الأسيرة المحررة د. ماجدة فضة...تجربة مريرة مع الاعتقال
نابلس- خاص
انفتحت أبواب السجن وانطلقت الدكتورة ماجدة فضة نحو حرية سلبت منها مدة عام ونصف، ذاقت خلالها ألوان وأصناف مختلفة من العذاب، وسط أناس لايعرفون للإنسانية معنى.
الأسيرة المحررة ماجدة فضة من سكان مدينة نابلس، وأحد أعضاء مجلس البلدية، اعتقلتها قوات الإحتلال للمرة الثانية لتحكم عليها بالسجن الإداري الذي جدد لها 5 مرات ، لتقضى في نهاية المطاف ما يقارب العام ونصف في سجون الإحتلال.
طريقة الإعتقال
وفي إفادة قدمتها لمركز أحرار حول الطريقة التي اعتقلتها قوات الإحتلال بها تقول الدكتورة فضة: في حوالي الساعة الثانية ليلا بتاريخ 6-8-2008 حضرت قوة عسكرية إسرائيلية برفقة مايقارب 20 جيب، وباشرت بإطلاق كثيف للنيران في محيط العمارة السكنية، ونظرا لكمية الرصاص الذي أطلقته قوات الإحتلال ظننت أن هناك اشتباكات تدور في محيط العمارة، فلم أكن أتوقع أن يكون ذلك من أجل اعتقالي.
وتتابع فضة: قام الجنود بتفتيش المنازل السكنية، واحتجزوا العائلات داخل منازلهم، وطلبوا من أحد الجيران مرافقتهم لمنزلي، وقاموا بتفتيشه بدقة، وعاثوا فيه فسادا كبيرا، حيث قاموا بتكسير معظم الأثاث ومصادرة جهاز الكومبيوتر واللاب توب، والملفات الخاصة وبعض الأوراق المهمة، ليتم إنزالي من المنزل مكبلة اليدين وبقيت في الجيب العسكري حتى الساعة الثامنة صباحا في معسكر حوارة.
وتردف قائلة: بعد معسكر حوارة قامت قوات الإحتلال بنقلي إلى مستوطنة قريبة من مدينة جنين، ومكثت فيها مايقارب ساعتين ونصف في العراء، ومن ثم أعادوني إلى معسكر حوارة مرة أخرى، وهناك تم تكبيل يدي ونقلي بسيارة الشرطة الإسرائيلية إلى سجن هشارون، لأمضي يومين برفقة الأسيرات استعداد لمرحلة التحقيق والإستجواب، وفي تلك المرحلة تم توجيه التهم لي والتي تركز أنني عضو في مجلس بلدية نابلس عن كتلة الإصلاح والتغيير التابعة لحركة حماس وهي منظمة إرهابية ومحظورة حسب ما يدعون، وتم بعدها تحويلي للمحكمة وتقديم لائحة الإتهام ضدي ويحكم علي بالسجن الإداري مدة 6 أشهر.
تجديد الاعتقال
بعد قضائها مدة محكوميتها في سجن هشارون والبالغة 6 أشهر تنفست الدكتور ماجدة فضة الصعداء، واستعدت لمعانقة الحرية، وملاقاة لأهل والأحبة، عد أن غيبها السجن قسرا عنهم إلا أن الفرحة لم تكتمل والسبب تجيب عنه فضة قائلة: بعد انتهاء فترة الحكم الإداري الصادرة بحقي صدر أمر بالإفراج عني وكانت فرحتي كبيرة بالخبر إلا أنني تفاجأت بتجديد المحكمة للحكم الإداري مدة ثلاث شهور مرة أخرى، كان لذلك الخبر أثر سيء على حالتي النفسية، خاصة وأن التهمة الموجه إلى لاتستحق التجديد مرة أخرى، إلا أنني سلمت بالأمر الواقع.
