دروس في الإيمان (41)
جفاء مقيت ونتيجة خاسرة
وإنه لمن المؤسف حقا، أن ترى أجيالا من أبناء المسلمين الذين ينتظمون في المدارس الحكومية في أغلب البلدان الإسلامية لا يغرس احترام القرآن في نفوسهم، بل قد لا توجد حصة لدراسة القرآن في مناهج تلك المدارس وخططها، ويتخرج كثير من أبناء المسلمين في المدارس والمعاهد والجامعات والدراسات العليا، وهم لا يستطيعون قراءة بعض آيات القرآن وهم يقرؤون الصحف والمجلات وغيرها، ولا يحفظون بعض قصار السور، اللهم إلا إذا اهتم بهم آباؤهم أو بعض الصالحين في تلك المؤسسات أو من خارجها.
والسبب في ذلك أنهم لم يجدوا اهتماما بالقرآن من أسرهم ولا من مدارسهم، بل قد يجدون من أسرهم أو من بعض مدرسيهم تنفيرا من هذا الكتاب، إما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ويجدون تشجيعا على أمور أخرى، كالرقص والموسيقى، وبعض أنواع الرياضة ..
ولقد كانت النتيجة المترتبة على إهمال الاهتمام بهذا القرآن أن جعل الله هذه الأمة الغافلة عن هديه أمة مهينة ذليلة لا احترام لها عند خلقه، جزاء وفاقا، والسبب في هذا الجفاء المقيت لذلك الكتاب المجيد من غالب أبناء هذه الأمة، يعود إلى بعض قادتها الذين مجدوا قوانين الكفر، وهونوا من شأن هذا الكتاب، واهتموا باللهو والخنا واللعب أكثر من اهتمامهم بالإسلام، ولو أنهم قدروا القرآن حق قدره واهتموا به واحترموه، وسعوا-وفي أيديهم كل الإمكانات والوسائل المحققة لسعيهم-إلى غرس احترامه في نفوس رعاياهم لكان للأمة مع هذا القرآن شان آخر، ولكان للقرآن مع الأمة شأن آخر كذلك، ولكأني أسمع صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحزين وأشاهد وجهه الذي يظهر عليه أثر العجب والغضب، وهو ينظر إلى السماء شاكيا الطغاة الصادين عن سبيل الله : {وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا }. الفرقان: 30.
وإن المسلم ليحزن غاية الحزن، وهو يقارن بين قراء الأمس الذين كانوا يقرؤون القرآن على الناس في ميادين الجهاد، وقد تراصت صفوفهم أمام أعدائهم، لرفع راية الإسلام، وبين قراء اليوم الذين يتبارون في قراءته وتلحينه في المآتم وفي المقابر، أولئك كانوا يقرؤونه على الأحياء ليعملوا به، وهؤلاء يقرؤونه على الأموات الذين قد يكون الكثير منهم فارق الدنيا وهو ممن اتخذ هذا القرآن مهجورا لقد كان من أسباب قيام الخلفاء الراشدين بجمع القرآن استشهاد كثير من حملة القرآن في ساح الجهاد فأين قراؤنا اليوم من هذه المنقبة العظيمة؟!
لقد عظم جفاء الأمة الإسلامية كتاب ربها وطال، ولقد عظمت خسارة هذه الأمة بسبب ذلك واشتدت، فهل من عودة إلى الله وإلى احترام هذا القرآن بالعمل به وتحكيم شريعته، ليعيد لنا المجد الذي فقدناه، ونحيا حياة الأحرار السعداء، لا حياة العبيد الأشقياء {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم }. الأنفال: 24.
{والعصر إن الإنسان لفي خسر إلى الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر }.
هذا الموضوع مغلق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️