شرحبيله
شرحبيله
بوركتِ أخيه ...
غفر الله لوالدتكِ وأسكنها فسيح جناته ووالدي وموتى المسلمين...

اريد تفسير قوله تعالى( ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين ( 36 ) وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون ( 37 ) )
زوزو اللي مشتاقة
جزاك الله خيراااا
نورالجنة
نورالجنة
جزاكم الله خيررررررا ايه 107و108 من سورة يونس
جزاكم الله خيررررررا ايه 107و108 من سورة يونس
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ
108


تفسير ابن عباس

{ قُلْ ياأيها الناس } يا أهل مكة { قَدْ جَآءَكُمُ الحق } الكتاب والرسول { مِن رَّبِّكُمْ فَمَنُ اهتدى } بالكتاب والرسول { فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ } يعني ثوابه { وَمَن ضَلَّ } كفر بالكتاب والرسول { فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } يعني عليها جناية ذلك { وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } بكفيل نسختها آية القتال

تفسير ابن كثير
يقول تعالى آمرا لرسوله، صلوات الله وسلامه عليه، أن يخبر الناس أن الذي جاءهم به من عند
الله هو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك، فمن اهتدى به واتبعه فإنما يعود نفع ذلك الاتباع على نفسه، { وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } أي: وما أنا موكل بكم حتى تكونوا مؤمنين به، وإنما أنا نذير لكم، والهداية على الله تعالى.

تفسير البغوي

{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ } يعني: القرآن والإسلام، { فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } أي: على نفسه، ووباله عليه، { وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } بكفيل، أحفظ أعمالكم. قال ابن عباس: نسختها آية القتال

تفسير الرازي
واعلم أنه تعالى لما قرر الدلائل المذكورة في التوحيد والنبوة والمعاد وزين آخر هذه السورة بهذه البيانات الدالة على كونه تعالى مستبداً بالخلق والإبداع والتكوين والاختراع ، ختمها بهذه الخاتمة الشريفة العالية ، وفي تفسيرها وجهان : الأول : أنه من حكم له في الأزل بالاهتداء ، فسيقع له ذلك ، ومن حكم له بالضلال فكذلك ولا حيلة في دفعه . الثاني : وهو الكلام اللائق بالمعتزلة قال القاضي : إنه تعالى بين أنه أكمل الشريعة وأزاح العلة وقطع المعذرة { فَمَنُ اهتدى فَإِنَّمَا يَهْتَدِى لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } فلا يجب علي من السعي في إيصالكم إلى الثواب العظيم ، وفي تخليصكم من العذاب الأليم أزيد مما فعلت . قال ابن عباس : هذه الآية منسوخة بآية القتال .

تفسير البحر المحيط ابن حيان
الحق : القرآن ، أو الرسول ، أو دين الإسلام ، ثلاثة أقوال والمعنى : فإنما ثواب هدايته حاصل له ، ووبال ضلاله عليه ، والهداية والضلال واقعان بإرادة الله تعالى من العبد ، هذا مذهب أهل السنة . وأن من حكم له في الأزل بالاهتداء فسيقع ذلك ، وأنَّ من حكم له بالضلال فكذلك ولا حيلة في ذلك . وقال القاضي : إنه تعالى بيّن أنه أكمل الشريعة وأزاح العلة وقطع المعذرة ، فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ، ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل ، فلا يجب عليّ من السعي في إيصالكم إلى الثواب العظيم ، وفي تخليصكم من العذاب الأليم ، أزيد مما فعلت . وقال الزمخشري : لم يبق لكم عذر ولا على الله تعالى حجة ، فمن اختار الهدى واتباع الحق فما نفع باختياره إلا نفسه ، ومن آثر الضلال فما ضر إلا نفسه . واللام وعلى على معنى النفع والضر ، وكل إليهم الأمر بعد إزاحة العلل وإبانة الحق . وفيه حث على إتيان الهدى واطراح الضلال مع ذلك ، وما أنا عليكم بوكيل بحفيظ موكول إليّ أمركم وحملكم على ما أريد ، إنما أنا بشير ونذير انتهى . وكلامه تذييل كلام القاضي ، وهو جار على مذهب المعتزلة . وأمره تعالى نبيه باتباع ما يوحى إليه أمر بالديمومة وبالصبر على ما ينالك في الله من أذى الكفار وإعراضهم ، وغيا الأمر بالصبر بقوله : حتى يحكم الله وهو وعد منه تعالى بإعلاء كلمته ونصره على أعدائه كما وقع . وذهب ابن عباس وجماعة إلى أنّ قوله : وما أنا عليكم بوكيل واصبر ، منسوخ بآية السيف . وذهب جماعة إلى أنه محكم ، وحملوا وما أنا عليكم بوكيل على أنه ليس بحفيظ على أعمالهم ليجازيهم عليها ، بل ذلك لله . وقوله : واصبر على ، الصبر على طاعة الله وحمل أثقال النبوة وأداء الرسالة ، وعلى هذا لا تعارض بين هاتين الآيتين وبين آية السيف ، وإلى هذا مال المحققون . وروي أنه لما نزلت : واصبر ، جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار فقال : « إنكم ستجدون بعدي اثرة فاصبروا حتى تلقوني » قال الزمخشري : يعني أنّي أمرت في هذه الآية بالصبر على ما سامني الكفرة ، فصبرت واصبروا أنتم على ما يسومكم الأمراء الجورة . قال أنس : فلم نصبر ، ثم ذكر حكاية جرت بين أبي قتادة ومعاوية رضي الله عنهما يوقف عليها من كتابه .