أسيرات في السجون الإسرائيلية
وتتابع فضة: جاء قرار آخر بالإفراج عني بعد انتهاء الثلاثة شهور المقررة، إلا أنه وقبل نصف ساعة من استعدادي للخروج من السجن، قاموا بالتجديد الإداري مرة أخرى وفي تلك اللحظة كان شعوري لايوصف، كان لهذا التجديد وقع الصدمة القاسية خاصة بعد أن كانت عائلتي تنتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر، وتكرر تجديد الإعتقال الإداري لي 5 مرات، وفي إحدى المرات تم وضعي في زنزانة خاصة بالأسيرات الإسرائيليات الجنائيات قيضت فيها مايقارت 15 ساعة دون طعام أو شراب أو حتى قضاء الحاجة، ومنعت أيضا من النزهة اليومية، ولم استطع التحمل حتى سقطت مغمىً علي، وكانت تلك الأيام من أسوأ ما مررت به في مرحلة الإعتقال.
وتردف بالقول: خلال فترة وجودي بالسجن كانت وسائل الإعلام تتحدث عن صفقة لتبادل الأسرى" صفقة الحرائر" والتي أفرج خلالها عن 20 أسيرة فلسطينية، كنت خلالها أتأمل أنا وباقي الأسيرات داخل سجن هشارون أن تكون أسمائنا ضمن تلك الصفقة إلا أن آمالنا فشلت وتفاجأت بعدم إدراج إي منا على القائمة، كنت أتمنى أن يتم الإفراج عن الأسيرات ذوي الأحكام العالية والتي من بينهن أحلام التميمي والمحكوم عليها بالسجن الفعلي 16 مؤبد كذلك قاهرة السعدي 3مؤبدات، وسناء شحادة 3 مؤبدات، وهن محرومات من زيارة ذويهن منذ فترة طويلة، والأمر الأصعب أن معظمهن متزوجات ولديهن أطفال.
البوسطة
بعد حديث طويل عن التجربة القاسية التي مرت بها الدكتورة ماجدة فضة تطرقنا في سؤالنا إلى موضوع البوسطة الذي يعتبر من أشد أنواع المعاناة التي يمر بها الأسرى والأسيرات داخل سجون الإحتلال، والتي كانت فضة أحدى الأسيرات اللواتي ذقن الويلات من البوسطة فقد تنهدت وقال بصوت مأساوي" أخ على البوسطة"
وتشرح فضة رحلة العذاب قائلة: البوسطة هي عبارة عن حافلات لنقل الأسرى من سجن لأخر وهي مصنوعة من الحديد حتى الكراسي فيها من حديد، ذو نوافذ صغيرة وعالية، مطلية باللون الأسود، بحيث لا نستطيع رؤية أي شيء في الخارج، يتم وضع الأسيرات بعد تكبيل اليدين والقدمين، وتسير الحافلات مسافات طويلة، فعلى سبيل المثال المسافة من سجن هشارون إلى "عوفر سالم" تستغرق فترة قصيرة إلا أنها كانت في البوسطة تستغرق من 3-4 أيام.
وفي تجربتها الشخصية قالت فضة: في حوالي الساعة الثانية ليلا تم تفتيشي بواسطة الكلاب وتكبيلي ونقلي بالبوسطة ومكثت فيها ثلاث أيام متواصلة، حرمت خلالها من الطعام الكافي حيث تم تقديم وجبة واحدة لي، ومعاملتي بمنتهى الوحشية والإذلال، ليتم وضعي بعدها في زنزانة مكشوفة خاصة بالمجرمين مدة 16 ساعة، مع سيل من الإهانات والشتائم والصراخ، وعند عودتي للسجن عانيت من ألم كبير في قدماي، وأخذت الدماء تسيل بشكل كبير نتيجة الأوجاع والكدمات.
معاملة لا إنسانية
سب، شتائم، حرمان، بتلك الكلمات وصفت الدكتورة ماجدة فضة معاملة إدارة السجن للأسيرات الفلسطينيات والتي تحدثت عن أوضاعهن بألم وحسرة فقد قالت: تعيش الأسيرات الفلسطينيات حياة بالغة في القسوة، حيث يعانين من وضع صحي ومعيشي خطير، حيث هناك إهمال طبي من قبل إدارة السجن بشكل كبير، ففي إحدى الأيام تعرضت إحدى الأسيرات لنوبة شديدة، وبقيت تصرخ من الألم ساعات طويلة حتى أغمي عليها بالنهاية، ومع ذلك لم يتم تقديم العلاج اللازم لها.
