الأمام الحسين بن على رضي الله عنه

ملتقى الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على خير البشريه محمد بن عبد الله وعلى اله الطيبين الطاهرين واصحابه ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين


من هو الامام الشهيد الحسين بن علي وما هي قصته ؟؟

بدأية الحكاية
بعد أن تنازل الحسن بن علي رضي الله عنه بالخلافة الى معاويه وبايعه لم يعجب الحسين ما عمل أخوه الحسن من تسليم الخلافة إلى معاوية ، بل كان رأيه القتال ، ولكنه كظم وأطاع أخاه وبايع . وكان يقبل جوائز معاوية ،
ومعاوية يرى له ، ويحترمه ، ويجله ، فلما أن فعل معاوية ما فعل بعد وفاة الحسن من العهد بالخلافة إلى ولده يزيد ، تألم الحسين ، وحق له ، وامتنع من المبايعة ،
فلما حضر معاوية الوفاة , دعا يزيد فأوصاه .وقال انظر حسينا فأنه أحب الناس إلى الناس , فصل رحمه ورفق به .
ومات معاويه وبايع الناس يزيد فكتب زيد الى واليه على المدينه أن خذ البيعة لي من الناس وابدأ بالحسين وارفق به . فبعث الى الحسين والى وابن الزبير رضي الله عنهما في الليل . فقال نصبح فننظر فيما يعمل الناس .
ثم أنهما خرجا من المدينه إلى مكة
فأقاما بها فعكف الناس على الحسين يفدون إليه ويقدمون عليه ويجلسون حواليه ويستمعون كلامه حين سمعوا بموت معاوية وخلافة يزيد واما ابن الزبير فانه لزم مصلاه عند الكعبة
وقد كثر ورود الكتب عليه من بلاد العراق يدعونه إليهم وذلك حين بلغهم موت معاوية وولاية يزيد
ثم بعثوا بعدهما نفرا منهم ومعهم نحو من مائة وخمسين كتابا إلى الحسين فيه الاستعجال فى السير إليهم و مماكُتب ( اما بعد فقد أخضرت الجنان وأينعت الثمار ولطمت الجمام فاذا شئت فأقدم على جند لك مجندة والسلام عليك)
فاجتمعت الرسل كلها بكتبها عند الحسين وجعلوا يستحثونه ويستقدمونه عليهم ليبايعوه عوضا عن يزيد بن معاوية ويذكرون فى كتبهم أنهم فرحوا بموت معاوية وينالون منه ويتكلمون فى دولته وانهم
لما يبايعوا أحدا إلى الآن وأنهم ينتظرون قدومه إليهم ليقدموه عليهم

بعث الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبى طالب إلى العراق ليكشف له حقيقة هذا الأمر والاتفاق فان كان متحتما وامرا حازما محكما بعث إليه ليركب فى أهله وذويه ويأتى الكوفة ليظفر بمن يعاديه وكتب معه كتابا إلى أهل العراق بذلك فلما سار مسلم من مكة اجتاز بالمدينة فأخذ منها دليلين فسارا به على برارى مهجورة المسالك فكان أحد الدليلين منهما أول هالك وذلك من شدة العطش وقد أضلوا الطريق فهلك الدليل الواحد بمكان يقال له المضيق من بطن خبت فتلبث مسلم على ما هنالك ومات الدليل الآخر فكتب إلى الحسين يستشيره فى أمره وكأنها توجس خيفة

فكتب إليه يعزم عليه ان يدخل العراق وأن يجتمع بأهل الكوفة ليستعلم أمرهم ويستخبر خبرهم


فلما دخل الكوفة نزل على رجل فيها فتسامع أهل الكوفة بقدومه فجاؤا إليه فبايعوه على إمرة الحسين وحلفوا له لينصرنه بأنفسهم وأموالهم فاجتمع على بيعته من أهلها اثنا عشر ألفا ثم تكاثروا حتى بلغوا ثمانية عشر ألفا

