دروس في الإيمان (58)
المبحث الثالث: ختم رسالته صلى الله عليه وسلم لكل الرسالات:
ومن الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اليقين الجازم بأنه خاتم النبيين، فلا نبي بعده، ولا كتاب بعد القرآن الكريم، وقد تطابق على ذلك الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
قال تعالى: (( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليماً )). الأحزاب: 40
وروى أبو هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بنى بيتاً، فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟! فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين ).
وفي رواية:
( فأنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء ).
وفي حديث أبي هريرة:
أن الناس يقولون لمحمد صلى الله عليه وسلم يوم الحشر وهم يطلبون منه الشفاعة عند ربه: ( يا محمد أنت رسول الله وخاتم النبيين )
وقال صلى الله عليه وسلم:
( وخُتِم بي النبيون ) .
ومن الأحاديث الصريحة في هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم:
( كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي ) .
وهذه الأحاديث واضحة الدلالة في هذا المعنى، بل هي نص في ذلك لا تحتمل سواه.
فقد ضرب صلى الله عليه وسلم مثالاً يدل على أ نه هو خاتم الأنبياء بالبيت الذي لم ينقص كمالَه إلا لبنةٌ واحدة، فإذا وضعت تلك اللبنة في موضعها اكتمل بها البناء، وأخبر بأنه هو تلك اللبنة، ومعنى ذلك أن البناء اكتمل به بعد أن بعثه الله رسولاً، ولو كان سيأتي بعده نبي آخر لما صح اكتمال البناء به، إذ الاكتمال يكون بآخر الأنبياء جميعاً، ولو كان سيأتي بعده نبي أو أكثر لكان البناء ناقصاً لبنات بعدد من سيأتي من الأنبياء، وليست لبنة واحدة، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنها لبنة واحدة.
ولم يكتف صلى الله عليه وسلم بهذا المثل في الدلالة على أنه خاتم النبيين، مع وضوح دلالته على ذلك، بل أكد ذلك وزاده إيضاحاً بقوله: ( وأنا خاتم النبيين ) وقوله: ( فلا نبي بعدي ) و (لا) نافية للجنس.
فإذا ضمت هذه الأحاديث إلى الآية السابقة لم يبق أي احتمال لمجيء نبي بعده صلى الله عليه وسلم.
هذا الموضوع مغلق.
الصفحة الأخيرة
واثابك على ماتخطه يداك ..