وتتابع: هناك أسيرات يعانين من أمراض القلب وأمراض نسائية مختلفة، ناهيك عن مرض سرطان الحنجرة، ومع ذلك فإن حبة الأكامول هو كل ماتقدمة إدارة السجن، حتى للإمراض الخطيرة التي تحتاج إلى طبيب مختص هذا فيما يخص الجانب الصحي للأسيرات أما من الناحية الثانية فإن إدارة السجن تمنع إدخال الكتب العلمية إلى السجن والتي تعمل على كسر الروتين والملل لدى الأسيرات، كذلك فقد منعت وجود بعض محطات التلفزة الإخبارية، كذلك فقد حرمت إدارة السجن الأسيرات من زيارة ذويهن وعائلاتهن، ومنعت التواصل بينهم عبر الرسائل، إلى جانب منع إدخال أدوات التطريز والأشغال اليدوية التي تشغلها الأسيرات
وتضيف الدكتورة فضة: أثناء وجودي داخل سجن هشارون قامت إدارة السجن بمنع دخول الأحذية حيث كان اعتمادنا على بعض الأحذية القديمة غير صالحة للإستخدام، حيث قامت إحدى الأسيرات بإعادة خياطتها مرة أخرى نظرا لعدم صلاحيتها، مع كل ذلك لانستطيع أن نغفل أمر السب ولشتائم والألفاظ النابية وغير الحضارية التي كان يستخدمها السجانون ضد الأسيرات، فقد كانت معاناة حقيقية يصعب وصفها بكلمات.
وفي سؤالنا للدكتورة فضة عن الطعام الذي تقدمه إدارة السجن للأسيرات أجابت: كان الطعام شبه اليومي للأسيرات عبارة عن القليل من البطاطا المخلوطة مع الجزر، حيث لاتكفي الوجبة التي يقدمها السجن لسد الجوع، كذلك فإن إدارة السجن لم تكن توفر الاحتياجات اللازمة لنا في الكنتينا لنتمكن من شرائها، ومع ذلك فقد كانت إدارة السجن تعمد إلى رفع أسعار البضائع التي تبيعها داخل السجن حتى لاتتمكن الأسيرات من شرائها، الأمر الذي يجبر معظم الأسيرات على تناول طعام السجن الذي يفتقد إلى التنوع.
معانقة الحرية
بعد تجديد الحكم الإداري 5 مرات للدكتورة ماجدة فضة جاء أخيرا قرار الإفراج عنها بعد قضاء فترة الحكم المقررة لها، ومع مشاعر الفرح الحذر والممزوج بالخوف من التجديد للمرة السادسة، أطلق سراح فضة لتعود إلى حضن عائلتها التي انتظرتها طويلا، ووصفت فضة لنا شعورها بالحرية قائلة: شعرت بفرح ناقصة عند خروجي من السجن، فقد تركت خلفي أسيرات يقضين حياة قاسية داخل السجن، فقد حزنت وبكيت بكاء شديد على فراقهن، وتمنيت من قلبي أن يفرج عنهن برفقتي إلا أن معظمهن يقضين أحكاما عالية لذلك لم أشعر بالفرحة بل شعرت بالأسى على أحوالهن على الرغم من أنهن فرحن لحريتي.
وتتابع: بعد خروجي من سجن هشارون، حملت معي هدايا وأشغال لأهالي الأسيرات، لعلها تدخل الفرحة إلى قلوبهم، إلا أن الإحتلال ولآخر لحظة أبى إلا أن يفسد تلك الفرحة، بمصادرته لتلك الهدايا والأشغال التي تم تجميعها منذ عام ونصف، ولم يسمحوا لي بإخراج أي قطعة منها، وهذا الأمر جعلني أصاب بالإحباط والأسى، وبكيت بحرقة بسبب هذا الإجراء، وعند وصولي لمدينة نابلس كانت عائلتي وأحبائي بإنتظاري وفرحت لرؤيتهم، لذلك أتمنى، ومن كل قلبي أن يحظى جميع الأسرى والأسيرات بالحرية والعودة إلى أحضان وطنهم وأهاليهم.
يا الله فك أسر أسرانا وأسيراتنا من سجون الإحتلال
وأعدهم الى اهلهم وأحبائهم سالمين
الفراشة الزهرية @alfrash_alzhry
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️