الإبتسامة سر الحياة

الإبتسامة سر الحياة
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين ،
* أولا الإبتسامة هي أول ماتتعرف بها على الإنسان ولهذا يقولون كائن مبتسم ، وهذه إحدى خصائص الإنسان وهذه ميزة ولذلك يُعرّف بأنه كائن مبتسم مثلما يُعرّف بأنه كائن حي ، كائن عاقل ، فهو كذلك كائن مبتسم وهذه خصيصة للإنسان .
*ثانيا أنه فعلاً الابتسامة مرتبطة بالحياة بل مرتبطة بجمالية الحياة ، ولذلك ربما يحسن أن نستشهد بالقرآن الكريم في قول الله -سبحانه وتعالى- : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا) (النجم:44،43) ، فهنا ظاهر جداً أن السياق قرن أو ربط ما بين الابتسامة والحياة كما ربط ما بين البكاء والموت ، والإنسان الحي الذي يشعر بجمالية الحياة وإشراقة الحياة حتى في المواقف الصعبة تجده يبتسم ؛ ولذلك هنا ربط ما بين الابتسامة وما بين الحياة إذاً الحياة ابتسامة مثلما نقول الحياة كلمة أيضاً فالحياة ابتسامة هنا أريد أن أقول أن الحياة أيضاً والابتسامة هي شراكة لأن الإنسان غالباً يمكن يبتسم لما يكون وحده ، لكن غالباً يشعر بلذة الابتسامة وحتى لذة الضحك ولذة النكتة إذا كان مع آخرين ، والغريب أن هذا الكلام وجد للجاحظ فيه بعض الطرائف والقصص فالجاحظ هو أيضاً من الأدباء المشهورين بالمرح والطرفة ، فيذكر بعض الطرائف التي حصلت له ويقول : لو كان عندي مجموعة من الناس لربما غلب عليّ الضحك حتى مت منه . لكن لأن ما عنده إلا واحداً -مثلاً- أو اثنان وربما لا يتعاطفون معه بنفس القدر يكون ابتسامته وضحكه أقل .
وهذا فيه نظريات غربية تتعلق بهذا الجانب أن الضحك شراكة والابتسامة شراكة مع الآخرين .
*الابتسامة تفعل عجلة الحياة حتى لو كانت على أسوأ مراحل الحياة أو أقساها .
تبتسم أنت لموقف صعب وهذا تلاحظه كثيراً ، يعني نحن أكثر ما نبتسم للمواقف في وقتها كانت صعبة أو محرجة أحياناً ولما يتذكرها الإنسان يبتسم لها لأنه يتذكر ذلك الموقف راحت الإحراجات والمواقف الصعبة وبقيت الذكرى الجميلة التي تجعل الإنسان يبتسم ، فالإنسان قد يبتسم من موقف صعب ، ومن طبيعة الحالة ممكن يبتسم الإنسان لطرفة أو نكتة سمعها وكانت في وقتها مضحكة لكن إذا تذكرها أيضاً فإنه يبتسم منها ، طبعاً العرب يقولون أحياناً " شر البلية ما يُضحك " ولذلك أنا أقول : أنه ليس من الضروري إذا تكلمنا عن الابتسامة أن يظن البعض بأنه والله لا يبتسم إلا إذا كان عنده حالة مكتملة من الرضا والسرور ، بعض الناس يقول -مثلاً- كيف أبتسم والأقصى فيه كذا والعالم فيه كذا والمسلمون فيهم كذا وأسرتي فيها كذا ووظيفتي فيها كذا وزوجتي .. إلى آخره ، فأقول : من الذي يقول أن الابتسامة من شرطها أن تكون حالة مكتملة من الرضا والسرور ؟ لماذا لا تتصور أنه على العكس الابتسامة بهذا القدر الصغير لا تستغرق منك أكثر من ست أو سبع ثواني وأيضاً سبع ثواني لا يعني أنها مخصصة للابتسامة لأنك تبتسم وأنت تأكل أو تشرب أو تتكلم أو تمارس أي عمل أو نشاط .
