الإيمان هو الأساس الحلقة (64)

ملتقى الإيمان

دروس في الإيمان (64)


أسباب سوء الظن في كمال شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم


إذا كانت هذه الشريعة العظيمة بهذه المنزلة الرفيعة من الكمال، فما الأسباب التي أحدثت في نفوس متهميها هذا الظن السيئ؟


والجواب أن الأسباب كثيرة، و يمكن ضبطها بالأمور الأربعة الآتية:


الأمر الأول: الجهل بحقائقها :
وهذا السبب قد يكون هو الغالب في كثير من ذراري المسلمين الذين يسيئون الظن بهذا الشريعة، ولهذا يرجع كثير منهم عن هذا الظن السيئ ويتوب، ويتحمس لتحكيمها بعد أن ييسر الله له العلم بكمالها -ولو إجمالا -.


وهذا الرجوع واضح جداً في هذا العصر الذي تعاظمت فيه الصحوة الإسلامية المباركة في كل أنحاء الأرض، ومن ذوي التخصصات المتنوعة: أطباء، ومهندسين، وفلكيين، وجيولوجيين، وعلماء نفس، وعلماء اجتماع، وعسكريين، وأدباء، وإعلاميين، وغيرهم، وقد كان غالب المتخصصين في هذه العلوم قبل ثلاثة عقود - بل أقل - لا يرون في هذا الدين ما يصلح منهجاً لحياة الناس..


وكانوا ييممون وجوههم شطر كل مبدأ ينشدون فيه ما ينقذ الأمة من شيوعية ورأسمالية وقومية وغيرها، ما عدا هذا الدين، فقد كان عندهم خارج حلبة السباق..


ولكننا نرى اليوم نقابات هذه التخصصات وطلابها وأساتذتها يلحون على تطبيق هذه الشريعة، لما رأوا من كمالها وقصور ما عداها، وأصبحوا هم العقبة الكأداء أمام الطغاة المحاربين للشريعة الإسلامية، وقد كانوا من قبل هم جنودهم في محاربتها ومحاربة أهلها..


وكأنهم في انضمامهم إلى صف المناصرين لشريعة الله سحرة فرعون الذين خدعهم برهة من الزمن، ثم أفاقوا متحدين له.


(( قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى )). ولهذه الصحوة أسباب كثيرة، لا يتسع المقام هنا لذكرها.


وقد يكون الجهل هو السبب في عداء كثير من غير المسلمين للشريعة الإسلامية وعدم الاعتراف بالدين الإسلامي جملة، والدليل على ذلك ما نراه من دخول كثير منهم في هذا الدين عندما تتاح لهم فرصة العلم به، وهم أصناف شتى أيضاً.


وعلاج هذا الداء هو نشر العلم النافع من العلماء العاملين.


الأمر الثاني: التشويه المتعمد لحقيقة هذه الشريعة:
وقد تكاتف على هذا التشويه أعداء هذه الشريعة من اليهود والنصارى والملحدين والوثنيين، وغلاة العلمانيين من ذراري المسلمين، واتخذوا لذلك كل الأسباب الممكنة في مناهج التعليم وأجهزة الإعلام ومراكز البحث، وعن طريق المستشرقين، والمنصرين، والكتاب ومن يسمون بالأدباء، وعلماء السوء الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً.


إن هذا التشويه الذي تعمده أعداء هذه الشريعة لحقائقها كان كافيا لمحوها، لولا أنها تحمل في ذاتها عوامل ثباتها وكمالها ودوامها وسموها، وفي ذلك تحقيق لقول الباري جل وعلا:


(( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )). .


الأمر الثالث: إقصاء الطغاة لهذه الشريعة عن تطبيقها في الحياة:
لأنها لو طبقت في حياة الأمة لرأى الناس كمالها واقعاً، والمبدأ المطبق في الواقع يدفع عن نفسه التهم والشبهات الكاذبة، أما إذا لم يطبق في الحياة فإن الكذب عليها يصدقه الجاهلون بها.


الأمر الرابع: جمود غالب علماء المسلمين في الأرض على التقليد الأعمى والتطبيق العملي:
لزعمهم إغلاق باب الاجتهاد وتثبيط همم طلاب العلم عن البحث المقارن، وقصرهم على الاكتفاء بقراءة كتيبات مبتورة عن الدليل مقيدة بأقوال متأخري مذهب معين، فإذا تجاوزا تلك الكتيبات، لم يتعدوا الشروح والحواشي الدائرة حولها..مع البعد الكامل عن النوازل والمعاملات الحادثة التي لم يجد الناس جواباً شافياً لها.


وشجع هذا النهج من لا يريد تطبيق الشريعة، كما أحدثوا محاكم قانونية ومستشارين قانونيين، فاتجه المسلمون إلى تلك المحاكم، وقد تسمى غرفاً تجارية، وإلى أولئك المستشارين، فأُحِلَّ بذلك الحرام وحرم الحلال.
0
307

هذا الموضوع مغلق.

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️