بسم الله رب الارباب ومسبب الاسباب وخالق آدم من تراب والصلاة والسلام على سيد الخلق اجمعين محمد صلى الله عليه و على آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وبعد
بالابتلاء يُرفع شأن الأخيار، ويعظم أجر الأبرار، يقول سعد بن أبي وقاص قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاءٌ؟ قال: «الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل؛ يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة» .
وطريق الابتلاء معبر شاق، تعب فيه آدم، ورمي في النار الخليل، وأضجِع للذبح إسماعيل، وألقي في بطن الحوت يونس، وقاسى الضر أيوب، وبيع بثمن بخس يوسف، وألقي في الجب إفكاً، وفي السجن ظلماً، وعالج أنواع الأذى نبينا محمد، وأنت على سنة الابتلاءسائر، والدنيا لم تصفُ لأحد، ولو نال منها ما عساه أن ينال، يقول المصطفى: «من يرد الله به خيراً يصب منه» .
قال بعض أهل العلم: "من خلقه الله للجنة لم تزل تأتيه المكاره"، والمصيبة حقاً إنما هي المصيبة في الدين، وما سواها من المصائب فهي عافية، فيها رفع الدرجات، وحط السيئات، وكل نعمة لا تُقرّب من الله فهي بلية، والمصاب من حُرِم الثواب، فلا تأس على ما فاتك من الدنيا، فنوازلها أحداث، وأحاديثها غموم، وطوارقها هموم، الناس معذبون فيها على قدر هممهم بها، الفرح بها هو عين المحزون عليه، آلامها متولدة من لذاتها، وأحزانها من أفراحها، يقول أبو الدرداء : "من هوان الدنيا على الله أنه لا يُعصى إلا فيها، ولا ينال ما عنده إلا بتركها" .
فتشاغل بما هو أنفع لك من حصول ما فاتك، من رفع خلل، أو اعتذار عن زلل، أو وقوف على الباب إلى رب الأرباب، وتلمّح سرعة زوال بليتك تهن، فلولا كرب الشدة ما رُجيت سعة الراحة، وأجمع اليأس مما في أيدي الناس تكن أغناهم، ولا تقنط فتُخذل، وتذكر كثرة نعم الله عليك، وادفع الحزن بالرضا بمحتوم القضا، فطول الليل وإن تناهى فالصبح له انفلاج، وآخر الهم أول الفرج، والدهر لا يبقى على حال، بل كل أمر بعده أمر، وما من شدة إلا ستهون، ولا تيأس وإن تضايقت الكروب، فلن يغلب عسر يسرين، واضرع إلى الله يزهو نحوك الفرج، وما تجرّع كأس الصبر معتصم بالله إلا أتاه المخرج، يعقوب عليه السلام لما فقد ولداً وطال عليه الأمد، لم ييأس من الفرج، ولما أُخد ولده الآخر لم ينقطع أمله من الواحد الأحد، بل قال: {عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا} .
وربنا وحده له الحمد، وإليه المشتكى، فإذا تكالبت عليك الأيام، وأغلقت في وجهك المسالك والدروب، فلا ترجُ إلا الله في رفع مصيبتك ودفع بليتك، وإذا ليلة اختلط ظلامها، وأرخى الليل سربال سترها، قلب وجهك في ظلمات الليل في السماء، وارفع أكف الضراعة، وناد الكريم أن يفرج كربك، ويسهل أمرك، وإذا قوي الرجاء، وجمع القلب في الدعاء لم يرد النداء، {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} ، وتوكل على القدير، والجأ إليه بقلب خاشع ذليل يفتح لك الباب، يقول الفضيل بن عياض: "لو يئست من الخلق لا تريد منهم شيئاً لأعطاك مولاك كل ما تريد" .
يقول تعالى : {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} .
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين...آمين ....
اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني وذهاب همي
تفاحة تبوكية @tfah_tboky
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
دلوعة دآدي
•
جزاك الله الفردوس الاعلى من الجنة
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين...آمين ....
بارك الله فيك اختي
بارك الله فيك اختي
الصفحة الأخيرة