أبريق شاي

أبريق شاي @abryk_shay_2

محررة برونزية

الإيثـــــار ،،،، الإخلاص ...... ؟؟معلومات عنهم ،،، آيه أو حديث أو شعر ؟؟؟؟؟

الملتقى العام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الإخلاص (( إنما الأعمال بالنيات )) ـــــــــــ الإثــــار (( حب لأخيك ماتحب لنفسك )) .....


اللي عندها معلومات عن الإخلاص ، الإيثاار تحطهااا ...

وآيه أو حديث أو شعر عن كل واحد يعني يا آيه أو حديث أو شعر عن الإخلاص .....
و آيه أو حديث أو شعر عن الإيثاااار ...


جزاكم الله خير ،،،،
5
3K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

مـــوهـــومـــه*
ابشري واتمنى تستفيدين وتلاقي استحسانك اولا

الإيثار


<FONT color=#333333 size=2><FONT size=3> والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون <FONT color=#000000>} (الحشر:9)، والمقصود في الآية الأنصار الذين ناصروا رسوله صلى الله عليه وسلم عند هجرته إلى المدينة .نماذج في الإيثار:- </B>

في ليلة من ليالي الشتاء القارص في المدينة والنبي يشعر ببرد قارص جاءته امرأة من أنصار المدينة وقد نسجت له بردة من القطيفة ففرح بها النبي ولبسها ، فخرج بها النبي صلى الله عليه وسلم (في أول لبسة) – مثلما تشتري بذلة جديدة وتخرج بها لأول مرة – فنظر له أحد الصحابة من الأنصار وقال له ما أحلى هذه العباءة ! ألبسنيها يا رسول الله ، - إذا كنت مكان النبي ماذا تفعل ؟ قال له النبي : نعم وخلعها له في الحال – صلى الله عليه وسلم – أرأيتم الإيثار ، فاحتدوا بالصحابة على هذا الأنصاري وقالوا له كان النبي في احتياج لها ، فقال لهم : وأنا أحوج منه إليها فقد أردت أن أجعلها في كفني حين أموت . جاء أعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن فتحت مكة وخبير و كثرت الغنائم وقد كان ذلك بعد 23 عام هي فترة بعثة النبي كانت أكثرها والنبي والصحابة في حالة شدة وفقر فقد كان صلى الله عليه وسلم يربط حجرين على بطنه من شدة الجوع فبعد أن من الله عليهم بكل هذه الفتوحات، كان نصيب النبي من الغنائم، عدد أغنام ما بين جبلين، تخيل هذه الكمية تصبح مع فقير عاش كثيراً في الفقر، ولكن النبي كان يريد الآخرة .

- جاءه أعرابي ونظر لهذه الغنائم فقال له النبي : أتعجبك ؟ قال : نعم ، قال له النبي : هي لك ، فقال له : يا محمد ، أتَصدقني القول ؟ قال : نعم خذها إن شئت – هل تتخيل من الممكن أن تؤثر إلى أي مدى ؟ - فقام الرجل وجرى إلى الغنم وهو يلتفت حوله، وأخذها كلها وعاد بها إلى قومه وقال لهم : أسلموا فقد جئتكم من عند خير الناس، إن محمد يعطي عطاء من لا يخشى الفقر أبداً.

يقول الراوي: ما منع رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدً شيء يملكه، أي لم يمنع الرسول عن أخذ أي شيء يطلبه من النبي …..

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: يا نبي الله إني مجتهد – أي ليس معي ما آكل – فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعض زوجاته هل عندكم من شيء ؟ فكلما بعث إلى واحدة ، أرسلت له قائلة لا والذي بعثك بالحق ما عندنا إلا الماء ، فقام النبي ونادى في أصحابه من يضيف هذا الرجل ؟ فقام رجل من الأنصار وقال : أنا يا رسول الله ، وأخذه وأسرع إلى زوجته سألها : هل عندك طعام ؟ فقالت : لا إلا قوت صبياني – أي بقايا أكل لا تكفي إلا أولادهم - فقال لها علليهم بشيء – أي أنسيهم الأكل – وإذا أرادوا العشاء أنيميهم، حتى يأتي الضيف فضعي الطعام وأطفئي السراج – أي النور- حتى يشعروا أننا نأكل فيأكل هو - أترون الإيثار – إننا الآن ممكن يكون هناك شابين أو ثلاثة مسافرين سوياً وكل منهم يخبأ طعامه في جيبه، ولا يضعون الطعام سوياً يأكلون سوياً كما كان يفعل الأشاعرة ويخبرنا عنهم النبي . فجاء الضيف للأنصاري :- بعد أن نام الأطفال –جلس الضيف وأطفؤا الأنوار ليشعروه أنهم يأكلون وأكل الضيف حتى شبع ، وجاءت صلاة الفجر وذهبوا ليصلوا فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يقول لهم : لقد عجب الله تعالى من صنيعكما بضيفكما الليلة – أي رضي عن صنيعكما – فأنزل الله تبارك وتعالى قوله " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " . خصاصة أي تعب – جوع – فقر – احتياج - هو لا يجد شيء ويؤثر أخيه ، إنه خلق غائب بيننا ولا نسمع عنه. هل فكرت أن تؤثر أخيك ببدلة اشتريتها جديداً ؟ لابد وأن يكون شعارنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " . هذا هو شعار الإيثار. لا يكتمل إيمانك حتى تحب لأخيك ما تحب لنفسك.

إيثار الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم: وهو ليس إيثار أموال إما إيثار أرواح.

- هذا هو " أبو دجانة " في غزوة أحد والسهام تصوب ناحية الرسول صلى الله عليه وسلم من كل مكان ، فيأتي أبو دجانة ويؤثر النبي على نفسه و يحتضن النبي ليقديه من السهام .

- يقول أبو بكر نظرت إلى ظهر أبو دجانة فإذا هو كالقنفذ من كثرة السهام مجروح وما زال يؤثر النبي صلى الله عليه وسلم ، أين إيثارنا نحن لرسول الله بحفظ سنته ؟

- وهذا هو طلحة بن عبيد الله يأتي للنبي يوم أحد ويقول له : " اخفض رأسك يا رسول الله ، نحري دون نحرك يا رسول الله – أي رقبتي دون رقبتك يا رسول الله – ويقذَف النبي صلى الله عليه وسلم بسهم فيمنعه طلحة بيده ويخترق السهم يده ، وتشل هذه اليد الكريمة .

