الأسباب المعينة على الصبر عن المعصية
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الحمد لله الذي أمر بالطاعة ، ونهى عن العصيان، والصلاة والسلام على من أرسله رحمة للإنس والجان، وعلى آله وصحبه أهل السنة والقرآن، أما بعد :
قال الإمام شمس الدين ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى في كتابه" طريق الهجرتين": " الصبر نصف الدين، فإن الإيمان نصفان: نصف صبر، ونصف شكر"
قال الله تعالى: " إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور"
والصبر ثلاث أقسام :
إما صبر عن معصية : فلا يرتكبها.
وإما صبر على طاعة : حتى يؤديها.
وإما صبر على بلية: فلا يشكو ربه فيها.
ولقد اخترت لكم الأسباب المعينة على الصبر عن المعصية
أسباب الصبر عن المعصية:
الصبر عن المعصية ينشأ من أسباب عديدة:
1. علم العبد بقبحها ورذالتها ودناءتها
وأن الله إنما حرمها ونهى عنها صيانة وحماية عن الدنايا والرذائل، كما يحمي الوالد الشفيق ولده عما يضره. وهذا السبب يحمل العاقل على تركها، ولو لم يعلّق عليها وعيد بالعذاب.
2. الحياء من الله سبحانه:
فإن العبد متى علم بنظر الله إليه، ومقامه عليه، وإنه بمرأى منه ومسمع- وكان حييّا - استحيى من ربه أن يتعرض لمساخطه.
3. مراعاة نعمه عليك، وإحسانه إليك:
فإن الذنوب تزيل النعم ولا بد، فما أذنب عبد ذنباً إلا زالت عنه نعمة من الله بحسب الذنب، فإن تاب ورجع، رجعت إليه أو مثلها، وإن أصر لم ترجع إليه. ولا تزال الذنوب تزيل عنه نعمة نعمة حتى تسلب النعم كلها.
قال الله تعالى: " إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم"
** وأعظم النعم : الإيمان. وذنب الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وانتهاب النهبة يزيلها ويسلبها.
قال بعض السلف : أذنبت ذنباً فحرمت قيام الليل سنة، وقال آخر : أذنبت ذنباً فحرمت فهم القرآن.
إذا كنت في نعمة فارعها...........فإن المعاصي تزيل النعم.
*****وبالجملة فإن المعاصي نار النعم، تأكلها كما تأكل النار الحطب، عياذاً بالله من زوال نعمته وتحوّل عافيته.
4.خوف الله تعالى وخشية عقابه:
وهذا إنما يثبت بتصديقه في وعده ووعيده، والإيمان به وبكتابه وبرسوله. وهذا السبب يقوى بالعلم واليقين ويضعف بضعفهما. قال الله تعالى: " إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ "
قال بعض السلف:" كفى بخشية الله علماً، وبالاغترار به جهلاً"
5. محبة الله تعالى:
وهي من أقوى الأسباب في الصبر عن مخالفته ومعاصيه، فإن المحب لمن يحب مطيع. وكلما قوي سلطان المحبة في القلب كان اقتضاؤه للطاعة وترك المخالفة أقوى. وإنما تصدر المعصية والمخالفة من ضعف المحبة وسلطانها. وفرق بين من يحمله على ترك معصية سيده خوفه من سوطه وعقوبته، وبين من يحمله على ذلك حبه لسيده.
**وهاهنا لطيفة يجب التنبيه لها، وهي أن المحبة المجردة لا توجب هذا الأثر ما لم تقترن بإجلال المحبوب وتعظيمه، فإذا قارنها بالإجلال والتعظيم أوجبت هذا الحياء والطاعة، وإلا فالمحبة الخالية عنها إنما توجب نوع أنس وانبساط وتذكر واشتياق، ولهذا يتخلف عنها أثرها وموجبها، ويفتش العبد قلبه فيرى نوع محبة لله ولكن لا تحمله على ترك معاصيه،وسبب ذلك تجردها من الإجلال والتعظيم.
6. شرف النفس وزكاؤها وفضلهاوأنفتها وحميّتها:
أن تختار الأسباب التي تحطها وتضع من قدرها، وتخفض منزلتها وتحتقرها ، وتسوي بينها وبين السلفة.
7. قوة العلم بسوء عاقبة المعصية وقبح أثرها والضرر الناشيء منها:
من سواد الوجه، وظلمة القلب ، وضيقه، وغمه، وحزنه وألمه، وانحصاره، وشدة قلقه واضطرابه، وتمزق شمله، وضعفه عن مقاومة عدوه، وتعرّيه عن زينته بالثوب الذي جمّله الله وزيّنه به، والعصرة التي تناله، والقسوة والحيرة في أمره، وتخلي وليّه وناصره عنه، وتولي عدوه المبين له، وتواري العلم الذي كان مستعداً له عنه ،ونسيان ما كان حاصلاً له أو ضعفه ولابد، ومرضه الذي إذا استحكم به فهو الموت ولابد،فإن الذنوب تميت القلوب.
8. قصر الأمل، وعلمه بسرعة انتقاله:
وأنه كمسافر دخل قرية وهو مزمع على الخروج منها، أو كراكب قال - أي نام - في ظل شجرة ثم سار وتركها. فهو لعلمه بقلة مقامه وسرعة انتقاله حريص على ترك ما يثقله حمله ويضره ولا ينفعه، وحريص على الانتقال بخير ما بحضرته، فليس للعبد أنفع من قصر الأمل ، ولا أضر من التسويف وطول الأمل.
9. مجانبة الفضول في مطعمه، وملبسه، ومنامه، واجتماعه بالناس:
فإن قوة الداعي إلى المعاصي إنما تنشأ من هذه الفضلات، فإنما تطلب بها مصرفها فيضيق عليها المباح فتتعداه إلى الحرام.
ومن أعظم الأشياء ضرراً على العبد بطالته وفراغه، فالنفس لا تقعد فارغة، بل إن لم يشغلها بما ينفعها ، شغلته بما يضره ولابد.
10. وهو الجامع لهذه الأسباب كلها .. ثبات شجرة الإيمان في القلب:
فصبر العبد عن المعاصي إنما هو بحسب قوة إيمانه، فكلما كان إيمانه أقوى كان صبره أتم، وإذا ضعف الإيمان ضعف الصبر ،فإن من باشر قلبه الإيمان بقيام الله عليه، ورؤيته له، وتحريمه لما حرم عليه، بغضه له، ومقته لفاعله، وباشر قلبه الإيمان بالثواب والعقاب، والجنة والنار، امتنع من ألا يعمل بموجب هذا العلم.
** ومن ظن أنه يقوى على ترك المخالفات والمعاصي بدون الإيمان الراسخ الثابت فقد غلط.
--------------------------------------------------------------
كتيب ... الأسباب المعينة على ...الصبر عن المعاصي .. الصبر على الطاعات ..
الصبر على البلاء..من كلام الإمام .. شمس الدين ابن قيم الجوزية ..
منقول من منتدى وذكر ..

ارياف @aryaf_2
عضوة نشيطة
هذا الموضوع مغلق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️