تفسير الميسر
{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (108) }
قل -أيها الرسول- لهؤلاء الناس: قد جاءكم رسول الله بالقرآن الذي فيه بيان هدايتكم، فمن اهتدى بهدي الله فإنما ثمرة عمله راجعة إليه، ومن انحرف عن الحق وأصرَّ على الضلال فإنما ضلاله وضرره على نفسه، وما أنا موكَّل بكم حتى تكونوا مؤمنين، إنما أنا رسول مبلِّغ أبلِّغكم ما أُرْسِلْت به.

تفسير السعدي
أي: { قُلْ } يا أيها الرسول، لما تبين البرهان { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ } أي: الخبر الصادق المؤيد بالبراهين، الذي لا شك فيه بوجه من الوجوه، وهو واصل إليكم من ربكم الذي من أعظم تربيته لكم، أن أنزل إليكم هذا القرآن الذي فيه تبيان لكل شيء، وفيه من أنواع الأحكام والمطالب الإلهية والأخلاق المرضية، ما فيه أعظم تربية لكم، وإحسان منه إليكم، فقد تبين الرشد من الغي، ولم يبق لأحد شبهة.
{ فَمَنِ اهْتَدَى } بهدى الله بأن علم الحق وتفهمه، وآثره على غيره فلِنَفْسِهِ والله تعالى غني عن عباده، وإنما ثمرة أعمالهم راجعة إليهم.
{ وَمَنْ ضَلَّ } عن الهدى بأن أعرض عن العلم بالحق، أو عن العمل به، { فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } ولا يضر الله شيئًا، فلا يضر إلا نفسه.
{ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } فأحفظ أعمالكم وأحاسبكم عليها، وإنما أنا لكم نذير مبين، والله عليكم وكيل. فانظروا لأنفسكم، ما دمتم في مدة الإمهال.

تفسير الزمخشري

{ قَدْ جَاءكُمُ الحق } فلم يبق لكم عذر ولا على الله حجّة ، فمن اختار الهدى واتباع الحق فما نفع باختياره إلاّ نفسه ، ومن آثر الضلال فما ضرّ إلاّ نفسه ، واللام وعلى : دلا على معنى النفع والضرّ . وكل إليهم الأمر بعد إبانة الحق وإزاحة العلل . وفيه حثّ على إيثار الهدى واطراح الضلال مع ذلك { وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } بحفيظ موكول إليّ أمركم وحملكم على ما أريد ، إنما أنا بشير ونذير .