- يقف الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أحد ويقول " من يمنعهم عني وله الجنة؟ فقد كان الكفار يتكالبون عليه يريدون قتله. فيأتي عشرة من شباب الانصار (من 18، 19 سنة) ويموت الأول ثم الثاني ثم الثالث ، وكان آخرهم "يزيد بن السكن " ومات على قدم رسول الله وهو يدافع عنه فيرفع النبي رأسه إلى السماء ويقول اللهم إني أشهدك أن يزيد بن السكن قد وفى.
دائماً نسمع عن الإيثار بأن يقوم به فرد ، لكن أن تقوم به بلد بأكملها لم نسمع ، وقد كانت المدينة هي هذه البلد ، وكانوا هم الأنصار، لقد كان إيثارهم شيء خيالي لايصدق. عندما خرج المهاجرون من مكة لا يملكون شيئا كل واحد بما يلبسه فقط ، وقد كانوا أغنياء ، وكانوا تجاراً ، أما أهل المدينة فهم زراع ، وكان المهاجرين لا يستطيعون العمل بالزراعة .. وأتى المهاجرون، منهم من أتى على قدمه. لكن ما حصل كان فوق الخيال يقول الصحابة أن ما من مهاجر دخل المدينة، إلا بالقرعة من كثرة تكالب الأنصار على من يأتي من المهاجرين. كل منهم يريد أن يضيفه هو، فكانوا يدخلون بالقرعة.



من إيثار الأنصار للمهاجرين سيدنا سعد بن الربيع (أنصاري) نزل عليه سيدنا (عبد الرحمن بن عوف) من المهاجرين ، قال له يا أخي : هذه أموالي أجمعها لك – جمعها كلها من السوق – أقسمها بيني وبينك هذا نصفي وهذا نصفك ، وهذه هي الأراضي التي أمتلكها أقسمها بيني وبينك ، وهذا هو بيتي ، وإني متزوج بامرأتين آتي لك بهما حتى ترى أيها تحب لأطلقها لك وتتزوجها بعد أن تفي عدتها– لكن انظروا للإيثار إلى أي درجة وصل؟ لكن عبد الرحمن بن عوف كان لديه ذوق ولم يستغل الفرصة وقال له جزاك الله خيراً ، أين السوق؟ كل هجرة حدثت في التاريخ كانت بالدماء، هجرة الأوروبيين إلى أمريكا – وكلنا شاهدنا أفلام الهنود الحمر – كم من الدماء ؟ وكم من الهنود الحمر قتلوا لكي تكون أمريكا للأوروبيين ؟ لكن أعظم هجرة في التاريخ كانت كلها حب، كلها إيثار لأنها كانت هجرة المهاجرين إلى المدينة، وانظر إلى استقبال الأنصار لهم تخيل كل أنصاري كان يقاسم المهاجر في بيته ، وأمواله ، وملابسه وملابس زوجته تقاسمها فيها زوجة المهاجر ، وكذلك ملابس الأولاد ، من يتخيل أنه يقاسم بيته مع أحد ، ويا ترى كانت مساحة بيوت الأنصار 200 ، 300 م أم كانت صغيرة ، وكيف فعل ذلك ولم يخف من زوجته ، وكيف أن زوجته قبلت ؟ ذلك لأن الإيثار يجعل البركة تعم ، ويجعل رضا الله يوسع من رزقك ، لكن ما دمت لديك الأثرة – وهي عكس الإيثار - أن تؤثر نفسك على الغير ، لن تشعر بالبركة . اقتح دولاب ملابسك وانظر إليه ستجد ملابس منذ 3 سنوات وملابس لا ترتدينها، لماذا لا تخرجينها؟ وأنا لا أقول لك الجديد ؟ فما بالك بالنبي الذي يتصدق بالجديد ؟ والذي يقاسم بيته ؟ مَثل صعب، أليس كذلك ؟

لدرجة أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما هاجر وصحابته إلى المدينة ذهب إلى الأنصار وقال لهم عن المهاجرين: إخوانكم تركوا الأموال والأولاد وجاءوكم، لا يعرفون الزراعة، فهلا قاسمتموهم ؟ فقالوا: نعم يا رسول الله ، نقسم الأموال بيننا وبينهم بالسوية – والرسول كان يقصد مساعدتهم فقط – فقال لهم النبي أو غير ذلك ؟ - ممكن تقدموا لهم شيء آخر – فقالوا له وماذا بعد يا رسول الله ؟ فال تقاسمونهم الثمر – لأنهم لن يستطيعوا التصرف بالأموال أو الخروج من المدينة لأنها محاصرة فقالوا : نعم يا رسول الله ، بمَ يا رسول الله ، فقال : بأن لكم الجنة.

- أرأيت ثواب الإيثار – فكان الأنصاري يعمل طوال العام وعندما يثمر الزرع يأخذ التمر ويذهب به إلى المهاجر قبل أن يذهب إلى بيته .

- لم يجلس ليختار الأفضل له ثم يذهب له بالباقي، وأنت تتصدق بأسوأ النقود في جيبك والتي لا تحتاجها.

يذهب بالتمر كله لأخيه ويقول له : اختر ما تشاء ، وإني سأتركك ساعة حتى تتخير ما شئت – حتى لا يحرجه – ثم يعود فيكون المهاجر قد اختار الثمر الغير جيد ويظلوا يتشاجرون ، كل منهما لا يوافق أن يأخذ الآخر غير الجيد .

- فلما فتحت خيبر وكثر المال قال النبي للأنصار : جزاكم الله خيراً قد وفيتم بالشروط ، فقالوا للنبي يا رسول الله : استرطت شرطاً واشترطنا شرطاً ، وها نحن قد وفينا وإنا لنا عندك الجنة ، قال : لكم بما وفيتم .

- أترى ثواب الإيثار؟ اخرج ما عندك وكلما أخرجت زادت نفسك سخاءاً، وكلما أخرجت صفيت نفسك من الحقد والحسد.

