عاشقة الصداقة @aaashk_alsdak
كبيرة محررات
الإمامة.. هل هي ركن الإسلام الأعظم؟
قاسم العلوش
كما لا يخفى على الجميع، فإن الشيعة كانوا عبر التاريخ فرقا وطوائف لا حصر لها، تختلف كل فرقة منهم عن الفرقة الأخرى في جملة من المسائل العقدية والفقهية، اختلافا يصل إلى تكفير بعضهم بعضا. غير أن الذي نهتم به في هذه السلسلة هو فرقة الشيعة الإمامية، الاثني عشرية، المسمون بـ (الرافضة)، التي لها نظام سياسي قائم اليوم في إيران، وأتباع في كل من العراق ولبنان وبعض دول الخليج العربي.
أولا: الإمامة مثل النبوة..أمر ما أنزل الله به من سلطان
يعتقد الشيعة الاثنا عشرية، بل يجب أن نقول: إنهم يؤمنون بأنه كما وضع الله تعالى سلسلة النبوة والرسالة كضرورة لازمة لعدله وحكمته ورحمته، وكما أرسل من عنده الأنبياء والرسل عليهم السلام لهداية عباده وقيادتهم إلى طريق الحق، وجعلهم معصومين واجبي الطاعة، ليكونوا حجة الله على عباده ليُثابوا أو يعاقبوا، فهكذا بعد انتقال الرسول إلى الرفيق الأعلى وضع الله سلسلة الإمامة لهداية عباده وقيادتهم إلى الطريق الصحيح، حتى تكون حجة عليهم يوم القيامة.
ومن هنا تم تعيين اثني عشر إماما (وهنا يختلف شيعة إيران عن الشيعة العبيديين أو"الفاطميين"، المنتسبون للشيعة الإسماعلية حيث يعتقدون فقط في سبعة أئمة ويكفرون بالباقين ، وهنا أتعجب كيف انبرى أحد متشيعي المغرب في احد مقالاته، في محاولة يائسة منه، لتبييض الوجه البشع للدولة العبيدية، المنتسبة زورا وبهتاناً لذرية فاطمة رضوان الله عليها، بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حيث كتب التاريخ شاهدة على محنة المغاربة ومعهم فقهاء المالكية في الغرب الإسلامي إبان حكم"الفاطميين"لشمال إفريقيا).
ويعتقدون أن الاثني عشر إماما يتولون الإمامة حتى يوم القيامة، وحتى نهاية الدنيا، والقيامة تكون بالإمام الثاني عشر، والأئمة كالأنبياء عليهم السلام؛ حجة الله، وهم معصومون واجبوا الطاعة، درجتهم تتساوى مع درجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهم أفضل وأحسن من بقية الأنبياء.
والتسليم بإمامة الأئمة والإيمان بها شرط لنجاة هؤلاء المؤمنين؛ تماما مثلما يجب عليهم التسليم بنبوة ورسالة الأنبياء عليهم السلام لتتحقق لهم النجاة في الآخرة.
وكان أول الأئمة الاثني عشر هو علي المرتضى، وطبقا لروايات الشيعة، فقد أعلن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تعيينه في منصب الإمامة قبل وفاته بثمانين يوما، أثناء عودته من حجة الوداع، وذلك بحكم تأكيدي عند "غدير خم"، وهكذا عين من بعده ابنه الأكبر الحسن في منصب الإمام من قبل الله تعالى، ومن بعده أخوه الأصغر الحسين، ثم ابنه علي بن الحسين الملقب بزين العابدين، وبعده ابنه محمد بن علي الملقب بالباقر، وبعده ابنه جعفر الملقب بالصادق، وبعده ابنه موسى بن جعفر، وبعده ابنه علي بن موسى الرضا، ومن بعده محمد بن علي التقي، ومن بعده ابنه علي بن محمد، ومن بعده ابنه الحسن بن علي العسكري، ومن بعدهم الإمام الثاني عشر والإمام الأخير محمد بن الحسن، الإمام المهدي الغائب، وهو طبقا للعقيدة الشيعية ولد قبل ألف ومأتي سنة في سنة (255 هـ) أو (256 هـ)، ثم اختفى وعمره أربع أو خمس سنوات، وهو الآن لا يزال حيا في غار في مكان يسمى سرداب سامراء (سر من رأى) بأرض العراق، وبهذا الإمام تنتهي سلسلة الإمامة (غير أن التاريخ يشهد، والبحث يؤكد، أن الحسن العسكري لم يكن له ابن، وهذا الأمر صرح به شقيقه جعفر بن علي، الذي يصفه الشيعة بأنه جعفر الكذاب، لأنه في الحقيقة فضح كذب وافتراء الشيعة الإمامية في ادعاءهم بوجود إمام غائب اختفى وعمره 5 سنوات).
إن وجود الإمام المعين من قبل الله تعالى في الدنيا – طبقا للعقيدة الشيعية – أمر ضروري ليكون حجة على عباد الله، فسوف يظل الإمام حيا إلى يوم القيامة، وسوف يظهر في أي وقت قبل القيامة، ومعه القرآن الكريم الأصلي الذي ألفه علي رضي الله عنه، وهو يختلف عن القرآن الحالي، وسوف يحمل معه أيضا مصحف فاطمة، وجميع متاع الهداية البشرية والعلوم المختلفة، مثل: "الجفر" وغير ذلك، وهو ميراث الأئمة السابقين.
وطبقا لعقيدة الشيعة الاتني عشرية، وإرشادات الأئمة المعصومين، فإن الأئمة الإثني عشر المعينين من قبل الله هم خلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهم مثل جميع الأنبياء والرسل؛ معصومين، وطاعتهم واجبة وفرض؛ تماما مثلما فرض الله على كل أمة طاعة أنبيائها ورسلها.