تفسير الأعقم
{ قل } يا محمد ، ثم ختم السورة بعد ذكره الوعد والوعيد بالوعظ الجميل تسليةً ووعداً للمؤمنين ووعيداً للكافرين فقال تعالى : { قل يأيها الناس } خطاب عام لجميع المكلفين { قد جاءكم الحق من ربكم } يعني القرآن ودين الإِسلام وشرائعه ، وقيل : جاءكم النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالمعجزات { فمن اهتدى } إلى الحق وسلك طريقة الهدى { فإنما يهتدي لنفسه } أي لا نفع ذلك يعود عليه ، قوله تعالى : { ومن ضل فإنما يضلُّ عليها } لأنه يجني على نفسه ومضرته تعود عليه بالعقاب الدائم { وما أنا عليكم بوكيل } أي لست عليكم بحفيظ من العقاب والهلاك { واتبع ما يوحى إليك واصبر على دعواهم } واحتمل أذاهم واعراضهم { حتى يحكم الله } لك بالنصرة عليهم والغلبة ولما أمر الله نبيه بالصبر ، روي أنه جمع الأنصار وأوصاهم بذلك .

تفسير فتح القدير الشوكاني
ثم ختم هذه السورة بما يستدل به على قضائه وقدره ، فقال : { قُلْ ياأَيُّهَا الناس قَدْ جَاءكُمُ الحق مِن رَّبّكُمْ } أي : القرآن { فَمَنُ اهتدى فَإِنَّمَا يَهْتَدِى لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } أي : منفعة اهتدائه مختصة به ، وضرر كفره مقصور عليه لا يتعدّاه ، وليس لله حاجة في شيء من ذلك ، ولا غرض يعود إليه { وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } أي : بحفيظ يحفظ أموركم ، وتوكل إليه ، إنما أنا بشير ونذير . ثم أمره الله سبحانه أن يتبع ما أوحاه إليه من الأوامر والنواهي التي يشرعها الله له ، ولأمته ، ثم أمره بالصبر على أذى الكفار ، وما يلاقيه من مشاقّ التبليغ ، وما يعانيه من تلوّن أخلاق المشركين وتعجرفهم ، وجعل ذلك الصبر ممتداً إلى غاية هي قوله : { حتى يَحْكُمَ الله وَهُوَ خَيْرُ الحاكمين } أي : يحكم الله بينه وبينهم في الدنيا بالنصر له عليهم ، وفي الآخرة بعذابهم بالنار ، وهم يشاهدونه صلى الله عليه وسلم هو وأمته ، المتبعون له المؤمنون به ، العاملون بما يأمرهم به ، المنتهون عما ينهاهم عنه ، يتقلبون في نعيم الجنة الذي لا ينفد ، ولا يمكن وصفه ، ولا يوقف على أدنى مزاياه .
وقد أخرج أبو الشيخ ، عن السديّ في قوله : { وَمَا تُغْنِى الآيات والنذر عَن قَوْمٍ } يقول : عند قوم { لاَ يُؤْمِنُونَ } نسخت قوله : { حِكْمَةٌ بالغة فَمَا تُغْنِى النذر } . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة ، في قوله : { فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ } قال : وقائع الله في الذين خلوا من قبلهم ، قوم نوح ، وعاد ، وثمود .
نورالجنة
نورالجنة
_______________________________


ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين

_______________________________


تفسير ابن عباس

يَعْشُ } يعرض ويقال يمل إن قرأت بالخفض ويقال يعم إن قرأت بالنصب { عَن ذِكْرِ الرحمن } عن توحيد الرحمن وكتابه { نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً } نجعل له قريناً من الشيطان { فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } في الدنيا وفي النار
_______________________________

تفسير الطبري
قول تعالى ذكره: ومن يعرض عن ذكر الله فلم يخف سطوته، ولم يخش عقابه( نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ) يقول: نجعل له شيطانا يغويه فهو له قرين: يقول: فهو للشيطان قرين، أي يصير كذلك، وأصل العشو: النظر بغير ثبت لعلة في العين، يقال منه: عشا فلان يعشو عشوا وعشوّا: إذا ضعف بصره، وأظلمت عينه، كأن عليه غشاوة، كما قال الشاعر?
مَتى تَأتِهِ تَعْشُو إلى ضَوْءِ نارِهِ... تَجِدْ حَطَبا جَزْلا وَنارًا تَأَجَّجا

