دروس في الإيمان (42)
فقه معاني القرآن الكريم
ولفقه معاني القرآن الكريم سبل تؤدي إليه:
السبيل الأولى: قراءته، بتدبر، وقد سبق.
السبيل الثانية: طلب تفسيره على أيدي العلماء، كما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذونه منه مباشرة، وفي كلا الأمرين لا بد لمن أراد أن يفقه معاني القرآن الكريم من سلوك ما سلكه علماء المسلمين في تفسيره، من فهم للغة العربية، يمكن صاحبه من فهم معاني الألفاظ، لأن القرآن نزل باللغة العربية مخاطبا العرب-في الأصل-بلغتهم وأساليبهم.
ولا بد من معرفة المصطلحات الشرعية المقصودة في القرآن الكريم، إذ قد وردت فيه ألفاظ لا يقصد بها مجرد المعنى اللغوي-وإن كان بين المعنيين صلة وتناسب في الجملة-كالصلاة والصيام والحج ونحوها. ولا بد من معرفة قواعد النحو والصرف، ليعلم الفاعل من المفعول، والاسم من المصدر، ونحو ذلك لما يترتب على ذلك من فروق في المعاني التي تختلف الأحكام والمقاصد باختلافها.
وقد كان علماء الصحابة-ومنهم ابن عباس، بحر القرآن وحبره-يفسرون القرآن بلغة العرب، ويستشهدون على ذلك بأشعارهم، والذي لا يفهم اللغة العربية يكون فهمه مبنيا على تفسير غيره له، بدون أن يتذوق هو معانيه. ومما يعين على فهم القرآن الكريم الإلمام بالأساليب البلاغية وغير ذلك من علوم اللغة العربية.
ولا بد من الإحاطة بالموضوع الواحد في القرآن الكريم الذي نزلت فيه آيات متعددة بعضها يفسر بعضا، أو يخصصه أو يقيده، وقد يكون بعض الآيات ناسخا لبعض، فلو اكتفى طالب العلم بفهم معنى آية أو جملة من القرآن دون الرجوع إلى الآيات الأخرى التي لها صلة بتلك الآية أو الجملة، لفاته فقه الموضوع وفهم غير مراد الله، وهذا قد يوقع بعض المتعالمين في القول على الله بلا علم، ولهذا كان من أهم الطرق التي سلكها العلماء تفسير القرآن بالقرآن، كما جرى عليه الصحابة والتا بعون، وممن اهتم به العلامة ابن كثير رحمه الله في (تفسير القرآن العظيم) وأفرد له شيخنا الكبير العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي كتابا عظيما، سماه: (أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن)، وهو كتاب لا يستغني عنه طالب العلم العالي الهمة، وله كذلك كتاب آخر صغير الحجم عظيم الفائدة، وهو (دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب).
ولا بد لمن أراد فقه القرآن الكريم من الاطلاع على ما ورد في السنة الصحيحة مما له صلة بالآيات، فإن السنة تبين معاني القرآن وتفسره، كما يفسر القرآن بعضه بعضا-وإن كانت السنة تتضمن أحكاما كثيرة زائدة عما ورد في القرآن، وهي وحي مثله في وجوب العمل بها-قال تعالى مبينا أن الرسول صلى الله عليه وسلم يبين للناس القرآن-وذلك بسنته-: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}. النحل 44.
ولا بد لمن أراد فقه القرآن من الإلمام بعلوم التفسير وأصوله، وفهم قواعده فهما سليما بالدراسة على أيدي العلماء المتمكنين.
هذا الموضوع مغلق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️