وهؤلاء الأئمة هم حجة الله على عباده بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومقامهم ودرجتهم عالية، إذ تقوم الدنيا بأنفاسهم، وهم يتحكمون في جميع ذرات الكون، والعباد وكل الخلائق يرزقون بفضل وجود الإمام، وإذا خلت الدنيا في أي وقت من الإمام تحطمت الأرض، واختل نظام الكون أجمع، وفنيت الكائنات كلها.
والأئمة كلهم كانوا أصحاب معجزات، وكانت تأتيهم الملائكة، وعلى رأسهم جبريل عليه السلام، كما كانت تأتي للأنبياء عليهم السلام، (وهنا يذكر الشيعة في روايات عدة، أن جبريل عليه السلام كان يأتي علياً وفاطمة رضوان الله عليهما ويخبرهما بما يودان معرفته ويؤنس وحشتهما بعد وفاة رسول الله وانقلاب الصحابة على إمامة علي المزعومة)، كما يعتقد الشيعة أن الأئمة عرجوا أيضا كما عرج النبي صلى الله عليه وسلم، ونزلت عليهم الكتب أيضا من عند الله، وهم كلهم ينتمون إلى عالم (ما كان وما يكون)، وكانوا يجمعون علوم الأنبياء جميعا، كما أن لديهم الكتب السماوية القديمة، ((التوراة، والزبور، والإنجيل))، وغيرها في أشكالها الأصلية، يقرؤونها بلغتها الأصلية، وكان لديهم الكثير من العلوم التي لم تصلهم عن طريق القرآن أو الرسول، بل وصلتهم مباشرة من عند الله تعالى، أو بوسائل خاصة أخرى، ولهم حرية التصرف والاختيار في تحليل أو تحريم وما يرونه من أعمال، كما أنهم يعرفون أيضا ميعاد موت كل شخص، ولهم سلطة اختيار الوقت نفسه.
هذا ملخص موجز لما جاء في كتب الشيعة الاثني عشرية، وما جاء على لسان الأئمة المعصومين، وسوف نعرض فيما يلي ألفاظ وإرشادات وروايات المعصومين بشيء من التفصيل، ليرى القارئ الكريم الصفات والمكانة التي ألصقت لهؤلاء الأئمة حتى أنه لا يمكن تعدادها.
إنني في هذه المقالة لن أخوض في بحث ونقد عقائد وقضايا الشيعة، بقدر ما أريد أن أعرضها كما هي، وكما وردت في كتب الرواية عند الشيعة، حتى يعلم من لا يعلم بحقيقة دين ومعتقد الشيعة مدى مطابقتها أو مخالفتها لما أتت به نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.
ومن الضروري هنا أن نشير إلى أن روايات الشيعة الاثني عشرية، وأقوال أئمتها تحتل نفس المكانة التي تحتلها كتب الحديث ، كـ((صحيح البخاري ومسلم)) وغيرهما لدى أهل السنة، فالبخاري ومسلم والموطأ و مسند الإمام أحمد وغيرهم تضم مجموعة الأحاديث النبوية التي تروي سنة رسول الله، وتحكي أفعاله وأعماله وأقواله بالسند الصحيح، وهكذا أيضا ينظر الشيعة إلى كتبهم الخاصة بالأحاديث والروايات الشيعية، وما تضمنته هذه الكتب من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تمثل نصيبا بسيطا جدا، بل يمكن أن نقول: إنها شاذة ونادرة (ربما حاولي 15 في المائة)، بل حتى إن الشيعة يعجزون أن يأتوا برواية واحدة صحيحة مسندة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم. والبقية من الروايات تضم تعاليم وأعمال وأقوال وأحوال الأئمة المعصومين مع سندها، كل ذلك من وجهة نظر شيعية بحتة، لأن هؤلاء الأئمة في نظرهم هم حجة الله على عباده حتى يوم القيامة، وهم ممثلوه والمتحدثون باسمه، وهم وسيلة هداية الأمة، وكما سيظهر من خلال ما سنأتي به أن درجتهم عند الشيعة مساوية لدرجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلى وأرفع من باقي الأنبياء والرسل الآخرين.
ومن أكثر كتب الحديث المعتمدة لدى الشيعة الاثني عشرية كتاب الجامع الكافي لأبي جعفر يعقوب الكليني الرازي، (ت سنة 328هـ)، ومن ناحية الصحة والسند فهو مثل ((صحيح البخاري))، عند أهل السنة.
مكانة الكافي عند علماء ومراجع الشيعة
1- الكليني نفسه مؤلف الكتاب يقول عنه: ((كتاب الكافي يجمع بين جميع فنون الدين ما يكتفي به المتعلم ويرجع إليه المسترشد ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام)). (أصول الكافي ص 8).
2- الشيخ المفيد إذ يقول: ((الكافي وهو أجل كتب الشيعة وأكثرها فائدة)). (ص26 من المقدمة عن تصحيح الاعتقاد ص27).
3- الشهيد محمد بن مكي إذ يقول : ((كتاب الكافي في الحديث الذي لم يمل الإمامية مثله)). (ص26-27 من المقدمة عن بحار الأنوار ج25 ص67).
4- المحقق علي بن عبد العالي الكركي إذ يقول: ((الكتاب الكبير في الحديث المسمى بالكافي الذي لم يعمل مثله. وقد جمع هذا الكتاب من الأحاديث الشرعية والأسرار الدينية ما لا يوجد في غيره)) . (ص27 من المقدمة).
5- الفيض الكشاني إذ يقول: ((الكافي .. أشرفها وأدقها وأتمها وأجمعها لاشتماله على الأصول من بينها وخلوه من الفضول وشينها)) (ص27 عن الوافي ص6 ط . طهران 1314هـ).
6- الشيخ علي بن محمد بن الشهيد الثاني إذ يقول: ((الكتاب الكافي والمنهل العذب الصافي. ولعمري لم ينسج ناسج على منواله، ومنه يعلم منزلة وجلالة حاله))(ص27 عن الدر المنظوم ورقة آب).
7- وقال المجلسي : (( كتاب الكافي أضبط الأصول وأجمعها وأحسن مؤلفات الفرقة وأعظمها)) (مرآة العقول ج1 ص3).