فكتب مسلم إلى الحسين ليقدم عليها فقد تمهدت له البيعة والأمور فتجهز الحسين من مكة قاصدا الكوفة وانتشر خبرهم حتى بلغ أمير الكوفة النعمان بن بشير خبره فجعل يضرب عن ذلك صفحا ولا يعبأ به ولكنه خطب الناس ونهاهم عن الاختلاف والفتنة وأمرهم بالائتلاف والسنة وقال إنى لا أقاتل من لا يقاتلنى ولا أثب على من لا يثب على ولا آخذكم بالظنة ولكن والله الذى لا إله إلا هو لئن فارقتم إمامكم ونكثتم بيعته لأقاتلنكم ما دام فى يدى من سيفى قائمته
فقام إليه رجل فقال له (إن هذا الأمر لا يصلح إلا بالغشمة وإن الذى سلكته أيها الأمير مسلك المستضعفين )
فقال له النعمان (لأن أكون من المستضعفين فى طاعة الله أحب إلى من أن أكون من الأقوياء الأعزين فى معصية الله )
ثم نزل فكتب ذلك الرجل إلى يزيد بن معاويه يعلمه بذلك فعزل يزيد بن معاويه النعمان عن الكوفة لخوفه أن لا يُقدم على الحسين .وضمها إلى عبيد الله ابن زياد مع البصرة وكان يزيد يبغض عبيد الله بن زياد وكان يريد أن يعزله عن البصرة فولاه البصرة والكوفة معا لما يريده الله به وبغيره.
وقال له في رسالة ارسلها له إن كان لك جناحان فطر الى الكوفة !
ثم أن عبيد الله ذهب الى الكوفة ودخلها متلثما بعمامة سوداء فجعل لا يمر بملأ من الناس إلا قال سلام عليكم فيقولون وعليكم السلام مرحبا بابن رسول الله يظنون أنه الحسين وقد كانوا ينتظرون قدومه وتكاثر الناس عليه ودخلها فى سبعة عشر راكبا فقال لهم مسلم بن عمرو من جهه يزيد تأخروا هذا الأمير عبيد الله بن زياد فتحقق عبيد الله الخبر ونزل قصر الأمارة من الكوفة
ولما انتهى ابن زياد إلى باب القصر وهو متلثم ظنه النعمان ..الحسين بن على قد قدم فأغلق باب القصر وقال ما أنا بمسلم إليك أمانتى فقال له عبيد الله افتح لافتحته .ففتح وهو يظنه الحسين فلما تحقق أنه عبيد الله أسقط فى يده فدخل عبيد الله إلى قصر الامارة وامر مناديا فنادى إن الصلاة جامعة فاجتمع الناس فخرج إليهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ( أما بعد فأناأمير المؤمنين قد ولانى امركم وثغركم وفيأكم وامرنى بأنصاف مظلومكم وإعطاء محرومكم والاحسان إلى سامعكم ومطيعكم والشدة على مريبكم وعاصيكم وإنما أنا ممتثل فيكم أمره ومنفذ عهده ثم نزل وامر العرفاء أن يكتبوا من عندهم من الزورية وأهل الريب والخلاف والشقاق وأيما عريف لم يطلعنا على ذلك صلب أو نفى واسقطت عرافته من الديوان)

فلما علم الناس ذلك علتهم كآبة وحزن شديد . فلما استقر امره أرسل رجلا يقال له معقل ومعه ثلاثة آلاف درهم في صورة قاصد من بلاد حمص لمسلم بن عقيل وأنه إنما جاء لهذه البيعة فذهب ذلك الرجل فلم يزل يتلطف ويستدل على الدار التى يبايعون بها مسلم بن عقيل حتى دخلها فبايع وأدخلوه على مسلم بن عقيل فلزمهم أياما حتى اطلع على جلية أمرهم فدفع المال إلى أبى ثمامة العامرى بأمر مسلم بن عقيل وكان هو الذى يقبض ما يؤتى به من الأموال ويشترى السلاح وكان من فرسان العرب فرجع ذلك الرجل وأعلم عبيد الله بالدار وصاحبها وقد تحول مسلم بن عقيل إلى دار رجل يقال له هانىء من الأكابر وبلغه أن عبيد الله يريد عيادته فبعث إلى مسلم بن عقيل حتى يكون فى دارى ليقتل عبيد الله إذا جاء يعوده
وقال ( له كن أنت فى الخباء فاذا جلس عبيد الله فأنى أطلب الماء وهى إشارتى إليك فاخرج فاقتله)
فلما جاء عبيد الله جلس على فراش هانىء ثم قال هانىء اسقونى فتجبن مسلم عن قتله وخرجت جارية بكوز من ماء فوجدت مسلما فى الخباء فاستحيت ورجعت بالماء ثلاثا ثم قال اسقونى ولو كان فيه ذهاب نفسى أتحموننى من الماء ففهم مولى عبيد لله الغدر فغمز عبيد الله فنهض سريعا وخرج
فقال هانىء لعبيد الله (إنى أريد أن أوصى إليك) فقال (سأعود) فخرج به مولاه فأركبه وهرب به وجعل
يقول له مولاه( إن القوم أرادوا قتلك )فقال( ويحك إنى بهم لرفيق فما بالهم )وقال هانىء( لمسلم ما منعك أن تخرج فتقتله )
قال (حديث بلغنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال الايمان ضد الفتك لا يفتك مؤمن وكرهت أن أقتله فى بيتك)
فقال (أم لو قتلته لجلست فى القصر لم يستعد منه أحد وليكفينك أمر البصرة ولو قتلته لقتلت ظالما فاجرا)