الابتسامة غالباً إشراقتها ما تطول ، طبعاً الابتسامة غير الضحك غير القهقهة فالإبتسامة وقتها محدود وهي لا تستنزف من الإنسان جهداً كبيراً ، من أكبر الأخطاء في موضوع الابتسامة أن بعضنا يمنعه من الابتسامة أنه يشترط أن تكون الابتسامة ناتجة عن حالة مكتملة من المرح والرضا والسرور (لا) ، فالإنسان قد يبتسم وهو في الألم ، وهو في معاناة معينة ؛ ولذلك الابتسامة قد تكون هي الحل ، ولذلك دائماً يقولون أن الإنسان المتشائم ينظر في المشكلة والإنسان المتفائل ينظر في الحل ، فالابتسامة في كثير من الأحيان هي حل .
الإبتسامة بوابتك الأولى في مقابلتك للشخص فهي التي تعكس بالضبط انطباعك عنه .
ولذلك يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : « لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ » أتمنى فقط أن نكتب هذه الكلمات ، انظر للتعبير النبوي (وَأَنْتَ مُنْبَسِطٌ إِلَيْهِ وَجْهُكَ) ، والتعبير الثاني : (بِوَجْهٍ طَلْقٍ) الطلاقة هنا أعظم من الابتسامة ، وهنا أيضاً تلاحظ أنه مثلما نقول أن الابتسامة مثلاً- هي سر الجمال وطول العمر ، فالابتسامة توجد المناعة ضد الأمراض حتى الإيدز والسرطان وهذه ليست دعاوى هذه حقائق علمية أنها تشجع على عوامل المقاومة وتقبل العلاج هذا مؤكد تماماً .
الابتسامة سر من أسرار النجاح في العلاقات في الحياة في العمل في الزوجية وفوق هذا كله الابتسامة هي اقتداء وتأسي بالرسول -صلى الله عليه وسلم- والابتسامة هي تحصيل الأجر والثواب حتى يعبر عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنها صدقة (تَبَسُّمُكَ فِى وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ
لأنه يرى وجهك أول ما يرى الإنسان بل أكثر ما يرى منك وجهك وأصلاً هي وجهاً لوجه ، ولذلك يقولون وجهاً لوجه أو فيس تو فيس ، بمعنى أن أصل الإنسان لما ينظر إليك تجده ينظر إلى وجهك ، عيناه في عينيك ، ومن هنا مركز النظر هو الوجه أكثر من أي شيء آخر ، وفي المثل يقولون "أن الإنسان المبتسم لن ينظر الناس إلى أسنانه البالية" إذا كان وجهه مبتسماً سيركز الناس على وجهه وعلى عينيه أكثر مما يركزون على أي شيء آخر فيه اختلال .
وفيه مثل صيني أيضاً يقول : " الإنسان الذي لا يبتسم عليه ألا يفتح محلاً " ، لأن الناس لن ينظروا إليه ولن يأتوه ، فالابتسامة هي سر النجاح هنا ، النجاح -مثلاً- في تجارة ، النجاح في بناء العلاقات ، ولذلك أيضاً إذا ابتسمت كسبت الأصدقاء ، وإذا عبست كسبت التجاعيد التي تكون على وجهك .
كذلك الابتسامة هنا طبعاً نحن نتكلم عن الحياة ، الابتسامة من المؤكد علمياً الآن ونتيجة تجارب -مثلاً- في جامعة ديترويت في أمريكا عملوا من عام 1950 تجربة على أكثر من 230 لاعب من لاعبي البيسبول وغيرهم وإلى 2009 تقريباً ، دراسة على مدى تخيل لأكثر من ستين سنة ومؤصلة وجدوا أن اللاعبين الذين بقوا على قيد الحياة هم أولئك الذين يبتسمون ، إذاً الابتسامة هنا هي طول في عمر الإنسان لأنها تمنحه قدراً من السعادة ، وبقدر ما تبتسم حتى لو ما كنت سعيداً الآن الابتسامة تمنحك السعادة ، كذلك سر الجمال هو الابتسامة .