8- وقال المولى محمد أمين الاسترابادي: ((وقد سمعنا عن مشايخنا وعلمائنا أنه لم يصنف في الإسلام كتاب يوازيه أو يدانيه)) (ص27 عن مستدرك الوسائل ج3 ص532).
9- وقال بعض الأفاضل : ((اعلم أن الكتاب الجامع للأحاديث في جميع فنون العقائد والأخلاق والآداب والفقه من أوله إلى آخره مما لم يوجد في كتب أحاديث العامة (يقصد أهل السنة) وأنى لهم بمثل الكافي في جميع فنون الأحاديث وقاطبة العلوم الإلهية الخارجة من بيت العصمة ودارالرحمة)) (ص27-28 عن نهاية الدراية ص218).
ثانيا: ماذا قال الأئمة المعصومون في مسألة الإمامة؟
سوف يلاحظ، القارئ الكريم، هنا أن كل الروايات التي سنأتي بها ليس بينها واحدة منسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم، بل كلها من روايات الأئمة المنصبين بزعم الشيعة، من منطلق قاعدة عندهم مفادها، أن كلام الإمام هو كلام موحى به من عند الله، وليس كلاماً عادياً، وهو أيضا في مقام كلام النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم. من جهة أخرى إنني هنا لا أكتفي بالكلام ال****ئي المُعوظم الذي لا مستند له، كما يفعل بعض المتشيعين، حيث كل كلامهم يروم الابتعاد ما أمكن عن الخوض في حقيقة عقائد الشيعة ليعرضوها صراحة أمام الناس، تقية وخوفا منهم من الفضيحة، بل يكتفون بالتستر وراء شعارات عامة و فضفاضة، يدعي أصحابها محبة أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مع العلم أن أئمة آل البيت مبرؤون من كل الافتراءات التي سنوردها بعد قليل، بل إننا نعتقد أنها مكذوبة وملفقة عليهم زوراً وبهتاناً، كيف لا ودين الشيعة الإمامية تسعة أعشاره كذب؟.
1) الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام:
في كتاب"أصول الكافي"، كتاب الحجة، باب بعنوان: (إن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام)، يروي عن الإمام السادس جعفر الصادق أنه قال: (عن الحجة لا تقوم لله عز وجل على خلقه إلا بإمام حتى يعرف) (أصول الكافي، ص: 103).
وقد وردت عدة روايات بهذا المضمون بألفاظ متشابهة في هذا الباب: (الدنيا لا يمكن أن تبقى بغير إمام).
وورد باب آخر بالباب السابق بعنوان: (باب أن الأرض لا تخلو من حجة)، وفيه وردت عدة روايات بنفس المضمون وبسند كامل؛ نذكر منها روايتين: أولهما: (عن أبي حمزة قال لأبي عبد الله: تبقى الأرض بغير إمام؟ قال: لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت) (أصول الكافي، ص 104).
ثانيتهما: (عن أبي جعفر قال: لو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله).
2) معرفة الأئمة والتسليم بهم شرط الإيمان:
في "أصول الكافي" باب بعنوان: (معرفة الإمام والرد عليه)، وردت فيه الرواية التالية: (عن أحدهما أنه قال: لا يكون العبد مؤمنا حتى يعرف الله ورسوله والأئمة كلهم وإمام زمانه)، (أصول الكافي ص 105). ولاحظ معي -أيها القارئ- سند الرواية، (عن أحدهما !!!) دين مبني على روايات رواتها مجاهيل، في أصح كتاب حديث عندهم وهو الكافي، ويقولون هذا هو دين أهل البيت عليهم السلام!!!!..
كما وردت الرواية التالية بسند كامل في نفس الباب: (عن ذريح قال: سألت أبا عبد الله عن الأئمة بعد النبي (ص)، فقال: كان أمير المؤمنين رضي الله عنه إماما، ثم كان الحسن إماما، ثم كان الحسين إماما، ثم كان علي بن الحسين إماما، ثم كان محمد بن علي إمام، من أنكر ذلك كان كمن أنكر معرفة الله تبارك وتعالى ومعرفة رسول الله)، (أصول الكافي، ص 106).
ملحوظة: هنا نجد الكلام فقط عن خمسة أئمة، فأين هم السبعة الباقين؟. يدل هذا على أن الإمام أبا عبد الله لم يكن يعرف بقية سلسلة الأئمة الاثنا عشر، فكيف يقول الشيعة أن كل الأئمة منصبون من عند الله؟، كما أن هذا يدل على أن الإمام هنا لم يعرف من سيكون بعد الإمام محمد بن علي، مما يبرهن على أن عدد الأئمة مفتعل، وليس هناك تنصيب مسبق لهم، كما يزعم بذلك الشيعة، إذ لو كان كذلك لوجب على أبي عبد الله أن يعدد كل أسماء الأئمة الاثني عشر ولا يقف فقط عند الإمام الخامس.
3) حكم الإمامة والأئمة وتبليغها صدر عن طريق الأنبياء كلهم والكتب السماوية كلها:
يروي لنا الكليني في كتابه "أصول الكافي" عن الإمام جعفر الصادق رواية قال فيها: (ولايتنا ولاية الله التي لم يُبعث نبي قط إلا بها)، ونحن نسأل أين هذا في كتاب الله الكريم؟.
وفي نفس الصفحة يروي عن الإمام السابع أبي الحسن موسى بن جعفر الصادق أنه قال: (ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، ولم يبعث الله رسولاً إلا بنبوة محمد (ص)، ووصيه علي (ع)))، أصول الكافي: ص276.
4) الأئمة هم المقصودون بالحكم الذي نزل في القرآن بالإيمان بالله ورسله والنور الذي انزله الله:
وفي "أصول الكافي" في باب: (إن الأئمة نور الله عز وجل)، وردت الرواية التالية في أدلة: (عن أبي خالد الكابلي سألت أبا جعفر عن قول الله عز وجل: آمنوا بالله ورسله والنور الذي أنزلنا، فقال: يا أبا خالد! النور – والله – الأئمة)، أصول الكافي: ص 117.