وبعث عبيد الله إلى هانئ - وهو شيخ - فقال (ما حملك على أن تجير عدوي )؟ قال : (يا ابن أخي ، جاء حق هو أحق من حقك) ،فقال عبيد الله (فأتنى به )فقال (والله لو كان تحت قدمى ما رفعتها عنه) فقال (أدنوه منى )فأدنوه فوثب إليه عبيد الله بحربة على وجهه فشجه على حاجبه وكسر أنفه وتناول هانىء سيف شرطى ليسله فدفع عن ذلك وقال عبيد الله( قد أحل الله لى دمك لانك حرورى )ثم أمر به فحبسه فى جانب الدار وجاء قومه من وقفوا على باب القصر يظنون أنه قد قتل فسمع عبيد الله لهم جلبة فقال لشريح القاضى وهو عنده (اخرج إليهم فقل لهم إن الامير لم يحبسه إلا ليسأله عن مسلم بن عقيل فقال لهم إن صاحبكم حى وقد ضربه سلطاننا ضربا لم يبلغ نفسه فانصرفوا ولا تحلوا بأنفسكم ولا بصاحبكم )فتفرقوا إلى منازلهم
وبلغ الخبر مسلماً , فخرج في نحو الأربع مئة . فلما وصل إلى القصر

بادر عبيد الله فدخل القصر ومن معه وأغلقوا عليهم الباب فلما انتهى مسلم إلى باب القصر وقف بجيشه هناك فأشرف أمراء القبائل الذين عند عبيد الله فى القصر فأشاروا إلى قومهم الذين مع مسلم بالانصراف وتهددوهم وتوعدوهم
وأخرج عبيد الله بعض الامراء وامرهم أن يركبوا فى الكوفة يخذلون الناس عن مسلم بن عقيل ففعلوا ذلك فجعلت المرأة تجىء إلى ابنها وأخيها وتقول له ارجع إلى البيت الناس يكفونك ويقول الرجل لابنه وأخيه كأنك غدا بجنود الشام قد أقبلت فماذا تصنع معهم فتخاذل الناس وقصروا وتصرموا وانصرفوا عن مسلم بن عقيل حتى لم يبق إلا فى خمسمائة نفس
ثم تقالوا حتى بقى فى ثلاثمائة
ثم تقالوا حتى بقى معه ثلاثون
رجلا فصلى بهم المغرب وقصد أبواب كندة فخرج منها فى عشرة
ثم انصرفوا عنه
فبقى وحده ليس معه من يدله على الطريق ولا من يؤانسه بنفسه ولا من يأويه إلى منزله
فذهب على وجهه واختلط الظلام وهو وحده يتردد فى الطريق لا يدرى أين يذهب
فأتى بابا فنزل عنده وطرقه فخرجت منه امرأة فقال لها مسلم بن عقيل اسقنى ماء فسقته ثم دخلت وخرجت فوجدته فقالت( ألم تشرب )قال (بلى) قالت( فاذهب إلى أهلك إن مجلسك مجلس ريبه فقم.) فقال (يا أمة الله ليس لى فى هذا البلد منزل ولا عشيرة فهل إلى أجر ومعروف وفعل نكافئك به بعد اليوم )فقالت( يا عبد الله وما هو) قال( أنا مسلم بن عقيل كذبنى هؤلاء القوم وغرونى) فقالت( أنت مسلم )قال (نعم) قالت (ادخل )فأدخلته بيتا من دارها غير البيت الذى يكون فيه وفرشت له وعرضت عليه العشاء فلم يتعش فلم يكن بأسرع من أن جاء ابنها فرآها تكثر الدخول والخروج فسألها عن شأنها فقالت( يا بنى اله عن هذا )فألح عليها فأخذت عليه أن لا يحدث أحدا فأخبرته خبر مسلم فاضطجع إلى الصباح ساكتا لا يتكلم وأما عبيد الله بن زياد فانه نزل من القصر بمن معه من الامراء والاشراف بعد العشاء الآخرة فصلى بهم العشاء فى المسجد الجامع ثم خطبهم وطلب منهم مسلم بن عقيل وحث على طلبه ومن وجد عنده ولم يعلم به فدمه هدر ومن جاء به فله ديته وطلب الشرط وحثهم على ذلك وتهددهم فلما أصبح ابن تلك العجوز ذهب فأعلمهم بأن مسلم بن عقيل فى دارهم فجاؤه فى سبعين أو ثمانين فارسا فلم يشعر مسلم إلا وقد أحيط بالدار التى هو فيها فدخلوا عليه فقام إليهم بالسيف فأخرجهم من الدار ثلاث مرات وأصيبت شفته العليا والسفلى ثم جعلوا يرمونه بالحجارة ويلهبون النار فى أطناب القصب فضاق بهم ذرعا فخرج إليهم بسيفه فقاتلهم فأعطاوه الأمان فأمكنهم من يده وجاؤا ببغلة فأركبوه عليها وسلبوا عنه سيفه فلم يبق يملك من نفسه شيئا فبكى عند ذلك وعرف أنه مقتول
فيئس من نفسه وقال( إنا لله وإنا إليه راجعون )فقال بعض من حوله( إن من يطلب مثل الذى تطلب لا يبكى إذا نزل به هذا )فقال( أما والله لست أبكى على نفسى ولكن أبكى على الحسين وآل الحسين إنه قد خرج إليكم اليوم أو أمس من مكة) ثم التفت إلى محمد بن الأشعث فقال( إن استطعت أن تبعث إلى الحسين على لسانى تأمره بالرجوع
فتقول له إن ابن عقيل بعثنى إليك وهو فى أيدى القوم
أسير لا يدرى أيصبح أم يمسى حتى يقتل وهو يقول لك ارجع بأهلك ولا يغرنك أهل الكوفة فانهم أصحاب أبيك الذى كان يتمنى فراقهم بالموت أو القتل أن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبونى وليس لكاذب رأى)