إنها علاقة عجيبة بين الإيثار وبين سلامة الصدر، بين الإيثار ورحمة الناس، بين الإيثار وترك الكبر وترك الغل تريد أن تنقي صدرك تعلم الإيثار.
- حتى أنه عندما جاء مال كثير من البحرين ، فقال النبي هذه للأنصار وحدهم – يكفيهم ما أعطوا وبذلوا – فجاء الأنصار وقالوا : لا يا رسول الله لا نأخذها حتى تقسمها بيننا وبين إخواننا المهاجرين فجاء المهاجرون قالوا لا يا رسول الله ، إخواننا نشك أنهم ذهبوا بالأجر كله ، فقال لهم النبي ، لا : ما دعوتم لهم ، أي طالما تدعون لهم ستأخذون أنتم أيضا الأجر .


لا يكون الإيثار في الأموال فقط كما قلنا ، ولكن في الأرواح أيضا. عكرمة بن أبي جهل حارب النبي 22 سنة ثم أسلم وحسن إسلامه ومات شهيدا، ابن أبي جهل مات شهيدا وبسبب الإيثار، عكرمة كان من ضمن الجرحى في معركة اليرموك، وقد وضع الجرحى جميعهم في مكان ما حتى تنتهي المعركة كلما جرح جندي وضعوه هناك. وكان ابن عم عكرمة في الساقة، أي ممن يسقون الجرحى، فيقول: بحثت عن عكرمة فوجدته في الجرحى يئن، يكاد يموت وبجواره عشرة من المسلمين، فأخذت أجري نحوه لأسقيه وإذا هو يتناول القرية ليشرب سمع صوت أخيه يقول : أنا عطشان فقال: لا والله لا أشرب حتى يشرب أخي، فذهبت الى الثاني وهو يشرب سمع أخوه يقول آه فقال : لا والله لا أشرب ، وذهبت الى الرابع هو الخامس و .... حتى وصلت الى العاشر فقال : لا والله : لا أشرب حتى يشرب عكرمة ، فعدت الى عكرمة ، فإذا به مات شهيدا ، .. آثر على نفسه وهو يموت ،وهو جريح ونحن نبخل بالقليل من المال، نبخل بالملابس، نبخل بالعلم تخاف أن تعطى معلومة لزميلك فيتفوق عليك.

- إيثار عبد الله بن عمر ، إيثار نتعجب له ، عبد الله بن عمر كانت تعجبه الآية : " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " فكان يخرج الصدقة مما يحب . وذات مرة تنبه إلى أن ناقته تعجبه فنذل من عليها ووقف إلى جوارها في عرض الطريق حتى وجد عجوز فقيراً ، فقال : اركب يا رجل فهي لك أتته مرة سمكه هدية وكان يحب السمك حباً شديداً ، فأتت إليه امرأته بسمكة مشوية ، ففرح بها ثم طرق الباب مسكين، فقال لها : أعطيه السمكة فقالت : عندنا في البيت خبز وشعير ولحم .
قال : وماذا أفعل بقول الله : " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " ؟ أعطه السمكة . وبعد أن أعطتها للرجل قالت له : اتبيع إلى السمكة بدرهم ؟ فقال الفقير : نعم . فأعطته الدرهم وأخذت السمكة ثم وضعتها أمام ابن عمر ، ففرح وعندما هم بأكلها طرق الباب نفس الرجل وقال أعطوني شيئا ، فقال لها بن عمر : أعطيه السمكة . فقالت : يا بن عمر فعلتها مرة . قال : إن الله قالها مرات ولم يقلها مرة . " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " ، فخرجت للرجل بالسمكة وقالت له : ابتاع منك السمكة ؟ فوافق فقالت له : أقسمت عليك ألا تعود مرة ثالثة وأخذت السمكة واعطتها لابن عمر .

- سيدنا عمر بن الخطاب لحظة موته، عندما ضربه أبو لؤلؤه المجوسي وسقط في دمائه وعلم إنه الموت، قال لابنه : عبد الله بن عمر يا عبد الله : اذهب الى أم المؤمنين : عائشة وقل لها : عمر بن الخطاب ولا تقل أمير المؤمنين فلم أعد عليكم أميرا – عمر بن الخطاب يستأذنك أن يدفن مع صاحبيه (الرسول وأبو بكر) في حجرة عائشة ، فقالت عائشة : كنت أريد هذا المكان لنفسي، ولأوثنرن به عمر .

- هل الإيثار في الدفن وحتى بعد الموت؟ تخيل كانت ستدفن بجوار زوجها وأبيها وهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، أي مدفن وأي مكان شريف ، ولكن السيدة العظيمة تركت أفضل مكان ورضيت أن تدفن بالبقيع ، إيثارا منها لعمر رضي الله عنه .

- أبو هريرة يحكى لنا : كنت أجوع حتى أصرع من شدة الجوع ، ويقولون مجنون ووالله ما أنا بمجنون إنما هو الجوع ، فكنت أجلس بجوار منبر النبي صلى الله عليه وسلم يمر بي الرجل من المسلمين استقرأه أيات الإنفاق – لعله يعطينى شيئا– فقال : فمربي أبو بكر وقرأها علي ومر، لم يدرك ما أريد ، ومر على عمر بن الخطاب.

فمر النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر الي فعرف حالي ، فبتسم وقال : يا أبا هر : الحق بي ، فدخل بيته واستأذن ، وقال لزوجته هل عندنا شيء؟ فقالت : جرة لبن تكفي رجلا أو اثنين فقط ، فنظر أبو هريرة للبن بشوق فأراد النبي أن يعلمه الإيثار ، فقال له : يا أبا هريرة : اذهب وائتنى بأهل الصفة .