وكلما جاء في آية من آيات القرآن ذكر النور الذي أنزله الله، والذي يقصد به نور الهداية، أي: القرآن الكريم، وهو المقترن بالأمر الإلهي، أي: الإيمان بالله والرسول، تقوم الروايات الشيعية – وهذا ما روي عن الإمام جعفر الصادق و الإمام موسى الكاظم – بالقول بأن المقصود في الآيات من ((نور الله)) ليس القرآن، بل الأئمة الاثنا عشر، أئمة الشيعة، والحكم جاء بالإيمان جنباً إلى جنب مع الإيمان بالله ورسوله.
5) طاعة الأئمة فرض، وطاعتهم واجبة كطاعة الرسل:
في كتاب "الحجة" من "أصول الكافي" نجد باباً بعنوان: (باب فرض طاعة الأئمة) الرواية التالية: ((عن أبي الصباح قال: أشهد إني سمعت أبا عبد الله يقول: أشهد أن علياً إمام، فرض الله طاعته، وأن الحسن إمام، فرض الله طاعته، وأن الحسين إمام، فرض الله طاعته، وأن علي بن الحسين إمام، فرض الله طاعته، وأن محمد بن علي بن الحسين إمام، فرض الله طاعته))، أصول الكافي، ص 109.
كما يروي أيضا عن الإمام جعفر الصادق في نفس الباب في "أصول الكافي" أنه قال: ((نحن الذين فرض الله طاعتنا، لا يسع الناس إلا معرفتنا، ولا يعذر الناس بجهالتنا، من عرفنا كان مؤمناً، ومن أنكرنا كان كافراً، ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالّاً، حتى يرجع إلى الهدى الذي افترضه الله عليه من طاعته الواجبة))، أصول الكافي، ص 110.
عن أبي الحسن العطار قال: سمعت أبا عبد الله يقول: ((أشرك بين الأوصياء والرسل في الطاعة)).
6) للأئمة حرية الاختيار في التحليل والتحريم:
في "أصول الكافي"، كتاب الحجة، في باب مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يروي عن محمد بن سنان أنه طلب من أبي جعفر الثاني؛ محمد بن علي التقي تفسير سبب وجود الاختلاف بين الشيعة في مسائل الحلال والحرام فقال:
((يا محمد! إن الله تبارك وتعالى لم يزل منفرداً بوحدانيته، ثم خلق محمداً، وعلياً، وفاطمة، فمكثوا ألف دهر، ثم خلق جميع الأشياء، فأشهدهم خلقها، وأجرى طاعتهم عليها، وفرض أمورها إليهم، فهم يحلون ما يشاءون، ويحرمون ما يشاءون، ولن يشاءوا إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى)) (أصول الكافي، ص 278).
ومن الجدير بالذكر هنا أن العلامة القزويني قد صرح في شرحه لهذا الحديث إن المقصود من محمد وعلي وفاطمة، هم الثلاثة الذي ورد ذكرهم، وجميع الأئمة الذين يولدون من نسلهم، (الصافي شرح أصول الكافي، ص 3/2/149).
وعلى كل حال، فإن ملخص رد الإمام أبي جعفر الثاني محمد بن علي التقي، وهو الإمام التاسع، وهو أن للأئمة حرية الاختيار في تحليل ما يرونه حلالاً وتحريم ما يرونه حراماً، ونتيجة لحرية الاختيار هذه فإن إماماً من الأئمة يحلل شيئا ما أو عملاً ما بينما الإمام الآخر يحرمه، ونتيجة لهذا ظهرت الاختلافات بين الشيعة فيما يتعلق بالتحليل والتحريم.
7) الأئمة معصومون كالأنبياء عليهم السلام:
في "أصول الكافي"، في باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته، وردت خطبة طويلة للإمام الثائر علي بن موسى الرضا رضي الله عنه، وقد صرح بعصمة الأئمة عدة مرات، وهو يوضح في خطبته هذه فضائل وخصائص الأئمة، جاء في موضع منها قوله: ((الإمام مطهر من الذنوب، والمبرأ من العيوب)). ثم يقول بعد ذلك عن صفة الإمام: ((فهو معصوم مؤيد، موفق مسدد، قد أمن من الخطأ والزلل والعثار، يخصه الله بذلك، ليكون حجته على عباده وشاهده على خلقه)).
8) حديث عجيب وغريب للإمام جعفر الصادق عن حمل ومولد الأئمة المعصومين:
في أصول الكافي باب بعنوان: "مواليد الأئمة عليهم السلام"، وهو يحتوي على روايات عجيبة غريبة عن مولد الأئمة، وأغرب رواية تستحق أن تذكر هنا هي أول رواية، وهي طويلة، ولهذا سنكتفي بذكر ملخصها، ويمكن لمن يريد الوقوف على النص مراجعته في الأصل:
يقول أبو بصير "الصديق" الملازم للإمام جعفر الصادق وكاتم أسراره:
((في اليوم الذي ولد فيه الإمام موسى الكاظم، الإمام السابع، نجل الإمام المذكور، قال الإمام الممدوح: تكون ولادة كل إمام ووصي هكذا؛ في الليلة التي يكتب فيها الله لحمله أن يستقر، ففي تلك الليلة يرسل الله ملكاً من عنده بكوب من شراب لذيذ نفيس، يحمله إلى الوالد، ويسقيه له، ويقول له: توج الآن وجامع زوجتك، فقد استقر حمل الإمام الذي يولد في رحم الأم.