فقال ابن الاشعث والله لأفعلن فبعث إلى الحسين يأمره بالرجوع
و أمر ابن زياد بمسلم بن عقيل فأصعد إلى أعلا القصر وهو يكبر ويهلل ويسبح ويستغفر ويصلى على ملائكة الله ويقول اللهم احكم بيننا وبين قوم غرونا وخذلونا ثم ضرب عنقه وألقى رأسه إلى أسفل القصر وأتبع رأسه بجسده ثم أمر بهانىء بن عروة المذحجى فضربت عنقه بسوق الغنم وصلب بمكان من الكوفة يقال له الكناسة وكان ذلك يوم عرفه
..
ولما وصل الرسول الى الحسين وكان قدر خرج من مكة رغم كل من حاول ثنيه عن الخروج

لما أستشعر وا في خروجه من خطر و أشفقوا عليه من ذلك وحذروه منه وأشار عليه ذوو الرأى منهم والمحبة له بعدم الخروج إلى العراق وأمروه بالمقام بمكة وذكره ما جرى لأبيه وأخيه معهم
فهذا ابن عباس يقول استشارنى الحسين بن على فى الخروج فقلت لولا أن يزرى بى وبك الناس لشبثت يدى فى رأسك فلم أتركك تذهب فكان الذى رد على أن قال لأن أقتل فى مكان كذا وكذا أحب إلى من أن أقتل بمكة قال فكان هذا الذى سلى نفسى عنه )

ولما أجمع الحسين المسير إلى الكوفة أتاه ابن عباس فقال يا ابن عم إنه قد أرجف الناس أنك سائر إلى العراق فبين لى ما أنت صانع فقال إنى قد أجمعت المسير فى أحد يومى هذين إن شاء الله تعالى فقال له ابن عباس أخبرنى إن كان قد دعوك بعد ما قتلوا أميرهم ونفوا عدوهم وضبطوا بلادهم فسر إليهم وإن كان أميرهم حى وهو مقيم عليهم قاهر لهم وعماله تجبى بلادهم فانهم إنما دعوك للفتنة والقتال ولا آمن عليك
أن يستفزوا عليك الناس ويقلبوا قلوبهم عليك فيكون الذى دعوك أشد الناس عليك فقال الحسين إنى أستخير الله وأنظر ما يكون

و من الغد جاء ابن عباس إلى الحسين فقال له يا ابن عم إنى أتصبر ولا أصبر إنى أتخوف عليك فى هذا الوجه الهلاك إن أهل العراق قوم غدر فلا تغترن بهم أقم أمم فى هذا البلد حتى ينفى أهل العراق عدوهم ثم أقدم عليهم وإلا فسر إلى اليمن فان به حصونا وشعابا ولأبيك به شيعة وكن عن الناس فى معزل واكتب إليهم وبث دعاتك فيهم فانى أرجو إذا فعلت ذلك أن يكون ما تحب فقال الحسين يا ابن عم والله إنى لأعلم أنك ناصح شفيق ولكنى قد أزمعت المسير فقال له فان كنت ولا بد سائرا فلا تسر بأولادك ونسائك فوالله إنى لخائف أن تقتل كما قتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه

