الإخلاص النادر

هذه قصيدة تحمل أجمل معاني الوفاء ، وأرقى معاني الإخلاص ، وأصدق معاني الحب في زمن لا يعرف الحب ...
قصيدة كتبها الشاعر متغزلاً في زوجته، بعد مرور ثلاثين عاماً على زواجه منها!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
***

ومرَّتْ ثلاثون عاما علينا
كما أطلع النورُ للكونِ فجرا
كما الحلمُ للعينِ زارَ ومرَّا
كما قبلةُ العاشقِ اشتعلتْ في المساءِ
لتُلهِبَ ثغرا
كما نفحةُ الطِّيبِ سالتْ من اللهِ يوْما
لتُصبح زهْرا
*
ثلاثون عاما بحرثكْ
فما ضاع جهدي سدى
ولا بتُّ يوماً أُعاني الصَّدى
ولا أخلفَ السَّعدُ لي موْعِدا
ولا ضقتِ يوماً بحملٍ ثقيلِ
ولا ساعةَ البذلِ حينا
إلى عُنُقٍ قدْ غللْتِ اليدا
*
ثلاثون عاما ببحرك
ولم أسع يوما لأبلغ برّا
ثلاثون عاما بسجنكْ
وما تُقتُ حينا لأصبح حُرّا
ثلاثون عاما أعبُّ الهوى من كؤوسكِ خمرا
وأغزلُ للحبَّ شعرا
وأسكب سحرا
*
ثلاثون عاماً، ومازلتُ طفلا
يعيشُ على لمسةِ الأمِّ فيكِ
ويحيا على شُهْدِ فيكِ
ويلتقطُ الأنجمَ الزُّهْرَ ينظمُ عقدا
يُعلِّقُهُ عابثاً حولَ جيدكْ
*
ثلاثون عاماً، ومازلتِ طفلهْ
تثورُ وتبكي ولكنْ بقُبْلهْ
أرى الزهر ينبتُ في وجنتيْكِ
فأجني ..
أرى البحر في نظراتِ عيونِك
فأهوي ..
وأسبحُ حتى انبلاجِ الصباحِ
فأسندُ رأسي إلى ساعديْكِ
وأغفو ..
ولا حلمَ يُزعجُ نوْمي
*
ثلاثون لم تكفني فلتكن لي
ثلاثون أخرى إلى جانبيْكْ
أطل عليكِ
فينفتحُ الكونُ قدَّام عيني
حدائقَ زهْرِ
وأنهارَ خمْرِ
وشلاّلَ ضوءِ وعطْرِ
لنسبحً فيه
شعاعيْنِ يبتسمانِ
طويلا طويلا لوجهِ القمرْ
وفي ساعةِ الصَّفْوِ عندَ السَّحَرْ
ننامُ،
ولا حلمَ يُقلقُ نومي
ففي يقظتي قدْ تحقَّقَ حلمي


القصيدة للشاعر : بدر بدير