وبهذه المناسبة يفصل الإمام جعفر الصادق الحديث فيقول: ((لقد حدث نفس الشيء هذا مع جد جدي الإمام الحسين، وهكذا ولد جدي الإمام زين العابدين، ثم حدث معه نفس الشيء، فكان مولد والدي، وهكذا ولدت أنا أيضا في تلك الليلة التي استقر فيها حمل وليدي الجديد، موسى الكاظم في رحم زوجتي... في تلك الليلة حدث معي نفس الشيء، فقد جاءني من عند الله ملك يحمل كوبا من الشراب اللذيذ النفيس، وطلب مني أن أجامع زوجتي، فجامعتها، فكان حملها لابني موسى هذا.
وفي هذه الرواية أيضاً: ((أن الإمام والوصي حين يخرج من بطن أمه يأتي هكذا؛ تكون يده على الأرض، ورأسه مرفوعة إلى السماء)) (للمزيد انظر الكافي ص 244 وما بعدها)، كل هذا الكذب المفترى على أئمة أهل البيت، فقط ليحاول الشيعة إثبات أن الأئمة ليسو بشراً عاديين، بل هم مخلوقات فوق عادية وله من الإمكانات ما يتوافق مع تلك الطبيعة الاستثنائية، وسيأتي معنا بعد قليل بيان معتقد الخميني زعيم الثورة الإيرانية في الأئمة، حيث أضفى عليهم هالة من القداسة لا يصل لها ملك مقرب ولا نبي مرسل.
9) الخصائص العشرة التي تميز الأئمة عن بقية البشر:
يروي لنا زرارة، الذي يعتبره العديد من مراجع الشيعة من أوثق رواتهم، عن الإمام الباقر: ((للأئمة عشر علامات؛ يولد مطهراً مختوناً، وإذا وقع على الأرض وقع على راحتيه، رافعاً صوته بالشهادتين، ولا يجنب، وتنام عينه ولا ينام قلبه، ولا يتثاءب، ولا يتمطى، ويرى من خلفه كما يرى من أمامه، ونجوه كرائحة المسك، والأرض مأمورة بستره وابتلاعه، وإذا لبس درع رسول الله صلى الله عليه وآله كانت وفقاً، وإذا لبسها غيره من الناس طويلهم وقصيرهم زادت عليه شبرا)) (أصول الكافي، ص: 246).
10) حمل الأئمة لا يكون في رحم الأم، بل يكون في جنبها ويولد من فخذها، وبيان أن درجتهم أعلى من درجة النبوة:
يوري العلامة باقر المجلسي في كتابه (حق اليقين ص: 126)، عن الإمام الحادي عشر؛ الحسن العسكري، فيقول: ((حملنا نحن – أوصياء الأنبياء، أي الأئمة – لا يكون في رحم البطن، بل يكون في الجانب، ونحن لا نأتي من خارج الرحم، بل نأتي من أفخاذ الأمهات، لأننا نحن الأئمة نور الله تعالى، لهذا فهو يضعنا بعيدا عن القذارة والنجاسة)).
ولعل ما يقصده العلامة المجلسي من بيانه لرواية الإمام الحسن العسكري في "أصول الكافي" هي الخصوصية الأولى من خصائص الأئمة، أي: يولد الإمام مطهّراً.
أما فيما يخص بيان مقام الأئمة عند الشيعة، فيقول العلامة باقر المجلسي في كتابه: "حياة القلوب" (ج 3 ص 10)، إن ((الإمامة أعلى مرتبة من النبوة)).
10) المؤمنون (الشيعة) بإمامة الأئمة المعصومين لهم الجنة حتى لو كانوا فجرة فاسقين، والمسلمون الآخرون لهم النار حتى لو كانوا من البررة المتقين:
وردت في أصول الكافي، باب: فيمن دان لله عز وجل بغير إمام من الله جل جلاله، الرواية التالية: عن الإمام الباقر أنه قال: ((إن الله لا يستحي أن يعذب أمة دانت بإمام ليس من الله وإن كانت في أعمالها برة تقية، وإن الله ليستحي أن يعذب أمة دانت بإمام من الله وإن كانت في أعمالها ظالمة مسيئة)) (أصول الكافي: 238).
وفي نفس الباب وردت رواية عن أحد مريدي الشيعة المخلصين للإمام جعفر الصادق، ويدعى عبد الله بن أبي يعفور، قدم إلى الإمام المذكور وقال: ((إني أخالط الناس، فيكثر إعجابي من أقوام لا يتولونكم ويتولون فلاناً وفلاناً، لهم أمنة وصدق ووفاء، وأقوام يتولونكم ليس لهم تلك الأمانة ولا الوفاء والصدق)) وتذكر الرواية أن عبد الله بين أبي يعفور قال: ما إن سمع الإمام كلامي حتى جلس غاضبا وقال لي : ((لا دين لمن دان الله بولاية إمام جائر ليس من الله، ولا عتب على من دان بولاية إمام عادل من الله)) (أصول الكافي/ ص: 238).
11) درجة الأئمة تتساوى مع درجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهم أفضل وأعلى من جميع المخلوقات والأنبياء الآخرين عليهم السلام:
نجد رواية في"أصول الكافي"، كتاب الحجة، أوردت حديث طويل للإمام جعفر الصادق عن فضل ودرجة ومرتبة الإمام علي المرتضى ومن بعده من الأئمة، جاء في بدايته ما يلي: ((ما جاء به علي آخذ به، وما نهى عنه انتهي عنه، جرى له من الفضل مثل ما جرى لمحمد، ولمحمد الفضل على جميع خلق الله عز وجل، المتعقب عليه في شيء من أحكامه كالمتعقب على الله وعلى رسوله، والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله، كان أمير المؤمنين باب الله الذي لا يؤتى إلا منه، وسبيله الذي من سلك غيره يهلك، وكذلك جرى لأئمة الهدى واحداً واحداً)).
ومما يروونه عن أمير المؤمنين: ((الملائكة وجميع الأنبياء سلموا لي كما سلموا لمحمد، وأنا من أرسل الناس إلى الجنة أو إلى النار)). وورد أيضا في الرواية السابقة ما يلي: ((وكان أمير المؤمنين كثيراً ما يقول: ((أنا قسيم الله بين الجنة والنار، وأنا صاحب العصا والميسم، ولقد أقرت لي الملائكة والروح والرسل بمثل ما أقروا لمحمد))، (أصول الكافي/ ص: 117).