ويحدث عن ابن عمر أنه كان بمكة فبلغه أن الحسين بن على قد توجه إلى العراق فلحقه على مسيرة ثلاث ليال فقال أين تريد قال العراق وإذا معه طوامير وكتب فقال هذه كتبهم وبيعتهم فقال لا تاتهم فأبى فقال ابن عمر إنى محدثك حديثا إن جبريل أتى النبى صلى الله عليه وسلم فخيره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا وإنك بضعة من رسول الله والله ما يليها أحد منكم أبدا وما صرفها الله عنكم إلا للذى هو خير لكم فأبى أن يرجع قال فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال أستودعك الله من قتيل....


وهذا أبو سعيد الخدرى يقول له يا أبا عبد الله إنى لكم ناصح وإنى عليكم مشفق وقد بلغنى أنه قد كاتبك قوم من شيعتكم بالكوفة يدعونك إلى الخروج إليهم فلا تخرج إليهم فانى سمعت أباك يقول بالكوفة والله لقد مللتهم وأبغضتهم وملونى وأبغضونى وما يكون منهم وفاء قط ومن فاز بهم فاز بالسهم الأخيب والله ما لهم نيات ولا عزم على أمر ولا صبر على السيف)

لكنه رضى الله عنه رغم ذلك كله خرج وقيل انه استند الى رؤيا فقال إني رأيت فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأمرني بأمر وأنا ماضٍ له
فلما سار بمن معه وما معه من طوامير وكتب فيها بيعتهم له
ووصل الى ماء قرب القادسية نزل قصر أبي مقاتل فأخذته اغفائه ثم استرجع وقال رأيت كأن فارسا ً يسايرنا ,ويقول القوم يسيرون , والمنايا تسير اليهم ,

ووصلته رساله مسلم فهم أن يرجع .

فقال إخوة مسلم :والله لا نرجع حتى نأخذ بالثأر ,أو نقتل . فقال لا خير في الحياة بعدكم وسار حتى نزل كربلاء
قال الحسين حين نزلوا كربلاء ما اسم هذه الأرض قالوا كربلاء قال كرب وبلاء
وكان يزيد قد كتب إلى عبيد الله ابن زياد (إنه قد بلغنى أن حسينا قد سار إلى الكوفة وقد ابتلى به زمانك من بين الأزمان وبلدك من بين البلدان وابتليت أنت به من بين العمال وعندها تعتق أو تعود عبدا كما ترق العبيد وتعبد)

وقد كان الحسين ارسل قيس بن مسهر الصيداوى بكتاب إلى الكوفة يخبرهم بقدومه فأخذه عبيد الله بن زياد فقال له ابن زياد اصعد إلى أعلا القصر فسب الكذاب ابن الكذاب على بن أبى طالب وابنه الحسين فصعد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس إن هذا الحسين بن على خير خلق الله وهو ابن فاطمة بنت رسول الله ص وأنا رسوله إليكم وقد فارقته بالحاجز من بطن ذى الرمة فأجيبوه واسمعوا له وأطيعوا ثم لعن عبيد الله بن زياد وأباه واستغفر لعلى والحسين فأمر به ابن زياد فألقى من رأس القصر فتقطع ويقال بل تكسرت عظامه وبقى فيه بقية رمق فقام إليه عبد الملك بن عمير البجلى فذبحه


فلما بلغ الحسين مقتله بعد أن خرج من مكة ووصل إلى حاجر فقال لمن معه
(خذلتنا شيعتنا فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف من غير حرج عليه وليس عليه منا ذمام .... فتفرق الناس عنه أيادى سبا يمينا وشمالا حتى بقى فى أصحابه الذين جاؤا معه من مكة
وإنما فعل ذلك لأنه ظن أن من اتبعه من الأعراب إنما اتبعوه لأنه يأتى بلدا قد استقامت له طاعة اهلها فكره أن يسيروا معه إلا وهم يعلمون على من يقدمون وقد علم أنه إذا بين لهم الأمر لم يصحبه إلا من يريد مواساته فى الموت معه قال فلما كان السحر امر فتيانه أن يستقوا من الماء ويكثروا منه ثم سار حتى مر ببطن العقبة فنزل به

