
كثيرة هي الملامح التي تصافح أنظارنا..!
ففي كل دقيقة من دقائق يومنا
نقابل ألواناً مختلفة من البشر..!
منهم من يلج قلوبنا بمجرد ابتسامة،
ومنهم من نحتاج لوقت طويل لفهم ملامحه،
وما يختبيء خلفها من حقيقة إنسانهِ ..
فهناك من يحمل تفاصيل ظاهرية تنطق الصرامة والقسوة...
بينما يقبع في الحقيقة خلفها طفل وديعٌ ودود، نقي الفؤاد، لايعي الحقد.!
وهناك من يرتدي قناع البشاشة، ويغطي بمعسول الحديث ، وسيماء البراءة
أنياب ذئبٍ، وقلب حقدٍ ، وحقيقة لؤم ، وواقع نفاق...
فيظهرلنا الحب ، ويضمر لنا البغض..!

كثيرة هي الملامح التي تدور بفلك أيامنا،
وتتقلب في كل صفحة من كتاب حياتنا.
نفوس تجذبنا لنقرأها، وتستهوينا لنتجول في ردهات روحها.
وكل الملامح نستطيع أن نتهجاها ونقرأها
إلا ملامح النرجسية .. تصعب قراءتها..!
نرجسية عشق الذات وتبجيلها، والغوص في دهاليز غرورها
فكل من يعلن ذلك الحب عن نفسه ؛ غالباً مايُدان بإتهامات عدة، ويُساء فهمه...
فهو في نظرنا ذلك الشخص الأناني
الذي لا يسمع سوى صوت: أنا
فهو يعشق نفسه ويتقبلها حتى بأسوإ تفاصيلها...
ولا يتهاون عن اقتلاع شجرة علاقته وعشرته من جذورها
إن سقطت من عين " أناه".
وهو في أعظم أزماته يترفع عن الشكوى،
فهو يتصور أنه أعظم من الحاجة إلى وقوف أحد إلى جانبه
وأرفع من أن يستعين بأحدٍ لإنقاذه من ورطته.
لأنه يظنّ أنه الأفضل.!
وهو بذا لا يعترف بأنه من الممكن أن يمنحه السعادة أحد غير ذاته...
وهو ينصف نفسه في كل المواقف، ويقف إلى جانبها منتصراً لها..!

-أخواتي-
إننا لم نولد بشخصياتنا وسلوكياتنا،
وأنما تلك هي أنماط مكتسبة تخضع للظروف
وإن لكل شيء في هذه الحياة سر..!
فلنبحث عنه... ولا نتسرع بأي موقف قبل أن نتعرف إلى السر الكامن خلفه.
فلو تأملنا طويلاً لوجدنا أن كثيراً ممن أصبح يتسربل النرجسية
قد كان يوماً... من أهل الإيثار...
كان طوق نجاة الغارقين، وبيت أمان الضائعين...
كان جبلاً يصد عنهم عواصف الظروف...
وبحاراً تشربت هموهم...
كان كتاباً يغلق على أسرارهم، وعيوناً تضيء منارة أفراحهم
وصدراً يردّ الطعنات عن ظهورهم!
ثمّ ... صار إلى ماصار إليه... بعد أن اكتسب ذلك النمط من ظروف حياته
وتركه .. ليتفرع فيه ويتجذر ويصبح ذلك الشخص الأناني .
ومما لا خلاف عليه حقيقة أن لكل ذات... كفتين :
إحداهما تحمل (الأنا) الإيجابية... والأخرى تحمل (الأنا) السلبية.
ودورنا هنا أن نُرجح كفة (الأنا) الإيجابية ونعززها...
ولكي ننجح .. لابد أن نرى الأمور بعينٍ جديدة.
- عين لا ترى فقط بل تبصر -

فعين (الأنا) الإيجابية لها قراءة خاصة لبعض الأحاسيس:
فالحزن: زاوية من زوايا الذات لابد أن نتفقدها من حين لآخر.
والسعادة: هي أن أكون أنا بكل لحظة وموقف وكلمة.
والألم: ضيف ثقيل نهايته الرحيل.
والانكسار: خلايا كلما تجاهلناها تكاثرت، وكلما واجهناها ماتت.
والإرادة: هي طفل يولد بداخلنا، وينمو ويكبر معنا فإن مات ماتت عزيمتنا.
واليأس: فشل مع مرتبة الشرف.
والتفاؤل: هو اللون الثامن لألوان الطيف السبعة.
والثقة: نبتة نغرسها في قلوبنا، وقلوب من نحب.
والضغوطات: عمى مؤقتاً يمكننا من مراجعة ما كنا نراه ولم ننتبه إليه.
والهدوء: خلطة سحرية لمواجهة الضغوطات بأسلوب متمرد يستفزها.
والكره: سفن تسير بلا أشرعة.
أما الحب: فهو تلك القوة الكامنة في عقولنا..!.
أما عين (الأنا) السلبية ، فلها قراءات أخرى للأحاسيس:
فالحزن: هو التوقف عند أول قضية خُسرت.
والسعادة: انتظار التصفيق من الغير لنا... لا من أنفسنا.
والألم: نزيف من الداخل والخارج.
والانكسار: واقع يجب على الكل إما تقبله وإما معارضته بصمت.
والإرادة : هي البقاء في الأسفل أو الصعود من الأسفل إلى الأسفل.
واليأس: هو مرحلة ملازمة لمراحل العمر.
والتفاؤل: هي أحلام تنتهي بمجرد نهوضنا من النوم.
والثقة: غرور مزيف يصنعه مدعي تلك الثقة.
والضغوطات: فوضى محال ترتيبها.
والهدوء: هو ترك كل شيء، وإعلان رسمي للهروب والاستسلام.
والكره: هو رد الفعل الطبيعي لأي شيء يرفض الخضوع لمطالبنا.
وأخيراً الحب: وهو قلم حبره دماء القلب ، ولا يكتب إلا عندما تُجرح قلوبنا.

-غالياتي-
بعد هذه القراءة في الأنا وكوامنها....
لابد أن نتعلم فن احتواء الأنا الإيجابية في العمق...
ونتعلم كيف نصنع من الأضداد مرادفات...
وأن نتقبل الحياة بوجهيها الباكي و الضاحك ..!
وأن نحب أنفسنا ونهادنها ونطاوعها،
ونبحث لها عن أسباب السعادة... وسط ركام الأحزان..!
ومنفذ النور بين جحافل الظلام..!
وعندما نتمكن من احتواء أنفسنا بحب الأنا الإيجابية
نستطيع حينها أن نهب الحب ، وننشر السعادة من حولنا...
ففاقد الشيء لايعطيه..!
كما أنه ليس علينا أن نترك المجاديف للأنا السلبية تسيرنا كيف تشاء
لكن نروضها بإيماننا... ونقودها بعقولنا... ونهدهدها بقلوبنا
ونسافر بها على الضفة الآمنة... بين موج عشق الذات، وجزر إهمالها... لنأمن الغرق..!

تقبلي مرورى وودى غاليتى