الأيام والليالي الرواحل

الملتقى العام






تـــــــــــــابعوني ..!:26:
4
452

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

النســـــــــرين




الحمد لله خالق الأرض والسماء،الأول بلا ابتداء،والآخر بلا انتهاء،
أحمده جل شأنه وأشكره وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل من تعبد لله وتاب إليه وأناب صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما
أما بعد....:
أيها الناس فاتقوا الله تعالى وتبصروا في هذه الأيام والليال فإنها مراحل تقطعونها إلى الدار الآخرة
حتى تنتهوا إلى آخر سفركم وإن كل يوم بل كل لحظة تمر بكم فإنها تبعدكم من الدنيا وتقربكم من الآخرة وإن هذه الأيام والليالي خزائن لأعمالكم محفوظة لكم شاهدة بما فيها من خير وشر فطوبى لعبد اغتنم فرصها بما يقرب إلى الله طوبى لعبد شغلها بالطاعات واجتناب العصيان طوبى لعبد اتعظ بما فيها من تقلبات الأمور والأحوال
فاستدل بذلك على ما لله عز وجل من الحكم البالغة والأسرار
(يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ) (النور:44)

إخواني ألم تروا إلى هذه الشمس تطلع كل يوم من مشرقها وتغرب في مغربها فإن في ذلك أعظم اعتبار إن طلوعها ثم غيوبها إيذان بأن هذه الدنيا ليست دار قرار وإنما هي طلوع ثم غيوب وإدبار ألم تروا إلى القمر يطلع هلالاً صغيراً في أول الشهر كما يولد الأطفال ثم ينمو رويداً رويداً كما تنمو الأجسام حتى إذا تكامل في النمو أخذ في النقص والإضمحلال وهكذا حياة الإنسان وجسمه تماماً.
. فاعتبروا يا أولي الأبصار..

ألم تروا إلى هذه السنين تتجدد عاماً بعد عام يجئ أول العام فينظر الإنسان إلى آخره نظر البعيد ثم تمر الأيام سريعة كلمح البصر وفإذا هو في أخر العام و هكذا عمر الإنسان يتطلع إلى أخره تطلع البعيد فإذا به قد بغته الأجل (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) (قّ:19) ربما يؤمل الفتى طول العمر ويتسلى بالأماني فإذا بحبل الأمل قد انصرم وببناء الأماني قد انهدم فزال فصار بعد الوجود إلى العدم أيها الناس إنكم في هذه الأيام تودعون عاماً ماضياً شهيدا وتستقبلون عاماً مشرفاً جديدا فليت شعري ماذا أودعنا في العام الماضي وماذا نستقبل به العام الجديد فليحاسب العاقل نفسه ولينظر في أمره فإن كان فرط في شئ من الواجبات فليتب إلى الله وليستدرك ما فات وإن كان ظالماً لنفسه بفعل المحرمات فليقلع عنها قبل حلول الأجل والفوات وإن كان عنده مظالم لعباد الله فليبادر إلى أدائها قبل أن تؤخذ من صالح أعماله يوم القيامة وإن كان من من الله عليه بالإستقامة فليحمد الله على ذلك وليسأله الثبات عليه إلى الممات إخواني والله ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ليس الإيمان بأن يتمنى الإنسان أنه مؤمن فيتمنى على الله الأماني ولا بأن يتحلى بأخلاق المؤمنين حتى تكون تلك الأخلاق مبنية على عقيدة صالحة واضحة ولهذا قال بعض السلف إنما الإيمان ما حل في القلب وصدقته الأعمال

إخواني ليست التوبة مجرد قول باللسان ولكنها ندم على ما فعل من الذنوب وترك لما كان
عليه من المعاصي والعيوب وإنابة إلى الله عز وجل بإصلاح العمل ومراقبة علام الغيوب
فحققوا أيها المسلمون الإيمان وأخلصوا التوبة ما دمتم في زمن الإمكان

وعظ النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً فقال له
( اغتنم خمساً قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك ) ففي الشباب عزيمة وقوة فإذا هرم الإنسان فترت العزيمة وضعفت القوة ولم يستطع التخلص مما شب عليه وفي الصحة إنشراح ونشاط فإذا مرض الإنسان ضاقت نفسه وانحط نشاطه وثقلت عليه الأعمال وفي الغنى راحة وفراغ فإذا افتقر الإنسان قلق فكره وانشغل بطلب العيش لنفسه وعياله وفي الحياة ميدان فسيح للأعمال فإذا مات الإنسان
انقطعت عنه أوقات العمل وفات زمن الإمكان عباد الله اعتبروا بهذه المواعظ وقيسوا ما بقي من أعماركم بما مضى منها فإن ما بقي منها سوف يمضي سريعا كما مضى ما سبق منها جميعا وأعلموا أن كل آتٍ قريب وكل شئ من الدنيا زائل (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا) (النازعـات:46)