و أقبل الحسين فلما نزل شرف قال لغلمانه وقت السحر استقوا من الماء فأكثروا ثم ساروا إلى صدر النهار فسمع الحسين رجلا يكبر فقال (له مم كبرت )فقال( رأيت النخيلة)فقال له الأسديان (إن هذا المكان لم ير أحد منه نخيلة )فقال الحسين (فماذا تريانه رأى )فقالا( هذه الخيل قد أقبلت )فقال الحسين( أما لنا ملجأ نجعله فى ظهورنا ونستقبل القوم من وجه واحد) فقالا( بلى ذو حسم )
فأخذ ذات اليسار إليها فنزل وأمر بأبنيته فضربت

وجاء القوم وهم ألف فارس مع الحر بن يزيد التميمى وهم مقدمة الجيش الذين بعثهم ابن زياد حتى وقفوا فى مقابلته فى نحو الظهيرة والحسين وأصحابه معتمون متقلدون سيوفهم فأمر الحسين أصحابه أن يترووا من الماء ويسقوا خيولهم وأن يسقوا خيول أعدائهم أيضا وروى هو وغيره قالوا لما دخل وقت الظهر أمر الحسين الحجاج بن مسروق فأذن ثم خرج الحسين فى إزار ورداء ونعلين فخطب الناس من أصحابه وأعدائه واعتذر إليهم فى مجيئه هذا إلى ههنا بأنه قد كتب إليه أهل الكوفة أنهم ليس لهم إمام وإن أنت قدمت علينا بايعناك وقاتلنا معك ثم أقيمت الصلاة فقال الحسين للحر تريد أن تصلى بأصحابك قال لا ولكن صل أنت ونحن نصلى وراءك فصلى بهم الحسين ثم دخل إلى خيمته واجتمع به أصحابه وانصرف الحر إلى جيشه وكل على أهبته فلما كان وقت العصر صلى بهم الحسين ثم انصرف فخطبهم وحثهم على السمع والطاعة له وخلع من عاداهم من الادعياء السائرين فيكم بالجور فقال له الحر إنا لا ندرى ما هذه الكتب ولا من كتبها فأحضر الحسين خرجين مملوءين كتبا فنثرها بين يديه وقرأ منها طائفة
فقال الحر (لسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك فى شىء وقد أمرنا إذا نحن لقيناك أن لا نفارقك حتى نقدمك على عبيد الله بن زياد)
فقال الحسين( الموت أدنى من ذلك )ثم قال الحسين لأصحابه (اركبوا )فركبوا النساء
فلما أراد الانصراف حال القوم بينه وبين الانصراف
فقال الحسين للحر (ثكلتك امك ماذا تريد) فقال له الحر( أما والله لو غيرك يقولها لى من العرب وهو على مثل الحال التى أنت عليها لأقتصن منه ولما تركت أمه ولكن لا سبيل إلى ذكر أمك إلا بأحسن ما نقدر عليه وتقاول القوم وتراجعوا )
فقال له الحر (إنى لم أومر بقتالك وإنما أمرت أن لا أفارقك حتى أقدمك الكوفة على ابن زياد فإذا أبيت فخذ طريقا لا يقدمك الكوفة ولا تردك إلى المدينة واكتب أنت إلى يزيد واكتب انا إلى ابن زياد إن شئت فلعل الله أن يأتى بأمر يرزقنى فيه العافية من أن أبتلى بشىء من أمرك )
قال فأخذ الحسين يسارا عن طريق العذيب والقادسية والحر بن يزيد يسايره وهو يقول له (يا حسين إنى أذكرك الله فى نفسك فانى أشهد لئن قاتلت لتقتلن ولئن قوتلت لتهلكن فيما أرى)
فقال له الحسين( أفبالموت تخوفنى ولكن أقول كما قال أخو الأوس لابن عمه
وقد لقيه وهو يريد نصرة رسول الله ص فقال أين تذهب فانك مقتول فقال ... سأمضى وما بالموت عار على الفتى ... إذا ما نوى حقا وجاهد مسلما ... وآسى الرجال الصالحين بنفسه ... وفارق خوفا ان يعيش ويرغما


يتبع ...
.........
2
394

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ورقة زعفران
ورقة زعفران

وبعث عبيد الله بن زياد عمر بن سعد لقتالهم
فقال له الحسين (يا عمر اختبرنى إحدى ثلاث خصال إما أن تتركنى أرجع كما جئت فان أبيت هذه فسيرنى إلى يزيد فأضع يدى فى يده فيحكم فى ما رأى فان أبيت هذه فسيرنى إلى الترك فأقاتلهم حتى أموت)