وأهل الصفة من فقراء المسلمين لا يجدون ما يطعمونه مثل أبو هريرة ، وهم حوالي مائة – فيقول : فاهتمت نفسي، وقال لرسول الله : وأين هذه الجرة من أهل الصفة ؟ أيكفيهم هذا؟ فيقول : فخرجت مهموما ولكنه كان لابد لي من طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فذهبت وأتيت بهم ، فنظر إلي الرسول مبتسما وقال : يا ابا هريرة اسقهم – إنه يعلمه ويعلمنا معه – فيقول : أخذت الجرة وبدأت أمر عليهم حتى شربوا منها جميعا. والنبي ينظر إلي ويبتسم. فقال لي النبي : يا أبا هريرة لم يبق سوى أنا وأنت ، قلت له : صدقت يا رسول الله ، فقال لي : اشرب يا أبا هريرة – النبي يؤثرهم جميعا على نفسه ثم يؤثر أبا هريرة واللبن يكفى كل هذا العدد لنتعلم خلق الإيثار وأنه يبارك في الشيء يقول أبو هريرة، فشربت ثم أعطيتها له ، فقال : اشرب يا أبا هريرة فشربت وشربت وشربت كلما قال لي ، حتى قلت له : لا والله لا أحد له مسلكا ، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم وشرب الفضلة صلى الله عليه وسلم شرب ما بقى من ذلك كله .

ينظر لإيثار النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق كان يعلم جيش بأكمله هذا الخلق العظيم ، جاء " جابر بن عبد الله " يوم الخندق ، قال يا رسول الله : عندنا في البيت دجاجة وبقية شعير فاقدم يا رسول الله وكل معي ، فنظر إليه النبي وقال : وحدي ؟


لقد كان الصحابة ومعهم رسول الله متعبين جدا من الحفر لمدة 15 يوم وكانوا يربطون على بطونهم من شدة الجوع – فقال له جابر بن عبد الله : ومعك رجل أو اثنين . فوقف النبي على تل وقال : يا معشر المهاجرين ، يا معشر الأنصار : غداؤنا اليوم عند جابر بن عبد الله. يقول جابر: فتسللت وجريت إلى البيت أقول لزوجتي: رسول الله قادم ومعه الجيش ! فقالت – المرأة المسلمة المؤمنة - أو أخبرت رسول الله بالطعام ؟ فقال : نعم ، قالت : فالله ورسوله أعلم ، ويقف النبي ويقول لجابر : أنت بوابنا اليوم ، وقال النبي بتكسير الخبز ويدخل جابر عليه عشرة عشرة يطعمهم ويخرجوا..
- أرأيت متى ظهرت معجزة النبي وحلت البركة؟ عندما حدث هذا الحدث ليعلمهم الإيثار وتحل البركة مع أنهم كانوا جوعى منذ مدة فطعم الجيش كله، يقول بن عبد الله ، كلما دخلت مجموعة قلت إنها آخرمجموعة ولن تأكل التي تليها ، ولكنهم كانوا يخرجون وقد امتلأت البطون، يخللون أسنانهم ، ثم دخل جابر في النهاية فقال له النبي : يا جابر بارك الله لك ولأهل بيتك في طعامك ، فدخلت فإذا بالطعام كما هو إلا قطعة من الدجاجة


يقول الإمام الغزالي في الإحياء : الإيثار على ثلاثة منازل :


الأولى : أن تنزل أخوك من نفسك منزلة الخادم فتطعمه وتعطيه مما يبقى منك – ألا يحدث أن تتعامل مع أخيك كالخادم بعدما تنتهي أنت وتأخذ ما يكفيك تعطيه – وهذا إيثار .

الثانية: أن تنزله منزلة نفسك فكما تأخذ تعطيه.

والثالثة: أن تنزله فوق نفسك، فتفضل حاجتهم على حاجتك.

- أولاده سيدخلون المدارس ولا يجدون ملابس، قبل أن تشترى لأولادك تشترى له

- هذه هي منازل الإيثار الثلاثة أختر لنفسك منها.

- أعظم الإيثار في هذه الدنيا : أن تؤثر مرضاة الله على مرضاة الناس، وأن تؤثر رضا الله على رضا من سواه وأن تؤثر رضا الله على هوى نفسك " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به " ، مرضاة الله أولى.
عندما نعيش لأنفسنا فقط نعيش حياة قصيرة ، نولد صغار ونموت صغارا ، لكن عندما نعيش من أجل غيرنا نعيش كبارا وحياتنا تمتد بامتداد البشرية ، وهذا كلام حقيقي إذا عشت لغيرك وليس لنفسك فقط ستجد سعادتك في بسمة غيرك ، وفرصتك في فرصة غيرك، وستجد السعادة الكاملة عندما تجد من يدعو الله لك ويقول يا رب ارضى عنه كما أرضاني، لذة عجيبة, جربها ستجدها أعظم من اللذة التي كنت ستشعر بها إذا حصلت على الفائدة والمنفعة بمفردك