12) الأئمة يعلمون الغيب، وهم في ذلك أفضل من موسى عليه السلام:
في باب بعنوان: أن الأئمة رضي الله عنهم يعلمون ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم شيء رضي الله عنهم، جاءت الرواية الأولى تقول: إن الإمام جعفر الصادق قال في مجلس يضم خواصه: ((لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما أني أعلم منهما، ولأنبأتهما ما ليس في أيديهما، لأن موسى والخضر عليهما السلام أعطيا علم ما كان، ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة، وقد ورثناه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وراثة)) (أصول الكافي/ ص: 160).
13) الأئمة شهداء على أهل زمانهم إلى يوم القيامة:
في باب: الأئمة شهداء لله عز وجل على خلقه، رواية عن الإمام جعفر الصادق حين سئل عن الآية التالية: (( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً )).
قال الإمام جعفر الصادق: ((نزلت في أمة محمد خاصة، في كل قرن منهم إمام منا شاهد عليهم، ومحمد شاهد علينا)).
والرواية الأخيرة في هذا الباب تقول: قال أمير المؤمنين: ((إن الله تبارك وتعالى طهرنا، وعصمنا، وجعلنا شهداء على خلقه، وحجة في أرضه)).
14) جميع الكتب التي نزلت على الأنبياء السابقين كالتوراة والإنجيل والزبور وغيرها موجودة لدى الأئمة، يقرؤونها بلغاتها الأصلية:
لقد جاء في أصول الكافي باب بعنوان: أن الأئمة عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل، وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها، وهو يحتوى على عدة روايات بهذا المضمون، وتذكر أحداثاً وردت أيضاً بنفس المضمون في الأبواب السابقة، وتذكر إحدى الروايات أن الإمام جعفر الصادق قال: ((وإن عندنا علم التوراة والإنجيل والزبور، وتبيان الألواح)). ص: 137
وفي الباب الثاني في أصول الكافي ص: 147، يروي عن الإمام جعفر الصادق أنه سئل عن قوله: وإن لدينا الجفر الأبيض، قال: (( زبور داود عليه السلام، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وصحف إبراهيم)).
15) يمتلك الأئمة وسائل عجيبة وغريبة للعلوم، بالإضافة إلى القرآن والحديث:
يوجد باب غريب وعجيب مثل سابقيه في أصول الكافي بعنوان: باب فيه ذكر الصحيفة، والجفر، والجامعة، ومصحف فاطمة رضي الله عنها، وردت الرواية الأولى، وهي طويلة جدا، ونورد ملخصها:
((يقول أبو بصير – وهو طبقاً لروايات الشيعة من خواص ومن حاملي أسرار الإمام جعفر الصادق -: حضرت إلى جعفر الصادق ذات يوم، وقلت له: إنني أود أن أكشف أمراً خاصاً، فهل هناك من أجنبي هنا؟ فرفع الإمام الحجاب الفاصل بين مجلسنا والمجلس الآخر فلم نشاهد أحداً، ثم قال: سل ما شئت، فسألت سؤالا عن علم المرتضى والأئمة، ففصل الحديث عن هذا الأمر)).
ملاحظة: (وهنا يتضح لنا أمر مهم جداً يكشف لنا عن الحقيقة الكاملة للمذهب الشيعي، فأئمة المذهب الشيعي من مثل الإمام الباقر والإمام جعفر الصادق، وغيرهم من الأئمة الذين نقل عنهم أبو بصير، وزرارة، وغيرهم من خاصة الشيعة تعاليم وإرشادات المذهب الشيعي كانوا لا يستمعون لأقوال الرواة الذين كانوا يطالبون دائماً الانفراد بأسرار المذهب الشيعي التي تخبرهم بها الأئمة، فلا يوجد أحد مع الإمام وكاتم أسراره، وهكذا يخرج هؤلاء إلى الناس، يقولون لهم ما يشاءون، وينسبون للأئمة ما يريدون، وهكذا فعلوا. هذه هي الحقيقة الأساسية للمذهب الشيعي، ولا يمكن مقارنة هؤلاء بجمهور المسلمين وعباد الله الصالحين من العلماء من الصحابة والتابعين وتابعيهم، الذين اتصفوا بالتقوى والورع، وكان ظاهرهم كباطنهم، وقدموا تعاليم الدين علانية، لا تشوب حياتهم شائبة من نفاق الحياة الذي أسماه الشيعة التقية) .
ومما جاء في نهاية الرواية المشار إليها: ((وإن عندنا الجفر، قلت: وما يدريهم ما الجفر؟ قال: وعاء من أدم فيه علم النبيين والوصيين وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل، ثم قال: وإن عندنا لمصحف فاطمة – رضي الله عنها – قلت: وما يدريهم ما مصحف فاطمة؟ قال: فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد)) ، (أصول الكافي/ ص: 146).
تنبيه: من الملاحظ هنا أن الإجابة التي نقلها راوي الرواية أبو بصير عن الإمام جعفر الصادق ذكرت القرآن مرتين هكذا: ((قرآنكم))، كما قيل عن مصحف فاطمة: ((إنه أكثر من قرآنكم ثلاث مرات، ولا يوجد فيه حرف من قرآنكم)).
وهناك الآلاف من هذه الافتراءات التي افترى فيها أبو بصير وغيره على الأئمة أهل البيت، وهي متناثرة في "أصول الكافي"، وغيره من كتب الشيعة، ولا يمكن لأي مؤمن أن يساوره أي شك في إيمان آل البيت حتى يضعوا قرآنا غير القرآن الكريم الذي أنزله الله على رسوله، لكن ماذا تقول عن روايات هي موجودة في أصح كتاب رواية عند الشيعة الإمامية الاثني عشرية؟!!!.