فأرسل إلى ابن زياد بذلك فهم أن يسيره إلى يزيد فقال شمر بن ذى الجوشن لا إلا أن ينزل على حكمك فأرسل إلى الحسين بذلك
فقال الحسين (والله لا أفعل )
وأبطأ عمر عن قتاله فأرسل ابن زياد شمر بن ذى الجوشن وقال له( إن تقدم عمر فقاتل وإلا فاقتله وكن مكانه فقد وليتك الامرة)
وكان مع عمر قريب من ثلاثين رجلا من أعيان أهل الكوفة فقالوا له يعرض عليكم ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث خصال فلا تقبلوا منها شيئا فتحولوا مع الحسين يقاتلون معه
ثم ركب الحسين على فرسه وأخذ مصحفا فوضعه بين يديه ثم استقبل القوم رافعا يديه يدعو بما (اللهم أنت ثقتى فى كل كرب ورجائى فى كل شدة .............)
وركب إبنه على بن الحسين وكان ضعيفا مريضا فرسا يقال له الأحمق ونادى الحسين( أيها الناس اسمعوا منى نصيحة أقولها لكم )
فأنصت الناس كلهم فقال بعد حمدالله والثناء عليه( أيها الناس إن قبلتم منى وأنصفتمونى كنتم بذلك أسعد ولم يكن لكم على سبيل وإن لم تقبلوا منى فاجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن عليكم غمة ثم اقضوا إلى ولا تنظرون وإن وليى الله الذى نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين )
فلما سمع ذلك أخواته وبناته ارتفت أصواتهن بالبكاء
فقال عند ذلك( لا يبعد الله ابن عباس )يعنى حين أشار عليه أن يخرج بالنساء معه ويدعهن بمكة إلى أن ينتظم الأمر ثم بعث أخاه العباس فسكتهن ثم شرع يذكر للناس فضله وعظمة نسبه وعلو قدره وشرفه ويقول راجعوا أنفسكم وحاسبوها هل يصلح لكم قتال مثلى وأنا ابن بنت نبيكم وليس على وجه الأرض ابن بنت نبى غيرى وعلى أبى وجعفر ذو الجناحين عمى وحمزة سيد الشهداء عم أبي وقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأخى هذان سيدا شباب أهل الجنة فان صدقتمونى بما أقول فهو الحق فوالله ما تعمدت كذبة منذ علمت أن الله يمقت على الكذب وإلا فاسألوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك جابر بن عبد الله وأبا سعيد وسهل بن سعد وزيد بن أرقم وأنس بن مالك يخبرونكم بذلك ويحكم إما تتقون الله أما فى هذا حاجز لكم عن سفك دمى
فقال عند ذلك شمر بن ذى الجوشن( هو يعبد الله على حرف إن كنت أدرى ما يقول) فقال له حبيب بن المطهر (والله يا شمر إنك لتعبد الله على سبعين حرفا وأما نحن فوالله إنا لندرى ما يقول وإنه قد طبع على قلبك)
ثم قال( أيها الناس ذرونى أرجع إلى مأمنى من الأرض)
فقالوا ما يمنعك أن تنزل على حكم بنى عمك
فقال (معاذ الله إنى عذت بربى وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب )ثم أناخ راحلته وأمر عقبة بن سمعان فعقلها ثم قال( أخبرونى أتطلبوني بقتيل لكم قتلته أو مال لكم أكلته أو بقصاصة من جراحه)

قال فأخذوا لا يكلمونه
قال (فنادى يا شبيث بن ربعى يا حجار بن أبجر يا قيس بن الأشعث يا زيد بن الحارث ألم تكتبوا إلى أنه قد أينعت الثمار وأخضر الجناب فأقدم علينا فانك إنما تقدم على جند مجندة)
فقالوا( له لم نفعل)
فقال (سبحان الله والله لقد فعلتم ,ثم قال يا أيها الناس إذ قد كرهتمونى فدعونى أنصرف عنكم )
فقال له قيس بن الأشعث( ألا تنزل على حكم بنى عمك فانهم لن يؤذوك ولا ترى منهم إلا ما تحب )
فقال له الحسين (أنت أخو أخيك أتريد أن تطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم ابن عقيل لا والله لا أعطيهم بيدى إعطاء الذليل ولا أقر لهم إقرار العبيد)
قال وأقبلوا يزحفون نحوه وقد تحيز إلى جيش الحسين من أولئك طائفة قريب من ثلاثين فارسا فيما قيل منهم الحر بن يزيد أمير مقدمة جيش ابن زياد فاعتذر إلى الحسين مما كان منهم
قال ولو أعلم أنهم على هذه النية لسرت معك إلى يزيد فقبل منه الحسين ثم تقدم بين يدى أصحاب الحسين فخاطب عمر بن سعد فقال (ويحكم ألا تقبلون من ابن بنت رسول الله ما يعرض عليكم من الخصال الثلاث واحدة منها فقال لو كان ذلك إلى قبلت)
ويجيء سهم فيقع بابن للحسين صغير , فجعل يمسح الدم عنه ويقول : (اللهم احكم بيننا وبين قومنا , دعونا لينصرونا ثم يقتلونا)
ومكث الحسين نهارا طويلا وحده لا يأتى أحد إليه إلا رجع عنه لا يحب أن يلى قتله ولا ان يتلطخ بدم ريحانة رسول الله والبيقة الباقيه من اهل بيته .. حتى جاءه رجل فضرب الحسين على رأسه بالسيف فسال دمه