</SPAN>
مـــوهـــومـــه*
ثانيا الاخلاص

إنَّ الإخلاص هو حقيقة الدين ، ومفتاح دعوة المرسلين .. قال سبحانه : { وَ مَنْ أَحْسَنُ دِينَاً مِمَنْ أَسْلََمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِن } .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معيَ فيه غيري تركته وشركه ) رواه مسلم .
وقال صلى الله عليه وسلّم : ( من تعلَّم علماً مما يُبتغى به وجه الله عزَّ وجل لا يتعلَّمه إلاَّ ليصيب به عَرَضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة ـ يعني ريحها ـ يوم القيامة ) رواه أبو دواد .
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جداً .
أحبتي ..قد يقول قائل ماهو الإخلاص الذي يأتي في الكتاب والسنة وفي استعمال السلف الصالح رحمهم الله ..
فأقول : لقد تنوَّعت تعاريف العلماء للإخلاص ، ولكنها تصبُّ في معين واحد
ألا وهو أن يكون قصد الإنسان في سكناته وحركاته وعباداته الظاهرة والباطنة خالصة لوجه الله تعالى لا يريد بها شيئاً من حطام الدنيا أو ثناء الناس .
قال الفضل بن زياد : سألت أبا عبد الله ـ يعني الإمام أحمد بن حنبل ـ سألته عن النية في العمل ، قلت : كيف النية ، قال : يعالج نفسه إذا أراد عملاً لا يريد به الناس ..أن يعالج نفسه فإذا أراد عملاً لا يريد به إلا وجه الله تبارك تعالى ..
قال أحد العلماء : نظر الأكياس في تفسير الإخلاص فلم يجدوا غير هذا : أن تكون حركته وسكونه في سره وعلانيته لله تعالى لا يمازجه نفسٌ ولا هوىً ولا دنيا .
عباد الله ..
إنَّ شأن الإخلاص.. إنَّ شأن الإخلاص مع العبادات بل مع جميع الأعمال ، حتى المباحة لعجيب جداً ..
فبالإخلاص يعطي الله على القليل الكثير ، وبالرياء وترك الإخلاص لا يعطي الله على الكثير شيئاً ، ورُبَّ درهم سبق مئة ألف درهم ..
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : والنوع الواحد من العمل ... والنوع الواحد من العمل قد يفعله الإنسان على وجه يكمن فيه إخلاصه وعبوديته لله فيغفر الله به كبائر الذنوب ، كما في حديث البطاقة ..
وحديث البطاقة كما أخرجه الترمذي وحسنَّه النسائي وابن حبَّان والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : ( يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة .. يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فيُنشر له تسعة وتسعين سجلاً كل سجِّلٍ منها مدَّ البصر ، ثم يقال : أتنكر من هذا شيئاً !! أظلمك كتبتي الحافظون !! فيقول : لا يا ربي ، فيُقال : أفَلك عذر أو حسنة فيها ؟! فيقول الرجل : لا يا ربي ، فيُقال : بلى .إنَّ لك عندنا حسنة ..إنَّ لك عندنا حسنة ، وإنه لا ظلم عليك اليوم ، فيُخرج له بطاقة فيها : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، فيقول : يا ربّي ما هذه البطاقة !.. ما هذه البطاقة ، وما تصنع مع هذه السجلات من الذنوب ! ، فيُقال : إنك لا تظلم اليوم . فتوضع السجلات في كفة و البطاقة في كفة ، فتطيش السجلات وتثقل البطاقة ) صححه االذهبي رحمه الله .
قال ابن القيم رحمه الله : فالأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها ، وإنما تتفاضل بتفاضلها في القلوب ، فتكون صورة العملين واحدة ، وبينهما من التفاضل كما بين السماء والأرض .
قال : ومن تأمل حديث البطاقة التي توضع في كفة ، ويقابلها تسعة وتسعين سجلاً كل سجل منها مدَّ البصر تثقل البطاقة وتطيش السجلات فلا يُعذَّب صاحبها ..
ومعلوم أنَّ كل موحد له هذه البطاقة وكثير منهم يدخل النار بذنوبه لقلة إخلاصه في توحيده لربِّه تبارك وتعالى .
ومن هذا أيضاً : حديث الرجل الذي سقى الكلب .. وفي رواية بغيٌ من بغايا بني إسرائيل ـ زانية ـ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قال بينما رجل يمشي بطريق اشتدَّ عليه العطش فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ، ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش ، فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي قد بلغ مني ، فنزل البئر فملاً خفه ماءً ثم أمسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب ، فشكر الله له فغفر له ) ، قالوا : يا رسول الله إنَّ لنا في البهائم أجراً ، فقال : ( في كل كبدٍ رطبة أجر ) متفق عليه .
وفي رواية البخاري ( فشكرالله له فغفر له فأدخله الجنة ).
قد ترى أنَّ العمل بسيط ، لكن خالط من العمل الإخلاص الشيء الكثير .
ومن هذا أيضاً ما رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لقد رأيت رجلاً يتقلَّب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين ) ، وفي رواية : ( مرَّ رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال : والله لأنحينَّ هذا .. والله لأنحينَّ هذا عن المسلمين لا يؤذيهم فأُدخل الجنة ) ..
بعمل بسيط أخلصه لله ربِّ العالمين كان سبباً في دخوله الجنة .
قال شيخ الإسلام رحمه الله معلقاً على هذا الحديث ـ حديث البغي التي سقت الكلب ـ ، وحديث الرجل الذي أماط الأذى عن الطريق .. قال رحمه الله : فهذه سقت الكلب بإيمان خالص كان في قلبها فغفر الله لها ، وإلا فليست كل بغي سقت كلباً يُغفر لها .
فالأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والإجلال ..
إنه سرُّ الإخلاص الذي أودعه الله قلوب عباده الصادقين..
عباد الله ..
وفي المقابل نجد أنَّ أداء الطاعة بدون إخلاص وصدق مع الله لا قيمة لها ولا ثواب لها عليها ، بل صاحبها معرَّض للوعيد الشديد ، وإن كانت هذه الطاعة من الأعمال العظام كالإنفاق في وجوه الخير ، والقتال ، بل وطلب العلم الشرعي ، كما جاء في حديث أبو هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلَم يقول : ( إنَّ أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه رجلٌ اُستشهد فأُتي به فعرَّفه نعمته فعرفها ، قال : فما عملت فيها ؟! قال : قاتلت فيك حتى اُستشهدت ، قال : كذبت ، ولكنك قاتلت ليقال جرئ و لقد قيل ، ثم أُمر به فسحب على وجهه حتى أُلقي في النار ..
وآخر تعلَّم العلم وعلَّمه ، وقرأ القرآن . فأُتي به فعرَّفه الله بنعمته عليه فعرفها ، قال : فما عملت ؟! قال : تعلَّمت العلم وعلَّمته وقرأت فيك القرآن ، قال : كذبت .ولكن تعلَّمت ليقال عالم و قارئ و قد قيل ، ثم يؤمر به فيُسحب على وجهه في النار فيُلقى فيها والعياذ بالله.
وآخر وسَّع الله عليه وأعطاه من صنوف المال. فأُتي به فعرَّفه الله نعمه عليه فعرفها ، قال : فما عملت فيها ، ألا أنفقت فيها ؟!، قال : ما تركت من سبيل تحبُّ أن يُنفق فيها لك إلا أنفقت فيه ، قال : كذبت ، ولكنك فعلت ليقال جواد وقد قيل ، ثم أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار )
إنه الإخلاص الذي يجعل للأعمال قيمة عند الله تبارك وتعالى ، فلا إنفاق، ولا استشهاد ، ولا قراءة قرآن ... إلا بالإخلاص لله ربِّ العالمين
عباد الله ..
من أجل ذلك فقد كان سلفنا الصالح من أشدِّ الناس خوفاً على أعمالهم من أن يخالطها الرياء أو تشوبها شائبة الشرك فكانوا رحمهم الله يجاهدون أنفسهم في أعمالهم وأقوالهم كي تكون خالصة لوجه الله تبارك وتعالى .
ولذلك لما حدَّث يزيد بن هارون بحديث عمر رضي الله عنه : ( إنما الأعمال بالنيات ) والإمام أحمد جالس ، فقال الإمام أحمد ليزيد : يا أبا خالد : هذا والله هو الخناق ..هذا والله هو الخناق أن تجعل عملك خالصاً لوجه الله تبارك وتعالى.
وقال سفيان الثوري : ما عالجت شيئاً أشدّ عليَّ من نيتي لأنها تتقلب عليَّ في كل حين .
وقال يوسف بن أسباط : تخليص النية من فسادها أشد على العاملين من طول الاجتهاد.
وقال بعض السلف : من سرَّه أن يُكمَّل له عمله فليُحسِّن نيته فإنَّ الله عز وجل يأجر العبد إذا أحسن نيته حتى باللقمة يأكلها
قال سهل بن عبدالله التستري : ليس على النفس شيءٌ أشقُّ من الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب .
وقال ابن عيينة : كان من دعاء المطرِّف بن عبد الله : اللهم إني أستغفرك مما زعمت أني أريد به وجهك ، فخالط قلبي منه ما قد علمت .
وهذا خالد بن معدان رحمه الله إذا عظمت حلقته من الطلاب ، قام خوف الشهرة والرياء.
وهذا محمد بن المنكدر يقول : كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت على طاعة الله.
وهذا أيوب السختياني كان يقوم الليل كله فإذا جاء الصباح رفع صوته كأنه قد استيقظ من حينه .
وكان رحمه الله إذا حدَّث بحديث النبي صلى الله عليه وسلم يشتدُّ عليه البكاء وهو في حلقته ، فكان يشدُّ العمامة على عينه ويقول : ما أشدَّ الزكام.. ما أشدَّ الزكام..
وهذا عبد الواحد بن زيد يخبرنا بحديث عجيب حصل لأيوب وقد عاهده ألاَّ يخبر إلا أن يموت أيوب ـ إذ لا رياء يومئذ ـ ، قال عبدالواحد : كنت مع أيوب فعطشنا عطشاً شديداً حتى كدنا نهلك ، فقال أيوب : تستر علي ، قلت : نعم إلا أن تموت، قال : عبد الواحد فغمز أيوب برجله على حِراءٍ فتفجَّر منه الماء فشربت حتى رويت وحملت معي.
كانت بينهم وبين الله أسرار لو أقسم منهم على الله أحد لأبرَّه إلا لإخلاصهم وصدقهم مع الله تبارك وتعالى .
وقال أبو حازم :لا يحسن عبدٌ فيما بينه وبين ربه إلا أحسن الله ما بينه وبين العباد ، ولا يعوِّر ما بينه وبين الله إلا أعوَّر الله ما بينه وبين العباد ، ولمصانعة وجه واحد أيسر من مصانعة الوجوه كلها.
هذا داود ابن أبي هند يصوم أربعين سنة لا يعلم به أهله .. كان له دكَّان يأخذ طعامه في الصباح فيتصدق به ، فإذا جاء الغداء أخذ غداءه فتصدق به ، فإذا جاء العشاء تعشى مع أهله ...
أربعين سنة وهم لا يدرون بصيامه .
وكان رحمه الله يقوم الليل أكثر من عشرين سنة ولم تعلم به زوجته
فلما أخفوا أعمالهم أخفى الله لهم من الأجر ما الله به عليم { فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُم مِنْ قُرَةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
إنَّ تربية النفس على مثل هذه الأعمال لهو أبعد لها عن الرياء وأكمل لها في الإخلاص.
وقد كان محمد بن سيرين رحمه الله يضحك في النهار حتى تدمع عينه ، فإذا جاء الليل قطعه بالبكاء والصلاة .. ومن خير الناس ( بسَّام بالنهار بكَّاءٌ في الليل )
الإخلاص سرٌّ بين العبد وبين ربّه لا يعلمه مَلَكٌ فيكتبه ، ولا شيطانٌ فيفسده .