أيها الأخوة تذكروا إخواناً لكم كانوا معكم في مثل هذه الأيام من سالف الأعوام ثم انتقلوا من القصور إلى القبور ومن الأهل والأموال إلى الجزاء على الأعمال فأصبحوا مرتهنين بأعمالهم في قبورهم يتمنون زيادة حسنة واحدة في أعمالهم فلا يستطيعون ويتمنون أن يتوبوا من سيئات أعمالهم وهم عن التوبة بعد الموت محجوبون
رؤيا بعض الأموات في المنام فقال قدمنا على أمر عظيم نعلم ولا نعلم وأنتم تعملون ولا تعلمون أي لا تعلمون ما حل بنا والله لتسبيحة أو تسبيحتان أو ركعة أو ركعتان في صحيفة أحدنا أحب إليه من الدنيا وما فيها فبادروا عباد الله بالتوبة بادروا بالتوبة والعمل الصالح واعرفوا قدر ما أنتم فيه اليوم من الدنيا وزهرتها وما ستقدمون عليه غداّ فلقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لموضع صوت أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها ليست الدنيا هي الدنيا التي أنت فيها وليست الدنيا دنياك وحدك بل الدنيا كلها من أولها إلى أخرها موضع صوت الإنسان في الجنة خير من الدنيا وما فيها
(انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً) (الاسراء:21)
(بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) (الأعلى:16-17)
(أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ)
(الشعراء:205-207)

ويا عباد الله إقرأوا ما ذكره الله عز وجل عن ابتدأ الخلق وإنتهائه يقول الله عز وجل
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ * إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ * هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) (يونس:3-6)





اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من القوم الذين يعلمون
من القوم الذين يتقون من القوم الذين يتفكرون في خلق السماوات والأرض يقولون
(رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)(آل عمران: من الآية191) فاعتبروا أيها المسلمون اعتبروا يا أولي الأبصار واعملوا ليوم تتقلب فيه القلوب والأبصار اللهم أيقظنا من رقاب الغفلة ووفقنا للتوبة النصوح والعمل الصالح قبل النقلة وارزقنا اغتنام الأوقات زمن المهلة اللهم اغفر لنا ولوالدينا
ولمشائخنا ولمن له حق علينا ولمن أوصانا في الدعاء يا رب العالمين إنك جواد
فياأيها الناس اتقوا الله تعالى واحرصوا على اغتنام الأوقات بالأعمال الصالحة
من قراءة القرآن وذكر الله والإحسان إلى الخلق وطلب العلم وغير ذلك من الأعمال التي تقرب إلى الله عز وجل فإن عمر الإنسان حقيقة هو ما أمضاه في طاعة الله أما ما لم يمضه في طاعة الله فإنه خسران مبين فإما أن يكون الإنسان فيه محروما وإما أن يكون ظالماً ملوما عباد الله إن الأوقات أغلى من الأموال إن الأوقات إذا فاتت لا تتعوض أما الأموال فقد تتعوض إن الأوقات أهم من المال إذا كانت إضاعة المال حراماً فإن إضاعة الأعمال في معصية الله أو فيما لا ينفع الإنسان في أخرته أشد وأعظم لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ) وإذا شئتم أن تعلموا أن الأعمار أهم من الأموال فاقرءوا قول الله عز وجل (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (المؤمنون:99-100) فهذا الرجل الذي حضره الموت تمنى بل سأل الله أن يرجع إلى الدنيا لا من أجل أن يعمر فيها للمال ولكن من أجل أن يعمل صالحاً فيغتنم أوقاته بما يقربه إلى الله عز وجل وإنني لأسف إلى قوم شباب يمضون أوقاتهم سبهللاً في التسكع في الأسواق أو في الذهاب يميناً وشمالاً من غير أن يكون في ذلك فائدة فيعودوا أنفسهم على البطالة وعلى إضاعة العمر بلا فائدة ولو أنهم صاروا جادين مجتهدين في حياتهم مقبلين على ما ينفعهم مثابرين على ذلك لفهموا حقيقة الحياة ولاعتادوا ذلك حتى كانوا إذا فقدوه يتطلعون إليه أما إذا عود الإنسان نفسه على الكسل فإنه يبقى كسلان وتذهب عليه الأيام وهو لا يدري ما خسارته إلا إذا استيقظ بعد زمن بعيد وعند الصباح يحمد القوم الثرى فاجتهدوا أيها المسلمون اجتهدوا في ذهاب أعماركم بما هو خير لكم في دينكم ودنياكم لا تضيعوها سبهللاً لا تضيعوها بغير فائدة لا تضيعوها فيما حرم الله عليكم وما أعظم إثم قوم يجتمع بعضهم إلى بعض فيقعون في أعراض الناس ويتكلمون فيهم ويسبونهم بالحق وبغير الحق إنهم إذا فعلوا ذلك فإنهم آثمون سواء كان في الإنسان الذي سبوه ما قالوه فيه أم لم يكن ولقد شبه الله أولئك الذين يأكلون لحوم الناس بمن يأكلون لحومهم أمواتاً بعد الحياة يقول الله تعالى (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ)(الحجرات: من الآية12)
إني أدعو نفسي وإياكم إلى اغتنام الأوقات فيما ينفع حتى لا تضيع علينا سبهللاً والإنسان إذا عرف قدر وقته وحفظه وصار لا يفوته فيه فرصة إلا عرف فائدته منها فإن ذلك يكون طبيعة له وسجية أما إذا اعتاد الكسل والتهاون وإضاعة الوقت فإن أمره يكون عليه فرطا اللهم وفقنا لإغتنام الأوقات فيما يرضيك اللهم إنا نسألك أن توفقنا لإغتنام الأوقات فيما يرضيك وأن توفقنا لما تحبه وترضاه في سائر أيامنا وليالينا اللهم اجعلنا هداة مهتدين وصالحين مصلحين يا رب العالمين ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم .
اللهم اجعل ثواب ماقدمت لكاتبه وناقله
انك سمع مجيب الدعوات.







sadlove
sadlove
جزاك الله كل الخير
شيهانه®
شيهانه®
سبحان الله وبحمده
سبحان الله العظيم
همسا الليل
همسا الليل