قصيرة، فقال: (( لقد قلت كلمة لو مزجت بماءالبحر لمزجته))
كما قال أيضا: (( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق )).
فلا تدنس أخلاقك بهذا الذنب العظيم فعليك أن تتوقاه باختيار الصحبة الحسنة وتنأى عن مجالسة أهل الفسق والفجور، لأن المشاركة بالاستماع تعني المشاركة بالإثم أيضا.
قال صلى الله عليه وسلم : ((مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد ، لا يعدمك من صاحب المسك ، إما أن تشتريه أو تجد ريحه ، وكير الحداد يحرق بدنك أو ثوبك أو تجد منه ريحاً خبيثة)).
إن من يجاري أهل اللغو في غوايتهم، سيكون أيضا من أهل النار فهذا ما يتجلى في قوله عز وجل على لسان أهل النار:<<وكنا نخوض مع الخائضين>> المدثر:45].
فإن كنت بمجلس فيه حديث غيبة لا تخُض معهم فيه بغية إرضائهم، فتنال سخط الله عليك بل عليك بنصحهم وتحذيرهم.
واشغل وقتك بمحاسبة نفسك وإحصاء أخطائها، بدل تتبع عورات الآخرين حتى تنجى من فضح الله لك، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر من آمن بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه ، لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله)).
أترضى بعدما اجتهدت في عبادة الله وتأدية فرائضه والتقرب إليه بالنوافل أن تفسد أعمالك بالغيبة، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (( أتدرون من المفلس؟)) قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ، قال : ((المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام ، وقد شتم هذا وضرب هذا وأكل مال هذا ، فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه،أخذ من خطاياهم فطرحت عليه . ثم طرح في النار)).
فهيا بنا نتدارك أخطاءنا وتغافلنا عن أمور كثيرا ما نستصغرها فنتوب إلى الله ونعقد النية على أن نكون دوما في منأى عن مستنقع الغيبة والرذائل، وأسأل الله لي ولكم سداد الخطى في طريق الرشد، والترفع عن الدنايا والمحرمات والسمو نحو كمال الأدب ومكارم الخلق.
منقول
ا

بنت الطوارش @bnt_altoarsh
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

سندس بنات حواء
•
جزاك الله خير



الصفحة الأخيرة