وقد اشتد عطش الحسين فحاول أن يصل إلى أن يشرب من ماء الفرات فما قدر بل مانعوه عنه فخلص إلى شربه منه فرماه رجل يقال له حصين بن تميم بسهم فى حنكة فأثبته فانتزعه الحسين من حنكة ففار الدم فتلقاه بيديه ثم رفعهما إلى السماء وهما مملوءتان دما ثم رمى به إلى السماء وقال اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تذر على الأرض منهم أحدا ودعا عليهم دعاء بليغا
قال فوالله إن مكث الرجل الرامى إلا يسيرا حتى صب الله عليه الظمأ فجعل لا يروى ويسقى الماء مبردا وتارة يبرد له اللبن والماء جميعاا ويسقى فلا يروى بل يقول ويلكم اسقونى قتلنى الظمأ قال فوالله ما لبث إلا يسيرا حتى انفذ بطنه انفداد بطن البعير
ثم إن الرجال حملت عليه من كل جانب فقتل رضي الله عنه


وحز رأسه

ويقال

إن عمر بن سعد أمر عشرة فرسان فداسوا الحسين بحوافر خيولهم حتى ألصقوه بالأرض يوم المعركة وأمر برأسه أن يحمل من يومه إلى ابن زياد مع خولى بن يزيد الأصبحى فلما انتهى به إلى القصر وجده مغلقا فرجع به إلى منزله فوضعه تحت إجانة

وقال لامرأته نوار بنت مالك جئتك بعز الدهر فقالت وما هو فقال برأس الحسين فقالت جاء الناس بالذهب والفضة وجئت أنت برأس ابن بنت رسول الله والله لا يجمعنى وإياك فراش أبدا ثم نهضت عنه من الفراش واستدعى بامرأة له أخرى من ينى أسد فنامت عنده قالت المرأة الثانية الاسدية والله ما زلت أرى النور ساطعا من تلك الاجانة إلى السماء وطيورا بيضاء ترفرف حولها فلما أصبح غدابه إلى ابن زياد فأحضره بين يديه فجعل ينكث بعصى على فيه ويقول ما رأيت مثل هذا حُسنا
فقال له رجل عنده( ارفع عصاك لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاه على فيه )
وأمر ابن زياد فنودى الصلاة جامعة فاجتمع الناس فصعد المنبر فذكر ما فتح الله عليه من قتل الحسين الذى أراد أن يسلبهم الملك ويفرق الكلمة عليهم فقام إليه عبد الله بن عفيف الأزدى فقال ويحك يا ابن زياد تقتلون أولاد النبيين وتتكلمون بكلام الصديقين فأمر به ابن زياد فقتل وصلب ثم أمر برأس الحسين فنصب بالكوفة وطيف به فى أزقتها ثم سيره مع رؤس أصحابه إلى يزيد بن معاوية بالشام


ولما وضع رأس الحسين بين يدي يزيد قال أما والله لو أنى صاحبك ما قتلتك
ودمعت عينا يزيد بن معاوية وقال كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين لعن الله ابن سمية أما والله لو أنى صاحبه لعفوت عنه ورحم الله الحسين ولم يصل الذى جاء برأسه بشىء

وقد اختلف العلماء بعدها فى رأس الحسين هل سيره ابن زياد إلى الشام إلى يزيد أم لا على قولين الأظهر منهما أنه سيره إليه

وبهذا تطوى صفحات بطل من ابطال الاسلام وبقية من بقاياء بيت النبوبه ,
هكذا هم الغادرون في كل زمان ومكان لا يرعون حرمه ولا يعرفون مقاما لأحد وعودهم وهميه ومواثيقهم أنما هي حبر على ورق وكلمات بلا افعال ..

فلله درك أبا عبد لله ذهبت شامة في وجه التاريخ وذكرى عطره في صفحاته ..


المراجع
] البداية والنهاية
للامام إسماعيل بن كثير


سير أعلام النبلاء
للامام الذهبي]
ورقة زعفران
ورقة زعفران
..................