نحن على يقين أن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه لم يذكر أبداً هذا الأمر عن القرآن الكريم، وتلك الروايات هي في الأصل من اختلاق هؤلاء الرواة؛ الذين ألفوا المذهب الشيعي، ونسبوا كل هذه الخرافات إلى الإمام جعفر الصادق والإمام الباقر وكابر أهل البيت رضي الله عنهم، وراوي الرواية السابقة أبو بصير هو واحد من أولئك الناس الذين لعبوا دورا كبيرا في هذه الافتراء الكاذب على آل البيت.
ومن الجدير بالذكر هنا أن أبا بصير، وزرارة، وغيرهم من رواة هذه الخرافات – وهم في الأصل مؤلفوا المذهب الشيعي– قد سكنوا منطقة الكوفة، بينما كان الإمام الباقر والإمام جعفر الصادق في المدينة النبوية، لينسبوا ما نسبوه إلى الأئمة داخل مجالسهم الخاصة في الكوفة، وهكذا صارت تلك الروايات هي أساس المذهب الشيعي.
ما هو مصحف فاطمة؟
ورد ذكر مصحف فاطمة في الروايات السابقة، وقد ورد حديث مفصل للإمام جعفر في الرواية الثانية لهذا الباب في "أصول الكافي"، وطبقاً لرواية أبي بصير، قال الإمام جعفر الصادق رداً على سؤاله عن مصحف فاطمة:
((إن الله لمّا قبض نبيه عليه الصلاة والسلام، دخل فاطمة من الحزن ما لا يعلمه إلا الله عز وجل، فأرسل إليها ملكا يسلي غمها، ويحدثها، فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين – رضي الله عنه – فقال لها: إذا أحسست بذلك، وسمعت الصوت، قولي لي، فأعلمته بذلك، فجعل أمير المؤمنين رضي الله عنه يكتب كل ما سمع حتى أتبث من ذلك مصحفا)). (أصول الكافي/ ص: 147).
وقد عرفنا من الرواية الأولى كيف أن مصحف فاطمة يعادل القرآن الذي بين أيدينا ثلاث مرات.
16) أعمال العباد تعرض على الأئمة:
في أصول الكافي، باب بعنوان: (باب عرض الأعمال على النبي والأئمة)، وفيه راوية تقول: إن عبد الله بن أبان الزيّات، وهو من خاصة الشيعة، طلب من الإمام الرضا عليه السلام الدعاء له قائلا: (ادع الله لي ولأهل بيتي، فقال: أو لست أفعل؟ والله إن أعمالكم لتعرض علي في كل يوم وليلة).
وتقول الرواية أن عبد الله بن أبان استعظم هذا الأمر، فقال الإمام الرضا: ألم تقرأ الآية القرآنية: ((فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ))؟ فالمقصود بـ: ((المؤمنون)) في هذه الآية هو علي بن أبي طالب)) (أصول الكافي ص: 134). أريد أن أعرف، هل علي بن أبي طالب جمع أم مفرد؟.
وكتب العلامة القزويني في هذا الشرح: (إن ما قاله الإمام الرضا من تفسير كلمة: ((المؤمنون)) هو علي (ع) فقط، ذلك لأن سلسلة الإمامة مستمرة، وإن كان المقصود ليس علياً فقط، بل المراد جميع الأئمة الذين يولدون من نسله)).
17) الملائكة يتوافدون على الأئمة:
في أصول الكافي، باب بعنوان: (إن الأئمة معدن العلم، وشجرة النبوة، ومختلف الملائكة)). وقد وردت فيه رواية عن الإمام جعفر الصادق، أنه قال: ((ونحن شجرة النبوة، وبيت الرحمة، ومفتاح الحكمة، ومعدن العلم، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة)).
18) معراج الأئمة كل ليلة جمعة، يصلون إلى العرش، وهناك ينالون العلم الجديد:
يروي عن الإمام جعفر الصادق في "أصول الكافي" أنه قال: ((إن لنا في كل ليالي الجمعة لشأنا من الشأن... ويؤذن لأرواح الأوصياء الموتى، وروح الوصي – الذي بين أظهركم – يعرج بها إلى السماء، حتى توافي عرش ربها، فتطوف به أسبوعا، فتصلي عند كل قائمة من قوائم العرش ركعتين، ثم ترد إلى الأبدان التي كانت فيها، فتصبح الأنبياء والأوصياء قد ملئوا سروراً، ويصبح الوصي الذي بين ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل الجم الغفير)).
وقد وردت عدة روايات بعد هذه الرواية بنفس المضمون.
هناك الكثير، الكثير من الروايات التي تتحدث عن تلك المكانة الهائلة التي اختص بها أئمة آهل البيت، وذلك يجعلهم خارج كل وصف، وأفضل من كل نبي مرسل أو ملك مقرب، إن لم تجعلهم فعلاً آلهة من دون الله. نظراً لطول ذلك سنكتفي فقط بالإشارة إلى بعض منها في مظانها ليرجع إليها القارئ ليطلع على مدى صدق دعوانا في ما ننقل من كتب الشيعة.
19) نال الأئمة جميع العلوم التي وهبها الله للملائكة والأنبياء والرسل، ونالوا علوما لم يهبها الله للأنبياء ولا الملائكة (أصول الكافي ص: 155).
20) يتنزل على الأئمة من عند الله كتاب في ليلة القدر كل سنة تنزل به الملائكة والروح. (أصول الكافي ص: 165 و ص 153).
21) الأئمة يعرفون ساعة موتهم ، وموتهم داخل في دائرة اختيارهم. (أصول الكافي ص: 185).
22) كان لدى الأئمة معجزات الأنبياء السابقين أيضا، (أصول الكافي ص: 140).
23) الأئمة يمتلكون الدنيا والآخرة، ويهبون من يشاؤون ويعطون لمن يشاؤون، (أصول الكافي ص: 259).