يعني: متى تفتقر فتأته يعنك. وأما إذا ذهب البصر ولم يبصر، فإنه يقال فيه: عَشِيَ فلان يَعْشَى عَشًى منقوص، ومنه قول الأعشى?
رأتْ رَجُلا غَائِبَ الوَافِدَيْنِ... مُخْتَلِفَ الخَلْقِ أعْشَى ضَرِيرا يقال منه: رجل أعشى وامرأة عشواء. وإنما معنى الكلام: ومن لا ينظر في حجج الله بالإعراض منه عنه إلا نظرًا ضعيفًا، كنظر من قد عَشِيَ بصره( نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا ). وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا ) يقول: إذا أعرض عن ذكر الله نقيض له شيطانا( فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ).
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله
وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ ) قال: يعرض.
وقد تأوّله بعضهم بمعنى. ومن يعمَ، ومن تأوّل ذلك كذلك، فيحب أن تكون قراءته( وَمَنْ يَعْشُ ) بفتح الشين على ما بيَّنت قيل.
* ذكر من تأوّله كذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ ) قال: من يعمَ عن ذكر الرحمن.
_______________________________

تفسير السعدي
يخبر تعالى عن عقوبته البليغة، لمن أعرض عن ذكره، فقال: { وَمَنْ يَعْشُ } أي: يعرض ويصد { عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ } الذي هو القرآن العظيم، الذي هو أعظم رحمة رحم بها الرحمن عباده، فمن قبلها، فقد قبل خير المواهب، وفاز بأعظم المطالب والرغائب، ومن أعرض عنها وردها، فقد خاب وخسر خسارة لا يسعد بعدها أبدا، وقيَّض له الرحمن شيطانا مريدا، يقارنه ويصاحبه، ويعده ويمنيه، ويؤزه إلى المعاصي أزا

_______________________________

تفسير فتح القدير الشوكاني
قوله : { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرحمن } يقال : عشوت إلى النار : قصدتها ، وعشوت عنها : أعرضت عنها ، كما تقول : عدلت إلى فلان ، وعدلت عنه ، وملت إليه ، وملت عنه ، كذا قال الفراء ، والزجاج ، وأبو الهيثم ، والأزهري . فالمعنى : ومن يعرض عن ذكر الرحمن . قال الزجاج : معنى الآية : أن من أعرض عن القرآن ، وما فيه من الحكمة إلى أباطيل المضلين يعاقبه الله بشيطان يقيضه له حتى يضله ، ويلازمه قريناً له ، فلا يهتدى مجازاة له حين آثر الباطل على الحق البين . وقال الخليل : العشو : النظر الضعيف ، ومنه :
لنعم الفتى تعشو إلى ضوء ناره ... إذا الريح هبت والمكان جديب
والظاهر أن معنى البيت : القصد إلى النار لا النظر إليها ببصر ضعيف كما قال الخليل ، فيكون دليلاً على ما قدّمنا من أنه يأتي بمعنى : القصد ، وبمعنى : الإعراض ، وهكذا ما أنشده الخليل مستشهداً به على ما قاله من قول الحطيئة :
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجد خير نار عندها خير موقد
فإن الظاهر أن معناه : تقصد إلى ضوء ناره ، لا تنظر إليها ببصر ضعيف . ويمكن أن يقال : إن المعنى في البيتين : المبالغة في ضوء النار ، وسطوعها ، بحيث لا ينظرها الناظر إلاّ كما ينظر من هو معشي البصر لما يلحق بصره من الضعف عند ما يشاهده من عظم وقودها . وقال أبو عبيدة ، والأخفش : إن معنى { وَمَن يَعْشُ } : ومن تظلم عينه ، وهو نحو قول الخليل ، وهذا على قراءة الجمهور : { ومن يعش } بضم الشين من عشا يعشو . وقرأ ابن عباس ، وعكرمة : ( ومن يعش ) بفتح الشين ، يقال : عشي الرجل يعشى عشياً : إذا عمى ، ومنه قول الأعشى :
رأت رجلاً غايب الوافدي ... ن مختلف الخلق أعشى ضريرا
وقال الجوهري : والعشا مقصور ، مصدر الأعشى : وهو الذي لا يبصر بالليل ، ويبصر بالنهار ، والمرأة عشواء . وقرىء : ( يعشو ) بالواو على أن «من» موصولة غير متضمنة معنى الشرط . قرأ الجمهور : { نُقَيّضْ لَهُ شَيْطَاناً } بالنون وقرأ السلمي ، وابن أبي إسحاق ، ويعقوب ، وعصمة عن عاصم ، والأعمش بالتحتية مبنياً للفاعل ، وقرأ ابن عباس بالتحتية مبنياً للمفعول ورفع شيطان على النيابة { فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } أي : ملازم له لا يفارقه ، أو هو ملازم للشيطان لا يفارقه ، بل يتبعه في جميع أموره ، ويطيعه في كلّ ما يوسوس به إليه
_______________________________