وقد نبَّه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على تلك الآفة الخفية فكان مما قال رحمه الله :
حُكي أنَّ أبا حامدٍ الغزالي بلغه أنه من أخلص لله أربعين يوماً تفجَّرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ..قال : فأخلصت أربعين يوماً فلم يتفجَّر شيء .. فأخلصت أربعين يوماً فلم يتفجَّر شيء ، فذكرت ذلك لبعض العارفين فقال لي : إنما أخلصت للحكمة ولم تخلص لله تبارك وتعالى .. إنما أخلصت لتتفجَّر الحكمة بين يديك وعلى لسانك ولم تخلص لله ربّ العالمين.
وهذا مسلك خطير كما سمعت وقليل من يتفطَّن له.

قال الحافظ بن رجب رحمه الله : فإن خالط نية الجهاد مثلاً نية غير الرياء مثل أخذ أجرة
للخدمة ، أو أخذ شيء من الغنيمة ، أوالتجارة ، نقص بذلك أجر جهادهم ولم يبطل بالكلية ..
بل اجعل مشيك وحجك وجهادك عبادة خالصة لله تعالى .
وهذه الأشياء تحصل تبعاً للإخلاص .. وهذه الأشياء تحصل تبعاً للإخلاص الذي ينعقد في القلب.
أما ثالث هذه المسالك الدقيقة :
وهو ما أشار إليه الحافظ بن رجب رحمه الله بقوله : ها هنا نكتة دقيقة وهي أنَّ الإنسان قد يذمّ نفسه بين الناس.. أنَّ الإنسان قد يذمّ نفسه بين الناس يريد بذلك أن يُري الناس أنه متواضع عند نفسه ، فيرتفع بذلك عندهم و يسقط من عين الله .. فيرتفع عند الناس ويسقط من عين الله ، فيمدحونه وهو ساقط من عين الله.
وهذا من دقائق أبواب الرياء ، وقد نبَّه عليه السلف الصالح ..( يأتي أقوام يوم القيامة بأعمال مثل جبال تهامة بيضاء يجعلها الله هباءً منثوراً ) { الذِّي خََلَقَ المَوْتَ وَالحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً }

الإخلاص
يحكى أنه كان في بني إسرائيل رجل عابد، فجاءه قومه، وقالوا له: إن هناك قومًا يعبدون شجرة، ويشركون بالله؛ فغضب العابد غضبًا شديدًا، وأخذ فأسًا؛ ليقطع الشجرة، وفي الطريق، قابله إبليس في صورة شيخ كبير، وقال له: إلى أين أنت ذاهب؟
فقال العابد: أريد أن أذهب لأقطع الشجرة التي يعبدها الناس من دون الله. فقال إبليس: لن أتركك تقطعها.
وتشاجر إبليس مع العابد؛ فغلبه العابد، وأوقعه على الأرض. فقال إبليس: إني أعرض عليك أمرًا هو خير لك، فأنت فقير لا مال لك، فارجع عن قطع الشجرة وسوف أعطيك عن كل يوم دينارين، فوافق العابد.
وفي اليوم الأول، أخذ العابد دينارين، وفي اليوم الثاني أخذ دينارين، ولكن في اليوم الثالث لم يجد الدينارين؛ فغضب العابد، وأخذ فأسه، وقال: لابد أن أقطع الشجرة. فقابله إبليس في صورة الشيخ الكبير، وقال له: إلى أين أنت ذاهب؟ فقال العابد: سوف أقطع الشجرة.
فقال إبليس: لن تستطيع، وسأمنعك من ذلك، فتقاتلا، فغلب إبليسُ العابدَ، وألقى به على الأرض، فقال العابد: كيف غلبتَني هذه المرة؟! وقد غلبتُك في المرة السابقة! فقال إبليس: لأنك غضبتَ في المرة الأولى لله -تعالى-، وكان عملك خالصًا له؛ فأمَّنك الله مني، أمَّا في هذه المرة؛ فقد غضبت لنفسك لضياع الدينارين، فهزمتُك وغلبتُك.
***
هاجرت إحدى الصحابيات من مكة إلى المدينة، وكان اسمها أم قيس، فهاجر رجل إليها ليتزوجها، ولم يهاجر من أجل نُصْرَةِ دين الله، فقال صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى؛ فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله؛ فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصِيبُها أو امرأة ينكحها (يتزوجها)؛ فهجرته إلى ما هاجر إليه) .
ما هو الإخلاص؟
الإخلاص هو أن يجعل المسلم كل أعماله لله -سبحانه- ابتغاء مرضاته، وليس طلبًا للرياء والسُّمْعة؛ فهو لا يعمل ليراه الناس، ويتحدثوا عن أعماله، ويمدحوه، ويثْنُوا عليه.
الإخلاص واجب في كل الأعمال:
على المسلم أن يخلص النية في كل عمل يقوم به حتى يتقبله الله منه؛ لأن
الله -سبحانه- لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصًا لوجهه تعالى. قال تعالى في كتابه: {وما أمروا إلا يعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء} . وقال تعالى: {ألا لله الدين الخالص} . وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًا، وابْتُغِي به وجهُه) .
والإخلاص صفة لازمة للمسلم إذا كان عاملا أو تاجرًا أو طالبًا أو غير ذلك؛ فالعامل يتقن عمله لأن الله أمر بإتقان العمل وإحسانه، والتاجر يتقي الله في تجارته، فلا يغالي على الناس، إنما يطلب الربح الحلال دائمًا، والطالب يجتهد في مذاكرته وتحصيل دروسه، وهو يبتغي مرضاة الله ونَفْع المسلمين بهذا العلم.
الإخلاص صفة الأنبياء:
قال تعالى عن موسى -عليه السلام-: {واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصًا وكان رسولاً نبيًا} . ووصف الله -عز وجل- إبراهيم وإسحاق ويعقوب -عليهم السلام- بالإخلاص، فقال تعالى: {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار . إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار . وإنهم عندنا من المصطفين الأخيار} .


الإخلاص في النية:
ذهب قوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقالوا: يا رسول الله، نريد أن نخرج معك في غزوة تبوك، وليس معنا متاع ولا سلاح. ولم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم شيء يعينهم به، فأمرهم بالرجوع؛ فرجعوا محزونين يبكون لعدم استطاعتهم الجهاد في سبيل الله، فأنزل الله -عز وجل- في حقهم قرآنًا يتلى إلى يوم القيامة: {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا ما نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم . ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنًا ألا يجدوا ما ينفقون}.
.
فلما ذهب صلى الله عليه وسلم للحرب قال لأصحابه: (إن أقوامًا بالمدينة خلفنا ما سلكنا شِعْبًا ولا واديا إلا وهم معنا فيه (يعني يأخذون من الأجر مثلنا)، حبسهم (منعهم) العذر) .
الإخلاص في العبادة:
لا يقبل الله -تعالى- من طاعة الإنسان وعبادته إلا ما كان خالصًا له، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن رب العزة: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري، تركتُه وشركَه) .
فالمسلم يتوجه في صلاته لله رب العالمين، فيؤديها بخشوع وسكينة ووقار، وهو يصوم احتسابًا للأجر من الله، وليس ليقول الناس عنه: إنه مُصَلٍّ أو مُزَكٍّ أو حاج، أو صائم، وإنما يبتغي في كل أعماله وجه ربه.


الإخلاص في الجهاد:
إذا جاهد المسلم في سبيل الله؛ فإنه يجعل نيته هي الدفاع عن دينه، وإعلاء كلمة الله، والدفاع عن بلاده وعن المسلمين، ولا يحارب من أجل أن يقول الناس إنه بطل وشجاع، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: يا نبي الله، إني أقف مواقف أبتغي وجه الله، وأحب أن يرَى موطني (أي: يعرف الناس شجاعتي). فلم يرد الرسول صلى الله عليه وسلم حتى نزل قول الله تعالى: {فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا}.
.
وجاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليذكر (يشتهر بين الناس)، والرجل يقاتل ليرَى مكانه (شجاعته)، فمن في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قاتل لتكون كلمة الله هي العُليا فهو في سبيل الله) .
جزاء المخلصين:
المسلم المخلص يبتعد عنه الشيطان، ولا يوسوس له؛ لأن الله قد حفظ المؤمنين المخلصين من الشيطان، ونجد ذلك فيما حكاه القرآن الكريم على لسان الشيطان: {قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين} . وقد قال الله تعالى في ثواب المخلصين وجزائهم في الآخرة: {إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرًا عظيمًا} .