ثالثا: الخميني مرة أخرى .. وموقفه من الإمامة
يعتقد الخميني، زعيم الثورة الإيرانية، أن تعيين إمام بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان ضرورة لا مفر منها، بدونها ما كان النبي ليكون قد بلغ رسالة ربه أو أكمل مهمته، بل الإمامة هي المكملة لنبوة وبعثة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يقول في هذا الصدد في كتابه الحكومة الإسلامية، ص 18: (نحن نعتقد بالولاية، ونعتقد ضرورة أن يعين النبي خليفة من بعده، وقد فعل.))
ويقول في ص 19: (ولي الأمر هو الذي يتصدى لتنفيذ القوانين. وهكذا فعل الرسول (ص) ولو لم يفعل فما بلغ رسالته. وكان تعيين خليفة من بعده، ينفذ القوانين، ويحميها، ويعدل بين الناس، عاملاً متمّماً ومكمّلاً لرسالته)).
وفي هذا الإطار فإن الخميني لا يعترف بحكومة الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان، فهو لا يتعرض لها البتة، بل يقفز عليها وكأنها لم تكن، هذا اعتقاداً منه بأن الخلفاء الثلاثة كانوا مغتصبين لحق علي بن أبي طالب، وقد بينا هذا في مقالنا عن "الوحدة الإسلامية على الطريقة الشيعية.. الخميني نموذجا"
يقول الخميني : (فقد ثبت بضرورة الشرع والعقل أن ما كان ضرورياً أيام الرسول (ص) وفي عهد الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) من وجود الحكومة الإسلامية لا يزال ضرورياً إلى يومنا هذا.) الحكومة الإسلامية ص: 25.
كما أن الخميني يعتقد أن الله هو الذي أمر نبيه محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بتعيين علي بن أبي طالب إمام من بعده فيقول بهذا الصدد: (والرسول الكريم (ص) وقد استخلفه الله في الأرض ليحكم بين الناس بالحق ولا يتبع الهوى، وقد كلمه الله وحياً أن يبلّغ ما أنزل إليه فيمن يخلفه في الناس، وبحكم هذا الأمر فقد اتبع ما أمر به، وعين أمير المؤمنين علياً للخلافة، ولم يكن مدفوعا إلى ذلك بحكم أنه صهره، أو أن له يداً لا تنسى وخدمات جليلة، بل لأن الله أمره بذلك) ، (الحكومة الإسلامية، ص: 42/43).
غير أن الخميني يضيف في كتابه شيئاً آخر، ليؤكد لنا بذلك أن كل الروايات التي ذكرناها سابقا عن تلك الصفات اللاهوتية التي أضفاها الشيعة على أئمة أهل البيت، هي روايات صحيحة عندهم ومعتبرة وأن تشكل الإيمان الشيعي الرسمي بخصوص عقيدتهم في الأئمة، حيث أثبت الخميني الولاية التكوينية للأئمة بقوله في كتابه الحكومة الإسلامية، تحت عنوان: الولاية التكوينية ما يلي: (وثبوت الولاية والحاكمية للإمام (ع) لا تعني تجرده عن منزلته التي هي له عند الله، ولا تجعله مثل من عداه من الحكام. فإن للإمام مقاماً محموداً ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون. و أن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل. وبموجب ما لدينا من الروايات والأحاديث فإن الرسول الأعظم (ص) والأئمة (ع) كانوا قبل هذا العالم أنوارا فجعلهم الله بعرشه محدقين، وجعل لهم من المنزلة و الزلفى ما لا يعلمه إلا الله... وقد ورد عنهم (ع): أن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل. ومثل هذه المنزلة موجودة لفاطمة الزهراء عليها السلام لا بمعنى أنها خليفة أو حاكمة أو قاضية، فهذه المنزلة شيء آخر وراء الولاية والخلافة والإمرة، وحين نقول: أن فاطمة (ع) لم تكن قاضية أو حاكمة أو خليفة فليس يعني ذلك تجدرها عن تلك المنزلة المقربة، كما لا يعني ذلك أنها امرأة عادية من أمثال ما عندنا) (الحكومة الإسلامية ص: 52/53). انتهى.
ما نقلناه من كتب الرواية لأهل التشيع عن الأئمة والإمامة يكفي لنعرف ولنفهم أن الأئمة – من وجهة نظر المذهب الشيعي – لهم من صفات، وخصائص، وكمالات ومعجزات الأنبياء، ودرجتهم وربتهم أعلى من درجة جميع الأنبياء السابقين، حتى الأنبياء أولو العزم، نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، وهم يتساوون تماماً مع خاتم الأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
و أكثر من هذا، فهم يحملون الصفات الإلهية، وهم يطّلعون على عالم الغيب والشهادة، لا يخفى عليهم شيء، لا يمكن أن نتصور أن يصدر عنهم سهو أو نسيان أو غفلة، يحكمون الكائنات ذرة ذرة، أي لهم سلطة: ((كن فيكون))، وهم يملكون الدنيا والآخرة، يهبون من يشاءون ويحرمون من يشاءون ... وهذا ما جعلهم مخالفون لما عليه عقائد جماهير المسلمين.
بعد كل هذا هااتوا دليلكم عن الامامة من الكتاب الكريم
12
924
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
جزاك الله خيرا
اللهم اهدي عامة الشيعة فإنهم لا يعلمون
اللهم من علمت منهم أنه سيهتدي فعجل بهدايته قبل أن يضلو عبادك ومن علمت أنه لن يهتدي فخذه أخذ عزيز مقتدر
اللهم اهدي عامة الشيعة فإنهم لا يعلمون
اللهم من علمت منهم أنه سيهتدي فعجل بهدايته قبل أن يضلو عبادك ومن علمت أنه لن يهتدي فخذه أخذ عزيز مقتدر
الصفحة الأخيرة
لااله الاانت سبحانك اني كنت من الظالمين
لااله الاانت سبحانك اني كنت من الظالمين
رب لاتذرني فردا وانت خير الوارثين