ايسر التفاسير
شرح الكلمات :
{ ومن يعش عن ذكر الرحمن } : أي يعرض متعاميا متغافلاً عن ذكر الرحمن الذى هو القرآن متجاهلاً .
{ نقيض له شيطاناً } : أي نجعل له شيطاناً يلازمه لإِضلاله وإغوائه .
{ فهو له قرين } : أي فهو أي من عشا عن ذكر الرحمن قرين للشيطان .

معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في عرض الهداية على الضالّين بالكشف عن أحوالهم واضاءة الطريق لهم قال تعالى : {
} اي يعرض متعاميا متغافلا عن ذكر الرحمن الذي هو القرآن وعبادة الرحمن متجاهلا ذلك نقيض له شيطاناً أي نسبب له نتيجة إعراضه شيطاناً ونجعله له قرينا لا يفارقه في الدنيا ولا في الآخرة . فهو له قرين دائما .
_______________________________
نورالجنة
نورالجنة
{ وإنهم لَيَصُدُّونَهم عن السبيل ويحسبون انهم مهتدون }

تفسير ابن عباس
{ وَإِنَّهُمْ } يعني الشياطين { لَيَصُدُّونَهُمْ } ليصرفونهم { عَنِ السبيل } عن سبيل الحق والهدى { وَيَحْسَبُونَ } يظنون { أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } بالحق والهدى
_____________________________________________________

تفسير ابن كثير
أي: هذا الذي تغافل عن الهدى نقيض له من الشياطين من يضله، ويهديه إلى صراط الجحيم. فإذا وافى الله يوم القيامة يتبرم بالشيطان الذي وكل به، { قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ } وقرأ بعضهم: "حتى إذا جاءانا" يعني: القرين والمقارن.
قال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن سعيد الجُرَيري قال: بلغنا أن الكافر إذا بعث من قبره يوم القيامة سَفَع بيده شيطان فلم يفارقه، حتى يصيرهما الله تعالى إلى النار، فذلك حين يقول: { يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ }
_____________________________________________________

تفسير الطبري
وقوله:( وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ ) يقول تعالى ذكره: وإن الشياطين ليصدّون هؤلاء الذين يعشون عن ذكر الله، عن سبيل الحقّ، فيزينون لهم الضلالة، ويكرهون إليهم الإيمان بالله، والعمل بطاعته( وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ) يقول: ويظن المشركون بالله بتحسين الشياطين لهم ما هم عليه من الضلالة، أنهم على الحق والصواب، يخبر تعالى ذكره عنهم أنهم من الذي هم عليه من الشرك على شكّ وعلى غير بصيرة. وقال جلّ ثناؤه:( وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ ) فأخرج ذكرهم مخرج ذكر الجميع، وإنما ذُكر قبل واحدا، فقال:( نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا ) لأن الشيطان وإن كان لفظه واحدا، ففي معنى جمع.
_____________________________________________________

تفسير السعدي
{ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ } أي: الصراط المستقيم، والدين القويم. { وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ } بسبب تزيين الشيطان للباطل وتحسينه له، وإعراضهم عن الحق، فاجتمع هذا وهذا.
فإن قيل: فهل لهذا من عذر، من حيث إنه ظن أنه مهتد، وليس كذلك؟
قيل: لا عذر لهذا وأمثاله، الذين مصدر جهلهم الإعراض عن ذكر اللّه، مع تمكنهم على الاهتداء، فزهدوا في الهدى مع القدرة عليه، ورغبوا في الباطل، فالذنب ذنبهم، والجرم جرمهم.
فهذه حالة هذا المعرض عن ذكر اللّه في الدنيا، مع قرينه، وهو الضلال والغيّ، وانقلاب الحقائق.
وأما حاله، إذا جاء ربه في الآخرة، فهو شر الأحوال، وهو: إظهار الندم والتحسر، والحزن الذي لا يجبر مصابه، والتبرِّي من قرينه، ولهذا قال تعالى: { حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ }
كما في قوله تعالى: { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولا }
_____________________________________________________