الـريـاء:
هو أن ينشط المرء في عمل الخيرات إذا كان أمام الناس، ويكسل إذا كان وحده، ويجتهد إذا أثنى عليه الناس، وينقص من العمل إذا ذمه أحد، وقد ذكر الله صفات هؤلاء المرائين المنافقين، فقال تعالى: {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى . يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً} .
فالرياء صفة من صفات المنافقين، والمسلم أبعد ما يكون عن النفاق، فهو يخلص قلبه ونيته دائمًا لله، قـال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم) .
الرياء شرك بالله:
المسلم لا يرائي؛ لأن الرياء شرك بالله -سبحانه-، قال صلى الله عليه وسلم: (إن أَخْوَفَ ما أتخوَّف على أمتي الإشراك بالله، أما إني لستُ أقول: يعبدون شمسًا ولا قمرًا ولا وَثَنًا، ولكن أعمالا لغير الله وشهوة خفية) . وقال صلى الله عليه وسلم: (إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر). قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: (الرياء، يقول
الله -عز وجل- يوم القيامة -إذا جزي الناس بأعمالهم-: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا؛ فانظروا هل تجدون عندهم جزاءً؟) .
وهكذا.. لا يأخذ المرائي جزاءً على عمله؛ لأنه أراد بعمله الحصول على رضا الناس ومدحهم والمكانة بينهم، فليس له من أجرٍ يوم القيامة.
المرائي في النار:
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه في إحدى الغزوات أن فلانًا سيدخل النار، وكان فلان هذا يقاتل مع المسلمين، فتعجب الصحابة، وراقبوا الرجل ليعرفوا حاله؛ فوجدوه يقاتل قتالا شديدًا؛ فازداد عجب الصحابة، ولكن بعد قليل حدث أمر عجيب؛ فقد جُرح هذا الرجل؛ فأخذ سيفه، وطعن به نفسه؛ فقال له بعض الصحابة: ويلك! أتقتل نفسك، وقد كنت تقاتل قتالا شديدًا؟ فقال الرجل: إنما كنتُ أقاتل حميةً (عزة للنَّفْس)، وليرى الناس شجاعتي، ثم مات الرجل، وصدق فيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن المرائين أول الناس عذابًا يوم القيامة؛ فأول ثلاثة يدخلون النار: عالم، وقارئ للقرآن، وشهيد؛ لأنهم كانوا لا يخلصون أعمالهم لله، ولا يبتغون بها وجهه.
الرياء يبْطِلُ العبادات:
إذا أدَّى الإنسان عبادته، وليس فيها إخلاص لله، فإنه لا يأخذ عليها أجرًا ولا ثوابًا، بل عليه الوزر والعقاب؛ لأنه لم يخلص لله رب العالمين. قال الله -تعالى-: {فويل للمصلين . الذين هم عن صلاتهم ساهون . الذين هم يراءون . ويمنعون الماعون} .
والذين يتصدقون، ولكن يمُنُّون بأعمالهم، ولا يخلصون فيها لله، فإنهم لا يأخذون على صدقتهم أجرًا من الله، وتصبح مثل الأرض الصلبة التي لا تخرج زرعًا كما وصف القرآن الكريم المرائي بقوله تعالى: {فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدًا لا يقدرون على شيء مما كسبوا} .
كما جعل الله -عز وجل- عبادة المرائين عديمة الفائدة لهم، يقول تعالى: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورًا} قال تعالى : <( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ).
مـــوهـــومـــه*
ابيات شعر مع اسبابها عن الايثار
الإيثار صفة حميدة، يتصف بها الكرماء، ويحس بها العظماء ويشتاق لها أهل النفوس الطيبة التي جبلت على مثل ذلك.

صوروا أنفسهم بأحسن صورة وهو السراج، وماأجمل الصورة حيث الضوء للآخرين وربما يحترق هو من الداخل لكنه لايهتم من ذلك.
يقول عبدالكريم الجويعد:
آعظ قلوب الناس والقلب مطموس
مثل السراج أشعل وأضوي على الناس
والسراج مصدر النور ونفعه عام لكل من حوله، والانتفاع به لا يتطلب جهداً من أحد، كما أنه لايفرق بين المنتفعين منه، بل يغمر الجميع بالعطاء نفسه.
ومع كل هذا الإيثار والجود تتناقص حاله فيحترق من أجل الآخرين ويكتوي بنار تشتعل في جوفه لامن أجله بل من أجل من حوله.
وهكذا العظماء بما جبلوا عليه من خلق ووفقوا له من خصال وما تشربت نفوسهم من جميل سجايا، إنهم يتلذذون بإيجابية مواقفهم وبانتفاع الآخرين بأعمالهم، وتزداد تضحيتهم يوماً بعد آخر ولا يقدرون على التوقف لأنهم يسيرون في طريق واضح المعالم محمود النهاية بين العالم، اختاروه بأنفسهم وهم يعلمون أنهم بعطائهم يحترقون لكنه احتراق لايكدر صفوهم ولايعقبه ندم لأنه الاحتراق الوحيد الذي يحمد عليه القائم به وهو احتراق الإيثار حيث يكون ما في الدنيا كله رخيصاً لايساوي شيئاً ولايستحق أن يتمسك به العظماء.
وصور الشاعر محمد الأحمد السديري رحمه الله كل صاحب جود وحمية ونخوة بالقصر وما ينتج عنه من ظل وحماية ونفع فقال:
ياعل قصر مايجي له ظلالي
ينهد من عالي مبانيه للساس وهذه الدعوة على القصر بالانهدام والزوال تشبيه احتواه هذا البيت من قصيدة لاشك أنها تعني الكثير وتتجسد كلها في هذا البيت الذي يكفي عن بقيتها ليصور قيمة الشخص في نفعه وانتفاع الآخرين به، وهو ما يتسابق نحوه أهل الجود والكرم.
مـــوهـــومـــه*
ابيات عن الاخلاص والوفاء

مالقيت اغلبها تتكلم عن الاخلاص والوفاء في الحب
بس الايات والقصص والاحاديث والسيره اتمنى تكون كافيه
ودمتم بود