((((((الأماني والواقع))))))

تتنفس الحياة بنسيم التفاؤل لتدب كل دابة عليها ،،مرادها تحقيق هدفها المنشود،،يداعب خيالهم النهاية
السعيدة لأمانيهم وطموحاتهم،،يرتسم في مخططاتهم أبعاد النجاح لأهدافهم وغاياتهم،،تلامس أحلامهم سطح القمر،،وتخترق عزائمهم آفاق السماء،، وتعلو هممهم قمم الجبال،،ما إن يُشرق عليهم النهارليكدوا ويعملوا متناسين كل تعب في سبيل الوصول إلى القمة،، شعارهم "بقدر ما تتعنى تنال ما تتمنى"00
يرون المستقبل بعين المتفائل،،ويبادرون إليه بقدم الدؤوب،،ويصافحونه بيدالإصرار،،ويناشدونه بلسان الصدق،،ما إن تساور مخيلتهم آفاق الطموح إلا وتلتهب هممهم لتحقيق المطلوب؛
تمر عليهم الأيام والسنون وقد برعت في إقتناص دور صاحب الظل الثقيل ،،وتفننت في التلاعب بأرقام مستويات الهمم ولكن أبى المُصِر سوى الإقدام بإنتظار موعد اليوم المرتقب الذي لطالما كان حلما لا يمت إلى الواقع بصله،،وخيالا لا مفهوم له في قاموس الحقيقة،،وأمنية لا ثوابت لها على أرض الوجود،،وما إن يرنو حتى تشرءِب الأعناق،،وتحلق الأعين إلى رؤية الأماني أصبحت كائن ملموس ،،وطيف الخيال سائد محسوس،،حينها تسكن النفوس لتطل من مشارف التفوق وأبراج النجاح إلى المستقبل الذي صنعته،،والأمل الذي بنته،،ولكن ما تلبث تلك الفرحة المولودة أن تموت موءودة تحت رمال الحقيقة بعد أن تحول ذلك النجاح سرابا،،وذلك المجد وهما،،وحال الأمل ألما،،تبددت أحلام الطامح عند الحلم الطائر؛ تم الوصول إلى المُنال ولكن كان واقعا بخلاف الواقع المرغوب،،وصورة تبعث في نفس ناظرها الهزيمة النفسية؛ تسمر اليأس في فؤاده،،والبس الإنهاك جسده،،ولم يجد مهربا إلا أن يعاشر أمنيته ،،فكان يغمض عينيه لعله يجسًد واقعه المرجو،،ويُحادث نفسه معزولا يناجي حلمه الفاني،،يعلم أنه يُحيك أسطورة بخيوط الوهم،،ويخطو على أرض الأكذوبة مرافقا السراب،،يحيى بخياله المعجزات والكرامات،،ويحلَق في سماء المستحيل واللا ممكن،،وبينما هو في غمرة التشاؤم وفوق حطام الإحباط يجد نفسه يعيش مصيرا مقدرا لم يكن في الحسبان،،وحاضرا محتوما لم يكن المبتغى،،أدرك حينها أن الأماني مقرونة بالمقادير فإن أصابت قدرا مكتوبا أصبحت واقعا وإلا كانت بريقا في سماء الجِنان لاينالها إلا بالتقوى؛
هذا صوت العقل علا ليغلب صوت العاطفة المهزومة،،كان لا بد أن يرضى،،ولا بد ان يعايش الغد،،فعل كل ما بوسعه،،أفرغ كل طاقته،،سلك كل فج يوصله لما طمح إليه ولكن الأمر ليس بيده بل بيد من له الأمر وإليه ترجع الأمور؛
اسلم واستسلم،،ثم إنقاد وأناب،،هاهو يسير من حيث رفض،،وينطلق من حيث اعترض،،وقد أُشبعت روحه بالرضى ،،ولهجت لسانه بالحمد ليحقق هدفا آخر من خلال واقعه المحتوم ،،وتظل الأمنية عالقة في فضاء خياله وسويداء قلبه داعيا من بيده مقاليد الأمور ان يهبه إياها في أحد الدارين0